صحيفة المثقف

موسيقى الكائن

سعد جاسم(العزلةُ تشعُّ ...

 والمطلقُ " حيا - موت "

 ليس كمثلهِ شيء)

 

هكذا ....

ومن أجلِ أن يحيا في عزلةٍ

كما لوكانَ

في أَقصى الصحارى

 

هكذا ....

وبلا عملةٍ وذهبٍ ويواقيت

هكذا....

وبلا بوصلةٍ وبلا اسطرلابٍ

هكذا ....

وبعُريٍّ بدائيٍّ

وصفاءِ قديسين

ينطلقُ الكائنُ / أَنا ... ليختارَ لهُ مكاناً بعيداً ...

بعيداً عن الضجيجِ الفاسدِ والعيون :

 آهٍ... من العيونِ الفئرانيةِ والواحدةِ

والتي تُكَرّسُ للتحديقِ بدواخلكَ

وبكرياتِ دمكَ ... وخلاياكَ

وبخطواتكَ ... وأمكنتكَ السرّيةِ جداً

وهكذا.....

يُفكّرُ الكائنُ / أنا

يُفكّرُ ... حتى تشعَّ عزلتُهُ

بنورِ التأمّلِ وجمراتِ الشاعريةِ

وتفيض بينابيعِ التجلي

وإنثيالاتِ الروحِ .

قلتُ : يُفكّرُ / أَنا ...

أَن يغلقَ عليهِ بقوةٍ

ويغورُ عميقاً في عزلتهِ

وهكذا ....

يعثرُالكائن / أنا - بعدَ بحثِ منهكٍ –

على مكانهِ البعيد ...

وما أن يحاول أن يستقرَ

وهوَ الذي لامستقرَ لهُ ؛

حتى تنثالَ أو تنبثقَ من خلاياهُ : موسيقى ...

موسيقى تُنذرُ بالخطرِ

ويندهشُ بتفتحِ بنفسجاتٍ وقرنفلاتٍ عذراء

في جغرافيا مكانهِ

بما في ذلكَ جدرانه الآجرية وسقفه الكونكريتي

وكذلكَ تُنَبههُ النوارسُ

بتوهّجِ الشمسِ  في دمهِ

وإنَّ الفينيقَ مضى عليهِ حريقانِ

وهوَ يطرقُ بابَ عزلتهِ الذهبيةِ

***

هكذا ....

وبلا....

يحدثُ للكائنِ / أنا ... المُحَلّقُ في فضاءاتِ عزلتهِ

المُشعَّةِ بنورِ التأمّلِ

يحدثُ أن تسطعَ في ذاتهِ القلقةِ :

أقمارُ حبِّ ...

وإزاء هذا السطوع

توقَّدتْ اعماقهُ بفرحٍ طفوليٍّ

لهُ قوةُ عناصرِ الكينونةِ الأولى :

فرحٌ في حبِّ الكائناتِ والأشياء

فرحٌ الغى اعتقادَهُ الواهمَ

بأَنِّ الزمنَ قد مضت آلاته ... قطاراتهُ .. وخيولهُ

وسفنهُ وطائراتُهُ الورقيةُ

***

دعوا الكائنَ / أنا ...

 في عزلته

دعوا خلاياهُ تكتشفُ

ودعوا حواسهُ البتول تتفتح

ولا تستعجلوا النهاية

***

الآنَ ....

يعني الكائنُ / أنا

أَن يُشيّئَ الزمنَ

ويحاورَ الذي قد يقيَّضُ لهُ أَن يُحلَّقَ

في فضاءِ هذهِ العزلةِ

يحاورهُ إزاءَ :

0 الحقيقة العذراء

0 معنى الألم   

0 فضة الخسارة

0 رماد الوهم  

وضوء الانصهار الكلي

لا الالتقاء الشهوي أو الموت

في الآخر

 

قلتُ : يحاورُ – بعيداً عن مخالب الهزيمة

التي تتركُ الكائنَ يمضي الى صومعته/ قبرهِ

مهزوماً بمنتهى الاحتراف والتوجّسِ

والاحتقارِ الذي يلفظهُ الى الهوةِ السوداءِ

قلتُ : يحاورُ ..

أليسَ كذلكَ ؟

لا ... فقد قررَ الكائنُ  / أنا

أَن يبتكرَ ..................

أو لنقل ...أن يُفكّرَ :

أنَّ بعضَ العواطفِ ليستْ الا ثمار:

 

* الأحساسِ بالشيخوخة

* الطفولةِ الأبدية         

* الفراغِ الهيولي         

* المراهقةِ الفولتيرية    

* والخلودِ الأسمى من جلجامش

ونواحهِ الساذجِ

وأفعاه الغادرة

التي ماتتْ بقاءً رغمَ ثيابها المرقطة

***

كلُّ هذه العواطف كثيراً ماتحوّل القلبَ الى غرفةٍ مهيأةٍ

لأستيطانِ ايِّ دكتاتورٍ أعزلٍ إلا من أوهامهِ

أو مومس أكثرَ نبلاً من نابليون بونابرت

أو أَسد إفتضتِ الثعالبُ بكارةَ فروتهِ وزئيرهِ الببغائي

أو شاعر نبؤتهُ جنونهُ .

ولكنَّ الكائنَ / أنا ..

{أُنبّهُ ... أُنبهني ... انبهكِ

أُنبهكَ ... أنبهكم}

بأَنَّ أخطرَ تلكَ العواطف هيَ أن :

{ تدركَ ... تدركي ... أُدركُ ... تدركوا}

بلا شكٍّ بأَننا ...أنكَّ ... أنكِ .. انني ..

قد التقينا الآخرَ الحقيقي في زمانٍ وفي مكانٍ مزيفينِ .

وعندما تستطيلُ أو تتقاربُ وقد تتكسرُ أو تتنافى المسافاتُ

تصبحُ  الاغنياتُ والنوايا والمحاولاتُ والخسائرُ والمغامراتُ

والتوسلاتُ قابلةً للتأويلِ والبكاءِ والنميمةِ والتمثيلِ

والخيانةِ والانصهارِ المطلقِ

الذي (ليسَ كمثلهِ شئ) .

وهكذا يمكنُ أن يكونَ هنالكَ الحب:

 

* حبُّ مُدمّرٌّ

* حبٌّ تقليديٌّ

* حبٌّ أَعورٌ

* حبٌّ هاملتيٌّ

* حبٌّ سوقيٌّ

* حبٌّ أوُديبيٌّ

* حبٌّ عذريٌّ

* حبٌّ إفلاطو – آليٌّ

- أنا أَشكُّ بعذريتنا مثلما أشكُّ

بعذريةِ أُوفيليا –

* حبٌّ ... حبٌّ نرسيسيٌّ

* حبٌّ معدومٌّ ......... 

* حبٌّ من طرفٍ واحدٍ ..

وثالثٍ وسابعٍ وعاشرٍ

***

هكذا .....

وبلا .....

هكذا...الكائنُ – أنا – الثملُ بنورِ عزلتهِ

الآنَ ثانيةً تنبثقُ الموسيقى من خلاياهُ :

موسيقى ... موسيقى بروق ... موسيقى ... موسيقى ينابيع

موسيقى جنائزية ... موسيقى ...موسيقى لإغتيالاتٍ

وحروبٍ فنطازيةٍ ... موسيقى ... لقيامةٍ لانعرفُ ساعتها

موسيقى ... موسيقى خطرةٌ ....

موسيقى لعالمٍ قدْ يفنى في نهاياتِ القرنِ

ولايُخلقُ ثانيةً في ستةِ أَيامٍ

ولهذا سأُحّذّرُ :

إحذرْ ...

احذري ..

إحذروا :

هنالكَ ثمَّةَ حبٌ – ليسَ كمثلهِ شئ –

.

.

.

.

الله --------- آدم وحواء

 أَخطاؤهما ومكائدهما

.

.

.

.

أنا

.

.

.

هوَ

.

.

.

اللهُ ---------- نحنُ

.

.

.

اللهُ

.

.

.

.

.

المطلقُ

.

.

 

ليسَ كمثلهِ شئ

.

.

أَيُّها الموتُ ستموتُ يوماً

 بموسيقى حقيقتك – حقيقتنا الفاجعة

***

سعد جاسم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم