صحيفة المثقف

العشق على مرافئ القمر!

kamal alhardiالعشق تجربة إنسانية فيها من المرارات بقدر ما فيها من المسكرات. وقد صوره الشعراء بغزليات وصاغه المثالون بمنحوتات وعزفه الموسيقيون بمقطوعات ورسمه الفنانون على لوحات وسرده الرواة على صفحات وصار أفلاما ومسلسلات ، لدرجة أن أضحى هو الظاهرة الإنسانية الأكثر رواجا في كوكب الأرض بلا منافس!

ولكن ما الذي يجعل العشق لدى الإنسان هو العاطفة الأقوى إذا ما قورن بالمشاعر الأخرى كالكره والحقد والغضب ..؟ الجواب ببساطة: لأن الحب هو ما يجعل من الإنسان إنسان.

ذات يوم شاتي رآها للمرة الأولى في إحدى مدرجات الجامعة فأدمنت عيناه رؤياها فقرر أن يصارحها بحبه آملا في أن يكون له مكان في قلبها إن كان شاغرا. تردد كثيرا مخافة أن يصدمه جوابها فيعدمه، لكنه تجاسر وقرر أن يمض فيما كان قد عقد العزم على إمضائه. وبعد أن استجمع كافة قواها ذهب قاصدا إياها، ولما كان على مقربة منها تحولت نبضات قلبه إلى ضربات شتتت أفكاره وبعثرت ما كان قد أعده في ذهنه ليقوله. لم يبق على لسانه سوى التحية الصباحية التي ألقاها عليها وهو على غير ثقة من أنه سيلقيها بصيغتها الصحيحة. ولحظة أن ردت تحيته بتحية أحسن منها أشعلت جذوة عشقه والتي غدت فيما بعد نارا ربما ليس للشمس أن تكون قبس منها!

مرت سنوات الدراسة الأربع والعشق بينهما في ازدياد مطرد لا تفتر حرارته ولا تخبو جذوته، فما كان منهما سوى أن قررا الارتباط برباط الزوجية المقدس. تكلل الحب بالزواج وأوتي بها إليه في ليلة البناء (الدخلة). بنى بها وبنت به فكأنما كانا يتذوقان نكهة العشق على مرافئ القمر ! وبعد مرور ستة عشر عاما من زواجهما لم يغادرا تلك المرافئ بل لا يزالان يتفيئان تلك المرافئ ليقولا بذلك لكل عاشق أن الزواج يذكي العشق ويجعله أكمل وأجمل.

 

كمال الهردي: كاتب وروائي يمني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم