صحيفة المثقف

عيونٌ على جَبْهَةِ الحُلْمِ

وليد العرفي للمَدِينة وَهْجُ الحريقِ

وَلي قَامَةُ المئذنةْ

لَسْتُ كَأسَ نبيذٍ لأكْسِرَ بينَ شفاهَكِ

يا امرأةً خلفَ خطوَتِها

تركتْني رصيفاً أمدُّ الشَّوارع مِنْ أضلعيْ

وعُيُونِي عَلىْ جَبْهَةِ الحُلمِ تَمْتَدّ

جِئْتُ إلى البحرِ

فاجأني البحرُ في شطّ عينيك يصطافُ

عاريةً كُنْتِ

إلَّا مِن.. الشَّهوة.. الرَّغبَة.. القبلةِ البكر

في فصلِ صيْفِ يديكِ صقيعٌ فلا تفْزَعِيْ

أنَا إنْ داهَمَ البَرْدُ نَحْلَ يَدَيْكِ

سَأوقدُ في راحتيكِ حَنيني

فاخْلعِيْ جِلدكِ المخملي

ومدّي يَدَيكِ على شمسِ رُوْحِي غمائم

يا امرأة ظلّليني

أَتَيْتُك مِن زَمَنٍ فيهِ يُدعى المَدَى جَمْرة

فَارْتَدِيْ جَسَدِيْ

أنَا فَصْلُ الخُصُوبَةِ والرّعشة المُسْتباحَة

كَمْ كُنْتُ أبكيْ ليَرْتدي الفُقراءُ ثِيَابهمُ مِنْ دُموعِ البِلاد

أنَا مَن رَأيْتُ البِلادَ تَعَرّتْ كَصَخْرٍ يُدَاهمهُ السَّيلُ

تَرْقُصُ في نبضِهَا الحجريّ كَرَقصِ أصَابعِ كفّيكِ إِذْ تَنْسُجِين الوعُوْد

تُرَاكِ رَأيتِ أصَابعَ كفّي عَلىْ جِسْرِ فِكتُورِيا

تَفْتَحُ الأُفْقَ في مقلَتَي قَاسيون

وَأصرخُ : يا أيُّها العَابِرُونَ عَلى الجِسْر بعضُ دَمي سَفحَتهُ جسورُ النّساء

وكَانَتْ عُيُوني قناديلَ شَوْقٍ مُعَلّقة في رموشِ المَسَاء

انتظاراً لِمَنْ أعْطَتِ القلبَ مِفتاحَ بَوّابَةِ الفَرِحِ الأرْجُواني

هَدْهَدَ قلبيْ أحْزَانَهُ النّاعِسَاتِ وَنَام

فنَوّسْتُ قنديلَ ذاكرَتِي دونَ أَنْ أُدْرِكَ السرَّ في الّلعبةِ المُحْرِقَةْ

أَدْخَلَتْني لِبَوَّابَةِ القَهْرِ

وارتدَّ ظِلُّ يَدَيْهَا

ليُلقِيَ المفاتيحَ في بئرِ يُوْسُفَ

أيُّ عبورٍ سَيَخْرُج قَلْبِي وأيُّ العِطَاشِ يَمُرّوْنَ ؟!

أسمعُ خطوكِ

تستيقظُ الأشنياتُ بِجُدرَانِ قلبيَ

تُدْلِينَ لي بالضفِيرة

أربطُ رُوْحِي

تَشُدّينَ

أخرجُ

لكنّني أُبْصِرُ الأفُقَ حَبْلَ غَسِيْلٍ

وكَفُّ الَّتي أَنقذتْني عَلىْ عُنُقِيْ

مِشْنَقَةْ !.

***

شعر: د. وليد العرفي

.......................

ــ من ديوان الشاعر: رأيت خلفي جثتي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2020 م .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم