صحيفة المثقف

أحمد عزت سليم: المزاعم التلفيقية الصهيونية

احمد عزت سليمالدولة الصهيونية سند العرش الإلهي على الأرض

يشكل الثبات التلفيقى للدولة الصهيونية الإجرامية ومزاعمها الآلية المضمونية  التى تتحرك على امتداد الزمن والمساحة الجغرافية والكونية نافية بذلك طبيعة الحركة الإنسانية والكونية من امتداد وتفاعل وتواصل أوانفكاك وصراع ، باطنى وظاهرى، وأن الثبات مؤقت وعابر ونسبى، وأن الحركة مطلقة لا يحدها حد ولا يوقفها عامل، ولكنها مع الزعم اليهودى تجرى بإرادته وتنطلق منها، فقد أوقف يوشع الشمس والقمر، وأصبحت اللحظة اليهودية كما يتوهم حقيقة سرمدية قد خلق من أجلها الأجنبي(الأغيار) على هيئة إنسان ليخدم أنبياؤها، أفراد القبيلة الذهبية، حيث لا تقبل هذه الحقيقة المزعومة إلا من شعبها المختار فقط، أى من القلة وليس المجموع ولا من الكثرة (الأغيار) كما هو متعارف عليه، بل وعلى هذه الكثرة التسليم والانخضاع لهذه الحقيقة العنصرية الإلهية لحلول الإله فيها بذاته وفى أفرادها فى اتساق ووحدة داخلية ثابتة تبدو وهمياً وظاهرياً كذلك، فى حين تجمع فى باطنها كل تناقضات الواقع وتناقضات عناصره الميتافيزيقية بما تثيره من مزاعم مفترضة لا مبرهنة، وبما تثيره من عنصرية مقيتة تقوم على النص الدينى بمستوياته المتراكمة والمتنوعة باعتباره قومية خالصة تجمع بين العنصر واللون والنوع والعقيدة والأصل والوطن والأصل الاجتماعى، فتنهض كل هذه العوامل شاخصة فى وحدانية ذاتها، فالأسود اليهودى حلت فيه روح الإله بينما الأسود من الأغيار انخلق من الروح النجسة لخدمته، وهكذا تسير للأمور مع كل العناصر السابقة، وكما يوضح الحاخام راشى: أنه من العدل أن يقتل اليهودى الأجنبي لأنه عندما يسفك دماء هذا الأجنبي فإنه يقرب قرباناً إلى الإله، وإذا لم يقتل الأجنبي فإنه يخالف الطبيعة . هكذا يصبح اللون والعنصر والنوع (ذكراً وأنثى) والعقيدة والأصل والوطن والأصل الاجتماعى تحت سيف الإله اليهودى الذى حل فى شعبه المقدس الذى اختاره لنفسه إلهاً، ويصير مصيرهم عبر الزمن محكوم عليه فى نهايته بالحكم الدموى، فالوجود من أجل الوجود اليهودى النهائى المسيانى لهذه الجماعة المزعومة كجماعة فريدة مقدسة سوف تسود العالم عند نهايته  .

هكذا يتم إرجاع العينى الملموس إلى الماورائى الذى ترجع إليه العلة والبرهان ويرجع إليه الكمال والتمام، وإلا فالحكم الدموى هو مصير الأغيار المحتوم، لأنهم يسيرون نحو النقصان بينما اليهودى هو الإنسان الكامل التام الذى يتأكد تمامه ليس بنقصان الآخر فحسب ولكن بفضيلة التخلص منه وإيداعه نهايته الحتمية وصولاً إلى حتمية حكمه المسيانى، ولذا تسير حرية الأغيار وحركتهم منذ قيامها إلى نهايتها إلى قدرها المحتوم بوصول اليهودى إلى النهاية التى يحكم فيها العالم، فرب الجنود يطرد " هؤلاء الشعوب من أمامك ويدفع ملوكهم إلى يدك لتمحو اسمهم من تحت السماء ... ويبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعاً كما كلمك الرب "

ويقول الحاخام جيتسبرج: إن قتل اليهود لغير اليهود لا يعتبر جريمة تبعاً للديانة اليهودية، وأن قتل العرب الأبرياء بغرض الانتقام يعتبر فضيلة يهودية (1) كما أعلن الحاخام يوسف عن أن اليهود لديهم واجب دينى يتمثل فى طرد جميع المسيحيين من دولة إسرائيل " (2) وجاء فى التلمود الجحيم أوسع من النعيم ستين مرة لأن الذين لا يغسلون سوى أيديهم وأرجلهم كالمسلمين والذين لا يختتنون كالمسيحيين الذين يحركون أصابعهم (يفعلون إشارة الصليب) يبقون هناك خالدين " (3) وذكر فى التلمود أنه " إذا مات أحد الجدود مثلاً تخرج روحه وتشغل أجسام نسله حديثى الولادة ... وأن هذا التناسخ قد فعله الرب رحمة باليهود لأنه أراد أن يكون لكل يهودى نصيب فى الحياة الابدية. (4)، ويعتقد اليهودى ما سطره لهم حاخاماتهم من أن اليهودى جزء من الرب كما أن الابن جزء من أبيه وأنه لو لم يخلق اليهود لانعدمت البركة فى الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن باقى المخلوقات أن تعيش (5) .

صيرورة العالم ـ إذن ـ  من صيرورة اليهودى وهذه الصيرورة المزعومة قد صارت من قبل الوجود مطلقاً لا تتأثر بأية أحداث على الأرض مهما كانت فهى ثابتة  راسخة لا تتغير ولا تتحول ولا تتبدل، مستقلة لا ترتهن بالآخر، خالية من أية تناقضات متفردة- عنصرية، تدرك ذاتها بذاتها الإلهية وتدرك نفسها المتعالية بإدراك تدنى الآخر الملعون المدنس " حيث نطفة غير اليهودى هى كنطفة باقى الحيوانات "(6) ، وذلك فى مقابل نطفة اليهودى المقدسة التى تؤدى إلى ذات اليهودى المقدسة المنبعثة منها الأفعال المقدسة كمصدر أولي وإلهي لها مهما كانت دموية، فكما قال الحاخام أرئيل وهو يرثى على حد زعمه - الشهيد المقدس باروخ جولد شتاين الذى ارتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994- والذى أصبح بفعلته الإجرامية شفيع إسرائيل فى الفردوس، وكما يرى أن اليهود يرثون الأرض ليس فقط من خلال معاهدة سلام ولكن فقط من خلال إراقة الدماء، وحياه الحاخام دوف ليور لأنه طهر اسم الإله المقدس، وأن أرواح غير اليهود تأتى من الجانب المؤنث من الكرة الشيطانية، ولهذا السبب  فإن أرواح غير اليهودى شر، وليست خيراً، وخلقت دون علم إلهى" – يقصد بمعرفة الشيطان، كما أن قوة الفيض، تبارك اسمه شاء أن يكون هذا الشعب على هذه الأرض يجسد جوانب الفيض الإلهى الأربعة، وهذا الشعب هو الشعب اليهودى الذين اختيروا لكى يجمعوا  معا العوالم الإلهية الأربعة هناك على الأرض " (7) .

لقد نقل الإله عن داود الخطيئة، وأمات الطفل الوليد وأطلقت القبالاة على الوليد الحية، كالحية التى يصارعها الإله، ومن ثم نقلت الخطيئة عن كل اليهود بقتل داود نتاج الخطيئة / الحية، وبالتالى  فمهما كانت الممارسات التى يمارسها الشعب الكهنة أو كهنة مملكة الأنبياء، داعرة أو فاسقة أو فاسدة أو شاذة أو منفضحة أخلاقياً أو تخريبية وإرهابية أو تمتهن كرامة الأغيار العبيد فهى فى نهايتها ونتائجها واجبة الحدوث والوجود كوجود اليهودى فى العالم، وكما فسر الحاخام اللوبوفيتشرى فى تفسيراته القبالية أن الخلق بأكمله (لغير اليهود) يوجد فقط من أجل اليهود ولذلك كله فهذه الممارسات مبررة لوجوده ذاته حتى يتقدس ويعلو، فالروح اليهودية تنبع من القداسة، والروح غير اليهودية تأتى من ثلاث دوائر شيطانية وأجسادها لا احترم لها وروح الجنين غير اليهودى تختلف عن روح الجنين اليهودى (8) كما وضح التلمود وبين، وقد خلق الرب ستمائة ألف روح يهودية كما جاء فيه لأن كل فقرة من التوراة لها ستمائة ألف تأويل وكل تأويل يختص بروح من هذه الأرواح، وفى كل يوم سبت تتجدد عند كل يهودى روح جديدة على روحه الأصلية وهى التى تعطيه الشهية الأكل والشرب (9)، هكذا أرواح اليهود لها تجدد مقدس وديمومة مقدسة.

ولكن الأمر لا يتوقف عند هذه المزاعم فاليهودى فوق المقدس ذاته والإله يندم من أجله بل لم يعد الإله جلد على اللعب والرقص بعد هدم الهيكل واعترف بخطيئته وندمه على ما فعله، واعتبر أنه ارتكب خطيئة ثقيلة وهذه الخطيئة أنهكت ضميره الحى حتى أنه قد خصص ثلاثة أرباع الليل للبكاء والندم، وكان إذا بكى سقطت من عينيه دمعتان فى البحر تسبب اضطراب الحياة وارتجاف الأرض وتنجم عن سقوطها الزلازل، هكذا يدفع غير اليهود ثمن خطيئة الرب، فترجف الأرض وتتوالى الزلازل التى تهلكهم ثم أن الرب يصرخ على خطيئته فى حق اليهود قائلاً: الويل لى ... الويل لى .. والويل للذى يمجد  أبناءه .. الذى قضى عليهم بالتشريد .. لأنه يصبح غير أهل لذلك "  كما أن قرارات الحاخامات فوق قرارات الإله إذا تعارضت معه، فالإله لا يساوى اليهودى ولكن اليهودى يفوقه ويسأله ويلومه ولا يثق فيه ولا يصدقه، حتى أن الإله المستمر فى الخضوع لهم يتساءل " حتى متى لا يصدقوننى " .

ولأنهم اختياره ـ وللاختيار عبء ـ  فقد جعلهم " مملكة كهنة، وأمة  مقدسة " وأصبحت الدولة الصهيونية هى سند العرش الإلهي على الأرض، ويقول الحاخام جيتسبرج فى مقال نشره عام 1996 بجريدة الأسبوع اليهودى بنيويورك: إذا شاهدت شخصين يشرفان على الغرق أحدهما يهودى والآخر غير يهودى، فإن التوراة تقول يجب عليك أن تنقذ اليهودى أولاً، وأضاف قائلا: إذا كانت كل خلية بسيطة فى جسد اليهودى تحتوى على ألوهيته فهى جزء من الرب وبذلك فإن كل ضرب من ضروب الحمض النووى الأميني DNA  هو جزء من الرب، ولهذا فإن هناك شيئا ما مميزاً فى الأحماض النووية الأمينية اليهودية، وتساءل قائلا: إذا كان هناك يهودى يحتاج إلى كبد فهل يمكنك أن تأخذ كبد شخص غير يهودى برئ يمر بالصدفة من أجل إنقاذه ؟ إن التوراة تجيز لك ذلك فالحياة اليهودية لا تقدر بثمن .. إن هناك شيئاً ما أكثر قداسة وتفردا بشأن الحياة اليهودية أكثر من الحياة غير اليهودية " (10) وجاء فى تلمود أورشليم (ص94) أن النطفة المخلوق منها باقى الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية " نطفة حصان ".  وهذا التعارض المزعوم بين الآخر الملوث الملعون المدنس وبين هذا اليهودى المقدس هو تعارض بين عالمين غير متجانسين وغير متقابلين وبشكل جذرى فالآخر المدنس لا يأكل الكوشير ولذا فالتعامل  معهم " يخرب الأرواح اليهودية ويحرمها من دخول الجنة "  فهو ليس إنساناً "، فهو يقتل مع خرافه وأبقاره حتى لو كان من الأخيار، وأطفاله الرضع مع رضع الحمير والبهائم، ولا نصيب لهم سوى البكاء لما فيه من الظلام والعفونة والطين " (11) ومن هنا لابد من الامتناع عن أية علاقة مع الأشياء النجسة قد تنشأ مع الأطهار البررة المقدسين الذى حل فيهم الإله والذين يمتلكون الشريعة ويستحقون أن ينخضع العالم لهم فسلطتهم هى سلطة من حل فيهم، وهم مع امتلاكهم الشريعة الحقة قد أصبحت سلطتهم أبدية سرمدية، هى ذاتها أبدية الإله والشريعة، وهذه الأزلية والأبدية جعلت" أنوف اليهود لا يمكن إصلاحها وشعر اليهودالأسود، المتموج، لا يمكن أن يصبح أشقراً ولا يمكن فرد تجاعيده بالتمشيط المستمر، والجنس اليهودى من الأجناس الأولى للبشرية التى حافظت على سلامتها، برغم التغير المستمر فى مناخ بيئتها، واحتفظ النوع بنقائه عبر القرون " (12) كما يرى موسى هس .

 

بقلم:ــ أحمد عزت سليم

عضو إتحاد كتاب مصر

...................

المراجع:

1 ـ إسرائيل شاحاك، نورتون ميزفينسكى: الأصولية اليهودية فى إسرائيل، ترجمة ناصرعفيفى، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة ، الطبعة الأولى 2004، ج2، ص 110 .

2 ـ نفسه ص 67 .

3 ـ عبد العظيم إبراهيم المطعنى، المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود، مكتبة وهبة، القاهرة، ص33.

4 ـ نفسه ص 32 .

5  ـ نفسه ص 36 .

6 ـ نفسه ص 36 .

7 ـ الأصولية اليهودية، ج2، ص 42 .

8 ـ نفسه ص 45 .

9 ـ المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود، ص 31 .

10 ـ الأصولية اليهودية، ج2، ص 49 .

11 ـ  المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود، ص 33 .

12 ـ هنرى فورد،  اليهودى العالمى، المملكة اليهودية .. نظرة أمريكية، ترجمة بدر الرفاعى، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة ، الطبعة الأولى2003، ج 2، ص24 .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم