صحيفة المثقف

د. محمود محمد علي: قراءة في كتاب فلسفة هيوم الأخلاقية (4)

محمود محمد عليللأستاذ الدكتور محمد محمد مدين

في هذا المقال نعود ونكمل حديثنا لقراءة في كتاب فلسفة هيوم الأخلاقية للأستاذ الدكتور محمد محمد مدين، وهنا نقول: ننتقل للفقرة الرابعة، وهي بعنوان:" في أن هيوم لم يكن يستهدف إيجاد تعريفات لغوية لمحمولات القيمة " (36)، وفي هذه الفقرة يشجب محمد مدين افتراض جورج مور بفكرة تحليل الكل إلي أجزاء مؤكداً أنه افتراض لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه، فلم يكن هيوم كما يعتقد " محمد مدين" يستهدف بحال أن يجد التعريف لتصورات الخيرية أو العدالة ولا أي تصور أخلاقي آخر، فإذا كانت المشكلة التي كان مور يهدف إلي أن يجد لها حلاً مشكلة لغوية فإنها لم تكن كذلك بالنسبة هيوم كما يري " محمد مدين"، ويبدو هذا بوضوح في تناول "هيوم" لقضية العلية، بينما مشكلة التعريف في الكتابين الثالث لم تكن بحال مشكلة لغوية.. وما يريد أن يؤكد عليه " محمد مدين" هنا في هذه الفقرة هو أن "هيوم" لا يمكنه بجال قبول هذه الوجهة من النظر والتسليم بها، وذلك فيما يختص بالتصورات الأخلاقية المركبة، برغم الدليل القوي الذي يطرحه الكتاب الأول من الرسالة، وهو الدليل الذي يتناقض مع ما يذهي إليه " محمد مدين"، ويظهر هذا بوضوح من تأكيد "هيوم" علي أن العواطف تلعب دوراً أساسياً في كل من الفكر والعمل الأخلاقيين (37).

5- وفيما يخص الفقرة الخامسة، وهي بعنوان:" في تباين معاني الذاتية الشخصية و" الإدراك " المطروحة في الكتاب الأول عن معانيها الموجودة في الكتابين الثاني والثالث (38)، وفي هذه الفقرة يقول "محمد مدين":" فإن هذا الاعتراض ذاته ، وخلافاً لمقصده، يعد شاهدا لنا لا علينا . فهو يزودنا بدليل إضافي علي وجهة نظرنا التي نؤكد فيها علي أن التمييز بين الكتاب الأول من الرسالة هذا من جهة، والكتابين الثاني والثالث من هذه الرسالة من جهة أخري هو تمييز منهجي وضروري لفهم فلسفة هيوم الأخلاقية (39)، علاوة علي أن المنهج الأخلاقي الطبيعي، وهو الموجود في الكتابين الثاني والثالث من الرسالة، وهو المنهج الذي يراه "محمد مدين" لا ينطبق عليه بحال نظرية التعريف التي عرضها هيوم في الكتاب الأول والتي تبناها "جورج مور" في أصوله وطبقها علي نحو خاطئ في الكتابين الثاني والثالث (40)، فلقد كان "هيوم" كما يري "محمد مدين" في الكتاب الأول علي ثقة تامة بصحة المحورين الثالث والرابع صحة كاملة، ولم ينتبه، في هذا الكتاب بشأنهما شك ؛ فنراه كما يري "محمد مدين" يؤكد علي أن الواقعة الأولي التي أعلن "هيوم" أنها استلفتت نظره واستحوذت علي انتباهه هي التماثل العظيم بين انطباعتنا وأفكارنا في كل حالة مفردة وجزئية، فيما عدا درجتهما من القوة والحيوية، فإن فكرة الأحمر التي نكونها في الظلام، وذلك الانطباع الذي يستلفت أنظارنا في ضوء الشمس، إنما يختلفان في نظر "هيوم" فيما بينهما فقط في الدرجة، ولا يختلفان بحال في الطبيعة (41)، ولا يضعف من قوة تأكيد "محمد مدين" علي اقتناع "هيوم" بصحة المحورين الصالث والرابع صحة كاملة، وأنه لم ينتباه بصددهما شك أن يلجا "هيوم" إلي البرهان غير المباشر (42).. ليس هذا فقط بل نجد "محمد مدين" يقول:" ويمكننا أن نصف أسلوب "هيوم" بأنه نوع من التحدي، فهو يتحدى نقاده ويدعوهم، وذلك فيما يتعلق بالمحور الثالث أن يأتوا بمثال مناقض لما يؤكد "هيوم" نفسه بقوله ".. وأما إذا لم يستجيبوا لهذا التحدي وهم يقيناً لن يفعلوا، فبإمكاننا ابتداء من صمتهم هذا من ناحية، وملاحظتنا من جهة أخري، أن نؤكد ما توصلنا من نتائج (43).

