صحيفة المثقف

يحيى السماوي: فسيلتان من بستان القلب

يحيى السماويوأظلُّ فلاّحاً فراتيّاً

أهَيِّئُ للبيادرِ كلَّ يومٍ

سنبلي


  

(1) قـبـل الـعـفـو

فـي الـحـلـمِ

أو فـي يـقـظـةٍ

أقـنـعـتُ نـفـسـي أنـنـي طـفـلٌ

وأنَّ الـسـومـريَّـةَ رَبَّـةَ  الـمـطـرِ /  الـجـمـالِ / الـحـبِّ

" إيـنـانـا الإلـهـةَ " مُـرضِـعـي

*

فَـوَجَـدتُـنـي فـي خِـدرِهـا

أبـكـي دَلالاً

كـيْ تـمُـدَّ يـداً لِـتـمـسَـحَ أدمـعـي

*

أطـبَـقْـتُ  أجـفـانـي عـلـى عَــيـنـيَّ  كِـذبـاً

آمِـلاً حَـمْـلـي الـى عَـرشِ الـسَّـريـرِ

تُـنِـيـمُـنـي

وتـنـامُ فـي دَعَــةٍ مـعـي: (1)

*

عـبـداً تُـرابِـيّـاً ومـعـبـوداً إلـهِـيّـاً

بِـمَـعـبَـدِ مَـخـدَعِ

*

مُـتـظـاهِـراً بـالـبَـردِ  ..

أحـضِـنُـهـا

وأطْـحَـنُ نـاهِـدَيْـهـا الـنـافِـرَيـنِ بـأضــلـعي

......

.........

..............

أيْـقَـظْـتُـنِـي

ولـعَـلَّـهُ مـبـعـوثُـهـا الـقِـدِّيـسُ " إيـنـائـيـلُ " أيـقـظـنـي (2)

لِأمْـثُـلَ عـنـدَهـا  ..

فـدخـلـتُ عـرشَ الـخِـدرِ:

مـولاتـي الـمُـطَـهَّــرةُ / الـمُـقـدَّسـةُ / الـبـتـولُ / الـبـيـدرُ

الـنـهـرُ / الـصـراطُ الـمُـسـتَـهِــيـمُ /

أنـا  الـسـمـيـعُ الـمُـسـتـجـيـبُ

فــأَسْــمِـعِـي ..

*

حـاولـتُ سَـرْدَ الـحُـلـمِ ..

لـكـنْ

أقـنَـعَـتـنـي أنـنـي فـي الـعـشـقِ مازلـتُ الـغـريـرَ

اللايَـعـي

*

الـشـكُّ نـافـذةُ الـيـقـيـنِ ـ تـقـولُ " إيـنـانـا "  (3)

ومـا بـيـنَ الـجـحـيـمِ الـجَـمـرِ والـفـردوسِ

أصـغـرُ مـن مـسـافـةِ إصـبَـعِ

*

" كـلـكـامـشُ " الـجـبّـارُ صـارَ الـى تُـرابٍ

غـيـرَ أنَّ الـسـورَ بـاقٍ

شُــدْ لِـنـفـسِـكَ  سُــورَهــا إنْ شِــئـتَ أنْ تـبـقـى

كـمـا " أوروكُ " ..

سُـورُ الـعـشـقِ أبـقـى  ..

غـيـرَ أنَّ بـنـاءَهُ سـيـكـونُ أشــقـى  ..

فـاتَّـخـِذْ عَـزمـاً

فـإنَّ الـعـزمَ قـبـلَ مَـسـيـرِ أقـدامٍ

وقُـوَّةِ أذرِعِ

*

إشـرَبْ نـدى أزهـارِ وادي الـلـوزِ

واقْـطِـفْ مـن جِـنـانـي الـتـيـنَ والـزيـتـونَ

لـكـنْ

عـن سِــوايَ تَـرَفَّـعِ

*

فـأنـا فـراديـسـي

نَـصـيـبُ الـعـاشِـقِ الـمُـتَـرَفِّـعِ

*

إنَّ الـغـدَ الآتـي هـو الـمـاضـي الـذي

أقـمـارُهُ وشـمـوسُـهُ

لـمَّـا تـزلْ فـي كـهـفِـهـا لـم تـسـطـعِ

*

فـاغْـنَـمْ حـيـاتَـكَ واكـتَـنِـزْ ضـوءاً

لـعـلَّ غـداً يـكـونُ دُجـىً

وحـقـلـكَ قـد يـصـيـرُ الـى مـفـازةِ بَـلـقَـعِ

*

أمْـتِـعْ بِـشـدوِكَ  سـامـعـيـكَ

وشـاربـي  نـبـضِ الـقـصـيـدِ الـسـومـريِّ  سُـلافـةً

وتَـمَـتَّـعِ

*

كُـنْ لـيْ عـلـى عـيـنـيـكَ عَـيْـنـاً

إنْ غَـضِـبْـتُ فَـبَـعـضـيَ الـطـوفـانُ

لا مَـنـجـىً لِـعـشـبٍ

مـن لـظـى غَـضَـبِ الـحَـلـيـمِ  (4)

ولـيـسَ مـن طـوقٍ فَـيـدرأ مَـوجَ بـحـري الـهـادرِ

الـمُـتَـمَـنِّـعِ

*

..........

..............

.................

بـيـن اقـتِـنـاعـي وامـتـنـاعـي:

نـاسِــكٌ عـبـدٌ وشــيــطـانٌ عـصِـيٌّ  ..

فَـرِّقـي بـيـنـي وبـيـنـي

واجـمَـعـي

*

بـعـضـي بـبـعـضـي

وامْـسَـحـي عـن مُـقـلـتَـيَّ دُجـى صـبـاحـاتـي

وعـن حُـمْـرِ الـلـيـالي الـجـانـحـاتِ دمـي

وعـن قـلـبـي الـمُـخَـرَّزِ بـالـنـدامـةِ

أدمـعـي

*

مَـنْ يُـقـنِـعُ الـمـعـصـومـةَ الـعـيـنـيـنِ والـشـفـتـيـنِ

والـوادي الـبـتـولـيِّ  الـسُّـلافـةِ أنـنـي أصـبـحـتُ غـيـري  ..

لـم تَـعُـدْ " شـامـاتُ "  تُـغـويـنـي بِـمُـصْـطَـبَـحٍ (5)

و " ســيـدوري " بِـمُـغْـتَـبـقٍ

فـمَـنْ ذا يُـقـنِـعُ الـمـعـصـومـةَ الـعـيـنـيـنِ والـشـفـتـيـنِ

أنْ تُـلـغـي قـرارَ الـطـردِ مـن فـردوسِـهـا

أو

أنْ تُـؤجِّـلَ مـصـرعـي !

*

نـاطـورُ مـعـبـدِهـا اسْــتـتـابَ ..

رمـى بـمـاضـيـهِ الـى جُـبٍّ بـلا قـاعٍ  ..

هـوَ الـغـدُ فـي الـحـضـورِ الـيـومَ

مـا لـلأمـسِ فـي أرجـائِـهِ مـن مـوضِـعِ

***

(2) بعد العفو

طـفـلاً سـأبـقـى ـ بـعـدَ عـفـوِكِ ـ مـا حَـيَـيْـتُ

شَــقـاوتـي شَــغَـبٌ بـريءٌ:

أسـرقُ الـتُّـفّـاحَ مـن بـسـتـانِـكِ الـضـوئـيِّ  ..

دُمْـيَـتِـيَ الـقـصـيـدةُ

أنـتـقـي لـسـطـورِهـا دُررَ الـبـلاغـةِ

مـن كـتـابِ تَـبَـتُّـلـي

*

وأظـلُّ فـلاّحـاً فـراتـيّـاً

أهَـيِّـئُ لـلـبـيـادرِ كـلَّ يـومٍ

ســنـبـلـي

*

أرعـى قـطـيـعَ الأمـنـيـاتِ

وأسـتـعـيـنُ عـلـى مـفـازاتـي ونـيـرانِ الـهـيـامِ

بـمـا تَـزخُّ إلـهـةُ الأمـطـارِ مـن غَـيـثٍ

لِـتـمـلأَ جـدولـي:

*

خـمـراً  يُــثـابُ بـمـا تـمَـنّـى شــاربـوهُ  ..

مِـزاجُـهُ أشــذاءُ رَيـحـانٍ

ودمـعُ قـرنْـفُـلِ

*

سـأقـودُ نـحـو حـقـولِ أوروكَ الـجـديـدةِ

مـاءَ  يـنـبـوعـي ..

ونـحـوَ الـشـوكِ مِـجْـرَفـتـي ومِـبْـضَـعَ مِـنـجَـلـي

*

وأقـولُ لـيْ:

الـمـوتُ حـقٌّ .. والـحـيـاةُ أحَـقُّ

فـاغـرسْ مـا اسْــتـطـعـتَ مـن الـسـنـابـلِ والـزهـورِ ..

وكُـنْ لـ " أوروكَ " الـمَـنـيـعَ (6)

ولـلـمُـريـدِ بـهـا الـشـرورَ الـسـيـلَ يـنـزلُ

مـن عَـلِ ..

*

طـفـلاً أعـودُ

حـديـقـتـي "أوروكُ " ..

دُمـيـتـيَ الـقـصـيـدةُ  ..

بُـردَتـي عـشـبٌ ..

وخِـدرُكِ مـنـزلـي

***

يحيى السماوي

 أديليد / الجمعة 5/11/2021

.......................................

(1) الدعة: الرغد في العيش .

(2) إينائيل: من اشتقاق ونحت كاتب النص .. معناه مبعوث الإلهة إينانا ـ على غرار جبرائيل وإسرافيل ومثلائهما ـ وقد سبق لكاتب النص أن  نحتَ أسماء أخرى  في العديد من  مجموعاته الشعرية  ، مثل " صوفائيل " و " مجدائيل " و " عشقائيل "  ..

(3) إينانا: إلهة المطر والحب والجنس والعدالة في ملحمة كلكامش .

(4) إشارة الى القول المأثور  المنسوب للأحنف بن قيس: " إتَّقِ شرَّ الحليم إذا غضب " .

(5) شامات: الحسناء التي أغوت أنكيدو فأنسنته بعد ممارسته الجنس معها ... سيدوري: صاحبة الحانة وكانت توصف بالحكمة .

(6) المنيع: صفة  أنابت عن موصوف محذوف جوازا تقديره السُّور  أو السدّ . 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم