صحيفة المثقف

رائد الهاشمي: ملاحظات فيسبوكية

لاشك ان الفيس بوك يُعدّ أكثر وسائل التواصل الاجتماعي تداولاً في العالم وأصبح ملاذاً للكثير من مستخدميه للتواصل مع أصدقائهم وأقاربهم الذين تباعدت بينهم المسافات نتيجة ظروف الحياة المختلفة، ولايختلف اثنان بأن له فوائد كثيرة لاتحصى فبالاضافة الى التواصل مع الأهل والأقارب فيمكن الاطلاع بواسطته على آخر الأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية والفنية وفي جميع المجالات الأخرى وكذلك فان طلاب العلم يلجئون اليه للحصول على المصادر العلمية والمراجع من خلال زيارة آلاف الصفحات الخاصة بالمكتبات الألكترونية والمواقع العلمية التي تخص الجامعات والمؤسسات العلمية وصفحة (ويكيبيديا) التي يجدون فيها سيل هائل من المعلومات عن كل شيء، وكذلك يستخدم معظم الاعلاميون صفحات الفيس بإعداد تقاريرهم وتحقيقاتهم الصحفية عن طريق أخذ التصريحات والآراء من السياسيين والاقتصاديين والمسؤولين بالتواصل معهم بشكل مباشر ويسير، ولعب الفيس بوك دوراً كبيراً في الثورات الشعبية والتظاهرات في جميع دول العالم، حيث يتم تنظيم وتداول الترتيبات والتعليمات الخاصة بها بين القائمين عليها وبكل يسر وأمان وكان له دور كبير في اسقاط العديد من الحكومات، ولو أردنا إحصاء جميع فوائد الفيس بوك لاحتجنا الى مقالات طويلة ففوائده كثيرة ومتجددة، أما مضاره فهي أيضاً كثيرة ولا نستطيع إحصائها لأنه متاح للجميع ولأن الكثير من مستخدميه لايجيدون استخدام تقنياته التكنلوجية بشكل صحيح وخاصة فيما يخص سياسات الخصوصية ، فنجدهم يتعرضون لكثير من المضايقات والانتهاكات الغير أخلاقية من قبل أناس فارغين يقضون معظم أوقاتهم بين صفحات الفيس بوك يمارسون تصرفات غير سوية ومضايقات وانتهاكات للخصوصية تتسبب بالأذى لكثير من المستخدمين.

الحديث عن فوائد ومضار الفيس بوك طويل ويحتاج الى بحث موسع ولكني أريد أن اركز على قضية مهمة جداً يمارسها الكثير من المستخدمين بعفوية وبدون قصد ولكن آثارها تكون كبيرة على المجتمعات التي يعيشون فيها وعلى أنفسهم وهي قيامهم بإعطاء (لايك) لموضوع معين أو خبر يقرئونه على عجالة والتعليق عليه والاسراع بمشاركته على صفحاتهم الشخصية من دون التدقيق فيه بشكل جيد ومن دون التأكد من مصدره ولايعرفون بأن هذا الخبر أو الموضوع الذي شاركوه على صفحتهم سوف يطلع عليه معظم أصدقائهم الذين يشاركونهم نفس الحائط وسيقوم الكثير من هؤلاء الأصدقاء بمشاركته بنفس العفوية على صفحاتهم وبدقائق قليلة ستنتشر هذه المادة على الآلاف من الصفحات وسيطلع عليها عدداً كبيراً من المستخدمين، والكثير من هذه المواد قد تكون معدّة بدهاء ومكر من قبل جهات مجهولة لاتريد الخير بالبلد ولها مآرب خبيثة في نشر هذه المواضيع مستغلة جهل الكثير من المستخدمين ببواطن الأمور فتقوم باعداد تلك المواضيع بطريقة تثير الفضول لدى القاريء وتجعله يضغط زر المشاركة بشكل عفوي وهو لايعرف بأنه ساهم في نشر موضوع يسهم بشكل كبير في تهديم أواصر المجتمع وتهديد أمنه واستقراره سواء كان هذا الموضوع فيه نفس طائفي أو قومي أو أمني.

نصيحتي الى كل من يستخدم الفيس بوك بأن يكون أكثر فطنة في ممارسة الحرية المتاحة فيه بشكل لايؤثر على وحدة بلده ومجتمعه وليعلم بأن أي مادة يقوم المستخدم بمشاركتها تعكس ايمانه بها وتعكس شخصيته الحقيقية أمام أصدقائه وأهله وأقاربه على صفحته الشخصية ولاينسى نفسه في تعامله مع هذه الوسيلة التكنلوجية الرائعة، وهناك الآلاف من الأمثلة على ماأقول نجدها يومياً عند إبحارنا في صفحات الفيس بوك فكم من مثقف يدّعي الوطنية والترفع عن الطائفية والأثنية والقومية تجده يُعجب بمنشور معين مليء بالسموم الطائفية يدغدغ حقيقته التي يخفيها عن الآخرين فيسارع الى مشاركته بدون شعور وانتباه بأن هذا المنشور سيكشف المستور عن شخصيته الحقيقية وسيـبيـن للآخرين زيف شعاراته التي يصدح بها في جميع المنابر،وللذي يريد التأكد مماأشرت له يمكنه اجراء مراجعة سريعة لقائمة أصدقائه ويتصفح منشوراتهم وسيجد الكثير من هذه النماذج التي تدعي الوطنية والمثالية وهم أبعد الناس عن ذلك.

ماطرحته من ملاحظات لا أبغي منها غير تقديم النصح لأهلي وأصدقائي للتروي والتأكد قبل إقحام أنفسهم في ممارسة قد تضر بالمجتمع وتسيء لشخصيتهم أمام الآخرين وبدون قصد منهم.

 

رائد الهاشمي - رئيس تحرير مجلة نور الاقتصادية

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم