صحيفة المثقف

الكاظمي وقاآني وحكومة المحاصصة الطائفية!

عبد الجبار الجبوريحسمت الكتل السياسية، أمرها وإختارت مصطفى الكاظمي رئيس المخابرات العراقية، مرشحاً، بديلا عن عدنان الزرفي، الذي وصفوه( المرشح الجَّدلي)، والعميل الامريكي، من قبل الفصائل المسلحة الخالصة الانتماء والولاء لايران، والذي هدّدوا بقلب العراق عاليه سافله، ومثله هدّدوا رئيس الجمهورية، بالإقالة والإحالة الى القضاء لمخالفته الدستور، رغم قرار المحكمة الاتحادية ردّت دعوة كتلة البناء لصالح الزرفي، ولكن ماذا جرى وراء الكواليس والغرف المظلمة، لإعلان ترشيح الكاظمي بديلاً عن الزرفي، بعد زيارة خاطفة لقائد الحرس الثوري إسماعيل قاآني، خليفة سليماني في الملف العراقي، والذي إعتبرته الفصائل (أمرٌ دُبّر بليّل)، فرفضت الترشيح، وتهدد الآن بإفشال مهمة الكاظمي في تشكيل حكومة، فماذا حصل في إجتماع قاآني – الكاظمي، وكيف وافقت الكتل على إزاحة الزرفي، والقبول بالكاظمي، بعد ان كانت تصفه بالعميل لأمريكا، ومشارك في قتل سليماني – المهندس، ولماذا غيرّت الكتل الأخرى رأيها بالزرفي، وإنقلبت عليه بليلة وضحاها، مثل الكتلة الكرستانية، وكتلة القوى الوطنية برئاسة الحلبوسي، وماهو رأي المرجعية بالطريقة التي أجبرت الزرفي سحب ترشيحه وإعتذاره، هذه اسئلة ملحة يجب الاجابة عليها، لأن سحب الزرفي لترشيحه، وفرض الكاظمي، يعني وراء الأكمة ما وراءها، إبتداء نقول أن ترشيح الكاظمي، قد نزع فتيل حرب شيعية شيعية، كانت تعوّل عليها إدارة الرئيس ترمب ومازالت، وهذا سبب رئيسي بقبول الكاظمي، مرشحاً بدل الزرفي بالنسبة لكتلة البناء (العامري – صادقون والقانون وبعض الفصائل)، وثانياً أن الزرفي شكل خطراً حقيقياً على مستقبل السلاح خارج نطاق الدولة، ومحاكمة رؤوس الفساد وقتلة المتظاهرين، فكانت إزاحته مهمة شاقة جداً، بعد إرتخاء يد طهران في العراق، إثر مقتل سليماني – المهندس، حتى مجيء اسماعيل قاآني لنزع الفتيل وإيجاد بديل توافقي تقبل به الاطراف الاخرى المعارضة، ولاسيما كتلة سائرون، التي أصرت على ترشيح الزرفي، على عناد كتلة البناء، ورفض مقتدى الصدر مقابلة قاآني في الحنانة، ورفضت مقابلته المرجعية، وهذا مما زاد من صعوبة وإستحالة مهمة قاآني في تشكيل حكومة، ترضى عليها الكتل التابعة لايران، وفشلت مهمة وزيارة قاآني، ورجع بخفي حنين الى طهران، ألأمر الذي جعل كتلة البناء (ترضى بالسخونة )، بترشيح الكاظمي، فهو الوحيد الذي يستطيع إزاحة الزرفي، وهكذا جاء ترشيحه كحل توافقي ونزع فتيل حرب طاحنة، والآن وبعد اعلان رئيس الجمهورية، تكليف الكاظمي، وسحب الزرفي ترشيحه مرغماً، ومكرهاً لابطل، بعد أن أصرّ ورفض الانسحاب، عادت الكتل الاخرى لتعلن موافقتها بالاغلبية، على ترشح الكاظمي، وأول الكتل هي كتلة الكرد، الذي إتصل مسعود برازاني رئيس الحزب الديمقراطي مهنئاً وداعماً للكاظمي، وتلاه محمد الحلبوسي رئيس كتلة القوى الوطنية، وبقية الكتل في حضور، يحصل لأول مرة عملية التكليف، وبالاجماع السياسي، يقيناً التغير الذي حصل في تقلبات الكتل للمرشحيّن، هي مسألة الحصول على المناصب والمكاسب، وليس لمصلحة العراق، وهذه المحاصصة الطائفية بأبشع صورها، والتي يرفضها الجميع علناً، ويفرضونها سراً، وبدونها لايستطيعون الحكم، وهكذا مررّت عملية الترشيح والاقصاء معاً، ولكن هل إنتهت الازمة، وهل تم نزع فتيل الحرب بين الفصائل والكتل الرافضة لترشيح الكاظمي، أعتقد أن الازمة مازالت تتفاعل، وتهديدات الفصائل تعلو، وتطالب الكاظمي وتهدده بالويل والثبور، إن لم يسحب الترشيح، في المقابل، رفضتْ تنسيقية ثورة تشرين ترشيح الكاظمي، في بيان لها عصر هذا اليوم، وإعتبرته خرج من ضلع الأحزاب الفاسدة الطائفية، فيما بارك عمار الحكيم زعيم قائمة الحكمة ترشيح الكاظمي، وإعتبره مرشح ( التظاهرات الاصلاحية)، التي دعمتها قائمة الحكمة، وهكذا أعلن مقتدى الصدر مباركته للترشيح، وقال أعضاء الفتح، وفي مقدمتهم زعيمهم هادي العامري، ألآن تم وضع العملية السياسية على السكة الصحيحة، وعاد الحق لأهله بترشيح الكتلة الاكبر لشخص الكاظمي، فيما خرج مصطفى الكاظمي، بخطاب متلفز، أعلن فيه، برنامجه الحكومي، معلناً نفسه خادماً للشعب، ومؤكداً على أن السيادة خط أحمر، وإن من الضرورات حصر السلاح بيد الدولة، والقضاء على الفساد، وتطبيق الموازنة بالعدالة وغيرها، من كلام سمعناه سابقا من المرشحين علاوي – الزرفي، وحتى عادل عبد المهدي، ولم يحقق أيأ منهم واحدة من خطوات برنامجه، الذي يجابه عادة بالرفض والتهديد، من قبل الفصائل والميليشيات الايرانية، أعتقد أن الكاظمي، يمتلك تفويضاً من الكتل، التي تريد فرض سلطة القانون، لتضمن تحقيق مصالحها، ضمن التوافقات التي وقعتها مع الكاظمي، ولكن ماذا عن التهديدات التي أطلقها كتائب حزب الله وغيره، الذين إعتبروا ترشيح الكاظمي، (أمرٌ دُّبّر بليل)، ولابدَّ من إفشال هذه المهمة، بأية طريقة إحتراماً لدماء الشهداء (وإن لديها أدلة ووثائق على مقتل سليماني والمهندس)، إذن مهمة الكاظمي مهمه شبه مستحيلة، بعد خطابه الذي وعد بتفكيك السلاح خارج نطاق الدولة، وإعتبرت الفصائل المسلحة هي المقصودة بهذا التهدّيد، وإن قبول إيران له هو فرض الأمر الواقع، (لفشل قاآني) في ترميم البيت الشيعي، ومنع التصدّع والخلافات بينهم، وفشل مهمته، فإختيار الكاظمي، قد يفتح بابا لحوار امريكي – ايراني، وهذا ماتعول عليه إيران، ولهذا وافقت على إختياره، والذي يمتلك علاقات جيدة بين الطرفين، وأقصد الامريكي – الايراني، وهذا ما فضلتّه إيران على غيره، وزعلت الميليشيات والفصائل المسلحة، وجعلتها تهّدّد ترشيح الكاظمي، وملاحقة من رشحه، أعتقد ستمرّر تشكيلة الكاظمي، وسيتم التصويت بأغلبية مريحة، ولكن السؤال، ماذا بعد إستلام الكاظمي لمنصبه، وكيف سيواجه مَنْ يهدّد وملاحقة من رشّحه، لاسيما وأن التواجد الامريكي، هو المعضلة الكبرى أمام الكاظمي، وأن الخلاف الأساسي مع الكتل والفصائل، هوإنهاء الوجود الامريكي في العراق، فهل يستطيع تنفيذ هذا الشرط، وهل يستطيع (حصر السلاح بيد الدولة)، وهل يستطيع إحالة الفاسدين وحيتان الفساد الى القضاء، وهل يستطيع فتح ملفات كبرى وحماية السيادة العراقية، ومواجهة النفوذ الايراني الواسع في العراق، دون التصادم مع أذرعها المسلحة، وأحيله الى إستعراض بعض الفصائل يوم أمس في جرف الصخر بأسلحة أمريكية، إستفزازاً للرأي العام العراقي والدولي، وخاصة الامريكي، في وقت تهدد هذه الفصائل، القواعد الامريكية، وترسل طائرات (الدرون) التي تمتلكها، لتصوير هذه القواعد، تمهيداً لإستهدافها لاحقاً، إذن المعركة السياسية لم تتوقف بترشيح الكاظمي مع الجانب الامريكي، بل بدأت وستتحول الى معركة عسكرية، لعجز الكاظمي وحكومته وأحزاب السلطة التي رشحته، على إنهاء التواجد الامريكي، وغلق القواعد العسكرية، وغلق سفارة ترمب في بغداد، الأوضاع مرشحة لمزيد من التصعّيد، ولم تتوقف عند ترشيح الكاظمي، وما المباحثات التي من المزمع إجراؤها في حزيران المقبل، بين الحكومة العراقية والجانب الامريكي، لأيجاد ارضية مشتركة لابقاء الوجود العسكري في العراق، لمواجهة خطر داعش، الذي مازال يهدّد بعمليات عسكرية واسعة، في حالة خروج التحالف الدولي من العراق، وتركه لمصيره المحتوم، لهذا نرى أن التواجد الدولي ضرورياً، في وقت يعيش العراق أزمات متلاحقة وتهديدات من فصائل، تخلط الاوراق وتنذر بحرب مع كل من يعارضها ولاينفذ أوامرها، أعتقد ايضا، أن من المبكر جدا، الحُكم على نجاح الكاظمي في مهمته المستحيلة، في ظلّ تهديدات وصراعات وخلافات بين الأحزاب، والكتل السياسية التي فرضت الكاظمي، وبين الفصائل المسلحة التي ترى في الكاظمي، عميلاً أمريكياً مسئولاً عن مقتل سليماني والمهندس، ولابد من الإقتصاص منه، المحاصصة وإسماعيل قاآني يُفشلان مهمة الكاظمي، في تشكيل حكومة خارجة عن عباءة الهيمنة الايرانية وقبضة الميليشيات...          

 

عبد الجبار الجبوري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم