صحيفة المثقف

هل سيكون للحراك وجود بعد الإستفتاء؟

علجية عيشالحراك الذي تمكن من إزاحة الرئيس الجزائري  المجاهد عبد العزيز بوتفليقة وإبعاده عن الحكم من خلال رفض العهدة الخامسة، والمطالبة بالتغيير الجذري للنظام ليخلفه الرئيس الحالي عبد المجيد تبون المحسوب على النظام القديم عن طريق انتخابات مكنت من إسكات صوت المعارضة، وتمرير التعديل الدستوري الذي سيحل محل دستور 2016 في استفتاء شعبي جرى بطريقة أو بأخرى، جعل الشارع الجزائري يتساءل ما الفرق بين الإنتخابات والإستفتاء الشعبي، رغم أن الإثنان يربط بينهما "الصندوق" أي أن العملية تكون عن طريق الإقتراع السرّي​

الإختلاف بين الإنتخابات والإستفتاء هو أن هذا الأخير لا يحضر فيه "مراقبون" يمثلون الأحزاب السياسية، أي أن السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات وحدها المخولة في الفصل في نتائج الإستفتاء، حتى لو صوّتت الأغلبية بـ: "لا"، لاسيما والعديد من الأحزاب عبرت عن موقفها الرافض للتعديل الدستوري وفي مقدمتهم جبهة القوى الإشتراكية، جبهة العدالة والتنمية، الأرسيدي، حزب العمال، الحركة الديمقراطية والإجتماعية MDS وبعض المنظمات الغير محسوبة على النظام، نفس الشيئ بالنسبة للشباب الذي عبّر عن عدم اهتمامه لما يحدث من حوله، طالما هو مُبْعَدٌ عن الساحة ولا يملك صوتا ويغرق في مشاكل تتعلق بالشغل والسكن، شباب وجد نفسه يغني خارج السّرب، خاصة بالنسبة للذين شاركوا في الحراك الشعبي وخرجوا في مسيرات شعبية، والتقطت صورهم ثم اعتقلوا لمحاكمتهم بتهم التجمهر وزرع الفوضى.

لم تتحقق الإستمرارية طبعا، بعد ظهور فيروس كورونا وفرضت السلطات العمومية الحجر الصحي على المواطن من خلال توقيف حركة النقل (من وإلى)، تعطل الحراك ولم يواصل مسيرته، وساهم الوباء في فرض بعض السياسات وتمرير قرارات، خاصة يوم الإستفتاء، كانت حجرات التصويت بمراكز الإنتخاب بلا ستائر، مع غياب المراقبين الذين يمثلون الأحزاب السياسية، وهذا بذريعة انتشار فيروس كورونا، وعدم وضع الستائر على حد قول ممثلي السلطة وأعوانها كان تجنبا اللّمس حتى لا تنتقل العدوى في حالة وجود إصابات بالفيروس، مما مكنهم فرض رقابتهم على الناخبين والوقوف على أيّ ورقة يختارون (الورقة البيضاء التي يصوت بها بنعم أم الورقة الزرقاء)، ولا شك أنهم سيضعون في سجل الناخبين خانة (X) أمام اسم كل ناخب وضع الورقة الزرقاء وصوّت بـ: "لا"، وقد يبحثون عن طريقة ما ليعاقبوه على موقف لا يخدم مصلحتهم.

يرى ملاحظون أن الحراك بعد التعديل الدستوري، لن يكون له وجود، وأن السلطة ستفرض على الشعب منطقها القديم وتعود إلى مناوراتها واستعمال القوة والقمع والإعتقالات، في حالة ما استأنف الحراك مسيرته لمنعه من التظاهر، ليس غريبا على دولة كالجزائر مثلا أنه كلما يعين رئيسا على رأس البلاد يقوم بتعديل دستور كان قد شارك هو نفسه في وضعه عندما كان على رأس وزارة ما، ويضع دستورا على مقاسه لضمان بقائه، فالذين رشحوا عبد العزيز بوتفليقة لعهدات أربعة هم أنفسهم من انقلبوا عليه، أرادت السلطة أن تمارس التغيير على طريقتها الخاصة، فاختارت الوتر الذي تعزف عليه لإقناع الشعب، فجعلت من الإحتفال بذكرى أول توفمبر 1954 موعدا للتصويت على التعديل الدستوري، باعتباره يوما رمزيا، ولأنها تدرك أيّما إدراك مدى تعلق الشعب الجزائري بذاكرته الجماعية وحبه لوطنه، السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هل سيتحقق حلم الشعب في بناء جزائر العدالة، جزائر يطبق فيها القانون ويأخذ كل ذي حقه؟  جزائر لا يوجد فيها مواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية، لا يوجد فوارق طبقية، بناء الجزائر الجديدة التي وعد بها الرئيس تبون؟ هذا الأخير الذي شهد غيابه عن الحدث التاريخي، بسبب حالته الصحية، أم أن الوضع سيبقى على حاله ؟

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم