أقلام ثقافية

عالج نفسك بالكتابة

في سنوات الدم والدمار رغم أني أقطن حيا شعبيا، مسته المأساة، وفي تلك الظروف الصعبة بعد الانتهاء من الخدمة الوطنية 93- 95 عالجت خوفي بالكتابة، فقدت أصدقاء كثيرين في الحواجز المزيفة وكانت السباحة عبر عوالم الورق نوعا من ترويض الروح على نسيان الخيبات والانكسارات، كانت تلك العزلة الاختيارية والركون إلى زاويا الهامش والنسيان والبكاء على وطن يغرق، أغرقه طمع وشجع أبنائه في حب التسلط والحكم  متنفسا لهارب من الموت...فكيف يساعدنا العلاج بالكتابة على تجاوز اللحظات الصعبة حتى لا ننهار وندخل في متاهات الاكتئاب وكهوف القلق النفسي؟

يقول الطبيب النفسي سينثيا مكاي "إن العديد من الناس فوجئوا بما يكتبون، وأن بإمكان الكتابة أن تخرج شحنة القلق من شيء لم تكن تعرف أنه يزعجك أبدا، فالتعبير عن الذات من شأنه أن ينقل النفس إلى السطح، ويخرج المشاعر المكبوتة في الأعماق، ويجعلها أكثر تحررا"، مضيفا "الكتابة سواء كانت سرية أو قررت مشاركتها مع معالجك النفسي، فهي في كل الأحوال ستكون عونا لك على التجاوز"(1).

يقول عالم النفس الإكلينيكي بيربيتوا نيو: "إن الأشياء عندما يمسها القلم، تصبح أكثر قابلية للإدارة، وعندما تحوم الأفكار في عقلك يصبح من الصعب السيطرة عليها والتحكم بها، لكن عندما تخرج على الورق يصبح كل شيء ممكنا، خاصة تقليل ما نشعر به من فوضى بداخلنا"(2).

فالكتابة هي التي تعيدنا إلى الواقع وتخرجنا من عزلتنا ومن سوداويتنا وتعيدنا إلى وعينا الحقيفي بالذات وبالعالم وترتب فوضانا الداخلية فصديقي الكاتب اكتب ولولم يعترف بك أحد اكتب فحسبك أنك ستخرج من ضيق عالمك المكفهر إلى رحابة العالم الحقيقي ..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

 شدري معمر علي

.........................

هوامش:

1- شيماء عبد الله مقال "أسقط فوضى أفكارك على الورق الكتابة وسيلتك للتعافي من الاكتئاب " عن موقع الجزيرة .

2- نفس المرجع.

 

تعليقات فيسبوك

في المثقف اليوم