صحيفة المثقف

رزاق ابراهيم حسن يكتب في عبد الاله الصائغ والصائغ يكتب في عبد الرزاق ابراهيم حسن

321 عبدالاله الصائغكتب الاستاذ رزاق ابراهيم حسن مقالة في صحيفة وعي العمال العراقية عدد 280 السنة السادسة السبت 14 ايلول سبتمبر 1974 صفحة 33 مقالة بمناسبة صدور مجموعتي الشعرية الثالثة هاكم فرح الدماء جاء فيها حرفيا : في مجموعته الشعرية الثالثة هاكم فرح الدماء يجمع عبد الاله الصائغ بين اكثر الاشكال الشعرية حداثة وبين الاشكال الشعرية القديمة، كما ان قصائد هذه المجموعة لاتتبع خطا شعريا معينا من حيث الناحية الفنية او المضمونية ! ففي مجموعة هاكم فرح الدماء قصائد مباشرة جدا تمنح نفسها للقاريء منذ الوهلة الاولى كما ان هناك بعض القصائد التي تستغرق في الغموض الى حد بعيد لايسهل معه الامساك بمتطلبات تفسيرها وفهمها ! ومن الناحية المضمونية فان الشاعر يعالج في قصائد مجموعته موضوعات متعددة لايمكن ان تجمع تحت اطار وحدة الموضوع او وحدة المرحلة الشعرية كما لايمكن النظر اليها بواسطة منظورات ادبية موحدة الاتجاه , ذلك لأن هذه الموضوعات التي غالبا ما تخضع للاشكال الشعرية المطروحة من خلالها , تتوزع بين التعامل الوجودي مع الواقع والذات وبين التعامل الثوري اضافة الى ان بعض الموضوعات تتسم بطابع رومانسي مبسط وخصوصا في القصائد العمودية التي ضمتها المجموعة . وهذا التفاوت في الاشكال والمضامين الذي تميزت به مجموعة هاكم فرح الدماء لايفسر بواسطة زمن كتابة القصيدة ذلك ان الشاعر يرفق تاريخ كتابة القصيدة في نهايات القصائد نفسها وهذا التاريخ يوضح ان هناك بعض القصائد المتفاوتة فنيا ومضمونية قد كتبت في مرحلة زمنية واحدة مما يؤكد عدم صواب تفسير التفاوت بتاريخ كتابة القصيدة .

ويبدو ان هذا التفاوت يخضع لطبيعة موضوع القصيدة ولايمان الشاعر بان الاشكال الشعرية رغم تباينها والاختلافات القائمة بينها يمكن ان تتجاور وان يتداخل بعضها في البعض الاخر وفق المواضيع التي تعبر عنها هذه الاشكال . ومع ان هذا التفاوت لايتيح فهم الشاعر ومراحل تطوره الا انه لاينفي ان معظم قصائد المجموعة قد تركزت على موضوعات معاصرة وذات صلة عميقة بهموم الانسان العربي وقضاياه الوطنية والقومية ففي قصيدة هاكم فرح الدماء التي هي عنوان المجموعة الشعرية ايضا يزاوج الشاعر من خلال حدثي التاميم والجبهة الوطنية والقومية التقدمية بين الذات والموضوع بصورة يستحضر بواسطتها نضال الجماهير وعذاباتها وفرحها وبين الاصوات الجماعية الجماهيرية بين اونة واخرى صوت الذات التي وجدت في الزخم الجماهيري طريقها الى الضوء والحياة :

صارت اسراب الزاجل قوسا

والسحب شعارا ثوريا

فانفجر الاسفلت شموعا

للأحرف ترقص في الكلمات

تدخل اعيننا .. تنأى وتعود

تحترق الاصوات بذاكرتي

.. وأتيت ..

أحمل قلباً موشوماً بالشمع الأحمر .

ان هذه الاستحالات التي تتميز بها قصيدة هاكم فرح الدماء حيث تتحول اسراب الزاجل (الجماهير) الى قوس والسحب الى شعارات ثورية يمكن اعتبارها من السمات التي تغلب على اكثر قصائد عبد الاله الصائغ وهذه الاستحالات ليست معزولة عن مضمون القصيدة وانما هي تنطلق من طبيعة هذا الموضوع وهذه السمة لاتقتصر على المفردة الشعرية وانما يلجأ الشاعر الى توليد الاستحالات من الرمز العام للقصيدة وبحيث يكون هذا الرمز المحور الاساس للتحرك الذي يتمثل في الرمز العام او الموضوع العام حيث الشاعر يترك لنفسه حرية الانقياد وراء المفردات الشعرية والجمل الشعرية بدلا من التركيز على الاطار العام للقصيدة وهذا ما يقود الشاعر الى جعل قصيدته متوزعة الاتجاهات .

وفي الرموز التاريخية التي يستخدمها الشاعر نجد بعض هذه الرموز غير متطابق او مستوف للشروط الفنية والمضمونية كما ان بعضها تاخذ موقعها الصحيح وخصوصا في القصائد التي ينبثق فيها الرمز التاريخي او القناع للتعبير عن هموم الشخصية المعاصرة التي تشكل المحور الأساس للقصيدة .

رزاق ابراهيم حسن

رزاق ابراهيم حسن بعيني صديقه عبد الاله الصائغ

رزاق ابراهيم حسن مبدع برولتاري : ابصر رزاق الاسدي النور بمحلة الثلمة بالنجف الاشرف 1947 في بيت لايصلح للسكن ولكنها مشيئة الله ان يولد في بيت مثل قبو معتم ولكنه نشأ خشناً صارما ذا كبرياء وشمم وفيه بذرة الابداع ! وحين صار فتيا وجد نفسه مسؤولا عن عائلة تبدأ بوالدته فاشتغل في البناء حتى لقب رزاق ابو الطين ولم يجد غضاضة في لقب الطين وكان يبحث عن عمل يكفل له معيشة حرة لاتعوزه لأحد ! وكان يتذكر عمله حفاراً للقبور ويقهقه واشتغل في استنساخ الكتب وربما الف كتابا وتنازل عن حقوق التاليف مقابل مبلغ من المال ! وكان يكتب شعرا حسينيا للرواديد مقابل مبلغ زهيد ويدعي الرادود ان القصيدة له ! ربطتني به صداقة حميمة وبخاصة ان والدتي الزرقاء ابو اصيبع كانت ترتاح اليه وتشجعني على دعوته فيزورنا ببيتنا في الكوفة ويحكي لوالدتي بلثغة محببة فهو يلفظ الراء غينا ! ولم تسمح له ظروفه المعيشية كي يكمل دراسته وفي رزاق الاسدي ميل للصعلكة فكان والشاعر الكبير عبد الامير الحصيري صديقين حميمين رغم ان الحصيري يكبر الاسدي بست سنوات 1941 وهو تاريخ ميلادي نفسه ! ومنذ البواكير تعلق قلبه بالكتاب والثقافة فكان يستعير الكتب من مكتبة الامل لصاحبها صديقي الحميم علي كناوي العريض مطلع زقاق ال جريو شاره الخورنق والعريض لايعير الكتب بل يبيعها ولكنه اعتد رزاق ابراهيم استثناء وكنت اجلس في مكتبة الامل ذات المساحة الحرجة واتابع الكتب التي يستعيرها رزاق ابراهيم فهي تاريخ وروايات ودواوين وسير ذاتية ودين وجنس ! وكان شاعرا بالفطرة وقد طبعت له مطبعة الغري بالنجف ديوانا شعريا سنة 1972 عنوانه اسرار قراءة الطريق ودفع ثمنه من عمله في مطبعة الغري وكان صاحبها حميما مع رزاق الاسدي تضامنا مع حميمية المرحوم حميد المطبعي معه ! وتلقفته الصحافة فهي تدفع له مقابلا يرتضيه فاشتغل في جل الصحف العراقية وكانت جريدة الزمان قد وفرت له قدره فعمل معها وقبلها التفت اليه المفكر الروائي الشهيد عزيز السيد جاسم وكان يراس تحرير مجلة وعي العمال وحدد له راتبا شهريا مجزياً وعندها استشعر رزاق ابراهيم حسن الاستقرار تفرغ لتوليف عدد من الكتب التي تتحدث عن التاريخ العمالي والتنظيم والصحافة والشخصية العمالية في القصة وكان يرى نفسه برولتاريا وانسجم مع الشهيد عزيز السيد جاسم ذي الجذور الماركسيةوكان المرحوم حسين العلاق وهو ماركسي معروف يقول له يارزاق حافظ على بروليتاريتك ولا تفرط بها !! وحين تشكلت ندوة الاداب والفنون المعاصرة مطلع ستينات القرن العشرين في النجف من زهير الجزائري وموسى كريدي وحميد المطبعي وجاسم الحجاج وموفق خضر وعبد الامير معلة وزهير زاهد وعبد الاله الصائغ دعوناه ليكون عضوا مؤسسا معنا فاعتذر وقال انا رزاق ابو الطين برولتاري وانتم برجوازيون مدرسون فضحكنا معا وعانقه موسى كريدي ! وكان يزورنا في مقهى ابو البسامير ويقرأ لنا شيئا من شعره ويصغي باهتمام بالغ للحديث ! رزاق ابراهيم حسن مبدع عراقي متميز ومثقف واسع الثقافة عميقها كتب نقدا في كتابي الزمن عند الشعراء العرب ونقدا عن ديواني هاكم فرح الدماء

اشاعة مؤلمة عن وفاة الاستاذ رزاق اراهيم حسن اطال الله بعمره ونفعنا بعلمه

نشرت صحيفة الزمان بغداد نفيا لاشاعة موت الناقد الكبير رزاق ابراهيم حسن ( نفت عائلة الناقد والكاتب الصحفي رزاق ابراهيم حسن صحة تقارير تحدثت عن وفاته الجمعة. وقالت رباب ابنته خلال اتصال بالدكتور اكرم سلمان ان (لا صحة لوفاة والدي). وابلغ سلمان (الزمان) مساء امس ان (المتوفى هو جد رباب لامها المرحوم محسن آل معيلو الجبوري وهو عم الاديب رزاق ابراهيم الذي يحضر الفاتحة حاليا في مدينة النجف). وفي تطور لاحق اتصل بـ(الزمان) الناقد رزاق ابراهيم حسن ذاته معربا عن الدهشة بما سمعه من خبر رحيله. واكد حضوره الفاتحة في النجف بوفاة عمه ..

 

عبد الاله الصائغ  

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم