صحيفة المثقف

حسن عزيز الياسري: اخبرنا عن الهك، لنعرف من انت؟

- هل يظن البعض ان (البقر تشبه علينا) او اننا لا نفرق بين البقر والثيران؟ والحمير كذلك؟!!

- يُروِج ْ الكثير، لتقديس صنم، و يدعو للرِدة عن عبادة صنم اخر .

- يقذف البعض، بالسباب والشتائم لأتباع وثنٍ بشري، وهو قابعٌ منفصمٌ في محراب وثنٍ آخر، ويرصدون بسهام النقد، سلوكيات الخصوم وأفعالهم، وينكرون رصد، الخصوم لهم، بل وينكرون رصد استجابتهم لعبادة صنم ِ آخر .

- تفرقت الاراء بين العبيد، باختلاف الرؤى حول الألهة !! واقترنت جميعا بالمسير خلف المطامع والمطامح، وان اختلفت التوجهات، فانها تتوحد في مسعاها للمنافع، انها دعوى تحقق للمؤمنين الضالين، قبسا من نور وشيئا من حاجة .

- تدعو للاستغراب وربما للاشمئزاز، تلك الدعاوى التي يطرحها ويمارسها الكثير منا بالمقابل ضد الكثير منا، دعاوى مطروحة تفتقد لمنطق الاستقلالية، ويقابلها دعاوى لخصوم، تتضح فيهم الحجة بنفس المنطق الخالي من المعيار، مغالطة تكاد تقترب من التفشي الثقافي المجافي للموضوعية، فالصراع بين الخصمين يقوم على رمي ما في احدهم اتجاه الاخر، والاخر يقع ضحية الفخ الذي نصبه لايقاع خصمه .

- خصوم دائبين وسط دوائر مغلقة ذاتية التكوين ومفتوحة على الآخر لا تدور حول محورها ابدا، بقدر دورانها على محاور الغير .

مختلف المنشورات والمقالات والآراء والاتهامات الجاهزة، كلها تسير بموضوعية عند نظرتنا الاولى، تمتلئ بالدعوات الصادقة من اجل استنهاض الهمم وازالة التوترات ونبذ العصبيات التحزب، والالتزام بالقواعد الوطنية والاخلاقية والدينية وفي جانب كبير منها بالمذهبية، دعوات لاذابة كافة المعوقات التي تفرضها الذات او المسؤول الاكبر، الى ما هنالك من توجهات توجدها طبيعة المرحلة، والكثير من هؤلاء المهتمين بهذا الشان او ذاك (ممن يضعون الخصوم المفترضين نصب اعينهم)، غارقين بتلك المفاهيم ذائبين بالنتائج المعلبة في عقولهم، لاظهار الحلول المتوقعة !! معتقدين بل متاكدين من الطرح الذي يدعون اليه، في ضرورة بلورة تلك الافكار، التي امنوا بها واحتلت مساحات تفكيرهم بالكامل، لصالح مصادر تغذيتها، التي اختارت طبقاتها الاجتماعية التي تدافع عنها، بدقة متناهية !!

- هم ممن يتقدم في الافكار الثورية ضد فساد الآلهة خطوة، ويتراجع عشرات الخطوات حينما يصل القياس اليه !! نشاهد حد الاسفاف من تلك النماذج التي نتواصل معها يوميا وعلى مدار الساعة

- لغة الطغاة والمستبدين واحدة، وادارة القطيع من قبلهم لا تختلف كثيرا بالسلوك والقيادة .

وللقطيع سلوكا متواترا ثابتا، لا يتغير بمرور الايام وتقلب الحدثان، يغلظون باحكامهم ضد طاغية ليرفعوا من شأن طاغية اخر، هم تحت رعايته ووصايته .

 

صراع سطحي للأتباع، على انه دائم بين الاصنام، تحت وطأة نزاع القطيع لهم، على ان لا خلافا جوهريا او مطلقا، بين الاصنام ذاتها !! بل انه صراع الارتزاق .

- اذا كان مجال التوحيد وعبادة الله جل وعلا، هو الضابط للسلوك والمهيمن على ايقاع العبادة !فهل هو اضمحلال للعقيدة وتلاشي للايمان، وفقر للنضوج القلبي والعقلي والخُلُقي كذلك، السير خلف عبادات تصنعها الحاجة التي دائما ما تلبس رداء القيم والمبادى ؟؟

ام ان قناعات التوحيد الروحية لا تؤتي اكلها !! فتراه يملأ الفراغات، بطاعات شخصية وعبادات ذاتية واستجابات لا شعورية لعبادة بشرية، حيث تؤتي أكلها .

- دعونا، لا نذهب بعيدا ونعمم في الاسقاطات المُروّج عنها هنا، فليس الجميع مقصود بالتأكيد !!

ومن هذا المجموع، طبقات الفقراء والمحرومين ومن شابههم، وهم في بلاد الحروب والصراعات والجدل، واوطان فقدان الامل، يمثلون النسبة الاكبر من الضحايا، التي يمارس ضدها اكبر انماط التوجهات الطبقية والعنصرية !! فهي الطبقة الاجتماعية الأعم والتي تولد في رقعة جغرافية فقيرة اجتماعيا وحضوريا وبيئيا، فتنتج كتحصيل حاصل فئات اجتماعية جاهلة بسيطة، ورثة، يسهل قيادها من قِبل، كل ُ ذو سلطة او ذو مال أصحاب قصد ٍ وتوجه !! وهؤلاء جميعا خارج حيز دوائر النقد هنا، لاسباب موضوعية، تتصل بالواقع القاسي والأليم الذي يعيشون (كونهم نتائج لذلك الوضع المعقد بالأساس!!)، تجعلهم بعيدين عن محور الحديث، والموضوع الذي يدور في الجزء الاكبر منه، عن سلوكيات الآلهة !! التي تتبنى انتاج العبيد !!

- واذا كان الايمان برب واحد واله مجيب وقريب من الارواح (والضمائر، ان وجدت عند هؤلاء العبيد الواعين المدركين) افضل حالا من كل هذا (التشطير) في الوحدانية وعبادة آلهة مزيفة بديلة، وكذلك ولعل (الايمان بمفهوم الوطنية لمجموعات بشرية اخرى لا تعتقد بجوهر ايماني غيرها) افضل من التشظي والاعتكاف خلف رموز صنمية ومفاهيم حزبية، لم تأتي الا بالشر والحزن والدموع !!

على إن المقياس الحقيقي لنجاح الاحزاب، هو الاحتكام الى الانجازات!!

- وهذه المِزيّة لا ينفرد بها بالمُجمَل، قومٌ عن قومٍ اخرين، ولعل مِن فئة المثقفين وطبقات المتعلمين مَن يميل نحو هذا الإتجاه !!

والمفترض ان عمل: " المفكر هو إيقاظ ضمير المجتمع، ومنح العوام الوعي الذاتي وتقديم تفسير وتحليل إيدلوجيين وعمليين للظروف الاجتماعية الموجودة وبيان المثل وخطوط السير ونقل الواقعيات المتناسبة والمتناقضة في الحياة الأخلاقية والثقافية والاجتماعية إلى احساس الناس ووعيهم واستخراج المنابع المدفونة والمواد الخام للطاقات المعنوية والفكرية في تاريخ الأمة وثقافتها " *٢

- ولعل ما يشخص في هذا الميدان بوضوح ان الكثير من هؤلاء المدعين للثقافة، يتماشون مع البسطاء والهواة والعوام كذلك، بميزة الانتقال بين عبادة الآلهة القريبة من السلطة !! وحسب ما تقتضيه الحاجة والمنفعة، واذا كنا نخلق الاعذار الموضوعية لهؤلاء البسطاء والفقراء، فما العذر للمثقفين يا ترى .

- " مشكلة المثقفين انهم اضحوا اكثر من العاهرات وارخص منهن في نفس الحين، ولكنهم اسوأ عهرا " *٣

فهل يوجد مثقفين يا ترى، على هذا المنوال؟

- وكذلك ايضا ان من مدعي العلمانية والمنادين بالمدنية ومفاهيم التحرر، من يميلون ويدافعون عن اصنام تركت بصمات الخراب والدمار واضحة، اذا نظرنا بموضوعية ونظرة مستقلة، فهناك الكثير من عبيد طاغية العراق الاسبق (الذي زرع بذور الطغيان بالامس، فأينعت بنفوس طغاة اليوم وكبرت، فأمست اكبر عقدة للنقص، يخفونها تحت ظلام طويتهم، فيعلنون بأفعالهم إنهم أمثاله و أشباهه) مهما أظهروا على انهم أضداده، على ان البقر لم يتشابه علينا، وكذلك الثيران او الحمير !!

- انه صراع العبيد الدائم ونزاع الآلهة المتوارث، في هذه الصحراء الملأى بالارباب البشرية والجهل المقدس والبشر العبيد، الهة ٌ عانت من العبودية كثيرا !! حتى واتتها الفرصة (من اربابها)، لتعلن نفسها ملكا ً، يحمل التاج المقدس !!

- " والسبب الأصلي لكل هذه المصائب، ليس الاستبداد وليس الاستعمار، وليس الاستغلال، فكل هذه نتائج، وهناك سببان : اولهما الاستحمار وثانيهما الاستحمار، والاستحمار على نوعين : الاستحمار القديم والاستحمار الجديد، واذا كان الاستعمار من الخارج، فالاستحمار من الداخل !! " *٣

دع عنك مروان الحمار،، وخل ِ واقعة الجمل ْ

للِسْع ِ نسعى كلنا،، والنحل يسعى للعسل ْ

قَومي رؤوُس ْ كُلهُم ُ،، أرأيت مزرعة البصل ْ *٤

فمن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه، فانظروا إلى خُلطائه - الامام علي عليه السلام

 

حسن عزيز الياسري،

.........................

١ - د علي شريعتي، العودة الى الذات، ص ٢٢٣ .

٢ - عبد الرزاق الجبران، جمهورية النبي ص ٦١  .

٣ - د. علي شريعتي، العودة الى الذات، ص ٢٣٧ .

٤- الشاعر علي الشرقي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم