قراءات نقدية

السماء الخامسة في حديقة من زهور الكلمات

qusay askarخلال إحدى مكالماتي الهاتفية مع الدكتور الناقد الأديب صالح رزوق أخبرني أنه استلم عبر البريد في حلب كتاب الشاعر يحيى السماوي الجديد "حديقة من زهور الكلمات" وأشار إلى أنه بصدد الكتابة عن هذه المجموعة[1] ثم سألني إن كنت قد حصلت على نسخة من الكتاب الذي يستحق الدرس والتأمل، ووفق ما عرفته عن الدكتور صالح في اختياراته الأدبية أنه ينتقي لدراساته ومقالاته الأعمال المميزة الراقية ودليلي على ذلك شهادة بعض النقاد والأكاديميين الإنكليز والأمريكان وبعض الصحف والمجلات الإنكليزية والأمريكية التي تنشر اعماله وترجماته ومراسلاته الكثيرة مع الأدباء والشعراء الأجانب.

 ومن غريب المصادفات أن البريد حمل إليّ صباح اليوم التالي لحديثنا نسخة من الكتاب وعليها إطلالة إهداء بقلم الشاعر الصديق العزيز يحيى السماوي.

لكنّ المسألة هذه المرة تختلف، فأنا لا أكتب عن مجموعة شعرية أو قصة قصيرة ورواية. إنني أمام كتاب وضع المؤلف نفسه تحت عنوانه بين قوسين عبارة ( نصوص نثرية) والمسألة لا تختلف عندي سواء كان مابين يديّ نصوصا نثرية أم قصائد نثر فلربما أراد الشاعر أن يتواضع أمام هذا العدد الهائل ممن مارسوا كتابة قصيدة النثر فلم يتركوا أيتما بصمة سوى ما لا يغني ولا يسمن من جوع من دون أن يعرفوا أن النثر يدخل أو يتداخل في الشعر والشعر يدخل ويتداخل في النثر.

 وفق تجربة السماوي النثرية الشعرية أستطيع أن أصنف الشعراء في ثلاث مجاميع هي:

1- شعراء كتبوا القصيدة العمودية ولم يجربوا قصيدة التفعيلة مثل الجواهري وغيره ولا يعني عدم كتابتهم قصيدة التفعيلة أنهم لا يؤمنون بالتطور بل إن التركيبةالنفسية والثقافية والحضارية والموسيقية لهؤلاء  جاءت بتلك الصورة فابدعوا في حقل العمود والدليل على قولنا هو أن الشاعر مصطفى جمال الدين ذكر أنه حاول كتابةقصيدة التفعيلة فلم يتمكن .

2- شعراء نجحوا في العمود والتفعيلة والأمثلةكثيرة بخاصة في سورية والعراق ولبنان.

3- شعراء نجحوا في العمود والتفعيلة وقصيدة النثر وقد سبق هؤلاء الشاعر حسين مردان الذي كتب التفعيلة والعمود بشكل راق ثم كتب نموذجا جديدا سماه " الشعر المنثور" أي بتعبيرنا المعاصر قصيدة نثر في حين كانت هناك تجارب في قصيدة النثر عاصرت أو سبقت تجربة مردان في البلدان العربية مثل تجربة الماغوط في سورية وتجارب أخرى في لبنان وتجربة باحث وعالم جليل في سورية من حمص أو حلب لا اتذكر اسمه الآن لكن هذه التجارب الإبداعية لم تأت من أدباء مارسوا الكتابة الإبداعية في العمود والتفعيلة مثل مردان الذي اتسقت روحه ونفسيته مع أجواء العمود والتفعيلة لينطلق مع فن آخر هو " قصيدة النثر".

وقصيدة النثر وفق رأيي تعني النثر في الشعر والشعر في النثر ولها تجارب واضحة وكثيرة في الشعر العربي القديم ولها باب في العروض يسمى باب " الخزم" مثل الخزامة التي تعلقها الفتاة في أنفها زيادة في الجمال وهو أن تضيف على البيت الشعري كلمة أوحرفا فيصبح ذا نَفَسَين نفسي نثريّ والآخر شعريّ هو روح الشعر الأساسية ومن أمثلة الخزم البيت الذي تمثّل به الإمام علي " ع" قبل استشهاده:

            اشدد حيازيمك للموت   فإن الموت لاقيكا

 فالاصل    حيازيمك للموت       فإن الموت لاقيكا

           مفاعيلُ    مفاعيلُ        مفاعيلن   مفاعيلن

وجاءت كلمة اشدد تحقيقا لرغبة العرب في تداخل النثر بالشعر كأننا لم نقنع بالموسيقى وحدها ولا بالصورة الشعرية إلا من خلال النفس النثري،ومن أمثلة الخزم أو التخزيم بالحرف هو وجود حرف الواو أو الفاء في المخطوطات القديمة قبل بيت من الشعر :

وكأني غداة البين يوم تحملوا     لدى سمرات الحي ناقف حنظل[2]

وهناك موضوع آخر يدلّ على زحف النثر على الشعر أو تداخله فيه هو ما سماه العروضيون الزحاف الذي نجده ملحوظا في شعر " عَبِيد بن الأبرص" وغيره من شعراء عصر ماقبل الإسلام.

 وإذا تجاوزنا عن الخزم والزحاف وهو تداخل النثر في الشعر إلى تداخل الشعر في النثر أو زحفه إليه فإننا نضرب مثلا بنصوص الدعاء الراقية التي تكاد تشبه في روحها قصيدة نثر معاصرة ممتازة، فأذَكِّر في هذا الموضع بما يروى عن الدكتور علي جواد الطاهر أنه سئل عن الإمام علي " ع" فقال إنه أروع الشعراء فقيل له وأين شعره والمنسوب إليه في ديوانه شعر عادي فاجاب الطاهر إن الإمام علي " ع" أعظم شاعر في نهج البلاغة! عبارة الطاهر ومجموعة السماوي الجديدة أرجعتا ذاكرتي الى نص للإمام علي " ع" حفظته وأنا صغير يمثل زحف النثر إلى الشعر ولا يؤاخذني القاريء الكريم إذا ما خانتني الذاكرة  في بعض  الكلمات لأنني لم أرجع إلى نهج البلاغة لكي أبين كيف انسجمت موسيقى النص مع نفسي فكنت أعيشها منذ الصف  الأول الابتدائي إلى اليوم :

يا من يدنو إلى من دنا منه

يا من يثمر الحسنة حتى ينميها

ويتجاوز عن السيئة حتى يعفيها

انصرفت دون مدى كرمك الحاجات

وتفيضت بجود نعتك الصفات

فلك العلو الأعلى فوق كل عال

والجلال الأمجد فوق كل جلال

كل جليل عندك حقيرر

وكل شريف إلى جنب شرفك صغير

اللهمّ إنك أمرتنا أن نعفوَ عمن ظلمنا فاعفعنّا

اللهمّ إنّك أمرتنا أن نعتقَ أرقّاءنا ونحن أرقاؤك فاعتقنا

خاب الوافدون على غيرك

 إذاً بالمعنى العام الشائع يمكن أن أقول إنني في كتابتي لقصيدة النثر في كثير من الأحيان أرفع حرفا أو كلمة أو أبدّل في ترتيب السطر فتصبح قصيدة النثر عندي قصيدة تفعيلة، ربما استثني بعض القصائد والمقاطع في ديواني الجديد التي بقيت دونما تغيير.

  غير أن ما ألزمت به نفسي من لعبة عروضية لا استطيع أن أجعله قاعدة لكن طريقتي لا تمنعني من أن أجربها على نصوص السماوي للبرهنة على مقدرة شاعرنا الموسيقية وروح النثر التي تتداخل معها بعبارة أخرى إنّه لا ينسى الشعر في النثر ولا ينسى النثر في الشعر.

الطريقة الأولى التي تكشف زحف الشعر في قصيدة النثر هي  ترتيب الكلمات من جديد:

يقول في مقطوعة " سعي" ص 71

جئتك من أقصى القلب أسعى

يمكن أن نبين أن السطر يمكن أن يكشف عن موسيقاه الداخلية بترتيب آخر:

جئتك أسعى من أقصى القلب

فاعل فعلن   فعلن فعلان[3]

الطريقة الثانية قد يطالعنا الشاعر نفسه باسطر موزونة في مطلع مقطوعته أي يبدأ بنفس شعري قبل كل شيء لننتقل بعدها لجو نثري،مقطوعة " رعودك هدهد البشرى" ص72

حين تلاشى مائي

في واديك

نبتت أشجار اللذة

في صحرائي

المطلع موزون وهو مقدمة موسيقة لما بعدها من أجواء نثرية:

حينَتَ     لاشى  مائي    فاعل   فعلن  فعلن

فيوا ديك   فعلن فال أو فعْلْ

نبت أشجار اللذة في صحرائي

نبتت  أشجا   رللذ  ذة في  صحرا  ئي  فعلن فعلن فعلن فعلن فعلن  فع

 الطريقة الثالثة ربما يلفت نظرنا سطوع كلمة داخل مقطوعة ما إذ الكلمات مثل النجوم لكل واحدة بريقها الخاص بها فتبعث فينا تلك الكلمة إحساسا بالتعامل معها لنتحسس الزخم الشعري في النثر ، يقول الشاعر في ص 129

قالت لي الغابة

كرسي العرش والتابوت

صنعا

من شجرة واحدة

طبعا " قالت لي الغابة" سطر موزون يبعث فينا إحساسا موسيقيا شعريا قد يدفعنا إلى الكشف عن الموسيقى في النثر بطريقة اخرى تراتبية هي " التابوت وكرسي العرشْ / صنعا" ثم تأتي كلمة شجرة واحدة وهنا يمكننا التغيير لنحقق موسيقى قصيدة النثر في انفسنا عبر حذف حرف في عملية تضاد الخزم الذي هو إضافة نقول " من شجر واحد" غصن .. خشب..لوح..

لقد نقلنا الشاعر في نصه النثري  الذي قرأته أعماقنا بشكل آخر موزون بعلاقة تراتبية من صنع أنفسنا كأننا قلنا:

قالت لي الغابةْ  أو الغابة قالت لي " فعلن فعلن..."

التابوت وكرسي العرشْ   "فعلن فاعل...."

صنعا  فعلن

من شجر واحد .." خشب .. لوح .. غصن.." فاعل فعلن...

 أود أن أذكر بعد الخزم وقراءة النفس الشعري في النثر وتداخل النثر بالشعر إلى أنني اجد نفسي الآن استشهد بالقرآن الكريم الذي هو وحي منزل وكتاب الله المحفوظ فأقول إن ما يعزز رأينا المذكورأعلاه هو ورود بعض الآيات الكريمة الموزونة كقوله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".. فاعلاتن  فاعلاتن... والقرآن الكريم نص وليس بشعر لكن ورود الوزن في بعض آيات السور يحقق حضور الشعر في النثر، وها نحن أمام شاعر استوعب التراث العربي والثقافة المعاصرة وقدم لنا قصائد نثر بعد تجارب ممتازة في قصيدة العمود والتفعيلة لتكون قصيدة النثر التي يطالعنا بها ذات ملامح فنية واضحة تترك بصمتها على الأجيال اللاحقة.

والطريقة الرابعة تتمثّل في أن يأتي الشاعر بمقطع موزون في قصيدة نثر كما نجده تحت عنوان "  ثلاثة حروف كالمقطع الآتي الذي كتبته بسطر واحد لتبيان الوزن في حين كتبه الشاعر كتابة جمالية بثلاثة أسطر:

أعطتنا الرحمة ُحرف الراء رشيقا  كهلال العيد  فعْلن فعْلن فعلِن....

ثم يأتي المقطع النثري بعده مباشرة:

وأعطتنا الحرّيّة

حرف " ح" حميما

كجناح حمامة

 إذ وفق قاعدة الحذف يصبح وزن الشعر في النثر ظاهرا كأن يكون:

أعطتنا الحرية حرف الحاء حميما كجناح حمامة

  وإذا كان شطر بحثي الأول يُعنى بالموسيقى من خلال تداخل النثر بالشعر والشعر بالنثر فإن الأسطر أدناه ستنصرف إلى جانب مشرق أخر يتعلق بالصورة والمعنى، ولعلني أجد في الماضي ما يساعدني على أن أتأمل في عمق شعر الشاعر السماوي من خلال مشهد واحد فقط واترك الجوانب الأخرى للقاريء الكريم نفسه وللناقد الموضوعي كي يكتشفا فيها مايريانه جديدا ومبدعا على الأقل من زاوية أخرى غير التي ألزم نفسي بها.

 في عام 1971 جاءنا إلى جامعة البصرة من جامعة بغداد استاذ كبير في الفلسفة اليونانية اسمه د جعفر آل ياسين، حالما دخل قال عبارته الغريبة كل شعر عظيم لابدّ أن يشتمل على خطرات فلسفية تثير في القاريء تداعيات متباينة مثل شعر امريء القيس وطرفة بين العبد وعموم الشعر الجاهلي والشعر الذي لا يشمل خطرات فلسفية يموت.

 لا أدري لم تذكرت هذه العبارة عندما وصلت إلى ص 40 حيث قصيدة " أنا وهي"، فتوقفت مرارا عند  المقطع الآتي:

حين تدحرجت من قعر بئري

إلى قمة سمائها الخامسة

عدت طفلا أرجوحته غيمة

ودميته القمر

هنا نقف أمام بعد فلسفي عالجه الشعراء كل بطريقته الخاصة، ولا يعني قول عنترة هل غادر الشعراء من متردم أننا نكرر صورا وتشبيهات قالها من سبقنا. إن عنترة يقصد الموضوعات المعروفة العامة  مثل الحب والحرب والحياة والموت والفراق والجدب والعطش. إن موضوعا عظيما مثل مدح الرسول "ص"  أو رثاء الإمام الحسين "ع" كتب فيه المئات قبلك من أدباء وشعراء وأنت بصفتك شاعرا كيف تكتب فيه نصا جديدا لا يشبه نصوص من سبقوك؟ جواب المسألة يمكن أن يتلخص في قصة امرأة متزوجة احبت خادمها فرفض عرضها فانتفضت عليه لتنتقم،ربما كتب اليونان والرومان والشعوب الأخرى عن قصة تلك المرأة العاشقة قبل القرآن الكريم بمئات السنين لكن معالجة القرآن لهذه الفكرة البسيطة تجلت بأسلوب إعجازي ثم يأتي شاعر أو شاعر قصيدة نثر ليعرضها مستلهما إعجازها الروحي والنفْسي بشكل رشيق  عبر متلازمتين دقيقتين هما المكان  والرقم.

أعود الى حديثي عن الدكتور الناقد الأديب صالح رزوق [4] وقصة الأرقام فقد اطلعت على بعض قصصه فوجدت أن للأرقام مدلولات عميقة واسعة فيها ففكرت أن أجري دراسة عن مدلول الرقم والمكان عنده لأن الرجل مهتم بالأدب العراقي بخاصة أدب المهجر فألف كتابا عن يحيى السماوي قبل سنوات ثم كتابا عن أعمالي الروائية، لذلك اعترض حين سمع مني الفكرة قائلا لا أرجوك لا تكتب عني سيقول المتقولون إنك كتبت عني لأنني ألفت عنك كتابا وأردف بلهجته الحلبية الاصيلة تذكر أن هناك دائما ضعاف نفوس.

على أية حال أعرضت عن الموضوع تماما لكن وصول كتاب السماوي أعادني إلى مسألة الرقم فانصرف ذهني إلى أن أشير في هذه العجالة إلى رقم السماوي آملاً أن يأتي يوم يدرس فيه ناقد قدير الرقم ودلالته المكانية والزمانية في موازنة بين السماوي والرزوق.

  أعود إلى رقم السماوي، وقبل الرقم اضطر للحديث عن المكان ومكان الأنبياء، فأسأل نفسي لِم كان المكان الذي يختاره الأنبياء ضيقا معتما بخاصة الأماكن التي اختارها بعضهم قبل البعثة النبوية.النبي محمد"ص" غار حراء، النبي يوسف"ع" الجب وثم السجن" رب السجن أحب إلي"  فهو نفسه اختار السجن بعد الجب الذي ألقي فيه  ومادامت دعوة الانبياء مقبولة فكان بإمكانه أن يدعو الله في أن يجعله في مكان فخم مثل الفنادق ذات الخمسة نجوم المحيطة بالكعبة التي يقصدها الآن حجاج آخر زمان  لكنه خرج من الجب إلى السجن مختارا هذه المرة ومن قبل كان هناك النبي يونس ،ولا غرابة أن أجد الناقد المعروف الدكتور حسين سرمك اختار هذه القصيدة في بداية مقدمته ليوحي إليّ أنا الذي جئت بعده بصفتي قارئا وناقدا أن ألتفت إلى المكان والرقم معا بِعدِّهما وعاء مفتوحا للزمن والسعة من قوة الرقم المستوحاة.أقول الأنبياء حشروا أنفسهم في مكان ضيق فانفتح عليهم العالم. النبي محمد "ص" دخل غار حراء قبل فريضة الصلاة والصيام أي قبل البعثة فماذا كان يفعل لتأتي إليه السماء؟ الطفل الصغير يوسف كيف قضى وقته في البئر؟ النبي يونس في الحوت؟إنها ياسيدي الكريم القوة الكامنة في المكان الضيق المغلق أو شبه المغلق المعتم الذي عبر عنه الرقم " 5" وحملته سماء أشار إليها السماوي.

من الواضح أن للرقم "5" دلالات متباينة أبرزها القوة ففي عصر ماقبل الإسلام كان الجيش يتوزع إلى خمس مجموعات: المقدمة ، المؤخرة ، الميمنة والميسرة، والكف رمز القوة ذات أصابع خمس،وفي الإسلام الخمس ، وأصحاب الكساء "ع" خمسة، وفي العصر الحالي نجد أن مقر أقوى دولة في العالم هو البنتاغون "pentagoon" أي البيت الخماسي .

غير أن أهم مدلول روحاني للرقم "5" وجدته في النهج الروحاني الصوفي وفق تقسيمات المتصوفة لمراتب النفس فهم يجعلون النفس ذات درجات وألوان وفق الترتيب التالي:

الرقم 1 النفس الأمّارة التي تأمر صاحبها بالسوء والشهوة نورها أزرق. 

الرقم 2 النفس اللوامة هي التي تلوم صاحبها على سلبياته ولونها أصفر.

الرقم 3 النفس الملهمة

الرقم 4 المطمئنة

الرقم 5 الراضية نورها أخضر

الرقم 6 المرضية

الرقم 7 الكاملة

 ولا شك أن الترتيب الخامس للنفس الراضية جعلها أما للترتيب الذي يليها " المرضية" والذي هو أقرب للكمال، إن القوة الكامنة في الرقم "5" محملا بالخضرة جعلت السماء الواسعة تنقلب أو تتدحرج اليه لكننا إذا فهمنا الخضرة فهما من دون وعي – فهما سطحيا – فسوف ندخل بالخطأ ضِيقا آخر ليس جب يوسف "ع" ولا حراء محمد "ص" بل دهاليز المنطقة الخضراء " ص 156 ، او "نطل من نافذة في بيت بلا سقف ولا ابواب" ص185.

 هكذا إذاً تعامل السماوي مع نفسه ومعنا بدرجة وضعنا عندها في مكان ضيق ليجعل السماء تطلّ علينا، ولن أكون ذا أثرة " بالتعبير الشائع الخاطيء أناني" فانطلق مع حروفه وصوره وحدي بل أدعو إلى مائدته وهو الرجل الكريم غيري من عشاق الحرف ليدرسوا  مجموعات الشاعر القدير مذكرا بموضوع الموازنة الذي يسحتق أن يكون رسالة ماجستير عنوانها "مدلولات الأرقام والألوان في قصص رزوق وشعر السماوي" ولن ابخل بأية معلومة يطلبها مني أي طالب ينوي أن يقدم على ذلك.

 

ملاحظةعابرة لكنها مهمة

أستميح أصدقائي عن انقطاعي في بعض الأحيان عن متابعة " المثقف" الغراء وفي أحيان أخرى أكون بطيئا في إجابات تعليقاتهم وذلك لأسباب قاهرة خارجة عن إرادتي.

 

 ......................

* حديقة من زهور الكلمات، كتاب صدر حديثا للشاعر يحيى السماوي، عن مؤسسة المثقف في سيدني – استراليا، ودار تموز، دمشق – سوريا.

[1] أمس علمت من الدكتور صالح أنه كتب فعلا مقالا نقديا عن "حديقة منزهورالكلمات" وارسله إلى إحدى الصحف الورقية.

[2] الحقيقة كان الكثير من طلبة الجزائر والمغرب لمرحلة الماجستير ممن درسوا معنا في جامعة دمشق يعانون من الخزم لكثرة وروده في مخطوطاتهم القديمة وكان بعض الاساتذة المشرفين يطلبون من طلابهم أن يشيروا بكلمة خطأ أو تصحيف في حين أنه تخزيم أو خزم.

[3] تجدر الإشارة إلى أن الشاعرة نازك الملائكة هي من أدخلت تفعيلة فاعل على البحر الشعري " فعلن فعلن فعلن" ذكرت ذلك في كتابها قضايا الشعر المعاصر غير أننا حين  نستخدم فاعل فإن التفعيلة التي بعدها فعلن يجب أن تكون ساكنة العين ولم تكن الأذن العربية لتستسيغ في ذلك الوقت فاعل وقد عده استاذنا محمد جواد جلال كسرا للوزن كذلك استاذنا في جامعة دمشق فهدعكام حتى احضرت له كتاب نازك فقبله على مضض. أما الآن فقد اعتادت الأذن على تفعيلة فاعل لتغير موسيقى العصر.

[4] قبل بضعة أيام أذاعت إحدى المحطات الأجنبية باللغة الإنكليزية مقابلة مع البروفيسور تيرمان الذي أشار إلى جهود الدكتور صالح في مجال اللغتين العربية والإنكليزية أي ترجماته وأبحاثه في في اللغتين.

 

 

في المثقف اليوم