أقلام حرة

أقلام حرة

1 - يا شقيق الفقر والجهل والأذلال، أهديك سؤالي ولماذا؟؟، لسىانك المثقوب بالمنقول يرجمني، بفائض الكفر والألحاد لأني، لم اكن نسخة منك او مثلك، فاقد عقلي غبياً  بين أكوام الجماعة، لا يوجد بالكون كافراً، لكل نظامه وقناعاته واسلوب حياته، ومثلما أنت تعبد شيئاً لم تراه، هو يعبد بقرة في باب داره، الى جانب منافعها الكثيرة، تغذي أطفاله بالعافية، لا تنطح جار له او تؤذي غريب، لا تغزوا بيتك وتحتل مزرعتك وتستولي على رغيف خبز أطفالك،  لو قلت له، ان دينك خاتم الأديان ونبيك خاتم الأنبيا وكتابك معجزة، وتنتمي لخير امة، لما كفرك وهاجمك وحلل قتلك، لو قال لك مثلما قلت له، لأطلقت عليه وابل الشتيمة والتكفير، وقتلت بقرته وهي آلهته، وسبيت زوجته، واغتصبت ابنته القاصرة، فقط لأنك غبي منقوع بسؤ الفهم والكراهية.

2 - يا شقيق الجوع من بلدي، ما دامت سواقي السماء، تغذي دفيء الأرض، تتجدد الحياة معها  وتتطور، تتغير الأفكار والمفاهيم، ومعها الأديان والمذاهب والعقائد والشرائع، ويأتي أنبياء مصلحين، يجددون مسيرة الحياة ويتجددون معها، ولا يمكن لأي ان يسير في الأتجاه المعاكس، او يغير حركة الكون او يضع خاتمة لها، الا اذا حاول ان يقود انقلاباً ضد الله والأرض والأنسان، وتلك عبثية ستسحقها حتمية المتغيرات وسرعتها، يا شقيق الجوع والجهل والأذلال، أنت لا تريد أن تفهم اوغير قادر على ذلك، فتلجأ الى اسهل الطرق، حتى ولو كانت غبية عميا، تلجأ الى التكفير والألغاء، او الحسم بالذخيرة الحية، شقيق الجوع لا يملك عقله، فقد علقه، على مشجب عقول المذاهب والجماعة، وربما اصبح مستهلكاً ونسى، كيف يمكن استعماله اصلاً.

3 - الى كل شيء أنت جائع يا شقيقي، الى حريتك وكرامتك ورغيف خبزك، الى سلامة وأمن عائلتك، وحق أطفالك في الصحة والتعليم، أنت مثلي ونحن مثل الأخرين، جياع لكل ما يجعلنا سعداء، ومن فقد عقله، لا توقظ ضميره، الرغبة الى الرفاهية، أي طعم هذا الذي، يجذبك الى أجترار علف الكراهية للأخر، حاول ولو مرة، أن تبتلع انفاسك، قبل ان تزفر بوجه الأخر، شتيمة التكفير، أنت جائع في كل شيء والى كل شي ومتوحش، كفّرتهم وخطفتهم وغيبتهم كونهم "أرادوا وطناً"، وأفرغت رصاصات حقدك، في رأس الطبيبة الشابة، ريهام يعقوب وغيرها، فقط لأنها هتفت للعراق، فأصبحت مجاهد، تُكرم بسبعة رواتب تقاعدية، قالوا عنك حشدي مقدس، وهناك أكثر من اربعة مليارات انسان على الأرض، سخروا منك وضحكوا عليك، ايها الولائي واللص المجاهد!!!.

4 - يا شقيقي وقاتلي المجهول، دعنا قليلاً نتذكر، يوم فتحت داعش الأسلامية، مدينة سنجار الأيزيدية، وأجزاء من سهل نينوى المسيحي، قتلوا الرجال وسبوا النساء، واغلبهن قاصرات، وفي عملية اغتصاب عشوائي خاطف، دخلن الأسلام واصبحن زوجات، وما فاض عن الحاجة، تم بيعهن في مزادات الخليج العربي وتركيا وايران، لدواعش البيت الشيعي، جولات قنص وخطف واغتيال، في شوارع وساحات، محافظات الجنوب والوسط العراقي، بعد كل هذا، وفضائح كثبرة أخرى، خبرني اقلد من وخلف أي شيطان اصلي؟؟، ايها المجاهد الكاذب، الحالم بعقارات الآخرة، كما انت مالكها في الدنيا، ربما ربكم يسمح بذلك، اما رب الناس، الذي يحبون، فلن يسمح، طريقكم معبد بالنوايا الفاسدة، احلم والجماعة ما شئتم، فبعد القبر يا هذا، لا شيء سوى ألقبر، وعفونة الماضي الكريه.

***

حسن حاتم المذكور

19 / 02 / 2024

أساس البلاء فوق التراب يتأتى من الرؤوس المعلولة، المقبوض عليها من قبل النفوس الأمّارة بالسوء والفحشاء والمنكر اللذيذ.

ولهذا تعلمت بعض مجتمعات الدنيا أن تحتكم إلى دستور يمنع تمركز القوة عند فرد واحد، يمتهنها بعلله الخفية ومطموراته السيئة.

أما مجتمعات أمتنا فتحتَ رحمة الأهواء الفردية المعبرة عن عاهات سلوكية متنوعة، أوصلت أحوالها إلى قيعان الحضيض المهين.

والحقيقة المريرة أن الأديان ودعوات المصلحين والمفكرين توجهت نحو النفس الأمارة بالسوء، وما أفلحت في تهذيبها كما أرادت، ومعظمها تحقق إمتطاؤه من قبلها وتطويعه للوصول إلى غاياتها ونوازعها المقيتة.

وما يجري في الدنيا من مصائب وويلات وتفاعلات سلبية أساسه، إستذءاب تلك النفس وممارستها لسياسة الأنياب المكشرة والمخالب الناشبة في الأبدان.

والذين يتوهمون بأن العقل سيد النفس لا يقتربون من جوهر العلاقة السلوكية بينهما، فالعقل عبد النفس والقادر على تبرير وتسويغ ما تقترفه من المآثم والخطايا، ويجتهد في وضع الضمير في متراس سميك، فيحرر الشعور من وخزاته.

فالأديان فشلت في تأهيل البشر للسيطرة على نفسه، بل وجدت النفس في الأديان ضالتها اللازمة لتمرير تطلعاتها وتأمين رغباتها، وعندما تكون الرؤوس عليلة فأن النفس تستفحل وتسود وتطغى على الواقع الذي تتحرك فيه.

ونفوسنا بهذا المنظار تحكمنا، وتدوس على عقولنا، لأن القدرات الدماغية على قمعها ضعيفة لما تعانيه من علل وعاهات، متوطنة في دوائرها العُصيبية المترجَمة بسلوكيات تدل عليها.

ومعظم التداعيات المريرة والحروب الخطيرة أوقدتها النفوس الفاعلة في أبدانٍ رؤوسها عليلة، وذات عاهات سلوكية ما.

و"لا مال أعود من العقل"!!

"وقد صار هذا الناس إلا أقلهم ...ذئابا على أجسادهن ثياب"!!

فهل سنتوقى من الرؤوس العليلة؟!!

***

د. صادق السامرائي

بعد دخول الحرب على غزة شهرها الخامس ٢٠٢٣_٢٠٢٤، واستخدمت دولة الاحتلال خلالها كافة الوسائل والأساليب البشعة من تدمير شامل للبنى التحتية وارتكاب المجازر على مدار الساعة والولغ في دماء الابرياء وغير ذلك من حصار وسياسات حقيرة كالتجويع وإجبار المدنيين على الارتحال من منطقة إلى أخرى داخل القطاع وملاحقتهم بصواريخهم، واعتقال وتنكيل وارتكاب كل ما لم يرتكب على مرّ التاريخ البشري من فظائع وفضائح. هل نجحت سياسية دولة الاحتلال بعد كل ما ارتُكب في ردع المقاومة الفلسطينية عن مقاومتها؟ وهل نجحت هذه الدولة الدموية بإقناع أهل غزة أن ما تقوم به المقاومة ضد هذه الدولة لا يخدم أهدافهم كشعب فلسطيني أو يضر في تحقيق مطالبهم؟

الإجابة ببساطة كانت، لا، بل لقد رأيناهم وقد زادت قناعتهم بمقاومتهم التي تُركت وحيدة تجابه دول تعتبر نفسها عظمى، بحضارتها وأسلحتها المتطورة ،هذه المقومات التي صنعتها بنفط بلادنا. غير أن المقاومة كسرت جبروتها ومرغت أنفها بالوحل. ويا ليت دولنا المطبعة تخلت عنهم وحسب، إذن لقلنا عنهم مساكين وأضعف من أن يتحركوا بخطاباتهم ،لكن المصيبة هي أنهم شاركوا تلك الدول بخطيئتهم ضد غزة وأبريائها وغزة تليوم تبصق في وجوههم جميعا مع كل قطرة دم تنزل من شهيد.

وبما أن هذه الدولة فشلت في ردع المقاومة عن مقاومتهم وعن إقناع أهل غزة بعقّ مقاومتهم ،ولجأت إلى الطابور الخامس الذي رأينا حفنة من أفراده تندد بالمقاومة وتنادي بإسقاطها فقد ثبت بأنها ليست أكثر من سياسة فاشلة أضيفت إلى سياسات كثيرة سقطت في وحل كذبها وتزييف الحقائق.

غزة التي أفقدت جيش الاحتلال مكانته وخلعت عنه أسطورة التنين الذي لا يهزم، من خلال ما تناقلته مصادر عبرية عن رافضي الخدمة العسكرية والعودة إلى غزة من جيش الاحتياط بعد أن أوقعت المقاومة الرعب في قلوبهم وكانت لهم ذلك اللغم الجاهز دائما للانفجار في وجوههم. فها هو الاحتياط من لواء جفعاتي يرفض العودة لاستكمال المشاركة في الحرب على غزة بحجة معاناتهم من أوضاع نفسية وجسدية صعبة. ناهيك عن الخسائر الأخرى التي كنت قد تطرقت إليها في مقالات سابقة.

فلماذا لا تعترف دولة الاحتلال وحكومتها المتمثلة ببنيامين نتنياهو لم يعودوا قادرين على حسم هذه الحرب؟ وأن جيشه ما بين كسيح أو مضطرب نفسيا أو جثة هامدة، مقابل القدرة لدى المقاوم الفلسطيني على تحمل المعاناة ، فلا دبابة ولا طائرة أو أي سلاح آخر يثنيه عن تقديم روحه في سبيل دينه ووطنه.

فعن أي انتصارات يتحدث نتنياهو وتكلفة الاحتلال باهظة جدا وترتفع مع ارتفاع حدّة صمود المقاومة والشعب داخل قطاع غزة؟.

***

بديعة النعيمي

عندما أصبح في الثالثة من عمره قرر والده أن يستخرج له شهادة ميلاد، وقف الأب أمام موظف التسجيل ليدون الاسم جوزيه دي سوزا، وحين سأله موظف التسجيل عن اسم العائلة، فكر قليلاً ثم قال "ساراماغو"،

وقد اكتشف الأب الورطة التي وقع فيها عندما قرر تسجيل ابنه في المدرسة الابتدائية، حين استغرب أحد المعلمين أن يكون لقب العائلة نوعاً من أنواع الفجل البري . جوزيه ساراماغو. المولود في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1922 في البرتغال، عاش حياته التي امتدت 88 عاماً يؤمن بمقولة سقراط الشهيرة "إعرف نفسك"، في شبابه اضطر أن يعمل في الكثير من المهن، لكنه برغم الظروف كان يردد: " إننا نعيش الحياة كلها .. وإن بامكاننا أن نمتلك حياة أكثر غنى وأكثر إنسانية "، قبل نيله جائزة نوبل للآداب عام 1998 كانت الصحافة تتحدث عن استحالة حصول صاحب رواية "العمى" على الجائزة لأنه شيوعي، وكان يسخر من هذه الأخبار ويقول:" على الأكاديمية السويدية أن تكون أدبية وحسب، لأنني أستطيع اليوم أن أقول إنني لن أتخلى عن كوني شيوعياً من أجل الفوز بهذه الجائزة، إذا كان علي أن أختار بين جائزة نوبل وقناعتي فانني سأتخلى عن نوبل".

ظل ساراماغو من أبرز المناصرين للقضية الفلسطينية ولم يكتف بالتعاطف مع الفلسطينيين بل أشار وبوضوح إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حقهم، وعندما زار الضفة الغربية عام 2002 قال أمام الصحفيين: " ما يحدث هنا يصدر عن روح مماثلة للنازية وهذا واضح جداً "، في واحدة من تدويناته التي كتبها عام 2008 يشير إلى التجويع الوحشي الذي تتعرض له غزة تحت طائلة حصار مشين، فينعت الأمم المتحدة بالجبن واصفاً إسرائيل بالضالعة في الوحشية والكراهية.

عارض الفاتيكان منح ساراماغو جائزة نوبل بسبب روايته "الإنجيل برواية يسوع المسيح" التي جعل المسيح فيها يصارع رمزاً عصرياً متعطشاً إلى السلطة على حساب عذاب الآخرين وموتهم. يسخر من لقب الملحد، فهو لا يسخر من الأديان، فما يسخر منه ويدينه هو هذه السيادة التي تتمتع بها الكنيسة على الشعب، هذه السيطرة التي تجعل الناس تتكبد كل شيء، فهو يدين بقوة تحالف رجال الكنيسة مع السلطة السياسية في أحلك سنوات الدكتاتورية:" هدفي عدم التخلي عن الناس الذين جاؤوا إلى هذا العالم في الظلام ".

بعد وفاته بأربعة عشر عاماً يجد ساراماغو نفسه مطارداً وممنوعاً من جديد، بعد أن قررت اللجنة المشرفة على معرض كربلاء للكتاب غلق جناح دار الجمل بسبب روايات المحب لفلسطين والانسانية ساراماغو.

***

علي حسين

كنت دوما أدافع عن الأطروحة التي تقول بالتمييز بين اليهودية كديانة والصهيونية كأيديولوجيا وعقيدة سياسية، وأن خلافنا وصراعنا كفلسطينيين مع الصهيونية وليس مع اليهودية كديانة سماوية.

وفي هذا السياق دافعت عن موقف محمود عباس بداية السبعينات عندما كان رئيس لجنة المفاوضات في المنظمة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وكان من أبرز الداعين للتواصل مع الإسرائيليين واليهود غير الصهاينة في مراهنة على اختراق المجتمع الإسرائيلي وإيجاد قواسم مشتركة مع يهود يؤمنون بالسلام و الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، ولكن بعد التحولات التي طرأت على (المجتمع الإسرائيلي) وتبني غالبيته للصهيونية الدينية الملتزمة بالنصوص التوراتية واساطيرها وبعد وقوف الغالبية العظمى من يهود إسرائيل والعالم داعمين لحرب الابادة في غزة أو ساكتين عنها، أصبحت على قناعة بأن صراعنا ومشكلتنا مع اليهودية وخصوصا النصوص التوراتية، فمنها تُستمد كل الشرور وتُبنى عليها كل ممارسات اليمين الديني المتطرف الحاكم في دولة الكيان، وحتى الموقف الغرب المسيحي يعتمد في مساندته لإسرائيل على العلاقة بين اليهودية والمسيحية خصوصا الأنجليكية إيمانا منهم بأن عودة المسيح المنتظر مرتبط بقيام الدولة اليهودية.

فقد هيمنت الجماعات والأفكار اليهودية الدينية المتطرفة على كل مناحي الحياة في دولة الكيان، فمنها تتشكل الأحزاب والجماعات المسيطرة و المهيمنة كجزب الليكود والصهيونية الدينية وحزب شاس وحزب يهودت هتوراه" (التوراة اليهودية الموحدة) واليها ينتمي قطعان المستوطنين المتطرفين، حتى القوى المعتدلة وبقايا اليسار ملتزمون بمرتكزات اليهودية الدينية كالإيمان بالهيكل ووعد الرب والقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ودولة اليهود من البحر الى النهر، أما من لا يؤيدون هذا النهج التوراتي فهم قلة لا يؤثرون على سياسات الدولة أو مجريات الحياة سواء في إسرائيل أو خارجها.

تمكن اليهود من التلاعب بعقول اليسر منذ بداية التاريخ من خلال ترسيخ أن التوراة أصل الديانات وجعلوها مرجعية لكل تاريخ البشرية، وهولوا و ضخموا من معاناتهم على يد النازية في ألمانيا (الهولوكوست) وأصبح نكرانها أو التشكيك فيها في دول الغرب يؤدي للفصل من العمل أو للسجن، و رسخوا قانون معاداة السامية في الغرب بحيث أصبح كل من ينتقد إسرائيل وممارساتها معاد للسامية، و رسخوا مقولة أن مقاومة الاحتلال إرهابا وأن الفلسطينيين ارهابيون، روجوا بأنهم حرروا أرض إسرائيل عام 1948 من الاحتلال العربي والإسلامي، ويزعمون أن الضفة والقدس هي يهودا والسامرة فلب إسرائيل التوراتية، وأخيرا اختلقوا وبدعم أمريكي (الديانة الإبراهيمية) التي تُلحق كل الديانات السماوية بالديانة اليهودية وأصبحت اليهودية الأصل بل وتجب ما بعدها، بعد أن كان الإسلام يجب ما قبلهّ !! ّوبسبب هذه المزاعم وبناء عليها يقومون بحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية على مسمع ومرأى العالم الذي صدق أكاذيبهم وروايتهم التوراتية.

لا يعني هذا الدعوة للحرب الدينية أو مواجهة اليهودية بالإسلام فهناك من المسلمين والجماعات الاسلاموية ممن لا يقلون سوء عن اليهود، ولكن الهدف معرفة العدو الحقيقي ونبذ كل أشكال التطرف الديني والفصل بين الدين ومعتقدات البشر حوله من جانب والسياسة وكيفية تدبير وإدارة الدولة والعلاقات الدولية من جهة أخرى.

***

ا. د. إبراهيم ابراش

 

الوعي: الفهم

ترى هل مشكلتنا تتركز في الوعي الذي يستوجب القراءة والدراسة وتوفر المعلومة، وتأكيد الدور الإعلامي الصادق، وتحرير العقل من معوقاته ومعطلات الإبداع والإبتكار، والجرأة في النقد ومواجهة النكسات والإحباطات بشجاعة العارفين.

فهل نعي أولا نعي؟

في الزمن الجديد، صار الوعي متقدما عما كان عليه في القرن العشرين، والمشكلة التي تواجه مجتمعاتنا أنها مرهونة بالخوف والفساد وضياع قيمة الإنسان، وغياب الدستور الذي يضمن حقوقه وسلامته، ولا يُحسب رقما أو شيئا يُمحق بلا مساءلة.

الوعي بمعنى الفهم يتطلب قراءة، وأمة إقرأ عليها أن تقرأ، ولكن كيف تقرأ؟

فالكراسي الموكلة بتأمين مصالح الآخرين الأسياد لعبت دورها في قهر الشعوب وإعتقالها في ميادين الركض الإستنزافي وراء تأمين الحاجات، فينتهي عمر المواطن وهو أسير الحاجات الأساسية المحروم منها، فقيمته وحقوقه لا وجود لها، ويعامَل على أنه رقم مجرد يمكن محوه أنى تشاء الكراسي.

فهل يمكن لمواطن يلهث متعبا وراء الحاجات الضرورية للعيش أن يقرأ؟

القراءة سلوك في أعالي هرم أسلو للحاجات ومعظم مجتمعاتنا تتخبط في قاعه، فكيف لها أن تقرأ؟

وهذا يعني أن المجتمعات غير واعية نسبيا، بالمقارنة إلى غيرها من مجتمعات الدنيا التي يشعر فيها المواطن بقيمته ودوره وحقوقه.

فالموضوع في جوهره سياسي إقتصادي، فيجب تحقيق الإستقرار السياسي، والأمن الإقتصادي والمجتمعي، وبعدها يحق لنا الكلام عن القراءة والوعي.

الوعي في مجتمعاتنا مختزل بالتبعية والسمع والطاعة والخنوع المطلق للكراسي بأنواعها.

فالمواطن لا يشعر بالقوة، بل يدثره الخوف والقلق ويأسره الرعب ويتناسى حقوقه وينكر قيمته، فهذه هي معالم ومميزات الوجود القطيعي اللازم للنهب والسلب والفساد المقدس، والغنائم المؤيدة بفتاوى كل شيئ مُشاع.

فلماذا نغالط أنفسنا ولا نريد رؤية الحقيقة ونتبجح بالكلام النظري؟!!

و"المعرفة قوة"!!

***

د. صادق السامرائي

 

لا يستخدم التعذيب أحيانا بهدف الإيذاء البدني فحسب بل يتعداه إلى هدف أقبح وهو إذلال الضحية. فكيف وإن كان من يمارس فعل التعذيب هو ذلك الفاشي المحتل؟

طالما مارست دولة الاحتلال التعذيب على الفلسطيني، فتقوم بتطبيق أبشع أنواع العذاب وخاصة امتهان الكرامة عندما تقوم بتعريته بالكامل أثناء جلسات التعذيب، لأسباب منها سحب اعتراف من المعتقل. أو لأسباب أخرى مثل التشفي. والفلسطيني لا ينسى قضيته بالتالي هو دائم الدفاع عنها بشتى الطرق المتاحة له. لكنه بهذا الدفاع لا يغدو أكثر من "إرهابي" من وجهة نظر العدو، وهنا تبدأ عمليات الانتقام في حقه تبرره هذه الدولة بالدفاع عن نفسها. فتمارس عليه همجيتها وإرهابها.

ففي حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ تعرض معتقلين من قطاع غزة بما فيهم الأطفال والنساء لمختلف عمليات التعذيب الوحشية البدنية والنفسية، فمن الممارسات التي تحط من الكرامة الإنسانية إلى تلك التي تترك أثرها على جسد المعتقل. بما في ذلك القيام تعريته، والتحرش الجنسي أو التهديد به. والضرب بشكل وحشي وانتقامي وإطلاق الكلاب تجاههم والشبح لساعات طويلة. ناهيكم عن السب والشتم وإجبارهم على الجلوس في أقفاص ومعاملتهم كأنهم حيوانات.بالإضافة إلى الحرمان من الطعام والذهاب لدورات المياه. كما أبلغت معتقلات من القطاع بأن جنود الاحتلال تحرشوا بهن، بما في ذلك وضع أيديهم على أعضاء حساسة، والإقدام على إجبارهن على التعري وخلع الحجاب.

وكم منهن من نادت وامعتصماه! لكن اليوم لا معتصم، فالملوك والرؤوساء عموا وصموا عن غزة وصرخات النساء. فأي دم ذاك الذي يسري في أجسادهم؟ اليوم لا عاصم يا غزة سوى قدرة الله.

ومن المعروف بأن التعذيب من الممارسات المحظورة دوليا، حيث توضح المادة المشتركة في اتفاقيات جنيف ١٩٤٩ أن"الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب" وبالمثل " الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة من الكرامة، ممنوعة في ظل أية ظروف"

ونعود لنتسائل أين هي اتفاقيات جنيف؟ وأين كرامة الإنسان أمام دولة تبجحت حينما لم تجد من يردعها؟ عرب نيام وأخر يمارسون رياضة الخيانة في بحر الخنوع والتطبيع.

***

بديعة النعيمي

صدرت العديد من التقارير من مؤسسات تحليلية تؤكد ان قوات التحالف كان يمكنهم تجنب قتل ثلاثة من جنودهم في قاعدة التنف على الحدود(السورية الأردنية العراقية) والتي تم استهدافها بصواريخ المقاومة، والذي ينبغي أن يكون دافعاً لتسريع خروجها من سوريا والعراق، وكان ينبغي عليها أن تقلل المخاطر المحدقة بجيوشها المنتشرة في منطقة الشرق الاوسط، وأن عملية التصعيد التي تمارسها خطأ ربما يؤدي الى زيادة التوتر والمواجهة.

المهمة التي من أجلها جاءت قوات التحالف الدولي الى المنطقة قد انتهت بنهاية عصابات داعش الارهابية، ويمكن أن يكون هناك استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة المنطقة من خلال القواعد السكرية الثابتة في تركيا أو قطر او الكويت، بدلاً من الدخول في صراع ربما يدخل المنطقة في حرب لا تنتهي سريعاً، وتكون وطأتها أشد على التحالف الدولي، والذي لا يسعى لأي اقتتال يخسره المزيد من الارواح بجنوده، ويعزز حالة الصراع الدائم فيها.

مازالت هنا بعض الرؤى التي تعزز فرضية ان الضربات الموجهة الى القواعد العسكرية في سوريا والعراق توفر الامن لقوات التحالف الدولي، وان الخطر ينحسر بوجود هذه الضربات، ولكن هذا التحليل لا يصمد أمام الواقع الحقيقي لطبيعة المنطقة، وطبيعة القوة العسكرية المتواجدة فيها، كما انه يسيء لفهم المنطقة لطبيعة التحديات والمخاطر المحدقة فيها لذلك بات من الضروري النظر الى مستقبل المنطقة بدون التحالف الدولي لأن هناك العديد من الدول تريد خروج القوات الامريكية منها كـ(تركيا، العراق، سوريا) حيث يعاني الشعب السوري من حصار اقتصادي خانق العقوبات الامريكية بالإضافة الى وجود قوات أمريكية تحتل 30% من الاراضي السورية ويقومون بسرقة النفط من آبارها.

الحكومة العراقية تعرضت للكثير من الاستفزاز من قبل التواجد الامريكي في البلاد، خصوصاً بعد استهداف عدد من القيادات في الحشد الشعبي، والذي ادى الى تصاعد وتيرة الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة على القواعد العسكرية سواءً في العراق او المنطقة عموماً، كما أن واشنطن وجدت نفسها بمواجهة مباشرة مع الحكومة العراقية، إذ أن الحشد الشعبي يعد احدى التشكيلات العسكرية التابعة للقوات الامنية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة ما يعني أن المواجهة باتت واضحة ومباشرة.

أن حالة إشعال المنطقة لن يحل أي مشكلة فيها، ولن يحل أي خلاف بين الدول المتصارعة، خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، وهذا ما أجج المشاعر المعادية للغرب في جميع إنحاء العالم، كما ان قوى المقاومة في المنطقة لا يمكن الانتصار عليهم أو دحرهم بالقوة والضربات الانتقامية،  خصوصاً مع حالة الظلم التي تعرضت لها هذه الشعوب في المنطقة وأن فكرة تواجد الجنود الأمريكان في معسكرات في الصحراء منتشرة بمساحات كبيرة لا يمكن الاعتماد عليه كثيرا ويبقى مجرد آمال لا يمكن تحقيقها فلا الشعوب تقبل بهذا الامر ولا الحكومات سوف تستمر بدعمهم وحمايتهم.

***

محمد حسن الساعدي

الإستعمار: قوة تحتل بلاد ما وتقهرها وتخضعها لسلطانها السياسي والإقتصادي.

وقد تطور مفهوم الإستعمار، فبدأ مباشرا وعلى مدى عدة قرون، ومن ثم تحول إلى لعبة الإستعمار اللامباشر في بدايات القرن العشرين، ومضى يتطور حتى صار معقدا ومتداخلا وينطلي على المواطنين في البلدان المُستهدفة.

فما هو الإستعمار النفسي؟

هو ترويض متواصل للمجتمع حتى يصل إلى درجة الإنهيار فيستسلم لإرادة الطامع فيه.

والأمة تحت وطأة الإستعمار النفسي الذي أدواته المفكرون والمثقفون المسوَّقون من الذين أوهموهم بأنهم نجوم الإبداع ورموزه.

والواقع أنهم يختارون ما يخدم الهدف الإستعماري النفسي ويستثمرون فيه، ويجعلون الهدف يقضي على ذاته وموضوعه بأدواته وطاقاته الفاعلة فيه.

ويندرج في هذا الميدان الإتلافي للأمة، الدين بتشعباته، والفئويات والتحزبات بأنواعها.

فالأحزاب مستوردة لتأمين متطلبات الإستعمار النفسي، الذي يمهّد لمسيرة الدمارات الصاخبة، وفقا لمتواليات هندسية متعاظمة التأثير والتبرير.

ومن أولويات هذا الإستعمار أن يتفرق أبناء الحالة الواحدة إلى كينونات متعادية، فيتحقق تجريد بعضها من آدميتها وتحويلها إلى شياطين وفئات إجرامية، وفقا لمسلسل أحداث دامية تنسب إليها، وتقرن بما تراه وتتصوره، لكي تتأجج الفئة الأخرى عاطفيا ويتعطل عقلها، وتلتهب عدوانيتها، فتقوم بجرائم شنيعة ترفقها بتبريرات متنوعة ذات مهارات وخبرات إيقاعية ما بين الأطراف.

"ولا تتبعوا خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين"!!

و"الناس أعداء ما جهلوا"!!

***

د. صادق السامرائي

 

الشيء الطبيعي فيما يتعلق باللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تتسم بالإخلاص لمبادئها التي تمنعها من التحيز في النزاعات الداخلية أو الدولية. وفي حال انتهاك القانون الدولي الإنساني يتحتم عليها أن تتخذ الإجراءات التي تهدف إلى إنهاء حالات الانتهاك ومنع وقوعها. ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال، الملاحظات الشفوية أو التقارير المفصلة من قبل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الموجّهة إلى الدولة المنتهكة للقانون الدولي الإنساني. وفي حال رأت أن هذه الانتهاكات خطيرة ومتكررة فإنه يتوجب عليها أن لا تتوانى في إبداء رأيها علنا وتطلب إنهاء الانتهاكات وخاصة عندما تكون قد خرقت القانون الدولي الإنساني. فكيف عندما يكون هذا الانتهاك بشكل علني، فاضح يتم لا أمام هذه اللجنة فقط بل وأمام هذا العالم أجمع.

لكن ما رأيناه من هذه اللجنة في حرب وعدوان دولة الاحتلال على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ هو موقف صادم في الحقيقة وعار من الإنسانية. وبالفعل فغزة أسقطت الأقنعة التي تقنعت بها وجوه ادعت المثالية والإنسانية على مستوى دول وأشخاص ومنظمات ولجان وقوانين بل ووصلت لتسقط هذا القناع عن جينات الأخوة، فأثبتت زيفها وكذبها وأنها ليست إلا جينات صهيونية بامتياز.

وسأطرح مثالا واحدا من عشرات أثبتت الموقف السلبي تجاه غزة وتواطئ ليس له مثيل مع دولة الاحتلال المعتدية والظالمة. فمع بدء الاجتياح البري على شمال القطاع كان مجمع الشفاء الطبي هدفا رئيسيا له. حيث تعرض للقصف من جيش الاحتلال فقصف هذا الجيش ألواح الطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء. كما فرض على المجمع حصار كامل ومنع دخول الإمدادات الغذائية والطبية للمحاصرين بداخله من كوادر طبية وجرحى ونازحين. وهنا لم نرى لجنة الصليب الأحمر قد تحركت لتقوم بدورها الإنساني، بل لقد رأيناها تبرر صمتها المتعمد "بعدم وجود التنسيق مع الاحتلال". عذر أقبح من ذنب!

كما أنها قد غابت بشكل كامل وقت إطلاق الصرخات والمناشدات من قبل الطواقم الطبية بهدف التنسيق من أجل إخلاء الأطفال الخدج، عندما قرر جيش الاحتلال الإخلاء القسري لمجمع الشفاء. فوضعت في الأذن الأولى طين وفي الثانية عجين وتجاهلت كل ما ما سمعت. بالرغم أن من الإجراءات التي يتحتم عليها تطبيقها لإنهاء الانتهاكات الإنسانية الخطيرة هي تلقي ونقل الشكاوى. فما الذي فعلته هذه اللجنة التي تدعي الإنسانية غير التواطئ مع دولة الاحتلال عن قبول ورضا؟ فما أقبحها من إنسانية!

والأمثلة كثيرة ومعقدة على التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبتها هذه اللجنة من عدم القيام بأي إجراء من تلك التي يحتمها عليها القانون الدولي الإنساني. لكن لا غرابة فحتى القانون الدولي الإنساني سقط في غزة وسقط معه الصليب الأحمر ومن هنا فإن كل طفل في غزة يوقع على عريضة مفادها إضافة لجنة الصليب الأحمر إلى رؤوس الشيطان التي تتواطأ محبة ورضى مع دولة تعشق دم "الأغيار".

ولا غرابة أيضا مما يحدث ما دامت الأنظمة التي تحكمنا أنظمة كسيحة أخلاقيا وإنسانيا جبانة وذليلة تتحكم بشعوب مدجنة عاجزة عن صنع الحرية.

***

بديعة النعيمي

توطئة: الآن وبعد ان هدأت الأنفعالات الأيجابية والسلبية بخصوص مهرجان المربد الشعري بدورته الخامسة والثلاثين الذي عقد في البصرة للفترة من (7-10 شباط 2024)، وقبل أن نبين ما له وما عليه بموضوعية، فأن الأمر يستوجب ان نقر بحقيقة ان اللجنة المنظمة للمهرجان بذلت جهودا كبيرة في تنظيمه، برغم صعوبات كبيرة تتصدرها ان عدد المشاركين فيه من العراقيين والعرب تجاوز الأربعمئة مدعوا، ما يعني ان على المنصف ان يشكر اللجنة المنظمة ممثلة بالدكتور الشاعر عارف الساعدي لمتابعته الحثيثة لفعاليات المهرجان، ولرئيس الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الشاعر علي الفواز، وأمينه العام الشاعر عمر السري اللذين تواجدا في البصرة قبل ايام من انعقاد المهرجان، وشكر خاص لرئيس فرع الأتحاد في البصرة الشاعر فرات صباح الذي كان دينامو المهرجان.

 ونشير الى حقيقتين،الأولى ان اي مهرجان ثقافي بحجم مهرجان المربد الأخير، لن يكون ناجحا تماما بدون مآخذ فنية او تنظيمية او ثقافية.

 والحقيقة الثانية، انني تصفحت ما كتب عن مهرجانات المربد السابقة (من عام 1971) فوجدتها لم تسلم من النقد الموجه لها، بل ان بعضهم وصف عددا منها بأنها (مهزلة، مسخرة).

***

أ.د. قاسم حسين صالح

تتسارع الأحداث الأليمة في قطاع غزة، وتتوالى التطورات المأسوية للممارسات العدائية  الصهيونية على مختلف الجبهات: المصرية، والأردنية، واللبنانية، ولعل الوضع الحرج للفلسطينيين في جنوب قطاع غزة قد جعل العالم ينظر بقلق كبير وانشغال عميق لما سيؤول إليه مستقبل القضية الفلسطينية الذي لا يحمل حاليا سوى نذر الخطر الداهم .  

استمرار تراكم الفلسطينيين النازحين بجوار الشريط الحدودي مع مصر مع مواصلة قوات الاحتلال ضغطها العسكري عليهم يدفع إلى الاعتقاد بما لا يدع مجالا للشك أن الواقعة أصبحت قريبة حيث لا مفر أمام تزاحم المواطنين عند معبر رفح من تجنب آلة القتل الداهم سوى باقتحام حرمة الحدود المصرية وتحمّل الفوضى العارمة نتيجة ذلك حيث ليس مستبعدا إجبار الأشقاء على المواجهة العنيفة فيما بينهم على مرأى من الأعداء وإما التعرض لآلة القتل الصهيونية ومن ثمة الفناء.

لم تجد نفعا القرارات الأممية والضغوط الدولية من أجل التهدئة ووقف إطلاق النار تمهيدا للبدء في عملية تبادل الأسرى بين الجانبين الفلسطيني ممثلا في حركة حماس والصهيوني، لقد خابت مساعي واشنطن والاتحاد الأوروبي وكل العالم لوضح حد للممارسات الصهيونية المتطرفة التي تجاوزت قواعد الاشتباك والقانون الدولي والإنساني، إلى أعمال إجرامية بهدف الإبادة الجماعية كاملة الأوصاف لشعب أعزل كل ما أراده من الحياة العيش بكرامة وحرية.

توحي مؤشرات الوضع القائم في جنوب غزة إلى الاعتقاد بأن الغرور الصهيوني سيدفع قادة الاحتلال إلى ارتكاب حماقة يمكن أن تؤدي إلى نتائج مأساوية، فالخط الأحمر الذي حددته مصر أمام تقدم قوات الاحتلال نحو رفح ومحور صلاح الدين أي الاقتراب من حدودها سيؤدي حتما إلى إعلان مصر اعتبار تجاوزه مخالفة صريحة وخطيرة لاتفاق السلام بين البلدين تستدعي تعليق العمل به وربما تمزيق وثيقة الاتفاق، ومنه لن يكون للوضع الميداني الناتج عن الاتفاق أي اعتبار، ولن يكون لأحكامه أي وجود، بمعنى إن تجاوز ما نص عليه الاتفاق من أحد الأطراف هو مبرر كافي للطرف الآخر لاتخاذ كل ما يضمن سيادته ويحمي حقوقه ويحفظ مصالحه ولو بالقوة المسلحة.

قد يبلغ الأمر أعلى درجات القذارة المؤامراتية عندما تدفع جهة نأت بجانبها وفضلت لنفسها أن تبقى خارج دائرة الصراع ما يكفي لعناصر تفتقد مقومات الحياة لاختلاق أزمة أمام معير رفح وتهييج المواطنين بترديد الشعارات التقليدية المعتادة والدفع بمئات الآلاف من الشبان لتكسير الحواجز واختراق الحدود المصرية وانتهاك سيادتها على أرضها، وفي حال ما إذا استعصى عليهم الأمر تطلق قوات الاحتلال نيران دباباتها مع تعمد إصابة الجدار الحدودي بطلقة مدفعية بزعم أنها كانت عن غير قصد محدثة فتحة كافية لاندفاع الآلاف من الشباب الباحث عن الطعام والماء، والنتيجة واحدة تخلص الكيان المحتل من الأزمة،وتصديرها بوضع مصر في موقف حرج أمام أشقائها فتضطر إلى إبقائهم على أراضيها حيث لا عودة بعد ذلك للوطن الأم .

إنها أم الكوارث التي تحدق بالعرب أجمعين، وستعذب الضمير العالمي إلى أبد الآبدين.

***

صبحة بغورة

 

هناك أسئلة تزيد الفضول لدى الإنسان الواعي المتدبر لهذا الكون والبشرية والخلق العظيم للإله الواحد الأحد الذي نؤمن به وبقدراته ونسلم بغيبيات عظمته والاستسلام والانقياد له منها أن هل للإنسان وللبشرية صحبة أو رفقة في هذا الكون الشاسع وهذه الأجرام السماوية القريبة من كوكبنا الأرض وهل هناك حياة لعوالم أخرى خارج منظومتنا أو رفاق نتشارك معهم الحياة في هذه الأرض كل هذه الأسئلة تحفز العقل البشري للتفكير والتدبر بها وقد نجد بصيص من الأمل في الإجابة عليها قدر ما يستوعبه العقل الحالي في كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) ضمن ما تطرحه أربعة آيات مباركات في مواضع متفرقة منه وقد نجد تفسيرا أوليا له وهي عبارة (خلائف الأرض) و(خلائف في الأرض) و(خلفاء الأرض) وغيرها من المسميات والكلمات القريبة لهذا المعنى (وهو جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم أن ربك سريع العقاب) الأنعام 165و(ثم جعلناكم خلائف في الأرض من  بعدهم لننظر كيف تعملون) يونس 14 و(فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فأنظر كيف كان عاقبة المنذرين) يونس 73 و(وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) فاطر 39 أن القرآن الكريم يحاكي كل الكائنات الحية العاقلة في الكون لا يحده زمان ولا مكان وتفهمه كل المخلوقات في السماء والأرض على حد سواء وقد ارتبطت هذه العلاقات التي تجمع الإنسان الحالي النسخة المطورة من خلقه والتي أرادها الله تعالى أن تكون على كوكب الأرض ليعمروها ويتمتعوا بها وليكونوا امتدادا لما سبقه من خلائق وكائنات أوجدها الله تعالى خارج المجموعة البشرية والكونية فالعلاقة التي كانت موجودة فيما بينهم دلت عليها الآثار والحفريات والعلم والتكنولوجيا المتطورة الآن وهذه هي امتداد للتطور العقلي والعلمي الذي تمتعت به هذه المخلوقات الموغلة في القدم والغائبة الآن عنا بسبب التعتيم الإعلامي والسياسي فأن الدراسات المتمعنة المستفيضة المتجردة في فهم الرسالة المحمدية السماوية والكتاب المقدس (القرآن الكريم) يستطيع المتدبر الذي يغوص في أعماق بحار علم القرآن وتفاسيره للبحث عما يريده من معرفة لاستطاع أن يستخلص الكثير مما يريده الإنسان الحالي ,  وعندما قال الله تعالى وقوله الحق أني جاعل في الأرض خليفة حينها احتجت عليه الملائكة وقال أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء لأنها شهدت وعرفت كل المخلوقات والكائنات الحية التي سبقت خلق الإنسان العاقل والتي لا تشبه خلقهم وشاهدت الصراعات والحروب الكونية ومدى الدمار الذي خلفته هذه الحروب كون العمر الافتراضي للكون الذي قدره الفلكيون حوالي (12-14) مليار سنة وعمر الأرض حوالي (4.54)مليار سنة وعمر البشر حوالي(1,2) مليون سنة في بعض الدراسات الأحفورية .ولا يمكن أن يترك هذا الفارق الزمني بدون حراك وحيوية ومعيشة على الكون وإلا كان غير منطقي واعتباطا حاشا لله لكن لهذا المخلوق (الإنسان) العاقل الخاص والمبرمج بخاصية التمييز والعقل والألسنة وبهذا الشكل الجميل البديع في صنعه وصورته وخلقه (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ......) غافر 64 ويكون خليفة في جزء معين من الكون وهو الأرض دون سائر الكواكب (وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون) الملك 24 وان أكثر الحفريات السرية والعلنية والدراسات تؤكد وجود تعاون واختلاط وتعاون علمي وعملي بينهما وخصوصا في أوائل ظهور الإنسان على الكرة الأرضية والبحوث السرية المسربة وعلى نطاق سري وحصري بين الدول المالكة لزمام الأمور في العالم وحكرا عليها والدليل ظهور بعض المعلومات والصور خصوصا في بلاد ما بين النهرين ووادي النيل وأفريقيا فالإنسان الحالي يعد النسخة المعدلة والمحسنة من مخلوقات سبقته (وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) الأنعام 133 . علينا معرفة أن الخطاب القرآني هو عام وشامل لكل زمان ومكان في الكون لا يمكن أن نسقط آياته ونفسرها على فئة أو قوم أو جنس أو عرق في هذا الكون لهذا يمكن القول أن مراد الله تعالى هو إيصال المعلومات إلى خلقه أنكم من سلالة واحدة متسلسلة في الخلق والزمن والمكان كل ضمن تكليفه الموقعي والزمني ومن هنا نؤكد أن الإنسان حقيقة ليس وحده في الكون الواسع وقد يتأكد له ذلك في المستقبل القريب أو البعيد حسب معطيات العقل والعلم.

***

ضياء محسن الاسدي

قد يعتبر البعض استذكار الماضي وما نتج عنه من ماسي لازلنا نعيش اصنافها المختلفة نوع من النبش الذي لا فائدة منه، ولكن على مدى 13 سنة هل تقدمنا قيد انملة في أي من المجالات الحياتية؟ هل تحسنت حالة المواطن ؟ كلا...فالتذكير بما حدث ويحدث قد يجعل المسؤولين واصحاب القرار يعيدون النظر فيما يحصل والعمل على تغيير الاتجاه بما يحقق الامن والاستقرار وتمتع المواطن بخيرات البلاد المنهوبة وحريته المسلوبة ..فالثورة التي تستنجد بالخارج او تبارك تدخله تكن رهنا له وتنفذ اجنداته التي لا تنتهي.

بعد سقوط النظام، تمت السّيادة للمدن التي تسمي نفسها مدن الثورة ونسيجها القبلي وتشكيلاتها المسلحة، فتكون اللادولة واقعاً مأساويا، حيث تسجن وتخطف وتقتل، ولها حصتها من الميزانيّة، فرؤساء الحكومات المتتالية  يقدمون لها الهبات والمنح لأجل نيل رضاها.

في الشرق الليبي الذي انشق باكرا عن الحاكم، شهد زيارات لكبار ساسة الغرب المؤيدين لانتفاضته، عانى ويلات التنظيمات الارهابية التي تم استجلابها من قبل داعمي (التغيير/ الثورة) من عرب وعجم وخاض افراد القوات المسلحة الذين اصبحوا مستهدفين من قبل التنظيم وبمساعدة الاهالي معارك طاحنة اسفرت في النهاية عن تحرير بنغازي ودرنة اللتان كانتا تمثلان البؤر الرئيسية للتنظيم، ومن ثم اعيد بناء الجيش الوطني واصبحت المنطقة الشرقية تنعم بالأمن والاستقرار وانسحب ذلك على المنطقة الجنوبية .   

في الغرب الليبي ثلاثة مدن قادت التمرد على النظام وشكلت خطرا عليه افلح النظام في اخماد التمرد بمدينة (الزاوية) لقربها من العاصمة، بينما افلحت الاخريتان (مصراته /الزنتان) في الاجهاز على النظام بمساعدات عربية وغربية، وبعد الاطاحة به اصبحتا تستحوذان على نصيب الاسد بالمنطقة في التشكيلات الحكومية المتعاقبة، كما ان لكل من المدينتين اكثر من تشكيل مسلح مدجج بمختلف انواع الاسلحة،يمثل جناحها العسكري لمؤازرة جناحها السياسي في فرض الرؤى والحصول على مغانم او لنقل هبات سخية لصالح رعايا المدينتين ومنها على سبيل المثال عقود توريد السلع .

منذ اسابيع قال عضو المجلس الرئاسي اللافي: لا يوجد حاليًا مليشيات في ليبيا، بل أصبحت كلها تتبع الأجهزة الرسمية للدولة.. انضواء هذه الجماعات تحت أجهزة الدولة يجعلها قابلة للمُساءلة رسميًا ...ان كان الامر كذلك فماذا عن الاقتتال بين المجاميع المسلحة وسقوط ضحايا وماذا ايضا عما يحدث بين الفينة والاخرى من قفل للطرقات العامة؟ هل تمت محاسبتها ام انه تم ضخ الاموال اليها (الصريرات) لأجل التوقف عن الاقتتال او فتح الطرقات؟. هذه الأجهزة أو الكتائب أو الميليشيات تفرض قوانينها الخاصة في ليبيا بقوة السلاح.

يتم صرف الاموال الطائلة في شراء اسلحة وذخائر للاقتتال بين الليبيين، ولا يزال الانقسام بين من يدعون تعاطي الشؤون السياسية، يبعثرون الاموال يمنة ويسرة(اكثر من 800 مليار دولار في 12 سنة ولا يوجد شيء ملموس على الارض لصالح المواطن)، ويدعون حرصهم على اجراء الانتخابات ولكنهم في الحقيقة يعيقونها، ويسعون بكل ما اوتوا من قوة البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، وفي سبيل ذلك رهنوا مستقبل البلاد لداعميهم من القوى الاستعمارية او تلك التي تتطلع الى لعب دور اقليمي للحصول على اكبر منافع حدية.

 لا تزال البلاد تحت الفصل السابع (محمية)، بينما يعيش المواطن اوضاع معيشية صعبة والتلويح (التهديد) بفرض المزيد من الضرائب عليه، تم رفع الدعم عن جميع السلع بل تشترى بأضعاف اثمانها، لم يبقى الدعم الا عن المحروقات، يريدون رفع الدعم عنه وهم يحرقون اموال الشعب، شياطين الانس يرفعون سعر صرف الدولار في السوق السوداء ثم يخفضونه قليلا وتثبيته رسميا بدل رفع الدعم عن المحروقات الى ان تهدأ الامور ومن ثم يصار الى رفع الدعم كليا، الطوابير على محطات الغاز والوقود وامام البنوك لأجل الحصول على السيولة اصبحت احد معالم البلد، ناهيك عن الانفلات الامني وقفل الطرقات بين الفينة والاخرى طلبا للمال من خزينة الشعب التي يتولى اناس غير مؤهلين منصّبين من الخارج ادارتها، وانتشرت ثقافة (الصريرات) التي يسيل لها لعاب الخارجين عن القانون، فيفعلون ما يؤمرون.    

الدبيبة اكمل عامه الثالث ولم ينجح في الايفاء باي من تعهداته، لم يتم إنهاء الانقسام بل زاد اكثر، لم يتم تحقيق المصالحة الوطنية، لم تتحسن الخدمات للمواطن، لم يتم الوصول الى الانتخابات، انها الحكومة الاكثر فسادا مقارنة بسابقاتها حيث تم ايقاف بعض اعضائها والتحقيق معهم،ومنحوا صك (براءة) وعادوا الى مزاولة اعمالهم !، وزير الاقتصاد بحكومته اللا موحدة قال منذ ايام بان 40% من الليبيين يعيشون تحت خط الفقر اعتراف صريح في بلد نفطي وعدد سكانه قليل جدا.

سجلت اول محاولة ليبية للتطبيع مع الكيان المحتل بلقاء وزيرة خارجية الدبيبة مع نظيرها الصهيوني في روما، منتهكة بذلك مشاعر الليبيين واعتبار فلسطين قضيتهم الاولى وشارك العديد منهم في حرب 1948 بفلسطين.

الذين يتصدرون المشهد بمدن (الثورة) يشكلون العقبة الرئيسية نحو المصالحة الحقيقية،ويسعون الى فرض نفوذهم على حاضر ومستقبل البلاد، انهم يمتلكون الثروة والسلطة والسلاح ومن ثم لهم الكلمة العليا وليذهب الباقون الى الجحيم.

يبدو ان الاطراف المتصارعة اقتنعت بان  أيا منها لن يستطيع ازاحة غيره، فلكل طرف داعمين له، خاصة بعد وضع الخطوط الحمر بشان الحدود بين المتقاتلين، وبالتالي يشوب هذه الاطراف نوع من الرضى والتعاطي مع بعضها بما يحفظ لها مصالحها واقتسام خيرات البلاد.

احسسنا من خلال ساستنا بان البلاد ستتحول قريبا الى سنغافورا ؟فاذا بليبيا تتحول الى تورا بورا .

لا حل يلوح في الافق للازمة في ليبيا، تُفكك بعض العقد فتصنع اخرى، لان الرعاة الرسميين يريدون بقاء الوضع في ليبيا ساكنا، في ظل الاحداث الدامية في غزة والبحر الاحمر التي تنذر بنشوب حرب عالمية تسعى الاطراف المعنية الى اجتنابها ليقينها التام بان أيا منها لن يكون الرابح.

***  

ميلاد عمر المزوغي

يعالجنا الطبيب إذا مرضنا

فكيف بنا إذا مرض الطبيب؟

*

ولا حيف إذا فسد الزواني

وكل الحيف لو فسد النجيب

ما تقدم هو بيت للشاعر العراقي الريفي الجنوبي علي الغراوي، الذي لم يمهله العمر من العقود إلا أربعا، وكان دأبه يتغزل في العراق، ويتألم للعراق، ويبكي على العراق، ويأمل ويرجو للعراق والعراقيين حياة حرة كريمة، وفارق الحياة في النصف الأول من القرن المنصرم، ولم يتحقق شيء من أمله ورجائه، لا في حياته ولا بعد مماته حتى ساعة إعداد هذا المقال.

وأراني أتذكر أبياته -رغم قلتها- ونحن نعيش منعطفات خطيرة في حياتنا بين الفينة والأخرى، وكلنا يذكر أحداثا ليست ببعيدة عنا، حين ثار الشعب في تشرينيته التي ثبّت تأريخها بالدم بعد أن طفح به الكيل، وانتفض على الفساد الذي توغل أيما توغل في مفاصل الدولة، بأشكال وأصناف وأنواع لم نكن نعيها او ندركها، فعلى حد علمنا أن السارق لاينفذ سرقاته إلا ليلا، حتى قال في هذا صاحب المثل؛ "الليل ستر الحرامية". كما علمنا أن جل ما يخشاه الـ "حرامي" هو الـ "چرخچي" حارس الليل، مع أنه -الچرخچي- لايحمل غير صفارته وعصاه، إذ لم يكن التسلح بالأسلحة النارية مسموحا له، ومع هذا نراه مُهابا يتجنبه اللصوص.

لصوص اليوم -لسوء حظ المواطن العراقي- غير لصوص الأمس، وهم لايهابون الرقيب، إذ أنهم "دهن ودبس" مع "الچرخچي". فنراهم يصولون ويجولون ليل نهار، ولا يردعهم رادع ولا يردهم راد، بل أن سرقاتهم تتم تحت جنح الليل بأريحة، كما أنها تنجز في وضح النهار بأريحية أكثر، ولا خوف عليهم ولا هم يهربون.

وإذا علمنا أن الطامات الكبرى في العراق كثيرة، فإن كبريات الطامات هي أن اللصوص هم أنفسهم الذين يتربعون على عرش السلطات، ويتقلدون المناصب العليا في البلاد، ويمتلكون حصانات رسمية فضلا عن المال والنفوذ اللذين يتمتعون بهما، وبذا فهم يجسدون المثل القائل: "حاميها حراميها".

ولا أبالغ في شيء إن قلت أن العقدين الأخيرين اللذين مرا على العراقيين، حملا صورا وقصصا للفساد، يشيب لها الوليد من هول التفاصيل التي تحويها، وما زاد الطين بلة هو الرؤوس والـ (صماخات) التي شكلت عصابات بأذرع أخطبوطية، توسعت وتمددت في مؤسسات البلد ومرتكزاته بأعلى المستويات، حتى بات الفساد السمة الواضحة في أية مؤسسة حكومية، بدءًا من "العارضة" وباب النظام مرورا بالاستعلامات ثم الواردة فالسجلات فالمتابعة... صعودا الى المدير والمدير العام والوكيل... وانتهاءً بالوزير (عدا نفر قليل لم يحد عن مبادئه وقيمه السامية).

ومع هذا النكوص في مكافحة الفساد، نسمع عبارات معسولة، تفتح أبواب الأمل مشرعة على مصاريعها، عادة ماينطقها متبوئو المناصب الرفيعة في البلاد، مؤكدين ملاحقة رموز الفساد وكشف أوراقهم ليتسنى القضاء عليهم، وتتكرر هذه التطمينات لتحسين سمعة كانت قد تشوهت. وحين يشعر المسؤولون الفاسدون أن أكاذيبهم وخدعهم، لم تعد تنطلي على المواطن العراقي، يتدرعون بجلد الحرباء ويتقمصون دور الشرفاء، فيما تهب الأحزاب على قدم وساق، لطلاء أوجهها الكالحة، بألوان براقة وببهرج فتان، لتظهر بوجه البراءة من كل فعل دنيء لا وطني.

وعلى هذا المنوال، يستمر الضحك على الذقون، ويبقى المواطن المغلوب على أمره، بين مطرقة الفاسدين وسندان الصبر والتحمل، وتستمر اللعبة إلى أجل غير مسمى، ذلك أن أعداد البناة أقل بكثير عن جيوش الهدم وإحلال الخراب، وقد قيل سابقا:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

***

علي – كاتب وصحفي عراقي

 

حندس: ظلام دامس

الأشياء من حولنا تتحندس بأساليب متطورة تعجز عن وعيها (فهمها) أذهان العامة الأبرياء، الغارقين في آبار العتمة والغفلة المبرمجة لإستعبادهم والإستحواذ على ثرواتهم.

ديناميكية الحندسة مضت بعنفوان في ديار الأمة، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، ولا تزال في أقصى سرعتها وذروة تعجيلها الدوار.

فما حصل ويحصل غايته واحدة ثابتة ما تغيرت إلا أساليبها، وآليات تطبيقها على واقع يتشظى ما فيه.

وعمليات التشظي تجري بإندفاعية متسارعة، فأصبح القول بشيئ واحد من المتعذرات على الفهم والإدراك، حتى سورة الإخلاص ما عادت ذات معنى ودلالة.

فالأمة كل شيئ فيها واحد، وكل شيئ صار ألف واحد.

دينها، كتابها، ربها ونبيها، وما جاء به فرقانها، صار تأويلات وتفسيرات وخرافات مقدسة، وتحولت أصنام الحجر إلى أصنام البشر.

فما أكثر الأصنام المعممة، الهرمة المعصومة التي لا تنطق عن الهوى.

فما هو الدين؟

لن تجد جوابا واحدا، بل لكلٍ دينه وربه وما يراه وتربى عليه في ديار الإستعباد وتعطيل العقول.

فكيف تكون أمة تتخبط في ظلمات العصور، ولا تبصر طريقها وتنكر جوهرها، وترى أن عدوها مَن لا يتوافق مع رؤاها المعفرة بنزعات النفوس الأمارة بالسوء، وهي تمتطي الدين وتشهر سيوف النيابة عن رب العالمين.

وكأنها الواقعة، ولسوف تدركها بعد فوات الأوان، وما نفع الدين إذا صار نارا لحرق البشر؟!!

و"الكتب والرسل والأديان قاطبة...خزائن الحكمة الكبرى لواعيها"!!

***

د- صادق السامرائي

 

منذ اندلاع حرب غزة وما يتعرض له الفلسطينيون من ابادة جماعية على يد قوات الكيان الصهيوني، وما تبعه من تحرك خط المقاومة الاسلامية في الشرق الاوسط لرد كرامة المسلمين، عبر مساعي الدعم الممكن لأهل غزة، والمناقشات السياسية داخل النخبة الامريكية الحاكمة لا تنتهي، حول الطريقة التي ينبغي لها في التعامل مع قوات الحشد الشعبي في العراق، والتي اضحت تشكل تهديد كبير للقوات الامريكية المتواجدة في العراق وسوريا، ولمشروع امريكا في المنطقة، مما جعل كرامة امريكا بالوحل، بسبب قوة الضربات التي تعرضت لها قواتها طيلة الأشهر الماضية، بعد كل هذا أدركت الإدارة الأمريكية ان الموقف يتطلب قدرًا كبيرًا من الاهتمام، والا ذبلت صورة امريكا.

حاليا في امريكا لا يوجد نقاش او جدل حول الجيش العراقي، ولا حول الشرطة العراقية، ولا حتى حول القوة الجوية العراقية، وما تملك هذه التشكيلات من عناصر قوة او عناصر الضعف، فقط النقاش والجدل حول الحشد الشعبي العراقي.

وسنوضح هنا طبيع التفكير الامريكي في الموضوع، اي اننا سنبين الرؤية الامريكية للواقع الحالي.

- أمريكا من الداخل بين مدرستين

توجد مدرستان فكريتان مؤثرة في القرار الأمريكي، في حول كيفية معالجة "أمريكا" لمخاوفها بشأن قوات الحشد الشعبي: 

- مدرسة التأني في الرد:

المدرسة الاولى: تنصح المدرسة الاولى بالصبر، وتقلل من الخطر المتزايد الذي تشكله قوات الحشد الشعبي كمؤسسة، وتشير هذه المدرسة إلى أنه لا ينبغي النظر إلى الميليشيات المدعومة من إيران (كما تسميها امريكا) داخل قوات الحشد الشعبي على أنها تغير قواعد اللعبة؛ ويعرف الامريكان ان هذه الكيانات المقاومة موجودة قبل تشكيل قوات الحشد الشعبي في عام 2014، وستستمر في الوجود سواء داخل قوات الحشد الشعبي أو خارجها، وما دامت قدراتها المالية محدودة، ولا تصل لحد التهديد، فالامور تحت السيطرة.

وتنظر المدرسة الصبورة إلى التعاون الأمني الأمريكي مع وزارة الدفاع العراقية ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب ومجتمع الاستخبارات، باعتباره حجر الأساس للنفوذ الأمريكي في البلاد، بحجة أنه من غير المرجح أن ينمو حجم وميزانية قوات الحشد الشعبي.

- مدرسة الخبث:

المدرسة الثانية: ترى مدرسة أن قوات الحشد الشعبي هي في الواقع أداة تغيير محتملة لقواعد اللعبة في العراق، وهم يخشون أن ينمو حجم قوات الحشد الشعبي وتمويلها لتتفوق على قوات الأمن العراقية النظامية، مثلما تغلب الحرس الثوري الإسلامي في إيران على القوات المسلحة الإيرانية النظامية، وترى هذه المدرسة الناشطة داخل الحكومة الأمريكية أنه لا يوجد سوى القليل من الوقت لتغيير مسار قوات الحشد الشعبي نفسها، وتعتقد أن المساعدة الأمنية الأمريكية للقوات المسلحة النظامية العراقية يجب أن يتم حجبها جزئيًا أو كليًا حتى تتم معالجة المخاوف الأمريكية بشأن قوات الحشد الشعبي.

وهذه المدرسة الامريكية تنظر إلى الحكومة العراقية على أنها تسير نائمة نحو الهاوية، مما يدفع المعسكر الأمريكي الناشط إلى اتخاذ موقف أكثر تطرفاً من أجل تركيز الاهتمام العراقي بشكل عاجل، على المخاطر المتصورة التي تشكلها العناصر الموالية للشهيد المهندس في قوات الحشد الشعبي.

وتشعر هذه المدرسة بالفزع من مجرد ذكر اسم الشهيد المهندس، وتشعر بالخيبة وهي ترى رواتب الحشد الشعبي من الموازنة العامة للعراق، وتدرك ان قوة العراق قد تتعاظم من استمرار وجود الحشد الشعبي، على شكل موازي للحرس الثوري الايراني، لذلك هي تدفع الادارة الامريكية لدفع مخاطر مستقبلية. 

- اخيرا:

يجب على قيادات الحشد الشعبي ان تدرك ان العدو الامريكي يدرس الحشد الشعبي ويضع خطط وبرامج للقضاء عليه، لان امريكا تدرك ان العائق الاكبر لهم في العراق هو استمرار وجود الحشد الشعبي، وهي قد وعت جيدا الدرس السابق، بعد ان فشل مخططها عام 2014 في تقسيم العراق بواسطة (داعش)، كان بسبب الفتوى المباركة للمرجعية الصالحة وظهور كيان الحشد الشعبي كقوة ردع  حقيقية لمخطط القوى الظلامية، لذلك يجب ان تكون خطط وبرامج بعيدة المدى للحشد الشعبي، وان توجد ادارة استراتيجية ليكون الفعل على الأرض نابع من خطط رصينة، فيكون المستقبل بيد الحشد الشعبي وليس بيد الأعداء.

***

الكاتب: اسعد عبد الله عبدعلي

بالأمس البعيد تبجحت الحركة الصهيونية بهولوكوست كاذب، فانتفض العالم وساهم في بناء دولة من لا شيء. أما اليوم فالجميع يساهم في قتل وذبح سكان غزة بأبشع هولوكوكست للموت. وليت هذا الموت كان رحيما. فأمام صرخات المتألمين جراء الأسلحة المحرمة التي تأكل الجلد وتذيب اللحم تُلغى الإنسانية وتتخذ لها زاوية بعيدة عن الأعين..

الشهادة أصبحت أمنية وسط ملاحقة هذه الأسلحة المحرمة وخروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة بسبب جيش الاحتلال الذي ارتكب ما لم يُرتكب في تاريخ البشرية من بشاعة.

ومن هذه الأسلحة التي يستخدمها اليوم هذا الجيش اللاأخلاقي في غزة ويجرب مفعولها على أهلها ومدى فعاليتها ١-القنابل العنقودية، حيث تضم الواحدة منها عشرات القنابل الصغيرة التي تتوزع عند إطلاقها في كافة الاتجاهات.

٢- قنابل جدام الذكية، وهي صناعة أمريكية تصنف ضمن القنابل الأكثر تدميرا ويصل مداها قرابة ٢٨ كم.

٣- القنابل الفراغية، تصنف أنها الأشد تدميرا وتقارب في مفعولها قنبلة نووية من العيار المصغر.

٤- القنابل الغبية، وهي قنابل تزن حوالى ٩٠٠ كغم وتلقى من الجو وتتسبب في إحداث دمار في مساحات كبيرة.

٥- قنابل هالبر ، وهي قنابل حارقة وخارقة للحصون ،وقد دمر بها جيش الاحتلال المباني في غزة.

٦- الفسفور الأبيض ،وهي مادة كيميائية تشتعل عند تعرضها للأكسجين وتنشر دخان كثيف حيث تتسبب في حروق شديدة.

وقد صرح مدير الإعلام في غزة على أن تل أبيب ألقت أكثر من ٦٥ ألف طن متفجرات على القطاع ،وجيش الاحتلال يستخدم الفسفور الأبيض والقنابل الغبية والجدام وغاز الأعصاب.

كما أكد أطباء في غزة أن جثامين ومصابين تصل المستشفيات متفحمة وأشلاء مقطعة الأوصال.

ووفقا لخبراء عسكريين أكدوا أن دولة الاحتلال زودت قذائف المدفعية والدبابات "يورانيوم منضب" للفتك بأجساد الضحايا. كما أن دولة الاحتلال تستخدم غاز الأعصاب الذي يسبب الشلل والهلوسة والموت المحقق.

ومن المعلوم بأن القانون الدولي الإنساني يحظر" استخدام الأسلحة والقذائف والمواد ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات وآلام لا مبرر لها"

لكننا نكررها وسنظل نكرر بأن في غزة لا قوانين تطبق على القاتل لأن واضعوا هذه القوانين يقفون خلف جبروت دولة الاحتلال ويعملون معهم على محاولة إركاع غزة وأهلها..لكن هيهات فغزة قوية بأهلها وهؤلاء أقوياء بمقاومتهم التي لم ولن تتخلى عنهم ،فطوبى لغزة وأهلها ومقاومتها.

***

بديعة النعيمي

بلا شك، ان لكل شعب او اي مجتمع، عاداته وتقاليده وأخلاقياته وإشراقاته وخيباته وسلوكياته وثقافاته وظواهره العجيبة والغريبة جداً، وهكذا هو واقع الحال والامر بالنسبة لشعبنا العراقي. ولا أُخفي انني كنتُ قد عايشتُ او لاحظت او قمتُ انا او بعض اخوتي واصدقائي، بواحدة من تلك السلوكيات او التصرّفات او الثقافات التي قد تكون غير موجودة عند شعوب ومجتمعات أخرى في هذه المعمورة.

ويمكنني الآن الإشارة الى واحدة من تلك السلوكيات والحالات والثقافات والظواهر، ألا وهي: (الزعل بدون سبب)، وبلا اي معنى ولا ايّة إساءة سابقة او القيام بأي فعل سلبي وبقصدية مبيَّتة اتجاه (الزعلان. ة) اعتقد أن الكثيرين منا قد واجهوا وابتلوا بمثل حالات هذا (الزعل الغامض) من قبل احد الاخوة والأخوات او من قبل واحد من الأصدقاء او الصديقات وزملاء العمل وجيران الحياة.

وعلى سبيل المثال لا التمثيل، فقد  أحسست وفوجئت قبل أيام ان احد الأصدقاء، وهو فنان تشكيلي مبدع ومعروف وتربطني به علاقة صداقة قديمة وقائمة على الاحترام والتقدير والإعجاب المتبادل فيما بيننا كلٌّ وحسب اختصاصه الفني ونتاجه والإبداعي،  والمفارقة العجيبة والغريبة هي عدم حصول  اي خلاف سابق او اية اساءة وسوء بيني وبينه منذ أيام معرفتي وصداقتي الاولى له في بدايات ثمانينيات القرن الماضي والى حد ايام قليلة.

ومن ناحيتي فقد استمريت بارسال التحيات الصباحية له ومقاطع الفيديوهات التي نشترك بحب ثيماتها وتقنياتها الرائعة، وكذلك نتبادل الأغاني والسمفونيات والموسيقى الكلاسيكية العميقة. ولكن - للأسف - ان الذي اعتبره أخي وصديقي وزميلي، لم يُكلّف نفسه بالرد على (مسجاتي) لا سلباً ولا ايجاباً لا قدحاً ولا مدحاً ولا خراباً ولا إعجاباً. تُرى هل ان زعله بهذه الطريقة الدراماتيكية الغامضة مُبرر؟  وماذا لو انني اقوم بمعاملته بالمثل؟

والادهى من كل الذي قلتهُ أَعلاه: ما الذي يمكن ان يحدث لو انني قد ألغيتهُ من حياتي بكل هدوء وبساطة، وذلك بضغطة زر  ومن ثمَّ:

Block

والســـلام عليكم.

***

سعد جاسم

 

تدخل حرب الكيان الاسرائيلي على غزة، الشهر الخامس، ولا تزال المجازر الاسرائيلية على اشدها بحق الشعب الفلسطيني في غزة؛ ولا تلوح في الافق اي بارقة امل في ايقاف هذه المذبحة؛ سوى مفاوضات متعثرة لم ينتج حتى اللحظة منها؛ ما يؤكد على قرب انهاء هذه المحرقة. إنما العكس يحصل تماما في كل يوم يمر على هذه المجازر على الشعب الفلسطيني؛ من انها تزداد شدة وسعة مع الايام. أذ،. في ظل هذه  المذابح؛ يواصل بضوء اخضر مستتر من العراب الامريكي والغربي معا، بصرف النظر عن الشجب والتحذير الامريكي والغربي؛ هذا الكيان المجرم جرائمه، بقياداته الصهيونية والمجرمة والعنصرية والمتطرفة جدا. في أتون نار ومحارق هذه الحرب؛ يشدد نتنياهو وطاقم حكومته الحربية العنصرية؛ من ان هذه الحرب سوف لن تتوقف الا بتحقيق كل اهدافها، او بعبارة اخرى وكما قال نتنياهو؛ بانتصار مطلق وساحق. يهدد نتنياهو باجتياح رفح على الرغم من التحذير الامريكي له؛ الذي يتمحور حول ضرورة حماية المدنيين وتوفير ممرات امنة، قبل البدء بالهجوم على مدينة رفح. في هذا الصدد مع ان رأيي الشخصي؛ ان هذا التحذير الامريكي ما هو الا خدعة وكذب واضح وفاضح؛ فأمريكا ربما ومن تحت الطاولة وفي العتمة؛ قد منحته اي نتنياهو الضوء الاخضر لهذه الجريمة الصهيونية المرتقبة كما اسلفت القول في السطور السابقة من هذا المقال. ان ما يؤكد هذا الرأي؛ هو استمرار امريكا في دعم، بل في مشاركة فعالة لحرب هذا الكيان على المقاومة الفلسطينية في غزة وحتى في الضفة الغربية؛ عبر الدعم السياسي والمعنوي والتسليحي والذي هو واقعيا؛ مفتوح بلا حدود، وايضا في شن ضربات امريكية وبريطانية على محاور المقاومة التي تدعم ولم تزل تدعم صمود وقوة مواجهة المقاومة الفلسطينية لهذا التوحش الاسرائيلي؛ لتحييدها واجبارها على اسكات مسيراتها وصواريخها في البر والبحر. لكن في المقابل ان محاور المقاومة لم تسكت لا مسيراتها ولا صواريخها في دعم صمود المقاومة الفلسطينية. ان مجازفة الكيان الاسرائيلي في اجتياح رفح؛ سوف تكون المحطة الأخيرة في الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني. لذا؛ فان كل من يصبر ويصمد في هذه المواجهة التاريخية؛ سوف يكون هو المنتصر. ان المقاومة الفلسطينية التي هي حتى اللحظة؛ قدمت اكثر من 28 شهيدا واضعاف هذه العدد من الجرحى والمصابين، واصاب ما اصاب بنيتها التحتية من دمار وخراب؛ لا يمكن ان تنهار وتنهزم ابدا، بل ان الانتصار سوف يكون حليفها. أذ؛ ليس من طريق اخر امامها الا طريق الانتصار ولا طريق غيره؛ كي يكون لها في الوجود وجود مادي على الارض، وليس المقصود هنا هو الوجود الفكري؛ فهو موجود وجودا كليا في نفوس وعقول الشعب العربي الفلسطيني، مهما كانت نتيجة هذه المنازلة التاريخية؛ والتي سوف تكون بالرأي الشخصي؛ انتصارا مدويا. القيادات الصهيونية تقول وتؤكد بخلاف ما هو موجود على ارض الواقع؛ من انها سوف تواصل هجوماتها بعد وسط وشمال غزة الى جنوب غزة، الى مدينة رفح، حتى يتم لها كما تقول على عكس الحقيقة والواقع المعيش على الارض؛ تصفية حركة المقاومة الفلسطينية في رفح كما تم لها تصفيتها في الوسط والشمال من غزة. ان هذه القيادات تناست او هي تريد ان تخاطب الراي العام داخل الكيان الصهيوني؛ من انها او ان جيشها قد تمكن من القضاء على المقاومة الفلسطينية في امكنة القطاع الاخرى. إنما الحقيقة ان المقاومة لم تزل على اشدها في الوسط والشمال وفي خانيونس. ففي كل يوم او لا يكاد يمر يوما من دون ان نقرأ او نشاهد؛ عمليات قتل واقتناص جنود الاحتلال والجريمة الصهيونية في غزة. ان نتنياهو والطغمة المجرمة المحيطة به والداعمة له؛ يريد مواصلة جريمته هذه على الرغم من اصوات كل شرفاء العالم بضرورة ايقافها؛ ليس من اجل امن دولة الاحتلال الاسرائيلي فحسب؛ بل بدرجة اكثر ارجحية وضرورة ملزمة له؛ من اجله هو شخصيا؛ للنجاة من المحاكمة، وانقاذ مستقبله السياسي. ان هذا كله سوف يتحدد برأيي في القليل من الزمن المقبل. عندما يهاجم الجيش الصهيوني مدينة رفح، والتي فيها اكثر من مليون واربعمائة من الفلسطينيين واغلبهم من النساء والاطفال وكبار السن في حيز جغرافي محدود المساحة اي انه مكتظ بالناس؛ سوف تكون هناك مجزرة في الفلسطينيين العزل من السلاح؛ اكثر كثيرا مما هو حاصل في الاشهر الاربعة التي مضت، على ما جرى فيها؛ من مذابح، والتي ندد بها كل الشرفاء في العالم؛ ادت الى عزل اسرائيل دوليا على الرغم من الحماية الامريكية والغربية له في المحافل الدولية، واجبرت بطلب من جمهورية جنوب افريقيا؛ على وقوف ممثلها امام محكمة جرائم الحرب بتهمة ارتكابها جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني. من الجانب الثاني ان هذه المساحة المحدودة؛ سوف تتيح او تمنح مرونة للمقاومة الفلسطينية في المواجهة الفعالة والمؤثرة جدا، مع جيش الصهاينة المجرم؛ وسوف تكون التكلفة اكثر كثيرا مما هو قد جرى في الاشهر الاربعة المنقضية من دون ان يصل نتنياهو الى مبتغاه؛ فالمقاومة صامدة وتزداد قوة وقدرة مع كل يوم يمر او كان آنيا حتى اللحظة؛ قد مر عليها، ويزداد التأييد الشعبي لها. ان هذه التكلفة والتي سوف تكون باهظة؛ هي من سوف تكسر عنق هذا المتطرف العنصري الصهيوني، والثلة المجرمة الداعمة له والمحيطة به. اضافة الى التكلفة البشرية وايضا لناحية الخسارات من ألة حربها المصنوعة في جلها؛ في المجمع الصناعي العسكري الامريكي وايضا الغربي. هناك جانب أخر الا وهو موقف مصر من هذه المذبحة على حافة حدودها، في معبر رفح، ومعبر صلاح الدين (فيلادلفيا) وما سوف ينتج عنها من نزوح لأكثر من مليون واربعمائة من الفلسطينيين من الاطفال والنساء وكبار السن وغيرهم؛ الأكيد ان مصر سوف يكون عندها؛ لها موقف غير موقفها حتى اللحظة؛ لأسباب تتعلق كما هي او مسؤولوها يقولون؛ بأمن سيناء. هنا تكون المواجهة او الاصدق والادق عمليا وواقعيا المحرقة الصهيونية؛ قد اقتربت جدا، من حد الاحتكاك مع الجيش المصري المرابط او الذي رابط منذ تفجير الاوضاع؛ بصاعق طوفان الاقصى الاسطورة؛ على حدود غزة. عندها سوف تكون حرب الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة؛ على حافة الهاوية، التي في قاعها سوف تقود الي توسيع الحرب؛ التي تفضي كضرورة حاكمة او لابد منها، وربما مخطط لها سلفا، بين الحكومة الصهيونية العنصرية وحماتها الامريكيون والغربيون؛ الى ان يتمظهر تمظهرا كليا وواضحا وبإرادة قصدية؛ الضغط الدولي الفعال والمنتج على العكس مما كان عليه، في الذي سبق من الاشهر الاربعة المنصرمة (امريكا والغرب وربما غيرهما) على الكيان الاسرائيلي وقياداته العنصرية المجرمة؛ بإيقاف هذه المذابح الصهيونية. في رأيي المتواضع وكي تخرج اسرائيل وكأنها منتصرة وغير مهزومة؛ سوف يجري بجدية وبسرعة تنشيط المفاوضات، لإيجاد مخارج تحفظ ماء وجه اسرائيل وحكومتها العنصرية؛ في ابرام هدنة مستدامة. في هذا الوقت يبدأ؛ الاخطر.. الذي فيه، في زمنه؛ تكون للمساومات والدوران حول المحور المفاوضات المرتقبة، بقصدية واهداف مبطنة غير معلن عنها، تستتر بأثواب عربية وامريكية وغربية براقة اخرى معلنة لجهة الانسانية وحفظ السلام المستدام والاعمار، وإدارة غزة تحت مقولة كلمة حق يراد بها باطل.. اعتقد ان قيادة المقاومة واعية تماما الى هكذا لعبة. عليه سوف يكون الانتصار واضحا تماما وكامل الاركان.

***

مزهر جبر الساعدي 

 

القياس: رد الشيء إلى نظيره، ويأتي بمعنى المقارنة.

آلية تفكير رسّخها التكرار في عقول الأجيال، فلا تستطيع التفكير والإتيان بأصيل، إذ عليها أن تركن إلى أسلوب المسطرة، لتقيس ما تريد على ما عاش قبلها.

أي أن عقلنا قياسي.

ولهذا تجد العديد من نخب الأمة لا يقدمون ما ينفع، لأنهم يكررون ذات السلوك القياسي المبني على ما تراكم من رؤى وتصورات بهتانية باطلة.

وهذه الحالة تشمل مناحي الحياة ومعارفها، وتجدنا في الوقت الحاضر نتخذ من الآخر مقياسا  وسندا، فلا نكتب موضوعا إلا وإعتمدنا على مصادر أجنبية لتعزيزه، وتحديد صلاحيته ومقبوليته.

ونخشى الإنطلاق من واقعنا لنكشف ما يعوزنا، وعليه فالواقع يتأسن ويرزخ في مستنقعات الخراب والدمار، وعدم القدرة على الإتيان بصالح.

والعجيب أننا نتفاعل بآلية إعتمادية على ما هو قائم، ولا نريد الإستثمار بعصرنا وطاقاتنا المتوفرة في مكاننا.

والأغرب من ذلك لا ننظر لنشاطاتنا إن لم تكن مرهونة بمقاسات سابقة لها، وباترونات تتوافق معها لتبدو متلائمة مع رؤيتنا للحياة.

وبهذا الأسلوب ننكر وجودنا ونمحق عناصر ذاتنا، وننطلق في مسيرات التبعية والخنوع والتداعي في أحواض الآخرين، الذين يكرّسون سلوك الإستحواذ والعدوان على وجودنا ويأخذون ثرواتنا، ونحن صاغرون، نتوسلهم ونبجلهم ونتعبد في مقامات دجلهم وبهتانهم الرجيم، حتى صار الدين شخصا مقدسا يدوس على ما يشير للدين وهو الأعلى والأقدس، ومن أنداد رب العالمين!!

***

د. صادق السامرائي

 

إن الحرب على غزة ٢٠٢٣- ٢٠٢٤ أقل ما يمكن أن يطلق عليها مسمى "عدوان" بكل ما تحمل الكلمة من ظلم وجبروت وشوفينية ودم.

والعدوان بمعناه المتعارف عليه في القانون الدولي هو"استعمال القوة من قبل دولة ضد أخرى، ولا يبرره الدفاع عن النفس أو أية استثناءات قانونية معترف بها".

فكيف عندما يكون العدوان من قبل دولة لا تأخذ بالآخر إلا ولا ذمة، ولا تردعها قوانين ولا محاكم؟ كيف وهذه الدولة تشن عدوانها ضد مدنيين يرزحون تحت حصار طويل ظالم من قبلها؟ كيف ستتصرف القوانين في مثل هذه الحالة؟

وكيف سيكون شكل العدوان وقد تجمعت تحت رايته السوداء المغمسة بالحقد ورغبة الانتقام دول الشيطان بأسلحتها وجنودها ومرتزقتها ضد قطاع ضيق، عدّته الدراسات أكثر المناطق اكتظاظا في العالم؟

وأين القانون الدولي الذي يعتبر العدوان من أكثر المعايير اللاشرعية فيه؟ بل وأين الأمم المتحدة الصهيوأمريكية التي جعلت منع العدوان بمعناه العادي من أكثر غاياتها. فكيف عندما يكون العدوان بالمعنى الذي ذكرناه؟

وعصبة الأمم المتحدة التي جعلت منع العدوان هدفا مركزيا لها، أين هي من هذا العدوان الغاشم؟

وهل تستطيع محاكم الحلفاء التي انعقدت بعد الحرب العالمية الثانية أن تأتي اليوم لتعتبر العدوان على غزة جناية تحت اسم جرائم ضد السلام؟

وأين هي ال ٢٢ دولة عربية إن جاز لنا تسميتها بالعربية بعد أن انقلب شعار "بلاد العرب أوطاني" الذي تغنينا به إلى "بلاد العرب أوجاعي"؟ فحتى تلك الخطابات التي كانت في السابق أقرب إلى حبة مسكن منتهية الصلاحية، لم نسمعها اليوم! فكأن غزة غدت جمرة ستحرق حناجرهم لو نطقوا بها!

في غزة كل شيء مختلف، فالمقاومة الفلسطينية التي تطلق عليها دولة الاحتلال "إرهابيين" دافعت في ٧/ أكتوبر/٢٠٢٣ عن شرف الأمة وحاولت انتشاله بعد أن غرق في وحل الغرب ووحل التطبيع، غير أنه أبى إلا أن يغرق.

والحرب اليوم وقد تخطت ١٣٢ يوما نجد أن المقاومة قد استطاعت فعل ما لم تقدر عليه خمس جيوش عام ٤٨ وثلاث دول في ٦٧. واليوم مقاومة يرتدي مجاهدوها بزّات الصبر والثبات، تدحر دول تطلق على نفسها "عظمى".

فلتسقط المواثيق والاتفاقيات والمحاكم الدولية التي أشاحت بوجهها عن غزة.فلتسقط كل الأعراف والقوانين التي ما صنعت إلا لتخدم بكل طاقاتها مخططات دولة الاحتلال بعدوانه الفاشي.

***

بديعة النعيمي

النظام التركي ساند وبقوة ثورات الربيع العربي التي هوت بعديد الانظمة العربية، ساعدته في ذلك بعض الانظمة العربية، المؤكد ان اردوغان اراد من خلال ذلك اعادة بناء إمبراطورتيه التي شملت عديد البلاد العربية، وقد حكمها بالحديد والنار وفرض الاتاوات التي ترسل راسا الى الاستانة عاصمة الخلافة حيث شهدت تقدما معماريا واستحدثت بالبلاد مشاريع عادت بالنفع على الشعب التركي.

انقلاب العسكر في مصر على حكم الاخوان تلبية لرغبة الشعب المصري الذي خرج في مظاهرات عارمة مناديا بإسقاط مرسي وزبانيته من جماعة الاخوان المسلمين ادى الى توتر العلاقات بين تركيا التي ساعدت وآوت قادة الاخوان بالتعاون مع قطر وفتح قنوات اعلامية لمهاجمة النظام المصري الذي يرونه انه قضى على حلم الاخوان في اقامة امبراطورية تتزعمها تركيا وتدعمها ماليا قطر.

 الخلاف الشديد بين الدولتين لم يصل الى الصدام المسلح لكنه اثّر سلبا على المناطق التي تتنازعان حولها ومنها ليبيا حيث ساعدت كل منهما احد طرفي النزاع من اجل الحصول على مصالح لبلديهما واقتسام الكعكة الليبية والفوز بمشاريع الاعمار بها، وقد رسما لنفسيهما خطوط حمر (مداده بالطبع دماء الليبيين) لئلا يتعداها الطرف الاخر ومنذ ذلك الوقت تشهد البلاد نوع من الهدوء الحذر.

ومع موجة الانفتاح على الاخرومحاولة رأب الصدع بينهما، ليقينهما التام بان الخلاف بينهما ليس لمصلحتهما، وان جماعة الاخوان لم يعد بإمكانها تصدر المشهد في البلاد التي اجتاحتها موجة الربيع العربي، حيث اثبتت فشلها في الحكم في كل من مصر وتونس وليبيا، وان الجماهير انخدعت بشعارات الاخوان التي تدغدغ عواطفها، حدثت خطوات تنازل خلالها كلا الطرفين التركي والمصري عن بعض الامور التي يصعب تحقيقها وتعيق تحقيق اهدافها.اجتمع الزعيمان في اماكن خارج بينهما لحصر الخلاف وتذليل العقبات.

 بعد نحو 12 عاما من القطيعة بين البلدين، اجتمع الزعيمان في القاهرة بتاريخ 14 فبراير 2024 وعقدا مؤتمرا صحافيا اكدا فيه ان الدولتين تواجهان العديد من التحديات المشتركة مثل خطر الإرهاب والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الواقع غير المستقر في المنطقة، ويعنزان بمستوى التعاون بينهما من أجل النفاذ السريع لأكبر قدر ممكن من المساعدات لأهل غزة. ووقف اطلاق النار والعمل على استئناف عملية السلام في أقرب فرصة وصولا لإعلان دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. والشيء الاهم هو سعيهما معا إلى رفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القادمة.

نتمنى ان ينسحب الاتفاق بينهما على مناطق نفوذهما، وبالأخص ليبيا فيسعيان الى تقليل الفترات الانتقالية التي طال امدها وشهدت صراعات مسلحة ادت الى سقوط المئات من القتلى والاف الجرحى ونزوح سكان مدن وقرى بأكملها، ونهبا للأموال العامة وسوء التصرف بها ويسهلان الوصول الى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، لينعم البلد بالخير والرخاء واعادة ما تهدم من قبل الشركات المختصة بالبلدين ويستفيد شعبيهما.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

حزب الله يقصف قاعدة عسكرية في العمق الإسرائيلي بثمانية صواريخ من العيار الثقيل والدقيق فيما اعترضت القبة الحديدية بعضها وفق المصادر الإسرائيلية، من جهته يرد جيش الاحتلال بقصف أهداف مدنية جنوب لبنان. فما مدى خطورة هذا التحول في المواجهات التي بدأت بعد طوفان الأقصى بيوم ( 8 أكتوبر 2023) في إطار دور الحزب المساند للمقاومة في غزة ضمن وحدة الساحات؟.

هذا ما أعلنته مصادر إسرائيلية حيث نجم عن القصف مقتل مجندة وإصابة ثمانية عسكريين حالة بعضهم حرجة.

واستهدف القصف الصاروخي الذي شنه حزب الله القيادة الشمالية والقاعدة الجوية في ميرون وقاعدة عسكرية في محيط مدينة صفد بالجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلة بما يسمى"إسرائيل".

وعقب ذلك بساعات جاء الرد الإسرائيلي بشن غارات مكثفة على عدة بلدات في جنوب لبنان منها مدينة النبطية في جبل عامل، أسفرت حتى الآن عن ارتقاء 4 شهداء وإصابة 11 آخرين من المدنيين.

من جهته، كأحد أشد أعضاء الكابينت تطرفاً، اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قصف حزب الله الموجع لمواقع عسكرية في صفد، "حرباً فعلية" يشنها الحزب على "إسرائيل" ودعا "للتخلي عن الفرضية المعمول بها حاليا في الشمال مع لبنان".

في دعوة منه لتغيير قواعد الاشتباك.. وقد تجلى ذلك من خلال طبيعة الرد الإسرائيلي الذي استهدف تجمعات سكنية في العمق اللبناني خلافاً لما كان دارجاً من قبل، وبالتالي ترك حالة التصعيد في تدحرج مفتوح كأحد أهم أهداف نتنياهو، حتى يتحرر من أزماته الداخلية.

فمنذ أكثر من أربعة أشهر والقصف المتبادل بين حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود في جنوب لبنان يتصاعد بحذر شديد، دون أن تتجاوز المواجهات الخطوط الحمر.

فهل ما حدث قبل أيام سيغير المعادلة أم ستتدخل على خط الأزمة عوامل تهدئة إقليمية؟ كون الطرفان يعانيان من أزمات خانقة.

ف"إسرائيل" غارقة في مستنقع غزة وتكابد للخروج من عنق الزجاجة، أما الأزمات في لبنان وعلى كافة الأصعدة فحدّث ولا حرج.

ولكن في حرب الإرادات فغالباً ما تهمش حسابات الربح والخسارة والسطوة فيها تكون للأهداف المعلنة.

فحزب الله -من جهته- ربط هدفه بإيقاف الحرب على غزة فيما ربطته "إسرائيل" بسحب قوات الرضوان إلى شمال الليطاني.

ما يعني أن قواعد الاشتباك الجديدة ستبنى على مبدأ هدفٍ بآخر شبيه.. على نحو: (مدينة بمدينة وإقليم بآخر…ألخ) في سلسلة أهداف متعاقبة "محتملة" حتى الذروة، أي: (بيروت مقابل تل أبيب).

ففي الحروب كل الاحتمالات ممكنة وخاصة أن التصعيد لن يتوقف وفق الأهداف اللبنانية إلا بتوقف الحرب على غزة.

أما بالنسبة لجيش الاحتلال فهو يحلم بدفع قوات الرضوان التابعة لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وفق ما طُرِحَ على طاولة المفاوضات بين الوسطاء الأوروبيين بالنيابة عن "إسرائيل" وحزب الله.

فهل دخلت المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في مرحلة عضِّ الأصابعِ بعد أن حُدِّدَتِ الأهداف؟ وكيف سيربط هذا التصعيدُ قواعدَ الاشتباك الجديدة ببنك الأهداف لدى الطرفين؟ أم أن قرار الحسم سيأتي من غزة التي أنهكت جيش الاحتلال بصمودها الإسطوري؟

أسئلة ورهانات باتت تقض المضاجع في الإقليم الذي يوشك أن ينجر لحرب إقليمة يأنف الجميع الاقتراب منها؛ إلا نتنياهو ومن ورائه اليمين الإسرائيلي المتعطش للدماء.

***

بقلم: بكر السباتين

15 فبراير 2924

لا شيء يبقى على حاله، لا الظلم ولا الأستبداد ولا الأنظمة القمعية أو الديكتاتورية، فهي إن لم تسقط بثورة، فسوف تسقط في حرب، أو في أزمة اقتصادية، أو بهيمنة تيارات أخرى عليها… لا شيء بَاقٍ على ما هو عليه.، ، من حادث المنصة، الي القصر الرئاسي، الي السجن، ومن السجن الي القبر، ما حدث منذ يناير 2011م في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من نفحات أمل بأن التغيير يأتي من الشعب ذاته، أملاً في المزيد من الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، والارتقاء بالإنسان وتحسين معيشته. هذه كلها كانت الهواجس التي دفعت بالملايين إلى الشوارع، بصدور عارية، واقفين أمام الدبابات وأجهزة الأمن، مؤمنين بما ينادون به، مات الكثير حتى اليوم، خصوصاً في البلدان التي تحولت فيها الثورة إلى صراع مسلح مع أنظمة قمعية، وميليشيات، وجيوش مستوردة أو حركات إسلامية متطرفة، من حدوث إبادات جماعية ومجازر، وقصف لا يزال ونحن نكتب هذه السطور مستمراً في العديد من المناطق.في ليبيا، وسوريا، واليمن، والسودان.

سؤال يتردد الأن بعد أكثر من عقد، ليته لم يكن..؟ هكذا نجرب كيف أن ثمن الحرية غالٍ.

ليكن كي لا تذهب كل هذه الدماء التي سالت هدراً، كي لا يذهب كل هذا الدمار هدراً، كي لا تذهب هذه المعاناة والتهجير والقسوة والألم هدراً… حتى تبلغ هذه الشعوب غايتها، الحرية والإنسان… ليكن.

لا تحكموا على الربيع العربي بعد مرور هذة سنوات. فالتخلص التام من أنظمة ديكتاتورية احتكرت السلطة لعقود زمنية طويلة مع احتضانها تيارات إسلامية لاستخدامها كفزاعة يحتاج إلى سنوات طويلة. ولكن البداية كانت حتمية والطريق نحو العدل والوعي والكرامة العربية طويل.كان الربيع العربي حلماً، كان الجميع يرقص فرحاً وهو يستمع للمحامي الیساري التونسي وهو يصرخ امام القصر الجمهوري في شوارع تونس العاصمة “بن علي هرب بن علي هرب”/ليردد أخر {لقد هرمنا ارحل } كانت طائرة زين العابدين في سماء تونس تنتظر مدرج للهبوط في "جدة "

وكانت طائرة أخري تستعد للإقلاع من مطار القاهرة الي/منتجع شرم الشيخ في سيناء /تحمل ديكتاتور أخر، وجماهير حاشدة تهتف تعلن من عاصمة المعز لدين اللة الفاطمي:

رایحین العصر الي القصر "كان إعلان بسقوط ديكتاتور وكانت لحظة فارقة ونادرة في تاريخنا العربي، أن نرى تحرر الشعب التونسي من الاستبداد، ثم يسقط بعد ذلك "حسني مبارك" وتصبح سوريا ملعب لتصفية حسابات دولية، (من يحارب من في سوريا).

ولم يستطع "اليمن" إكمال المسيرة، فجرى ما جرى، وحدث ما حدث في جميع دول الربيع العربي، وتغير المسار الديمقراطي، وفي البحرين تم إخمادها قبل إشتعالها، لم يتم التوصل لتسوية بين المعارضة والحكومة.

في المقابل تمددت الحركات الجهادية التكفيرية وانتشرت الطائفية ولغة الكراهية في الدول العربية، والقتل علي الهویة، ، وكان نتاج ذلك أكثر من ( 200 ألف قتيل وأكثر من 4 ملايين من اللاجئين) في حين لا يزال عشرات الآلاف في السجون.

ولكن على النقيض من ذلك، كانت الأمة العربية بحاجة لأن تصاب بصدمة وعي لكي تنتفض على الفكر الاستبدادي الذي لعب بمقدرات الأمة وسلب الشعوب من الحرية وأذاقها الظلم. تلك التضحيات والتاريخ الذي سيكتب عن الربيع العربي سيكون محفزاً للأجيال القادمة، وسيكون لها إرث نضالي تستمد منه قيم الحرية والعدالة، ويولّد لديها القدرة على الثورة مجدداً على الظلم. متى ستأتي اللحظة التاريخية المقبلة لثورة جديدة، لا أحد يمكنه تقدير ذلك، كما لم تستطع كل مراكز البحوث وأجهزة الاستخبارات التنبؤ بالربيع العربي القادم.

الربيع العربي لم ينتهِ، ولكن نحتاج لثقافه الوعي، لا لثقافة الفوضي والهدم والحروب الاهلية والبلطجة والصراعات علي الكراسي، فهو ليس فصلاً من فصول السنة. إنه تاريخ مشرق لهذه الأمة ويحق لها أن نتباهى به، ففي كل بلد قصة، وفي كل قصة ألف عبرة في صناعة التغيير والتعلم من تجارب الحياة.

ومع ذکري/ سقوط "مبارك " والثورات العربیة تنتظر كل الشعوب العربية للإحتفال بعيد الثورات العربية القادمة من حریة وکرامة إنسانیة وعدالة إجتماعیة”وان نتعلم مما سبقونا في دول لها تجارب في نفس المسار في شرق اوروبا وجنوب افريقيا ..!!

***

محمد سعد عبد اللطیف - کاتب وباحث، مصري

 

حدّث أيّوب بن أيّوب الغزّاوي، قال: وأمّا ما جرى في السابع من أكتوبر 2023 لميلاد المسيح عليه السلام، وللسنة السبعين عن النكبة الكبرى وفضيحة التقسيم، فأمر عجيب، لم يكن ينتظره عدوّ ولا صديق، و لم نقرأ عنه في كتب اليونان وصحائف الرومان، ولا فلسفة أرسطو وسقراط وأفلاطون ولا في قصص الف ليلة وليلة، ولا في إلياذة هوميروس ولا في كوميديا أليغري دانتي ولا في حكايات (بقديدش والغولة)*. فقد أصاب قوم الصهاينة العمى في الأبصار والبصائر، وتحقّق فيهم قوله تعالى: " وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (يس / 9) **. فكان مثلهم كمثل كفار قريش في مكّة في ليلة الهجرة المباركة. فقد حلّق شباب غزة فوق غلاف غزّة كطيور الأبابيل ورمت الصهاينة الغزاة (بحجارة من سجيل، فجعلتهم كعصف مأكول)***. لقد غزا شباب غزّة العزّة غزوتهم الكبرى، فعبروا جدارهم الأسمنتي، الشائك، المكهرب، المرصّع بعيون كاميرات المراقبة والجوسسة، فوجدوا قوما ظالمين، وفي لهوهم غارقين، فآسروا منهم خلقا كثيرا ؛ من الذكور والإناث، والكبار والصغار، وساقوهم إلى قلب غزّة صاغرين. وأخبروهم، أنّهم ضيوفهم إلى حين، وما ضربوهم ولا أهانوهم ولا عذّبوهم ولا نكلوا بهم، بل آووهم وأطعموهم وعالجوا جراحهم وأمّنوهم، كما أمّنوا أنفسهم، ودعوهم إلى الإسلام، دين المحبّة والسلام.

أمّا، وقد ادّعى كبراء قومهم، من الساسة السفهاء والعسكريين الرعان، بأن شباب غزّة العزّة، قد عذّبوا ونكّلوا وقتلوا وقطعوا رؤوس الأطفال من قوم الصهاينة، فهو محض كذب وافتراء وتلفيق وبكاء تماسيحي على حائط من سراب، وهو ممّا عُرف به الصهاينة، وتعوّد عليه اليهود منذ خليقتهم الأولى. غرضه استجلاب تعاطف الغرب الصليبي والشرق المجوسي وعطاياهم ومساعداتهم العسكريّة وولائهم السياسي الإعلامي. وقد حقّقوا مرادهم في ذلك، ووقف الغرب - المتخفّي وراء ستار الديمقراطيّة، والمتدثّر بغطاء حقوق الإنسان – مناصرا للظالم على المظلوم، وداعما للطغاة على المستضعفين، وظهيرا للصوص الحريّة والأرض على أبناء الوطن. وها نحن فريسة للإبادة الجماعيّة الفظيعة أمام أعين لا تبصر وآذان لا تسمع وألسنة معقودة، بكماء. أمّا الأعراب العاربة والمستعربة من أبناء العمومة والخؤولة، فقد سُقط بأيديهم، وتواروا عن الأنظار من وراء جدران الصمت تارة، والتنديد والاحتجاج في السرّ والعلن. كأنّهم أصيبوا في عقولهم أو مسّهم سحر بني رزيق في بئر ذروان. أو كبّلهم سحرة فرعون وسحر هاروت وماروت. وها نحن في غزّة يتضوّر أهلنا جوعا وعطشا وبردا. ولم نر في هذا الزمن الصليبي الديمقراطي جيشا، يسمّي نفسه " جيش الدفاع " يطلق نيران أسلحته الفتّاكة على الرضّع والخدّج والأطفال والنساء والمرضى والجرحى والمسنّين، وكأنّه يمارس هواية الرماية على أهداف من حجر أو خشب. إنّهم عصابات فاشيّة، سليلة أولئك الصليبيين الذين أبادوا (الهنود الحمر) (4) في أمريكا و(الأبورجيّون) (5) في أستراليا و (خوي خوي)(6) في إفريقيا عن بكرة أبيهم، دون رحمة أو شفقة أو ذرّة إنسانيّة.

بينا الأعراب قد استلذّوا النوم، فهم في سبات كسبات أهل الكهف. وأضاف أيّوب بن أيوب الغزّاوي: ولم توقظ أنّات الأطفال ولا صرخات النساء ضمائر الأعراب، ولم تحرّك لهم طائرة أو دبابة أو مدفعا أو بندقيّة عمريّة مختاريّة أو رشّاشا أوراسيّا أو خنجرا كخنجر سليمان الحلبي أو سيفا مسلولا خالديّا أو أيّوبيّا أو معتصميّا أو عصا موسويّة، فكأنّ دماء الغزّاويين ودموعهم وجراحهم وآلامهم لا شرف مراقا لهم فيها. وقد نسوا أو تناسوا أنّ الشرف لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم. لقد عرّت غزوة غزّة الأبيّة سوءات الأعراب العاربة والمستعربة، المطبّعة والممانِعة على حدّ سواء. وفضحت خطبهم العصماء وأبطلت أقوالهم الجرداء وسياساتهم العرجاء. وكم في بلاد الأعراب من المضحكات، ولكنّه ضحك كالبكاء. لقد سمع أهل غزّة أحدهم يرفع عقيرته على أحد منابر الخطابة – والأعراب جهابذة في الخطابة وفنّ اللغو - قائلا: نحن معك يا فسطلين. فابتسم للحنه اللغوي صبيّ من غزّة، وقال: بل فلسطين، يا أيّها المطبّع الأبله.

وختم أيّوب بن أيّوب الغزّاوي منظومة الكلام الوجيع في انتظار مولد الفجر الموعود والصباح المشهود، وحكمة أبي عبيدة الغزّاوي: وإنّه لجهاد، نصر أو استشهاد.

***

بقلم: علي فضيل العربي – روائي وناقد جزائري

....................

هامش:

1- الغولة وبقديدش: حكاية شعبيّة شهيرة متداولة في منطقة الظهرة بالجزائر.

2- الآية 9 من سورة يس.

3 - الآيتان 4 /5 سورة الفيل

4 - سكان أمريكا الأصليين

5 - سكان أستراليا الأصليين

6 - سكان إفريقيا الأصليين

نكتب ونخطب ونؤلف متوهمين بأن الشعب موجود والسيادة قائمة، ونتناسى أن الشعب مختصر بفرد أو بضعة أفراد، والسيادة لا وجود لها، لأن معظم دولنا تحت الإستعمار بأنواعه المباشرة والغير مباشرة، والتي تطورت في عصرنا الفتاك ، وأصبحت من ضرورات الحفاظ على قوائم الكراسي.

ولأننا نتجاهل هذه الحقيقة المريرة، فما تجود به الأقلام والألسن مجرد هذيان، لا أثر له في واقع متصور وغير موجود أصلا، فنحن نعيش عوالم خرافية تنافي الحقيقة ومنطلقات العقل.

فواحدنا منهمك بحشو السطور وتأليف الكتب، ظنا منه بأنه يقدم شيئا نافعا للشعب، وما تساءل:

هل يوجد شعب؟

هل توجد سيادة؟

إن غياب الشعب له دوره المروع في صناعة التداعيات المريرة التي تعاني منها مجتمعاتنا.

فالشعب أرقام أو موجودات خاملة مكدسة في أوعية السمع والطاعة، والمدجنة في أقبية التبعية والخنوع، والمثمولة بخمور الأدينة التي تنوّمها، ولا تسمح لها باليقظة وتفعيل العقل، لأنه من الجرائم الكبرى والآثام العظمى.

فعندما تتعطل العقول، ينتفي الشعب، وحينما يكون القرار بقبضة طاغية فردية أو فئوية، فالشعب رقم على يسار القوة المفترسة لوجوده.

أما القول بأن السيادة قائمة فضرب من الهذيان، فأنظمة حكم دولنا لا تمتلك حق تقرير مصيرها، وعليها أن تنفذ لحين بلوغها سن الإنتفاء لحاجتها، لتسقط في أهون قاع!!

و"لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يُراق على جوانبه الدم"

***

د. صادق السامرائي

 

تصاعدت عمليات الاختفاء القسري وما يعقبها من إعدامات في ضوء استمرار الإبادة الجماعية في غزة. وما إصرار جيش الاحتلال على إبقاء المعتقلين رهن الإخفاء إلا نيته في تنفيذ المزيد من التعذيب بحقهم، حيث رفض الجيش تزويد المؤسسات الحقوقية التي تطالب بالكشف عن مصيرهم وأماكن تواجدهم.

غير أن بعض ما حصل مع هؤلاء المعتقلين أخبر عنه من أفرج عنهم بعد أسابيع من اعتقالهم. حيث تحدثوا عن التنكيل والتعذيب الذي تعرضوا له أثناء مدة اعتقالهم. لكن عدد غير قليل ممن لم يظهروا كانت قد طالتهم يد الغدر فنفذت بهم عمليات القتل. فقد اكتُشفت مقبرة جماعية في شمال قطاع غزة تضم ما يزيد عن ٣٠ جثة متحللة، تم قتلهم وهم معصوبوا الأعين ومكبلي الأيدي.

وما هذه المقبرة إلا غيض من فيض من الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة ودول الشيطان وخنوع العرب ومباركة من اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها وقوانين منظمات حقوق الإنسان.

لكن لا ضير في كل جريمة حرب أن نذكر ما نصت عليه هذه الاتفاقيات والقوانين التي بات الجميع يعلم زيفها وكذبها.

حيث يعتبر الاختفاء القسري في القانون الدولي معقد فهو يشمل مجموعة من جرائم الحرب المنفصلة أولها - الاعتقال غير الشرعي وقد تناولته في مقال سابق.

أما ثاني هذه الجرائم فهو - الحبس وثالثها - جريمة القتل"الإعدام غير الشرعي".

وهنا فإن عملية الاختفاء ما هي إلا اعتقال شخص ما بسرية بحيث لا يسمح بأي نوع من الاتصالات مع العالم الخارجي وقد يشمل اختفاؤه التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وقد ينتهي الأمر به إلى القتل.

وينص القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالمرحلة الأولى"الاعتقال" "أن على السلطات أن لا تقوم باعتقالات تعسفية، ويجب أن تستند إلى أسس قانونية سليمة عندما تحتجز شخصا وتبقيه لديها ضد إرادته".

أما بالنسبة للجريمة الثانية "الحبس" فينص البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف على أن للشخص حالما يتم احتجازه حق المعاملة الإنسانية من ضمنها حق إرسال رسائل وتلقيها وأن لا يجبر على اعتراف بالإضافة إلى أمور أخرى.

أما الجريمة الثالثة فهي جريمة التعذيب التي قد تصل إلى القتل وهو أمر غير قانوني أيضا. ويعتبر نظام محكمة الجنايات الدولية الأساسي الصادر في روما عام ١٩٩٨ بصراحة على أن " الاختفاء القسري للأشخاص ..جريمة إنسانية إذا ارتكب بشكل واسع ومنظم".

وفي غزة لا استثناء في حالات الاختفاء القسري، فالرجال والنساء والأطفال جميعهم تعرضوا لمثل هذه الممارسة.

وغالبا ما تستخدم دولة الاحتلال جريمة مثل هذه كاستراتيجية لنشر الرعب في غزة.

***

بديعة النعيمي

مفردات السلوك البشري ومنذ الأزل لم تتبدل، والذي حصل أن أساليب التعبير عنها تفاعلت مع مكانها وزمانها، فالبشر محكوم بأمّارة السوء التي فيه، وقد تصدت لها الأديان، وحاول ترويضها المصلحون والمفكرون، ومعظمهم باؤوا بفشل كبير.

لو أخذنا أي سلوك لتبين أن جذوره ضاربة في الماضي البعيد جدا، وما يميزه أنه إرتدى أزياء عصره، وتوشح ببراقع مكانه.

والحقيقة المريرة أن الغابية تهيمن على التفاعلات البشرية، وإن بدت بوجه ما، فالقوي دوما يفترس الضعيف، ويفرض إرادته عليه، ويرغمه على ما يريده منه.

وهذه المفردات تتجلى بوضوح ساطع في التفاعلات الحاصلة بين الدول، وتكون في المجتمعات، ويتحقق تغذيتها وتطويرها والإستثمار فيها لإفتراس أي مجتمع.

ولا يوجد سلوك بشري تجسد في سابق الأزمان وإختفى، وإنما تواصل بأساليب معاصرة قد تنطلي على المغفلين، ويتوهم الكثيرون بأن ما يحصل لا يمت بصلة لما كان فاعلا في المجتمعات البشرية.

فالقوة سلطان وعدل وقانون في جميع الأزمان، والبشر يميل إلى الإستحواذ على الأموال، وتعزيز رغباته ونوازعه المطمورة أنى توفرت له الفرصة، وتحرر من الرقيب.

فلا يوجد قوي يرأف بضعيف، كما لا يوجد أسد يرأف بغزالة تمكن منها.

الإستعباد متواصل، والعدوان قائم والحروب لا تنتهي، والسلام أوهام، وبإمتلاك البشر لأدوات متطورة للتعبير عن شراسته، فأنه سيستخدمها للقضاء على بني نوعه بوقاحة، ويعتبر ذلك فخرا وفيه نشوة النصر والشعور بالقوة والهيمنة والإقتدار.

والفقر لا يمكن التخلص منه، وما أكثر الفقراء والمساكين على مدى العصور، وما أفظع إستخدام العقائد والأديان للنيل من الآخر، بعد توصيفه بما يبرر محقه.

فالتراب تراب، وما ينتجه من طبعه الجذاب!!

و"الطبع شيئ قديم لا يُحس به...وعادة المرء تُدعى طبعه الثاني"

و"النفس تطمع والأسباب عاجزة... والنفس تهلك بين اليأس والطمع"

***

د. صادق السامرائي

 

ماذا فعل الإسرائيليون  للتغطية على الهالة الإعلامية الضخمة التي أحدثها كمين المقاومة المركب في عبسان وقد فاجأت به جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب شرق خان يونس وفق ما نشرته وسائل إعلام عبرية -TRT عربي- متسبباً بسقوط نحو 11 قتيلاً، فيما استغرق نقل القتلى والجرحى ساعات.

وللخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه المقاومة في كمينها المحكم قبل الهجوم الإسرائيلي على رفح، فقد اجتمع كما يبدو قادة الكابينت الإسرائيلي بقادة الجيش السيبراني، وخبراء ألعاب الأتاري والأكشن-وفق تخيلي للمشهد المتواري- لبناء قصة مقبولة تجمع ما بين الممكن والخيال في سياق فلم يرقى إلى مستوى الفبركة الهوليوودية.. فهل نجحوا في ذلك؟

إذْ تمخضت هذه الجهود المضنية عن إعلان جيش الاحتال الإسرائيلي في أن أحدى الفرق العسكرية الإسرائيلية الخاصة من الملثمين، نجحت في تحرير! أسيرين إسرائيليين طاعنين في السن، كانا لدى المقاومة الفلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة، خلال عملية عسكرية ليلية، تزامنت مع قصف عنيف على المدينة أسفر عن ارتقاء 63 "شهيداً "فلسطينياً على الأقل -بينهم أطفال كدأب الاحتلال في كل عملياته- وإصابة عشرات آخرين.

يأتي ذلك في حصادٍ يُدْرَجُ في سياق بطولات هذه الجيش "المنكسر" الذي لم يجد إلا الإبادة البشرية كعنوان لبطولاته "الخرقاء".

من جهته وصف معدُّ السيناريو والحوار، نتنياهو، العمليةَ بالاستثنائيةِ في تاريخ "إسرائيل" متجاهلاً المرور بأبشع الجرائم التي اقترفها هذا الجيش وقد سقط عن وجهه قناع الهيبة لتتبدى فيه ملامح الخوف ورهاب المستقبل المجهول.

ووفقاً لرواية نتنياهو الركيكة، فقد استعان جيش الاحتلال الإسرائيلي لتحرير الأسيرين بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة الأساسية، سواء كانت الموساد أو جهاز الأمن العام (الشاباك)، بالإضافة إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، - وربما إلى جانب ذلك شاركت شخصيات خارقة هوليوودية مثل باتمان وسوبر مان وغيرهما.

ولا أعتقد بأن جاكي شان كان من بين المشاركين لأصوله الصينية (!!!) .

فلا بأس! إذْ أن جميع تلك الأجهزة كانت قد أثبتت فشلها الذريع المذل في طوافان الأقصى يوم 10 أكتوبر الماضي.

ويبدو أن نتنياهو قد وجد في هذا الفلم المضلل ما يساعد قادة الكابينت على استعادة هيبتهم، ويحصنهم من النقد، ويفعّل الأجهزة الأمنية الفاشلة لوجستياً باقتدار في العمليات الميدانية العسكرية؛ كي يحقق نتنياهو عنصر الضغط اللازم على المقاومة حول موضوع "الرهائن" الإسرائيليين لدى حماس.

من جهتها فإن حماس ومعها فصائل المقاومة التي تجمعها غرفة عمليات مشتركة، تدرك تفاصل اللعبة ومغزاها، والتي تتلخص في محاولة نتنياهو اليائسة للحصول على فرصة إطالة أمد الحرب؛ كي يخرج من عنق الزجاجة على صعيدين داخلي وخارجي، من أجل كسب المزيد من أوراق الضغط على حماس التي تتحكم بمجريات الحرب وهي متمركزة تحت الأرض وتتنفس تحت أقدام جيش الاحتلال كأنها بركان.

مع أن الحملة الإعلامية الإسرائيلية الأضخم التي يقودها نتنياهو بنفسه حول العملية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك؛ بأن الورطة التي وقع فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي "القوي" كبيرة والحملة مضللة.

إذْ يحدث كل ذلك لمجرد أن قوات خاصة من جيش الاحتلال إدّعت بإنقاذ أسيرين فقط من "براثن" المقاومة (!!).

ما هذا التردي الذي وصل إليه جيش كان قبل "طوفان الأقصى" يصف نفسه ب"الجيش الذي لا يقهر".

الا يثبت هذا بأن باتمان وابن عمه سوبرمان هما من المقاومة خلافاً لأوهام الممثل الفاشل نتنياهو؟

ليكتشف القاصي والداني -أخيراً- سر هذه الفبركة حيث أن حبل الكذب أقصر مما يعتقد قادة الكابينت الإسرائيلي.

استمعوا إلى تعقيب القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان في مؤتمر صحفي عقده ببيروت، على هذه الفنتازيا البائسة حيث كان بطلها نتنياهو الذي ملأ وجهه بالمساحيق الوردية مداراة لخيبته:

" إن روايات صحفية ميدانية تؤكد أن الأسيرين الإسرائيليين اللذين زعم الاحتلال تحريرهما في مخيم الشابورة برفح جنوبي قطاع غزة لم يكونا في حوزة الحركة وإنما لدى عائلة مدنية". مؤكدا على ضرورة انتظار رواية المقاومة عن الحادثة.

فالرواية الإسرائيلية تجاوزت هوليوود في خيالها غير المنضبط على إيقاعات الواقع.

وأضاف حمدان -الجزيرة نت- "بأن تسويق وتضخيم ما حدث في ظل ما يواجهه جيش الاحتلال من انكسارات ومقاومة في مختلف محاور القتال يأتيان في إطار البحث عن إنجاز مفقود في مواجهة المقاومة، ومحاولة مفضوحة لرفع الروح المعنوية المنهارة لجيش الاحتلال وجنوده".

وأخيراً فإن فشل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية في تحقيق أهداف نتنياهو، حَوَّلَ الكابينت إلى مؤسسةٍ بائسة لإنتاج الأفلام المفبركة الفاشلة؛ بغية انتاج قصص وهمية لنصر مزعوم، ومن ثم توزيعه مجاناً في السوق الإسرائيلية الضيقة والعالم الذي بات لا يثق بالسردية الإسرائيلية المضللة.

الإسرائيليون من جهتهم لم يعودوا قادرين على تجرّع هذه الأكاذيب، فلم يجدوا ضالتهم إلا عند أصحاب "المثلث الأحمر الشهير" الذي يتحكم به الإعلام العسكري للمقاومة، كونه يمتلك الحقيقة الموثقة، في حرب عمياء طال أمدها.. وأزالت كل الأقنعة عن وجوه قادة الاحتلال الإسرائيلي -وحلفائه الإقليميين- الذين أصابهم الخوف على مصير كيانهم الزائل، في حرب إرادات لا يفك سرّها إلا أصحاب الحق المتمثل بالمقاومة.

***

بقلم: بكر السباتين

14 فبراير 2024

 

أنه عملٌ احترافيٌ موجه وليست صيرورة اجتماعية، لأن حركة المجتمع الطبيعية مرتكزة علىٰ تحقيق المصلحة العامة، بمعنى أن العوامل الاجتماعية المؤثرة في صناعة محتوى اجتماعي تعمل بدوافع المصلحة العامة دون النظر إلى حدوث ضررا خاصا، لذلك تجد مثلا في العراق في مرحلة من المراحل كانت تقام مجالس التأبين للميت لمدة أسبوع تقدم فيها مآدب الطعام يوميا للمعزين مما يُحَّمل كاهل اهل الفقيد حِملا ثقيلا. على مستوى الجهد النفسي والبدني وكذلك على مستوى النفقات، ولكن هل كان من الممكن لأحد أن يتخذ قرارا بمنع تلك التقاليد رغم إقرار الناس بأنها غير معقولة لذلك تكفلت العوامل الموضوعية التي تصنع تصورا عاما جديدا بتغيير تلك المفاهيم تدريجيا دون الحاجة إلى تدخل صارم يشبه التداخل الجراحي، لذلك ستجد أن السبعة ايام تحولت إلى ثلاثة ومآدب الطعام تحولت إلى مأدبة طعام واحدة في اليوم الأخير ومن ثم الثلاثة أيام أصبحت يومان وفي حالات كثيرة يوما واحدا وصلى الله وبارك، على ان هذه المتغيرات تحدث في مجالات لاحصر لها دون أن نشعر بها شعورا صارخا يؤجج حالة الرفض النفسي، في الواقع أنها تشبه عملية انتخاب يقوم بها المجتمع لافضل الخيارات المتاحة والتي تؤدي في النهاية إلى تقليص الأضرار وتعظيم الفوائد، من هنا فإن أي تطور أو تحول دراماتيكي لايدخل ضمن هذا الفهم انما هو مُنتج اصطناعي مدفوع بعوامل مصطنعة يراد منها إحداث ضررا عاما وتحقيق مصلحة خاصة لأن التحولات الاجتماعية الطبيعية تأخذ منحىٰ انسيابي يستغرق  وقتاً طويلاً نسبيا ولايُحدِث ضوضاء لأنها تحدث تدريجيا دون أن تخلق قبولا أو رفضا، اذن كيف يكون ممكنا أن تصطنع مرحلة جديدة من خارج السياق الاجتماعي الطبيعي !؟

اول الأمر أن ترمي حصاةً في الماء

لاحظ أن من يرمي حصاةً في الماء الراكد يعرف جيدا أن هذه الحصاة لن  تحدث تغييرا كبيرا أو مباشرا على طبيعة الماء ولكنها بالتأكيد ستنتج.

حركة ولو بسيطة، اذن فأن المطلوب دائما أن يكون المتغير الاجتماعي المصطنع مسبوق بحصاة تُرمى في الماء الراكد أو لنقل أنها عملية تحريك المُستقِر الاجتماعي وخلق حركة متعاقبة من الأمواج بفعل فاعل

الجينز المُمزق بين ليفي ولافي

لا أدري كيف تصادف هذا التشابه في الأسماء بين مخترع بنطال الجينز  (ليفي شتراوس) المولود في المانيا 1829 والمهاجر إلى أمريكا رفقة والدته وشقيقتيه 1847 وبين مصممة وعارضة الازياء (ميشيل لافي) المولودة في فرنسا 1944 وهي ماسونية من عبدة الشيطان والمتزوجة من مصصم الازياء الأمريكي الثري (ريك اوينز) والتي حولت اختراع ليفي شتراوس شراكة مع الخياط (جاكوب) الذي تم تصميمه بدوافع اقتصادية ربحية يحمل في طياته مغزى انساني وهو خدمة عمال المناجم بسبب قوة تحمل نوعية القماش للأعمال الشاقة بعد مرحلة طويلة من استخدام الخيش «قماش مصنوع من القنب» يتميز بالمتانة وقوة التحمل يسمى في العراق بـ [الجُنفاص] عن أصلها الانجليزي: [canvas]: حيث حولته هذه الشيطانة إلى مشروع اقتصادي اخر يحمل في طياته مغزى  يتناسب مع توجهاتها الشيطانية فكان أن أطلقت تلك الحصىٰ الشيطانية في بِركَة المجتمع المستقر على حدود الصيرورة الطبيعية حيث لم يكن مُتصَورا لأحد أن يمشي في الشارع ببنطال ممزق الا إن كان باليا يستر به فقره أو أنه قد قُدَ من شائك عَرَضاً، ! حيث ستكون ردة الفعل الطبيعية أن تشعر بالحرج من أن يرى أحد ماحصل لبنطالك من عطب لتضع يدك على موضع التلف لا إراديا ومن ثم قد تُسرع الى أقرب مكان يمكنك فيه معالجة الأمر أو استبداله بملبس لائق قبل أن يشاهدك أحد، هذا ماحصل عندما تجرأت أو تجرأ اول انسان على مخالفة الطبع البشري ليرتدي ملابس لم تكن بالية ولا قُدت من دُبرٍ ولا قُدت من قُبُل بحجر حاد في مناجم الذهب ولكنه فقط التدخل على الشأن الاجتماعي لإحداث مُتغير اجتماعي قسري ينتج عنه خلايا سرطانية انشطارية تشبه ماينتج عن ارتداد الأمواج من أثر رمي الحصى من زبد ومايحمله من نفايات إلى حافة الشاطئ، من الطبيعي أن مشاهدة رجل أو امرأة في الشارع بملابس ممزقة من دون علة سيكون مُستغربا ومستنكرا ومستهجنا في بادئ الأمر ولكن ذلك الاستنكار والاستغراب لن يستمر طويلا قبل أن تعتاد العين على هذا المشهد الغريب ومن ثم بتكرار  انطباع هذه الصورة في بؤرة العين تبدأ مرحلة الاعتياد ومن ثم  يتحول الاستنكار إلى استفسار عن المغزى من ذلك ومن ثم استحسان البعض ممن يختزن في نفسه طبعا لايستطيع البوح به لأنه طبع يخالف السائد ومن هنا ستبدأ نقطة شروع اجتماعية موازية لتدخل في صراع فكري لنسف الحركة الطبيعية للتحولات الاجتماعية واستبدالها بتحولات ليست طبيعية وانما هي انتقالات سريعة تدار من أفراد وجهات وفق سيناريوهات ترتكز على تحقيق المصالح الخاصة ثمنها تدمير التعاقب الزمني المنضبط للأمواج بافتعال إعصار يضرب البنى التحتية الاجتماعية المرتكزة على محورية الطبع البشري في مايُعقل وما لايُعقل من السلوك الخاص والعام ..

***

فاضل الجاروش

الفلسطينيون حتى مع وقوعهم تحت الاحتلال ومقاومتهم وصمودهم منقطع النظير ليسوا ملائكة، فهم شعب كبقية الشعوب وخصوصاً العربية، فيهم ما فيها من مكونات وشرائح وسلوكيات اجتماعية، فيهم الغني والفقير والجاهل والمتعلم، وفيهم المناضل الشريف وفيهم الوضيع واللص والمرتشي، وفيهم الوطني الفدائي المقاتل والعلماني والاسلاموي الخ.

لذلك فمن غير المقبول والمفهوم لبعض العرب محاسبة عموم الفلسطينين و اتخاذ موقف سلبي من قضيتهم الوطنية اعتماداً على وجود تجاوزات أو ممارسات خاطئة من بعضهم.

كما أن وجود خلافات سياسية بين الأنظمة السياسية والجماعات الإسلاموية لا يبرر موقفها السلبي بل والمتواطئ مع الاحتلال مما يجري في فلسطين وغزة تحديداً، بذريعة أن الحرب في غزة ضد حركة حماس و انتصار هذه الأخيرة انتصار للإسلام السياسي الذي يهدد أنظمتهم.

***

ابراهيم أبراش

 

خلال الحرب على غزة اعتقل جيش الاحتلال مئات الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من القطاع وسط الجوع والعطش والبرد. وفي معتقلات خالية من الإنسانية مثل الواقع في منطقة زيكيم وسجن النقب يتعرض هؤلاء المعتقلين للتنكيل فمن الضرب بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء إلى صبّ الماء الساخن على رؤوسهم بحضور متفرجين مدنيين يهود قاموا بتصوير هذه المشاهد بكل متعة على جوالاتهم النقالة. كما شارك هؤلاء المتفرجون بدور آخر بالإضافة إلى المشاهدة والتصوير والتشفي، بتعرية المعتقلين وتعريضهم للعذاب بشكل علني.

وقد تبجح جيش الاحتلال بأن سبب هذا الاعتقال هو التحقق إذا ما كان بعضهم من مسلحي حماس أو نشطاء منها. وحتى لو افترضنا أن هؤلاء المعتقلين مسلحين أو معادين يظل القانون يتطلب معايير معينة،  تبدأ بمعايير المادة السابعة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تضمن لهم الحماية والمعاملة الإنسانية سواء كان من حيث تأمينهم بالطعام والشراب والنوم الكافي،  هذا في حال كما قلنا أنهم مسلحين. فكيف ونحن أمام اعتقال مدنيين لا علاقة لهم بالسلاح؟

ومن هنا فالمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع بما يخص المعتقلين المدنيين،  تنص على أنه " يجب معاملتهم معاملة إنسانية دون تمييز يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد" كما تحظر المادة الثالثة " الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية أو التعذيب".

لكن أين هذه المواد من كل ما حصل ويحصل إلى الآن مع سكان القطاع وصولا إلى الأطباء؟ فها هو الطبيب سعيد عبد الرحمن يعتقل من المستشفى الأهلي من قبل قوات العدو التي اقتحمت المستشفى وحجزت الطبيب لمدة ٤٥ يوما حيث قامت بتكبيل يديه وساقيه وعصب عينية طوال فترة اعتقاله. ويقول الطبيب أن سجانيه أمروه بالنوم في أماكن مغطاة بالحصى دون فراش ووسط موسيقى صاخبة.

كما أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية بتاريخ ٢٣/نوفمبر/٢٠٢٣ فوقع فريسة للتعذيب الوحشي حيث حرم من النوم وتعرض للإهانة بإجباره على المشي على أطرافه وقاموا بتكسير يديه وقدميه كل هذا لأنه رفض تسجيل فيديو يتهم المقاومة باستخدام المستشفى كمقر عسكري.

فما الأسباب التي تدفع دولة الاحتلال إلى اعتقال مدنيين لا ضرورة لاعتقالهم، فهم لم يتجسسوا ولم يتسببوا بتهديد أمن دولة الظلم هم فقط نزحوا من منطقة إلى أخرى في القطاع بحثا عن مكان آمن. فأين محاكم العهر واتفاقيات الكذب من كل جرائم الحرب البشعة التي ترتكب في غزة؟.

***

بديعة النعيمي

لحسن الحظ ان الدول الكبرى التي تتحكم بالعالم، لاتستطيع دائماً ان تُلقي بالنتائج السيئة لممارساتها على عاتق شعوب العالم الثالث الفقيرة والضعيفة، بل ان بعضها واكثرها خطورة يصيبها هي ايضاً !!

فعندما تتصرف بعناد مع بعضها في قضية التلوث وكل منها يرفض تخفيض الانبعاثات بحجة ان الآخر لايخفض كما ينبغي فأن تلوث الماء والهواء وارتفاع حرارة الكوكب سوف تصيبها وتصيب شعوبها وتفسد حياتها مثل بقية دول العالم.

تجاربها النووية القديمة على الارض وفي البحار سببت تلوثاً لايمكن السيطرة عليه وانتقل الى مياه العالم وهوائه ووصل تلك الدول شأنها شأن غيرها..

طمرها للاسلحة الكيميائية والنفايات النووية في البحر، سوف يرتد عليها في يومٍ ما .

احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة بين الدول الكبرى تهدد بفناء البشرية، سوف يبيد سكان تلك الدول..ايضاً !!

سكان الدول الكبرى يتمتعون بحياة ذات مستوى عالٍ  وهم لذلك يتمسكون بحياتهم ويخافون من فقدانها، في حين ان معظم سكان العالم النامي الفقير قد يتمنون الموت بسبب تعاسة حياتهم..

الدول الكبرى تطبع وتُصدِر النقود كما تشاء وتجبر العالم على قبولها، وتخلق موجات من التضخم تتأثر هي بها قبل غيرها

وتدفع ثمن سياساتها الاقتصادية الانانية..

حتى دعم تلك الدول للعصابات الدولية وجماعات الجريمة المنظمة من اجل تحقيق غايات استخبارية تستفيد منها تلك الدول، سوف ينعكس على تلك الدول من خلال نشاط تلك العصابات في تهريب المخدرات والاسلحة وغيرها من النشاطات الاجرامية.

مثال على ذلك اطلاق سراح القوات الامريكية خلال الحرب العالمية الثانية لافراد المافيا الذي احتجزهم موسوليني وكاد ان يقضي عليهم، وذلك مقابل مساعدة الجيش الامريكي في تتبع الموالين لموسوليني وقيادتهم الى اوكار اولئك الموالين.

وبعد ذلك توسعت نشاطات المافيا الى الحدود التي نعرفها.

الحياة تخضع لقوانين موضوعية لايستطيعون السيطرة عليها وتوجيهها.

***

د.صلاح حزام

صادقت حكومة الحرب الإسرائيلية (كابنيت) على قرار اقتحام رفح بغية السيطرة على محور فلديلفيا، وتهجير اللاجئين القسري إلى سيناء -رغم الرفض المصري- والقضاء على كتائب القسام الأربع في جنوب القطاع.

العملية لن تكون سهلة؛ لوجود أكثر من مليون ونصف لاجئ فلسطيني يتعرضون لخطر الإبادة، ما سيعرض العملية برمتها للإدانة الدولية.

يأتي ذلك خلافاً لرؤية نتنياهو ومن ورائه اليمين المتطرف في الحكومة، في أن العائق البشري هو أهم أوراق الضغط على المقاومة، متوهماً بأن حماس تتمترس خلف هذه المجاميع البشرية. مع أنه يدرك تماماً بأن التلاحم بين المقاومة والشعب في غزة مصير مشترك أثبتته الشواهد.

من جهتها تتنصل أمريكا من العملية دون أن تعمل على وقفها ربما لغايات انتخابية، بينما تقوم مع 14 دولة أوروبية على وقف الدعم للأونروا التي تشكل عصب الحياة لقطاع غزة المحاصر من العدو والصديق.

وكما يبدو فإن نتنياهو يلعب يائساً بآخر أوراقه من خلال محاولة نقل الأزمة إلى مصر بترحيل اللاجئين القسري من رفح إلى سيناء في ظلِّ غياب موقف عربيّ موحد؛ لكنه ومن باب الحيطة والحذر فقد ترك نتنياهو باب المفاوضات بشأن تعديلات حماس على مقترح الهدنة الأخير الذي رفضه مبدئياً، موارباً، كملجئ أخير؛ بغية الخروج من مستنقع غزة، إذا ما وجد نفسه في نفق مغلق عديم الجدوى.

وكأن الهجوم على رفح الذي بدأ شرساً منذ أيام، سيكون أمل نتنياهو الأخير في نصر موهوم يبدو للخبراء والمراقبين عبر العالم مستحيلا.

بالنسبة لنتنياهو فهو لا يكترث بالضحايا من الفلسطينيين الذين عربد شيطانه في دمائهم من شمال القطاع حتى جنوبه منذ بداية الحرب، لولا الاختلاف الشكلي حول توقيت الهجوم وتوخي الحذر إزاء قرار المحكمة الدولية الذي يدين "إسرائيل" ويطالبها بتطبيق إجراءات السلامة التي تحافظ على الفلسطينيين في القطاع أثناء الهجوم.

وقد حصل الانقسام داخل الكابينت بعد الكمين المركب الذي نفذته المقاومة الموحدة يوم أمس، الأحد، ضد جيش الاحتلال جنوب شرق خان يونس، حيث تضمن عدة رسائل كان من شأنها أن تخلط الأوراق في وجه الكابينت الإسرائيلي، وقد نجم عنه عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، بدلالة ما نشرته هيئة البث الإسرائيلي الرسمي في أن "عملية نقل المصابين إلى المستشفيات الإسرائيلية استمر لساعات".

فعلى صعيد داخلي أججت العملية النوعية الخلافات في الكابينت الإسرائيلي وتشعبت الآراء -وفق الإعلام العبري- ما بين الهجوم المباشر على رفح دون الاكتراث بالمجاميع البشرية التي دفع بها الاحتلال من خلال ممارسة التطهير العرقي في عموم القطاع المدمر، إلى المخيمات في رفح وخان يونس.

أو الهجوم على رفح؛ مع توخي الحذر- ظاهرياً- انسجاماً مع قرارات المحكمة الدولية وموقف جو بايدن الأخير إزاء الإجراءات التي تؤمن سلامة الفلسطينيين مع وقوفه إلى جانب "إسرائيل" في ذلك الهجوم المدعوم أمريكياً بالمال والسلاح.

ويحاول جيش الاحتلال من خلال هجومه على رفح تحرير الرهائن الإسرائيليين الذيْن قُتِلَ اثنان منهم وفق بيانات المقاومة الأخيرة.. يأتي ذلك من باب التسويق الداخلي أو تجنب تعريضهم للخطر بغية تهدئة الراي العام الإسرائيلي.

ناهيك عن إنهاء الحرب بعد اجتثاث حماس من خلال تفكيك كتائب القسام الأربع العاملة بفاعلية في منطقة العمليات الجنوبية ( رفح وخان يونس).

أما بالنسبة للتسويق الخارجي فضرورة التوافق مع رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك من خلال التأكد قبل التخطيط للهجوم على رفح من سلامة البشر؛ لأن غزة باتت تؤثر سلبياً على بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، على نحو ما جرى مؤخراً في ولاية جورجيا حيث أصدر السود الأمريكيون (يشكلون ثلث سكان الولاية) بياناً يؤيد إيقاف الدعم لجيش الاحتلال الإسرائيلي مقابل دعمهم المفتوح للديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.

وكانت الولاية قد الغت في وقت سابق، تشريعا يدين حركة المقاطعة ل"إسرائيل" (BDS) وفق موقع "ميدل إيست آي" الإخباري البريطاني.

إلى جانب ذلك تملص "إسرائيل"من ضغوطات مجلس الأمن حيث أوقف الفيتو الأمريكيُّ المقترحَ الجزائريَّ بشأن "التدابير المؤقتة" التي طلبها قرار محكمة الجنايات الدولية، من "إسرائيل" التي أدينت لارتكابها إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.

طبعاً الكابينت الذي هزئ من القرار الدولي سيلجأ للطرق الملتوية والتضليل الإعلامي لتسويق إجراءات جيش الاحتلال التضليلية. التي لن تحجب جرائمه في خان يونس ومستشفى النصر يوم أمس.

وكما ذكرنا آنفاً فقد تعرض جيش الاحتلال لكمين نوعي نفذته فصائل المقاومة الموحدة في جنوب شرق رفح ضد جيش الاحتلال وإصابة أعداد كبيرة من من الجنود ما بين قتيل وجريح، حيث استمر نقل المصابين (قتلى وجرحى) في غضون ساعات عن طريق المروحيات.. ويبدو أن الكمين-وفق تقديرات خبراء عسكريين- تنوع ما بين تفجير مبنى يستحكم به جنود إسرائيليون ومحاصرة قوات أخرى إلى جانب استدراج عدد غير محدد منهم إلى نفق مفخخ تم تفجيره؟

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن "الجيش قد يصدر توضيحاً بخصوص ما جرى في خان يونس ".

طبعاً البيان الإسرائيلي المنتظر سيحتوي على أخبار مضللة كدأب ما يفعله الإعلام الإسرائيلي إزاء هزائم جيش الاحتلال، الذي يتعرض لحرب استنزاف تتواجه في أتونها العقول والإرادات، حيث تميل كفتها وفق الشواهد والبيانا إلى المقاومة.

وكانت حركة حماس وبالنيابة عن فصائل المقاومة في غزة قد ردت على مقترح الهدنة الفرنسي القطري المصري من خلال إجراء بعض التعديلات للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على 3 مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما، وتشمل: التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى، وإنهاء الحصار، وإعادة الإعمار.

وهي تعديلات رفضها نتنياهو فيما ترك الباب موارباً حتى لا يفقد الأمل في مخرج له من مأزق غزة الخانق.

وقد وضع نتنياهو كل أوراقه  في "سلة" الهجوم على رفح؛ ولكن المقاومة فاجأته بالكمين الذي صدم قيادة الكابينت وبعثر الأوراق في وجهها المربد المكفهر.. هذا ديدن حرب الإرادات التي لا ينهزم فيها صاحب الحق حينما يختار طريقه بثبات.

***

بقلم بكر السباتين

13 فبراير 2024

إلحقونا وَقَعَ عليها مليون مواطن محاصرين الآن في منطقة رفح الفلسطينية. ليست عريضة/ كتبها "محمد افندي في فيلم الارض"، وليست عريضة وَقَعَ عليها أكثر من نصف مليون مُشجع لكرة القدم من العراقيين في نهائيات كأس آسيا، ضد صفارة الحكم الايراني الذي يحمل الجنسية الاسترالية، إنها صفارات الإنذار الآخير قبل المذبحة،، عريضة وصلتنا لنشرها في الصحف باللغتين العربية والانجليزية، الي كل ضمائر العالم إستغاثة/

نحن الموقعون أدناه. والذين تزيد أعدادنا على المليون نازح ومشرد في الخيام والشوارع في مدينة {رفح} المدينة الأخيرة التي وصلنا إليها بعد سلسلة طويلة من النزوح في محافظات أخرى. وبعد تعرضنا لاعتداءات الاحتلال المتكررة من قتل أطفالنا ونسائنا. وإبادة ذوينا وجيراننا وأحبائنا. وتدمير بيوتنا ومساكننا. وتعرضنا لحصار قاس أدى إلى تجويعنا وموت بعضنا من البرد والنوم في العراء دون توفر أي مقومات للمساعدة أو الإغاثة الإنسانية. رغم أننا لسنا طَرفَ في النزاع. وقد أعلن المسؤول في حماس (موسى أبو مرزوق) تخلي الحركة عنا صراحة وعلانية بأن مسؤوليتنا تقع على "منظمة الأونروا "التابعة للامم المتحدة والاحتلال. وليس عليهم.

ورغم ذلك. فإن جيش الاحتلال لا يزال يلاحقنا. ويتهددنا في رفح بمواصلة قتلنا وإبادة من تبقى من وتسوية بيوتنا بالأرض، ويستخدم دمنا النازف أداة ابتزاز وضغط في صراعه ومفاوضاته، ويوظفه في معاركه الحزبية الداخلية. وهو يخيرنا بين إعدامين: إما البقاء في رفح لقصفنا بطائراته ودباباته. أو الخروج منها إلى الشمال المدمر والمجوع عبر نقاط تفتيشه التي يقتل بها المارين ويعتقل النساء ويختطف الأطفال والرجال دون أدنى معرفة بمصيرهم إلى الآن.

إننا في رفح كمدنيين عزل لا علاقة لنا بأعمال القتال. نطالب جميع دول العالم التدخل لحمايتنا من تهديد الاحتلال. وذبحنا كالخراف في كل مكان ننتقل إليه بمبررات كاذبة ومضللة. ونطالب بتطبيق الاتفاقيات الدولية علينا لحمايتنا التي هي حقنا كبشر ضمن المنظومة الإنسانية.

إن جميع القوانين الدولية تستوجب حمايتنا، والتدخل العاجل لإنقاذنا، فلماذا تتعطل هذه القوانين عند أهالي غزة المدنيين، وتعمل مع غيرهم بجد ونشاط مثل الأوكرانيين على سبيل المثال الذين تتوفر لهم جميع وسائل الحماية القانونية والمعيشية والدعم اللامتناهي؟.

إن اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/ أغسطس 1949والتي تنطبق على حالتنا تماما، تنص في المادة (3) منها: (في حالة قيام نزاع مسلح... يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:

1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزين عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر.

ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:

(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،

(ب) أخذ الرهائن.

(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

كما تؤكد الاتفاقية في مادتها ال 15 على ضرورة توفير ممرات ومناطق آمنة لا يجري فيها الاعتداء على المدنيين غير المشاركين في القتال بأي حال من الأحوال.

وهي تنص على ضرورة التزام (دولة الاحتلال بأحكام المواد التالية من هذه الاتفاقية: من 1 إلى 12,27، ومن 29 إلى 34 و47، و49، و51، و52، و53، و59، ومن 61 إلى 77 و143، وذلك طوال مدة الاحتلال).

ومع ذلك فإن الاحتلال يتجاهل تنفيذ جميع هذه المواد، بل الاتفاقية كاملة، ويضرب بها عرض الحائط، ويواصل إبادته وقتله للمدنيين الأبرياء والعزل على مرأى ومسمع من الموقعين على الاتفاقية وغيرها من اتفاقيات الحماية.

إننا أمام هذا الواقع المأساوي الذي لم تتحرك فيه ضمائر العالم لإيقاف شلال الدم المستمر منذ أربعة أشهر، وترك الاحتلال للاستفراد بنا على ضعفنا وقلة حيلتنا، قررنا نحن النازحون والمشردون في رفح، أخذ المبادرة بأنفسنا، محاولين دفع الإبادة الإسرائيلية عن أطفالنا ونسائنا التي يهددنا بها، بالتحرك للاعتصام أمام الحدود المصرية، رافعين الرايات البيضاء، لتذكير العالم بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية أمام آلة القتل الإسرائيلية التي تزحف نحونا، وموعد هذا التحرك سيكون مباشرة في ساعة الصفر التي يعلن فيها الاحتلال بدء تنفيذ تهديداته، لتفريغ السكان إلى الشمال، أو مهاجمة دباباته رفح.

إن هذا هذا الاعتصام والذي سيكون بمئات الآلاف، ليس موجها ضد أحد، وهو اعتصام غير مسيس، ولا تقف وراءه أي جهة غير مخاوف أكثر من مليون مدني أعزل في رفح، يعانون من أفعال الإبادة الإسرائيلية، ويطالبون بحمايتهم ودفع الموت عنهم. وهو جدارنا وملاذنا الأخير الذي حشرنا الاحتلال فيه، ويريد سحقنا، وهو فرصتنا وفرصة أطفالنا الأخيرة لإنقاذنا حتى لا تتكرر أفعال الإبادة في رفح مثلما حدثت في غزة والشمال، ووهو رسالة إلى المؤسسات الدولية للقيام بواجباتها اتجاه المدنيين العزل، وعلى رأسها الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، والدولة الراعية لاتفاقية جنيف سويسرا التي لم تتحرك إلى الآن للتعبير عن غضبها لانتهاك ميثاقها الأممي في غزة.،، !!

***

محمد سعد عبد اللطيف

 كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

 

وأخيرا وضعت حرب البسوس الآسيوية أوزارها! بفوز قطر ببطولة آسيا وتربعها على العرش الآسيوي!. لاتوجد بطولة بكرة القدم شابتها الشبهات والتكهنات والأقاويل والتحليلات الفيزياوية والكيمياوية والذرية مثل هذه البطولة التي نجحت دولة قطر في تنظيمها تنظيما عال المستوى أخلب الابصار وجعل عيون العالم المتشوقة لكرة القدم، تتوجه ببوصلتها صوب الدوحة التي لم تترك ثغرة واحدة في التنظيم إلا وأبدعت فيه كإبداع بيكاسو ودافنتشي في الفن الكروي مجازا... فقد رسم عفيفي القطري الجنسية! لوحة ليوناردوا دافنشي الموناليزا الكروية بمهارته وإبداعه وسرعته وسيطرته وتمركزه ومراوغاته وتفننه فكان اعظم لاعب اسيوي في الدورة وهدافها الاول وكسر ب3 جزاءات رقم العراقي أيمن حسين! وهذا إعجاز كروي كبير جعل الفرق العالمية الاوربية كلها تبحث عن التعاقد معه! باريس سان جيرمان قدما عرضا خياليا بحكم وجود القطري الخليفي! والمان ستي قدم عرضا لايقاوم! ومالك جلسي الامريكي اعطى رقما فلكيا للتعاقد معه...اما البايرن ميونيخ فهو قدّم عرضا نقديا مع بعض اللاعبين بالصفقة!! اما فلامنغو البرازيلي فلقدرته الشرائية الضعيفة قدّم بيع مزرعة الابقار الكبيرة لشراء اكرم عفيفي! هذا هو الفخر للكرة الاسيوية!

 لم يكن عفيفي لاعب كرة قدم في الفريق القطري فقط بل كان رساما ماهرا للهجمات ونحاتا للمواقع التمركزية داخل المستطيل الاخضر ومعماريا في رسم الخطط الهجومية وبارعا في التكنلوجية الافتراضية!

هذه الدورة هي أشبه بقصص ألف ليلة وليلة! حتى المنجمون وقارئوا البخت والسحرة لم يتوقعوا سيناريو خروج اليابان وكوريا الجنوبية وإيران وأستراليا والسعودية! هذه من أحلام اليقظة!! فمن كان يتوقع صعود الاردن للنهائي؟

هذه الدورة  الاسيوية الكروية ..من قصص ألف ليلة وليلة  الخيالية  منها قصة اكرم عفيفي والمصباح السحري) وعذرا من السيد علاء الدين بطل الرواية الخيالية الأصلي! فقد أستطاع عفيفي من تحرير مارد المصباح السحري الذي سرقه الساحر وحقق له المارد... كل امانيه! فوز قطر بالدورة هو هداف الدورة هو احسن لاعب في الدورة!

انا لا احب نظرية المؤامرة ولا أحب الإفتراضات ولكن اقول بهدوء ان مستوى قطر في الدورة مستوى عادي حتى الوداد المغربي والاهلي المصري والهلال السعودي والجوية العراقي أفضل فنيا تكاملا وإبداعا ومجموعة من الفريق القطري!

اليوم قدم الاتحاد الآسيوي أسوأ نسخة للفرق الاسيوية امام الكرة العالمية وحدها الجماهير والملاعب والتنظيم فازت! اما النتائج الكارثية والمستويات والتفاعلات الكيمياوية الغريبة في المباريات) فقد أبهرت كل المستويات العلمية في الكون!

هذه النسخة هي جعلت كرة القدم الاسيوية عبارة عن لعبة أطفال! انظروا الى الفرق الاوربية التي كانت تراقب المبدعين والموهوبين والمتميزين من اللاعبين... كم صفقة قيد التفاوض والشراء؟ المحصلة صفر! على مقياس ريختر) المهم... فازت قطر بالدورة!!

***

عزيز الحافظ

لماذا يصر نتنياهو رئيس حكومة كيان الحرب الإسرائيلية على القيام بمغامرة كبرى بالهجوم على رفح الفلسطينية بالرغم من كل التحذيرات الدولية، هذه المدينة التي لا تزيد المساحة المأهولة فيها عن 20 كيلو متراً مربعاً، من أصل 63 كيلو متراً مربعاً تشكل مساحة المحافظة الجنوبية الخامسة لقطاع غزة، حيث يقيم فيها قرابة 1.4 مليون مواطن فلسطيني، جلهم من النازحين إليها من مدينة غزة والشمال، ومن مخيمات المنطقة الوسطى وبعض سكان محافظة خانيونس، من الذين ظنوا أنها ستكون منطقة آمنة، لا خطر فيها ولا حرب عليها، بعد أن أعلن جيش الاحتلال أنها مناطق آمنة، ولن تشهد عملياتٍ عسكرية، ودفع المواطنين الفلسطينيين بقوة السلاح وكثافة القصف والغارات، إلى الانتقال إليها والإقامة فيها، بعد أن قصف مناطقهم ودمر بيوتهم وخرب مناطقهم التى تقع فى نطاق ما يعرف بمحور صلاح الدين، الملاصق للحدود مع مصر. المنطقة لها بروتوكول خاص يحكمها منذ الانسحاب الإسرائيلي الاحادى 2005، يحدد طبيعة الأمن فى المنطقة، وعدد الجنود والآليات التى تقوم بحماية الحدود وفقا للمتعارف عليه دوليا، والبروتوكول يُعد ملحق المعاهدة المصرية الإسرائيلية، وأي خرق من الجانب الإسرائيلي لمحور صلاح الدين بأى ذريعة كانت، يعد بالتالى خرقا للمعاهدة، يترتب عليه مواقف دبلوماسية عملياتية مختلفة، من بينها اتخاذ إجراءات حماية أمنية مكثفة إلى حد تعليق العمل بمجمل المعاهدة، وبالتالى تغيير كامل لطبيعة التوازن فى المنطقة ككل، وليس فقط بين طرفي المعاهدة. وهو ما تؤكده المواقف المصرية المُعلنة منذ الثامن من أكتوبر الماضى، وتم توضيحه لكل الأطراف الدولية، ومنها الولايات المتحدة التى تُعد ضامنا رئيسيا للمعاهدة وسريان بنودها وملحقاتها دون أى تغيير. وبالتالى فهناك مسؤولية كبرى على الرئيس بايدن فى منع مقامرة نتنياهو لحسابات خاصة بمصيره السياسى اذا لايريد ايهام الناس بمخالفته تصرفات نتنياهو وخضوعه التام للمتطرفين الذين يحمون حكومته من السقوط، وعلى رأسهم الوزيران بن غفير ومودريتش. الإصرار الإسرائيلي على اختراق رفح الفلسطينية والتمركز فى محور صلاح الدين كليا أو جزئيا بزعم القضاء الكامل على حماس، يجسد عقلية المقامرة التى تسيطر على حكومة الحرب الإسرائيلية، ويكشف المدى الذى وصل إليه نتنياهو فى تحدى كل الالتزامات القانونية الدولية، وعدم اكتراثه بأى معاهدات ثنائية مع أى طرف كان.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث

 

تورق الأشواك في قلب المحتوى، وتتحول الفحوى إلى رمال تذروها  أعاصير السأم والتشاؤم والقنوط، وتتكسر أقلام الحقيقة، وتدوسها أقدام الباطل والبهتان، وتطمرها في طيات النسيان. العالم بلا قيم ولا أخلاق ولا معايير، رغم أننا نعيش أفضل عصور التأريخ البشري المأساوي فوق التراب، الذي يمتلك جاذبية فائقة للأبدان المتبرعمة من جوهره الغدّار.

أيام إندثارات وتداعيات وتفاعلات بالسوء والعدوان، لموجودات منوّمة ومثمولة بسلاف الويلات، وخمور النازلات، وهي تلهث وراء حاجات تغتالها حاجات.

الأبرياء يموتون قتلا أمام أنظار العالم المتمنطق بالمُثل السامية، ويحسب بعض البشر أرقاما أو دون مراتب الحيوان، وبعض مقدس وعنوان.

لا أثر وتأثير لموت عشرات الآلاف من الأبرياء، والقيمة العليا لبضعة أشخاص يمارسون الحياة في مطامير التحدي والمقاومة والمطالبة بأبسط حقوق الإنسان.

العالم على حافة القارعة، وما هي إلا إستعدادات ليوم سقر، الذي سيتفاعل فيه النووي مع النووي وستنمحق دول الضعفاء، وتستباح ثرواتها من خلائق العدوان الحضاري التكنولوجي المعاصر الفتاك.

فما معنى الإنسان؟

وما هي علامات الأوطان؟

القوى المهيمنة تصنع ما تريد والدول الضعيفة "نبديد"!!

فهل إنتصر البشر على البشر؟

وهل تأسد التراب، واستنفر أفواهه الشرهة الطامعة بأبدان طرية ودماء زكية؟

إنها محنة التراب بالتراب، والبشر وميض وسراب، وما لذ العيش ولا طاب!!

و"لا يتعلم المرء حتى يتألم"!!

***

د. صادق السامرائي

 

من أمام معبر كرم أبو سالم بتاريخ ٦/شباط/٢٠٢٤ تعالت أصوات الكراهية من حناجر قطعان المستوطنين في مظاهرة تطالب بعدم دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حتى الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية. وقد منعت هذه المظاهرات بالفعل دخول تلك المساعدات المتجهة إلى جنوب القطاع والذي كانت الأمم المتحدة الأمريكية الصهيونية قد صرحت أنه على شفير كارثة.

ياللعار عندما يتمكن حفنة من مستوطني الشتات ويهود الخزر من منع دخول المساعدات إلى قطاع ينام ويستيقظ على أنّات الجوع والموت ،وفي المقابل يمر خط الخيانة بكل سلاسة وبلا منغصات من بلاد العُرب محملا بأفضل ما تنتجه إلى بلاد الأعداء. فعن أي بلاد نتكلم والعُرب في أقفاص صنعتها دول تعتبر شرقنا متخلفا وقذرا ،وهي التي أصبحت عظمى بخيراتنا؟ عن اي عُرب نتكلم والحرب على غزة تدخل شهرها الخامس وقد وصلت إلى حافة هاوية مجاعة كارثية؟

فأين البروتوكولات التي تعتبر تجويع السكان المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب محظور في كلا النزاعين الدولي والداخلي. وهو حظر نص عليه بصراحة في كلا البروتوكولين الإضافيين لعام ١٩٧٧ الملحقين باتفاقيات جنيف. وفي غزة اليوم يتذرع المستوطنين بأن المساعدات تذهب لما يطلقون عليهم "إرهابيين" في تجويع صريح للمدنيين،دون استخدام القوة من الدول التي تدعي الإنسانية.

أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فتتخذ موقفا يقول "بأن الخوف من تحويل المدد إلى عسكريين لا يشكل مبررا قانونيا لرفض مروره. غير ان الأمر عندما يتعلق بغزة فإن الموقف يصبح غير مقبول عند دول الشيطان".

وأين هي المادة الثالثة والعشرين من اتفاقيات جنيف الرابعة التي تنص على أن " المساعدة الإنسانية للمدنيين تتمتع بحق المرور الحر عبر خطوط المعركة إذا كانت مرسلة إلى الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والحوامل والنفاس" كما يمكن حسب المادة إعطاء استثناء أوسع عندما يكون جميع أو بعض السكان المدنيين في أرض محتلة غير ممونين بشكل كاف".

دولة الاحتلال لم تتسبب في منع دخول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين فقط بل قصفت ودمرت الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بما في ذلك المواد الغذائية والأراضي الزراعية ومرافق مياه الشرب. وكل ما ذكرنا يُحظر تدميره وفقا للمادة ٥٤ من البروتوكول الأول.

وغزة ما بين أقوال محكمة العدل الدولية في لاهاي وتصريحات الأمم المتحدة وتخوف منظمات حقوق الإنسان تقع بين فكي كماشة القصف والجوع.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم