صحيفة المثقف

عبد الجبار العبيدي: الوصايا العشر في القرآن.. حدية التنفيذ؟

عبد الجبار العبيديعودوا الى رشدكم ايها الحاكمون في وطن المظاليم اليوم.. وأقراؤا الوصايا القرانية التي سماها القرآن بالفرقان.. هو التقوى الاجتماعية، وهو ألأخلاق المشتركة في الاديان السماوية الثلاثة، لذا فرقها الله لوحدها فسماها بالفرقان..

وعلى المسلم ان يتعامل مع المسلم وغير المسلم على هذا الاساس، لأن الفرقان لكل أتباع الديانات السماوية.، لا على أساس التقوى الفردية والتي تعتبر العبادات من ضمنها، بل على أساس التقوى الاجتماعية لكل الناس، انطلاقاً من ان الله هو آله الناس. لذا فالدعوة تكون عامة وليست خاصة.. والفرقان هو الصراط المستقيم بالنسبة لموسى، والحكمة بالنسبة لعيسى، وهو الأيات الحدية بالنسبة لمحمد.. الصراط المستقيم مع الفرقان الخاص لمحمد(ص) وأتباعه من المؤمنين به وبها حقاً وصدقاً.. ليصبح دستورا ًللمسلمين. لذا يعتبر الفرقان هو القاسم المشترك بين التعاليم الدينية الثلاثة. من هنا فأن الاديان واحدة والانسان واحد والاختلافات في الجزئيات وليس في الكليات"ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً، الاحزاب 35". الكل في المنطق القرآني أخوة في الدين والانسانية. نظرة غابت عن الفقهاء ورجال الدين في الديانات الثلاث، احدثت شرخاً كبيرأ فيها، تناقلتها الاجيال خطئاً، فأذا كانت الأديان كلها بوجب هذا التوجه الالهي واحدة فكيف أجاز الفقه الاسلامي تعدد المذاهب والاختلافات فيما بينها ؟. أذن كلها جاءت من أجل تحقيق أغراض شخصية لخدمة سلطة الحاكم لا غير. لذا فهي بحاجة الى أعادة نظر في النص القدسي، وفي الشرح الفقهي لتوكيد التوجهات الصحيحة في القرآن ومراجعتها اليوم.. والا ما فائدة التشريع.. ؟

والفرقان (الوصايا) قد تحددت في سورة الانعام، الآيات 151-153) قال تعالى: (قل تعالوا أتلُ ما حرمَ رَبُكُم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين أحساناً ولا تقتلوا أولادكم من املاقٍ نحن نرزقُكمٌ واياهم ولا تقربوا الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم اللُهُ الا بالحق ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون،، 151). 

ويقول تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيمِ ألا بالتي هي أحسنُ حتى يَبلُغَ أشدَهُ واوفوا الكيلَ والميزانَ بالقسط لا نكلفُ نفسأ الا وسَعهَا واذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد اللِه أوفُوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون، 152،).

وأن هذا صراطي مستقيماً فأتبعوه ولا تتبعوا السبلَ فتفَرقَ بكم عن سبيلهِ ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون، 153). هذه الوصايا كلها جاءت موضحة في سورة الأسراء وهي من السور المكية، وهي الأخلاق اي رأس التقوى الاجتماعية.

هذه الوصايا المحكمة من يتبعها قولا وتطبيقا يخرج من آفة المجتمع خالياً من ادران الفساد والانحراف.. فلماذا نساها الحاكم وأخترق قانون الله.. البارحة ذهب عدنان الاسدي بعاره وشناره وسيلاقي رباً لن يغفر له ابدا ولا للأخرين من معه من دولة الفساد واللاقانون.. وخيانة الوطن والشعب وقتل المواطنين.

ان الوصايا العشر في القرآن تمثل دستورا كاملا للمسلمين بحاجة الى دراستها بتأنٍ ووضعها منهجا للدارسين في مدارسنا وجامعاتنا لتكون بابا للهداية والحق والتآلف عند الناس بعد ان ضيعها الفقهاء والمفسرين علينا وجاؤا بتفسيرات طوباوية فقهية ميتة، لا تخدم الانسان والتقدم. . والوصايا هي:

الوصية الاولى: (ألا تشركوا به شيئا) في هذه الوصية الربانية تنبهنا الى الفرق الكبير بين الكفر والشرك فقال:لا تشركوا ولم يقل لا تكفروا، لان الشرك هو الند للشيء الاخر. ان العرب قبل مجيء الرسالة كانوا مشركين ولم يكونوا كافرين، فالعرب اخذوا صفة الشرك كآلهة ثابتة للاصنام خارج نطاق ظاهرة التطورالمنافية لظاهرة التطور الديني في الاسلام:(أفرأيتَ من أتخذَ ألهَه ُهواهُ، الجاثية 23). ومع هذا التوجه الخاطىء عند العرب في الجاهلية لكن القرآن الكريم أعطى للحرية مكانة أسمى ما في الوجود، وهي حرية الاختيار لهم في الفعل والعمل الذي يريده. حين أمرهم بفعل الواجب ولم يجبرهم عليه، بل ترك الامر أختيارأً لأرادتهم، لكنه حذرهم من المعصية وأوعدهم بالعقاب والثواب. يقول الحق:(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرأنا أعتدنا للظالمين نارا، ألكهف 29). ولم يقل للكافرين نارا، فالأية الكريمة أقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان، لأن الظلم يرتكب من الأثنين الكافر والمؤمن معاً. هنا هي عدالة القرآن المطلقة التي لا جدال فيها أبداً. فلسفة غابت عن الكثيرين من الفقهاء والمفسرين واصحاب الديانات الاخرى.

والشرك نوعان:

الاول هو الشرك الظاهر(شرك الآلوهية) كعبادة الاصنام ومظاهر الطبيعة وعبادة الفردالمسمى(بالتأليه)كما كان عند الفراعنة أو زيارة قبور الموتى وتقديم النذور لهم، يقول الحق:(ان اللهَ لا يغفُر ان يُشركَ به ويغفُر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يُشرك بالله فقد أفترى اثماً عظيماً، النساء 48).

والثاني هو الشرك الخفي(شرك الربوبية) ويقصد به جعل مظاهر الطبيعة والظواهر الاجتماعية متكافئة مع الله في البقاء. وبهذا الخصوص يقول الله تعالى:(وما يؤمنُ أكثُرُهم بالله الا وهم مشركون، يوسف106).

فالحالة قبل الاسلام كانت تحت رحمة الشركين معاً، الاول تجلى بالوثنية، والثاني بالقبلية والعادات الاجتماعية المنغلقة وعدم التطور والتقدم حين ظلت العادات والتقاليد القبلية مسيطرة عليهم والى الآن. لقد ربط سبحانه وتعالى الشرك بالثبات والتوحيد والتطور وقال: ان الامثال كلها قرآن وهي قوانين موضوعية واجبة الالتزام، قال تعالى:(وتلك الأمثالُ نضرِبُها للناس ولا يعقُلهَا الا العالمون، العنكبوت 43). من هنا نرى ان لايوجد اي ثبات في الاشياء والمجتمعات وكل شيء متحرك ضمن مفهوم الصيرورة والقرآن الكريم جاء وفق هذا المنطق العلمي الرصين، والثوابت الحدية لا تأتي الا من الله وهي طاعة المطلق، لذا كانت العبادات هي الصلة الاساسية بين العبد وربه.

من هذا التصور الرباني فقد ربط الشرك الظاهر والخفي بالظلُم لقوله:ودخلَ جنَتهُ وهو ظالمٌ لنفسهِ، الكهف 35). لذا فالثوابت في الشعارات الاسلامية هي (لأ أله الا الله، محمد رسول الله ولا غيرها).

اما لفظة الكفر:

فتعني التغطية والتستر ونكران الموجود بتقصدٍ او بجهل مطبق كما في قوله تعالى:(كمثلِ غيثٍ أعجبَ الكفارَ نَباتُه ُثم يَهيجُ فتراهُ مصفراً، الحديد 20). اي الزراع الذين يزرعون ويغطون زروعهم املا في حصد ثمارها.

وجاء ايضاً بمعنى التكفير والكفارة والكفران وهو التغطية عن سابق معرفة لستر الذنوب والتجاوزات الاخلاقية على الاخرين كقوله تعالى:(لأُكفرنَ عنهُم سيئاتِهم ولأُدخلَنهُم جناتٍ تجري من تحتها الانهارُ، 195 آلأ عمران). وآيات اخرى كثيرة.

هنا نرى فرقا بين الشرك والكفر، فالشرك ممكن ردعه بالايما ن بينما الكفر فقد غلظ عليه لخروجه عن منطق الايمان جملة وتفصيلا، حين يقول في الاول:وقاتلوا المشركين كما يقاتلونكم كافة وأعلموا ان الله مع المتقين، التوبة 36) . أما الكفار فيقول فيهم:(يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم، التوبة 73). لذا لم تاتِ الا آية واحدة في القرآن تقول:(وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء.. . فهل على الرسلَ الا البلاغُ المبين، النحل 35).

مع الاسف في مجتمعاتنا العربية والاسلامية اليوم نعاني من شرك خفي قانوني ومعرفي كما في تطبيق قوانين المرأة الناقصة في الاسلام . وبقيت الامة بدون قوانين متطورة وظلت ظاهرة الشرك الظاهر سائدة. لذا لا محرمات من عندالله الا ما جاء في الرسالة (الحدود)فقط فعلينا ان لا نعبث بكلمة حرام على الخالي والمليان فهي كلمة كبيرة جدا ً عندالله في التطبيق، استخدمها الفقهاء في أمور عديدة دون وجه حق وخاصة في حقوق المرأة، حتى تبين لنا أن المرأة لها وضعان: وضع في الكتاب، اي في النص المقدس، ووضع في الفقه الاسلامي الذي يحمل صفة التطور التاريخي، كل منهما يناقض الأخر. وللمرأة حديث مستقل.

الوصية الثانية:

(وبالوالدين أحسانا)، وقد جاءت بعد وصية الشرك مباشرة لسببين هما:

الاول جاءت نتيجة للأمر الرباني بأن يكون الاحسان انسانياً لا بشرياً – هناك فرقا بين البشر والانسان- حتى لا ننساهم كما تنسى البهائم والديها ونرعاهم ولا نقول لهم الا قولاً حسناً لقوله تعالى:(فلا تقل لهما أفٍُ ولا تنهرهما وقول لهما قولا كريما، الاسراء 2). بينما لم نرَ ان الله قد أوصى الاباء بأولادهم لأن حرص الأبوين على الأبناء ليس من الوصاياالانسانية وأنما هو من الغرائز البشرية لقوله تعالى:(ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن، لقمان 14)وفي آية أخرى(حملته أمهُ كُرهاً ووضعته كُرهاً، الاحقاف 15). لذا فعيد الميلاد للطفل في الاسا س عادة أنسانية وحضارية في الاسلام وغير مستهجنة كما يعتقد البعض، لأنه يمثل بداية الأعتماد على النفس دون حاجة للأخرين.

والثاني جاء نتيجة صراع الاجيال فالأب والأم ينتميان الى جيل والاولاد الى جيل اخر مغاير، لذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع):(علموا أولادكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم). وهي ظاهرة تطورية ان يرفض الاولاد ما أعتاد عليه الأباء، ولو اطاع الاولاد الوالدين في هذه المشكلة لوقف تطور الانسانيةعند حدٍ معين، وقد حسم الله سبحانه وتعالى هذا الموقف لصالح التطور والتقدم بقوله:(ووصينا الانسانَ بوالديه حُسناً وان جاهداك لتشركَ بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهُما أليٍَ مرجِعُكم فأنَبئُكم بما كنتم تعملون، العنكبوت8). والاية 15 في سورة لقمان مشابه للاولى، وفي الايتين جاءت كلمة الجهاد التي تعني بذل الجهد لجعل الامر وفق نظرية التطور والتقدم المستمر، وهنا حسم الامر لصالح التطور من ناحية ولصالح الاباء من الناحية الاخلاقية من ناحية أخرى. وهنا حالة تميزية ظاهرة بين الحيوان الذي لا يتطور والانسان الذي يجب عليه التطور والتقدم لصالح صراع الاجيال. فالعادة والتقليد هي عُرفية بينما حالة التطور هي حضارية أنسانية ملزمة التنفيذ.

هذه النظريات القرآنية الكبرى غفلها المفسرون وتلاقفها علماء الغرب لينشئوا منها نظريات كثيرة ساهمت في تقدمهم وارتقائهم ومنها نظرية النشوء والارتقاء، ولكن من منا يقرأ القرآن بعيون علمية مفتوحة. هنا تقع المشكلة.

الوصية الثالثة والخامسة:

وتمثلتا في الآيتين الكريمتين وهما:(ولا تقتلوا أولادكم من أملاق نحن نرزقكم واياهم)، والثانية:(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق).

هنا لا يمكن فهم الوصية الثالثة الا اذا ربطت وقورنت مع الوصية الخامسةلأن كلتيهما تبدأ بأمره تعالى:(ولاتقتلوا). ففي الوصية الثالثة جاءت (ولا تقتلوا أولادكم) والولد هو الذكر والانثى، فالسؤال الاول الذي يطرح نفسه الآن: أليس الولد نفساً؟ لماذا لم يدمج الوصية الثالثة بالخامسة؟

والسؤال الثاني هو انه في الوصية الثالثة حدد الشروط التي حرم فيها قتل الولد وهي من أملاق، أما اذا كانت الحالة ليست من أملاق فهل يجوز قتل الولد؟. هذه المشكلة تخص الوالدين فقط وحصراًهي مشكلة الأجهاض، لأن الولد يصبح نفساً بعد الولادة ذكراً كان أم أنثى، وهذه هي حالة تحريم الأجهاض في الاسلام، لكن الأطباء وبعض المشرعين قد أحلوا الاجهاض حين تتعرض حياة الام لخطر الموت، وهناك تخريجات اخرى كثير يصعب علينا الخوض فيها لمحدودية العرض وخاصة اذا كان المولود مشوه الخِلقة، فذاك أمر يعود لوالديه، لذا ففي الولايات المتحدة قانون يمنع الاجهاض الا بموافقة والديه.

اما في الوصية الخامسة فجاءت (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق، فهذا يعني بالضرورة يجوز قتل النفس التي لم يحرمها الله، لذا وضع شرطا أخرلقتل النفس التي حرمها الله وهو(الا بالحق)، ويعني ان الذي يراد قتله يجب ان يكون قاتلا مجرما ًًتصديقاً لا تصوراً، أي لا يمكن قتل النفس الا بعد البينات المادية الموضوعية التي تثبت القتل. اما قتل النفس الأنسانية فقد حرمه الله في كل الاحوال حتى مع المجرمين، فكيف اجاز لهم قتل العلماء والمفكرين والوطنيين والمطالبين بحقوقهم من أبناء تشرين بدون وجه حق.. ؟. والحق أمر تقريري ملزم في الاوامر الربانية وهذا التوجه نوجهه للأرهابيين والحكام الظلمة الذين يقتلون الناس اليوم بحجة الاسلام والكفر والدفاع عن السلطة، والله والاسلام براء منهم الى يوم الدين، لأنه جرم وأثم كبير، يقول الحق:(وذروا ظاهر الاثمِ وباطنَهُ ان الذين يكسبون الأثم سيجزونَ بما كانوا يقترفون، الانعام 120).. فهذا يعني ان هناك فرقاً كبيراً جوهرياً بين الوصية الثالثة والخامسة. يقول البعض ان الوصية الثالثة جاءت لتحريم وأد البنات.. ان هذا غير صحيح لأن العرب كانت تئد البنات بعد الولادة. ووأد البنات يدخل تحت بند الوصيةالخامسة. وكلمة الاولاد جاءت للبنات والاولاد معاً دون تمييز، كما ان الآية جاءت للناس جميعا ولم تقتصر على المسلمين، لان محمدا جاء لكل الناس وليس للعرب فقط بدلالة الآية الكريمة:(قل يا أيها الناس أني رسول الله أليكم جميعاً، الأعراف 158).

الوصية الرابعة جاءت بآيتين هما:

الأولى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهرَ منها وما بطن، الانعام 151).

الثانية:(انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، الأعراف 33).

وهي ثلاثة اعمال مختلفة تعتبر كل منها فاحشة . ان كلمة الفواحش جاءت حصراً في الآيتين بصيغة الجمع وهي كلها تتعلق بالعلافات الجنسية، لذا السرقة وشرب الخمر والميسر لاتعتبر من الفواحش وانما هي من الآثام. فالعلاقات الجنسية المحرمة التي جاءت في الكتاب صراحة والتي سميت بالفواحش هي: قال تعالى:

(ولا تنكحوا ما نكحَ آباؤكم من النساء الا ما قد سلف انه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا، النساء22). وهذا ما نسميه اليوم نكاح المحارم حتى ولو بعقد نكاح.

(ولوطاً اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين، الاعراف80).

(ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساءسبيلا، الاسراء 32).

وعندما صرف الله سوء أمرأة العزيزعن يوسف قال:(ولقد همت به وهمَ بها لولا أن رأى برهان ربهِ كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء أنه كان من عبادنا المخلصين، يوسف 24).

فالفواحش ذكرت بصيغة الجمع لجعل العملية الجنسية بين الرجل والمرأة الا بشروط عقد النكاح، وهذا العقد أخذ صفة أجتماعية ثابتة بين الناس. لذا فألعلاقة بين الاثنين بلا جماع لا تأخذ صفة الفاحشة، وأنما ينظر اليها من باب الاعراف(الآداب العامة). لذلك يخطأ من يقدم على جريمة القتل للمرأة بحجة الفاحشة دون الشروط التي ذكرها الله في سورة النور آية(4) والتي يقول فيها:(والذين يرومون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون). وهنا كان الاختلاف في الرأي بين الامام الصادق والامام ابو حنيفة النعمان في نظرية القياس التي أنتهت بالرأي الواحد.. فلا خلاف بينهما ابداً.. حتى قال الامام الصادق:يشرفنا ان يكون الامام النعمان بن ثابت واحد منا.. فأين الاختلاف ايها المفرقون في دين الله والأنسان..

اما الفاحشة الاخرى التي سماها باللواط فهي مصنفة تحت بند الشذوذ الجنسي كقوله تعالى:(ولوطاً أذ قالَ لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين، الاعراف 80). أي ان الممارسة الجنسية بين الزوج والزوجة يجب ان تلتزم بحدود ثابتة غير مخترقة بما أحل الله ولا غير، بقوله تعالى:(واذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، البقرة 222).

هنا تحدي الفواحش جاءت بآيات حدية لا تقبل النقاش والتسويف وهي ثابتة وفق قناعة المنطق. 

وأخيرأ أقول: ان الأسلام فريد في تصوره للحياة، عظيم في توجهاته للناس، حكيم في أوامره الحدية في التنفيذ. هذا الاسلام العظيم الذي زيفه الفقهاء من اصحاب الأراء الباطلة.. ولا طريق أخر للبشرية الا بأتباع أوامره ونواهيه. وسيبقى عالم الاسلام يتأرجح ما بين الحياة والموت بعد ان حول النص المقدس الى فقه لا يعرف منه الا العبادات المتزمتة، وأحادية الرأي، وحكم السلطة الجائرة وأنحرافاتها، وتبريرات وعاظ السلاطين الباطلة. لقد تخلصت اوربا من هذا التوجه الخأطىء فشقت طريقها نحو التقدم والتطور وحقوق الانسان، ونحن لازلنا مكانك راوح. فالاخلاق هي الاساس، والقَسم ذمة ومسئولية أمام الله فكيف حنثوه، والحقوق واجب حدية التنفيذ. كلها أمور ربانية ملزمة أجتمعت تحت عنوان الوصايا، ولوجاء القرآن الكريم بها فقط لكفاه فخرا بأنه مميز عن الكتب المقدسة الاخرى.

والوصايا الخمس الباقية سوف نعرضها في عرض لا حق.. .. أنظر الكتاب والقرآن للدكتور محمد شحرور في الوصايا..

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم