صحيفة المثقف

جثث ترفض الطائفية والتقسيم

rafed alkozaiفي بعض الاحيان تحدث حكايات اغرب من الخيال وكانها دراما سينمائية مكتوبه بحبكة ومهارة ولكن واقعيتها تفرض عليك التبصر والتأمل بها من اجل استخلاص الدروس والعبر وانت وسط المأساة والدموع والحزن تضحك وتبرز اسنانك البيضاء الناصعة مثل ابتسامة هووليود كما يكتب اطباء الاسنان في دعايتهم وبعض الاسنان الضاحكه صفراء وبعضها مكسرة تخرج مع الضحكة رذاذات ماطرة واصوات محشجرة تعطي للضحكة رنين موسيقى مختلف اليوم تحدث لي صديقي طبيب الكسور عن حادثة غريبة ان احد اقربائهم وهو رجل كبير توفي بعد يومين من الانفلونزا والبرد الشديد في ردهات المستشفى ووضع في ثلاجة الموتى وان ابنائه وبناته جاؤ يتباكون ويلطمون عند سماعهم الخبر رغم انهم لم يزوروا اباهم عند دخوله المستشفى لاعتمادهم على اخاهم الصغير في مدارته هكذا هو حال الناس يصبح الانسان عزيز عندهم عند سماع خبر الموت والمهم تكفل اخاهم الصغير باجراءات اكمل شهادة الوفاة واخذ اباهم المتوفي الى البيت لغرض اجراءات ليلة الوداع وفي الفجر الباكر توجهوا الى النجف لغرض الدفن وكما هو معروف ان مقبرة النجف او مقبرة وادي السلام كما يحلو للبعض تسميتها لانها تضم الموتى وهم لامشاكل بينهم لذلك عم السلام داخلها وهي اكبرة مقبرة في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي ويدفن شيعة العراق وبعض الميسورين من شيعة الخليج وايران موتاهم فيها على امد القرون الستة الماضية ونعود الى ميتنا المسجى في مغيسل بير عليوي حيث حدثت الصدمة ان اهل المتوفي عرفوا وانذهلوا انه ليس ميتهم او ليس اباهم وهكذا عادوا بالجثة للمستشفى في بغداد وليعرفوا انه حصل تبادل مع جثة اخرى لمريض متوفي اخر وبعد الاستقصاء والحصول على رقم هاتف اهل المتوفي الاخر عرفوا انهم سيدفنوه في مقبرة الكرخ في ابو غريب وهي اكبر مقبرة للسنة من اهالي بغداد بعد منع المحافظة في دفن الموتى في مقبرة الغزالي ومقبرة الشيخ معروف وهكذا ذهبوا اهل المتوفي مسرعين الى مقبرة ابوغريب وهو رجل كبير وحيد هاجر اغلب ابنائه الى خارج العراق وتكفل بدفنه بعض اقربائه البعيدين وجيرانه وبعد الاخذ والرد والكشف عن الكفنين تعرف كل من الاهالي على ميتهم ليدفنوه في مقبرته المخصصة لهم هولاء في ابو غريب والاخرين في النجف ولكن ان كل المتوفين هم معلمين متقاعدين عاشوا في هذا الوطن الواحد لم تفرقهم الظروف والايام والنحل والملل عن وطنيتهم وعراقيتهم وهكذا عبرت جثتيهما نوع من التظاهر لزيارة المقبرتين قبل الدفن في تراب العراق الواحد الموحد رغم الموامرات والتحديات التي تعصف بهذا البلد عبر التاريخ

 

الدكتور رافد علاء الخزاعي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم