صحيفة المثقف

ميثم الجنابي: محمد باقر الصدر.. فلسفة التصدي الحضاري

ميثم الجنابييكّمل محمد باقر الصدر ويتكامل مع آراء ومواقف علي شريعتي بصدد الموقف من الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، رغم اختلافهما الكبير من حيث المنهج والتحصيل العلمي والتجربة السياسية والثقافية. فكلاهما تعرضا إلى الحصار والمضايقة والسجن والقتل. وإذا كان موت شريعتي بطيئا وهو أشد أنواع العذاب من جانب النظام الشاهنشاهي، فان الصدر تعرض إلى قتل بشع من جانب الدكتاتورية الصدامية قل نظيره. وكلاهما واجه الموت بإرادة صلبة، بحيث يمكن النظر إلى مواجهة الصدر للموت وتحديه النظام برسالة هي الأعمق والأجمل في صور التحدي والإرادة الشجاعة. وقد أبرزت في الكلمة التي طلبت مني الجهات المعنية بمناسبة نصب تمثال الصدر في معهد العلاقات الدولية في موسكو قبل بضعة سنوات، على هذا الجانب أكثر من غيره في شخصية وإبداع محمد باقر الصدر. وهي كذاك بالفعل. ففي تحديه الدكتاتورية والموت كشف عن موت الدكتاتورية المحتوم وأثر ما كانت تدعوه الفكرة الإسلامية عن جوهرية الوحدة الدائمة للعلم والعمل، أو النظرية والتطبيق كما نقول اليوم.

ففي هذه الخاتمة تنعكس صيرورة الشخصية ومواقفها ونمط تفكيرها. فإذا كان شريعتي متسامحا إصلاحيا منفتحا جميل العبارة والمعنى متجانسا في الأقوال والأعمال، فان الصدر، وهو سليل العائلة الدينية والمتربي بتقاليد الحوزة الدينية (الشيعية) النجفية، يتميز باللين والقوة، وعمق التفكير وتقاليده الفقهية والفلسفية المميزة للمدارس الشيعية على امتداد تاريخها. من هنا أولوية الفكرة الأصولية عند الصدر، التي وجدت انعكاسها في توسعه وتعمقه في علوم أصول الدين واجتهاده الكبير والأصيل فيه. ووجد ذلك تعبيره المتميز والفريد من نوعه بتطويع حصيلة الفقه والفلسفة صوب القضايا الفكرية السياسية الملتهبة آنذاك. بمعنى جعل الحصيلة النظرية لعلم أصول الدين جزء من الفكرة العملية السياسية، كما كان الحال فيما مضى بالنسبة لتقاليد المعتزلة الكبار.

ونعثر على اثر التربية الفكرية الدينية وحصيلة الرؤية الفلسفية والسياسية في كتبه الأكثر شيوعا وشهرة وهما (فلسفتنا) و(اقتصادنا) وما كان يخطط له من كتاب (سياستنا) كما لو انه يحاكي مصادر الماركسية الثلاثة وأقسامها المكونة الثلاثة (الفلسفة، والاقتصاد السياسي، والنظرية الاشتراكية). وهي محاكاة واقعية وذلك لان مؤلفاته المذكورة أعلاه كانت موجهة أساسا لنقد الماركسية في مجال فلسفتها "المادية التاريخية والديالكتيكية"، "والاقتصاد السياسي"، والنظرية السياسية "للاشتراكية العلمية". وبغض النظر عن شهرة هذه المؤلفات وأثرها الكبير في بلورة الفكرة السياسية الإسلامية الحديثة، اذ بقي الصدر في إطار الفكرة النظرية اسلاميا بحتا لا علاقة له بالمذاهب، كما ظل شيعيا متجانسا في الموقف الوجداني والأخلاقي من التاريخ السياسي للإسلام، إلا أنها ظلت ضعيفة وباهتة من حيث مستواها النقدي للماركسية. وذلك لأنه، خلافا لشريعتي، لم يطلع على الأصول، بل على الكتابات العربية المترجمة والمؤلفة من جانب الشيوعيين العرب بشكل عام والعراقيين بشكل خاص. وهي أتعس وأسخف أنواع الماركسية من حيث تأصيلها وتأسيسها النظري. ولا غرابة في الأمر! فقد كان القادة الشيوعيين في العراق شبه أميين، اغلبهم لم ينهي المدرسة الابتدائية! و"قائده" الأخير ليس أميا فقط، بل وليس عربيا، ولم يكتب في مجرى قيادته للحزب على مدار عقود من الزمن، مقال واحد، بل ولا حتى خاطرة من ثلاثة اسطر!!

ضمن هذا السياق كان نقد الصدر "للماركسية" سليما، لكنه لا علاقة له بماركسية ماركس. انه نقد فكري وسياسي للفكرة الشيوعية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تسعى للبرهنة على أن أخذ الأفكار الأجنبية لا يمكنها أن تكون بديلا للموقف الذاتي من إشكاليات التاريخ والمصالح. وهي فكرة سليمة رغم سطحية النقد الصدري، بمعنى أنها تسعى لفك الحبل السري لطفولة الشيوعية العربية (العراقية) عن أمها الغربية، والتعامل بالتالي مع الواقع "بعقل إسلامي"، اي بمعايير المنهج الاسلامي والفكرة الإسلامية.

ووجدت هذه الفكرة المنهجية التي عمل عليها طويلا تطبيقها في الموقف الحاد من الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، بمعنى بلورة الموقف السياسي الثقافي وليس تحليلهما بمعايير الفكرة التاريخية أو الثقافية أو الفلسفية بما في ذلك التأملية. وقد وضع اغلب أفكاره في الكتاب الذي ظهر تحت عنوان (الإسلام يقود الحياة). من هنا موقفه القائل، بان "أي بناء حضاري جديد ملزم أن يدخل في الحساب مشاعر الأمة ونفسيتها وتركيبها العقائدي والتاريخي... فحركة الأمة كلها شرط أساسي لنجاح أي عملية بناء حضاري جديد واع ومعركة شاملة ضد التخلف، لان حركتها تعبير عن نموها ونمو إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية. وحيث لا تنمو الأمة لا يمكن لأي منهج أو صيغ محنطة أن تغير من الواقع شيئا". وهي فكرة سليمة من الناحية المجردة. وحالما يجري تطبيقها العملي، فإنها تتخذ الصيغة التالية:"إن الإنسان المسلم يتميز بتربية ثقافية وتاريخية وعقائدية خاصة تجعل منه كيانا مغلقا أمام كل التيارات الفكرية الغربية. وذلك لان الإسلام يشكل أهم عناصر هذه النفسية المصهورة في أعماقه. ولا يغير من هذه الحقيقة ضعف إيمانه الحالي ومستوى الانحراف فيه وفراغ الإسلام من محتواه الثوري"، وذلك لان الإسلام كان وما يزال يشكل "عاملا سلبيا تجاه أي إطار حضاري أو نظام اجتماعي لا ينبثق فكريا وأيديولوجيا من الإسلام". وبالتالي، فان المثال الإسلامي، هو الوحيد الذي بإمكانه أن يثير وينظم ويوجه قوى الجماهير نحو الإبداع. فجميع المذاهب من ديمقراطية واشتراكية ومادية وشيوعية وغيرها "قد مارسها الإنسان خارج العالم الإسلامي وتجسدت في أشكال مختلفة واتخذت صيغا متفاوتة، ولهذا فهي لا توحي إلى الفرد المسلم بصورة محددة واضحة المعالم، بل انه يجد اشد الحكومات تعسفا ودكتاتورية تحمل كلمة الديمقراطية كجزء من اسم الدولة، ويجد اشد الحكومات دورانا في الفلك الاشتراكي تعاني من تمايزات لا حد لها... إن كل هذا التنوع في مجال الممارسة لتلك المفاهيم والشعارات لا يساعد الفرد المسلم على أن يحدد في نفسه مثالا واضحا وصورة دقيقة لما يراد منه أن يساهم في بنائه". ففي كتاب (فلسفتنا) يشير إلى ما يلي: "طالما اقلق وما يزال يقلق الإنسانية هو الإجابة على السؤال التالي: ما هو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية؟ وفي إجابته على هذا السؤال قال "إن الإسلام سبق وان قدم مثالا واضحا للبناء الاجتماعي الحضاري". وانه قام "بتجربة من أروع النظم الاجتماعية وانجحها. ثم عصفت به العواصف بعد أن خلا الميدان من القادة المبدئيين أو كاد وبقيت التجربة في رحمة أناس لم ينضج الإسلام في نفوسهم ولم يملأ أرواحهم بروحه فعجزت من الصمود والبقاء. انقرض الكيان الإسلامي وبقي نظام الإسلام فكرة في ذهن الأمة الإسلامية، وعقيدة في قلوب المسلمين، وأملا يسعى لتحقيقه أبناء المجاهدين".

إن كل ذلك ليس معزولا، حسب تصور الصدر، عما اسماه بسلوك وسياسة الكولونيالية الغربية الأوربية تجاه العالم الإسلامي، الذي أدى إلى بلورة "شعور نفسي خاص تعيشه الأمة الإسلامية تجاه الاستعمار يتسم بالشك والاتهام ويخلق نوعا من الانكماش لديها من المعطيات التنظيمية للإنسان الأوربي". وتوصل بأثر هذه الرؤية التاريخية السياسية إلى مقارنة ثقافية متضادة بين الإنسان المسلم والإنسان الغربي الأوربي، تعيد وتستنسخ من حيث الجوهر الأفكار الغربية المتطرفة نفسها ولكن بغلاف إسلامي. فالإنسان الأوربي، كما يقول الصدر "ينظر إلى الأرض دائما لا إلى السماء. حتى المسيحية، بوصفها الدين الذي آمن به هذا الإنسان على مدار قرون من الزمن، لم تستطع أن تتغلب على النزعة الأرضية فيه. وبدلا من أن ترفع نظره إلى السماء استطاع أن ينزل اله المسيحية إلى الأرض ويجسده في كائن ارضي. ودفع هذه الفكرة صوب الغلو التأويلي المجرد عندما وجد في فكار داورن وماركس مجرد محاولات "لاستنزال الله إلى الأرض". وبالضد من ذلك نرى  الإنسان "الشرقي المسلم قد ربته رسالات السماء وعاشت في بلاده، ومر بتربية مديدة على يد الإسلام ينظر بطبيعته إلى السماء قبل أن ينظر إلى الأرض، ويؤخذ بعالم الغيب قبل أن يؤخذ بعالم المادة المحسوس"،  وان الإنسان المسلم بفعل "غيبيته العميقة" الراسخة في مزاجه أدى إلى "تحديد قوة إغراء المادة له وقابليتها على إثارته".

من كل ما سبق يبدو جليا منهج التضاد الشامل بين الشرق الاسلامي والغرب النصراني على مستوى الفكر والثقافة والعقائد والشخصية التاريخية والقيم الروحية والأخلاقية وحصيلة كل ذلك في تباين واختلاف وتضاد الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية. إنهما ليس فقط لم ولن يلتقيا، بل ولا ينفك الصراع الأبدي بينهما. وبالتالي، فان عناصر ومقدمات الحضارة الإسلامية لا يمكنها أن تكون إلا الإسلام بسبب خصوصية التربية السيكولوجية والتاريخية للمسلم. وان الأداة الرئيسية لتجسيد هذه الحضارة الآن هي الدولة الإسلامية بوصفها هدفا مطلقا ووسيلة "لتضع الله هدفا للمسيرة الإسلامية وتطرح صفات الله وأخلاقه كمعالم لهذا الهدف". إننا نقف هنا أمام حصيلة تعيد أفكار ومواقف سيد قطب التي وضعها في (معالم على الطريق) مع فارق اللغة والتأسيس، اي نوعية الخطاب الفكري لا غير وليس مضمونه الفعلي.

اذ نعثر عند الصدر على نقد واقعي ولكن بدون بديل واقعي. اذ تغلب عليه وفيه الصيغة المجردة والمثالية في النقد والبدائل كما في أقواله عن التجربة الإسلامية الفريدة وديمومتها الأبدية رغم فشلها السريع بمقاييس الإسلام المحمدي. كما تتضمن آراءه على أحكام ومواقف مجردة وجازمة وقاطعة ومثالية، رغم تعارضها الصريح مع كل معطيات الماضي والحاضر، كما في موقفه من "الإنسان المسلم" و"نظرته الدائمة للسماء"، و"ابتعاده عن المادة" وما شابه ذلك من أحكام تتعارض بصورة صارخة مع الواقع القديم والمعاصر.

فاغلب التأريخ المتعلق بسلوك الخلفاء والفقهاء وعلماء الدين وغيرهم منذ بدء الخلافة، بما في ذلك عند الراشدين كما هو الحال عند عثمان بن عفان، يشير على عكس الصورة التي يقدمها الصدر. فقد كان تاريخ منذ البدء لا يخلو من نفسية وذهنية الغنيمة. ولاحقا، في مجرى عقدين من الزمن تحولت إلى نمط عادي في الإمبراطوريات العادية. وأول ملامحها القوية ظهرت في مجرى الثأر لعثمان ودمه. بمعنى الثأر للدم وليس للعقيدة أو الفكرة المتسامية أو مبادئ الحق والعدالة. وهكذا إلى الآن. وفي مجرى كل قرن انحطاط اكبر. كما تحتوي هذه المواقف والأحكام على فكرة "خطرة" بالنسبة لماهية وحقيقة الإسلام ونظامه السياسي والاجتماعي. ففيها يبدو كل تاريخ الإسلام مجرد خروج على حقيقة الإسلام. أما التجارب الحديث فإنها لا تمثل استثناء بهذا الصدد. وتجربة العراق الحالية أيضا تصب بهذا الصدد. فأكثر الشخصيات خروجا على موقف الإسلام الحق، ونفسية السرقة وامتهان ابسط المواقف الأخلاقية والاجتماعية والوطنية هي من نصيب "الإسلاميين". ومن الناحية المجردة والدقيقة، لم يمثل حقيقة الإسلام بهذا الصدد سوى المتصوفة الكبار.

والحصيلة التي يمكن التوصل إليها فيما يتعلق بتضاد الإنسان المسلم والإنسان الغربي، والثقافة والحضارة الإسلامية مع الغربية تكشف عما يمكن دعوته بحسد التخلف. فقد كانت هذه النظرة أوربية نصرانية خالصة في موقفها من الإسلام، كما هو جلي في تصوراتهم إثناء وبعد الحروب الصليبية. بينما انقلبت في القرن التاسع عشر- العشرين. اذ أصبح الشرق مجرد زهد ودين وإيمان وميتافيزيقيا ولاهوت وتصوف وروح وسماء! والغرب بالعكس! عقل وحكمة وعلم ومعرفة وإنسانية ومادية. بعبارة أخرى، إننا نقف أمام فكرة مقلوبة وأيديولوجية لما هو شائع في الفكر "الاستعماري". كما أنها تتعارض مع أفكاره التي روج لها في (فلسفتنا) و(اقتصادنا) عن "حب الذات" المميزة لفطرة الإنسان، التي لا يمكن القضاء عليها، بل يمكن تهذيبها عبر ربطها بقيم أخلاقية، وهي فكرة جامعة للأمم والديانات جميعا.

إن الصفة العامة للتيارات الإسلامية الأساسية في موقفها من الحضارة والفكرة الحضارية والبديل الحضاري، تشترك، رغم تباينها في الأسلوب والرؤية والتفسير والتأسيس، بكونها يكمل احدها الآخر. بمعنى أن الاجتهاد فيه من طينة واحدة. وفي حصيلتها التاريخية تمثل رد فعل على النكوص الحضاري الاسلامي وانعدام مبادرته التاريخية. من هنا نوعية الانقلاب في تمثل التاريخ الفكري العربي نفسه ونتائجه بالشكل الذي يجعله حلقة منفية في فكرة البدائل. ومن الممن رؤية ذلك على مستوى ونوعية الاختلاف بينها وبين فكرة الإعجاب المتسامي بالعقلانية الأوربية في بداية عصر النهضة العربية الحديثة.  الأمر الذي طبع حتى أكثرها نقدية وعقلية بطابع التهافت في الآراء الجازمة، والأحكام الانتقائية، وتشابه المواقف بسبب غلبة النظرة اللاهوتية والدينية "للحضارة الغربية" بمعزل عن مراحل وطبيعة التطور التاريخي "للغرب" نفسه والعالمي ككل. وهذا بدوره يعكس حالة من حالات الاغتراب العقلي والثقافي التي تعتقد بان النواقص الفعلية في "الحضارة الغربية" دليلا على فشلها وغروبها وزوالها وموتها. بمعنى أنها لا تستطيع إدراك الحقيقة القائلة، بان "الحضارة الغربية" هي مجرد إحدى التجارب التاريخية الإنسانية. وأنها محكومة في مسار بنفس قانون التاريخ العالمي ومنطق الثقافة الذاتي. وبالتالي، فان كل ما فيها هو مظاهر لحالات الانتقال من حالة ثقافية إلى أخرى وليس بسبب عناصرها "الغربية".

إن انعدام هذا الإدراك هو الذي حدد ويحدد الثنائية المتضادة "للشرق" و"الغرب". وهي حالة تطبع تفكير المركزيات الثقافية، وبالأخص في حال تباينها التاريخي. ومن ثم تلاشي أو انعدام الإقرار بفكرة التنوع الحضاري والتباين الضروري في نوعية التجارب الذاتية ومفارقات الاحتمال العقلاني. ومن الممكن العثور على إحدى الصيغ النموذجية لهذا النمط من التفكير والتنظير عند محمد باقر الصدر[1]، وبالأخص عما اسماه بالعامل السلبي تجاه تجربة الغرب والنظم المستوردة. فقد انطلق محمد باقر الصدر من مسلمة أيديولوجية تقول، بان الإسلام هو الدرع الحامي للكيان الإسلامي في وقوفه "موقفا هجوميا ضد الغرب ومناقضا له". ووضع هذه المسلمة في صلب الحكم القائل، بأنه "ليس هناك من مستقبل للشعوب الإسلامية خارج الإسلام، وان مصيرها بمصيره"، أي على درجة إيمانها به. وهو حكم ليس جديد بحد ذاته. إذ إننا نعثر على نماذجه المتنوعة والمتعددة في فكرة صراع الشرق والغرب وتضادهما الكامل. ومفارقة الظاهرة في أن هذه الفكرة من حيث التأسيس والدعاية ذات أصول أوربية غربية. كما أن لها رصيدها التاريخي القديم الذي عادة ما يجري تفسيره وتأويله وتغليفه بأنماط جديدة. مع أن فكرة تعارض الشرق والغرب هي فكرة القوة والضعف والمواجهة والتعارض والتضاد، أي أنها فكرة نفسية أيديولوجية، تعكس طبيعة الثقافة الجزئية والعرضية والمتحزبة والضيقة. وليس مصادفة أن نعثر عليها في مراحل الصعود والسقوط عند القوى المتصارعة. بينما تنتفي في حالات النضج. وبالأخص في الثقافات التي يبلغ نموها الحضاري نموذج الشمول المتسامي (قبل الانحدار). وقد تكون الثقافة الإسلامية في أوج تطورها الحضاري نموذجا لذلك. مع أن الثقافة الإسلامية منذ البدء تميزت بأبعاد إنسانية وثقافية خالصة. أما في الغرب الأوربي فإنها اتجهت بنحو آخر.

إلا أن هذا التعارض الحاد بين "الشرق" و"الغرب"، بين "عالم الإسلام" و"عالم النصرانية" المميزة لأغلبية التيارات الإسلامية المعاصرة يعكس، إضافة إلى بقايا ومخلفات الماضي، حالة المواجهة التي ميزت صعود الكولونيالية الأوربية الحديثة وهيمنة مركزيتها الثقافية وبالأخص في مجرى القرون الثلاثة الأخيرة (الثامن عشر – العشرين).  من هنا يمكن فهم الحماس الوجداني الذي رافق انتصار "الثورة الإسلامية" في إيران (1978-1979) التي وجد فيها محمد باقر الصدر، إلى جانب فكرة بناء الجمهورية الإسلامية، "قاعدة للإشعاع على العالم الإسلامي والعالم كله في لحظات عصيبة من تاريخ هذه الإنسانية، تتلفت فيها كل شعوب العالم الإسلامي إلى المنقذ من هيمنة الإنسان الأوربي والغربي وحضارته المستغلة، وتتحسس فيها كل شعوب العالم بحاجة ماسة إلى رسالة تضع حدا لاستغلال الإنسان للإنسان"[2]. إن مضمون هذا الموقف يقوم في السعي لوضع النفس الضد من "الحضارة الغربية" بشكل عام، انطلاقا من أن "وعي الذات الإسلامي" و"الاعتراف بالإسلام قائدا للحياة" و"خيارا جماهيريا واعيا" و"منهجا للحياة"، هو التحدي الشامل "لأسس الحضارة الغربية وأيديولوجيتها الحضارية"[3]. وذلك لان "أي بناء حضاري جديد ملزم أن يدخل في الحساب مشاعر الأمة ونفسيتها وتركيبها العقائدي والتاريخي" كما يقول محمد باقر الصدر. وذلك، لان "حركة الأمة كلها شرط أساسي لنجاح أي عملية بناء حضاري جديد واع ومعركة شاملة ضد التخلف". والسبب يقوم في أن "حركة الأمة" هي "تعبير عن نموها ونمو إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية. وحيث لا تنمو الأمة لا يمكن لأي منهج أو صيغ محنطة أن تغير من الواقع شيئا"[4]. وهي فكرة سليمة من الناحية المجردة. وينطبق هذا على استنتاجه القائل، بان "الإنسان المسلم يتميز بتربية ثقافية وتاريخية وعقائدية خاصة تجعل منه كيانا مغلقا أمام كل التيارات الفكرية الغربية. وذلك لان الإسلام يشكل أهم عناصر هذه النفسية المصهورة في أعماقه. ولا يغير من هذه الحقيقة ضعف إيمانه الحالي ومستوى الانحراف فيه وفراغ الإسلام من محتواه الثوري. وذلك لان الإسلام كان وما يزال يشكل "عاملا سلبيا تجاه أي إطار حضاري أو نظام اجتماعي لا ينبثق فكريا وأيديولوجيا من الإسلام"[5]. وبالتالي، فان "المثال الإسلامي هو الوحيد الذي بإمكانه أن يثير وينظم ويوجه قوى الجماهير نحو الإبداع". ومن ثم، فان عناصر ومقدمات الحضارة الإسلامية البديلة لا يمكنها أن تكون إلا الإسلام بسبب خصوصية التربي السيكولوجية والتاريخية للمسلم. وان الأداة الرئيسية لتجسيد هذه الحضارة الآن هي الدولة الإسلامية بوصفها هدفا مطلقا ووسيلة "لتضع الله هدفا للمسيرة الإسلامية وتطرح صفات الله وأخلاقه كمعالم لهذا الهدف"[6].

ووضع هذه الفكرة السليمة بحد ذاتها، والمتحجرة بالمعنى التاريخي الثقافي والمستقبلي، في موقفه القائل، بان جميع المذاهب الديمقراطية والاشتراكية والمادية والشيوعية وغيرها "قد مارسها الإنسان خارج العالم الإسلامي وتجسدت في أشكال مختلفة واتخذت صيغا متفاوتة. ولهذا فهي لا توحي إلى الفرد المسلم بصورة محددة واضحة المعالم، بل انه يجد اشد الحكومات تعسفا ودكتاتورية تحمل كلمة الديمقراطية كجزء من اسم الدولة، ويجد اشد الحكومات دورانا في الفلك الاشتراكي تعاني من تمايزات لا حد لها... إن كل هذا التنوع في مجال الممارسة لتلك المفاهيم والشعارات لا يساعد الفرد المسلم على أن يحدد في نفسه مثالا واضحا وصورة دقيقة لما يراد منه أن يساهم في بنائه"[7]. بينما نراه يشير في كتاب (فلسفتنا) إلى انه "طالما اقلق وما يزال يقلق الإنسانية هو الإجابة على السؤال التالي: ما هو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية؟". وفي معرض إجابته على هذا السؤال قال "بأن الإسلام سبق وان قدم مثالا واضحا للبناء الاجتماعي الحضاري"، وانه قام "بتجربة من أروع النظم الاجتماعية وأنجحها. ثم عصفت به العواصف بعد أن خلا الميدان من القادة المبدئيين أو كاد وبقيت التجربة في رحمة أناس لم ينضج الإسلام في نفوسهم ولم يملأ أرواحهم بروحه فعجزت من الصمود والبقاء". عندها انقرض الكيان الإسلامي وبقي نظام الإسلام فكرة في ذهن الأمة الإسلامية، وعقيدة في قلوب المسلمين، وأملا يسعى لتحقيقه أبناء المجاهدين"[8].

إننا نقف هنا أمام صيغ خطابية خالصة، ترجع مسار التاريخ وصراعه ومشكلاته إلى حالة نفسية فردية بسيطة، تقول، بان العالم سيكون فاضلا لو أن كل ما فيه من بشر فضلاء. وهي دون شك فكرة سليمة، لكنه لا علاقة لها بالواقع والتاريخ والمستقبل. أما أحكامه العامة المشار إليها أعلاه، فأنها تخلط بين الفكرة الاجتماعية الاقتصادية السياسية وفكرة البناء الحضاري. أما بصدد ماضي وحالة الإسلام "النموذجية" و"الأرقى" و"الأكثر نجاحا في التاريخ الإنساني"، فان من الصعب التدليل عليها حالما يجري النظر إلى التاريخ بمعايير الحقائق والوقائع وليس بالأحكام اللاهوتية والأيديولوجية الصرف. وذلك لان "الزمن الذهبي" للإسلام، بما في ذلك في كل مراحله ولحظاته هو مجرد عملية تاريخية وواقعية تحتوي على كل المتناقضات بوصفها الحالة الطبيعية لوجود الإنسان والجماعة والأمة والدولة والفكر والتفكر. إذ لم تخل أجمل لحظات التاريخ الاسلامي الأولية من نفسية وذهنية الغنائم. وفي مجرى عقدين من الزمن للخلافة الأولى تحولت إلى نمط عادي كما هو الحال في الإمبراطوريات العادية. وجرت أولى ملامحها القوية في مجرى الثأر لعثمان ودمه. فقد كان الثأر للدم وليس للعقيدة أو الفكرة المتسامية أو مبادئ الحق والعدالة. وهكذا إلى الآن. وفي مجرى كل قرن انحطاط اكبر. أما التوصل إلى أن تاريخ الإسلام اللاحق، ما بعد النبوة كان خروجا على حقيقته، فان ذلك يعني انه في كله مجرد خروج على حقيقة الإسلام. من هنا أيضا يمكن فهم التصور القائل، بان تاريخ الإسلام كله، بما في ذلك مرحلة خلافة الراشدين لا تستنفذ حقيقة الفكرة الإسلامية بهذا الصدد. وإذا كان الأمر كذلك فلا معنى للحديث عن نموذج امثل وانجح في التاريخ العالمي، وموجه وحيد "للمسلم" فيما يتعلق بالبدائل الحالية والمستقبلية.

أما الاستنتاج الذي توصل إليه محمد باقر الصدر عن أن "شعور الإنسان المسلم المغلق" تجاه الحضارة الأوربية وثقافتها، مرتبط بسلوك وسياسة الكولونيالية الغربية الأوربية تجاه العالم الإسلامي، الذي أدى إلى بلورة "شعور نفسي خاص تعيشه الأمة الإسلامية تجاه الاستعمار يتسم بالشك والاتهام ويخلق نوعا من الانكماش لديها من المعطيات التنظيمية للإنسان الأوربي"[9]، فانه لا يؤسس لفكرة البدائل. انه ينمي شعور الانغلاق والدونية، وليس نفسية وذهنية الانفتاح على النفس أولا من اجل العمل بمعايير الرؤية العقلانية والمستقبلية. وعدم إدراك هذه الحقيقة هو القائم في أساس اللوحة العقائدية الصرف عن التناقض الحاد والأبدي بين "الشرق" و"الغرب"، بين "الإنسان المسلم والإنسان الغربي الأوربي". ووضع هذه العلاقة بهيئة ثنائية متناقضة وعدائية مبنية على أساس "مادية الغرب والإنسان الأوربي" و"روحية وغيبية الإسلام والإنسان المسلم". فهو يعتقد، بان "الإنسان الأوربي ينظر إلى الأرض دائما لا إلى السماء. حتى المسيحية، بوصفها الدين الذي آمن به هذا الإنسان على مدار قرون من الزمن، لم تستطع أن تتغلب على النزعة الأرضية فيه. وبدلا من أن ترفع نظره إلى السماء استطاع أن ينزل اله المسيحية إلى الأرض ويجسده في كائن ارضي"[10]. وقد بلغت هذه الشخصية ذروتها في أفكار داورن وماركس بوصفها محاولات "لاستنزال الله إلى الأرض"[11]. وعلى العكس من ذلك، يقف "الإنسان الشرقي المسلم" الذي "ربته رسالات السماء وعاشت في بلاده ومرّ بتربية مديدة على يد الإسلام ينظر بطبيعته إلى السماء قبل أن ينظر إلى الأرض، ويؤخذ بعالم الغيب قبل أن يؤخذ بعالم المادة المحسوس"[12]. أما اثر هذه "الغيبية العميقة" الراسخة في مزاج الإنسان المسلم، فقد أدت إلى "تحديد قوة إغراء المادة له وقابليتها على إثارته"[13].

وفيما لو تجاوزنا الوقائع والحقائق التي يمكن العثور عليها في كتب التاريخ بمختلف فنونه، من سلوك الخلفاء والفقهاء وعلماء الدين (النخبة) و"طليعة الأمة"، فان كل وقائع التاريخ الفعلي تشير إلى عكس ذلك. وعموما إننا نقف هنا أمام ما يمكن دعوته بحسد التخلف. فقد كانت هذه النظرة أوربية نصرانية خالصة في موقفها من الإسلام كما هو جلي ما قبل وزمن وبعد الحروب الصليبية. بينما انقلبت في القرن التاسع عشر- العشرين. حيث أصبح الشرق مجرد زهد ودين وإيمان وميتافيزيقيا ولاهوت وتصوف وروح! أما الغرب فهو عالم العقل والحكمة والعلم والمعرفة والإنسانية والمادية. بعبارة أخرى، إننا نقف أمام فكرة مقلوبة وأيديولوجية لما هو شائع في الفكر "الاستعماري". كما أنها تتعارض مع أفكاره التي روج لها في (فلسفتنا) و(اقتصادنا) عن "حب الذات" المميزة لفطرة الإنسان، التي لا يمكن القضاء عليها، بل يمكن تهذيبها عبر ربطها بقيم أخلاقية. بعبارة أخرى، إن هذه الفكرة وأمثالها المميزة لجميع التيارات الإسلامية المعاصرة بصدد قضية الحضارة والموقف من الغرب الأوربي تقوم في عدم استطاعتها الخروج من ثنائية الشرق-غرب بوصفها إشكالية الوجود التاريخي والثقافي للأمم. ومن ثم لم تستطع التحرر من ثقل الذهنية اللاهوتية أو الدينية. وبالتالي، ظلت رغم بعض انجازاتها النظرية العميقة، معرضة للتذبذب. مما يعكس طابعها التأملي العابر أو المتأثر بالأحداث أكثر مما هي نتاج رؤية فلسفية منطقية وتاريخية عميقة ومستقلة من حيث تأسيسها الذاتي. وذلك لان ما يسمى بالرجوع إلى حقيقة "الحضارة الإسلامية" هو مجرد نفخ في رماد أو وهم جديد. وليس مصادفة أن لا نعثر في الفكر الاسلامي الحديث المهموم بفكرة الحضارة والصراع الحضاري والحضارة الإسلامية، على دراسة محترفة حول فلسفة الحضارة الإسلامية. أما الأبحاث التاريخية عنها ففي اغلبها مجرد تجميع واستعراض لكتابات القدماء. بمعنى أنها تفتقد إلى الرؤية المنطقية وفلسفة التاريخ الثقافي وفلسفة الحضارة بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة. أما إن البدائل الإسلامية بصدد قضية الصراع الحضاري والبدائل الحضارية، فأنها تعكس مستوى وعيها النظري والعملي الذاتي. وهو وعي لم يتقن بعد فنون مواجهة النفس وجها لوجه. ومازالت هذه الصفة طاغية على الثقافة العربية ككل. أنها لم تتقن بعد صياغة حدودها العقلانية. في هذه الأخيرة فقط يمكن للروح الاجتماعي بكافة تياراته أن يبدع ما هو مناسب لإنقاذ العالم العربي من سقوطه في هوة اللاعقلانية التي آلت إليها الراديكالية السياسية. بمعنى عدم قدرتها على تأسيس وصنع كيانها الحضاري المستقل. وذلك لان صنع الكيان الحضاري يفترض تأسيس منظومة ثقافية لها مرجعياتها الكبرى. من هنا يمكن فهم التناقض البارز بين الأهداف النهائية المعلنة وكيفية استيعابها للمهمات العملية (السياسية) الراهنة. كما نعثر عليها في طوباوية الحلول والبدائل المحكومة في اغلبها بقيم أيديولوجية صرف ومفاهيم لاهوتية، وفي نوعية الرومانسية المعذبة والمتذبذبة بين الماضي والمستقبل فقط. مما يضع بدوره مهمة الرؤية النقدية من تاريخ العقلانية واللاعقلانية العربية من اجل تجنب قرن آخر من المجهول الثقافي.

 

ا. د. ميثم الجنابي – مفكر وباحث

.......................

[1] يعتبر الشهيد محمد باقر الصدر (قتل غدرا عام 1980) من بين أكثر المفكرين تأثيرا من الناحية الروحية والمعنوية والنظرية في الحركات الإسلامية المعاصرة بشكل عام والشيعية منها بالأخص. بل يمكن اعتباره من بين المؤسسين الكبار "للإسلام السياسي" المعاصر. وقد اعدم في العراق لأسباب سياسية ارتبطت بالمخاوف التي أثارتها الثورة الإسلامية في إيران، وتوجس إمكانية ظهور "خميني جديد" في شخصه. وتعتبر كتبه "فلسفتنا" و"اقتصادنا" من بين أهم مؤلفاته الفكرية. وقد كان لها وقعا وتأثير كبيرا وما يزال بالنسبة للحركات السياسية الإسلامية (الشيعية منها بالأخص). ومع أن الصدر ينتمي من حيث الرؤية المذهبية إلى تيار الشيعة الإمامية (الاثني عشرية) إلا أن مفاهيمه الفلسفية والدينية والسياسية تتعدى حدود المذهبية الضيقة، وتقترب في المجال السياسي والرؤية الحضارية من فكر الإخوان المسلمين. وقد كانت كتاباته المشار إليها علاه نتاجا للصراع الفكري والأيديولوجي الدائر في العالم العربي في ستينيات القرن العشرين بين التيار الماركسي والتيار الإسلامي. لهذا نعثر في تسميات مؤلفاته الأساسية على "مصادر الماركسية الثلاث"، أي الفلسفة والاقتصاد والسياسة. وهو أمر يشير إلى التحول الفكري الكبير في المدرسة التي أنشأها الصدر. بمعنى توجيه البحث الفكري صوب القضايا المثيرة، ومواجهة الأفكار السائدة بالفكر الإسلامي وتراثه. وقد تميزت كتاباته بنزعة نقدية شديدة للماركسية السائدة آنذاك. وهي ماركسية مبتذلة في اغلبها. الأمر الذي طبع مضمونها الخاص. فالصدر لم يعتمد في نقده على دراسة الأصول الماركسية ولا تراثها الفلسفي ولا مدارس الاقتصاد التاريخية الكبرى، بل اكتفي بفتات الماركسية المبتذلة عند الشيوعيين العرب والعراقيين بشكل خاص، أي الأكثر تخلفا وبدائية في مجال التنظير والتفكير. وعموما هي كتابات ليست عميقة ومليئة بالتكرار والاجترار. لكنها جريئة ضمن سياق المرحلة ومستوى الوعي النظري. لكن الصدر لم يكتف بالنقد الأيديولوجي والمعرفي، بل وحاول تقديم "رؤية بديلة" تستند إلى ما اسماه "بالرؤية الإسلامية الخالصة". وجمعت بعض مقالاته الأساسية بهذا الصدد في كتاب طبع تحت عنوان "الإسلام يقود الحياة". حيث تصب آراءه في الإطار العام ضمن التيار المجدد والإصلاحي للفكر الإسلامي الشيعي. كما يمكن اعتباره من بين المؤسسين "للثورية الشيعية". ويمكن تقييم فكر الصدر على انه مدرسة متميزة في محاولاتها تجديد الفكر الإسلامي في مختلف الميادين استنادا إلى تراث الإسلام فقط. مع أن نزوعه هذا لم يتسم بالانغلاق.

[2]  محمد باقر الصدر: الإسلام يقود الحياة، طهران، 1403 هجرية، ط2، ص7.

[3] محمد باقر الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص25.

[4] محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، ص192.

[5] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص192-194.

[6] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص178

[7] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص197.

[8] محمد باقر الصدر: فلسفتنا، دار التعاون، بيروت، 1379 هجرية، ص13.

[9] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص199.

[10] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص204.

[11] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص204-205.

[12] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص206.

[13] الصدر: الإسلام يقود الحياة، ص206.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم