صحيفة المثقف

المدرسة الفورونية.. الشكية بحسب ما جاء به تيمون

عقيل العبودان اصل الخلاف في نظرية المعرفة بحسب الصراع القائم بين المدارس الفلسفية مذ أفلاطون وأرسطو وقبلهما، وبحسب ما جاء به تيمون، قائم على إشكاليتين: الأولى اشكالية العقل، والثانية اشكالية الحس، وبحسب المدرسة الشكية هنالك إبعاد لدور العقل والحس على أساس قصورهما في الكشف عن حقيقة المعرفة، لذلك يعد موضوع الشك أساس ما جاءت به المدرسة الفورونية.

فحقائق الأشياء التي ندركها بحسنا وعقلنا ناقصة وغير كافية، فما ندركه عقليا وحسيا هو ناقص وقاصر عن تبيان اصل الحقيقة بحسب المدرسة الشكية.

وهذا مبرر لعدم إثبات حجية المعرفة الخاصة بالكشف عن كنهية الشئ وأوصافه الحقيقية.

وهذا معناه ان البحث في الحقائق العلمية للموضوعات والأشياء لا يعطينا صورة كاملة عن طبيعتها المدرَكَة.

لذلك وبغية توضيح ما جاءت به المدرسة الشكية ينقل لنا الدكتور عبد الرحمن بدوي:

" يقول تيمون في عرضه لآراء المدرسة الفورونية ان الفلسفة الشكية تدور حول ثلاث مسائل: المسألة الأولى مسألة طبيعة الأشياء في ذاتها من حيث إمكان معرفتها، والمسألة الثانية مسألة الموقف الذي يجب ان يقفه الحكيم بإزاء طبيعة المعرفة التي لدينا من طبائع الأشياء، والمسألة الثالثة الموقف العملي الذي يستخلصه الإنسان من هذا الموقف الفكري"

وتفسير ذلك، انه بحسب المسألة الأولى، فإن طبيعة الشئ من الداخل والخارج لا يمكن ان تتجلى بشكل متكامل، أما بالنسبة للمسألة الثانية فأنها تعتمد على مساحة المدَرك من الأشياء، والمدرَك هنا مؤشر على عدم إمكانية العقل والحس لإستقراء الخصائص الكلية للموضوعات، اما الثالثة فهو ان المعرفة العملية المتعلقة بتجربة الإنسان وعلاقته مع الأشياء تعد غير كافية لإثبات البرهان.

وهذا معناه، بحسب ما جاء به الدكتور بدوي:

"ان المعرفة ليست ممكنة، وبالتالي يجب على الإنسان ان يشك وان يرتب حياته العملية على أساس هذا الشك"* السطر ٤-٨، نشأة الشك في الفلسفة اليونانية، فورون، ص ٩٨.

وبيت القصيد بحسب المتقدم انه ما دام عقل الإنسان وحسه لا يمكن لهما حل الألغاز المتعلقة بطبائع الأشياء والموضوعات، فيجب ""تعليق الحكم""* والعمل "بالاقوال المحتملة والظنيات"*حيث لا توجد معلومات يقينية.

وهذا مبرر لظهور مدارس وآراء تدحض الأفكار القائمة على تقصير الحس والعقل، باعتبارها مؤشر لإسقاط

حجية العلل والمعلولات التي تؤثر في حركة التاريخ.

 

عقيل العبود

.....................

حواشي:

"فورون من مدينة إيليس، وقد رحل مع الإسكندر في احدى رحلاته الى الهند، وأعجب بالفقراء الهنود" ص ٩٨، المقطع الثاني، السطر ١-٢.

هوامش

- دكتور عبد الرحمن بدوي، خريف الفكر اليوناني ص ٩٨ -٩٩، مدرسة فورون، السطر ١-٦

- دكتور عبد الرحمن بدوي السطر ٤-٨، نشأة الشك في الفلسفة اليونانية، فورون، ص ٩٨.

- نفس المصدر ص ١٠١ السطر، ٤.

- نفس المصدر ص١٠٢، السطر، ٤

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم