صحيفة المثقف

يحيى السماوي: ثلاث جزازات

يحيى السماويوأنا قديماً

كنتُ ربَّ الغابةِ المسحورةِ الأشجارِ

سَيِّدَ أمرِها ..

فغدوتُ عبدا


  (1) خطيئة آدم السـومريّ

سـامـرتُ يـومـا غـادةً ضـوئـيـةَ الـنـهـديـنِ ..

فِـضَّـةُ جـيـدِهــا فُــلٌّ ..

وسُــنـبُـلُ شَـعـرِهـا ذَهَــبٌ ..

وصـدرٌ نـاعـمُ الـنـيـرانِ ضَـوْعُ لـهـيـبِـهِ نـهـرانِ:

مـن عـطـرٍ و خـمـرِ

*

نـزعَـتْ مُـلاءَتـهـا.. (1)

فَـجُـنَّ الـمـارقُ الـشـيـطـانُ فـي جَـسَـدي ..

وإذْ كـشَـفَـتْ تُـوَيْـجـتَـهــا وأوشَــكَ مَـيْـسَـمـي أنْ..... !

فَـزَّ قـلـبـي

واسْــتـحَـتْ أغـصـانـيَ الـظـمـيـاءُ مـن جـذري

*

فـمَـنْ ذا أخـبَـرَ الـمـعـصـومـةَ الـعـيـنـينِ " إيــنـانـا "؟ (2)

ومـا بـيـنـي وبـيـنَ عـيـونِـهـا

مـثـلُ الـذي بـيـن الـنـهـارِ وطـلـعـةِ الـبـدرِ؟

*

رأيـتُـكَ ـ قـالـتِ الـمـعـصـومـةُ الـعـيـنـيـنِ ـ مـا عـذرُ الـخـؤونِ؟

تـخَـثَّـرَتْ لـغـتـي عـلـى شــفــتـي ..

وجَـفَّ نـمـيـرُ حـنـجـرتـي..

فـمـا أُخـفـي وقـدْ فـضَـحَـتْ ثـيـابُ خـطـيـئـتـي سِــرّي؟

*

أجِـبْ ـ صـاحَـتْ..

فـقـلـتُ لـهـا:

خـطـيـئـةُ " آدمٍ "

أغـوتْ فـمـي " تُـفّـاحـةٌ " فـي الـغـابـةِ الـحَـجَـريَّـةِ الأشـجـارِ..

دانـيـةٌ..

وكـنـتُ أجـولُ بـدءَ الـلـيـلِ فـي أحـيـاءِ أوروكَ الـجـديـدةِ

أتَّـقـي ضَـجـري..

وكـان الـجـوعُ يـطـحـنـنـي وأنـتِ بـعـيـدةٌ

فـظـنَـنْـتُـنـي فـي مـأمَـنٍ مـن مُـقـلـتـيـكِ

ومـن رقـابـةِ عـبـدِكِ الـقـدّيـسِ " عـشـقـائـيـلَ "

فـالـتـمـسـي لأمـري مـاءَ مـغـفـرةٍ

يَـقـيـنـي مـن كـلامِ الـنـاسِ

لا مـن خِـزيِ يـومِ الـسـؤْلِ فـي الـحَــشْــرِ

*

يَـضـيـعُ الـسـومـريُّ إذا أطـالَ بـغـيـرِ أوروكَ الـمـقـامَ ..

فـنـهـرُهُ :

يـجـري ولا يـجـري

*

أشــاحَـتْ عـن دمـي نَـسَـغـاً ..

وعـن ثـغـري نـدى زهـرٍ ..

ودِفـئـاً عـن سـريـري..

والـهـواءَ الـطَّـلْـقَ عـن صـدري

*

فـمـا شَــفـعَـتْ تـسـابـيـحـي

ولا صِـدقُ الـتـبَـتُّـلِ فـي صـلاةِ الـشـفْـعِ والـوِتْـرِ

*

فـمـا أدري:

أصُـبـحُ الأرضِ أكـثـرُ ظُـلـمـةً

فـي عـيـنِ مَـنْ خـانَ الـهـوى

أم ظـلـمـةُ الـقـبـرِ؟

***

(2) خـطـيـئـة إنـلـيـل (*)

" إنـلـيـلُ " جـمـعـاً صـارَ فـي " أوروكَ ".. (2)

يـفـعـلُ مـا يـشـاءُ

وكـان فـردا

*

والـمـاءُ فـي أوروكَ مُـرّاً صـارَ لا يُـقـوى عـلـيـهِ

وكـانَ شـهـدا

*

والـخـبـزُ فـي أوروكَ تِـبـنـاً صـارَ

لا يُـسـعـى إلـيـهِ

وكـانَ رغْـدا

*

والـدربُ فـي أوروكَ شـوكـاً صار لا يُـمـشـى عـلـيـهِ

وكـانَ وَرْدا

*

والـعـشـقُ فـي أوروكَ كـانَ قِـلادةً

فـأُحِـيْـلَ قَـيْـدا

*

وأنـا قـديـمـاً

كـنـتُ ربَّ الـغـابـةِ الـمـسـحـورةِ الأشـجـارِ

سَــيِّـدَ أمـرِهـا ..

فـغـدوتُ عـبـدا

***

(3) تسمية أخرى للفصول

سـأعـيـدُ تـسـمـيـةَ الـفـصـولِ ..

الـصـيـفُ:

نـهـرُكِ أسْــتـجـيـرُ بـبـردِهِ مـن قـيـظِ بـاديـةِ الـسـمـاوةِ ..

والـشـتـاءُ:

دفِـيءُ خِـدرِكِ حـيـنَ نَـلـتَـحِـفُ الأغـانـي ..

والـربـيـعُ:

تـسـلّـقُ الأشـجـارِ فـي وادي الـقـرنـفـلِ

والـخـريـفُ:

إذا زعَـلْـنـا سـاعـةً أو سـاعـتـيـنِ

كـأنْ أفـكِّـرُ بـالـقـصـيـدةِ قـبـلَ تـمـسـيـدي

زهـورَ ضـفـيـرةٍ وحـريـرَ خـصـرِ

*

وكـأنْ:

أُجـيـبُ عـلـى مُـهـاتـفـةٍ

ونـحـنُ مُـحَـلِّـقَـيـنِ عـلـى جَـنـاحِ وِســادةٍ ..

نُـدنـي مـن الأرضِ الــســمـاءَ..

ومـن زفـيـرِكِ أســتـقـي مـائـي وخـمـري

*

وكـأنْ:

أنـامُ ولـيـس صـدرُكِ فـوقَ

صـدري

*

زعَـلٌ طـويـلٌ قـدْ يَـدومُ لـسـاعـةٍ

أو سـاعـتـيـنِ ..

نـعـودُ بـعـدهـمـا كـمـا طـفـلانِ مـجـنـونـانِ

يَـرتـضِـعـانِ مـن دفءِ الـشـروقِ

ويـغـفـوانِ عـلـى سـريـرِ ضـيـاءِ بـدرِ

***

 يحيى السماوي

أديليد 21/9/2021

.......................

(*) يبدو أن " الجزازة " أكثر صوابا من " الجذاذة " حسب ما أخبرني به أستاذي / أستاذ الجميع شيخ النقاد وعميدهم أ. د. عبد الرضا علي إذ بعث لي بصفحة من كتاب أ. د. علي جواهر الطاهر ( منهج البحث الأدبي ) وفيها تفصيل عن معنى الجزازة والفرق بينها وبين الجذاذة.

(1)المُلاءة بضم الميم: ما يُغطى به السرير.. ومن معانيها: ثوب من قطعة واحدة ذو شِقّين عند الصدر متصلين ببعضهما يكون فضفاضا ـ وهو المقصود في النص.

(2) إينانا: إلهة الحب والجمال والجنس والخصوبة والعدالة في ملحمة كلكامش.

(3) إنليل: رئيس الآلهة وكبيرهم في ملحمة كلكامش.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم