صحيفة المثقف

هل حقق الجزائريون حريتهم في التعبير والرأي؟

علجية عيشيقال أن إعادة قراءة التاريخ هي الإنخراط في التاريخ، فهل وجب إعادة قراءة التاريخ من دون الإهتمام بسير القادة والحكام، أو من هم دون السلطة أو الخارجين عليها، والمثقفين الأحرار المستقلين وحدهم القادرون على تجاوز الأزمة، شريطة أن يحققوا الإستقلال الذاتي لأفق تفكيرهم وتحريره أيضا من الخضوع للسلطة وممارساتها الخبيثة، وأن يتحاوروا مع الجماهير الشعبية وينطلقوا من الوعي بمصالحها ومستقبلها

مرت سنة على ثورة 22 فبراير 2019 في الجزائر فيما سمي بالحراك الشعبي، خرج الجزائريون إلى الشوارع في مسيرات سلمية يطالبون بالتغيير، وقد وقف إلى جانبهم كوادر الدولة من قضاة ومحامين، أطباء، وأساتذة جامعيين وطلبة، كانوا صوتا واحدا يطالبون برحيل الوجوه القديمة  خاصة المحسوبين على المرحلة البوتفليقية، قالوا 20 سنة بركات، وقد أسقط الحراك الشعبي في الجزائر الأقنعة وكشف عن المتورطين في الفساد والذين ارتكبوا جرائم فظيعة في حق الشعب الجزائري ونهبوا المال العام وثروات البلاد فأوصلوها إلى الإفلاس الإقتصدي والسياسي، فرغم نجاح السلطة في تحقيق ما تريد واجتيازها الإنتخابات الرئاسية بنجاح، اختير فيها رئيس البلاد وأظهر الجيش حياده ولو شكلا، وإتمامه المهمة تحت قيادة الفريق أحمد قايد صالح، الذي قبل رحيله سلم المشعل لرئيس الجمهورية وقال أن الشعب كان السيد في قراراته، فكان عليه إلا أن يقف إلى جانب الحراك وحمايته.

 كان الحراك الشعبي  في الجزائر قد رسم صورة للصراع من أجل تحقيق السلم المدني والمطالبة بإعادة صياغة سلطة الدولة في اتجاه عقلنتها، وانخراط الكل في التفكير وإيجاد البديل والسعي من أجل تحقيق الحرية كممارسة اجتماعية تشرطها في وجودها ضرورات ومحددات ملموسة اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية مركبة على كل المستويات، من أجل تحقيق العدالة والحفاظ على الهوية والإنتمائية الوطنية والثقافية باعتبارها مغذية لمعنى الحرية العام ومحددة لأشكال التعبير عنه، بكل الطرق والأساليب، استخدمت فيها كل وسائل التعبير في الصحف والقنوات ومواقع التواصل الإجتماعي، والذين تتبعوا الحراك الشعبي منذ بدايته إلى غاية الإنتخابات الرئاسية وقفوا على حقيقة أن الجماهير الشعبية في الجزائر أعطت الدرس للسلطة وللشعوب الأخرى في الممارسة السياسية الحضارية.

رغم اعتقال الحراكيين والزج بهم في السجون لأشهر عديدة، لم تستطع السلطة أن تسكت هؤلاء أو تقطع ألسنتهم، لأن الجماهير الشعبية قدمت في مسيراتها السلمية صورة للمواطن المسؤول عن فعله والواعي بحقوقه في مجتمع بدأ يضع خطوته الأولى للخروج من التبعية، وأثبت أنه أكثر وعي لما يحيط به،  وأكثر التزاما بقضايا مجتمعه وماهي الحلول التي ينبغي وضعها للخروج من الأزمة، رفعت فيها كل القيود السياسية التي فرضتها الممارسات الحكومية، لكن يبقى السؤال المطروح، حل حقق الحراك الشعبي سيادته الكاملة؟ وأصبح صوته مسموعا؟ بمعنى هل اصبح رجل الشارع هو صاحل القرار وما على الحاكم إلا أن يستطيب لمطالبه في تحقيق الحريات التي كانت معطلة من قبل السلطة والعصابة إن صح القول لكونها موظفة لخدمة مصالحها هي لا مصالح الشعب، وقد ساعدها ذلك محدودية الوعي السياسي  للجماهير وبدائية تجربة مناضلي الحرية.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم