صحيفة المثقف

مجسات قلب أمي

عندما كانت امي تبدي ارآؤها في صديقاتي مرة بالرضا عن احداهن ومرة بالاستياء من الاخرى، كان من الطبيعي هذا الامر يضايقني الى حد ما، لاني كنت ارى نفسي وخياراتي على صواب دائما.. واذكر شيء عن صديقة لي في مرحلة الابتدائية كانت ايضا تأتي للبيت لنلعب معا ونخرج لشراء الحلوى، امي كالعادة كانت تعترض على رفقتها لكني كنت احبها كثيرا مع انني ارى بعض تصرفاتها غير صحيحة ولا تعجبني؛ مثلا انها كانت دائما ماتعرض عليَّ ان نشتري الحلوى باللون الاحمر كي نلون شفاهنا و كنت لا استسيغ هذا الامر مطلقا، ولو كانت امي تعلم انها تعرض عليه مثل هذه الامور لاجبرتني على قطع علاقتي بها تماما، وبمرور الايام وبوصولي مرحلة المتوسطة والاعدادية وجدت نفسي ابتعد عنها تدريجيا وفي مرحلة الجامعة وجدتها تختلف عني جذريا ولا يطيب لي رفقتها بأي شكل من الاشكال. فلو كانت امي قد فرضت عليّ الانقطاع عنها في صغري لتوقعت انها ظلمتني واعتبرتها مخطئة جدا وقد تتسبب لي بشيء يؤثر في شخصيتي وسلوكي مع الاخرين ومعها هي شخصيا، لاني كنت اعتقد انها تنزعج منها بلا سبب ولم اكن اعلم ان الاباء والامهات يعرفون ابنائهم ويحددون الاخطار المحيطة بهم بسهولة.. والسبب ببساطة لانهم اكثر تجربة بالحياة واكثر خبرة، ومهما كان الابناء اذكياء او يمتلكون وعي ودراية سيدركون بمرور الزمن ان اراء الاهل غالبا صحيحة وصائبة لانهم يحاولون ابعاد ابنائهم عن المخاطر او ابعاد المخاطر عنهم..لكن الامر يتطلب بعض الحكمة في التعامل مع الابناء فيما يخص خياراتهم سواء في الماضي او الحاضر وحتى مع كل هذا التطور الكبير يبقى الفرق بين جيل الاباء والابناء هو من الثوابت التي تستوجب الحذر عند محاولة التدخل في صداقاتهم والافضل هو تقديم النصح والتقرب اكثر لهم وترك مساحة لخوض تجارب تساعدهم على تجاوز الاسوء في المستقبل.

 

هناء عبد الكريم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم