صحيفة المثقف

ضياء محسن الأسدي: النبي محمد بن عبد الله رسول الإنسانية (1)

ضياء محسن الاسديإن الدراسات التي اتضحت بعد الخوض في الديانات البدائية للإنسان منذ خلقه وإن كانت بسيطة جدا في جغرافيتها ومضمونها وزمنها وسهولة العيش في الحياة فأنها خلصت إلى القول أنها عبدت الظواهر الطبيعية منها البرق والشمس والقمر والرياح والرعد وغيرها وبالرغم من بساطة هذه المعتقدات إلا أنها كانت تعي أن هناك قوة خفية مطلقة اليد في تحريك هذه الظواهر والأجرام وهي القوة المسيطرة عليها وهي غير ظاهرة للعيان لذا عبدها الإنسان خوفا منها وحين تطور الإنسان في العقل والمعيشة وأستقر في العيش على الأرض تحول إلى نظام شبه قروي زراعي وتكونت له أسرة ومجتمع بسيط حيث أحتاج إلى نظام يستطيع من خلاله تنظيم حياته اليومية وترتيب علاقاته مع الآخرين لذا أصبح لهذا الإنسان الاستعداد لاستقبال الرسل والنذر والمبشرين للشرائع والمناهج السماوية البسيطة من الله تعالى بعد نضوج عقليته وتحويلها من عبادة الظواهر الطبيعية والأجرام السماوية إلى إتباع الرسل والأنبياء وشرائعهم من نوح عليه السلام كأول نبي حامل الرسالة الألهية بتعاليم بسيطة جدا وهي عبادة الله الواحد الأحد وإطاعة الوالدين لوضع اللبنة الأساسية لبناء الأسرة والحفاظ على نسيجها كنواة للمجتمع , أستمر هذا الإنسان البسيط في عبادته إلى أن جاءت الانعطافة الكبيرة هو الطوفان الكبير في زمن نوح عليه السلام وكان المؤسس الأول لعبادة الله تعالى الواحد الخالص بعيدا عن الشرك والأوثان والأصنام التي كانت تُعبد في زمنه إلى أن جاء النبي إبراهيم عليه السلام النبي مؤسس العبادة الحنفية الواحدة لله تعالى وأن الوسيلة الوحيدة في الارتباط بالله هي الصلاة والحج إلى بيت الله الحرام كنقطة التقاء موحدة لجميع البشر مع بعضهم البعض والله الواحد الأحد حيث جعله مثابة للناس جميعا وعقدة ارتباط للناس بعضهم مع بعض كوحدة إنسانية وبشرية وتعبدية وبعدها توالت النُذر والأنبياء والرسل ضمن زمان ومكان يبشرون ويُنذرون أقواما انحرفوا عن جادت الحق وكفروا بأنعم الله تعالى وابتعدوا عن ديانتهم وعقائدهم حيث تتابعت الرسالات وكانت هذه الرسل والأنبياء يُذكرون الناس بما سبقوهم من الأقوام التي كفرت بأنعم الله وعقابهم ويُبشرون بالأنبياء من بعدهم كما بشر النبي موسى بالنبي عيسى عليه السلام وعيسى بن مريم بالنبي الخاتم محمد بن عبد الله عليه وعليهم أفضل الصلاة بالعهد الذي أخذه الله تعالى من أنبيائه بالتصديق والتسليم بهم حيث كانت هذه الرسالات تكمل أحدهما الأخرى وتتمم تعاليمها ومبادئها حسب مقتضيات المصلحة العامة والزمان والمكان لا تخرج عن نظام ومفهوم التوحيد والعبادة وتهذيب المجتمع وتلبية احتياجاته لذا أن كل نبي من الأنبياء الذين تسلموا رسالات ربهم عرفوا قبلهم وما يأتي من بعدهم وبشروا بهم إلى أن جاء النبي عيسى بن مريم عليه أفضل الصلاة الذي جاء بالإنجيل وصدق بالتوراة لموسى بن عمران عليه السلام وتعاليمها وأخذ يُعرف ويمهد لعهد رسول الله محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه السلام نبي قادم من بعده بالرسالة الجامعة الموحدة لكل الرسالات التي سبقته ومجددا لها ومكملا سيكون خاتم الرسل معرفا إياه بالاسم والصفات والمكان حيث أسماه المنقذ ( ميسيا ) لكن الانعطافة الكبيرة التي حصلت بعد عهد عيسى بن مريم عليه السلام بحدود  ال( 150) سنة بعد النبي عيسى بن مريم عليه السلام وانحراف الديانة المسيحية واليهودية على يد الكنيسة وشوهت التعاليم والمبادئ وانشقت الأمة بين العقيدة الراسخة بأن الله الواحد الأحد وأن عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله وسموا هؤلاء ب (المؤمنون) أو (الشيعة) أو (الأبنونيون) والتي تبشر وتنتظر قدوم النبي المخلص لهم وهو النبي محمد بن عبد الله عليه السلام والآخرون هم من حرف التوراة والإنجيل وجعل من عيسى بن مريم عليه السلام هو الله ومنهم من جعله أبن الله وظهر بينهم الثالوث  وحدث الصراع والقتال والتكفير فيما بينهم ورفضوا الاعتراف برسالة النبي محمد بن عبد الله عليه السلام العربي الأمي المكتوب عندهم في التوراة والإنجيل (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وأن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب)  سورة الشورى آية 14وكما جاء على لسان عيسى بن مريم عليه السلام (إذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدق لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول من بعدي أسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) سورة الصف الآية 6 ومن الذين مهد للنبي الخاتم محمد عليه السلام هو ورقة بن نوفل وبحيرة الراهب وقس بن ساعدة الأيادي ورئاب الشمي الملقب ب (عبد المسيح) وغيرهم والحُمس من بني هاشم الذين كانوا حنفاء على ملة إبراهيم عليه السلام ......... ) يتبع

 

ضياء محسن الأسدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم