قضايا

محمود محمد علي: الإنترنت المظلم وفلسفة الابتزاز الجنسي (2)

محمود محمد عليشهدت الفترة الأخيرة حالة من الجدل بعد أن أنهت فتاة حياتها بمنطقة الهرم، لابتزاز شخص لها عبر "فيس بوك"، إذ طلب الشاب من الفتاة إرسال صورا عارية لها، إلا أنها رفضت طلبه، وعلى إثر ذلك هددها بإبلاغ أهلها بأنه يمتلك صورًا جنسية لها، ما دفع الفتاة على إنهاء حياتها خوفًا من الفضيحة.

ولا ننسي كيف أثارت قضية بسنت التي تبلغ 16 عاما جدلا واسعا بعد تعرضها للابتزاز الجنسي بتركيب صور لها لا تخصها من قبل شباب ساهموا أيضا في نشرها، الأمر الذي أودى بالفتاة إلى الاكتئاب والانتحار في نهاية المطاف بعد ترك رسالة مؤثرة.

ولا شك في أن عدم وجود وعي كاف وثقافة معاصرة تواكب وتسلط الضوء على خطورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي اقتحمت حياتنا وخصوصياتنا بشكل فجائي ودون سابق انذار كان سبباً رئيسياً في انتشار هذه الظاهرة، حتى إننا لا نبالغ إذا قلنا بأنها هذه الوسائل أصبحت اليوم تحتل شيئا فشيئا محل وسائل الإعلام (تلفزيون وراديو وصحف ..الخ..).. فسهولة ارتكاب الجريمة هنا وبساطتها من استخدام أسماء وهمية أو حسابات الكترونية مزورة تساعد في ازدياد عدد الجرائم دون أن يدرك فاعلها العواقب الوخيمة التي تترتب على ارتكابه للجرم ، وهذا يحتم على الجهات الرقابية والتربوية نشر الوعي وثقافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ولا بأس من قيام وزارة التربية من تخصيص مادة تعنى بتوعية الأطفال وتوجهيهم للاستخدام الآمن لتلك المواقع إسوة بنشر الثقافة المرورية.

والسؤال الآن: كيف يقوم المحتال بإبتزازك إلكترونيا؟

بلا شك المجرم غايته وهدفه اشياء كثيرة واهمها المال والجنس وهذه اولويته إما ان كان لا يريد ذلك فهو يبحث عن شيء خاص بك كأن يخرب حياتك أو يفصلك عن شريكك أو يدمر أعمالك بطرق كثيرة وسهلة أن وقت بيد مجرم محترف في الابتزاز الالكتروني، وغالبا ما يقوم المجرمون بهذه الأعمال لابتزازك إلكترونيا

1- يحاول أن يسرق حساباتك الخاصة في المواقع كإرسال لك روابط تصيد احتيالي أو يرسل لك ملفات يطلب منك تحميلها.

2- يثير فضولك ويرسلك إلى مواقع تجهلها ويطلب منك ملئ معلومات خاصة حيث يقدم لك أشياء تحلم بان تتقمصها كأن يقول لك ( سأجعلك تخترق حسابات اصدقائك وتشاهدهم على الكاميرا من غير أن يعلموا ).

3- يحاول جاهدا أن يحصل على صورك أو مقاطع خاصة بك أو أن يتراسل ويتبادل الملفات بينك وبينه.

4- يطلب منك التحدث على سكايب وإذ بانه يفتح الكاميرا فورا والشخص الموجود يوهمك أنه هو الشخص الحقيقي وما هو إلا عبارة عن تسجيل فيديو سابق.

5- يعرض إجزاء من جسمه دون أن تطلب منه ذلك ليطلب منك أن تعرض جسمك أنت ايضا.

6- يجمع اكبر قدر من معلوماتك وحسابات اصدقائك وارقامهم وعناوينهم ايضا.

هذه أغلب الأمور التي يقوم بها المجرمون ليوقعوا بضحيتهم من أجل إبتزازهم جنسيا أو الكترونيا ثم يستخدم هذه المواد برفعها على يوتيوب أو على أي موقع اخر ليستفزك بها ويهينك ويبتزك.

والسؤال الآن: كيف تحمي نفسك من الابتزاز الإلكتروني؟

إن الأمر يحتاج فقط للوعي والمعرفة والثقافة الإلكترونية التي تمكنك من عدم الوقوع في فخ أحد المجرمين الذي يتصيدون المجني عليه عن طريق جهلهم ببعض الأمور البسيطة وتكاد تكون بسيطة جدا ، حيث إنك فقط تحتاج إلى أن تتحقق من بضعت أمور وعندما تتأكد من عدم صحتها يجب عليك فورا أن تبتعد عن اتخاذ أي إجراء من قبلك

أ- لا تتصفح المواقع الجنسية إلا إذا كنت تستخدم جهاز عام وغير خاص بك بحيث لا يحتوي على معلومات خاصة بك لان المواقع الجنسية غالبا ما يكون هدفها تتبعك وسرقة معلومات المتصفح الخاص بك ناهيك عن زرع برامج التجسس من غير علمك

ب- ابتعد تماما عن الفضول في الانترنت، وخاصة إن لم تكن محترف في التعامل مع المواقع الغير موثوقة كأن تجد رابط في بريدك أو في مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان فاضح أو مثيرة للفضول بشكل غريب ويطلب منك ادخل معلومات خاصة بك كتسجيل الدخول مجددا للبريد أو للحساب أو حتى احيانا لا يحتاج الأمر إلى إرسال بياناتك إذا كان منشئ رابط التصيد الاحتيالي محترف فيرسلك إلى رابط يقوم بتحميل ملفات بشكل تلقائي إلى جهازك.

جـ- لا تتراسل مع اشخاص لا تعرفهم نهائيا وحتى في الشات النصي وإن اطررت إلى ذلك تأكد منهم عن طريق الاتصال بهم على الهاتف أو بالتحدث إليهم عبر تطبيقات الهاتف المحمول التي تسجل أرقام هواتفهم والغاية أن تحصل على رقم هاتفه لتحمي نفسك به (تابع القراءة لتعرف كيف).

د- دائما وأبدا لا تستحي من طلب المساعدة من الاشخاص أو الاصدقاء المقربين قبل أن تخطو خطوة لا تثق بها، وخاصة أن كنت تعرف بعض هؤلاء الذين لديهم خبرة في استخدام وتصفح عالم الانترنت بمهارة.

هـ- لا تضع معلوماتك الشخصية نهائيا على أي موقع انترنت أو على أي حساب سواء للعمل أو لغيره إلا إذا كان لديك حسابات خاصة وحسابات وهمية لهذا الغرض.

م- يجب عليك أن لا تخاف أبدا من التحدث إلى أهلك أو أصدقاء في حال تعرضت لأي نوع من أنواع الإبتزاز أو الإهانة.

والسؤال الآن: ماذا تفعل إذا وقعت في فخ أحدهم وقام بتهديدك أو تعرضت للابتزاز الإلكتروني؟

أول شي تقوم به هو عدم التواصل مع هذا الشخص نهائيا مهما كان الامر مزعج لك، ..إغلاق جميع الحسابات التي قدمتها لهذا الشخص او يعرفها عنك.. اغلاق هاتفك فورا.. إخبار الأشخاص الذين تثق بهم عما حدث لك.. استعن باهلك ولا تخف أو تستحي إلا إذا كنت ترى أنه غير مجدي اخبارهم.. لا تجاري المجرم لانه شخص محترف جدا في احباطك وترهيبك وتخويفك ابتعد عنه فقط (افضل شيء ممكنه ان تفعله).. لا ترضخ لاي طلب يطلبه المبتز ابدا حتى لو هددك بأنه سيرسل بياناتك لشخص مثل زوجك أو أحد من اهلك.. لا ترسل له المال نهائيا لأنه لم ينهي ابتزازه لك وسوف يطلب منك مرارا وتكرارا وبشكل لا نهائي.. لا تصدق ولا كلمة يقولها مهما كانت لان المجرم غايته أن يروعك ليكسب منك المال او المزيد من الجنس.. إن كنت شاب أو فتاة قم باللجوء إلى صديق أو قريب تثق به ثقة عمياء تعرف انه واعي واطلب منه المساعدة في تقديم بلاغ للشرطة مباشرة.. لا تتصرف من تلقاء نفسك الا اذا كنت محترف في معرفة هوية المجرم.. ثق تماما انه لن يؤثر عليك بتاتا ما لم ترضخ لطلباته لذلك لا تعطي الامر اكثر من حجمه بحيث تفقد اعصابك او ينقط املك بالتخلص من هذه المصيبة.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى قد صدّق على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في عام 2018، الذي نص في مادته 25 على معاقبة من يعتدي على "المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو ينتهك حرمة الحياة الخاصة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه (3181 إلى 6363 دولاراً أميركياً)، أو بإحدى العقوبتين، وتشمل العقوبة كل من نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات أخباراً أو صوراً وما في حكمها تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة".

كما ينص القانون على معاقبة كل من "تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه بالحبس لمدة لا تقل عن عامين، ولا تجاوز 5 أعوام، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه (من 6363 إلى 19091 دولاراً) أو بإحدى العقوبتين".

ولم يتطرق قانون مكافحة جرائم المعلومات إلى جريمة التهديد والابتزاز الإلكتروني، لكن قانون العقوبات ينص على معاقبة من يهدد شخص بجريمة ضد النفس بالسجن مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوباً بطلب أموال، أما إذا كان مصحوباً بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7 سنوات.

وحول الدور التشريعي في مواجهة أزمة الابتزاز عبر الإنترنت، قال اليماني، "إن الفترة الماضية شهدت تشديد العقوبات، وهي كافية، وتعتبر انتصاراً للمرأة المصرية"، لكنه اعتبر "أن الحلقة المفقودة هي الدور المجتمعي في اتخاذ خطوات جريئة ضد المبتز، سواء بمحاولة الحل الودي، أو اللجوء إلى القانون"، واعتبر "أن أغلب أفراد المجتمع يستسهل لوم الضحية، التي تكون بدورها غير واعية بحقوقها، بينها أنها ليست كذلك في نظر القانون ولا تخضع للمساءلة، وعدم وجود أي احتمالية لفضيحة لمجرد تقدمها ببلاغ للشرطة، بل إن السلطات تكون حريصة على السرية في كافة الخطوات". ودعا المجتمع إلى "التعاون لصنع مساحة آمنة للجميع من خلال التوعية والتعليم لمحاربة السلوكيات السلبية".

 

الأستاذ الدكتور محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

.............................

المراجع

5- محمد عدلي: طرق الحماية من الابتزاز الإلكتروني وعقوبته بعد واقعة «فتاة الهرم».. مقال منشور  يوم الجمعة 15 أكتوبر 2021.. 06:52 م |.

6- محمد حسنين: «الابتزاز الإلكتروني».. ضحايا «نـزوات عاطفية» قد تصل عقوبة المبتز الي الحبس 7 سنوات.. مقال منشور يوم الثلاثاء، 20 يوليه 2021 - 09:50 م

7- على عبد الرحمن : الابتزاز الإلكترونى.. كيف يواجه المواطنون عصابات النصب الدولية؟.. مقال منشور يوم الجمعة، 20 يوليه 2018 02:30 ص.

8- عمر موسى : كيف تتصرف عند تعرضك للابتزاز الجنسي عبر الإنترنت؟.. مقال منشور بتاريخ 15-01-2022 | 14:00 .

9- أحمد فتحي: «مبادرة قاوم»: يصلنا أكثر من 300 رسالة تشكو من الابتزاز الجنسي يومياً.. مقال منشور يوم الثلاثاء، 04 يناير 2022 - 11:36 م.

 

 

في المثقف اليوم