نصوص أدبية

نجاة الزباير: اُمْرَأَةٌ.. فَتًى وَبُنْدُقِيَّة

اُللَّيْلُ يُبَعْثِرُ أَوْرَاقَهُ

هَلْ كَانَ يَقْرَأُ لَهُمْ بُرْجَ اُلْحَيَاةْ

مُتَأَمِّلاً  خَـطَّ اُلْمَمَاتْ ؟!!

1

كَانَ يَمْشِي بِلَا هُويَّةٍ يَتَأَمَّلُ بِحُزْنٍ خُطَاهْ

مُرْهَـقًا مِنْ صَوْتٍ يِئِنُّ فِي حَنَايَاهْ

اُلْتَفَّ حَوْلَ كَاحِلِـهِ اُلْحَرِيقْ

وَفَـاضَتْ عَيْنَاه

- "لَا تَتْرُكِينِي أُمِّي لِذِئَابِ اُلْأَرْضِ

فَأَنَا يُوسُفُ اُلْقَادِمُ مِنْ بِئْرِ اُلْوَهْمِ"

صَـدَّتْـهُ

اُنْتَفَضَ جَنَاحَـاهُ :

-    " دَعِينِي أَتَدَثَّرُ بِمِلْحِ اُلْأَرْضِ

وَأَرْكُضُ كَمَا يُوحَنَّا

لِيَقْتَاتَ مِنِّيَ اُلْمَوْت."

3879 غزة2

كَانَا لَا يَسْمَعَانِ غَيْرَ صَوْتِ اُلرَّصَاصِ

لَمْلَمَتِ اُلْمَرْأَةُ شَعْرَهَا

مَسَحَتْ بِلُطْفٍ عَنْ ثَوْبِهَا

تَعَطَّرَتْ بِقِنِّينَةِ اُلْحَرْبِ

وَرَكَضَتْ نَحْوَ بِحَارِ اُلدَّم.

وَقَـفَـتْ

تَأَمَّلَتْ مَصِيرَهَا.

كَانَ اُلْقَمَرُ حِينَهَا يُضِيءُ

وَكَانَتْ خُطُوَاتُهُمَا تُزْهِرُ

ـ " إِلَى أَيْنَ يَمْضِيَانِ ؟"

وَشْوَشَتْ مَحَارَةُ اُلْغَضَبْ.

3

اُلطَّرِيقُ طَوِيلٌ يَعُبُّ مِنَ اُلْخَوْفِ حَصَاه

وَكَانَ اُلْبَرْدُ اُلشَّدِيدُ يُقَوِّسُ ظَهْرَهَا

دَفَعَتْ فَتَاهَا نَحْوَ حُضْنِهَا

وَغَنَّتْ مَوَاوِيلَ

تَفْهَمُ وَحْدَهَا جُرْحَهَا.

جَلَسَتْ فَوْقَ أَعْضَاءِ حُلْمِهَا

تَعُدُّ سُبْحَةَ عُمْرِهَا

يَـا لَلْهَوْلِ !

كَمْ مَضَى تَقُولُ فِي سِرِّهَا

- "هَلْ كَانَ عَلَيْهَا تَوْدِيعُ أَنْفَاسِهَا"؟!

قَالَ ظِلُّ اُلْأَرْضِ وَهوَ يَعْدُو مِنْ جَفْنِهَا.

4

كَانَا غَرِيبَيْنِ أَنْهَكَهُمَا اُلظَّمَأْ

دَنْدَنَ اُلْفَتَى بِلَحْنٍ حَزِين

ـ "أَنَا اُلْأَرْضُ

وَاُلْأَرْضُ أَنْتِ

خَدِيجَة ! لَا تُغْلِقِي اُلْبَابْ

لاَ تَدْخلِي فِي الْغِيَابْ

سَنَطْرُدُهُمْ مِنْ إِنَاءِ اُلزُّهُورِ وَحَبْلِ اُلْغَسِيلْ

سَنَطْرُدُهُمْ عَنْ حِجَارَةِ هَذَا اُلطَّرِيقِ اُلطَّوِيلْ

سَنَطْرُدُهُمْ مِنْ هَوَاءِ اُلْجَلِيلْ". *

5

كَانَ اُلْعَالَمُ يُصْغِي لِذَبْحِ اُلْبَرَاءَةِ

تَسَلَّلَا مِنْ تَحْتِ رِدَاءِ اُلرُّعْبِ

رَأَيَاهُ يَهْذِي بِوَطَنٍ زَائِفٍ

وَلِلظُّلْمِ يُـصَلِّي.

- "هَلْ وَصَلْنَا ؟ !!! "

مَرَقَ اُلْفَتَى مِنْ تَحْتِ إِبْطِهَا

- "عُـدْ"

قَالَتْ بِخُفُوتٍ لا يُسْمِعُ نَبْضَهَا.

6

......................

.......................

يَا لَهَذَا اُلْجُنونِ اُلَّذِي خَاصَرَ مَوْتَهَا !!

***

نجاة الزباير

............................

*من " قصيدة الأرض" للشاعر الكبير محمود درويش

في نصوص اليوم