صحيفة المثقف

شعر وشعراء

neeran alobaydiالشاعر هو انسان مثل كل الناس لكنه مرهف الحس يشعر بمشاعر الآخرين ومن ثم مشاعر شعبه ويحمل همومهم، وهو حر في ان يكون شاعرا ً شياسيا ً او ثوريا ً او غزليا ً او غناءيا ً او صوفيا ً او كيفما يروق له على ان لا يخدش مشاعر الآخرين او ينتقص من كرامتهم او من آمال شعبه بأسلوب تهكمي ساخر والا لايعد شاعرا ً واما محاولة مجردة وشهادة بائسة مسجلة عليه وهو متهم باستغلال اية مناسبة من المناسبات للتعبير عن الادلاء بارائة وتعليقاته بكلمة منتقصة من الآخرين او مقال محسوب على الشعر كقصيدة، والشعر منه براء، الشاعر حر في ان يطرق كل موضوع في اي شكل او اسلوب يرتأيه لموضوع قصائده فهي بالنسبة له كالالوان بالنسبة للاقمشة اكان النسيج من الحرير او الصوف او القطن او النايلون واللون وحده لن يغير من مادة القماش وجودته انه مجرد لون من الوان الاصباغ قد يكون عاملا من عوامل الاغراء لتسويقه، وكذلك موضوع القصيدة التي يكتبها الشاعر الموهوب الملهم، قد يجعل من اتفه المواضيع مادة لأروع قصيدة ان كان شيء بنفس الشاعر يحمل من الانسانية مما يتفاعل مع عواطفه واحاسيسه فيدفعه لكتابة القصيدة، لكن مصيبة بعض الشعراء كانت محاولاتهم استغلال كل موضوع هام كمادة لقصائدهم ولعلهم كانوا يؤمنون ان اهمية الموضوع تغنيهم عن التجاوب العاطفي مع ما يقولونه من كلام نشروه في حينه فصفق الجمهور لهم واعادوا نشره مرة اخرى في دواوينهم وما هو من الشعر بشيء مستغلين طيبة المتلقين التواقين للسماع، فيشعرون بالترفع عن الجماهير التي صفقت لهم وتصبح العلاقة غير انسانية او آحادية الجانب، ان الغرور هو آفة بعض الشعراء وهو الذي سوغ لاقلامهم الخوض في كل مضمار، فعلقوا على كل خبر هام او حدث هام بقصيدة كأن كل منهم محرر صحيفة يومية او خبارية سياسية ادبية اجتماعية فلسفية، او كأنه احد المسؤولين السياسيين او الاجتماعيين فهو يتهم تارة وفق اهواءه الآخرين بالعمالة او عدم الاستحقاق الحياتي للآخرين لانهم عاملين خلف الكواليس الاعلامية وخبرتهم منصبة بجانب آخر من الحياة لكنها تعتبر رافد للنهضة الفكرية من محامين واطباء وعلماء اجتماع ومعلمين وكسبة ومعماريين، الحياة ليست شعراء فقط و لكنهم يسقطون كل هذه الشرائح بغرورهم فقط لانهم بوقا ًفي يوم من الايام وآلة اعلامية لها، وعند تغير الحال يتغير موضوع القصيدة بعزف آخر ولون آخر بل راحوا يجرمون الآخرين على افكارهم التي يحملونها اذا لم تتوافق مع افكارهم ويشعرون بالحيف لاستحقاق الآخرين بالعيش الكريم سواء في بلدهم الاصلي او المهجر وكأن الانسان مجرم فيما يفكر بدواخله وكأن عليه ان يبدي في كل مناسبة بتصريح يسمية قصيدة في الصفحة الاولى من الصحيفة، فتحل محل المقال الافتتاحي الذي يتصدر الصحيفة، ان محاولة كهذه هي مجرد شهادة بائسة على الشعر كقصيدة والشعر منهم براء طالما لم تحترم مشاعر الآخرين من المتلقين، لكن قصائد كهذه مما تطرقنا اليه سالفا ً لانجدها في شعر نزار القباني او عبدالوهاب البياتي او بلند الحيدري، هم يكتبون في اي موضوع وفي اي صورة او نمط شعري ولكنك تشعر وانت تقرأ لهم انهم ان وراء كلماتهم شيئا ً يثير القاريء وربما يثير خياله

 

هنا من قصيدة للبياتي

 

من تحت مسلات العالم، من تحت رماد الازمان

من خلف القضبان

اصرخ في ليل القارات، اقدم حبي قربان

للوحش الرابض في كل الابواب ….. الخ

ان التسيب على القديم من اجل حرية الحرية اسلوب رخيص من الفوضى في المقاييس السريالية المسربلة، ففي الادب العربي روائع من النثر الفني المفعم بالانسانية والمتسامي في التسامح وقبول الآخر اي كان ما يفوق بروعته قصائد طويلة من الشعر الحر او المنثور وعلى سبيل المثال المنفلوطي والرافعي واحمد حسن الزيات من اعلام الىدب العربي وبودي هنا ان اذكر مقطوعة شعر للشاعر نزار القباني واسم القصيدة حوار ثوري مع طه حسين

ذبح الشعر والقصيدة صارت قينة تشترى ككل القيان

جردوها من كل شيء وادموا قدميها باللف والدوران

لا تسل عن روائع المتنبي الشريف الرضي او احسان

ما هو الشعر ؟ لن تلاقي مجيبا ً هو بين الجنون والهذيان

اعد الينا يا سيدي عد الينا وانتشلنا من قبضة الطوفان

 

اعداد وتشذيب بتصرف لبعض ما كتبه الشاعر اليهودي العراقي ابراهيم عوبيديا

نيران العبيدي كندا

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم