شهادات ومذكرات

القائد الذي لا يُعوض ابدا

emad aliكما عاصرته وتعايشت معه لمدة معينة وكنت معه في السراء والضراء في تلك المرحلة، ايام الثورة والانتفاضة والسلم وبناء ما نحن نعيش فيه، كان مثالا للانسان المثقف الواعي يمكن تحديد صفاته وهو يتميز بخصلاته المتكاملة جراء تجاربه الحياتية وثقافته العالية وسيرته ومنهاجه وعقليته ونظرته الى الحياة .

لا اكون مبالغا في امره لو ذكرت كل ما اتسم به بالدقة، انه كان صادقا مع الجميع ولو كان لا يريد ان يقول شيئا او يعبر عنه لا يفصح عن رايه في اسوء الاحوال ولا يكذب وحتى الابيض منه، وان كان لصالح القضية باكملها وناقشته في هذا كثيرا واقنعني بان الكذب الابيض جزء من الكذب ولا افرض انا رايي ما اؤمن وان ادى الكذب الابيض الى نجاة انسان فانه ربما يؤدي الى التضرر بالقضية والمسالة على العموم من جهة اخرى، ويمكن المبالغة بعيدا عن اي الكذب لما يمكن ان يفيد الجمع او مسالة دون المساس بالمباديء الاساسية .

كان وفيا بكل معنى الكلمة لقضيته وما يناضل من اجله كفكر وفلسفة وعقيدة، وكان ملتزما بنظرته الى الحياة وهو علماني حتى النخاع، كما كان سلوكه مع اصدقاءه ورفاقه الذين اعتبروه قائدا زاهدا يتصف بالعصامية والمثالية من كافة النواحي، فكان من الذين لا يوعد احدا الا بصعوبة تامة وان وعد كان لا يخلف كما عُرف عنه واقعيا وله قصص في ما كان يمكن ان يهلكه عند وفاءه لعهده ووعده اثناء الثورة الكوردستانية (ويكفي ان نقول في اوج الصراع والحرب وقوة حكم البعث والدكتاتورية نزل من الجبل سرا وسافر الى بغداد عاصمة الجبروت لوفاء بعهد قطعه على نفسه لام اسير من العدو) وهذا لا يمكن ان نسمع به في انقى واصفى ثورات العالم .

لم نر منه يوما وجها متجهما، ونساله عن السبب فانه كان يترك المكان ان لم يعجبه ما يجري دون اي معارضة او نقاش، كان حليما بكل ما يتصرف، لم اراه يغضب الا بعد ان يتاكد من الظلم ويقرر بعد نقاش مع المعنيين حول قضية ما، ويحزن مع غضبه، كل ما كان يتكلم به بكلمات نظيفة دون اية فاحشة في القول والفعل . ان ما يستحق القول انه كان يتكلم عن السؤء بسرية تامة ولا يجهر كي لا يخدش كرامة وشخصية احد وعن التاكيد من مَن له الصلة بالمسالة قبل غيره، كان دائما يثبت للحسن والجميل وليس المنكر . وعلى العكس من الامور الاخرى كان دائما يجهر للحق ويعلنه بصوته الجهوري العالي ولم يخاف من اي عاقبة لم تكن لصالحه ولا يلتفت للومة احد . كان عفيفا وجميلا وعالي النفس كريم ويضع كرامته فوق اية غاية شخصية ولم نر منه يوما طلبا شخصيا لمصلحة خاصة وكان يتكلم عن اية حاجة جمعا وان لم يكن في حاجة اليها، كان حقا اول المضحين في كافة الامور واخر ما ينتظر ان يُعطى له ، وكان غايته واضحة صريحة فيما يقول دون مقدمات واي تشويش على المطلوب.

حسب قناعته باي موضوع كان ينصف اصحاب الحق بقدر ما كان لديه من السلطة، ويصرح دائما؛ ان هناك شيء حسن في مضمون كل سيء ولا يمكن ان يكون هناك سيء في لب اي حسن، وانا عتقد البعض وناقشوه في هذا على عكسه، وقالوا؛ انة هناك شيء سيء في صميم كل حسن على عكس قناعاته هو، ولم يقتنع. في العمليات العسكرية كانت ام النقاشات والامور النظرية الثقافية، كان ياخذ الطرق السليمة للوصول الى الغاية في التعلم والتعليم وايصال الافضل الى الاخر. واهم صفاته انه كان يعفو بسرعة ويصفح عن من اذاه او حتى غدر به يوما والجميع لاحظوا انه ينسى السيء والسلوك غير المعقول يحدث له، ولا ينسى ما يحدث لغيره او شيء لم يقتنع به في داخله يبدر منه يوما، ويوضحه مهما تاخر في الامر، وعاش محبوبا للجميع، يا للاسفاه، الا ان غدر به طلقة صديق خطئا عند اداء الواجب وكان نكسة لكل من عايشه وعرفه للحظة .

هذا نموذج للمقاتل الكوردي البيشمركة المثقف الذي لم يتحمل غدر الدكتاتورية وظلمه في المدن والقصبات في العراق وتوجه جبلا واصبح من العصاة كما عرٌف نفسه ساخرا من التنعيت الذي اطلقه الدكتاتور العراقي على البيشمركة في وقته . وكان يقول لو كان النضال السلمي بالقلم والمحاضرة والنصح متاحا لي في المدن لم اتوجه يوما الى الجبل والثورة العسكرية . ولكنه كان في النضال العسكري اجرأ الجميع ايضا، فقال لا اؤمن بهذا، ولكن هذه الوسيلة الوحيدة التي اضطررنا لاختيارها، وتحدث كثيرا عن فترة دراسته الجامعية ودوره في التنظيم والتثقيف والتنوير، فتكلم عنه اصدقاء الجامعة وعرفوه كما هو منذ نعومة اظافره، كان علمانيا نظرته وفكره وسلوكه وتعامله مع الحياة وما فيها، وما احوجنا لامثاله الى جانب ما عندنا من الملايين من الموجودين من المخربين الحقيقيين للعقل والسلوك والسمات الانسان في العراق الان، وما يجري على ايدي من لم يتسم بنسبة قليلة من صفات الاخ القائد المناضل العفيف العصامي، نتيجة سيطرة الاسلام السياسي وطرق ادائهم للواجب الديني الملقاة على عاتقهم وتحقيق اهدافهم المشوهة للحياة العامة قبل الخاصة . فنحن بحاجة ماسة الى عدد معين من هؤلاء لينوروا الطريق بكلامهم وافعالهم وتجربة حياتهم امام الشعب لازالة هذا الفساد من كافة النواحي من الحياة العامة للشعب ، انه دكتؤر شاسوار.

في المثقف اليوم