6- وفيما يخص الفقرة السادسة، وهي بعنوان:" في أن محمولات القيمة لا تقبل التحليل أو التعريف " (44)، وفي هذه الفقرة يوضح لنا " محمد مدين " حقيقة مهمة، وهي كما يقول:" فما يؤكد عليه "هيوم" هنا هو أننا لا نستطيع بحال القيام بعملية تحليل الأفكار المركبة التي تعبر عن العواطف إلي أبسط عناصرها، أو مكوناتها، أعني أن هذه الأفكار المركبة المعبرة عن العواطف هي أفكار لا تقبل التحليل أو التفكيك الذي يقوم علي علاقة " الجزء – الكل " وذلك إذا كانت هذه الأجزاء أو هذه العناصر " عواطف بسيطة " . وخلافاً للأفكار البسيطة في مجال الفهم، وهي الأفكار التي لا تسمح بحال بقيام وحدة تامة وكلية بينها ؛ حيث إنها تتصف بخاصية النفاذ وعدم الاختراق، وهي الخاصية التي تستبعد بها كل فكرة من هذه الأفكار أختها ؛ فإن العواطف البسيطة تتصف في المقابل، بإمكانية قيام وحدة تامة وكلية بينها، ويمكن أن تختلط وتمتزج علي نحو، بحيث تفقد كل عاطفة من هذه العواطف ذاتيتها وهويتها، وتساهم فحسب في تلوين الانطباع الناشئ عن الكل (45) .

ويستطرد " محمد مدين" فيقول:" وإذا كان ذلك كذلك، فإن الأفكار الأخلاقية المركبة لا تسمح بحال وجود عمليات التحليل أو التعريف وهي العمليات التي تقوم علي علاقة " الجزء – الكل"، وفي حدود البسائط المطلقة . فعلي سبيل المثال فإن انطباع أو فكرة الخيرية سوف تتضمن مركباً يؤدي فيه امتزاج العناصر وتأليفها إلي وجود أصيل علي نحو تام وكلي، ومن ثم فإننا لو سألنا، فيما يتعلق بمثل هذه المركب، عن ما إذا كان التعريف المقترح هو التعريف في حدود البسائط الأصلية والذي يكون وصفياً علي نحو تام، فإننا نكون هنا قد وقفنا، منذ البداية، موقفاً تعسفياً من عملية التعريف فمن الواضح أننا إذا أردنا للتعريف في مجال البحث الأخلاقي أن ينجح فينبغي أن يكون نموذج التعريف المستهدف هنا هو من نوع بحيث يتوافق مع العواطف والانفعالات والمشاعر الإنسانية . ومن ثم يمكننا أن نضيف إلي النتيجة التي توصل إليها "هيوم" وذلك فيما يتعلق بالخاصية الفذة والفريدة الذي يتميز بها الذهن الإنساني، وأعني بها أكثر ظواهر الذهن البشري تميزاً، تفرداً هي تلك المستمدة من هذه الخاصية التي تتميز بها العواطف الإنسانية (46).

ثم يخلص "محمد مدين" من هذه الفقرة إلي حقيقة مهمة وهي أن "هيوم" لا يتحدث هنا عن الموضوع الذي يحتل جانباً كبيراً من الكتابين الثاني والثالث من الرسالة، وأعني به التأكيد علي أن التمييزات الأخلاقية هي تمييزات تتعلق بشئون الواقع ولا تتعلق بعلاقات الأفكار . وهذه الوجهة من النظر في ذاتها تعد متوافقة مع موقف الكتاب الأول . ولكن الذي يريد أن يؤكد عليه "هيوم" هنا هو أن التمييزات الخلقية تعتمد علي الانطباعات ولا تعتمد علي الأفكار . ولكن إذا كانت الأفكار نسخاً طبق الأصل من الانطباعات وتشبهها في كل شئ سوي درجة الحيوية والنضارة كما يؤكد هيوم في الكتاب الأول، فسيكون التمييز اللازم هنا ليس هو التمييز بين الأفكار الخلقية والانطباعات هذا من جهة والأفكار غير الخلقية من جهة أخري ؛ أعني ما الذي تتميز به الأفكار الخلقية عن الأفكار غير الخلقية طالما أن الأساس في كل الأفكار هو الانطباعات (47)!.

7- وننتقل إلي الفقرة السابعة، وفيها يقول "محمد مدين": " في اختلاف نظرية "هيوم" المعرفية عن منهجية تحليل الظواهر الأخلاقية " (48)، وفي هذه الفقرة يريد "محمد مدين" أن يؤكد علي أن المنهجية التي تقوم عليها نظرية "هيوم" المعرفية لا تنطبق بحال علي تحليل "هيوم" للظواهر الأخلاقية ونعني بهذه المنهجية تأكيده علي أن كل فكرة هي صورة طبق الأصل للانطباع الذي تناظره وتتطابق معه، وأن المعيار الذي نميز به بين الأفكار والانطباعات هو فحسب درجة الحيوية (49).

وعلي نحو عام يخلص " محمد مدين " بأن موقف "هيوم" يتجسد في القضية التالية:" أن الأخلاق تعتمد علي عواطفنا وتتأسس عليها، وإذا كان الحال هكذا، فإن بإمكاننا أن نفترض أن اختبار صحة فكرة أخلاقية ما، ومن ثم حكم أخلاقي ما، سوف يتضمن القيام بمقارنة هذه الفكرة أو هذا الحكم بالانطباع الخلقي " المتوافق" و" المناظر" له . ولكن "هيوم" أدرك أنه إذا كان هو المعيار الوحيد للحكم علي صحة الفكرة أو الحكم الأخلاقي، فإن الأخلاق ستصبح، من ثم، ذاتية علي نحو خالص .. فالعاطفة وجود أصيل، أو إن شئت قل، إن العاطفة صبغة الوجود، وهي لا تتضمن أية كيفية أو خاصية " تمثيلية"، ويكون من شأنها جعلها نسخة لأي وجود أو صبغة أخري، فعندما أكون غاضباً خائفاً، فإنني أكون في هذه الحالة "مستحوذا" و"مستوعباً" بالفعل في العاطفة، ولا يوجد في هذه العاطفة أية إشارة إلي أي موضوع آخر، أكثر مما في حالة كوني عطشاناً أو مريضاً . ومن ثم فمن المستحيل صد هذه العاطفة ومجافاتها بالعقل، أو معارضتها ومناقضتها للصدق والذهن ؛ طالما أن هذا الصد، وهذه " المجافاة" تتأسس في اختلاف الأفكار وتناقضها، وهي الأفكار التي ينظر إليها علي أنها "نسخ" تتطابق أصيلة مع "الموضوعات" التي تكون هذه الأفكار تمثيلاً لها (50) .

8—وفيما يخص الفقرة الثامنة، فنجد " محمد مدين " يقول:" في التمييز بين العلوم الأخلاقية والطبيعية" (51)، هنا نجد " محمد مدين " يريد أن يؤكد بأنه ليس أمامه إلا طريقة واحدة لتأكيد التمييز بين العلوم الأخلاقية والعلوم الطبيعية، وذلك بالإشارة إلي التقابل بين الأثنين وذلك فيما يتعلق بأمرين هما: منهج البحث الخاص بكل منهما، وموضوع البحث الخاص بكل منهما . فإن هناك، فيما يري "محمد مدين"، علاقة جدلية بين، " المنهج" و"الموضوع"، فالأول منهما يحدد الثاني والعكس أيضاً صحيح، حيث يحدد الموضوع بدوره منهج تناوله .. فالكتاب الأول يتناول عالم الخبرة الإنسانية، وهو عالم معطي لنا باعتباره سلسلة من البسائط، وهي، " الجزئيات" أعني معطيات حسية، والمعرفة هنا معرفة " مركبات" من هذه " الجزئيات"، وينظر إلي الذهن هنا علي أنه " حاصل جمع خبرته"، ومن ثم يمكن، من الناحية النظرية علي الأقل، القيام بعملية " تحليل" أو "رد" هذا الذهن إلي حشد الجزئيات الأصلية التي كان قد اختبرها وعاناها ؛ فالكتاب الأول يتضمن نظرية في المعرفة والإدراك تقوم علي مفهوم " السببية" ؛ وبعبارة أخري نظرية " ميكانيكية" " آلية"، وإذا كان ذلك كذلك، فإن محتوي الذهن يمكن رده إلي جزئيات وبدون أن يتبقي شئ، بينما يتضمن الكتاب الثاني والثالث معني وقيمة العالم، فلا تقدم لنا النظرية الأخلاقية خبرتنا فحسب، فهي لا تتعامل مع العالم باعتباره معطي جاهز لخبرتنا به، وإنما تزودنا بمعني وقيمة هذه الخبرة (52) .

9- وفي الفقرة التاسعة، نجد " محمد مدين" يقول:" في المشكلة المنطقية الخاصة بعلاقة " الواقعة" و" القيمة" (53)، وفي شرح هذه الفقرة يقول " محمد مدين":" ولعلنا لا نعدو الصواب، لو قلنا أن الصعوبة الأساسية في محاولة مناقشة " ثنائية الواقعة - القيمة وتقدير أهمية هذه الثنائية تتلخص في أنه ليس من الواضح، بالنسبة لكثير من فلاسفة الأخلاق، ما هو الذي يمكن أن نستخدمه كدليل علي هذا التمييز، أو هذه الثنائية، أعني ما الذي يمكن أن نستهدفه بحيث يكون هو دليلنا علي التمييز بين الواقعة والقيمة (54) .

ويستطرد " محمد مدين" فيقول:" فمن المؤكد أنه بالإمكان أن نبين، وعلي نحو مستقل، كيف أن التصورات، أو الحدود الأخلاقية، أو القيمية مختلفة، وعلي نحو أساسي، عن التصورات، أو الحدود الواقعية، أو الوصفية، مما يترتب عليه أنه من غير الممكن للأحكام القيمية التي تحتوي علي تصورات أخلاقية أصيلة وخالصة أن تستدل استدلالا صحيحاً من أحكام واقعية خالصة، ولكن لا يتأتى عن هذا أنه حتي في حالة ما إذا استطعنا تقديم برهان مستقل، أو تدليل قائم بذاته، علي "عدم إمكانية استدلال" القيمة من الواقعة فقط، أن يكون هناك لذلك، اختلاف مبدئي وأساسي بين بين القيمة من جهة والواقعة من جهة أخري: فإن عدم إمكانية استدلال " الينبغية" من " الكائنية"، إنما ينتج عن حقيقة التمييز بين " القيمة" و" الواقعة"، والعكس غير صحيح (55) .

10- وأما الفقرة العاشرة، وفيها يقول " محمد مدين" في المقارنة بين التبرير اللغوي للفصل بين الواقعة والقيمة والتبرير القانوني للرباط بينهما، وفي توضيح هذه الفقرة يقول مؤلفنا:" ولعل الفيلسوف الإنجليزي " ريتشارد هير" هو أفضل تعبير عن هذه الحالة التي يتآزر فيها المنهجان كما يظهر بوضوح في كتابه " لغة الأخلاق" الذي يقدم فيه مثالاً لهذا التناول المصحوب بالاعتماد علي التمييزات اللغوية .. فقد قدم لنا قضيتين كما يري المؤلف ويمكن تلخيصهما علي النحو التالي: أن اللغة الأخلاقية في استخدامها الأساسي هو استخدام إرشادي وإيعازي وليس استخداماً وصفياً، كما أنه لا يمكن استدلال أن كل الحقائق من قبيل " أن هذا خير في ذاته" هي حقائق مستقلة منطقياً عن أية حقائق تتعلق بما هو موجود (56) .

ولما كان "ريشارد هير" كما يري المؤلف ينظر إلي الأخلاق علي أنها " الدراسة المنطقية للغة الأخلاقية "، إلا أن اللغة المنطقية لغة تبدو في كثير من الحيان لغة عصية وليس من اليسير الاستحواذ عليها، ومن ثم فإن "التحليل الفلسفي"، هذا التحليل الذي لا يكون مجرد تحليل لغوي، هو فقط الذي يمكنه " الكشف" عن "الطبيعة المتميزة لهذه اللغة "، ومن ثم يلزم للتحليل اللغوي أن يسلم بان كل التعبيرات اللغوية التي تشتمل علي ما يعد حدوداً اخلاقية أصيلة هي بدورها تعبيرات لغوية ذات طبيعة أخلاقية علي الأصالة، ومن هذه الحدود الأخلاقية حدوداً من قبيل " الينبغية" و"الوجوب" و"الخيرية" و"الصواب" .. الخ (57).

ويخلص المؤلف " محمد مدين قائلا:" ولعلنا لا نجانب الصواب لو قلنا أن هذا هو السبب الدي دفع " ريتشارد هير" إلي أن ينظر إلي القضية التي تقول " ينبغي علي أداء س" " قضية قيمية عصية" ؛ فما أن نقبل بالمعيار اللفظي أو اللغوي " للحكم الخلقي" إلا ونجد أنفسنا مدفوعين ليس فقط إلي إاقمة تمييز بين الحدود "الوصفية" و" القيمية"، وإنما نجد أنفسنا، بجانب ذلك، مضطرين إلي أن نلجأ في نهاية التحليل إلي التعريف اللفظي لكي ندافع عن هذا الفصل والتمييز وذلك كما فعل "هير" نفسه (58).

11- وفيما يخص الفقرة الحادية عشر، فنجد المؤلف " محمد مدين"، يقول:" في أن هيوم لم ينكر إمكانية العلاقة بين " الواقعة" و" القيمة"، أو العلاقة بين الكائنية والينبغية " (59)، ولتوضيح هذه الفقرة يقول المؤلف:" ونحن إذا كنا نعرض لموقف " هيوم" من قضية "عدم إمكانية الاستدلال"، أعني عدم إمكانية استدلال "الينبغية" و" الكائنية" "فليس هذا بهدف توضيح مواقفه العام فحسب، وإنما لمناقشة الفكرة الشائعة عنه، ويعني بها المؤلف أن هيوم يدعم الفصل بين " القيمة" من جهة، و"الواقعة" من جهة أخري . فالدليل الذي يقدم من جانب أصحاب هذا الرأي كما يري المؤلف هذا الرأي مثل " هير"، علي أن هيوم ينكر إمكانية الاستدلال، أعني عدم إمكانية استدلال " الينبغية" من " الكائنية" ومن ثم الفصل بين القيمة والواقعة والتمييز بينهما هو دليل يعتمد علي فقرة واحدة ذائعة الصيت في كتابات فلاسفة الأخلاق المعاصرين، وهي الفقرة الأخيرة في القسم الذي جعل "هيوم" عنوانه " التمييزات الأخلاقية غير المستمدة من العقل"، وهو الموجود في الكتاب الثالث من الرسالة (60) .

وهذه الفقرة تؤكد وبوضوح كما يري المؤلف علي أن "ينبغي" و" لا ينبغي" علاقة مختلفة ومتميزة عن علاقة "يكون" و" لا يكون"، وأن استقدام العلاقة الأولي في المذاهب الأخلاقية يقتضينا ملاحظته وتفسيره؛ ولكننا لا نستطيع كما يؤكد المؤلف علي هذا وحده أن نستنتج أن " هيوم" يقيم فصلاً منطقياً بين "الينبغية" و" الكائنية" لأننا لو افترضنا هذا فسيكون افتراضنا كما يقول المؤلف مساوياً لأن نفترض أن هيوم عند هذه النقطة في الرسالة يقيم تمييزاً من شأنه تدمير برنامج الجزء المتبقي من الكتاب الثاني وكل الكتاب الثالث ويقضي عليه (61) .... وللحديث بقية..

 

أ.د محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – بجامعة أسيوط.

................

36- محمد محمد مدين: المصدر نفسه، ص 41.

37- المصدر نفسه، ص42.

38- المصدر نفسه، ص45.

39- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

40- المصدر نفسه، ص48.

41- المصدر نفسه، ص50.

42- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

43- المصدر نفسه، ص51.

44- المصدر نفسه، ص57.

45- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

46- المصدر نفسه، ص 58.

47- المصدر نفسه، ص ص 59-60.

48- المصدر نفسه، ص 65.

49- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

50- المصدر نفسه، ص69.

51- المصدر نفسه، ص 75

52- المصدر نفسه، ص 76.

53- المصدر نفسه، ص 86.

54- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

55- المصدر نفسه، ص 87

56- المصدر نفسه، ص 88.

57- المصدر نفسه، ص 99.

58- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

59- المصدر نفسه، ص 100.

60- المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

61- المصدر نفسه، ص 103.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم