ترجمات أدبية

عزت كوشجير: عباد الشمس العابس

قصة: عزت كوشجير

ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

***

لم يسبق لأية زهرة عباد الشمس أن أدارت وجهها بعيدًا عن الشمس، باستثناء هذه الزهرة الموجودة في زاوية ساحة السجن. يستند وجهها إلى الحائط، وينحنى ساقها الضعيف نحونا. سقطت البذرة في ساحة السجن من منقار حمامة عندما سمعت صوت  سياط  المعذب من غرفة الاستجواب. تنهدت الحمامة، فسقطت حبة عباد الشمس التي خرجت من فمها في ساحة السجن الفارغة. بدت البذرة مهجورة وغير راغبة في الازدهار. فضلت البذرة أن تظل عقيمة. كانت البذرة مكتئبة. لكن قطرات المطر اخترقت جسدها وهمست بألحانها الصادقة:

- إذا بقيت عقيمًا، فسوف تتحولين إلى تراب، وهذا كل شيء! ستكون هذه نهايتك!

اكتسحت هذه الكلمات بؤس بذرة عباد الشمس. نمت تحت السماء الخالية من الشمس وأزهرت بتلاتها الصفراء. والآن تتكئ زهرة عباد الشمس الضعيفة على الحائط، عابسةً. تدير وجهها نحونا لنتخيل الشمس في بتلاتها الذهبية. فنهمس لها: أنت انعكاس الشمس! لكن زهرة عباد الشمس الممرورة والمستاءة تعيد وجهها إلى الحائط مرة أخرى. لم تتخيل زهرة عباد الشمس أبدًا أنها ستولد وتنمو في هذه الفناء الكئيب والمحاط بالإطارات، وتموت في صمت.

أرسم وأطرز صورة  زهرة عباد الشمس العابسة التي تواجه جدارا على قطعة قماش بيضاء حفاظاً على ذكراها، وجعلها خالدة. يمر طائر من خلال نافذتنا الضيقة في السماء. ألوح له بالمنديل المطرز مثل العلم لأعلم الطائر أن زهرة عباد الشمس المنعزلة لدينا تنتظر أن يلتقطها منقاره وينشرها عبر الحقول المشمسة الشاسعة...

يرى الطائر المنديل الأبيض. ثم يراه طائر ثان وثالث. يرانا جيش من الطيور، كل واحد يطير، كل واحد يأخذ بذرة. كل واحد يطير مرة أخرى إلى السماءحاملا بذرة.

لربما ستدير زهرة عباد الشمس الآن وجهها الشاحب بلا عيون نحونا! لربما سترسم البسمة على شفتيها غير المرئيتين!

(النهاية)

***

........................

المؤلفة: عزت كوشجير/ Ezaat Goushegir. ولدت الكاتبة عزت السادات كوشجير في إيران عام 1952. حصلت علي شهادة البكارليوس في المسرح والاَداب الدراسية من كلية الفنون المسرحية بطهران , هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986 حيث حصلت فيها علي شهادة الماجستير من جامعة اَيوا قسم المسرح. تعمل عزت كوشيجير كاتبة مسرحية وناقدة سينمائية وشاعرة نشرت أربعة كتب باللغة الفارسية ، ضمت كل مجموعاتها في القصة القصيرة: المرأة والحجرة والحب ـ فجأة بكي النمر ـ الهجرة إلي الشمس ديوان شعر. ولها ( التحويل ـ حمل مريم) مسرحيتان. وقد حصلت بعض مسرحيات عزت كوشجير علي جوائز عالمية في المسرح. وهي فوق هذا عضو فعال ونشط تشارك بإبداعها في عدد من المجلات الأدبية المعروفة ، حيث نشرت كتابتها في إيران وفرنسا وكندا وألمانيا. وتقوم الاَن بتدريس مادة الكتابة المسرحية في جامعة دي باول في شيكاغو.

في نصوص اليوم