أقلام حرة

سنوات العمر بين طرفة بن العبد وكفافي

ثامر الحاج امينلا خلاف على ان سنوات العمر هي الأغلى في حياة الإنسان، لذا يحرص جاهداً ان تبقى سنواته مفعمة بالشباب والحيوية كي يستمتع بما تمنحه من متع هي الطريق لسعادته المنشودة، وقد تأمل العديد من الشعراء في سنوات العمر وترجموا بصور شعرية مختلفة أحاسيسهم بشأنها وقيمتها، وفي مراجعة للشاعرين " طرفة بن العبد " و اليوناني " كفافي " نجدهما خير من جسدا القلق وتوصيفهما لسنوات العمر وكانا الأكثر دقة في التذكير بأهمية هذه النعمة، فقد شبّه " طرفة " سنوات عمره برصيد المال الذي ينفق منه كل يوم ولابد ان تحين الساعة التي لا يجد ما تبقى من هذا الرصيد وهي دلالة على النهاية :

أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة .... وما تنقص الأيام والدهر ينفد

أما الشاعر اليوناني " كفافي"  فقد تناول في قصيدة " شموع " هذه القضية المؤرقة متخيلا سنواته المتبقية بصف من الشموع المتلألئة وتنتابه وهو ينظر اليها حالة من الشعور المزدوج فهو بقدر ما يفرح وهو يرى شموعه المضيئة التي يرمز اليها بسنواته المتبقية لكنه في الوقت نفسه يخشى الالتفات الى الوراء فيرى دخان سنواته التي انقضت والتي وصفها بصف من الشموع المعتمة:                       

أيام الآتي تنتصب أمامنا

مثل صف شموع مشتعلة جميعا

شموع صغيرة، ذهبية، دافئة نابضة

أما الأيام التي مضت، فمتروكة الى الخلف

صفا حزينا من شموع مطفأة

والقريبة ماتزال ذات دخان

انها شموع باردة، ذائبة ... منحنية

لا أريد ان اراها

فأشاكلها تؤذيني

ويؤذيني ان أتذكر ضياءها الأول

انظر امامي الى شموعي الموقدة

لا اريد ان أستدير، لأرى بكل الرعب

كيف يستطيل، سريعا، الصف المعتم

وبأي سرعة تضاعف الشموع، تلك الشموع المطفأة.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم