شهادات ومذكرات

سيد القمني.. بين التجديد والتجديف (3)

محمود محمد عليالمؤيدون والمعارضون لفكره

 نعود ونكمل حديثا عن سيد القمني بين التجديد والتجديف، وفي هذا المقال نغوص في أعماله ونكشف عن أهم المؤيدين والمعارضين لفكره، أما المؤيدون فيرون أن الرجل مفكر وصاحب مدرسة فكرية إبداعية، وأن التنوير هو مفتاح شخصيته، وخيط العقد الذي يجمع حبات مؤلفاته؛ فأنيس منصور قال عنه "ما أحوج الفكر المصري الراكد والفكر العربي الجامد إلى مثل قلمك‏ وطبيعي أن يختلف الناس حولك‏ فليكن‏!‏ ولكنك قلت وأثرت وأثريت وفتحت النوافذ وأدخلت العواصف وأطلقت الصواعق‏"، وقال عنه الدكتور سعد الدين إبراهيم، قال عنه: القمنى مفكر إسلامي كبير، ومبدع مجتهد؛ فيما يرى الكاتب الكردى "طارق حمو" عن القمنى "سيد القمنى أبدع وأنجز وأسس مدرسة فكرية بحثيّة عملاقة، سلطّ الضوء الساطع على نصوص التراث الصدئة، ففككها وأعادها إلى زمانها ومكانها الأولين؛ وقال عنه الكاتب العراقي جاسم المطير:" القمني صرخة كبرى سوف لا ينضب لها عطاء من نور وتنوير وستكون هذه الصرخة الاحتجاجية في رحاب الرعب السلفي قادرة على فتح أبواب الحرية الدينية وقادرة على إدانة يد القمع الفوضوي الإسلامي مثلما ستكون قادرة على إدانة السلطة التي تتراكم فيها عفونة العصور المظلمة وكهوفها". أما الروائية الأردنية ليلى الأطرش فقالت: "تهديد سيد القمني ورضوخه الذي قد يُفهم في سياق قوة الاحتمال والظروف الخاصة به، فقرة في سلسلة اغتيال الفكر والقتل وإقامة الحسبة وخنق الحريات باسم الدين. ولكن الرضوخ يعني مزيدا من بطش هذه الجماعات وإعادة المجتمعات إلى كهوف الظلام والجهل، ونزع كل مكتسبات التنوير والفكر الحر وحقوق النساء". وذهب الكاتب السعودي صالح إبراهيم الطريقي: كفوا عن إرهاب الرجل، فليس من العدل أن تهدد حياته بسبب أفكاره، وتهدد إنسانيته وكرامته بسبب تركه هذه الأفكار وتساءلوا لماذا المجتمعات العربية تصنع كل هذا الرعب للإنسان إن القمني يعلن وإن لم يقل هذا بصريح العبارة، إنه إنسان خائف ومرعوب، لهذا لا تطلبوا منه أن يكون نصف إله يعبد هو وأفكاره بعد مماته. كما قال عنه الكاتب المصري كمال غبريال:" لقد فضح القمني طيور الظلام، والذين يقدمون لها الحب والماء والأعشاش، والذين يصفقون لتحليقها كغمامة سوداء فوق رؤوسنا، كما فضح غير المبالين الذين يقتصر دورهم على التناسل، أو وضع مزيداً من البيض المرشح لفقس المزيد والمزيد من طيور الظلام". وقال عنه الكاتب الكردي طارق حمو: سيد القمني أبدع وأنجز وأسس مدرسة فكرية بحثيّة عملاقة، سلطّ في مشغله المتواضع، الضوء الساطع على نصوص التراث الصدئة، ففككها وأعادها إلى زمانها ومكانها الأولين، مستعيناً لإنجاز كل ذلك، بإخباريات وسيّر هذا التراث نفسه ". في حين الكاتب الفلسطيني أحمد أبو مطر: "إن إعلان التضامن مع القمني مسالة مبدئية، وبيانه الراضخ لتهديدات الإرهابيين، لن يلغي دور أفكاره هذه، فسوف تظل حافزا تنويريا رغم تراجعه البياني عنها"؛ كما قال قي حقه نزار ماضي أبيات من الشعر نذكرها :

حيّوا معي النورَ هذا سيّد القمني ...،. لعلّ فكركَ يمحو صورة الوثنِ.

يا خيرَ من فهِمَ القرآنَ مجتهدًا ....،. وأدركَ العصرَ في قانونهِ المدني.

إنّ الحداثةَ لمّا قامَ قائمُها ................  ما حظُّ أمتنا منها سوى الفتنِ.

يا للشقاء المقفّى في مواطنها،... من مغرب الشمس حتى مطلع اليمن.

يا أمّةً قاءها التاريخُ مهزلةً ......... هانتْ ولو دخلتْ في النارِ لم تهنِ.

  فأما المعارضون، فقد وصفه "محمد جلال القصاص" (في مقاله لا تظلموا سيد القمني) فقال: سيد القمني حالة غريبة جداً في الفكر المعاصر، أقرب للكوميدية، بل للبلطجة الفكرية، سينمائي، يبحث عن الأضواء، بعد أحداث سبتمبر 2003م أعلن أنه مهدد بالقتل من قبل الإرهاب، ولما لم يلتف إليه أحد عاد من جديد . عاد يحمل زكريا بطرس إلينا، أو عاد بطرس على ظهر القمني .!.. عاد بطرس يمتطي القمني، ويقول أتكلم من كتب (المسلمين) ! وبطرس يكذب، وبطرس يخدع النصارى والمسلمين، فالقمني لا يؤمن بالله ولا برسوله . !!..

 ويستطرد فيقول: سيد القمني لا يرى قداسة لشيء في ديننا، فعنده لا مقدس من ديننا، وعنده المخلوق (المادة) وجِدَ قبل الخالق !!، وهذه من بديهيات الماركسية، ما يقال عنه (أولية المادة)، وعنده أن الإسلام من إفرازات الجاهلية، وعنده كم كبير من الكذب والدجل على كتب المسلمين . يكذب على ابن كثير وغير ابن كثير، يكذب ولا يستحي، ويحمل القمني على ظهره غير قليل من سخافات المستشرقين التي لم تعد تجد من يقرأها في بلادهم . وسيد القمني يهتم به من يحاولون الطعن في الدين من النصارى والملحدين، ولذا تجد كتبه منتشرة في المواقع النصرانية والمنتديات الإلحادية . سيد القمني ليس منا .. لا نعرفه . سيد القمني لا يملك سوى الفظاعة في الطرح والمواقف.

 وقال عنه الدكتور "محمد الشحات الجندى"- عضو مجمع البحوث الإسلامية:" إن سيد القمني أخطر من داعش على مصر، وفكره داعشى ويدعوا إلى الإرهاب والتطرف"؛ أما كمال حبيب، فقد اتهمه بالنصب والدجل وقال عنه: إن ما يذكره القمني لا يعدو أن يكون "دجلاً ونصباً ومحاولة للتسول والارتزاق من بعض الجهات القبطية والعلمانية في مصر التي تقدم له الدعم"؛ أما الكاتب الأردني شاكر النابلسى فاتهمه بالسطحية فيقول "كان نقد القمني لفكر الأصوليين الإرهابيين من باب الكراهية لهم وليس من باب إيجاد البديل من داخل الإسلام نفسه، وثقافة القمني الإسلامية سطحية إلى حد كبير وكافة أطروحات القمني الفكرية لا تستدعى أن يقتل صاحبها بل على العكس فإن هجوم القمني على دول الخليج والإخوان المسلمين كان يُسعد القاعدة".؛ فيما شكك الكاتب المصري إبراهيم عوض فى حصول القمني على درجة الدكتوراه وأنه زوَّر لنفسه شهادة الدكتوراه ليسبق اللقبُ اسْمَه، يقول "لم يركع لله ركعة ويجاهر بقصص ممارساته للزنا والفجور والمخدرات، لا يُجِيدُ إلا الكذب وترديد أقوال المستشرقين، ومع ذلك فإن الدولة أفردت له المجلات والصحف وتولى اليساريون الأشرارُ تلميعَه وتقديمَه كمثقف". وذهب الكاتب الأردني شاكر النابلسي قائلا : "كان نقد القمني لفكر الأصوليين الإرهابيين من باب الكراهية لهم وليس من باب ايجاد البديل من داخل الإسلام نفسه، وثقافة القمني الإسلامية سطحية إلى حد كبير وكافة طروحات القمني الفكرية لا تستدعي أن يقتل صاحبها بل على العكس فإن هجوم القمني على دول الخليج والإخوان المسلمين كان يُسعد القاعدة". أما الكاتب المصري منصور أبو شافعي: "حاول القمني مركسة الإسلام وتعمد الكذب ليتمكن من إرجاع مثلث الإسلام - الرسول - الرسالة إلى منابع جاهلية ويهودية ؛ في حين قال عنه الكاتب المصري إبراهيم عوض: يشكك أصلا في حصول القمني على درجة الدكتوراه وإنه زوَّر لنفسه شهادة الدكتوراه ليسبق اللقبُ اسْمَه، لم يركع لله ركعة ويجاهر بقصص ممارساته للزنا والفجور والمخدرات، لا يُجِيدُ إلا الكذب وترديد أقوال المستشرقين، ومع ذلك فإن الدولة أفردت له المجلات والصحف وتولى اليساريون الأشرارُ تلميعَه وتقديمَه كمثقف". وكذلك قال عنه الكاتب الإسلامي أبو إسلام أحمد عبد الله: (الأنبا) هو لقب أحببت أن أمنحه من عندي، للكاتب سيد قمني، من باب إنزال الناس منازلهم، فالرجل للحق وإن كان منتسباً إلى كتبة ألوان الطيف السبعة، فهو شيعي حيناً ويساري أو اشتراكي حيناً آخر، وحداثي وعلماني وليبرالي حيناً ثالثاً، ثم كنسياً في آخر (موديل)، إذ أن نجمه لم يسطع بين عشرات المهتمين بخصومتهم لإجماع الإسلام والمسلمين، إلا بعد أن أصبح كاتباً متميزاً في صحيفة (وطني).

 وفي رأيي أن القمني (كما قال عماد صبحي في مقاله سيد القمني.. تاني) حاول إصدار أحكام يقينية في قضايا جدلية، وأسئلة معقدة لم يحسمها كل علماء التاريخ، وفشل حتى علماء المصريات والآثار في الاتفاق بشأنها على امتداد عمر البشرية مثل: من هو فرعون موسى؟، وهل فرعون شخص واحد أم اثنين؟، وقصة دخول وخروج اليهود من مصر؟، ومن هو حاكم مصر أثناء وجود سيدنا يوسف؟، ولماذا لم يتم العثور على أي أثر له في مصر رغم مكوثه فيها طويلا؟، ومن هم الهكسوس؟

 كما اتفق مع عماد صبحي في قوله:" لست أنكر على الدكتور سيد القمني حقه في البحث والاجتهاد، خصوصا لو انحصر هذا الاجتهاد في قضايا تاريخية جدلية، ومن ينكر هذا الحق يمارس "المكارثية" ضد حرية البحث والاجتهاد، ولكني أتصور أن إطلالة الرجل المثير للجدل، بعد طول اختفاء وانعزال، على الشاشات من جديد قد تعيد إلى الأذهان، وتجدد فتاوى سابقة صدرت بحقه عندما كان يتحدث في قضايا دينية"

 ومن جهة أخري أختلف مع القمني حين يقول فى أحد لقاءاته عن الأزهر "إن الأزهر يدرس فقهًا يُخرج مجرمين و"قتالين قتلة"، ولا يختلفون عن عناصر "داعش"... كما أختلف مع القمني حين طالب فى أحد أحاديثه، بإقالة مشايخ الأزهر والابتعاد عنهم قائلا: لو أردنا الإصلاح بجد، علينا أولاً الإغلاق على هؤلاء.. يا مصريين أقيلوا مشايخ الأزهر تصحّوا.. كما لا أوافق القمني في قوله «الأزهر ليس شريفًا.. والطيب زى أى أزهرى بعمامة لا أمل فيه"... كما اختلف مع القمني في أن "القرآن الكريم له بعدان، الأول حقائق، تتعامل مع أحداث تأريخية حدثت في التاريخ الإسلامي مثل غزوة بدر ومعركة أحد وصراع اليهود مع المسلمين في (يثرب) وغيرها من الأحداث، بالإضافة إلى هذا الجانب التأريخي هناك جانب روحي وميثولوجي أسطوري.. كما اختلف مع القمني في أن العلاقة مقطوعة بين الإسلام والعلم والاقتصاد، وانه لا يوجد ما يسمى بإعجاز القرآن الكريم، وان العالم بات يحتقر المسلمين بسبب الإسلام الذى انتهت دعوته بموت النبي صلى الله عليه وسلم.. كما اختلف مع القمني في أن النصوص القرآنية المتعلقة بالمعاملات ومعايش الناس في القرآن الكريم يجب عدم الأخذ به ... كما لا أوافق القمني في قوله :"إن محمدا على رغم أنفه وأنف من معه، قد وفَّر لنفسه الأمان المالي بزواجه من الأرملة خديجة، على رغم أنفه كذلك وأنف من رضي به مثقفا، بعد أن خدع والدها وغيَّبه عن الوعي بأن سقاه الخمر".. كما اختلف مع القمني في أن الفتوحات الإسلامية في عهد عمرو بن العاص، لم تكن بغرض الدعوة ونشر الإسلام، بل بغرض ما وصفه بـ"الاحتلال"، الذى فرض الجزية و القتل، تحت مسمى الفتح الإسلامي... كما اختلف مع القمني في "القرآن نص تاريخي، ولا ضير من وضعه موضع مساءلة إصلاحية نقدية".. كما اختلف مع القمني في أحد تصريحاته التليفزيونية أن الشريعة الإسلامية لا يصلح أى عنصر فيها للتطبيق اليوم على الإطلاق، فكيف أقطع أيدى الناس وأرجلهم اليوم؟، مضيفا أن الفكر الإسلامى لا يصلح للآن بأى حال من الأحوال، ولكن الإيمان والفروض فهي أمر مسلم به ولا خلاف بينها وبين الزمن... كما اختلف مع القمني حين شدد أن كتاب البخاري يذكر فواحش ويورد أحاديث تسيء إلى النبى... وهناك أمور كثيرة نختلف معه فيها ربما لا يطول بنا المقال هنا لسردها بالتفاصيل والتي تكشف وتبرز كيف أن سيد القمني يمثل نموذج حي وواضح للمثقف الذي يجاهر بآرائه المناوئة لعاصفة التفكير الديني بمعناه الشعبوي والسلفي.

 وأخيرا كلمة حق نقولها في حق القمني في نهاية تلك المقالات، وهو أنه حتى وإن اختلفنا معه جملة أو تفصيلا، وسواء تبنينا مواقفه أو عارضناها، فإننا نرجوه أن يشفق علي نفسه من التصريحات التي يبثها هو بنفسه أو يبثها غيره عن حتي لا تطاله يد الإرهاب، ويبتعد تماما عن الحديث عن القضايا الحساسة والشائكة ولا سيما فيما يتعلق بكلامه عن الأزهر الشريف، حيث نرجوه ألا يدلي بدلوه في أحاديث لا من قريب ولا من بعيد عنه، فالأزهر خط أحمر لا يجب أن نهجمه.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل.

 

في المثقف اليوم