صحيفة المثقف

الإعلام في رؤى 4 مختصين

رنا خالدفي زوايا الإعلام، يصبح العقل البشري عبارة عن خزين من التجارب الفكرية والثقافية والعلمية والأدبية التي تسهم في توسع المدارك العقلية نحو تحليل والتفسير في المضامين والاتجاهات والسلوكيات الخارجية والداخلية لبعض التوجهات من حولنا ..

هذه الكلمات كانت بداية لبعض الآراء من شخصيات إعلامية لها تجارب في عالم الإعلام، فمنهم من رآه معركة، وأخر رآه فلسفة وفكر وتنمية وقيم المجتمعات ..

حكومة بلا صحافة .. ام صحافة بلا حكومة !

الأستاذ ضياء الوكيل، مارس الاعلام في الكتابة الصحفية والتلفزيون، وفي مراكز الابحاث، وله موقع الكتروني، مختص بالإعلام التخصصي .. له رأى في الاعلام، قال ان للإعلام حيوية وتأثير في بناء أيّة أمّة تنشدُ الاستقرار والتطور والازدهار وهو حجر الزاوية في الأنظمة الديمقراطية العريقة التي تحترم وتكفل حرية التعبير والرأي وتدافع عن تقاليد وثقافة الإعلام الحر المؤمن بقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والملتزم بمواثيق الشرف الإعلامي والصحفي.. والإعلام الحر هو نتاج المجتمع الحر الذي يضمن التدفق الحر للمعلومات وحق النشر والتبادل والاتصالات دون رقابة أو قيود ووفق معايير دقيقة وشفافة ونزيهة تراعي حق الإنسان في الاطلاع على ما يجري حوله من أحداث وأخبار ليبني رأيه الحر المستقل وأي توظيف خلاف ذلك يعدّ تضليلا وانتهاكا لحقوق الإنسان لأنه يتلاعب بالمشاعر والآراء والعقول بل يصبح التدفق المعلوماتي (قصفا للعقول) كما يقول (هربرت شيلر) لتحقيق أهداف غير نبيلة، ولذلك اهتمت الدساتير الغربية بالإعلام والصحافة ووضعت القوانين التي تكفل حرية التعبير والرأي وأسندت دروا بالغ الأهمية للإعلام في مراقبة المؤسسات القوية ومناقشة الأمور الحيوية وتعزيز السلم الاجتماعي والتثقيف والتوعية وحماية التجربة الديمقراطية وحرية الأفراد وتأكيدا لهذا السياق جاءت الكلمة الشهيرة لتوماس جيفرسون الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية (لو أنني خيرت بين أن تكون لدينا حكومة بلا صحافة أو صحافة بلا حكومة لما ترددت في تفضيل الخيار الثاني) وهذا إحساس مبكر بأهمية الإعلام والصحافة وإيمانا بدوره المؤثر في صناعة المستقبل والسلام وهذا ما يلقي على الإعلام في العراق مسؤولية جسيمة وأعباء خطيرة تقتضي النهوض برسالته الوطنية إلى مستوى التحديات المصيرية التي يواجهها بلدنا العزيز فمثلما هو وسيلة معززة للبناء والتقدم والاستقرار واللحاق بقطار العصر فأن الإرهاب استخدمه معولا للتحريض والهدم وإثارة الفتنة والكراهية والخلاف مستغلا فضاء الحرية والإنترنيت والتقنيات الحديثة وهنا تكمن خطورة التحدي المقبل الذي وضعته تحت عنوان (الإعلام معركة العقل.. والإنترنيت حلبة الصراع الأخطر).

الإعلام في مواجهة الفوضى

اما ا.د. محسن كشكول، فقد ذكر : في ظل التقدم التكنولوجي يمكن القول أن عبارات مثل (الإعلام أبرز أسلحة العصر الحالي)، (الإعلام السلطة الرابعة)، أصبحت حقيقة واقعة، ذلك أنه يستخدم في الحروب مثلما يستخدم في التنمية، ويستخدم في التنوير الفكري مثلما يستخدم في التضليل الإعلامي، وبذلك يكون المضمون الهادف هو الفيصل في تحديد دور الإعلام التنموي أو دوره في إشاعة الفوضى التي تقف ورائها أجندات خارجية وبالتالي أثرت على كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فضلا عن تداعيات الفوضى على تكريس ظاهرة الفساد الإداري والغش في كل القطاعات، وبذلك يكون العمل على تعزيز دور الإعلام في التحري والتقصي لكشف الفساد ضرورة قومية، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الإعلام اليوم هو سلاح بيد المؤسسات الدولية التي تعمل على تحصين العقول والعمل على بناء فكر يقود إلى أفضل السبل في كشف بؤر الفساد والجريمة، ومواجهة الفوضى.

من الإهمال التام، إلى التأثر التام

وللإستاد .د. طه جزاع رؤية أخرى في الإعلام، ذاكرا إن الفلسفة التي يمكن إن تجيب على ذلك .. بأن العقول تُصنع، هو قول مُلتبس، ويُستخدم عادة كاصطلاح دارج يعني فيما يعنيه تفاعل العقول واستجابتها وتطويعها لنمطٍ من التفكير والاستنتاج ضمن دائرة من المفاهيم التي تحتويها الرسالة الإعلامية المُعبرة عن آراء ومواقف وتوجهات المرسلين أشخاصاً كانوا أو أحزاباً، شركات أو حكومات . وقد يصل الأمر بهذه الجهات إلى استخدام وسائل الإعلام فيما يعرف بالحرب النفسية وعمليات غسيل الأدمغة لاسيما أثناء الحروب والمنازعات والصراعات . وفلسفة ذلك إن العقل البشري عقل مرن قابل للتشكل والتلون والتأثر والتفاعل والانفعال، وهو يتلقى المعلومات والحقائق من المحيط الخارجي عبر الحواس الخمس ومنها السمع والبصر وهما حاستا التلقي وواسطة نقل المعلومات والرسائل الإعلامية المقروءة والمشاهدة إلى الدماغ الذي هو مادة العقل والتفكير . وهنا تتفاوت العقول في استجابتها لتلك الرسائل، من الإهمال التام، إلى التأثر التام، بحسب نمط التفكير والوعي والثقافة والحصافة، لذلك فان عمليات غسيل الدماغ أو إيصال رسالة إعلامية مُضَّلِلة تعتمد على طبيعة الجمهور المتلقي، وكلما كان المتلقي أمياً بمعنى محدود الثقافة والوعي والتفكير، كلما نجحت تلك الرسالة في مهمتها تلك .

الاعلام وعاء الفن والادب واللغة

وختاما، قال ا. د. مهند السعدون إنّ تشكيلَ منظومةِ قيمِ المجتمعاتِ وبناءَ ثقافاتِها التراكميةِ تبدأ برسم الصورِ في أذهان الأفراد وعقولِهم، وبالتحكم بها عن طريق السيطرة على المداخل الحسيةِ للعقول (السمع والبصر)، وبما أنّ الإعلامَ بوسائلهِ السمعيةِ والمرئيةِ متحكمٌ بالموادِّ التي تُحْشَى بها أذهانُنا وتَصْنَعُ ثقافتَنا وهي: (الفنّ، والأدب، واللغة)، وبما أنّ العَلاقةَ تلازميةٌ بين الإعلام والفنّ والأدب واللغة؛ فالفنُّ مادةُ الإعلامِ، والأدبُ مادةُ الفنِّ، واللغةُ مادةُ الأدب، وكلُّ هذه المفردات تدخلُ عقولَنا عن طريق الإعلام المسموع والمرئيِّ؛ من هنا جاءتْ أهميةُ الإعلام، ولكم تقديرُ خطورته.

 

متابعة: رنا خالد

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم