نصوص أدبية

سراب سعدي: رسام فاشل!!

في شبابي كنت أنوي اخبار أبي أن تصرفاته معي كانت مزعجة وكنت أود أن أقول له بأن كلماته جارحة اغلب الأحيان فمن غير المنطق أن يكون الإنسان صريحاً بهذا الشكل الجارح، أنا اتذكر كلامه بالحرف الواحد (ابني أنت لا تصلح أن تكون رساما جادا فأنت مثلي ترسم الوجوه على حقيقتها!!)، لم آخذ كلامه على محمل الجد أو اليقين وكنت أخبر نفسي أن أبي قديم الطراز ولا يعرف شيئاً عن الحياة حالياً، فهو كبير و آراء الكبار محصورة بماضيهم !! . مضت الأيام وأصبحت ارسم أجمل اللوحات كنت أتقن كل الرسوم أرسم الاطفال ببرائتهم الجميلة وارسم العصافير والأشجار والأنهار، وذات يوم جاءني مسؤول كبير معروف عنه الفساد والبطلان وسرقة أموال الناس والعباد . أمرني أن أرسم وجهه بوقار ! فقلت لنفسي هذا سهل فأنا رسام والرسام من السهل عليه أن يرسم ويجمل صور الناس ليفرحوا بها، أتممت الرسمة على أكمل وجه وكنت أتفنن برسمهِ بأدق تفاصيله لم اكون أنوي غشه أو التلاعب بملامحهِ، قلت لنفسي ساغتني من رسمتي تلك فالمسؤول الفاسد (يبعزق) أمواله (أموال شعبه بلا ضمير) وعندما استلم رسمته أخبرني أني رسام فاشل ومتبجح وغير محترم !!، أشار إلى أحد حراسه لأخذي بعيداً وأثناء الطريق أخبرني أحد حراسه أني تفننت في رسم أبغض وابشع صورة لسيادته !! . أودعت في السجن وها أنا ذا أذكر كلام والدي ونصحه بأني أرسم الوجوه على حقيقتها .. وأنتم أي شخصية تريدون مني رسمها فقط أخبروني فقد قررت أن أعيش في السجن مدى الحياة !!

***

الكاتبة الروائية سراب سعدي

في نصوص اليوم