قراءات نقدية

منظومة تكعيبية للمناقشة (2)

latif shafiqالرسم يفعل بالعين ما يفعله الشعر بالإذن (أنطوان كوبيل).

الرسم شعر صامت والشعر رسم يسمع ولا يرى (سيموندز).

يقول بابلو بيكاسو: إنك تستطيع أن تكتب صورة بالكلمات مثلما تستطيع أن ترسم المشاعر في قصيدة ولهذا فقد انغمر بيكاسو في فترة بالأدب وكتب من أجل متعة الروح مسرحية بعنوان (رغبة مسحوبة من الذيل) مستخدما لغة تشبه لغة الشاعرة جيرترود شتاين التكعيبية واخرجها الكاتب البير كامو وقامت بأدوارها سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر.

يقول روبرت غريفز: على الشاعر أن يكون واعيا بالطريقة التي يتطلع بها إلى العالم في أقصى المعاني البصرية الحسية.

وكتب جيمس جويس (طالما تذكرت ملاحظة سمعتها من إيفان تورغنيف تتعلق بتجربته الخاصة لقد كانت تبدأ دائما برؤية شخص ما أو أشخاص يحومون أمامه يثيرون اهتمامه واعجابه كما كانوا على أي شكل قد رآهم على تلك الهيئة جاهزين رآهم صدفة وبتعقيدات الوجود كما رآهم على نحو حيوي وكان عليه أن يظهرهم إلى أقصى حد.

يقول سيغريد سلمون: إن تبسيط التصور البصري أمر جوهري لأفضل شعر فالقوة والبساطة تسيران معا دائما كما في فن الرسم التخطيطي الجيد الذي يعني التخلص من التفاصيل الفائضة.

ومن هذا المنحى فقد أقدمت على هذه المحاولة المتروكة للنقاش وهي الكتابة بالطريقة التكعيبية والتي هي بالأساس طريقة قديمة أقدم عليها شعراء معروفين خلال الفترة الذهبية في بداية القرن العشرين وقبل أن أدون الجزء الثاني من هذه التجربة والتي تعتبر امتداد للجزء المنشور سابقا أقدم هذا النص التكعيبي للشاعرة جيرترود شتاين وهي تصف فيه زميلها الفنان بابلو بيكاسو.

كان إنسانا مكتمل السحر/ ذلك الذي كان بعضهم يتبعه واثقا/ من كان يقينا يتبعه/ بعضهم كان إنسانا ساحرا/ من كان يتبعه بعضهم/ كان إنسانا كامل السحر/ من كان يتبعه بعضهم كان يقينا إنسانا كامل السحر/ كان بعضهم يتبع يقينا/ وكان على يقين بأنه يتبع آنذاك/ كان إنسانا يعمل وكان إنسانا يعطي نفسه شيئا /يعطي نفسه آنذاك ما سيصبح شيئا كبيرا/شيئا صلدا وشيئا متكاملا/ من كان يقينا يتبعه/ بعضهم كان إنسانا يعمل / وكان يقينا إنسانا يعطي شيئا من نفسه/ آنذاك وكان إنسانا / إنسانا طول حياته شيئا ما يأتي منه/ شيء ما كان يأتي منه/ كان منه يقينا/ كان شيء ما يقينا/  وكان له معنى ساحر/ معنى صلد / معنى مكافح/ معنى واضح.

(الرجل الذي أبصرته)

المنظومة التكعيبية الجزء الثاني

-1-

الرجل الذي أبصرته سابقا

يصعد وينزل من الحافلة/

هو الذي أبصره الآن:

-2-

الرجل الذي أبصره الآن:

والذي أبصرته سابقا/

أبصره يعود مرة أخرى:

-3-

الرجل الذي عاد مرة أخرى

والذي صعد ونزل من الحافة سابقا/

أبصره الآن ينتظر في موقف الحافلة:

-4-

الرجل الذي أبصره الآن:

والذي عاد لموقف الحافلة/

لم يغادر مكانه ولم يركب الحافلة!

-5-

الرجل الذي أبصرته ينتظر:

والذي عاد ولم يركب الحافلة/

غادر موقف الحافلة؟

-6-

الرجل الذي أبصرته يغادر:

والذي عاد ولم يركب الحافلة/

أخذه رجلان!!

-7-

الرجل الذي أبصرته والذي أخذه رجلان

والذي لم يركب الحافلة/

لا يعرف أين يذهب به الرجلان!!

-8-

الرجل الذي ابصرته يغادر:

والذي لا يعرف أين يذهب به الرجلان/

الرجلان هما اللذان يعرفان أين يذهبا به!؟

عزيزي القارئ لا تهزأ من هذه العبارات الملقاة إلى جوانب متعددة فسوف تعثر على شيء مهم فيها’ هكذا يعمل المجانين الذين يسمون شعراء وفانين.

فإلى الجزء الثالث من منظومة تكعيبية

 

لطفي شفيق سعيد - رالي 

 

 

في المثقف اليوم