أقلام ثقافية

صادق السامرائي: الإبداع الإنعكاسي!!

صادق السامرائيهل أن الإبداع يعكس الواقع أم الواقع يعكس الإبداع؟

سؤال يستحق التأمل والدراسة والنظر العميق!!

قال لي زميل صيني ذات يوم وهو من المفكرين المعاصرين: "إن الرئيس ماو غيّرنا بشعره، ولديكم آلاف الشعراء ولا تتغيَّرون"!!

حينها جعلني أفكر بالموضوع، وما توصلت إلى جواب مقنع، واليوم حضرني كلامه، ورحت أقلبه وأقارنه وأتفكر فيه، وإستخلصت أن إبداعاتنا تعكس الواقع وتبرره وترسِّخه وتعززه، فالإبداع عندنا مرآة الواقع، وليس العكس، أي أن الواقع لا يعكس الإبداع.

وعندما نتأمل الإنتاج الإبداعي على مدى عقود، يتبين أنه يتصف بالرثئيات القاسية، إذ يسوده الحزن والتأسي والنحيب، وجلد الذات، وذرف الدموع على الماضيات، ويفتقد للإرادة المتطلعة للتحدي والرقاء.

فالغرض التقليدي قد تطور وتجسم أكثر مما في سابق العصور، وأضيف للإبداع غرض آخر هو الهروب والإنزواء.

وحينما ندرس إبداعنا الشعري – على سبيل الحصر – نكتشف أنه بكائيات على الأطلال، وقد لخصه إمرؤ القيس بقوله: " قفا نبكي...."!!

وأحيانا تتخلله غزليات عودة الشيخ إلى صباه!!

بينما الشعر في المجتمعات المتقدمة، يمثل فكرة ذات صدى مؤثر في الواقع، فهو لا يعكس الواقع بل أن الواقع يجتهد للتعبير عما يطرحه من رؤى وأفكار.

فإبداعنا إستسلامي، تبريري، تخديري، وإبداعهم إستنهاضي إستشرافي متطلع إلى مستويات من الصيرورات الإنسانية السامقة.

وهذا الفارق الحضاري، يجعلنا ندرك أسباب تأسننا في مشاكلنا، وتنامي قدراتنا على تعضيلها وتدمير سوحها، وتثبيط همم الأجيال الوافدة.

وعليه، فلابد من إعادة النظر بفحوى الإبداع، وتنقيته من الأفكار والمفردات السلبية، وضخه بطاقات إيجابية لها قيمة تحفيزية وتنويرية،  لرفع الهمة وبناء العزيمة المقدامة.

فهل لنا أن نأتي بإبداعٍ منيف؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم