أقلام ثقافية

صادق السامرائي: شعراء معاصرون!!

الموهبة الشعرية ذاتها منذ أقدم الأزمان، فالموروثات الجينية تحملها وتورثها للأجيال، والمواهب القديمة توفرت لها معارف قليلة وتحديات محددة ومعروفة، ولهذا كانت أغراض الشعر عندها جلية ومتكررة.

وفي عصرنا تنامت منابع المعارف، وتبدلت صور الحياة، وتألقت العقول بمبتكراتها، والدنيا بمعطياتها المادية المتنوعة، وتطورت المواهب وفاقت ما سبقها بقدراتها التعبيرية واللفظية، وبصورها البلاغية الباذخة الروعة والجمال.

ويمكن القول بأن هناك العديد من الشعراء الذين يضاهون طبقات الشعراء الأولى، وربما لدينا المئات منهم، والأمة لديها نزوع للتجمد والتحجر، والوقوف عند حالة ما تضفي عليها ما ليس فيها، وترفعها إلى مقامات المستحيل.

فما قيمة الشعر القديم أمام فطاحلة الشعراء المعاصرين؟

أستمع لشعراء شباب لديهم مواهب متميزة وقابليات تعبيرية خارقة، ويأتون بأشعار لم يأتِ بها الأولون، فهم أقدر منهم وأطول باعا في اللغة والمعرفة والمهارة الشعرية.

والأمة تغمرهم وتلغيهم وتتمسك بأسماء شعرية قديمة، وتحسبها الذروة ولا مَن يتفوق عليها، وكأنها تقول بأنها لا تتقدم ولا تتجدد، وقد أعطت سلاف ما فيها وخمدت، مما يتنافى وإرادة الحياة وبديهياتها الفاعلة فوق التراب.

الأمة ولودة ولا وجود فيها لكلمة أوحد، وأعظم، بل تضم الرموز المتنوعة المتوافدة المترافدة، فلا يجوز التجمد عند حالة واحدة ، فعندنا أكثر من متنبي، ومن أبي تمام، والبحتري، وأحمد شوقي، وغيرهم،  فلكل جيل شعراؤه المبدعون.

الأمة ليست خاوية، بل يُراد لها أن تتشرب بثقافة الخواء والعقم، وتنوح على الغابرات، فالأمة التي أنجبت الأفذاذ في سابق عصورها، قادرة على إنجاب أمثالهم المتفاعلين مع زمانهم ومكانهم بطاقاتها الخلاقة وجوهرها الحضاري المتوهج.

فلننظر لواقعنا الإبداعي بعيون التفاؤل والثقة بولادات متجددة ذات قامات فارهة وعطاء منيف.

فعصرنا عصر التعبير الأمثل عن طاقات أمة ذات مقام رفيع!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم