شهادات ومذكرات

أيامٌ من القلق! (4)

صادق السامرائيالأرض واقفة مرتعبة وتؤدي قفزات متواصلة...الذهول قد أصاب الدول العربية والغربية... إنه الزلزال الهائل الذي عصف بالكرة الأرضية...أسهمُ البورصات قد هبطت...سعر البرميل الواحد من النفط قد تجاوزر (28) دولارا...الإقتصاد العالمي في خطر،،،تحرك الجيش العراقي بضعة كيلومترات فاهتزت الأرض... الدول العربية تستنكر وكذلك الغربية...دول العالم قاطبة تدين العراق...

مجلس الأمن يقرر عقوبات إقتصادية شاملة...والخيار العسكري لا يزال قائما ويبدو أنهم سيوجهون ضربة عنيفة جدا للعراق، وهذا يتطلب بعض الوقت لترتيب القوات وتنسيق الحركة وتحديد الأهداف...

كل يوم يمر الموقف سيزدادد سوءً...العراق أعلن أنه سينسحب لكن العالم يعلن أن العراق يحشد قوات كبيرة على الحدود السعودية...

وزير الدفاع الأمريكي في جدة...والرئيس العراقي يعلم القائم بالأعمال الأمريكي أن الكويت أصبحت ملكا صرفا للعراق ولا تراجع عن ذلك...الأرض تدور بسرعة...الجيش الشعبي يملأ أرض الكويت...حكومة الكويت المؤقتة تعلن أن قيمة الدينار العراقي كقيمة الدينار الكويتي...أنابيب النفط العراقي مهددة بالإغلاق...تركيا تردد ذلك وفقا لقرار مجلس الأمن الذي صدر أمس...السعودية مترددة في إجراء الغلق...

هناك أخبار تتحدث عن أن العراق قد هدد بإجتياح السعودية إن هي أغلقت أنبوب النفط...ماذا جرى وعلى أي شيئ يستند هذا السلوك لا نستطيع أن نقدر على الإطلاق...

الأرض تفور وتمور والرئيس العراقي يقول الكويت عراقية وقد إقتطعها الأجنبي واليوم تعود إليه، كما أنها خطوة وحدوية، ولو أن طريقة التعبير عنها تبدو للبعض حالة أخرى، لكنها خطوة وحدوية وبالحسابات المجردة خطوة صحيحة لصالح الأمة، ولأجل الإستثمار الأمثل لرؤوس أموالها وخيراتها...

الأرض لا تعرف كيف تدور...أركانها تتجاوب...الدول الكبرى في ذهول...الحكام العرب يضرب بعضهم رأسه بالآخر...ما هو الحل...لا أحد يدري كيف سيتم الخروج من المأزق...

أما العراق فأنه يتحرك وكأن ما يحدث في العالم لا يعنيه، وأنه جعجعة فارغة في مهب الريح...إنه يمضي في تأكيد خطوات التفاعل الإندماجي مع الكويت، بل الوحدة الأبدية على حد تعبير أجهزة إعلامه...

8\8\1990

إنها الذكرى الثانية لنهاية الحرب العراقية الإيرانية، وما مرت بسلام، ففي الساعة السادسة والنصف مساءً أعلن العراق الوحدة الإندماجية مع الكويت وقال أنها عودة الفرع إلى أصله، وهي وحدة نهائية لا رجعة فيها...وأن العراق الجديد هو من زاخو إلى الأحمدي...وأية قوة تقول بغير ذلك فعليها أن تنازل العراق، أو أن العراق مستعد للمنازلة معها وسيحصد النصر حتما...

الرؤوساء العرب في غاية الإنفعال خصوصا الرئيس المصري حسني مبارك الذي لا يعرف مخرجا من الأزمة ...ولا يُعرف لماذا لا يتكاتف العرب ويبحثوا في إيجاد الحل المعقول لها وضمن الجامعة العربية ليتفادوا التدخل الأجنبي، الذي سيكون مدمرا ومحققا لمصالح وأحلام الطامعين في العرب...

لماذا يُراد تدويل الأزمة وتحويلها إلى منفذ للغنيمة يستثمره الآخرون إلى أقصاه...

فالسعودية قد إستنجدت بالقوات الأمريكية لحمايتها بعد أن أوهموها بأن العراق سيتقدم نحوها...واليوم تبين لماذا وقع العراق مع السعودية معاهدة عدم إعتداء قبل أشهر، وهذا يعني أنه كان يتحرك بإتجاه الغزو منذ زمان...

الرئيس الأمريكي يرسل قوات إلى السعودية معززة بزيادة عدد القطعات البحرية وحاملات الطائرات...وكذلك بريطانيا دفعت بقوات إلى الخليج...

أ يريدون ضرب العراق بقوة...؟

وقد رد العراق مساء اليوم وأكد أنه لن يقحم نفسه في حرب مع السعودية، وأنه مستعد للتفاهم بشأن هذا الغموض...

لكن القوى الكبرى تقول بأن العراق أصبح غير مأمون الجانب، إذ أكد بأنه لن يغزو الكويت وفعلها...لقد أصبح العراق قوة هائلة لا يمكن الصمود أمامها من قبل الدول المجاورة....

كما ذكر العراق مساء اليوم أيضا بأن أمريكا قد نسقت مع إسرائيل للهجوم عليه وغيّرت ألوان الطائرات الإسرائيلية وجعلتها بلون الطائرات الأمريكية، وأعطت طياريها هويات أمريكية لكي توهم العراق بأن الهجوم أمريكي وبأنه سيرد بقوة...

أما بخصوص العرب فأن الرئيس المصري منفعل، وقد نادى بعقد مؤتمر قمة عربي خلال أربع وعشرين ساعة، قبل أن يتفجر الموقف وينهار الوجودالعربي...

وذكرت وكالات الأنباء بأن المؤتمر سينعقد غدا الساعة السابعة مساءً...

الساعات تتلاحق والأحداث تتزاحم والعراق يسابق الزمن...فيعلن الوحدة ويصدر المراسيم الجمهورية القاضية بتأسيس دولة الوحدة...فرئيس حكومة الكويت المؤقتة يعين بمنصب نائب رئيس الوزراء، وأعضاء حكومته مستشارين في رئاسة الجمهورية بدرجة وزير....

العالم كله يد واحدة ضد العراق...االحصار الإقتصادي قائم وعلى جميع المستويات...وقد أغلقت تركيا أنبوب النفط وجمدت الأموال العراقية، وأوقفت كل إستيراد وتصدير منه وإليه.....

أسعار برميل النفط إرتفعت إلى ثلاثين دولار وهي في تزايد نتيجة لتوقف الضخ الكويتي والعراقي...

الرئيس الأمريكي يعلن أنه ليس في حرب مع العراق ولا ينوي إخراج العراق من الكويت، وإنما أرسل القوات لكي تدافع عن السعودية في حالة مهاجمتها وحدث ذلك وفقا لطلب سعودي...

يبدو أن العالم قد نسي الكويت وأخذ يفكر بالسعودية، وتبدو وكأنها خطة معقدة لغاية دفينة في صدر القوى الكبرى تديرها عقول خبيرة بأكل الدول وإفتراس وجودها...ذلك أن العالم كان باردا وفاترا في رده على إعلان الوحدة الإندماجية...وهذا منافي للمعقول مما يشر إلى أن هناك شيئا مروعا يتم توفير الأسباب الكافية لتسويغ حدوثه...

والعراق يرى بأن ما يجري زوبعة إعلامية ستبدأ بالتلاشي، ولسوف تهدأ الأوضاع، ولن يبقى إلا المجد والتأريخ...

الرئيس العراقي يتحدث في جلسة مجلس الوزراء والمجلس الوطني والكوادر المتقدمة، ويؤكد على أن الكويت أصبحت جزءً من العراق، وأنه يوم عودة الفرع إلى الأصل...وأن الكويت كانت كيانا مزيفا أريد به الإضرار بالعرب، وأن هذه الخطوة تحقق أول الأهداف التي ناضل من أجلها العرب...

ويرى العراق أن المواجهة معه ستكلف الآخرين كثيرا، وإنها لن تحصل لكنها زوبعة وستنتهي...وليس في ألأمر ما يوحي بتصعيد..لكن القادم من الوقت قد يكون مترعا بالمفاجآت ...فهل هذا معقول ورشيد...؟

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم