صحيفة المثقف

صادق السامرائي: نقد الظاهرة والفكرة!!

صادق السامرائيالنقد أن تضع الأمور في مواضعها وتصقل جوهرها، ويتناول ظاهرة أو فكرة، ولا يعنيه الشخص أو العامل الفاعل فيها، فالمهم التناول والإستظهار البرهاني الأمين للمحتويات والكوامن الموضوعة تحت أضواء النقد.

ونقد الظواهر بأنواعها نشاط فكري معرفي بحاجة لبحث ودراسة وإطلاع، وصبر ومثابرة وتحليل وتفسير وإقران ومقارنة، وإستخلاص لمكنوناتها والعوامل الفاعلة فيها، وكيفيات توجيهها لتتخذ مسارا إيجابيا مساهما في صناعة الأفضل.

وهكذا نقد يكاد يكون نادرا، فمعظم الكتابات عندما تتصدى لظاهرة ما، تبحث في مسوغاتها وتبرر ترسيخها، ولا تشرحها بمنطقية وعلمية وقدرة على وضع مناهج إصلاحية وشفائية منها.

وعلى هذا درجت الكتابات الإجتماعية والفكرية، فلا تعالجها ولا تساهم في الخلاص منها  أو تجاوزها، وبسبب ذلك تراكمت المعضلات وتعقدت.

أما نقد الفكرة فأنه من النشاطات الشاقة الضارة بالناقد، فالذي أطلق الفكرة أو كتب عنها، لا يفصلها عن أناه، ويحسبها تمثله، وأي إقتراب منها يزعزع كيانه وأمانه، فينطلق بوجه الناقد بعصبية وإنفعالية عدوانية دفاعية تبريرية إنكارية إسقاطية، حتى ليرى الناقد عدوه اللدود، فتجد العديد من النقاد إنكمشوا، وإبتعدوا عن التفاعل مع أي فكرة مهما كانت سقيمة أو سليمة.

فالواحد منا يريد مدحا، وهي من أعجب النوازع الفاعلة في سلوكنا، ومستهجنة وممقوتة في مجتمعات الدنيا، ولا يُعرف لماذا الجوع للمديح، فالنقد العلمي المنهجي يُحسب قدحا وهجاءً وعدوانا.

وتجد النقاد في حيرة ورقود، فلا يرغبون بالتحول إلى أهداف للعدوان، وبغياب مساهمات النقّاد وتفاعلاتهم مع المنشور، فالثقافة العامة في هبوط وخمول، والمعرفة بأنواعها أصابها السقم والوجيع، فما عاد في ديارنا إبداع مفيد، وتجدنا مرهونين بحالات  إمتلكت المكان والزمان وتأبّدت في وعي الأجيال، وذلك إعلان موت حضاري يسري في أرجاء أمة عليها أن تكون!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم