صحيفة المثقف

معضلة الإنتخابات!(4)

حميد طولستالديمقراطية هي المشاركة الواعية والمسؤولة لجميع أفراد المجتمع في بناءوتنمية وتغيير المجتمعات نحو الأفضل عن طريق المشاركة السياسية المتوجة بالانتخابات، الممثلة لذروة الديمقراطية، التي يبقى من الصعب الحديث عن نزاهتها في العالم الثالث عامة والعربي على وجه الخصوص، مادامت العملية برمتها تفتقد إلى معايير محددة، ومادام غالبية المتطلعين للسلطة والوجاهة والمال عبرها، لا يفكرون - بل يحملون أية آلية للتفكير والإبداع - إلا في كيفية التلاعب بمجرياتها، وضرب قيم التكافئ ومبادئ التنافسية في ممارستها، لتدجين الناخبنين وترويضهم واغراقهم في اغتراب شديد وفوضى ذهنية مفاهمية عارمة، تدفع بهم للمشاركة في لعبة التجيير والتدجين التي  يصرف عليها تجار الإنتخابات، الجهد والمال لابتكار الطرق والأساليب المتطورة الضامنة لنجاحها، والتي يبلغ بعضُها درجات خطيرة من التحلل والانحلال والتهافت والتهالك على الصغائر والمهالك، التي تجعل كل فئة تنظر للأخرى بترقب وتوجس وعدم ثقة. 

ربما يقول قائل أن التزوير الانتخابي لا يقتصر على دول العالم الثالث ودول العالم العربية وحدها، بل هو ظاهرة عالمية موجودة في كل الدول حتى الديمقراطية منها، لكن بنسب متفاوتة، تحد من تفاقم التلاعب بها، الرقابة والمحاسبة الصارمة، ووعي الجماهير بقيمة نزاهتها، والذي يعد تحقيق القضاء الفرنسي مع ساركوزي في تهمة تلقي رشاوى انتخابية وتمويلات مشبوهة أثناء تحضيره لانتخابات سنة ألفين وسبعة، الدليل الساطع على أن للانتخابات حرمة كبيرة، وأن انتهاك نزهاهتها، هو عندهم من أخطر أشكال الفساد، لما فيه من تقويض للديمقراطية برمتها، واستخفاف واحتقار للناخبين واعتبارهم قطيعاً تجب تبعيته للذين لا هم لهم إلا السعي ليكونوا منتخبين، دون أي فعل حقيقي أو تغيير لواقع المواطن، والذين يرون أنفسهم دائمًا الأجدر على التحكم في رقاب ومقدرات الناس، والذي إذا حال بينهم وبينه حوائل، لم يتورعوا في ليّ الحقائق ليسوغوا المنطق المعكوس لنفسهم وللآخرين لتحقيق رغباتهم وأهوائهم التي تضرب القيم المعنويه للإنتخابات ومبادئها الأساسية التي أثبتت فاعليتها في البلاد الديمقراطية . 

 

 حميد طولست

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم