قراءة في كتاب

أبو الحسن الجمال: ظاهرة التمييز في مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي

2891 خديجة محمدللباحثة خديجة محمد أحمد عبدالبارى

يعد التمييز العنصرى سواء التمييز العرقى، أو الدينى أو الطبقى من أصعب ما يتعرض له الإنسان، وذلك لأنه مبنى على الإعتقاد بوجود جماعة من الناس تنتمى وتتنتسب إلى أصل واحد أو عرق واحد، وهذا الأصل أو العرق له مميزات وصفات لا تتميز ولا تتصف بها الجماعات الأخرى، وهذه الصفات العرقية تعطى أفضلية إجتماعية، أو قانونية لمنتسبى هذه الجماعة على حساب غيرها..

وقد حرم الإسلام التمييز العرقي وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13).سورة الحجرات، وقال الرسول الكريم في حجة الوداع: "أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد.. كلكم لآدم وآدم من تراب، وأكرمكم عند الله اتقاكم" ورغم وجود هذه التعاليم التي تحث على المساواة والعدل وتكافؤ الفرص إلا أن هناك فترات خالف فيها المسلمون هذه التعاليم وسيطرت عليهم آفات الجاهلية ومنهم ظاهرة التمييز إلا أنها كانت أخف وطأة مما كان في أوربا في العصور الوسطى فأحوالنا في المشرق الإسلامي لا يقارن بهذه البقاع التي ران عليها الجهل والظلمات وتفشى الظلم والعسف واستعباد الناس..

وقد أحسنت الباحثة خديجة محمد أحمد عبد الباري حينما اختارت هذا الموضوع الحيوي في رسالتها للماجستير بعنوان " ظاهرة التمييز في مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي" التي حصلت عليها من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 2020، بإشراف الأستاذة الدكتورة سحر السيد عبد العزيز سالم، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ورئيس قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية -سابقاً- وتوصلت فيها الباحثة إلى نتائج باهرة.

وترجع أهمية اختيار الموضوع كما قالت الباحثة في المقدمة "إلى الرغبة فى تسليط الضوء على ظاهرة التمييز التى عانى منها المجتمع المصرى على مر العصور، فقد عانى المصريون كثيراً على أثر تلك الظاهرة سواء كان تمييز دينياً أو عرقياً أو طبقياً، حيث تسبب ذلك فى التغير الجِذرى فى البنية التحتية للمجتمع، ولا نستطيع أن ننكر استمرارية تلك الظاهرة حتى وقتنا هذا ولكن بشكل مختلف، وإنما أصبحت بشكل أكثر إستتاراً عن ذى قبل، فبينما جعل الله الناس سواسية دون تمييز بينهم على مختلف الأصعده والمجالات وهو ما أمر به الدين الإسلامى بل وجميع الأديان السماوية ولكن مع الاسف لم يطبق هذا على أرض الواقع، ولعل تلك الظاهر يندرج تحت طياتها الظاهرة المستحدثة حالياً وهى ظاهرة التنمر والتى يعانى منها الكثير ممن يعجزوا عن درء الأذى عن أنفسهم".

وقد شملت هذة الدراسة الفترة الزمنية منذ بداية العصر الفاطمي فى مصر، ولقد سلطت الضوء على ظاهرة التمييز فيه حيث بدأت الدولة بقوة وعنفوان بينما انتهى الأمر بخلفائها أن صاروا لا يملكون من أمرهم شيئاً، وصار كل زمام الحكم فى يد الوزراء وهو ما يسمى بالعصر الفاطمي الثاني فى سنة (487- 567ه / 1094-1171م ) ظلت مصر كذلك حتى نهاية العصر الفاطمي.لتدخل مصر حقبة زمنية جديدة ببداية العصر الأيوبى وهو عصر ملئ بالصراعات والحروب الداخلية والخارجية، وفى ذات الوقت كان عصراً زاخراً بمختلف العلوم التى تصدرت بها مصر للعالم بأسره، وعلى الصعيد العنصرى، فنرى مصر قد عانت خلاله من العنصرية العرقية بشكل واضح نظراً لإنضمام الكثير من أصحاب الأعراق والأجناس المختلفة فى تلك الفترة الزمنية، والذى كان سبباً فى إندلاع الفتن فيما بينهم فى بعض الأوقات .

وصولاً للعصر المملوكى والذى إتخذ لطريق مصر منعطفاً مختلف تماماً عن العصور السابقة، فقد صار مماليكها بمختلف أعراقهم هم حكامها وسلاطينها فيما بعد، وهذا جعلهم حاملين ميولاً متنوعة وتقاليد متعدده فبالرغم من كونهم قد تربوا وترعرعوا فى مصر إلا أنهم ظلوا محتفظين برونقهم، وأصلهم فتقوقعوا على أنفسهم من الإختلاط بالمصريين، وأدى ذلك بالطبع إلى صراعات أُقحم فيها المصريون دون سبب أو مصلحة ولكن فى ظل تلك الصراعات كان لحسن الحظ أن من سمات المجتمع المصرى أنه يملك ثقافة التأقلم دائماً، فلديه القدرة على التكيف على الوضع الراهن خاصة إن تيقن بعدم قدرته على التغير فيصير الأمر مسلم به بالنسبة إليه .

وفى واقع الأمر أن مصر قد عانت من الكثير من الأزمات على مر العصور، ومن بين تلك الأزمات كانت ظاهرة التمييز، وكانت لها مردودها السلبى على المجتمع المصرى، وقلما جاء عليه عهد أو فترة زمنية نعِم فيه بالإستقرار المؤقت فما تكون إلا سكوناً لما يسبق العاصفة .

وقد قسمت الباحثة تم عرض الرسالة متضمنه مقدمة ودراسة تمهيدية وثلاثة فصول رئيسية وخاتمة ففي المقدمة تحدثت عن موضوع الرسالة بشكل عام وبإيجاز وعن السباب التي دفعتها لتناول تلك الدراسة، ثم اعقبت ذلك بتمهيد جاء في قسمين:

1- القسم الأول: وعرفت فيه الباحثة مفهوم التمييز لغة واصطلاحا، وفي القرآن الكريم، والسنة النبوية، وفى علم الاجتماع، وفى القانون وفى علم السياسة.

2- القسم الثاني، وعرضت فيه لمظاهر التمييز فى المجتمع المصري فى الفترة الزمنية السابقة على موضوع الدراسة .

أما في الفصل الأول وجاء تحت عنوان "التمييز الديني فى مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي ( 358-923ه/969-1517م)"، وتناولت فيه: التمييز الديني بين أهل الذمة والمسلمين منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي، وتعرضت في هذا الفصل لوضع أهل الذمة والمسلمين ومدى تعرضهم لظاهرة التمييز فى المجتمع المصري في ظل الفترة الزمنية للدراسة .

أما في الفصل الثاني وتناولت فيه التمييز المذهبي بين الشيعة والسنة فى مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي ( 358-923ه/969-1517م، من خلال:

1- وضع أهل السنة فى العصر الفاطمي (358-567ه/969-1171م)

2- وضع أهل الشيعة فى العصرين الأيوبي والمملوكي (569-923ه/1173-1517م )، وفيه عرض للتمييز المذهبي للشيعة والسنة ومدى تعرضهم لتلك الظاهرة فى مصر فى الفترة الزمنية للدراسة .

ثم تناولت في هذا الفصل أيضاً التمييز العرقي فى مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي (358-923/ ه 969-1517م)، وفيه عرض لأهم الاجناس والاعراق التي استقرت فى مصر فى الفترة الزمنية للدراسة وقُسم إلى:

1- التمييز بين العناصر المكونة للجيش الفاطمي (385-567ه/969-1171م)

2- تمييز العنصر العربي ( الهجرة الهلالية ) فى العصر الفاطمي (385-567 ه/969-1171م)

3- التمييز بين العناصر الكردية والتركية والمغربية فى العصر الأيوبي والعلاقة بيتهم (567-648ه/1171-1250م)

4- التمييز بين العناصر التركية وعلاقتها بالسكان المحليين فى العصر المملوكي (648-923/1250-1517م)، وقد استعرضت الباحثة التمييز بين العناصر المكون للجيش فى الفترة الزمنية للرسالة.

بينما في الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان "التمييز الطبقي فى مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي ( 358-923ه/969-1517م)"، استعرضت فيه الباحثة بالتفصيل طبقات المجتمع بمختلف فئاتها ما بين طبقة الخاصة حتى الطبقة العامة فى المجتمع، ومدى تعرض تلك الفئات لظاهرة التمييز ولقد اشتمل هذا الفصل على العديد من النقاط:

 

عرض: أبو الحسن الجمال

....................

1- التمييز بين طبقات المجتمع منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي (358-923ه/969-1517م)

2- التمييز الإقطاعي فى مصر وتوزيع ملكية الأرض فى مصر منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي (358-923ه/969-1517م)

3- التمييز بين المزارع والفلاح المصري والعربان وعلاقتهم بالسلطة الحاكمة منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية العصر المملوكي( 358-923ه/969-1517م).

وفي النهاية نحيي الباحثة على هذا الجهد الملموس ونتمنى أن نرى هذه الرسالة مطبوعة في القريب العاجل.

 

في المثقف اليوم