صحيفة المثقف

انتهاكات القانون الدولى الانسانى فى ادلب

ناجي احمد الصديقامكانية المحاكمة وفرص العدالة

لم يكن العالم يحتاج إلى شيء سوى صدور تقرير من منظمة حقوقية رائدة مثل هيومان رايتس وتش لكى يدفع باتجاه إجراء محاكمات دولية عادلة بحق اولئك اللذين قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ ودهورا المدارس والمستشفيات ودور العبادة فى ادلب السورية بين مارس 2019 وابريل 2020م تحت ذريعة استعادة ادلب من التنظيمات الإرهابية المسيطرة عليها، لم يكن العالم فى حاجة إلا لمثل تلك الوريقات الموثقة والتى تحمل بين طياتها أدلة وبراهين لتلك الأفعال الشنيعة لكى يتأبطها ويذهب بها الى منصات العدالة الدولية فى محكمة الجنيات الدولية او مجلس الامن او مجلس حقوق الانسان، فالعالم الذى نتحدث عنه قد رأى بام عينه ما فعله الطيران الروسى بالمدنيين العزل فى ادلب السورية فقد قتلهم أطفالا فى المدارس وعبادا فى المساجد ونساءا فى المطابخ ورجالا فى الأسواق وعمالا فى المصانع وهائمين بين الاذقة وعاطلين فى الطرقات، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا يتهم قادة روسيا وسوريا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فى ادلب السورية فى الفترة من ابريل 2019 الى مارس 2020 وحددت أشخاصا بعينهم كمتهمين فى ارتكاب تلك الجرائم من بينهم الرئيسان السوري والروسى ووزيري دفاعيهما، وقالت المنظمة فى تقريرها (ان مئات الأشخاص قتلوا فى المنطقة عندما تعرضت المدارس والمستشفيات والأسواق للهجمات) فما هى فرص المحاكمة الدولية على ضوء ذلك التقرير؟ 

من المعلوم ان القضاء الجنائى الدولى والذى يختص بمحاكمة المتهمين عن جرائم انتهاك القانون الدولي الانسانى ينقسم الى قسمين أولهما القضاء الجنائي المؤقت وهى تلك المحاكم المؤقتة التى يقوم بانشاءها مجلس الأمن الدولي وفق سلطاته تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وثانيها هو القضاء الجنائي الدائم ويتمثل فى المحكمة الجنائية الدولية، ومن المعلوم كذلك ان المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة يتم إنشاءها بواسطة مجلس الأمن بعد ان يقوم بإصدار قرار بان حالة ما تهدد الامن والسلم الدوليين ومن ثم يقرر وفق نظام التصويت على إصدار قرارات وفق الفصل السابع انشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتهمين فى الجرائم المرتكبة فى الحالة الذى اصدر بشأنها ذلك القرار. بحسب هذه الآلية فان مجلس الأمن يكون ملزما بإصدار القرار بأغلبية الأعضاء بما فيهم الأعضاء الخمسة الدائمين دون ان يستعمل اى منهم حق الفيتو لنقض ذلك القرار وعليه وبما دولة روسيا ضمن الأعضاء الدائمين الذى لهم حق الفيتو فليس من المؤمل ان يقوم مجلس الأمن بإصدار قرار يعتبر الحرب على ادلب تهدد السلم والأمن الدوليين وبالتالي لا يستطيع إصدار قرار بانشاء محكمة جنائية دولية مؤقتة لمحاكمة المتهمين بانتهاك القانون الدولى الانسانى فى ادلب . يصدق هذا القول أيضا على آلية احالة الوضع فى ادلب الى المحكمة الجنائية الدولية بواسطة مجلس الامن الدولى بموجب سلطاته تحت المادة 13 \2 من النظام الاساسى للمحكمة الجنائية الدولية وهى المادة التى تخول لمجلس الأمن احالة النزاع الى المحكمة الجنائية الدولية متى ما اتخذ قرارا بان الوضع يمثل تهديد للسلم والأمن الدوليين بموجب الفصل السابع من الميثاق .

لم يتبق غير ان تكون دولة سوريا موقعة على النظام الاساسى للمحكمة الجنائية الدولية حتى تستطيع المحكمة من ممارسة اختصاصها على الجرائم التى يمكن يكون تم ارتكابها فى ادلب وبما اندولة سوريا ليت عضوا فى المحكمة الجنائية الدولية ، وبما ان مجلس الامن لا يستطيع إنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب فى ادلب نسبة لقيام روسيا باستعمال حق الفيتو ضد هكذا قرار فانه يكون من المستحيل ان تتم محاكمة أولائك المتهمون مما يعن إفلات أولئك  المحرمين من العقاب تماما كما افلت غيرهم ممن كانوا موضع اتهام بانتهاك القانون الدولي الانسانى فى سوريا على مدى احدى عشر سنة هى عمر النزاع المسلح فى سوريا

 

ناجى احمد الصديق الهادى - السودان

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم