صحيفة المثقف

من هيفاء زنكنة الى ماري محمد

يقول ماركس: “ إنّ التاريخ يُعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة، وما نراه الآن هو المهزلة ” .

كتبت المناضلة هيفاء زنكنة سيرتها في رواية بعنوان (من أروقة الذاكرة) ودونت عن تجربتها في قصر النهاية والجلاد ناظم كزار ومرحلة حكم البعث الثانية 1968 ما يلي :.. علمنا بأنك اتصلت أثناء وجودك في السجن، بعدد من الكلاب والقوادين الذين تعرفينهم. علمنا، أيضا، بانك كتبت لهم تفاصيل ما حدث يا عاهرة.. ألا تدركين أننا نعرف كل ما تفعلونه! هل تظنين بأنك أكثر من قحبة عادية؟ ألا تدركون قوتنا هل تظنون أن حفنة صغيرة من القوادين والعاهرات تستطيع الإساءة الى الحكم؟

نعم ها أنا أقف وسط أحداث الفصل الأول من المسرحية. الديكور ذاته، المحقق ذاته الجلادون واقفون جانبا بلا مبالاة.. وأنا في الطرف المقابل من العينين الممئلتين للغضب.. لم الغضب؟ كان هذا التأثير جديدا ومختلفا وعلا الصوت .

ــ هل تظنين ان زيطة * مثلك تستطيع تغيير شيء؟

ــ كلا .

آه متى تنتهي هذه الكوميديا السوداء .

ــ أعطها ورقة وقلما.. اقتربي أكثر.. وأكتبي

(أنا الموقعة أدناه.. عنواني.. انضممت الى الحزب بتاريخ.. وألقي علي القبض بتاريخ.. وقد عثر على مجموعة من القنابل والمتفجرات والمنشورات المضادة للحكم الثوري والجبهة الوطنية بحوزتي. أعترف بكامل إرادتي، بأنني لم أنضم إلى الحزب لأسباب سياسية بل لمصاحبة وممارسة الجنس مع عدد كبير من الرجال. وإن علاقتي بمن تعرفت عليهم كانت لا اخلاقية. أعترف بأنني مارست الجنس مع فلان ولم تربطني بفلان أي علاقة تنظيمية. أقر، أيضا، بأنني لم أكن فتاة عذراء لحظة دخولي القصر وأنني عوملت معاملة حسنة من قبل الجميع) .

ــ وقعي الاعتراف وضعي التاريخ في أسفل الصفحة .

- حاضر .

- والآن، اقتربي أكثر واقرئي ما كتبتيه أمام المسجل.. إقرئي بهدوء وبصوت واضح .

ــ حاضر .

(أنا الموقعة أدناه.. عنواني.. انضممت الى الحزب بتاريخ.. وألقي علي القبض بتاريخ.. وقرأت وسجلت وكتبت ونقلت مثل دمية إلى مكاتب أخرى وأخرى.. التقطوا فيها صورا لوجهي من الامام وصورا جانبية ووقعت عددا كبيرا من الوثائق وكررت كثيرا.. نعم.. حاضر.. نعم.. حاضر.

 

خالد حسين سلطان

............

* الزيطة : طير صغير الحجم يتميز بالنشاط والحركة السريعة ويتوفر في جنوب العراق .       

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم