أقلام فكرية

ميشيل بولانى والعقلانية المضمرة (4)

محمود محمد علي (موقفه من توماس كون)

نعود وننهي كلامنا عن ميشيل بولانى والعقلانية المضمرة  وهنا نقول: من كل سبق يتضح لنا أن بولانى يؤكد على استحالة الوصول إلى معرفة موضوعية محضه عن العاَلم الفيزيقى، وإنما تكون معرفتنا للعاَلم نتيجة تدخلنا فيه بقدراتنا العقلية وآلاتنا ومقايسنا وفروضنا المسبقة، وأن معرفتنا تنسيق لمعتقدات تلعب الذات الإنسانية من خلالها دوراً أساسياً . وهذا الدور قد أكد علية بعض فلاسفة العلم الذين جاءوا بعد بوبر، وبالأخص بــول كـارل فييرآبنـد Feyerabend Karl  Paul (1924 – 1994)، حيث ذهب إلى أن المعرفة تعد من نتاج العقل الإنساني، وهى ليست مستقلة عن اعتقاداتنا وميولنا، فهى تدخل فيها الذات الإنسانية بشكل أساسي . يقول فييرآبند: " إن معتقداتنا العامة وتوقعاتنا تؤثر فى خبراتنا وتصوراتنا للواقع " .

النقطة الثانية: تحرص العقلانية النقدية على وضع قواعد ومعايير وقيود تسمح لنا بفصل السلوك النقدى عن الأنواع الأخرى من السلوك، لكى نكشف عن الأفعال الغير عقلية ونقوم بتفنيدها واستبعادها وفق معايير تضعها العقلانية البوبرية من أهمها معيار القابلية للتكذيب . فالمناقشة العقلية عند بوبر تكمن فى محاولة النقد وليس فى محاولة البرهنة أو تقديم أى احتمال، فكل خطوة فى سبيل النقد هى خطوة على طريق العقلانية الحقه، تقول العقلانية النقدية طور أفكارك لكى تكون قابلة للنقد، هاجمها بطريقة قاسية ولا تحاول أن تربط بينها وبين أفكار أخرى، ولكن فقط حاول أن تظهر نقاط ضعفها .

هذا المبدأ الذى تأخذه العقلانية النقدية ترفضه تماماً العقلانية المضمرة التى تؤكد على الثقة فى واقعية الكشف العلمى، وهذه الثقة تتجاوز البراهين التى يمكن أن تكون معمولة بشكل واضح؛ إن الاكتشافات العلمية فى نظر العقلانية المضمرة تتمثل فى حل المشكلة، وفى فتح باب الاحتمالات التى تعيد النظام وتعيد تعريف وجودنا فى الطرق التى لم تكتشف بعد . وهذه الاحتمالات الخاصة بالنتائج العلمية الصادقة للأشياء ضرورية لكى نعرفها وإن لم نستطيع أن نقولها؛ كما تؤكد العقلانية المضمرة على أنه ليس هناك اختبار للصدق؛ وإنما الصدق يقوم على واقعية الفكرة من خلال المكونات المضمرة . إن الاعتماد على الواقع يقوم على الحكم الشخصى عن طريق الفرد الذى يصنع الاكتشافات وعن طريق الجماعة العلمية التى تقيّم تلك الاكتشافات . المعترف به هو أن الجماعة العلمية تمثل معيار الحكم، وهذا المعيار يتضمن قوانا الشخصية للواقع الذى يدرك من قبل. وبالتالى فإن مبدأ قابلية التكذيب عند بوبر فى نظر العقلانية المضمرة ليس واضحاً مثل أفكار عديدة، بينما هو صادق حيث يسعى إلى اسقاط التعميمات الفردية المتناقضة بشكل  منطقي، والعلم لا يتعامل مع الكيانات التى تلاءم ذلك جيداً داخل الدقة المنطقية . إن ما يبدو متناقضاً قد لا يمثل تناقضاً واضحاً . السؤال المدعم فى العلم هو يمثل دائما الطبيعة الواقعية وأن يبقى السؤال مفتوحاً . ولو اتبعنا على نحو مطلق قابلية التكذيب، فإننا سوف نبقي لنظل داخل تعريفاتنا الحاضرة وفيما يتصل بذلك فانه يعوق التقدم المبدع .

وهذا النقد الذى وجهه بولانى، قد أخذ به معظم فلاسفة العلم المعاصرين، فنجد توماس كون T.Khun  (1922 – 1996) ينقد مبدأ القابلية للتكذيب  فيقول: " ولكن هناك نهج مختلف تماماً فى تناول جماع شبكة المشكلات، ونعنى به نهج كارل بوبر الذى ينكر وجود أى تدابير للتحقق على الإطلاق . إذ يؤكد بدلاً من ذلك على أهمية إثبات الزيف (القابلية للتكذيب)، أى التحقق من زيف الاختبار وذلك لأن نتيجته سالبة وتقضى بضرورة رفض نظرية ثابتة . وواضح أن الدور المنسوب لإثبات الزيف يشبه كثيراً الدور الذى تعزوه دراستنا هذه إلى التجارب الشاذة، أى إلى وقائع التجارب التى تمهد السبيل، من خلال إثارة الأزمة لظهور نظرية جديدة . ومع هذا فقد لا يتسنى المطابقة بين التجارب الشاذة وبين التجارب اللازمة لإثبات الزيف . والحقيقة أننى أشك فى وجود هذه الأخيرة. فكلما سبق لى أن أكدت مراراً فإنه لا توجد النظرية التى تحل جميع الألغاز التى تواجهها فى وقت بذاته، كما وأن الحلول التى يتم الوصول إليها نادراً ما تكون حلولاً كاملة . بل على العكس، فإن هذا النقص والقصور اللذان يشوبان المطابقة بين المعطيات والنظريات القائمة هما اللذان يحددان، فى أى فتره من الزمن، كثيراً من الألغاز المميزة للعلم القياسى . ولو أن كل فشل نواجهه فى سبيل إثبات هذا التطابق يوجب رفض النظرية إذن لانتهى الأمر بنبذ جميع النظريات فى كل الأزمان . ولكن من ناحية أخرى لو أن الفشل الذريع فى المطابقة هو وحده الذى يبرر نبذ النظرية، إذن لاحتاج أنصار بوبر إلى معيار لتحديد " اللااحتمالية " أو " درجة إثبات الزيف " . وإذا ما عمدوا إلى استحداث هذا المعيار فسوف يجابهون يقيناً نفس شبكة الصعاب التى اعترضت دعاة مختلف نظريات التحقق (الوضعية المنطقية) فى المذهب الاحتمالي "؛ ونفس الشئ ذهب إلية بول فييرآبند فى نقد مبدأ القابلية للتكذيب فى كتابه ضد المنهج حيث أكد نفس هذا المعنى .

من هاتين النقطتين يتضح لنا أن هناك اختلاف جوهرى بين العقلانية النقدية والعقلانية المضمرة . وقد أوجز هذا الاختلاف باختصار شديد آلن ماوسجراف Alan Musgrave  (أحد تلاميذ بوبر المتعصبين) على النحو التالى:

1- تبدأ العقلانية النقدية بالمعرفة الموضوعية؛ فى حين تبدأ العقلانية المضمرة بالمعرفة الشخصية .

2- تركز العقلانية النقدية على الشئ فى الكتب والمكتبات (العاَلم الثالث)؛ فى حين العقلانية المضمرة ناتجة عن معتقدات البشر (الاعتقادات).

3- تتكون العقلانية النقدية من الخواص الموضوعية للعبارات والأفكار والنظريات (سواء الصدق والكذب والعلاقات المنطقية)؛ فى حين تتكون  العقلانية المضمرة من جمع الكيانات السيكولوجية (سواء الحالات العقلية وتنسق الاعتقادات .

4- تؤكد العقلانية النقدية على أن المعرفة ليست اعتقادات مبررة؛ فى حين ترى العقلانية المضمرة أن المعرفة بأنها مُعرفة أو محددة بوصفها صدق مبرر.

5- تركز العقلانية النقدية على البنية المنطقية والعلاقات المنطقية بين العبارات  (منطق الكشف)؛ فى حين تركز العقلانية المضمرة على الأصل السيكولوجى للاعتقاد (سيكولوجية البحث).

6- تركز العقلانية النقدية على نقد النظريات وكذلك على المعيار الذى يكون عن طريق اقتراح النظريات؛ فى حين تركز العقلانية المضمرة على تبرير الاعتقادات (مشكلة النسبوية) .

7- تعتمد العقلانية النقدية على الخواص الموضوعية والقاعدة والمعيار المنظم؛ فى حين تعتمد العقلانية المضمرة على الخواص الذاتية للاعتقادات التى تكون مثبتة من خلال خاصية الصدق المرتبط بالواقع .

8- تعول العقلانية النقدية على المشكلات؛ فى حين تعول العقلانية المضمرة على المعرفة المضمرة .

9- العقلانية النقدية هى فلسفة نقدية تكذيبية؛ فى حين أن العقلانية المضمرة هى فلسفة ما بعد النقد.

هذه هى أهم أوجه الإختلاف بين العقلانية النقدية والعقلانية المضمرة كما أبرزها ألن ماوسجراف والذى إنتهى بعد ذلك من خلال هذا الإختلاف إلى أن العقلانية المضمرة هى عقلانية نسبويةRelativism؛  ودجماطيقية Dogmatism؛ وسيكولوجية Psychologism؛ وتبريرية Justificationi؛ ووحدة الأنا كليةSolipsism   .

وننتقل الآن إلى عقلانية توماس كون T.Kuhn كما صاغها فى كتابة " بنية الثورات العلمية "؛ حيث نجد لأول مرة أن العقلانية المضمرة تلعب دوراً مؤثراً على عقلانية كون، تلك العقلانية التى تعول على المجتمع العلمى أو الجماعة العلمية أو بالأحرى المؤسسة العلمية التى تعمل فى إطار النموذج الإرشادي المطروحPardigm  حتى وصفها نيوتن سميث Newlon smith  بأنها " عقلانية مؤسسـاتية "Insutionalised Rationality  .

فلقد أشاد كون بأهمية الدور الذى تلعبه " المعرفة المضمرة "؛ حيث قال بصريح العبارة: " لقد استحدث ميشل بولانى بذكاء يثير الإعجاب فكرة المعرفة المضمرة التى تؤكد على أن القسط الأكبر من نجاح رجل العلم يتوقف على معرفة مضمرة؛ أى على معرفة مكتسبة خلال الممارسة العلمية، والتى لا يمكن التعبير عنها صراحة "؛ ثم قدم كون عرضاً تحليلياً مفصلاً للمعرفة المضمرة فى حاشية كتابه سالف الذكر كما شرحها بولانى فى كتابه المعرفة الشخصية، وذلك تحت عنوان " المعرفة المضمرة والحدس " .

ولم يكتَف كون بذلك، بل أعلن تمسكه بالمعرفة المضمرة فى نقد العقلانية التجريبية، حيث يشدد كون على أنه لا توجد فى العلم مشاهدة محايدة، ولذلك يعالج المشاهدة seeing  من خلال الأشكال الجشتالطية كما فعل بولانى من قبل. ويوضح كون ذلك فيقول:" لو افترضنا أن شخصين يقفان فى مكان واحد ويدققان معاً فى نفس الاتجاه، فلابد أن نستنتج، إلتزاماً بما يقضى به مذهب ربما كانت نقطة الأناوية أوضح دلالة، أنهما يتلقان منبهات تكاد تكون متماثلة ولو استطاع كل منهما أن يثبت عينية على نفس المكان فسوف تكون المنبهات متطابقة . ولكن الناس لا يرون منبهات ومعارفنا عنها هى معارف نظرية وتجريدية إلى حد كبير. وإنما يتلقى الناس بدلاً من ذلك إحساسات وليس هناك ما يجبرنا على افتراض أن إحساسات صاحبينا هنا اللذين يحدقان بعيونهما هى إحساسات واحدة " .

وفى فقرة أخرى يوضح توماس كون ذلك فيقول: " ولنلاحظ الآن أن جماعتين، تتكون لدى أعضائهما على نحو نسقى احساسات مختلفة عند تلقى ذات المنبهات، إنما يعيشون، بمعنى من المعانى فى عالمين مختلفين . ونحن نفترض وجود منبهات لتفسير مدركاتنا الحسية عن العاَلم، كما نفترض ثباتها أو عدم قابليتها للتغير تجنباً لنزعة الأنانية أو الانحصار الذاتى على المستوى الفردي والاجتماعي. وليس عندى أى تحفظ إزاء أى من الافتراضين . غير أن عاِلمنا يزخر أولاً وأساساً بموضوعات إحساساتنا وليس بالمنبهات، وموضوعات الإحساس تلك ليست بالضرورة واحدة من فرد إلى آخر أو جماعة مقابل أخرى .

ثم يشرح لنا توماس كون كيف تتحول المنبهات إلى إحساسات من خلال المعرفة المضمرة . يقول كون:" فالعملية العصبية التى تحول المنبهات إلى احساسات تنطوى على مضمون تميزه الخصائص التالية: أنه انتقل عبر التعلم، وأثبتت التجربة أنه أكثر كفاءة من بدائل منافسة له تاريخياً فى البيئة الراهنة للجماعة، ثم هو أخيراً عرضة للتغير سواء من خلال مزيد من التعلم أو من خلال اكتشاف تفاوت فى التطابق بينه وبين البيئة . وتلك هى سمات المعرفة التى توضح سبب استعمالي للكلمة، بيد أنه استعمال لا يزال غريباً لافتقاره إلى خاصية أخرى . إذ ليس لدينا اتصالا مباشراً بما نحن نعرفه، وليس لدينا قواعد ولا قوانين عامة تتيح لنا التعبير عن هذه المعرفة، وأن القواعد التى تهيئ لنا هذه الصلة إنما تشير إلى المنبهات لا الإحساسات، والمنبهات لا نعرفها إلا من خلال نظرية محكمة الصياغة . وفى حالة عدم وجود هذه النظرية تصبح المعرفة الكامنة فى المسار الواصل بين المنبه والإحساس معرفة مضمرة .

ومن جهة أخرى أكد توماس كون على أن المعرفة المضمرة كشفت له عن حقائق هامة فى فلسفته منها كما يقول " أن النماذج الإرشادية يمكنها أن توجه البحث العلمى فى حالة عدم وجود قواعد؛ وفى فقرة أخرى يؤكد نفس المعنى فيقول: " والحقيقة أن وجود نموذج إرشادي لا يحتاج حتى إلى أن يفيد ضمناً بوجود مجموعة كاملة من القواعد "؛ وهنا يلح كون على أنه إذا كان النموذج الإرشادي يدل على أكثر مما يمكن التعبير عنه صراحة فى شكل قواعد وتوجيهات، فإن هذا الأمر يستدعى قول ما قاله فتجنشتين L.wittgentein     (1889 – 1951) عن فكرة " اللعب " فى سبيل توضيح بعض أوجه النموذج الإرشادي . لقد بيّن فتجنشتين أنه لا يمكن التصريح بالشروط الضرورية والكافية لكى يكون نشاط ما لعباً . وعندما نحاول ذلك فإننا نحصل بصورة ثابتة على نشاط يطابق تعريف اللعب، ولكننا  لا نريد أن نعده كذلك أو على نشاط يستبعده تعريف اللعب، ولكننا نريده لعباً .

يرى توماس كون كما يذكر آلن شالمرز:- أن نفس الشئ يصدق على النماذج الإرشادية، فعندما نحاول إيجاد خاصية دقيقة صريحة مميزة لنموذج إرشادي ما فى العلم الماضى أو فى العلم الحاضر، فإننا نجد دائماً، عنصراً من العناصر الواقعة داخل النموذج الإرشادي يخرق تلك الخاصية المميزة . غير أن كون يؤكد أن هذه الحالة لا تجعل مفهوم النموذج الإرشادي أسوأ تماماً . كما أن وضعية مماثلة فيما يخص اللعب لا تقوض الاستعمال المشروع لمفهوم اللعب . وحتى فى غياب خاصية مميزة بصورة تامة وصريحة، فإن كل مشتغل بالعلم يكتسب معرفته بواسطة تكوينه العلمى . وإذا دأب أحد متعاطى العلم على حل مشاكل من نمط موحد، وعلى إجراء تجارب من نمط واحد، ومارس على وجه الاحتمال، البحث العلمى على يد من سبق أن كان ممارساً محٌنّكاً للعلم داخل نموذج ارشادى معطى، فإنه سيألف مناهج هذا النموذج الإرشادى وتقنياته وأنماطه الموحدة، أنه لا يستطيع أن يقدم بياناً صريحاً حول المناهج والخبرات العلمية التى اكتسبها مثلما لا يستطيع نجار متعلم أن يصف وصفاً تاماً ما هو أعلى مما لدية من خبرة أو مهارة عملية . فالقسط الأكبر من معرفة المشتغل بالعلم القياسي يكون مقدراً بالمعنى الذى شرحه ميشيل بولانى؛ وهنا يعلن توماس كون فيقول: " وأعود هنا لاقتبس من ميشيل بولانى عبارته الخصبة، وأقول أن حصاد هذه العملية معرفة مضمرة يكتسبها المرء من خلال ممارسة العلم قبل أن يتعلم قواعد إنجازها .

ورغم اهتمام كون الشديد بالمعرفة المضمرة وأهميتها فى البحث العلمى؛ إلا أنه يخالف بولانى فى تعويله على الحدس الفردى . يقول كون: " الإشارة إلى المعرفة المضمرة واقترانها برفض القواعد العامة تبرر مشكلة أخرى أثارت ضيق كثير من انتقدونى، وتشكل فيما يبدو أساساً لاتهامات تتعلق باللاموضوعية واللاعقلانية . لقد ولدت إنطباعاً لدى بعض القراء بأننى حاولت أن أقيم العلم  على أساس من حالات الحدس الفردى الذى لا يخضع للتحليل ويكون بديلاً عن المنطق والقانون . بيد أن هذا التفسير خاطئ فى نقطتين جوهريتين . أولاً، إذا كنت قد تحدثت عن الحدس، فإنه ليس حدساً فردياً، وإنما الأصح أنه ذلك الرصيد الذى خضع للاختبار وبات مشتركاً بين أعضاء جماعة بحث ناجحة، ويكتسبه المبتدئ من خلال التدريب باعتباره جانباً من عملية إعداده لعضوية الجماعة . ثانياً، أنه ليس من حيث المبدأ غير قابل للتحليل . بل على العكس فإننى الآن أجرى تجارب على برنامج كومبيوتر جرى تصميمه لدراسة خصائص هذا الحدس على الصعيد الأولى  له.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقل بجامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم