صحيفة المثقف

حنظلة يعود من جديد

neeran alobaydiالى الأسرى العرب في سجون إسرائيل

الى الدكتور نادي ساري الديك

من رام الله

كنت في العاشرة من عمري حين رسمني ناجي العلي، ومنذ أن رسمني اول مرة توقف بي الزمن، ولم تسرِ عليَّ السنون، بقيت هكذا، حنظلة الحائر الذي يرفض أن يكبر، هجر ناجي العلي داره في فلسطين لاجئاً الى لبنان في مخيم عين الحلوة حاملاً معه حلم ولادتي، رسمني هناك، كبر الصغار وشابوا وأنا لم أكبر . بعد مقتل العلي قتلت الف مرة، وبقيت داخل ارشيف الصحف والذكريات، نادراً ما يتذكرني الآخرون في احتفالات المؤبَّنين، بعدها سرعان ما ينساني العامة، الآن سمعت أن هناك شخصيات مخلوقة مثلي خلقها أناس يحبون الكاريكاتير، لكنها ليست ورقية مثلي وإنما الكترونية، همومها مختلفة عن همومي إنها لا تتكلم عن النكبة ولا عن فلسطين، انها تتكلم عن الاديان والإساءة لها وربما انتقاد شخصيات دينية وافراد هنا وهناك، علمت أن دول المواجهة العربية لم تعد كذلك، سوريا والعراق في حرب مع قوى ظلامية لم اسمع بها ربما يقال لها داعش، عندها طُويت صفحة وطني كما طُويتُ انا بهذا الورق، شخصيتي الورقية المخلوقة منسية منذ عقود، بينما كنت أركن في زاوية متربة يقال لها الإرشيف في مرآب هذه الدار، متجانسا مع الكلمات أُزيِّن الصفحات بضحكات القراء المكتومة التي رسمت على شفاه اهلي في الشتات، لاحظت ُ، حمامة تحمل غصن زيتون تقف على حافة الشباك، سمعت هديلها، لها نغمة اكاد اعرفها بل اجزم انها نشيد وطن، ظهرت لي أذن حقيقة نبتت من صفحة الورق، ادركت أن الصحف لا تتكلم فقط، سمعت عزف مارسيل خليفة، رددت مع الحمامة

منتصب القامة امشي

مرفوع الهامة امشي

في كفي قصفة زيتونٍ وعلى كتفي نعشي وانا امشي وانا امشي، رتل يا مرتل، رتل أيُّها الحمام، صلِّ واركع من اجل فجر جديد ....تأسرني تلك الرومانسية الثورية التي كنا نتغني بها، سميح القاسم لم يكتب هذه الكلمات عن عبث هو ابن الثورة وشاعر هذه الأرض، اتذكر يوم كانت للبطولة معانٍ وقيم، ليلى خالد، وبندقية، فيروز وأغاني زهرة المدائن،و يا جبل ما يهزك ريح، الآن الف ريح وريح . أخبرتني الحمامة عن جوع الأسرى الفلسطينيين في سجون المحتل وعن امهات الشهداء الثكالى، خبرتني عن الجدار العازل وعن اطفالٍ بلا منازل، خبرتني كيف تتبدل الكلمات، وكيف يتحول اسم المقاومة الى ارهاب، خبرتني ان القدس لم تعد عربية وربما الأقصى والعصافير والشجن، لذا قررت ان امزق الصحف واخرج ثانية للعلن، اريد ان اكبر، اريد ان ابعث الروح، اريد ان اكون كائنا فسطينيا عربيا، اصرخ انا هنا حنظلة من جديد، اريد وطن.

 

نيران العبيدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم