صحيفة المثقف

من المقهى يعلن العصر الكلاسيكي

يسري عبد الغنيكان ديفو وسويفت أعظم صحفيين في عصرهما، ولقد ازداد اليوم شهرة لكونهما مؤلفين أول روايتين إنجليزيتين عظيمتين (روبنسون كروزو)، و(رحلات جليفر)، وقراءة هاتين الروايتين فيهما من المتعة ما كان لهما منذ أكثر من 290 عامًا، وكان الإنجاز الرئيسي لديفو وسويفت هو كتابة النثر الإنجليزي واضحًا مباشرًا، يمكن لأعضاء الطبقة المتوسطة تفهمه بسهولة ويسر، ففي القرن التاسع عشر، كان النثر الإنجليزي بلغة المثقفين الأكثر تقعرًا، مليئًا بالاقتباسات التقليدية من التراث، وباللمحات العلمية والفلسفية الصعبة، ويرجع الفضل في الأسلوب الجديد السهل في الكتابة، أكثر ما يرجع، إلى أثر المقاهي التي ازدهرت خلال حكم الملكة آن، حيث نقرأ أن هذه المقاهي في نهاية القرن السابع عشر كانت تعد مراكز مألوفة للحوار السياسي والفكري والأدبي، وكانت الصحف والكتيبات توزع هناك، أو تعلق ليقرأها الجميع .

هذا، ولقد توطدت هذه المقاييس الأدبية الجديدة البسيطة في أواخر القرن السابع عشر وبداية الثامن عشر في المقاهي، لتغطي ما يعرف باسم العصر الأغسطي في الأدب الإنجليزي، وهو يسمى أيضًا (العصر الكلاسيكي )، أو (عصر المنطق)، لأن العقيدة سادت بأنه لا بد لكل كتابة، شعرًا كانت أو نثرًا، أن تحذو حذو ما كان للكتاب اللاتين القدماء من أسلوب سلس سهل، وكانت كل هذه الأفكار تناقش في المقاهي التي هي بمثابة منتديات ثقافية للجميع .

وكان الشاعر الكبير، والمسرحي، والناقد / جون درا يدين (1631 م ـ 1700 م) أبًا للمقاهي الأدبية، فربما أمضى أمسياته في (مقهى ويل)، يبث أفكاره عن الأدب لشبان مثل (أديسون) و(ستيل)، الذين قدر لهما أخيرًا نشر المعرفة في مجلات مثل: (سبكتاتور) و(تاتلر)، وقد روي عن إديسون قوله: " إن غاية طموحي كان في إخراج الفلسفة من الخزائن والمكتبات، والمدارس والكليات، حتى تغشى المنتديات والأندية، ومناضد الشاي، وتتسرب إلى المقاهي " .

وبموت درا يدين عام 1700 م، احتل أديسون منصب الحكم في التذوق الأدبي في مقهى ويل أولاً، وأخيرًا في مقهى باتون .

كان أدب ذلك العصر محببًا بهيجًا، وقد كانت الطبقات العليا والوسطى قانعة بالحياة، وغاية آمالها أن تصبح الحياة أكثر راحة .

وخلال حكم كل من الملكين: جورج الأول، وجورج الثاني، كان رجال الأدب والفكر والثقافة على جانب من السلطة والقوة كبيرين في المحيطين السياسي والاجتماعي، فالسياسيون القديرون، مثل: جودولفين، وهارلي، بولينجبروك، يستخدمون الكتاب لعرض الحجج السياسية على الجماهير، ولقد استخدم كل من ديفو وسويفت في هذا السبيل .

 

بقلم: د.يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم