صحيفة المثقف

اليد الممدودة تصفح ولا تصفع

علجية عيش (رسالة من الناشط الحقوقي الحفناوي بن عامر غول الحسني إلى الرئيس الجزائري)

هي رسالة خاطب فيها الناشط الحقوقي الحفناوي بن عامر غول الحسني  مؤسس وناطق رسمي لـ: "حركة أبناء الجنوب من أجل العدالة" رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رسالة وجهها له بأن الجزائر ليست العاصمة فقط بل هي ثماني وأربعون ولاية بمدنها وأريافها ولا فرق فيها بين ورقلة وتيزي وزو ولا بين تلمسان والجلفة ولا بين الجنوب والشمال إذا كانت هناك عدالة اجتماعية وتوفر تكافأ للفرص بين أبنائها اللذين لهم نفس الحقوق وعليهم واجبات لأن الجزائر للجميع ويبنيها الجميع، وقد ناشده بتطبيق تعهداته وتجسيدها في الميدان يوم تأديته اليمين الدستورية بتحقيق العدالة التي حلم بها الشعب من أجل التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد الجديد، تسوده الكفاءات والطاقات، على أن تكون بداية الإصلاح وتطهير المحيط  من بيت الرئاسة وقصر الحكومة واختيار الأصلح فيمن يتولي المسؤولية من القمة للقاعدة، والناشط الحقوقي حفناوي غول وهو كاتب صحافي وباحث في التاريخ والتراث المحلي

هي رسالة وجهها الناشط الحقوقي الحفناوي بن عامر غول الحسني لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عبّر فيها عن  موقفه من عدة قضايا وما يحدث في الساحة الوطنية، مقدما فيها رأيه وانشغالاته كمواطن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية،  وجاءت هذه الرسالة عقب الأحداث التي شهدتها منطقة الجنوب من أعمال عنف وقد خاطبه خطاب المثقفين الواعين بقضايا أمتهم بعيدا عن بروتوكلات الفخامة وألقاب السيادة، ليس من باب التطاول على حاكم البلاد، وإنما لأن رئيس الجمهورية إنسانٌ ومواطنٌ ومثقفٌ أيضا يحمل على عاتقه أمانة ثقيلة ثقل الجبال، خطاب تردد صاحبه في كتابته وإرساله، لكن بعد مضي 06 أشهر من تولي الرئيس مقاليد الحكم بعد نيله  ثقة فئة عريضة من الجزائريين الذين سطروا تاريخا جديدا يوم 12 ديسمبر بتلبیة نداء الجزائر وأعادوها إلى سكة الشرعیة الدستورية والشرعیة الشعبیة التي لم يطعن فیھا أحد، وكل ذلك كان ثمرة من ثمرات الحراك المبارك، الذي استشعر بضمیر ووثبة أنه لابد من حماية الدولة، وإعادتھا إلى السكة،  هي انتخابات اشرفت عليها سلطة مستقلة بعيدا عن سلطة بطشت واستعلت على الرعية وسقتنا كؤوس الحقرة، وتجرعت مرارة ظلمها، سلطة أفرغت الخزينة بعدما استشرى فيها وظهر فسادها في البر والبحر والجو، هذا ما قاله الناشط السياسي الحفناوي بن عامر غول الحسني في مقدمة رسالته قبل أن يدخل في صميم الموضوع.

فقد تضمنت الرسالة تذكير الرئيس بالوعود والميثاق الغليظ الذي أخذه الشعب يوم تنصيبه، إذا ما تزال صدى كلماته  في أذن كل مواطن يوم قال: "إذا أخطأت قوموني"، لم يكن هذا الكلان من باب المجاملة، وإنما لأن الرئيس  كما جاء في الرسالة ورث تركة مسمومة مليئة بالجراح وانتخاب الرئيس جاء في ظروف عصيبة جدا محليا ووطنيا وعالميا ومشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية مع تعدد الأزمات، فبالإيمان والإخلاص تتذلل الصعاب إذا كانت النية لله والجهد في الله والتوكل على الله عندما فكرت في الترشح ثم أعلنت دخول المعترك لتخلص الشعب والوطن من مشاكل كادت أن تصل إلى ما لا يحمد عقباه لولا فطنة الشعب وتلاحمه مع جيشه الباسل، وأمام هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد  ناشد صاجب الرسالة  رئيس الجمهورية بأن ينظر للشعب بعين الرحمة والرأفة ففيهم الضعيف والفقير والبطّال والمحقور والمعدم والمغبون والمهزوم والمريض، وهو مطالب بأن يرد الحقوق إلى أصحابها وأن ينتزعها انتزاعا بقوة القانون ولا يتوانى في ردع ممن كانوا يضنون أنهم هم السطوة والقوة وفوق السلطة في ظل احترام حقوق الإنسان والحريات،لأنه لت أحد فوق القانون في الجمهورية الجديدة .

كما ذكّر الحفناوي وعود الرئيس يوم قال : إنه يتعين علينا اليوم جميعا أن نطوي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة إنها عوامل هدم وتدمير وأننا جميعا جزائريون ليس فينا من هو أفضل من الآخر إلا بقدر ما يقدمه من عمل خالص لجزائرنا العزيزة، وسيرفع التحديات ووضع "استراتيجية" تهدف إلى استعادة هيبة الدولة من خلال الاستمرار في مكافحة الفساد وسياسة اللاعقاب  عند أدائه اليمين الدستورية في خطابه للأمة  وأن نتجاوز معا الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد وكل ما يدعوا للفوضى والمزايدة باسم الهوية والانتماء والجهة واللعب على أوتار اللغة والدين، عبر انتهاج إستراتيجية شاملة مبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف إلى استعادة الشعب لثقته في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها،  وهو ما يأمل له الشعب، كما هو مطلوب من الرئيس الاستماع لمختلف الآراء والانشغالات والرفق بالرعية والنزول إلى مناطق الظل حيث الجزائر العتيقة والعميقة، الرسالة وفت كل ما هو مطالب به من الرئيس الجزائري الحالي، فكانت تعبر عن رؤية الشعب الطموح إلى اعتلاء الجزائر كستوى الرقي والإزدهار، وهذا لا يتحقق إلا في ظل الإستقرار، وهو بالتالي أي الرئيس مطالب بأن يستمع إلى نبض الشعب كل بما فيها المعارضة، لأن الجزائ بلد تعددي ليس  سياسة  فحسب بل فكرا وثقافة .

حفناوي غول أكد في رسالته أن الجمهورية الجزائرية ليست العاصمة فقط بل هي ثماني وأربعون ولاية بمدنها وقراها وأريافها ولا فرق فيها بين ورقلة وتيزي وزو ولا بين تلمسان والجلفة ولا بين الجنوب والشمال إذا كانت هناك عدالة اجتماعية وتوفر تكافأ للفرص بين أبنائها اللذين لهم نفس الحقوق وعليهم واجبات وكلهم أمام القانون سواء وسواسية لأن الجزائر للجميع كما يبنيها الجميع، واستطرد قائلا: " سيدي الرئيس يابن الجزائر، إننا نقدر المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقكم يوم انتخبكم الشعب  ووضع فيكم الثقة وقد عرضت عليكم الأمانة  رغم انك لا تملك عصى موسى ولا خاتم سليمان ولكن بالإرادة والتحدي ثم الثقة في الله والنفس وقدرات الشعب وحدهما الكفيلين بتنفيذ تعهداتك وبرنامجك وقد قلتم:  إن  الجزائر اليوم تحتاج في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات، وأن  الدولة ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد الجديد  عهد الكفاءات والطاقات وتثمين القدرات، نرجو أن يكون بدايته إصلاح وتطهير المحيط وأوله بيت الرئاسة وقصر الحكومة واختيار الأصلح فيمن يتولي المسؤولية من القمة للقاعدة

كانت هذه رسالة من مناضل لمناضل  دعاه فيها بأن بألا تُمنح المناصب السامية ولا تقلد المسؤولية لمن يعادي ويسب ثوابت الأمة ويستعلي على الشعب،  كما دعاه إلى تشبيب الدولة وألا يعيد  رسكلة الوجوه التي فشلت فشلا ذريعا وأكلت في كل الموائد، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية لأن الهدف هو الجزائر، وأن يحيط نفسه بالبطانة الصالحة من الكفاءات والخيرين وإعادة الإعتبار لهم  بعيدا عن الصفات البذيئة كالموالاة والجهة والمحسوبية واللامبالاة، التي حطمت الجمهورية طيلة عشريتين وأدت إلى الخراب فضاعت الدولة بين إفراط وتفريط وكيف لا وقد قرب فيها أعداء الوطن والهوية من أجل كسب ودهم وأبعد المخلصين لضمان ولائهم ونوّه بالقول أن  الفرد الجزائري شهم ومخلص ووطني لا يريد سوى لقمة تسد رمقه مع احترام كرامته ومواطنته وخير دليل حراكه المبارك من أجل التغيير والتطلع إلى حياة أفضل ويحدوه الأمل في  احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والحفاظ والدفاع عن قيم وهوية الشعب التي مرغت في الوحل، كذلك حماية السيادة اللغوية في اللسان والإدارة والمؤسسات الحكومية الرسمية وفي الشارع، ومحو آثار عصبة خانت الثقة وضيعت الأمانة وأهين فيها الرجال، عملت على تتفيه كل شيء فيها وسقطت سمعة الجزائر في الداخل والخارج، فأباحت المحظور وأحلت المحرم وعاثت في الأرض فسادا وهي اليوم وراء القضبان تدفع ثمن ما اقترفته في حق جزائر الشهداء والأحرار والأبطال، فأمل الشعب هو أن يرى الـ: 54 تعهدا لبناء الجزائر الجديدة في أرض الواقع ، واختتم رسالته بأن الشعب الجزائري بمختلف أعماره وطبقاته ومستوياته العلمية ملزم بوضع اليد فاليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وحلم الشباب في الحاضر وأجيال الجزائر في المستقبل في بناء جمهورية جديدة مهيبة الجانب مستقرة ومزدهرة مسترشدة ببيان أول نوفمبر 1954.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم