صحيفة المثقف

عبد الكريم السامر.. ذاكرة ادبية وانفتاح على ثقافة الآخر

835 بصريونكان يطلق على مدينة البصرة بقمة الاسلام وقطب الثقافة العربية في الوقت الذي كانت المدن العربية الاخرى جامدة جرداء على مفترق طرق، وكانت البصره فيها رونق ونكهة الشرق الاصيل واساطيره الخيالية التي ادهشت واثارة العالم الغربي فحولوا قصصها الى مسلسلات تلفزيونية وافلام كارتونية وروائية مثل السندباد البصري او البحري وقصص الواق واق . ويذكر ان احد الخلفاء العباسيين قال بان ذهب وفضة الارض لا يبلغ ثمن نخلة في البصرة .

اليوم نحن امام شخصية بصرية سجلت لها حضورا مميزا في الساحة الادبية من خلال كتاباتها وترجماتها وندواتها الثقافية والتي تعتبر بدون شك اظافة جميلة الى حركة الادب البصري المتصاعدة . وكانت كتاباته عن الادباء البصريين واعداده وتقديمة للبعض منهم تعد مراكبة راقية وحضورا جميلا في الحركة الادبية البصرية منها كتاب – بصريون يصنعون الحكايات – وهي عبارة قصص قصيرة والتي تكشف عن الحقائق النفسية للرواة حيث نجد في هذه القصص اماطة اللثام عن عما هو كامن وخفي وراء هذه الحكايات من افكار ومشاعر وقلوب معتمة او مسفرة مستبشرة وابداع وخيال واسع يفصح عن كنوز الارث الحضاري والادبي لاهل البصرة ..

من ناحية اخرى اهتم السامر بالترجمة من الانكليزي الى العربي حيث ترجم مجموعة معتبره من قصائد الاطفال منها – الازهار كيف تنمو – و– اهطل بعيدا ايها المطر – وغيرها، وهي ما تعطي تهذيبا تربويا وشفافية للنفس وحب للجمال الذي يؤدي الى الابتعاد عن كل ما هو قبيح وسيئ .. وتعتبر الترجمة لون من الوان التبادل الثقافي والتسامح والتنوير الحضاري حيث تخلق فضاءا انسانيا مشتركا والاطلاع على ما وصل اليه الآخر .. واليوم يذكر ان الترجمة في عالمنا العربي في تراجع وربما لنقص في التموين وعدم وجود حضورا واسعا من المؤسسات المختصة بذلك الا القليل، كما يذكر ان الترجمة من الصعب ان تكون فردية بل هي عمل جماعي يضع قواعد للمصطلحات والمفاهيم وا لمفردات بدقة متناهية ... ويذكر ان الترجمة بدأت في علمنا العربي في مصر عام 1835 حيث انشأ محمد علي باشا مدرسة تسمى – مدرسة الالسن-

كان رئيسا لها رفاعة الطهطاوي، وتخرج منها طلبة قاموا بترجمة الكتب الغربية الى العربي ..

كما يذكر احصائية عن حركة الترجمة في عالمنا العربي ما بين عام 1970 وعام 1980 بلغ 2840 كتابا منها 62 في المئة في مصر و17 في المئة في سوريا و9 في المئة في العراق ...

وهو ما يعده البعض انخفاضا كبيرا في كمية الكتب المترجمة ..

836 بصريونمن ناحية تاريخية اسس الخليفة العباسي المأمون بيت الحكمة عام 813 م وكانت فيه تترجم الكتب الاجنبية الى العربي . وفي مدينة طليطلة ظهرت مدرسة للترجمة عام 1130 قامت بترجمة كتب علماء عرب ومسلمي اهل الاندلس الى اللغات الاوربية وعلى اثرها قامت الثورة الصناعية في اوربا .

وعلى اية حال فان ما يقوم به عبد الكريم السامر من حركة ثقافية متنوعة على صعيد الادب والترجمة يعد تجديدا واشعاعا وانفتاحا على الذات وثقافة الاخر وهو ما نحتاجه نحن اليوم لان ظاهرة الخطابة الصوتية لم تجني نفعا وقد اصمت الآذان واصبحت غثاءا كغثاء السيل .

والله يرحم الشاعر ابراهيم اليازجي عندما قال:

انتبهو واستفيقوا ايها العرب   فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

فيم التعلل بالآمال تخدعكم     وانتم بين راحات القنا سلب

الله اكبر ما هذا المنام فقد      شكاكم المهد واشتاقتكم الترب

من ناحية اخرى يعد اتحاد الادباء والكتاب في البصرة ظاهرة حضارية تأوي اليها افئدة اهل الثقافة والادب والفن .. وهو في انشطة مستمرة ومتميزة ومثمرة بقوة هاديئة وناعمة وباسلوب متمدن انيق فهو يبشر بحماسته عن النغمة الثقافية الشامخة، وبالتالي فهو رمزا لكل ظاهرة ادبية بصيرة وجريئة في مدينة البصرة .

 

د. كاظم شمهود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم