صحيفة المثقف

حمزة بلحاج صالح: تقي الدين ابن تيمية أكبر من التيار السلفي.. منظور مختلف

حمزة بلحاج صالحأقوم الان بالحفر العميق والمتأني في بيئة ابن تيمية ونشأته ودراسته ومساره العلمي وتاليفه وكتبه وسلمه وحربه وسجنه وحريته...

بين يدي نحو خمس مراجع تاركا المصادر الأساسية التي تتعلق بتاليفه لاحقا أو خلال مسار البحث اللاحق منها ما هو أمامي ومنها ما أعود اليه ...

أقرأ كتاب محمد أبو زهرة حول ابن تيمية وهو كتاب مختصر دقيق وثمين وشيق ...

وقفت على معلومات هامة لفتت انتباهي ...

عائلة تقي الدين ابن تيمية كانت عائلة علم ديني تعرف بعائلة ابن تيمية وولد في661 هجري بحران مهد الفلسفة وو الصابئة من قديم ....

لما هاجم التتار المدينة حران وهو في السابعة من عمره تركت عائلته حران فارة حاملة ما استطاعت من تاليف وكتب العلم لابيه وعائلته وجميعهم علماء...

شاهد ابن تيمية اعتداء التتار وظلمهم المسلط على عائلته في حران وخلال الإنتقال والفرار إلى دمشق ومشقة الرحيل...رسخت تلك في ذاكرته...

بقي يكافح قتالا التتار في دمشق كلما وجدهم حيث يعتبرهم بغاة رغم اعتناقهم الاسلام ...

و هي شدة وحدة نادرة وغريبة خاصة وأن القوم اعتنقوا الإسلام وأصبحوا طائفة من طوائفه...

لا يعرف في التاريخ لوالد وأم ابن تيمية تاريخا ولا لعائلته أنهم ينتسبون لقبائل العرب ولعله كما يقول محمد ابو زهرة كردي الاصل...

ترى هل ابحث في التراث بحث من يمكثون به ويلتصقون على مساحاته غير مميزين بين المظلم منه والمنير وما يجب ان يستخلص ويحين وما يجب ان يهمل ...

كلا ..كلا ...

إنني أجمع مؤشرات هامة تتعلق بنسبه بكرهه للتار رغم اعتناقهم الإسلام وقتاله لهم وبحدته وشدته وبعائلته التي كانت صاحبة تاليف وكتب تنسب الى جده وهو صاحب كتب في الفقه الحنبلي ومن أئمته وله كتاب موسوم " المنتقى في الأحكام " ( وهذا مهم جدا) ..

كما أن والد ابن تيمية شهاب الدين كان له كرسي للدراسة والتعليم والوعظ والارشاد بجامع دمشق الاعظم وتولى مشيخة دار الحديث السكرية وبها كان سكنه وتربى ولده تقي الدين ...

و عمه فخر الدين كان خطيبا وعالما ومفسرا له تفسيرللقران وقد تخرج على ابن الجوزي وخلفه في التدريس...الخ

الخلاصة

أولا / نزعته الحادة التكفيرية القتالية للمسلمين

إذا كان ابن تيمية صاحب حدة وشدة بلغت حد استباحة دم التتار وقتالهم (وهذا مؤشر سأتوسع فيه واعمق فيه البحث لتبقى هذه الملاحظات فقط مثالا عابرا عرضته عليكم) ...

إذا كان ذلك قد صح فهذا يعني أن نزعة ابن تيمية التكفيرية ومقاتلة المسلمين لبغيهم هي نزعة اصيلة وتبرر فتاواه وما جاء في كتبه تبعا لذلك السياق طبعا ...

حيث لا يمكن احالتها الى دس في كتبه خلال الطبع ربما بما عرف عن النساخ واهل الطباعة من تحريف وتدليس ودس لحاجات في نفس يعقوب منها دس الغريب العجيب لبيع كتبهم...

لكنني سأبقي على احتمال الدس وتزوير الوقائع التاريخية التي سردتها وسأبحث فيما أورده الشيخ ابو زهرة من حادثة مقاتلة التتار لأقف على الرواية ومختلف رواتها والإطار الذي جاءت فيه وطبيعة تلك البيئة وما عرفت به من صراعات سياسية وأيديولوجية لها أيضا نصيبها إن ثبت وجودها وتأثيرها...

ثانيا / قيام امكانيات اختلاط كتبه بكتب عائلته منهم أبوه وعمه وجده او غيرهم وغموض نسبه...

لم ينسب تقي الدين ابن تيمية ولا أبوه ولا جده ولا عمه ولا عائلته الى قبيلة من القبائل العربية وليس هذا من عادات العرب ...

وتم الاكتفاء بتسمية وذكر عائلته بما عرفت به من لقب هو " عائلة ابن تيمية " ويقال " الحراني " نسبة الى حران موطنه الأم...

و هنا تساؤل هام لم عرف تقي الدين بالحراني ..أليس كافيا لقب العائلة التي عرفت بابن تيمية ..هل يوجد غيره من الكتاب من غير حران عرف بابن تيمية فخشي الإلتباس فأضيف نسبه الى حران وهو ما لم يحصل مع عائلته وحصل مع تقي الدين كما أظن (ولا زلت ابحث لعل عائلته ايضا عرفت بهذا النسب وعندها يبقى دائما التساؤل ليعمم على العائلة كلها) ثم تواصل النسب لكن بالدمشقي لما انتقل الى دمشق تماما كما عرف ابن كثير بالدمشقي ولعل الامر لا يعدو انه متعلق بالموطن وتعود عليه العرب وطلاب العلم القادمون من مختلف الجهات...

حتى ذهب بعض من تناول تاريخه وسيرته ومنهم محمد أبو زهرة نظرا لنزعته الحادة الشديدة الى رد نسبه الى الاكراد أبا وأما ...

فقد عرف الاكراد بمواقفهم الشديدة والحادة عموما وتخصيصا ضد الصليبيين ودفاعهم عن الاسلام والمسلمين في القرنين السادس والسابع الهجري...

ثالثا / وجوب الاطلاع والدراسة واخضاع النصوص الى فحص نقدي للوثائق المخطوطة والمطبوعة نقدا لغويا تقنيا أسلوبيا موضوعاتيا وبلاغيا ولفظيا وفقهيا لكتابات عائلته وكتاباته هو فكلهم يعرفون بابن تيمية ويعرف الواحد منهم بالحراني أو كلهم (للتحقيق) من أهل التأليف...

رابعا / تفكيك وتحليل مناخ الكتابة والسياق السياسي والصراعات الأيديولوجية والسياسية وبنية السلطة وموقف ابن تيمية منها في كل مراحل التأليف قربا وبعدا نزاعا وو وئاما في علاقة ابن تيمية وعائلته من السلطة الحاكمة...

خامسا / حران كانت مهد الفلسفة والفلاسفة والصابئة والصابئين..

ترى ما مدى تأثير ذلك المناخ ومدى السجال والجدال والاسئلة المطروحة انذاك وموضوعانها وطبيعة السجال الدائر الذي عرف انذاك وحظ عائلة ابن تيمية منه لأن تقي الدين ابن تيمية الطفل كان صغيرا دون السابعة من عمره.. وما مدى تأثر ابن تيمية لاحقا به....

سادسا / كان جده من أئمة الفقه الحنبلي وأبوه عالما شهيرا وهذا مؤشر دال ترى كيف كان عرضه للفقه ومختلف موضوعاته....

وكيف كانت وضعية المذهب الحنبلي يومذاك وعلاقته بالسلطة والخارطة المذهبية الفقهية والسياسية والأيديولوجية في مختلف المراحل بحران ودمشق خاصة ... " (يتبع)

 

حمزة بلحاج صالح

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم