صحيفة المثقف

وداعا عام الطاعون الأصفر

محمد سعد عبداللطيفرحل عام 2020م ليسجل التاريخ في الربع الأول من الألفية الثانية شكل أحداث تفشي وباء كورونا . وأقترح علي العلماء والمؤرخون علي كوفيد ـ 19 / اسم الطاعون الأصفر نسبتا. للجنس البشري للصين المعروف في علم الآنثربولوجي الجنس الأصفر. وهو الآكثر التحدي للبشرية .فقد كان عام الحزن على المستوى الشخصي . وعلى المستوى العام المجتمعي وعلى الصعيد الدولي للعام 2020م , حيث الخسارة في الأرواح والمتمثلة في حالات الرعب والفزع والخوف من حالات الوفيات حول العالم وانتشار هذا الوباء بشكل مخيف ومرعب وكان الرعب يتمثل في عجز البشرية عن وجود علاج له وبسبب نقلة عن طريق الهواء والرزاز .فقد ظهر دون سابق انذار او ممهدات تذكر او توقعات مسبقة بحدوثه, الى جانب ما احدثه هذا الفيروس من انهيارات كبرى في الأقتصاد العالمي فقد خسرت الصين في الربع الأول من ظهور الفيروس حوالي/ 400 /مليار دولار مما تسبب

في شبه توقف لعصب الحياة القائم على التبادل الأقتصادي العالمي بسبب أغلاق الحدود برا وبحرا وجوا حيث الأغلاقات العالمية والمحلية لحركة السوق العالمي أمام التجارة , الى جانب الآثار المزمنة التي فرضتها الجائحة في الاقتصاد حيث ارتفاع نسبة البطالة على الصعيد العالمي, وانهيار في الاقتصاديات الضعيفة في الكثير من دول العالم.

ومن الناحية الأجتماعية وتأثير الوباء مثل العادات والتقاليد الموروثة داخل المجتمعات الريفية والشعبية خلقت جائحة كورونا دورا فرض نفسه في اعادة صياغة التواصل الأجتماعي على اسس من الأبتعاد وعدم التواصل المباشر ففرضت التخلي عن الكثير من العادات الاجتماعية والتي لايمكن لها ان تتغير قطعا بدون اشتراطات وباء كورونا عليها. فعلي سبيل المثال أماكن تلقي العزاء ومنع أقامة السرادق والصلاة علي المتوفي داخل المساجد، وأغلاق دور العبادة من الشعائر الدينية. منع الافراح والمناسبات أي كانت دينية توقف موسم فريضة الحج والعمرة . أو أجتماعية او ندوات ثقافية من الأنعقاد داخل قاعات مغلقة وعلي شرط التباعد الجسدي . مع منع عادة التقبيل والمصافحة والاحتضان وهي تنتشر في المجتمعات الشرقية .وقد فرضت كورونا بصماتها الكبيرة والحاسمة في مجمل العلاقات الأجتماعية نمطا جديدا من التواصل الأجتماعي لم تعهده علي الصعيد المحلي والعالمي ولم تعتاد عليه, فقد فرضت العزلة القهرية على الأسر والأفراد والتجمعات والمجتمعات العالمية التي اعتادت التواصل اليومي المباشر وجها لوجه وفرضت قيودا وانماطا اجتماعية جديدة قوامها التواصل عن بعد فقد حذرت الجهات الصحية العالمية والمحلية من التجمعات البشرية .التي أدت الي خسارة كبيرة لأصحاب مهن وتوقف عملهم هذا العام من أغلاق المقاهي والنوادي وقاعات الافراح .وحفلات العزاء .واصحاب العمالة غير المنتظمة ومنها قطاع السياحة في مصر الذي خسر حوالي / 9 مليارات عام 2020 م / وقد فرضت نمطا أخر.على قطاعات التربية والتعليم بشكل اساسي عبر مزيدا من التوجه نحو التعليم عن بعد. وعمل أبحاث لم يتدرب عليها الطالب من قبل واستخدام تقنيات الأنترنيت المختلفة للتواصل مع مكونات العملية التربوية والتعليمية وقد اصطدم ذلك بصعوبات كبيرة وخاصة في دول العالم الثالث والمجتمعات العالمية غير المهيأة لهذا النمط من التعليم الى جانب ضعف البنية التحتية المعلوماتية في الكثير من دول العالم, الى جانب تقليص المعاملات المباشرة في مختلف القطاعات الاجتماعية الاخرى واللجوء الى الانترنيت لتسهيلها.مما أدي الي حالة أرتباك لشعوب وجماعات بدائية بعيدة عن التكنولوجيا وعالم الاتصالات الحديثة في التعاملات التجارية غير المباشرة.

وقد حذرت منظمات دولية ومنطمة الآمم المتحدة. ومنظمة الصحة العالمية . من تداعيات ذلك وخطورته على النهايات المأساوية للأسرة والمجتمعات المغلقة وتفككها من الداخل وتحولها الى بيئة خصبة لأرتكاب مختلف الجرائم بحق افرادها. ويكفي هنا ان نشير هنا على سبيل المثال وليس الحصر .أرتفاع نسبة حالات الطلاق نتيجة الأزمة الاقتصادية بسبب الحجر المنزلي, منها العنف الأسري وتصاعد نسبته على نحو غير مسبوق في العالم جراء حالات الضيق الاقتصادي الناتجة من فقدان الدخل الآسري بدون دعم اجتماعي من قبل الدول, وكذلك تزايد حالات الأنتحار بين الأفراد .وقد سجلت بعض المنظمات عن حالات العنف الاسري تراوحت اسبابها بين الأقتصادي والثقافي وتعاطي المخدرت والكحول وكذلك العلاقات غير الشرعية علي الانترنيت وتداعيات استخدامه وغيرها من الأسباب, وقد تنوعت مظاهر العنف بين قتل واضطرار للأنتحار وحرق واحداث اعاقات مختلفة, وهناك أثار سلبية من حالات (التنمر) للمصابين وأسرهم وحالات الوفاة .التي تركت بعدا اجتماعيا علي المدي الطوبل داخل المجتمعات الشعبية والريفية .ومازال العالم يعيش مع مناعة القطيع من الموجه الثانية من الوباء رغم الجهود العلمية من أختراع لقاحات ضد الوباء قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك أكثر من / 200 / لقاح قيد التطوير، حوالي 50 منها في مراحل مختلفة من التجارب السريرية تستخدم أبحاث تطوير اللقاحات مجموعة مذهلة من الأساليب، بداية من المدرسة التقليدية القديمة للقاحات بحقن فيروس كورونا المُستجد والمعطل كيميائيًا ووصولًا إلى التقنيات الأحدث التي لم يسبق أن تم استخدامها من قبل لإنتاج لقاحات مرخصة.أظهرت نتائج التجارب ذات الفعالية الكبيرة أن اللقاحات، التي طورتها شركة الأدوية "فايزر" وشركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية "بيونتك" وشركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية "مودرنا" وشركة الأدوية "أسترازينيكا" وجامعة "أوكسفورد" بالمملكة المتحدة تسهم بشكل فعال في الوقاية من كوفيد-19. وقد بدأت اخيرا امريكا وبريطانيا ودول الاتحاد الاوربي في تلقيحات ضد كورنا رغم مشاعر الناس المتضاربة حول جدوى اللقاح واحتمالات تداعياته والاسئلة المتكررة حول الاصابة بكورونا بعد اللقاح أو الاصابة بامراض جانبية بعد التلقيح. علي الرغم من ذلك. أعلنت منظمة الصحة العالمية . عن ارسال وفد من علماء العالم منتصف شهر يناير / الجاري الي مدينة (ووهان) الصينية التي ظهر فيه الوباء والبحث عن اسباب انتشارة في بلد المنشأ مع اعتراض الصين في بداية الأمر .بأعتبار ذلك لجان تفتيش .لمحاولة اتهام الصين بخلق الفيروس او خرج من المعامل البيولوجية للآبحاث في مدينة ووهان بالخطأ؟

 

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم