أقلام حرة

أقلام حرة

الاعتذار هو من الأخلاق النبيلة الّتي يصدرها شخص ما ليسوّغ خطأً اقترفه بحقّ شخص أو مجموعة من الأشخاص، وربما بحقّ شعب بأكمله، فارتكاب الأخطاء هو سمة من سمات البشر، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى، وللأسف لا يجيد العديد من الأشخاص تقديم الاعتذار، وذلك لجهلهم بأهميّة هذا التّصرّف وما قد يعقبه من راحة للنّفس، فقد يؤدّي عدم الاعتذار لعواقب غير محمودة من شأنها زيادة الأحقاد والضّغينة بين النّاس, الاعتذار ليس خطأ بل سمو للشخصية الآنسانية

وللأسف الكثيرون بدل أن يقدّموا الاعتذار، يسوّغون لأنفسهم ما ارتكبوه من خطأ بطريقة أو بأخرى، ويرون أنّ الاعتذار هزيمة، أو ضعف، أو انتقاص من مقامهم وشخصيّتهم، وللأسف ما من ثقافة اعتذار تتبنّاها المجتمعات في العديد من دول العالم، والتّسليم بأنّهم يخطئون تارةً ويصيبون تارةً أخرى.

في حين نجد أنّ الاعتذار هو أحد سمات الثّقافة في المجتمعات الغربيّة ومجتمعات الشّرق الأقصى، فهم يملكون الشّجاعة لمراجعة الذّات والاعتراف بالخطأ، وقد يكون ذلك أحد أسباب تقدّمهم وازدهار بلادهم، وكما ذكرنا فلا يقتصر الاعتذار على الأشخاص، فقد تعتذر دولة لدول أخرى قد أخطأت بحقّها واحتلّتها سابقًا، كما فعلت اليابان مع دول جنوب شرق آسيا

إنّ الإنسان السّويّ هو الّذي يقبل أعذار الآخرين ويتعامل معهم بتسامح ويتسلّح بخلق العفو عند المقدرة، وقبول اعتذار المعتذِر ليس قبولًا بالأمر الواقع أو ابتلاع الإهانة، بل هو سلوك المتسامحين المنصفين الّذين يعرفون قيمة الصّفح والتّسامح.

أمّا الّذين يرفضون الاعتذار ولا يقبلون أعذار الآخرين ولا يقدّرون الظّروف الصّعبة التي دفعتهم إلى التّجاوز والإساءة فهم عاجزون عن التّسامح بسبب أحقادِهم.

وقد ورد الاعتذار في القرآن الكريم في عدّة آيات:

﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)

﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)

﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)

ويدعو عالم السُّنَّة النّبويّة د. أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر المسلمين جميعًا إلى التّخلّق بخلق القرآن الذي دعا رسول الإنسانيّة إلى العفو والرّحمة بمن خرجوا على طاعته، فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر»، كما ينصح كلّ مسلم بأن يقتديَ برسوله الكريم في التّخلّق بخلق العفو، ويقول: "العفو عند المقدرة من الفضائل الكريمة الّتي تدلّ على نبل صاحبها وسماحته، وعلى أصالة معدنه وطيب سجاياه.

***

نهاد الحديثي

 

أقدمت دولة الاحتلال ظلما على سرقة ما ليس لها (فلسطين التاريخية) وأعلنت سيادتها عليها منذ ٤٨ .لكن أن يصل بها الظلم والتجبر على سرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين لهو الطامة الكبرى وكأنها بهذا تعلن تسيدها حتى على جثامين الشهداء.

ليس بالأمر الجديد ولا الغريب ما ترتكبه دولة الاحتلال من سرقة واحتجاز جثامين الشهداء لينتهي بها الحال في مقابر جماعية تحت مسمى مهين للإنسانية (مقابر الأرقام). وفي السنوات الأخيرة تم الاحتفاظ بالجثامين في ثلاجات درجة الحرارة فيها تحت الصفر دون دفنهم بطريقة تليق بهم كشهداء. وبهذا يكون هذا الكيان الوحيد الذي ينتقم من الشهيد ويحتجز جثمانه ويدفنه في مقابر الأرقام العسكرية داخل الخط الأخضر حيث يمنع الاقتراب منها. وما يميز هذه المقابر أنها غير معدة بشكل ديني وإنساني كأماكن الدفن حيث تبقى الجثث عرضة لنهش الكلاب والوحوش الضارية. وتجدر الإشارة أن دولة الاحتلال ما زالت تحتجز جثامين لعشرات الشهداء في هذه المقابر ،بعضها من ستينات القرن الماضي. وإلى اليوم ترفض الإفراج عنها وتسليمها لذويها ما يعتبر تنكر لتطبيق القانون الدولي الإنساني من قبل هذا الكيان الغاصب.

في الحرب الأخيرة على غزة ٧/ اكتوبر (طوفان الأقصى) كانت هذه الدولة قد حاصرت مجمع الشفاء الطبي الواقع في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة بتاريخ ١٦ نوفمبر وبعد اقتحام ساحاته قامت بسرقة جثامين الشهداء. كما كررت نفس الفعلة في المستشفى الاندونيسي. فما الذي يدفع هذا الكيان للقيام بمثل هذه الأفعال؟ وما أهدافها من وراء ذلك. هل من الممكن أن تكون استراتيجيات عسكرية من أجل المقايضة المستقبلية مع قتلى يهود لدى المقاومة الفلسطينية؟ أم أن السبب أعقد من ذلك ألا وهو وما تناقلته مواقع الانترنت من أن دولة الاحتلال تسرق الجثامين بهدف سرقة أعضاء الشهداء مثل القرنيات والقواقع السمعية والأنسجة الجلدية وخاصة أن هذه الدولة تمتلك أكبر بنك جلود في العالم لتخزين الجلود البشرية واستخدامها في معالجة الحروق والسرطانات الجلدية. وحسب المعتقدات اليهودية فإن سكان دولة الاحتلال يرفضون التبرع بالأعضاء ،فمن أين أتى هذا الاحتياطي الضخم من الجلود البشرية ؟ وقد تبين في عام ٢٠٠٩ بأن هناك ثمة اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي (يهودا هيس) يؤكد فيه سرقتهم أعضاء الشهداء في المعهد.

ومع أن اعتقال الجثامين يعتبر ممارسة غير قانونية ومخالفة للاتفاقيات الدولية حسب اتفاقيات جنيف الرابعة حيث تلزم المادة ١٣٠ منها والمادة ٣٤ من البروتوكول الإضافي الدول جميعها بدفن المعتقلين المتوفين أو المقتولين باحترام وبما يتلاءم مع ثقافتهم ودينهم. إلا أن دولة الاحتلال انتهكت القوانين وركلت الاتفاقيات عرض الحائط بشكل علني ما بجعلها في واجهة الإرهاب الدموي.

***

بديعة النعيمي

بين يوم وآخر، وفي هذا المكان، أكتب عن تجارب الشعوب، وأحيانا أخشى أن يصاب القارئ العزيز بالملل وأنا أعيد الحديث عن البلدان التي حققت الرخاء بفضل سياسيين ومسؤولين أحبوا أوطانهم، وأصروا على أن الصورة الحقيقية التي يجب أن تُقدم عن بلدانهم، هي صورة التنمية والعمران ووجوه المواطنين التي تمتلئ سعادة..

كان السنغافوري لي كوان يرفض أن توضع صوره في الساحات أو الشوارع ويقول للمعترضين إن صورتي الحقيقية هي التي يراها المواطن في الإعمار وارتفاع الدخل وفي الاستقرار.

دائًما أتساءل كيف تمكن رجل أن ينقل بلاد كانت تسمى مستنقع البعوض لتصبح بعد عقود قليلة واحدة من أكبر اقتصاديات العالم. فيما لا نزال في بلاد الرافدين نصدر البيانات الثورية عن النزاهة والإصلاح. هل قرأتم البيان الذي أصدرته هيئة النزاهة والذي اخبرتنا فيه أن رؤساء ومؤسسي الأحزاب مشمولين بحملة "من أين لك هذا؟". أنا من جانبي ساعتبر الأمر مجرد خطأ مطبعي، فكيف يتسنى للنزاهة أن تسأل كبار قادة البلاد: من أين لكم هذا؟.. ارجوكم اعتبروا الأمر خطأ طباعي، افضل من أن يتحول الى نكتة.

لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءاً من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد أحد يسأل من أين يحصل النائب على كل هذه الاموال، لا يوجد اليوم من يسأل السياسيين كيف تضخمت ثرواتكم؟

احتفلت سنغافورة قبل أشهر قليلة بمئوية لي كوان، الذي رحل عن عالمنا عام 2015 بعد أن ترك وراءه بلاداً صغيرة لكنها تنعم بالاستقرار والرفاهية، وبمنافسة كبرى مع الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، كان يقول إن الصراحة وكشف الحقائق أمام الناس هي التي تبني سنغافورة قوية.. ظل لي كوان يردد "سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ يُنهب في الطريق". كان الناتج السنوي يعد بملايين الدولارات، ويوم ودع لي كوان الحياة عام 2015، كانت الأرقام التي نشرتها الإيكونومست عن مؤشر جودة الحياة، على النحو الآتي: "حصلت سنغافورة على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن.

يحزننا ياسيدي السنغافوري الكبير أن نقول إن الحقيقة لدينا هي مجرد بيانات كاذبة، ننشرها بين البسطاء ليل نهار، نحن ياسيدي نعيش في ظل مسؤولين يفعلون أي شيء من أجل الفوز باكبر قطعة من "كعكة" هذه البلاد.

نقرأ سيرة باني سنغافورة، في الوقت الذي نزال نستمع إلى اخبار النزاهة وخطب الذين يطمحون بكعكة مجالس المحافظات.

***

علي حسين

اليوم، بعد مضي عشرين عاما على سقوط صدام، أرى أن برايمر قد شبع لوما وتقريعا على إدارته العراق، ولو أنصفنا الحكم فإن اللوم والتقريع، يقع أيضا على سياسيين في ظهرانينا يدعون حب العراق، ويتشدقون بوجوب التضحية من أجله، ويهتفون بالوقوف سدا منيعا أمام أي خطر يواجهه في الداخل او من الخارج، فيما هم على حقيقتهم، يضمرون في سرهم غير ما يدعون به علانية، ولقد قالها معروف الرصافي منذ عشرات السنين:

لا يخدعنك هتاف القوم في الوطن

فالقوم في السر غير القوم في العلن

وأول دليل على تأبطهم شرا للبلاد وملايين العباد، هو نأيهم عن إنشاء دولة مؤسسات، واتباعهم سياسة التحاصص في إدارة البلد وقيادته، وليتها -المحاصصة- وقفت عند الإدارة والقيادة فحسب، بل هي شملت تقسيم خيرات البلد وثرواته ونهشها بنهم، فضلا عن شفطها ولفطها بشراهة منقطعة النظير.

نسمع كثيرا عن دولة المؤسسات، وكيف هو حال الأمم التي تعيش بكنفها، حتى صرنا نخال الشعوب التي يمن الله عليها بقيادة "شريفة" تنتهج سياسة الدولة المؤسساتية، أنها هي المقصودة بشعب الله المختار حقيقة، حيث ينزل جنته على أرض بلدهم ليرفلوا بنعيمها، وما هذا الظن إلا لما لدولة المؤسسات من رقي نموذجي في إدارة شؤون الدول. وكنتيجة حتمية لما عاشه العراقيون خلال جميع الحقب التي مرت عليهم، فإن أغلبهم أشبع فكره وظنه وحتى عقيدته، بوحدانية القائد وفردانية الرئيس، فاصطنع "قالبا" وضع فيه مايتمناه من مواصفات وكفاءات ومؤهلات، وشخصن وظيفة الحاكم والرئيس والقائد وفقه، ظانا بأنه فارس الأحلام، وهو الذي سيتولى أمره وأمر معيشته ومستقبله، فضلا عن حاضره، فأغدق على هذا الـ "إله" كل المواصفات الحسنة، ملبسا إياه ثوب النزاهة والمصداقية والمهنية والأمانة، فإذا به يُصدم آخر المطاف فتخيب الظنون، وتتلاشى الأحلام وتتبدد الأمنيات، في سماء الحقيقة المريرة الواقعة على رأسه ورؤوس باقي المرؤوسين.

أعود الى المؤسسات ودولة المؤسسات، فلو أردنا النظر إليها أو تحقيق وجودها على نحو مصغر، فإن أقرب مثال لنا هو اللجان النيابية الدائمية في مجلس نوابنا، إذ من المفترض أنها حلقة الوصل التي تربط المواطن، بممثليه في دولته، وهي التي تصطفي الصالح من القرارات والقوانين فتحث النواب ورئيسهم على إقرارها، وبالمقابل فهي -اللجان النيابية- تبعد شبح الطالح من القوانين التي تتنافى مع مصلحة البلاد والعباد، وبهذا تكون اللجان النيابية -مجتمعة- دولة المؤسسات المرجوة التي يتحقق بأدائها ما يصبو اليه الشعب. ومنذ عام 2003 "عام السعد"، والحوارات والسجالات في موضوع اللجان النيابية على قدم وساق، من "لدن" رؤساء مجلس النواب المتعاقبين على رئاسته ولكن، لسوء حظ العراقيين لم يصل المجلس حتى اليوم، إلى نتيجة مرضية تفي بالغرض المرسوم لهذه اللجان.

إذ مازال "فايروس" المحاصصة المسرطن يسري في جسد الدولة والحكومة، ومازالت المصالح الفئوية والحزبية هي الركيزة الأثقل التي يتم توزيع المهام والمناصب على ضوئها، ومازال الخلاف على هذه الحيثيات قائما، بل في تصاعد يتزامن مع الضغوط التي يتعرض لها رؤساء المجالس في الدولة، والضغوط هذه عادة ما تفضي الى التسليم للأمر الواقع والاستسلام أمام "الضاغطين". وحينها يكون أقرب قرار الى الرئيس هو "اتباع التوافق السياسي"، وبهذا القرار يوضع المواطن تحت مطارق عدة، فيغدو أمره كما يقول مثلنا:

"يخلص من الطاوه تتلكاه النار".

والمواطن في حالة كهذه يستعين بصندوق الشكاوى، وهنا الطامة الكبرى الثانية -إذا علمنا أن الطامات الكبرى في عراقنا الجديد كثيرة- حيث سيتبين للمواطن المسكين أن شكواه واستغاثته واستجارته، لن تتعدى في كل الأحوال ماقصده شاعر حين قال:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

***

علي علي

ندرك جيدا ان البساط قد سحب من تحت اقدام مصر منذ توقيعها كامب ديفيد، لقد تم ابعادها عن محيطها العربي والهائها في شؤونها الداخلية، لإيمان الغرب القاطع بانه لا حرب في المنطقة بدون مصر، فتداعت الانظمة العربية الى البيت الابيض تعلن انها مع السلام العادل في الشرق الاوسط وحل معضلته الرئيسية فلسطين وشعبها المهجر في الشتات والمقيم في الداخل تحت سلطات الاحتلال الغاشم. وكنتيجة حتمية لقرار القيادة المصرية (السادات) بإنهاء حالة العداء مع العدو على اعتبار ان مصر كانت الخاسر الاوحد  لخوضها 3 حروب، فان غالبية الانظمة العربية اليوم قامت بالتطبيع الكامل على بياض، والثمن بقاءها في الحكم.

كنا نتمنى على مصر والتي تملك قدرات بشرية علمية وبرؤوس اموال عربية ان تدخل مجال (توطين) الصناعات الهندسية العسكرية منها والمدنية، مصر الرسمية التي تخلت كليا عن الشعب الفلسطيني الذي يقع على حدودها ويعاني مرارة الاحتلال، الإعلان عن تدشين فرقاطة بأيادي مصرية من طراز MEKO-A200  وراجمات صواريخ ودبابات وناقلات جند وغيرها. بالتأكيد يتم صناعتها لأجل الدفاع عن النفس بمعنى عن تراب مصر، فالحرب الاجرامية على غزة لم تحرك القيادة المصرية بالدفاع عنها، بل اكتفت كغيرها بعبارات الشجب والاستنكار ومحاولة التهدئة ،بمعنى اخر مصر لم تعد اما للعرب او الشقيقة الكبرى لهم كما كانت، بل اصبحت تتصرف كأي دولة بالإقليم وتتعامل مع كيان العدو وفق الاعراف الدولية سفارات، وتبادل سلع وخدمات وبالأخص النفط والغاز.

لم يعد يخفى على احد  سعى امريكا ومعها الغرب الاستعماري الى القضاء على الفلسطينيين من خلال تسفيرهم الى مختلف بقاع العالم والاستيلاء على فلسطين كاملة كمرحلة اولى، اما (من النيل الى الفرات) فذاك يكون في مرحلة مقبلة، والى ذاك الحين فان أيا من الصناعات الحربية لن تستخدم ضد العدو الذي اصبح قادته (مجرميه) يستقبلون في عواصمنا بالأحضان وتفرش لهم البسط الحمر وتنكس لهم الاعلام ،فهم ابناء عمومة لنا ونطلب منهم الصفح والعفو على ما ارتكبناه في حقهم .

وعليه نقول للقيادة المصرية: سياتي اليوم الذي تحطون فيه مدمراتكم  والياتكم وكل اسلحتكم في معارض التحف او في المسابقات الدولية لتأخذوا عليها جائزة نوبل للسلام (الاستسلام)، فالدولة التي لا تتحكم في معبر شقته بدماء ابنائها وقوت شعبها واممت الشركة المنفذة له بجرأة وجسارة زعيمها العروبي الابي، الذي لا يزال يمثل نبض الامة رغم غيابه (تغييبه قسرا) عن الساحة لأكثر من خمسة عقود، لا فائدة من هذه الصناعات ، قريبا سوف يتم بيعها في سوق الخردة العالمي  لتستفيد منها امم تقدس حرية وكرامة الوطن والمواطن، والحال هذه نتمنى على القيادة المصرية استثمار الاموال في الصناعات التي تدر ربحا على المواطن المصري وخفض نسب البطالة وعدم رهن مصر للبنك الدولي، فالقوة العسكرية تحتاج قيادة تمتلك مؤهلات خاصة وارادة صلبة وايمان بقضية العرب الاولى وقدرة على اتخاذ القرار، وهي ما تفتقده السلطات القائمة والمتعاقبة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

 لقد فقدت مصر زعامتها على امتها، بسبب تخليها عن القيام بالأدوار المنوطة بها ،واكتفت بان تكون شاهدة على تصفية القضية الفلسطينية، وترهل الجسد العربي الذي لم يعد يقو على البقاء. ويبقى الأمل في القوى الحية التي تقدم التضحيات الجسام وتقاتل العدو بل العالم اجمع المنتهك لحقوق الانسان وسلب الحريات.

***

ميلاد عمر المزوغي

حين ظنوا أن الحكاية انتهت كانت قد ابتدأت..

بعد اتفاقيات الهدنة بين دولة الاحتلال مع مصر والأردن عام ١٩٤٩ وأصبحت الضفة الغربية تحت إدارة أردنية وقطاع غزة في الجنوب تحت إدارة مصرية، ظنت دولة الظلم أن القتال توقف وأنها تستطيع الآن أن تبدأ للتأسيس لدولة مستقرة. لكن هيهات فدولة ارتقت سلالم الدم وقامت على جماجم أصحاب الأرض لن تنعم بالأمن والأمان يوما. ففي خمسينات القرن العشرين ظلت الأرض الفردوس المفقود هاجس الكثيرين ممن هجروا قسرا بعد ارتكاب مئات المجازر من قبل عصابات الغدر اليهودية والتي كانت تقتل تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة. وقتها قامت المخابرات المصرية العسكرية بتكليف بعض الضباط عام ١٩٥٣ لتنظيم الفدائيين.وبدأت بعدها عمليات التسلل المنظم من قبل شبان فلسطينيين عبر الحدود مع غزة حيث قاموا بعمليات مثل تفجير أنابيب المياه في العمق اليهودي وقصف مسارات القطارات وغيرها من العمليات التي أرهبت الدولة الوليدة لدرجة أن اليهود امتنعوا عن القيادة ليلا على الطرق الرئيسة في الجنوب. وعندما أعيت هجمات الفدائيين جيش الاحتلال لجأ الأخير إلى الأعمال الانتقامية. ففي خريف ١٩٥٣ وبسبب عملية فدائية قتل فيها ثلاث أشخاص فقط اختار المتطرف شارون قرية قبيا الفلسطينية للانتقام من المقاومة وقتل ما لا يقل عن تسعة وستون شخصا معظمهم من النساء والأطفال وقد أدان مجلس الأمن الغارة بشكل صوري فقط.

وقد أصبحت مكافحة المقاومة الفلسطينية الهدف الرئيسي للشاباك اليهودي ودائما ما كان مسرح العمليات الأصعب هو قطاع غزة نظرا لأنه أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم وخاصة بعد حرب ٦٧. وفي عام ١٩٧٠ بدأت دولة الاحتلال بإقامة مستوطنات يهودية في القطاع. وفي هذه السنة تحديدا نفذت المقاومة حوالى خمسمائة عملية في القطاع فبدأ شارون وكان قائد القيادة الجنوبية بإدخال المزيد من الوحدات العسكرية إلى القطاع بمساعدة الشاباك بهدف مطاردة واعتقال أعضاء المقاومة. وكان شارون وقتها قد أعلن أمام ضباطة أن من يقتل "إرهابيا" ويعني فلسطينيا من المقاومة سيحصل على زجاجة شمبانيا. فلا عجب مما يحصل في غزة الآن منذ بداية عملية طوفان الأقصى ٧ اكتوبر من قصف جنوني وعشوائي للمدنيين واستهداف للكوادر الطبية والصحفيين وكوادر الدفاع المدني فنتنياهو يسير على نهج شارون وديان الذي قال قولته المشهورة ( نحن جيل الاستيطان وبدون الخوذات الفولاذية وقذيفة المدفع لن نتمكن من زرع شجرة أو بناء منزل)..

وقد سمعنا التصريحات التي أدلى بها بعد توعده باجتثاث حماس ومقاومتها من غزة غير أنه أخفق. وبعد كل إخفاق له ولجيشه الأسطوري ومن خلفه البارجات الأمريكية في قطاع مساحته لا تتجاوز ١٤١ ميلا يكون الرد ارتكاب المزيد والمزيد من المجازر الدموية وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها. وكلما أثبت القطاع بأنه كبير بمقاومته وصمود أهله وتمسكهم بكل ذرة تراب فيه كلما ازداد جنون نتنياهو بإنزال حمم فشله على الأطفال والنساء وكما زايد شارون من قبل على رأس كل فلسطيني مقاوم بزجاجة شمبانيا يزايد اليوم نتنياهو على مئات الرؤوس لكن لا شمبانيا اليوم ولا شيء غير الانتحار لجنوده والفرار المخزي من أرض المعركة والخسائر التي تقدر بالمليارات.

أما غزة فستبقى الشوكة العالقة في حلوقهم ومن يواليهم ومن يظن بأنها ستنكسر فليعد حساباته.

***

بديعة النعيمي

مع بدا الحملة الانتخابية للترشح لمحافظات العراقية واحتدام الصراع بين المتنافسين للحصول على المقاعد وفي خضم هذا الصراع المحتدم نرى الشوارع وهي تكتظ بالصور التي من ورائها هذا الاستنزاف للأموال الطائلة التي تُصرف بدون اكتراث لمعانات المواطن العراقي البسيط الذي يسعى لتأمين قوته اليومي يقابله عدم احتواء الحكومة العراقية لأبنائها الخريجين المطالبين بالوظائف وهذا التراجع في الأداء الخدمي للحكومة ومؤسساتها التي تثقل كاهل المواطن بإجراءاتها المعقدة حيث نرى البذخ الواضح والغير مقنع في تلميع صور المرشحين التي تحمل الشعارات الرنانة والكبيرة في معناها على مدى عشرين عاما الماضية والتي لم نراها ونلمسها على أرض الواضع والتطبيق حيث ما زالت في أطار صور حامليها والكل يقول سوف نبني وسوف نتقدم ونطور الواقع لكن لم نرى البناء ولا التقدم ولا جزء بسيطا من هذه الوعود المزيفة وبقينا ندور في فلك الأخت الفاضلة (سوف) إلى حد التسويف في الأيام الماضية ولا الحاضرة ولا على المستقبل القريب كون المواطن فقد الأمل والمصداقية لشخوص هذه الكيانات الحزبية التي تسعى لمصالحها الشخصية على حساب مصلحة المواطن .

أن في كل مرة نرى وجوها مرسومة على أعواد خشبية وصورا مملوءة بالصحة والعافية والترف يملأ محياها مصحوبة بالشعارات الكاذبة تعودنا عليها تبشر بالخير القادم والتقدم والعدالة والمساواة وإحقاق الحق وغيرها من الشعارات التخديرية  التي تُحاكي مشاعر الناس البسطاء والنفعيين الذين لا يهمهم سوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية وهذه الوجوه المبعثرة على أعمدة الطرقات والأرصفة والساحات لا تراهم إلا في الحملات الانتخابية بواجهة وشعار جديد على أمل الفوز بالكنوز التي تفرزها العملية السياسية يسيل لها لعاب الوصوليين ومحبي السلطة والنفوذ والطامة الكبرى هي من يصدقهم في كل مرة ويطبل لهم والذين يدعون لانتخابهم بأبخس الأثمان لإعطائهم الشرعية في الفوز على حساب جراحات المواطن العراقي ومصالحه فعلى مدى سنين ولم نلمس من هذه الشعارات سوى تنفيذ مشاريعهم التجارية الخاصة والمربحة لهم بطريقة بشعة استنزفت ميزانية الدولة قبل انتهاء مدة دورتهم والعراق ومستقبل أجياله يراوح في مكانه وخارج نطاق عملهم وفكرهم حيث يعملون في كل دورة ترحيل مشاكل العراقيين ومعاناتهم إلى أجل غير مسمى لتتفاقم مأساة المواطن العراقي فكلنا أمل بأجيال القادمة أن تكون في حدود المسئولية والوعي الوطني لنصرة الشعب العراقي المسكين في  المساهمة  للتخلص من هؤلاء الشرذمة النفعيين والفاسدين وطردهم من العملية السياسية.

***

ضياء محسن الاسدي

بعد التحول النوعي الذي شهده العراق من النظام الشمولي ودخوله فضاء الديمقراطية من أوسع أبوابه اعتاد العراقيون على خوض الإنتخابات كل أربع سنوات تقويمية لإنتخاب من يمثلهم في السلطة التشريعية التي تعد السلطة الرسمية العليا التي تشرع وتتبنى القوانين والتي بدورها يتم تنفيذها من قبل السلطة التنفيذية ونحن على أعتاب إنتخابات مجالس المحافظات عليه ينبغي التوافق على إختيار المرشحين الذين يكونون أهلا"للقيام بتلك المهمة العسيرة وبمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم ومقبولين لدى غالبية الناخبين من جميع شرائح المجتمع ومشهود لهم بالنزاهة والصراحة واضعين المصلحة العامة فوق كل إعتبار وفوق المصالح الشخصية التي خذلت بعض أعضاء مجالس المحافظات في الدورات السابقة وأن يتحلوا بالشجاعة والجرأة في إطروحاتهم من أجل أعادة تاهيل البنية التحتية وتقديم أفضل الخدمات وعلى جميع الأصعدة من خلال المصادقة على المشاريع الحيوية المهمة ومراقبة عمل الدوائر الحكومية الخدمية منها وينبغي تواصلهم مع الناس وعدم الترفع عنهم والاستماع الى مشاكلهم اليومية دون تمييز بين طائفة أو دين أو مذهب رافعين شعار خدام الشعب بشرط أن يعملوا بمضمونه نصا"وروحا" ولا يرضخوا تحت أية ضغوطات ليكونوا كبيادق الشطرنج تتحكم بهم أجندات خارجية وفقا" لمصالحهم الخاصة ويميلوا حيث ما تميل أهوائهم الدنيئة وأن يضربوا الفاسدين بيد من حديد ولا تأخذهم في الله لومة لائم من أجل تحقيق العدالة في أدنى درجاتها ليشهد لهم التأريخ خدمة للناس والوطن .

***

حسن شنكالي

تأريخ: تسجيل الوقائع وأسبابها

تاريخ: الأحداث التي تحصل

القول بأن تأريخ الأمة كان عظيما  يستند على بعض المرتكزات، والقول بأن الأمة حققت إنجازات علمية فائقة، قابل للنقاش، فالأمة ما تبنت العلم كوسيلة للقوة والقيادة، ووجدت في الدين ضالتها لتأمين الحكم والسيطرة على الناس.

وهي لا تختلف عن غيرها  من الأمم التي نالت فرصتها  من القوة والهيمنة، وربما كانت الأمة مؤهلة للقيام بدورها، وموعدها مع الثورة الدينية بقيادة محمد قد يكون مصادفة، إذ حضر الدين في زمن نهوضها وبدايات بزوعها فمنحها طاقة توثبية فائقة.

لم تنقل المدونات عن نشاط علمي في زمن الخلفاء الراشدين، وكان النبي من الذين يعزّون العلم وخصوصا الطبي، وهو الذي أنشأ أول مستشفى ميداني في المسجد النبوي أثناء معركة الخندق، وكانت تديره رفيدة الأسلمية.

وفي العصر الأموي تركز الإهتمام على علم الفلك لضبط مواعيد الصلاة وإتجاه القبلة.

وأول مَن إهتم بالعلم هو خالد بن يزيد بن معاوية، الذي إنشغل بالكيمياء وترجمة بعض الكتب العلمية.

وكان النشاط العلمي ضعيفا بالمقارنة بما حصل في العصر الذهبي للدولة العباسية (750 - 847) ميلادية (132 - 232)  هجرية، الذي وضع أسسه الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور(714 - 775) ميلادية، وحكم (22) سنة، ورسّخها حفيده هارون الرشيد (149- 193)، ومن ثم جاء المأمون (170- 218) فأوقدها وتوهجت بعصره، أما الأمين (170- 198) فتأريخه مطموس ومشوّه ولا يُعرف عن إنجازات علمية في زمانه.

فالنشاط العلمي الحقيقي كان في زمن المأمون، لأنه ركز على تفعيل العقل ووضعه في المقدمة، لكنه قضى عليه بإتباعه مناهج المعتزلة وفرضها على الناس بالقوة.

ومنذ وفاة المأمون هدرت إرادة الأمة العلمية وفقدت بغداد مكانتها ودورها، وعندما جاء المعتصم نقل العاصمة إلى سامراء.

وعلى مدى ستة عقود عانت بغداد من الدمار والخراب، وبيت حكمتها تعرض للإهمال، ويُقال أصابه بعض الإهتمام في زمن الواثق، وبعده فقد قيمته ودوره، لأن بغداد إنشغلت بحروب تدميرية وعمها الخراب أكثر من مرة، وأبشع الدمارات التي أصابتها أثناء الصراع بين المعتز بالله والمستعين بالله.

وعندما جاء هولاكو لم يجد بيت حكمة كما يُصوَّر لنا، فهل تصدقون أن بيت الحكمة قد صمد دون رعاية مركزية وإهتمام بالعلم منذ وفاة المأمون حتى سقوط بغداد (9\8\833 – 29\1\1258)؟!!

وهل يُعقل أن ما فيها قد نقلت إلى نهر دجلة، وهل لديهم الوسائط  لنقل آلاف الأطنان من الورق، أم من السهل حرقها في مكانها؟

حرق بغداد كان للوقاية من الأوبئة لكثرة الجثث المتفسخة فيها، فأعداد الأبرياء الذين قتلوا عشرات أو مئات الآلاف، في غضون عشرة أيام.

ومن غرائب المنصور أنه كان مولعا بالبناء بالطين، ومعظم ما شيّده أودت به الفيضانات، ولا أظنها لم تصب  بيت الحكمة بأذى طيلة عمره.

فالموت العلمي الذي أصاب الأمة بدأ قبل دخول المغول إليها بأكثر من أربعة قرون، فبعد مقتل المتوكل (31\3\822 - 11\12\861) ميلادية، تحول الخلفاء العباسيون إلى رموز كالدمى ومنهم مَن قتلوهم وسملوا عيونهم.

فكم نسبة الصحيح في التأريخ؟!!

*هذا المقال محاورة مع التأريخ وليس نيلا منه.

***

د. صادق السامرائي

1 ــ اجتمع رؤساء ألقمتين ألعربية والأسلامة، في السعودية الأسلامية، ازدحمت ألخطابات والقرارات، بالشجب والمطالبة، ثم انصرفوا تاركين عرضهم المثقوب في غزة، مدينة صغيرة، يسكنها أقل من المليونين ونصف المليون، تمردوا في أرضهم، على احتلال عنصري، عمره اكثر من خمسة وسبعين عاماً، عانوا خلاله وحشية الأحتلال والحصار والأذلال والأفقار ألمبرمج، (1500) او أكثر قليلاً، رفعوا اصبعهم بوجه الأحتلال اليهودي، بمنتهى الشجاعة والبسالة، اطلقوا "طوفان الأقصى" كان الأمر محضور من قبل أمريكا والغرب ألديمقراطي!!، الى جانب اسرائيل المدججة، بأخطر السلاح التقليدي والنووي، تدخلت امريكا واغلب دول الناتوا، لتأديب العدد ألقليل من ثوار غزة، جائوا ومعهم البوارج والسفن الحربية الحاملة للطائرات، بأخطر اسلحتها، بما فيها الغواصسات النووية، لاسترجاع (الحقوق المغتصبه!!!)، ليهود اسرائيل "المدافعين عن انفسهم!!!" في غزة.

2 ــ حالة رعب غير مسبوقة، أطفال بعضهم من ولد تواً، وأخرون لم يتجاوزوا الثالثة من أعمارهم، فرحون بأحضان امهاتهم، يشيرون بأطرافهم الى فرح غير مفهوم، لا يعلمون ان الموت يحتظنهم والأمهات، والمنية على مسافة أقل من نصف (ملم)، هناك مسنين ومقعدين لا يستطيعون حمل ألسلاح، أنهم مستسلمون بلا حراك، يحلمون بموت حسب التقاليد ومريح أيضاً، في أقل من رمشة عين، وجدوا أنفسهم متفحمين وبيوتهم أصبحت قبور لهم، في نهاية بشعة، قالت أمريكا "لاسرائيل الحق في مواصلة المجزرة "انها تدافع عن نفسها!!" أمريكا الباغية المتمردة، ومن تحت البساط، راحت ترتب اولويات أطماعها، بعد اُكرانيا وتايوان ومجازر غزة، وربما من تحت البساط التاريخي ذاته، عقدت مع ايران المشروع الجديد، لكم العراق واطراف من الخليج، ولنا جسد الخليج كاملاً.

3 ــ لا أحب أمريكا، لأنها اغتالت اول جمهورية تموزية عراقية وطنية، في التاريخ العراقي الحديث، وأشرفت على قتل اول زعيم وطني لا يتكرر(1)، وبعد ان اسقطت النظام البعثي المر، جاءت بالنظام الأسلامي الهجين، الأمر من الذي سبقه، وأمريكا لا تغير شيء الا لتأتي بالأمر منه، وفي دسيسة غامضة، اشركت امريكا حليفتها ايران، على تقاسم العراق ، عبر التحاصص المكوناتي، أكره ايران أيضاً، لأنها المحتل المباشر للعراق، وهيأت لنا حرس ثوري من ولائيي مليشيات الحشد الشعبي، به استطاعت تدمير الدولة وأذلال المجتمع العراقي، بعض الكتاب والمحللين والباحثين!!، يعتقدون ان هناك عداوات بين أمريكا وأيران، قد تفضي الى حرب بينهما، انها سذاجة مفرطة، فأيران وأسرائيل هما العكازتين التاريخيتين، التي تسير عليهما الأطماع والمصالح الأمريكية في المنطقة، فأيران ومن أجل المصالح الأمريكيية، عملت على تشكيل حزب ألله، لأخصاء الدولة اللبنانية، ولذات الهدف وبذات المليشيات الولائية مسحت الدولة العراقية، وبالحوتيين مزقت الدولة والمجتمع اليمني، أيران هي ألمنتصرة في الحرب على غزة، أستطاعت النجاح، في عملية غسيل جهادي، لجرائم عملائها في المنطقة، لتبدأ بهم من جديد.

4 ــ أمريكا القاتل التاريخي لشعوب العالم، كعراقيين لنا معها ذكريات دامية، ونكره اسرائيل ايضاً، لعنصرية ووحشية احتلالها  لارض الفلسطينيين، وعبثية احلام توسعها غير المحدود، "من النيل الى الفرات"، وادعم حماس بأضعف الأيمان، لأنها وبمنتهى البسالة والتضحيات الجسام، تواجه الغولين الأمريكي الأسرائيلي، وهنا اتوقف عند حماس الأسلامية، وكمواطن عراقي، استعيد ذكريات العراقيين المرة، مع الهجين الأسلامي بأغلبيته الشيعية، نظام فساد وأرهاب وتجهيل وأفقار غير مسبوق، فالنظم الأسلامية لا يستقيم وجودها، الا من خلال، تفكيك وتدمير الدولة المدنية وتمزيق الوحدة المجتمعية، وعبر الشعوذة والتخريف والتطرف، صادر البيت الشيعي، العقل والسلطات والثروات، وسفك دم العراقيين، ولا زالت مذابح ثوار الأول من تشرين 2019، ماثلة على ابواب الذاكرة العراقية، هكذا سيصبح مصيير المجتمع الفلسطيني، لو عادت حماس الأسلامية، نصف منتصرة على اسرائيل، في جولتها الراهنة، سيتقاسم النصر كلا الغريمين، والشعوب وحدها الخاسرة، في تصفيات داخلية قادمة لا ترحم، فأعادة أسلمة ألمجتمعات العربية والأقليمية، عملية ستكون متعبة ومدمرة، خاصة وفي باب كل دولة، قناص وسياف أيراني لا يرحم، الا بتحرير ديمقراطي أمريكي!!!، كما يحصل الآن في العراق الأيراني الأمريكي، وموجة الأسلمة الدموية قادمة، بعد الأنتهاء من حرب غزة مباشرة.

***

حسن حاتم المذكور

02/12 /2023

.........................

(1) الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم

 

عندما عُيّن هنري كيسنجر مستشاراً للامن القومي نهاية الستينيات، ثم وزيراً للخارجية الأميركية بدا الأمر مفاجئاً للجميع، فليس من السهل أن يُعطى هذا المنصب، لرجل مولود في ألمانيا.

الفتى اللاجئ الذي كان يبلغ خمسة عشر عاماً سوف يحور اسمه الألماني من هاينز، إلى هنري وجد عملاً في أحد المصانع وواصل دراسته ليحصل على الدكتوراه في الفلسفة عام 1950، وظل حتى اللحظة الأخيرة من حياته يقرأ كل شيء، ويصر على العمل حتى وجدناه بعد أن احتفل بعيد ميلاده المئة في السابع والعشرين من أيار 2023، قرر أن يزور الصين للمرة المئة، ليستقبله الرئيس الصيني شي جينبينغ وهو يقول له: "لن ننسى أبداً صديقنا القديم".

سوف يعتاد العالم على مشهد الرجل حاد النظرات، حاد اللسان، ينتقل من عاصمة إلى عاصمة، يجادل الرؤساء، يخوض غمار المسائل المعقدة، لكنه في الوقت نفسه يعشق السهر في أي مكان تتواجد فيه الراقصة المصرية نجوى فؤاد، وسيخصص لها مكاناً في يومياته فيكتب: "بعد يوم طويل من المفاوضات والجدل بين دهاليز السياسة، أخيراً أستريح في سهرة أحرص فيها دائماً على وجود الراقصة المصرية التي فُتنت بها وهي الفنانة نجوى فؤاد، وكنت أحرص قبل وصولي إلى القاهرة على التأكد من وجود الراقصة الجميلة في مصر، وأسأل عن أماكن تواجدها حتى أراها، وكانت تبهرني، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التي رأيتها في الوطن العربي إن لم تكن الشيء الوحيد".

كسينجر الذي رحل عن عالمنا قبل أيام تحول من مجرد صحفي يعمل في صحيفة أسبوعية إلى واحد من أهم رجالات السياسة الأمريكية، يجلس في مكتبه لتمر من أمامه كل الأوراق المتصلة بالشؤون العسكرية والداخلية والخارجية، يكتب في واحد من مؤلفاته "ضرورة الاختيار" عن الفرق بين السياسي البليغ والسياسي العميق، حيث يرى أن السياسي البليغ يبتعد دائماً عن أعماق المشكلة وأساس الحقائق، معتمداً على ما يقدم له من ملخصات عن الأوضاع، فنجده يبتعد عن الابتكار"، بينما يرى أن عالمنا يحتاج إلى السياسي العميق الهادئ الذي يحلل الأشياء قبل أن ينطق بكلمة. فالسياسة الارتجالية تفتقد الى النظرة الشاملة، ونجدها فاقدة الاتجاه والمضطربة، تخضع لردود الأفعال أمام الأزمات.يقول كسينجر إن المسؤول الحقيقي لا يستحق لقبه مالم يستطيع التمتع بنكران للذات، قوة وحكمة في مواجهة العواصف السياسية، وأن يكون قريباً من رجال مثقفين لا بيروقراطيين.

ربما يقول البعض إن أسوأ ما يحدث للكاتب، أن يضرب أمثلة بأشخاص كان قبل سنوات يضعهم في خانة الأعداء، ولكن ماذا نفعل ياسادة وليس لدينا ما نتباهى به سياسيا.

بعد أن أُعلن خبر وفاة كيسنجر أرسل لي الكاتب الكبير رشيد الخيون بوست لأحد العراقيين كتبه على صفحته في الفيسبوك يقول فيه: "كسينجر كان السياسي الأول في العالم لغاية ظهور إبراهيم الجعفري". بالتاكيد لا توجد ابلغ من هذه النكتة.

***

علي حسين

إذا كان الفيلسوف هو المحب للحكمة الباحث عن الحقيقة العاشق للمعرفة فإنه دائما وفق مبادئه وقيمه يقف بجانب الحق ويدافع عن الحقيقة حتى ولو كانت على حساب معتقده وملته ..

يعرف المفكر السوري خالص جلبي الفيلسوف فيقول:  "الفيلسوف إنه ذلك النهم للمعرفة، الذي تغشاه روح الطفولة، ولا تفارقه روح الدهشة، وفضولية الطفل وحبه اللعب والإصغاء ولو لفلاح جاهل، مع نسيان النفس، وتأمل كل قديم بنظرة جديدة؛ فالجدة لا تفارقه، والعجب لا يغادره" .

فإذا كان هذا الفيلسوف الذي تغشاه روح الدهشة والمعرفة فكيف به يخرج عن إتسانيته وعقلانيته وخاصة وقد مر بتجارب عميقة وبلغ من العمر عتيا .

"فقد أصدر الفيلسوف  يورغن هابرماس- ومعه نيكولا ديتلهوف أستاذة العلوم السياسية، ورينر فوريست الفيلسوف المعروف، والأستاذ كلاوس غونتر- بيانًا حول ما يجري في قطاع غزة، أدانوا فيه "المجزرة التي ارتكبتها حماس ضد إسرائيل بنية إبادة الحياة اليهودية بشكل عام"

يقول هابرماس، ومن معه في بيانهم: "إنّ الوضع الحالي الذي تسبّبت فيه وحشية الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس، وردّ فعل إسرائيل عليه، أفضى إلى سلسلة من المواقف الأخلاقيّة والسياسيّة والمظاهرات الاحتجاجية".(1)

إن هذا الموقف اللإنساني من فيلسوف كبير  ينظر لعملية فعل التواصل يجعله يسقط سقوطا حرا في بحر التناقض و كل ما عاش من أجله يتلاشى بهذا الموقف العنصري الذي يقف فيه مع الجلاد المغتصب ضد الضحية صاحب الأرض الذي يقاوم منذ أكثر من خمس وسبعين سنة متشبثا بها رغم الحصار والدمار..

وقد صدق الشاعر محمد المقرن حينما قال :

نبني من الأقوال قصرا شامخا **والفعل دون الشامخات ركام..

***

الكاتب: شدري معمر علي - الجزائر

...................

1- موقع الجزيرة.

الغرب غرب والشرق شرق، والتوهم بأنهما سيلتقيان من مستحيلات الثوابت الكونية، فهما على طرفي نقيض، الشمس تشرق وتغرب ولا تتطابق الحالتان في ذات المكان. فهي تشرق في مكان وتغرب في آخر، وهكذا دواليك بموجب إرادة الدوران.

وهذا ينطبق على مشارق الأرض ومغاربها، ومن الأمثلة الجلية، أن الشرق منغمس بالتأريخ وآليات تفكيره ماضوية بحتة وغرق فيها وتمادى.

بينما الغرب يرى ما يعاصره ولا يستوعب أقرب تأريخ، فالبارحة ماتت في وعيه، وهو إبن لحظته؟

و يرى الغرب :"ما مات فات"، ويرى الشرق  " ما مات عاش" ، فكيف يلتقيان؟

ولو أخذنا مثلا قريبا وهو القضية الفلسطينية، الغرب لا يفهم لغتنا المعبأة بالتأريخ، إنه يرى حالة قائمة أمامه، ويتوهم الحلول وفقا لمقتضيات مصالحه ومستلزمات الحفاظ على وجوده.

ولهذا تجدنا على مدى ثلاثة أرباع قرن ندور في وادٍ وهم يدورون في آخر، وسيمضي ناعور الويلات يتحرك بتعجيل متزايد، ما دامت المسافات تتسع مع الأيام.

أصحاب الحق ما عاد لهم حق، والراتعون في مواطنهم هم الأحق، هذا ما تمليه العقلية الغربية، وترفضه العقلية الشرقية التي ترى غيره تماما.

وقس على ذلك العديد من الحالات والمواقف والتداعيات، التي تتحرك بشراسة على أرض واقع أليم، الخاسر فيه المنغمسون في الغابرات، والمتمكنون فيه المتفاعلون مع واقع قائم أمامهم، يرونه كما هو لا كما يُراد له أن يُرى!!

فهل سيلتقي الضدّان، والضد يُظهر شرّه الضد؟!!

***

د. صادق السامرائي

30\11\2023

منذ أن أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في الثامن عشر من كانون الاول المقبل حتى بادرت بعض الكتل والأحزاب السياسية من خلال مرشحيهم الى الإلتفاف على القانون بطرق مبتذلة وغير مشروعة لتحط من قيمة الناخب العراقي وكرامته من خلال شراءهم الذمم بأساليب رخيصة لا تمت للمواطنة بصلة، وبعيدة عن كل القيم الإنسانية .

علما" أن التباري في البرامج الإنتخابية بين المرشحين من أجل تقديم أفضل الخدمات، حالة حضارية لا تتعارض والقوانين السارية، على أن توفر قناعة للناخب للإدلاء بصوته، وكسب عدد أكبر من الأصوات، دون تأثير أوضغوط جانبية لمصادرة إرادته الحقيقية، مما يوطد الثقة بين المرشح والناخب، ليكون ممثلاً حقيقياً للشعب في مجلس المحافظة .

 فالذي يحدث مؤخراً مع الأسف في هذه الأيام التي تسبق يوم الإقتراع وأمام أنظار الحكومة العراقية، وهذا دليل على ضعف شخصية الناخب وإنصهارها في بوتقة الرياء السياسي وعدم إكتراثه للعملية السياسية، وما تؤول اليه نتائج الإنتخابات مسبقاً، وهوعرض الأصوات للبيع بالمزاد العلني من قبل بعض الناخبين، عن طريق سماسرة المرشحين، مقابل مبالغ مالية زهيدة، أو وعود كاذبة، لأن المجرب لا يجرب، ومن يبيع صوته فلا مانع لديه من بيع وطنه والتنازل عن وطنيته، لأن صوت الناخب أمانة، وعندما أتاحت الدولة للمواطن فرصة المشاركة في الإنتخابات، لإختيار العناصر الكفوءة المتمثلة بالتكنوقراط وأصحاب الإختصاص والتي تعتبر سلطة رقابية على مستوى المحافظة، فينبغي إستغلال هذه الفرصة بما يضمن مستقبل أجيالنا التي عانت الأمرين لسنوات خلت .

فنحن أحوج ما نكون اليه اليوم هو الوعي السياسي للمواطن والإيمان بالمواطنة الحقة التي أضعناها منذ سنوات، نتيجة ضعف هيبة الدولة العراقية، واستشراء الفساد في جميع مفاصلها دون رادع ولا وازع، مما مهد لدخول عصابات داعش الإجرامية وإحتلالها لثلث مساحة العراق، والتأثير على نفسية المواطن وتغييرها الى سلوك عدائي وهدام للبنى التحتية، لإرتباطها بأجندات خارجية تهدف الى بث الفرقة بين مكونات المجتمع، بصيغ طائفية مقيتة بعيدة عن الواقع العراقي الذي تربى عليه .

نتساءل، أين دور الحكومة العراقية ومؤسساتها الإدارية والقضائية ؟ في كل ما يحدث من إستخفاف بالقوانين والتلاعب بها حسب مزاج بعض الكتل والأحزاب السياسية، أليس القانون فوق الجميع؟ أم هناك من هم فوق القانون ؟ في دولة اللاقانون، نتيجة لإرتباطهم بجهات حزبية متنفذة على الساحة السياسية في العراق .

سلفاً وإستقراءً للمستقبل القريب، سنشهد إنتخابات تشوبها الضبابية وعدم الشفافية وقد ترتقي الى مستوى حدوث بعض حالات التزوير، لتسلط بعض الجهات المتنفذة على المناطق المسيطر عليها وممارستها لأساليب مشبوهة تهدف الى التلاعب بنتائج الإنتخابات المرتقبة لصالحها زوراً وبهتاناً وخرقاً فاضحاً للقوانين المرعية وبنود الدستور العراقي .

***

حسن شنكالي

دول الأمة التي تعاني الويلات والإضطرابات والخرابات والدمارات يدير شؤونها الأغبياء. فالذكاء لا يقاس بالدرجات العلمية، وإنما بالسلوك ومآلات الأمور وما تنتهي إليه، فعندما نعاين دولا ذات ثراء وطاقات بشرية نابهة ذكية، وترزخ تحت سنابك القهر والإذلال والحرمان، ويعصف في مؤسساتها الفساد وإغتصاب حقوق الإنسان، فالجواب الواضح على ذلك أنه الغباء الفاعل في حكوماتها من رأسها حتى أدنى درجة وظيفية فيها.

فالغباء كالوباء، وعندما يكون القائد غبيا، فمَن معه وما دونه يصابون بذلك الوباء المروع، فتنتكس الأحوال، وتتردى الأوضاع، وتنقلب الموازين، ويكون في المواقع القيادية الذين يتمتعون بدرجات عالية من الغباء.

هذا واقع سلوكي وتفاعل بشري قائم، يحدثنا به التأريخ عبر مسيراته المعاصرة والغابرة، فعندما يكون القائد ذكيا يؤلف حكومة ذكية، وعندما يتمتع بالغباء فأنه سيكره الأذكياء ويبعدهم، ويقرِّب الذين أكثر منه غباءً، وبهذا يقضي على نفسه وحزبه وحكومته، ويذيق شعبه كأس العلقم والسأم المرير، حتى لتجد أبناء البلاد يهربون إلى أي بقاع في الدنيا للخلاص من أهوال الغباء.

إن المواطن يشعر بالسعادة في غير بلاده، لأنه يمتلك ذكاءً، فيجد نفسه في عالم يقوده الأذكياء، فيستريح ويستشعر السعادة، وينطلق بإبداعه وتعبيره المطلق عن ذكائه.

وكم من القيادات الغبية والحكومات الأغبى منها في بعض دولنا، التي تذيق مواطنيها شر الحياة، وتحيل وجودهم إلى قهر وعناء.

فهل تستحق مجتمعات الأمة الذكية حكومات على هذه الدرجات من الغباء.

حكومات تساندها القوى الطامعة بالبلاد، وتؤسسها بطوابير من الرعاع، وتوهمهم بأنهم قادة وأذكياء، وما هم إلا عقارب صفراء عمياء، تريد أن تنفث سمومها في أبدان المساكين الأشقياء من أبناء البلاد الأبرياء.

فهل من حكومات ذكية في دولنا الشقية، يا أمة الألباب التي بها يتعقلون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

حضرة السيد كريس منس رئيس ولاية نيو سوث ويلز المحترم

تحية وبعد..

لقد وجدت نفسي مضطراً لأن اخاطبكم مباشرة لأنها الطريقة الأسرع والأفضل التي يمكن ان تصل بها رسالتي لكم.

أنا الأسترالي من خلفية لبنانية عربية المؤمن بانسانيته والذي يقدم انتماءه الانساني على كل ما عداه من الإنتماءات الأخرى حيث لا حاجة لجواز سفر او بطاقة هوية لتأكيد ذلك الانتماء.

أنا الهارب من جحيم الحروب الاهلية والتي رُفعت فيها شعارات طائفية،مذهبية، مناطقية وأثنية وبكل فخر لم يشارك في تلك الحروب التي أستمرت 15 عاماً لأنني لا أؤمن بأن الله الذي خلق الانسان وكرم بني آدم وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات  يسامح أي إنسان يقتل أخيه الأنسان تحت أي شعار أو لأي سبب.

قبل ثلاثة عقود ونيف انتقلت الى أستراليا وحصلت على جنسيتها والتي أعتز بها كما أعتز بخلفيتي اللبنانية العربية.

منذ أن وطأت قدماي هذه الأرض وعملاً بالعقد ما بيني وبين هذه البلاد فقد نذرت نفسي لخدمتها لأنها أمنت لي الكثير لإثبات ذاتي على كافة المستويات رغم الصعاب التي واجهتها كما كل القادمين الجدد ومنها على سبيل المثال لا الحصر العائق اللغوي.

لكن التسهيلات التي حصلت عليها كما غيري من المهاجرين شكلت عندي الحافز للعمل بتفاني، فوجدتني مندفعاً لخدمة المجتمع ضمن ألأمكانيات المتاحة متسلحاً بأنسانية عابرة لكل الأنتماءات والتي ساعدت عليها التعددية الثقافية والتسامح والتناغم الأجتماعي وقوانين مكافحة العنصرية والتفرقة على اي أساس من العرق واللون والخلفية الثقافية والجنس وغيرها.. التي تصونها قوانين البلاد، بالأضافة الى أنني استطعت أنشاء عائلة افتخر بها وكل طموحي كما كل العائلات ان تعيش بسلام.

إن السياسة من الناحية اللغوية لها تعريف متنوع منها معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساس ويسوس، أما اصطلاحاً فتعرف بأنها رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما، وتعرف كذلك بأنها العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدولة وهناك تعريف آخر بان السياسة طرق وأجراءات مؤدية الى اتخاذ قرارات من اجل المجتمعات والمجموعات البشرية .

السيد منس، لا افشي سراً إذا قلت أننا كأستراليين من كافة الخلفيات نتفاعل بشكل او بآخر مع الأحداث في البلاد التي جئنا منها، ولكن أؤكد ان الأولوية هي المحافظة على التناغم الأجتماعي والأمن في استراليا، وكما أسلفت التزاماً بالعقد الذي دخلنا بموجبه الى البلاد التي أمنت المأوى الآمن لكل الهاربين من المشاكل على اختلاف انواعها من بلادهم الأصلية.

مؤخرا، انفجر الوضع بين الأسرائيليين والفلسطينين وهذا الانفجارالاخير لم يأتي من فراع كما قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرتش حيث يخضع الشعب الفلسطيني لأحتلال منذ سبعة عقود ونيف ويمارس الأحتلال تمييزاً عنصرياً على كافة المستويات ضد الفلسطينيين، وحيث فشلت عملية السلام والتي كانت تقوم على مبدأ حل الدولتين الذي لم يبصر بسبب توسع الأستيطان الأسرائيلي غير الشرعي حسب قوانين الأمم المتحدة على حساب الشعب والارض الفلسطينية وذلك تحت مراى ومسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأممية.

السيد منس، عندما انفجرت الجولة الأخيرة من العنف في فلسطين كنا نتوقع منكم موقف حيادي لا يحابي طرف على حساب طرف آخر من ابناء المجتمع ، ولكن وللأسف اتخذت موقفاً منحازا ًبإضاءة أشرعة دار الاوبرا في سدني بالوان العلم الأسرائيلي والذي عدت واعتذرت عنه مع العلم ان الشرطة كانت قد حذرت من هذه الخطوة ولم تكتفي بذلك لا بل بدات تهدد بمنع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين رغم ان القانون يسمح بذلك.

السيد منس، دعني أصارحك واقول لكم أنها المرة الأولى التي أشعر بها بقلق كبير على التناغم الأجتماعي عندما بدأتم بتخويف المواطنين على أساس مناطقي بين شرق وغرب في مدينة سدني بقولكم أن حكومتكم لن تتساهل مع الذين يقومون بمسيرات سيارة في مناطق معينة سواء في لاكمبا او المناطق الشرقية من سدني.

السيد منس، اليس كل ابناء نيو سوث ويلز هم رعاياك بغض النظر عن الجنس والعرق واللون والأثنية والمعتقد والمنطقة..

إذن، لماذا هذه المقاربة أليس الجميع تحت القانون ؟!

السيد منس، تقولون أنه وفاءاً بوعد انتخابي فإن حكومتكم شكلت مجلس شؤون الأديان لولاية نيو سوث ويلز وانكم تعتقدون أنكم  تكونون حكومة افضل عندما نستمع، وان المجلس سوف يساعد على تحديد نوعية الفرص والمبادرات من أجل تعزيز التعاون والحوار المستمر بين حكومة نيو شوث ويلز والمجتمعات الدينية.

عجباً المجتمعات الدينية اليست أستراليا بلد علماني؟! ولا يعرف المواطن بها حسب الدين اليس المفروض ان تتقدم المواطنة على ما عداها.

السيد منس، نتمى لكم ولمجلسكم الذي سيعقد في جلسته الأولى في أوائل كانون الأول كل التوفيق، لكن دعني أصارحكم بأن هذه المقاربة لن يكتب لها النجاح واول المشاكل هو على أي أساس أختيار الممثلين وما هو دورهم التمثيلي وهل يمثلون جالياتهم ومن إنتخبهم في بلد نفاخر بديمقراطيته الانتخابية مع إيماننا الكلي والثابت بحق كل مواطن/ة بممارسة شعائره والتي لا تتعارض مع القوانين المرعية الني تحفظ حق المواطنين هذه القوانين التي يجب تطويرها بما يناسب مصلحة البلاد واسمترار إزدهارها وتقدمها.

السيد منس، أخيراً أعتقد أن مواطني نيو سوث ويلز انتخبوا حكومتكم لتحكم بالعدل لان العدل أساس الملك.

ولكم خالص مودتي وتقديري

***

عباس علي مراد

  من المضحك المبكي أن في إحدى الدول المتقدمة، زار وزير الصحة مشفى للأمراض العقلية لتفقد أحوال النزلاء هناك، ورافقه في تجواله أحد أطباء المشفى، وبينما هما في تجوالهما بادر الوزير بتوجيه سؤال الى الطبيب مستفسرا: كيف تميزون العاقل من المجنون؟

فرد عليه الطبيب: نأتي بـ (بانيو) ونملأه ماءً ونضع أمام المريض ملعقة وفنجانا ودلوا، ونطلب منه تفريغ البانيو من الماء، وبسرعة بديهة قال الوزير بثقة تامة: من المؤكد ان العاقل سيختار الدلو والمجنون يختار الملعقة او الفنجان، أليس كذلك؟

فرد عليه الطبيب: كلا يامعالي الوزير، فالعاقل يرفع سدادة البانيو.

  هنا أرى أن الوزير استخدم عقله فقط، ولم يستند الى الحكمة والروية في استنتاجه ذاك، فالعقل وحده قابل للخطأ والاشتباه، ومن دون الحكمة يكون اللبس والالتباس أقرب اليه من التشخيص الدقيق والتحليل الصائب. فالحكمة إذن، هي دليل نضج العقل وبلوغه حدا، يمكـِّنه من قراءة ماتؤول اليه الأمور من نتائج، واستباقها بحلول في حال قصور العقل عن بلوغها بمفرده، وبذا تكون الطرق سالكة للوصول الى الحلول الناجعة والمجدية.

  لاأريد بما تقدم تشبيه ذاك المشفى بما أبتغي الوصول اليه في سطوري هذه، لاسيما ان ما أبتغيه من خلال منبري هذا، هو طرح رأيي كمواطن عراقي في شأن عراقي بحت. فقد كثرت في الآونة الأخيرة بين ظهرانينا، أحداث لايقوى العقل وحده على مهمة تحليلها وتأويل نتائجها، مهما بلغ وسع إدراكه وسعة أفقه، بدليل ان النتائج طالما تأتي عكس كل توقعات العقول وتنبؤات ذويها. آخرها -وأتمنى ان تكون خاتمتها- الانتخابات وقانونها ذو الجدل، وما أعقبته من تداعيات وروائح نتنة، بلغ فيها الهرج والمرج مايجسده مثلنا: (ما تعرف رجلها من حماها). إذ تتوالد بين ليلة وضحاها مستجدات، هي في حقيقة الأمر طلاسم وفوازير، يشوبها الغموض وتطغى على تفاصيلها الضبابية، والمواطن -الناخب والمقاطع على حد سواء- ما عاد يدرك الصالح من الطالح من الذين اصطبغت من أجلهم سبابته، فهو بين مصدق مواعيدهم ومكذبها، وبين متأمل خيرا ويائس حد القنوط، وقطعا لم يأتِ هذا من خواء.

  وبين هذا وذاك، يستذكرون جميعهم العمليات الانتخابية السابقة، والتي مافتئ المواطن -لاغيره- يتحمل نتائجها المريرة حتى اللحظة، ومازال هو وحده الخاسر الأول والأخير فيها، في وقت كان يتأمل من كل واحدة من العمليات، أن تعديلا جذريا سيشمل حياته يوميا وتفصيلا، مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا، فضلا عن أمنه وأمانه على حاضره، واطمئنانه على مستقبله.

  إن تعديل مسار المجلس التشريعي، ليعقبه بعد ذلك مجلسه التنفيذي، بات رهين العملية الانتخابية، وللأسف هو حلم غير قابل للتحقيق، وبصيص الأمل الذي كان يحدو المواطن طيلة العقدين المنصرمين، بات واضحا أنه سراب لا يروي ظمآنا، بالدليل والبرهان علاوة على التجربة.

  وبعودة الى الـ (بانيو) واستخدام الحكمة في كيفية تفريغه مما يحتويه، فإن الحل الأنسب والأجدى في ظرف بلدنا الراهن والحرج، هو رفض أساليب المحاصصة بجميع صورها رفضا قاطعا، وتهميش الأحزاب أول الأمر بعيدا عن تمثيل المواطن، ذلك لأنها أثبتت تمثيلها الأناني والمنحاز الى مآربها وأجنداتها لا غير، ليعقب هذا ركلها خارج أسوار المؤسسات، وإبعادها عن المناصب لاسيما القيادية والسيادية منها، وفتح منافذ الخروج لعناصرها وآلياتها وخططها ومناهجها وأهدافها، ودفعها فيها كما تدفع المياه الآسنة في مجاري التصريف، وبغير هذا تبقى الأحزاب تجر المواطن من خراب إلى خراب، ولايأبه قادتها إلا بما يخص جيوبهم، وملؤها هو شغلهم الشاغل، متمسكين بنظرية: "ماطول بالنخلة تمر ما اجوز من شرب الخمر".

***

علي علي

يشهد عصرنا الحديث ظاهرة الاستبداد او ما يسمى الاستفراد بالسلطة والتحكم برقاب الناس والاستئثار بخيرات الشعب، وتتجلى نزعة الاستبداد التي تعتبر من ظواهر الاجتماع السياسي عند الرؤساء الذين تأتي بهم الصدفة الى هرم السلطة او يصلون اليها عن طريق الانقلابات العسكرية او التآمر مع قوى خارجية وهؤلاء الذين عادة ما يكونون بلا تاريخ سياسي أو خبرة في الادارة بأشكالها كافة عندما يصلون الى السلطة وينعمون بخيراتها وتطيب لهم امتيازاتها يشدون العزم على فعل كل شيء من أجل البقاء فيها، فتراهم يسخرون موارد الدولة ويزيدون من عسكرتها ويخرقون القوانين وكل ما يفعلونه هو من أجل توطيد وحماية أركان سلطتهم، كما انهم يتصرفون مع شعوبهم على انهم آلهة طاعتهم واجبة وتقديسهم فرض، ومثل هؤلاء للأسف باتوا يمثلون القاعدة ولكن التاريخ يحدثنا عن القليل الذين يمثلون الاستثناء أولئك الرؤساء الذين تمتعوا بكاريزما خاصة جعلتهم قريبين من شعبهم ويحظون بحبه واحترامه وهذا الصنف من الرؤساء يدركون انهم موظفون في الدولة لهم حقوق وعليهم واجبات ولا يختلفون عن غيرهم من الموظفين الا في الموقع الوظيفي ونوع الواجبات وبالتالي وجودهم في موقع المسؤولية هو لخدمة شعوبهم وليس لاضطهادها، وقد وجدنا في سيرة عدد من الحكام دروسا في التواضع والأمانة والزهد، فمن تجارب الحكم العربية لا يمكن ان نغفل تجربة الرئيس عبد الكريم قاسم التي تركت أثرا طيبا عند جمهور واسع من الشعب العراقي فهو زعيم وطني مخلص وزاهد اقترب كثيرا من هموم الطبقات الكادحة والفقيرة واتصف بالبساطة والتواضع في السلوك اليومي ولعله الحاكم الوحيد الذي اعطى للدولة ولم يأخذ منها وذلك عندما تبرع بدار والده لإنشاء مدرسة ثانوية ما تزال قائمة في مدينة الصويرة، وكذلك الحال مع الزاهد في السلطة الرئيس السوداني عبد الرحمن سوار الذهب الذي انسحب من رئاسة السودان بعد تسليم السلطة الى الحكومة المنتخبة دون اراقة قطرة دم واحدة، ودرس آخر في الزهد ونظافة اليد نستمده من تجربة رئيس أوروغواي السابق خوسيه موخيكا الموصوف عالمياً أفقر رئيس في العالم الذي فضّل العيش فترة توليه رئيس للأوروغواي بين عامي 2010 و2015 في بيته الريفي على البيت الرئاسي وبلا حراسة أمنية مشددة كبقية رؤساء العالم، كما انه لم يحتفظ سوى بـ10% من راتبه الذي يبلغ شهريا 12 ألفا وخمسمئة دولار أميركي ويتبرع بالباقي لفائدة الجمعيات الخيرية،  وليس لديه أية حسابات مصرفية ولا ديون، وأغلى شيء لديه وفق تصريحه هو سيارته القديمة من طراز "فولكس واكن"، ونظرا لارتباطه بالفقراء فقد خصص بعض أجنحة القصر الرئاسي لإيواء المشردين بعد اطلاعه على عدم كفاية طاقة استيعاب المراكز المتوفرة بالبلاد مثلما رفض استلام على أي راتب تقاعدي عن فترة خدمته. وهذه السيرة تشبه الى حد كبير مع ما حدث مع المستشارة الالمانية " ميركل " التي عادت للعيش في شقتها البسيطة بعد 16 عام قضتها في السلطة، وهناك من الرؤساء من ضرب مثلا رائعا في التواضع والحرص على المال العام فرئيس وزراء هولندا يذهب الى دوامه الرسمي على دراجة هوائية بدون موكب وحمايات كذلك الحال مع رئيس وزراء بريطانيا الذي يذهب بنفسه للتسوق على دراجته الهوائية ويقف في الطابور حاله حال المواطنين الاخرين.

ان ما نشهده اليوم من فساد وكوارث انسانية وشعوب مقهورة تعيش حالة مؤسفة من التخلف الاجتماعي والتدهور الإنساني في أوضاعها الأمنية والاقتصادية وغياب الدولة يضاف اليها حملات التجهيل الثقافي والمعرفي تعود اسبابها الى ان رجل السياسة السيء الذي عاش سنوات من الحرمان عندما يصل الى السلطة يتنكر لماضيه فلا يفكر الا في مصلحته الخاصة ولو كان تحقيقها يحتم اتباع وسائل غير اخلاقية وغير مشروعة وذلك باستغلال السلطة للسرقة والانتقام، في حين هناك من يفاخر انه جاء من اسرة فقيرة ووصل الى ما وصل اليه وهو ما حدث مع الرئيس البرازيلي " لولا داسيلفا " لدى اعتلائه المنصة لألقاء خطابه الاول بعد فوزه في الانتخابات فقد صعد المنصة وبيده حذاء وقال وصلني اليوم هذا الحذاء هدية من عمدة مدينة فرانكو واعرف انه يريد ان يذكرني انني ربما مسحت له يوما حذاءه عندما كنت أعمل ماسح أحذية وأنا طفل صغير وهذا شرف عظيم لبلدنا ان يصبح ماسح الأحذية رئيسا للدولة وذلك خيرا من ان يصبح رئيس الدولة لصا ينهب أموال شعبه.

والمعروف عن الرؤساء انهم يبالغون في ابراز مظاهر الهيبة والوقار من خلال سلوكهم السياسي والاجتماعي فلا يظهرون الا بوجه متجهم وجدية صارمة ويعتقدون الظهور بهذا الشكل من سمات الشخصية المهمة وتزيد من سطوتهم على الشعب في حين هناك من الرؤساء من يتصرف كانسان عادي يمازح ويشاكس ويتعامل باللين ويلجأ الى الطرفة حين يستوجب حضورها، يروى عن رئيس وزراء بريطانيا الأشهر ونستون تشرشل الذي عرف بذكائه الحاد في الحياة السياسية والاجتماعية اضافة الى سرعة البديهة لديه، ان مواطنا اقتحم موكبه وهتف في وجهه قائلا: أنت غبي. فاعتقلت الشرطة المواطن وقادته الى السجن، واستدعى البرلمان تشرشل وسأله احد الاعضاء غاضبا: هل يجوز ان تعتقل الشرطة مواطنا وتضعه في السجن لمجرد انه قام بسبك؟.

فأجاب تشرشل: الشرطة لم تعتقله لأنه سبني، بل لأنه أفشى سرا من اسرار الدولة !! فضجت قاعة البرلمان بالضحك والتصفيق.

للأسف لم يقدم تاريخنا السياسي العربي رئيسا تحلى بالحكمة والأمانة والعدل واكتسب الهيبة وحب الناس له من خلال تواضعه ونزاهته وقربه من هموم شعبه الا ما ندر.

***

ثامر الحاج امين

المطالبة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جوار دولة نووية منزوعة القيم والشرف والإنسانية والأخلاق لا تعترف بحدود لها رغم انقضاء ثمانية عقود على انشائها او لنقل زرعها في قلب الامة العربية، امر غريب ومستهجن من قبل رئيس اكبر دولة عربية كنا نعتقد انها تشد الازر وتعين على المصائب، المؤكد ان ما تفوّه به السيسي  يمثل راي غالبية حكامنا اليوم الذين كل همهم المحافظة على عروشهم وارضاء اولياء نعمتهم ، تفاهات نجزم انها صدرت عن حكام كانوا سبباً مباشرا لهذا العدوان الشرس الذي قضى على الحجر والبشر بجبنهم وتخاذلهم والمقاومة الوطنية الاسلامية  في اوج تألقها وانتصاراتها وعنفوانها .

ها هي فلسطين اليوم تمر بأصعب مراحلها، يقف الفلسطينيون وحدهم يواجهون أقوى الجيوش في العالم ممثلة في الصهاينة وأمريكا والغرب وبعض الأنظمة المهزومة والمطبعة، فأين المجتمع الدول وأين القانون الدولي؟ وأين حقوق الانسان وحرية تقرير المصير لأكثر من ثمانية عقود. أم أن الفلسطينيين ليس بأناس ولم يرتقوا الى ذلك بعد، كما قال وزير دفاع الصهاينة عن الشعب الفلسطيني بانه “حيوان بشري” ويستحق أن يعامل بقدر ما هو؟ ان ما ذكره السيسي يؤكد ان الطبخة المجهزة مع دوائر اقليمية ودولية أخرى خطيرة قد استوت ويريد منا السيسي أن نضيع تضحياتنا على مدى عقود الاحتلال والتشريد.

لن يقبل الكيان المحتل بدولة منزوعة السلاح تحت اشراف اممي في حدود 67، فهو يماطل للاستحواذ على المزيد من الاراضي لأجل توسيع المستوطنات واستجلاب المزيد من الصهاينة ،فالشعارات اثبتت فشلها والانظمة العربية اصبحت بعد تحييد او لنقل تقييد وتكبيل مصر، عاجزة عن الحرب واسترداد الحقوق بالقوة، وان مبدا الارض مقابل السلام الذي قدمه العرب على طبق من ذهب التهمه العدو والقى بالطبق في وجوه حكامنا، الذين اذلوا انفسهم على ابواب العواصم الاوروبية وامريكا استجداءا للسلام المزعوم، الذي يعني الخنوع لهؤلاء الفرنجة، لقد كان بإمكان الحكام العرب ان يمتلكوا القوة العسكرية من خلال دخول مجالات التصنيع بمختلف انواعها، وكذلك ولوج عالم الذرة فهم يمتلكون الاسباب المادية والعلمية والطاقة البشرية التي تجعلهم امة يحسب لها، او من خلال اقامة التحالفات الدولية الحاسمة والفاعلة في المنطقة.

ظن الجميع بمن فيهم الحكام العرب الخانعين المتآمرين على الشعب الفلسطيني، انه بموت الرعيل الاول او توزعه القسري في الشتات سينهي القضية، لكنهم خسئوا وباؤوا بالفشل الذريع ،لقد توارثت الاجيال المتعاقبة خاصة الذين ولدوا تحت نير الاحتلال وجبروته، جينات حب الوطن والذود عنه بكل الامكانيات،بما فيها تقديم الارواح قربانا له، لكي ينعم من يتبقى على قيد الحياة بالأمن على حدود كامل تراب فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، وليعش اصحاب الديانة اليهودية غير المتصهينين بالبلدان التي ولدوا بها .

تحية للمقاومين في غزة بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية والذين جمعهم حب الوطن، الذين اثبتوا لمن يدعون صداقتهم قبل عدوهم انهم مؤمنون بالقضية ولا يهابون الموت بل يتقدمون الصفوف والالتحام المباشر مع الصهاينة (المسافة صفر) وتحية للمقاومين في الضفة الذين يعيشون في سجن تقوم بحراسته سلطة تعمل لصالح العدو، حيث اعلن راس السلطة قبوله بالمقترح.

تقف البوارج وحاملات الطائرات من مختلف الدول الاستعمارية امام اعينهم، فلم ترهبهم، بل زادتهم ايمانا بعدالة قضيتهم، ما اصغر العالم وما اكبرك يا غزة.

***

ميلاد عمر المزوغي

القرار الذي اتخذته اجمعية العامة للأمم المتحدة هوانسحاب إسرائيل من الجولان المحتلة منذ 1967، وبإجماع 91 دولة غربية، ووافقت المملكة العربية السعودية على القرار، وشاركت في صياغة القرار مجموعة من الدول، من بينهم الجزائر، فنزويلا، مصر والأردن والعراق وقطر وكوريا الشمالية وكوبا والكويت ولبنان وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة وسوريا وتونس.، بعد أن كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد وقّع في عهده مرسوم اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان، والجولان تحكي قصة هضبة سورية احتلتها إسرائيل منذ الستينيات وجعلتها مستوطنة يهودية، وتهدف إلى إعمارها باليهود ومضاعفة عددهم حتى العام 2030 .

 وكانت الجولان تستقبل لاجئين فلسطينيين ما جعل إسرائيل تجعلها من المناطق الأكثر استهدافا، حسب التقارير (المرصد السوري لحقوق الإنسان)، فمنذ الحرب على غزة استهدفت إسرائيل البنى التحتية للجولان السوري وبخاصة منطقة منطقة حوض اليرموك، على اساس انها مواقع إرهابية، القرار طبعا يعتبر قرارا سياديا تتخذه جمعية الأمم المتحدة، لولا أنها ملزمة بأن تبادر إلى اتخاذ قرار آخر تطالب فيه إسرائيل الإنسحاب من غزة، وتكون عملية الهدنة الممتدة نقطة انسحاب إسرائيل من منطقة غزة، حتى تمكن أهلها من العودة، فالشعب الفلسطيني لا يزال يتعرض للاعتداء والعدوان منذ أكثر من 75 عامًا، وقد حان الوقت لأن تتخذ الأمم المتحدة في جمعيتها القادمة قرارا مماثلا للقرار التي اتخذته في قضية الجولان السوري.

 كما على الدول العربية التي وقّعت على وثيقة الأمم المتحدة أن تطالب هذه الأخيرة، بل تضغط عليها لإصدار قرار بانسحاب إسرائيل وتوقيف القصف على غزة، بعد انتهاء مدة تمديد الهدنة، فلا فرق بين الجولان وغزة،  لأن معركة العرب ضد الصهيونية هي معركة واحدة ولذا على الدول العربية الغير مُطَبَّعَة أن تلتقي داخل دائرة واحدة، لإنهاء الحرب التي أعطيت لها طابعا هستيريا عدوانيا، طالما لها قواسم مشتركة عديدة في الدين واللغة والمواقف، وعاشت نفس الأزمات، وإلا فإن الأمور ستبقى متذبذبة ومعقدة سواء في الجولان أو في غزة أو في أي منطقة تحتلها إسرائيل.

***

علجية عيش

الفرص تتفجر من بطن الازمات والكوارث، كما تتفجر الينابيع من باطن الأرض لتحي الأرض بعد موتها، والحقيقة ان معظم أراضينا العربية تواجه شبه الموت الاقتصادي في العقود الاخيرة بفعل اعتمادنا على السلع المستوردة من الخارج في كل مفردات حياتنا اليومية من مأكل ومشرب، ودواء وتجميل وزينة .

في المقابل هجرنا صناعتنا المحلية وجعلناها على الهامش، والأنكى من ذلك كله ان الكثير من الصناعات المحلية في أوطاننا العربية من شركات ومصانع تعمل بنظام الفروع للبراندات الماركات والعلامات التجارية العالمية مما جعلنا تابعين في اقتصادنا لهذه العلامات .

ومن رحم مأساة غزة المحاصرة، تفجرت الفرصة لمناصرة شعبها الصامد على الأرض بسلاح مقاطعة شعوبنا للسلع والمنتجات الغربية لدعمها لسلطات الاحتلال الاسرائيلي في تدمير غزة وشعبها، وتوسعت حملات المقاطعة لإحياء البديل الوطني من المنتجات المحلية العربية .

هذه المقاطعة التي خرجت من رحم آلام شعب غزة، وأدارتها الشعوب العربية من بواعث أخلاقية ودينية وانسانية تحتاج الى استغلال حكيم من جانب الحكومات والمسئولين ورجال الأعمال العرب وتوظيفها لدعم الاقتصاديات الوطنية من خلال ثلاث محاور هي :

المحور الاول يركز على : التوسع في رقعة الانتاج الزراعي والصناعي العربي، وضخ الاستثمارات  الوطنية  بهذين الحقلين بدلا من استثمار رجال الاعمال العربي أموالهم بالخارج .

ويمكن لكل قطر عربي انتاج السلع التي يحتاجها شعبه من غذاء ودواء وصناعات وطنية بما يشجع الصناعة المحلية  وبعثها حية مجددا كصناعات الملابس والاغطية والمفروشات والمنظفات والمطهرات وأدوات المائدة وغيرها، على ان  يتم ذلك بخطط مدروسة وبعناية فائقة لتؤتي ثمارها بسرعة تحتاجها أوطاننا . على سبيل المثال لا الحصر

فالصمغ العربي  الذي يتواجد 70 % منه عالميا  بالسودان يمكن للتعاون العربي في استثماره عربيا بإدخاله في العديد من الصناعات كالطباعة وانتاج الطلاء، والغراء، ومستحضرات التجميل والعديد من التطبيقات الصناعية الدوائية والغذائية .

 والرمل المصري الموجود في سيناء  يعد من أنقى انوع الرمل بالعالم، وهو يمكن توظيفه في تصنيع أشباه الموصلات والسيليكون اللازم لتصنيع  الرقائق الاليكترونية .

وتشتهر اليمن بزراعة البن وبعسل النحل الجبلي ويمكن تطوير هذه الزراعات والتوسع فيها وزيادة انتاجها محليا كسلع تنافسية تزدهر بها اليمن، ويمكن اقامة عدد

من المشروعات الصناعية القائمة على منتجاتها محليا .

المحور الثاني :  يركز على استغلال سلاح المقاطعة في دعم الصحة  العامة بدولنا العربية، بالاعتماد على المواد الخامة الصحية المتوفرة في بلادنا مثل استبدال الصابون المستورد والمصنوع من مواد كيمائية بمكونات وطنية لإنتاج الصابون من الغار وزيت الزيتون مثل الصابون النابلسي، واستبدال البيبسي كولا التي تحتوي كل علبة منها على ما يعادل عشرة معالق سكر، بمشروبات محلية قليلة السكر، وبذلك نمنع أمراض السكر والضغط والكوليسترول وتوابعها في بلادنا  فالمقاطعة لهذه المنتجات الضارة ستؤثر ايجابيا على صحة الناس .حتى انني شاهدت فيديو لرجل امريكي يؤكد وجود لحوم بشرية خاصة لأطفال في لحوم احد المطاعم العالمية المشهورة جدا والتي تم مقاطعتها حاليا بسبب دعمها الصريح للحرب على أطفال غزة.

وأيضا التوقف عن شراء اللحوم المجمدة والمصنعة المستوردة من الخارج والتي لا نعلم طريقة ذبحها وفق الشرائع السماوية أم لا؟ ولا نعلم طريقها هرسها وفرمها بجلدها وعظامها أم لا؟ !!! والعودة لطريقة  أهالينا في شراء اللحوم الطازجة من  الجزار وفرمها أمام أعيننا لضمان سلامتها وجودتها الصحية .

أما المحور الثالث : فيعتمد على قدرة رجال الاعمال الوطنيين في استثمار المقاطعة بضخ اموالهم في استثمارات زراعية وصناعية تقدم بدائل للمنتجات المستوردة وبجودة لها قدرة على المنافسة العالمية، وهو من شأنه ان يحفظ أموالهم  داخل  الوطن بدلا من استثماراها بالخارج وحمايتها من التعرض لمخاطر خارجية، ومن شأنه أيضا فتح مجالات عديدة من الانشطة التجارية الصناعية التي تستقطب الأيدي العاملة المحلية بما يقضي على البطالة، وايضا يقلص الاعتماد على العملات الاجنبية خاصة الدولار، ويقوي العملات الوطنية  .

 في تصوري، لو أننا أحسنا استغلال سلاح المقاطعة على هذا النحو فانه بإمكاننا ان ندعم اقتصاداتنا الوطنية بما يقوي مركزنا السياسي في العالم الذي يتخذ من مصادر القوة الاقتصادية مرتكزا لقوته السياسية والعسكرية وفرض قراره على الدول النامية .

ويجب الا نغفل أبدا عن حقيقة ان الصهاينة سيطروا على المجتمع الدولي بسلاح الاقتصاد والمال والاعمال، وبسطوا ايديهم على السوق العالمي وفرضوا كلمتهم القوية عليها من خلال سيطرتهم على البنوك والصناعات.

فعائلات روتشيلد وروكفلر ومورجان  دوبونت وبوش وغيرها ممن يسيطرون على الاقتصاد العالمي هم انفسهم الذين يتحكمون في صعود المرشح الرئاسي لقيادة القوى العظمي الامريكية .

من هنا يظل دعم اقتصاديتنا الوطنية ضرورة رئيسية في حماية أمننا الوطني والقومي، ولدينا كل مقومات النهوض الاقتصادي مواد خام من غاز ونفط وذهب ومعادن وغيرها يمكن توظيفها في صناعات محلية تلبي احتياجات سوقنا العربي الكبير، ويمكن ايضا الاستفادة من أبنائنا الذين تلقوا احدث نظم التعليم بالخارج وتوظيف علومهم في تطوير منتجاتنا الوطنية .

أتصور ان صناعتنا الوطنية العربية ترتكز على أرضية صلبة من مقومات الصناعة الحديثة، فالكثير من الدول العربية التي حققت طفرة في الصناعات الهندسية مثل الغسالات والثلاجات والمواقد وغيرها بأيدي وطنية ومستعينة بخبرة أجنبية، وقد تشربت الأجيال العربية هذه الخبرة وباتت تطور عليها، ويبقي علينا توطين هذه الصناعات محليا وضخ  استثمارات وطنية في تطويرها  بجودة عالمية لتلبي احتياجات الداخل  العربي والباقي يجد طريقه للسوق العالمي . كما ان صناعة الدواء في الأردن صناعة يشهد لها العالم من تطور وتقنية عالية.

ولابد من مواكبة التحول للإنتاج المحلي زيادة الاهتمام بالبحوث العلمية والصناعية وتوظيف نتائجها في تحقيق طفرة صناعية بأوطاننا العربية، مع نشر الوعي الاعلامي التسويقي بالمنتجات الوطنية ، والعمل في تغيير انماط الاستهلاك  والتسوق في دولنا العربية لكي تتسق مع المنتجات المحلية القومية .

وتحقيق هذا الهدف الاسمي من نهوض صناعتنا واقتصاديتنا العربية مرهون بتوافر جملة من الشروط المهمة منها توافر دعم حقيقي من الحكومات والقطاع الخاص لتقديم منتج جيد الصنع وبسعر تنافسي .

 ***

سارة طالب السهيل

عن الوضع الراهن في فلسطين المحتلة والمشرق العربي

تستمر عملية تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وقوى الجيش الصهيوني المحتل، مع بروز الفارق الإنساني البشري الواضح بين عملية تعامل الفلسطينيين مع أسرى معركة طوفان الأقصى من مواطني ما تسمى بدولة إسرائيل من جهة ومعاملة جنود النجمة السداسية للمحتجزين والرهائن من الأطفال والشبان الناشئين والنساء من الشعب الفلسطيني من جهة ثانية. لماذا أصر على كلمة محتجزين أو مخطوفين أورهائن لدى العدو الصهيوني؟ سأوضح ذلك. معنى كلمة (سجين) هذا المصطلح الذي تستعمله مصلحة السجون الصهيونية يشير أن هذا الإنسان رجلا كان أم إمرأة - إنسان بلغ سن الرشد وقام بجنحة أو جريمة  يعاقب عليها القانون، وتمت إدانته بتهمة قدمت إليه، وبعد صدور الحكم بحقه، ها هو يقبع في السجن . بينما كل الذين أفرج عنهم من الفلسطينيين، وعشرات بل آلاف الفلسطينيين غيرهم تم إعتقالهم بأمر إداري - أي دون إبراز لائحة الإتهام لهم، أي بعبارة أخرى هم رهائن لدى قوى القهر الصهيونية، كونهم يرفضون نظام الأبارتايد - اي نظام التمييز العنصري، الذي تمارسه قوى الإحتلال من سلطات مدنية أو تشريعية أو بوليصية أو عسكرية، منهم من قبض عليه في بيته، ومنهم من جروه من مقعد الدراسة في مدرسته، ومنهم من أخذوه من صفوف مظاهرة إحتجاج على إحتلال بلدته وأرضه،  وحرمانه لكرامته وسيادته على أرضه...ما يلفت الإنتباه أن بين الرهائن في سجون الإحتلال من النساء والناشئين كثيرون من تلاميذ المدارس، ممن لم يبلغوا بعد سن الرشد. عندما نتحدث نحن هنا أمام مواطني روسيا الإتحادية أن سلطات الإحتلال الصهيوني هناك تقوم بإعتقال أطفال دون سن المدرسة، ودون سن الرشد لا يصدقوننا، جاءت أحداث طوفان الأقصى، وجاءت عملية تبادل الأسرى كي تثبت للعالم قولنا الصحيح هذا.

هناك طفلة فلسطينية من حارة الشيخ جراح ترفض مصلحة السجون الإسرائيلية الإفراج عنها كي لا تثير غضب المستوطنين، الذين في مشاريعهم ترحيل سكان هذا الحي. أما الطفل  الأسير محمد نزال من قرية قباطيا، تم الإفراج عنه ولكن بعد أن حطمت العصابة الصهيونية في السجن حطمت يديه، وأصابعه تحت أثر ضربهم القاسي له بهراوات من حديد، سمعته وهو يتحدث، حيث قال: كنت لا أقدر على الأكل أو الشرب، بل زميل لي كان يطعمني. أما عن معاملة الأسرى من قبل زلم مصلحة السجون الصهيونية فحدث ولا حرج. تخجل زنازين إس إس و أقبية الغيستابو في ألمانيا النازية أمام سلوك رجال السجون في معتقلات الصهاينة، بل يخجل  زلم سجن أبو غريب. كلنا يعرف همجية معتقلات ألمانيا النازية ومعاملة زلم تلك المعتقلات للأسرى والمعتقلين من أبناء الشعوب الأخرى، قساوة رجال القهر وزلم سجون دولة الإحتلال الصهيوني تساوي قساوة زلم إس إس وغيستابو في ألمانيا النازية.المثقف والمطلع على تاريخ الحرب العالمية الثانية يدرك الأسباب والخلفيات الفكرية التي يغذيها فكر التفوق العنصري، والنظرة الدونية نحو أبناء الشعوب والقوميات الأخرى من قبل النازيين، لا غريب في الأمر هنا فالجندي الصهيوني يتشرب فكر التفوق القومي، والعنصري منذ أيام الحضانة والطفولة، ويتشرب ذلك من كتب التاريخ والفلسفة الصهيونية،هذا الوزير الصهيوني أو ذاك يقول بشكل طبيعي موجها كلامه نحو العرب أبناء فلسطين: "أنتم حيوانات بشكل بشر، وعلاقتنا بكم ستكون من هذا المنطلق". هذا هو الفكر المبني على كراهية تجاه كل من هو ليس صهيونيا......

في كل دولة في أوروبا أو أمريكا وغيرهما  يحق للمواطن التحدث بكل حرية عن أي حزب سياسي، ويحق له أن ينتقد أي حركة سياسية في أي دولة أو قطر في العالم، ونظرة الناس والمجتمع نحوه ستبقى ضمن الأمور الطبيعية، ويقولون عنه :إنه إنسان سوي وطبيعي، ولكن يكفي لرجل أم إمرأة أن يقوم بالحديث عن سلوك الحركة الصهيونية، والجرائم التي يقوم بها رجال هذه الحركة من قتل وإغتصاب، وتدمير منازل، وأحياء بالجملة كما شاهدنا أثناء هذه الحرب في غزة ستلصق به عبارة  (معاداة السامية).

تسمع في الأخبار هنا وهناك أن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها وغيرها أنها  حركات راديكالية – إرهابية!!!!. أطرح هنا السؤال الذي طرحه الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين – (ماذا أبقت السياسة الدولية بزعامة أمريكا، ماذا أبقت من حقوق للشعب الفلسطيني؟) لقد إنتظر الشعب الفلسطيني 30 عاما لإقامة دولته المستقلة. وماذا قدمت السياسة الدولية بزعامة الغرب وأمريكا سوى الوعود، بل الوعود الكاذبة. صدرت قرارات هامة بل العشرات من قرارات الأمم المتحدة حول حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، ولكن دولة إسرائيل لا سمعت ولا رأت. وكما يقول المثل الروسي الشعبي: مهما صرخنا على القط (فاسيا) فهو يأكل ويشرب، ولا عنده أي هم  من صراخنا.

هناك تناقض واضح في صناعة الخبر لدى بعض المحطات في وطني الثاني - روسيا الإتحادية.عندما تقوم القوات النازية الجديدة  في أوكرانيا بقصف البيوت، والأسواق، والمشافي، والجامعات، والجسور، والمؤسسات المدنية، في الدونباص او جزيرة القرم، وتقوم باغتيال المدنيين تسمي هذه المحطات الروسية، وهي محقة بذلك، تسمي هذا السلوك إرهابا. وأنا لا أختلف مع هذه المحطات في ذلك. ولكن عندما تقوم قوى الجيش الصهيوني بأعمال هي أكثر بشاعة، وأكثر تدميرا، في غزة أو الضفة من تدمير ممنهج للمنازل - مربعا بعد مربع، وحيا بعد حي، وبناية بعد بناية لا تقوم محطات روسية معينة بتسمية الأمور هنا بأسمائها، بل تغض الطرف، وتغمض العين عن ذلك، وتسمي هذا من الأمور التي ترافق أي عمل  حربي. هنا يمكن لي أن أقول وبكل صراحة: أن صناعة الأخبار في بعض محطات البث في روسيا الإتحادية لا تعكس موقف وزارة الخارجية الروسية، ولا تعكس موقف السيد الرئيس فلاديمير بوتين، بل هي خدمة مقدمة الى اللوبي الصهيوني.

إذا كان القهر في السجون والمعتقلات الصهيونية يوجد وراءه هدف -  وهو ترهيب العرب الفلسطينيين، وجعلهم يستسلمون للحكم والاستبداد الصهيوني. فإن تدمير البيوت في غزة والضفة وغيرها من المواقع في فلسطين المحتلة، مع أسلوب القتل الجماعي، بل منهج الإبادة الجماعية فوراءه هدف وهو - التهجير أي ترانسفير إلى سيناء والأردن وحتى إلى لبنان والعراق. نستنتج من ذلك أن وراء كل شكل من أشكال القتل، أو القهر، أو الإغتصاب، أو الدمار يوجد هدف - وهو (سيادة العنصر الصهيوني، والتوسع على حساب الآخرين) وهذا ما قامت به الدولة الصهيونية خلال 75 عاما، أي  منذ أن تأسست بناء على قرارالأمم المتحدة بشأن تقسيم أرض فلسطبن وبناء دولتين: عربية، ويهودية.

من المشاريع التي يرفع الستار عنها وتتضح معالمها يوما بعد يوم هي تسفير أو تهجير سكان القطاع - قطاع غزة إلى سيناء المصرية، والعمل على إستقبال ملايين من المهاجرين الصهاينة الجدد، وبناء مدينة كبرى مكان مدينة غزة وتسمى  نوفوسيتي. والأمر الآخر الذي يحلم به زعماء صهيون اليوم هو تقديم شكوى إلى المؤسسات الدولية بطلب  لتقديم تعويض لدولة إسرائيل عن هجرة اليهود من البلدان العربية، هذه الهجرة التي شجعها، ودعمها، وقادها، رجال الحركة الصهيونية ومنذ أيام تأسيسها الأولى بغرض بناء دولة إسرائيل. المشروع فيه مطالبة للتعويض عن أرزاق اليهود في السعودية، والعراق، ومصر، وسورية وغيرها من الدول العربية، هذا هو رد إسرائيل على بعض السفراء العرب الذين سرا يواجهون سفراء دولة الإحتلال، ويوشوشون في آذانهم:  (نحن معكم، ولكن لا تخبروا أحدا عن ذلك. أسترونا) !!!!! للكلام بقية.

***

بقلم الدكتور إسماعيل مكارم

كنا نتوقع ان يكون باثيلي افضل من سابقيه، يلم الشمل ويسعى الى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء واختصار المدد الانتقالية التي لم تنتهي بعد ،فكل من ينتخب او ينصب لأجل اقامة الانتخاب  يسعى جاهدا للتمديد لنفسه، فالسراج وزبانيته بقوا في السلطة اكثر من اربع سنوات وكأنهم جسم منتخب شعبيا فخرج من السلطة بتوافق اممي ذهب السراج في سبيله ولم  تقم أي من الجهات المختصة بمحاسبته على اهدار المال العام وشراء الذمم، جيء بالدبيبة لفترة انتقالية محدودة جدا لا تتجاوز السنة لأجل التهيئة للانتخابات لكنه اليوم يقترب من نهاية عامه الثاني في السلطة، استطاع ان يمكّن نفسه من خلال شراء ذمم بعض التشكيلات المسلحة في العاصمة وما حولها ،اغدق عليها الاموال واطلقها تسرح وتمرح في ربوع الوطن، ضمن الى جانبه محافظ البنك المركزي (بيت المال) وكذلك استطاع ان يحدث تغييرا في رئاسة مجلس الدولة الذي اظهر تقاربا في وجهات النظر مع مجلس النواب انعكس ذلك بحوارات ابوزنيقة المغربية واللجنة المشتركة لإنهاء الازمة بشان الانتخابات وقوانينها الانتخابية واستصدار المراسيم بالخصوص .

الدبيبة الذي اسقطه مجلس النواب ولم تعد له شرعية قانونية او دستورية يتكئ على الجماعات المسلحة ومحافظ البنك المركزي ومجلس الدولة الذي يعتبره سلطة تشريعية موازية لمجلس النواب بينما هو مجلس استشاري ما يصدر عنه ليس ملزما لغيره.

السيد باثيلي يبدو انه ركب الموجة كسابقيه ويريد التمديد لنفسه ايضا، فلم يبارك تفاهمات المجلسين ونتائج لجنة 6+6 التي افضت الى نتائج ايجابية جدا بشان الانتخابات قام مجلس النواب بالمصادقة عليها دون تغيير، السيد باثيلي يريد العودة من جديد الى مربع الصفر بطلبه دعوة الاجسام الفاعلة في المشهد الليبي للاجتماع، فالجسمين التشريعيين قالا كلمتهما من خلال لجنة الحوار المشتركة بينهما(6+6)،بينما المجلس الرئاسي لا نرى انه قام باي دور يذكر وخصوصا بشان المصالحة، كذلك لاحظنا وباعتبار انه القائد الاعلى للجيش على الاقل في المنطقة الغربية، فانه لا سلطة له على التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية والتي تم منحها الشرعية من قبل الدبيبة باعتباره وزير الدفاع (الذي يتبعه) المكلف منذ تعيينه بهذا المنصب!، أما القيادة العامة فإنها تحكم السيطرة على المنطقتين الشرقية والغربية وتقوم بدورها الامني  وهي على توافق تام مع رئاسة مجلس النواب وهما راضيان جدا عن ما توصلت اليه اللجنة المشتركة بين النواب والدولة وما صدر من قوانين من شانها اقامة انتخابات رئاسية وتشريعية في اقرب الآجال وانهاء الفترات الانتقالية.

الدفع الرباعي اليات تستخدمها التشكيلات المسلحة في تحركاتها، ولم تكترث يوما في ان تستخدمها في دهس المواطنين ،فهي ترى نفسها فوق الجميع وصاحبة القرار، كذلك يقوم السادة المسؤولين باستخدام سيارات الدفع الرباعي في ارتال بالطرقات العامة والطلب من مرتادي الطرقات بإفساحها لهم والا وجدوا انفسهم وسياراتهم خارج الطريق غير قادرين على الحركة.

لماذا اذن دعوة باثيلي الى الاجتماع الرباعي؟ يراه غالبية الشعب وبعض السياسيين مضيعة للوقت واطالة امد الازمة وبالذات تشكيل حكومة جديدة مهمتها اجراء الانتخابات التي يتمسك السيد الدبيبة بالبقاء على راسها وهي منتهية الولاية وتعتبر بحكم القوة القاهرة  او بالأحرى حكومة الامر الواقع خاصة وانه يرغب وبقوة في الترشح لرئاسة الدولة، أي انه ينحاز الى طرف دون اخر ومحاولة تثبيته في السلطة لإهدار المال العام .

ما يقوم به باثيلي هو محاولة قيادة ليبيا وكأنها عربة بدفع رباعي لتدهس ما تبقّى من الشعب الذي يفتقد الى العيش الآمن ومستوى معيشي جد متدني، لتستمر المعاناة التي طال امدها، ويستمر الساسة في نهب الاموال،ويستمر السيد باثيلي في منصبه للحصول على المزيد من الاموال على هيئة مرتبات ومهايا ومزايا قد تكون مستديمة.

يبقى القول ان الشعوب العربية المنكوبة والتي فرضت عليها عقوبات اممية وشمل بعض الفصل السابع لم يتحسن وضعها بفعل المندوبين الساميين للأمم المتحدة بل تفاقمت ازماتها.ما لم يتحرك الشعب ويوقف المهزلة فان القادم اعظم وامرّ.

***

ميلاد عمر المزوغي

ذات يوم شتائي قارص البرودة مضطرب الرياح تسلق مراد جبل "بلغة" وما أدراك ما "بلغة"، وكانت الطرق النيسمية مكسوة بالثلج الذي يجعله يشعر بأنه يدوس على سطح زجاج، وفي زلة قدم مباغتة إنزلق في وادٍ سحيق، ويبدو أنه فقد الوعي لبرهة، وعندما فتح عيونه وجد عشرات الصقور الكبيرة الحجم الحليقة الرؤوس والأعناق تتصارع حوله، إذ حسبته جثة هامدة، ولولا النظارات الواقية للعيون، أو النظارات الثلجية ذات العدسات الصفراء لفقد عيونه قبل إستفاقته.

حسب مراد أنه في الجحيم ، وبدون تردد مسك مسدسه وأطلق إطلاقة في الهواء، لإبعاد الصقور المتأهبة للهجوم عليه.

وبقي في حيرته بعد أن تحرر من عدوان الصقور، إذ كيفس يخرج من الوادي فلا مجال للخطو فيه فهو منزلق رهيب.

الصقور تتزاحم وجسم مراد المتحرك يرهبها، وهي تريد الفوز به كوليمة، ومسدسه في شاجوره عشرة إطلاقات لا غير، هو حبله السري مع مشيمة الحياة.

تعالى صياحه طالبا النجدة ولا أحد يسمعه، وخاف أن يسمعه العدو فيأتي لأسره أو قتله، وبعد وقت أطول من عمره، مر جنديان وناداهما فانتبها وعرفاه، وبعد فترة أعدا حبلا طويلا ألقي إليه، وما أن أمسكه حتى أخذ يتسلق الزجاج الأملس، ويبحث عن صخرة بارزة ليسند قدمه عليها ويحاول الخروج.

تذكر مراد تلك الواقعة وهو يتابع ما يحصل في الدنيا، فقد تدحرجت قوى في وادي التلاحي وتزاحمت ضدها قِوى، وإن إبتعدت عنها قليلا فلتعد العدة للإنقضاض عليها.

كان صراع مراد في الوادي الثلجي كصراع القوى المقتدرة المتوهمة بالإمساك بعنق الدنيا؟

فهل سقطت القِوى في وادي رَحَل؟!!

ومَن سيمد لها حبل النجاة، أم ستبقى متمحنة في منزلقات الوادي السحيق؟!!

***

د. صادق السامرائي

...........................

 * بلغة: جبل في السليمانية على الحدود العراقية الإيرانية شمال قلعة دزه، وهو من إمتدادات سلسلة جبال الهملايا، ويتميز بإرتفاعه الشاهق.

 

لعل عنوان المقال يوحي الى الغرابة بعض الشيء لكن الوازع الأخلاقي دفعني الى ان أكتب ما يجول في خاطري وما يعتصر فؤادي الما"من الحالة التي وصلنا اليها من انحلال في القيم والمبادئ التي تربينا علينا في سالف السنوات منذ نعومة اظفارنا الا وهي عدم إحترام المعلم الذي يعد الأداة الأولى لتبصير الإنسان إلى عالم المعرفة وبناء الشخصية لأن الطفل خامة بيضاء يكتب عليها المعلم ما يشاء وهو الأب الثاني للتلميذ وما يدور الآن مع الاسف في مؤسساتنا التربوية كأننا في غابة من الانفلات الأخلاقي تجاه المعلم وضياع هيبته هو سوء تربية الوالدين وعدم تعليمهم احترام المعلم أو حتى المدرسة بالاضافة الى سلوك الوالدين في بعض المواقف التي تحتم تدخلهما في المدرسة فعندما تحدث مشكلة معينة من قبل التلميذ اويرغب المعلم في تاديبه أو عقابه بالأساليب التربوية يعترضان بشدة ويثوران ويوجهان اللوم والعتاب للمعلم وإدارة المدرسة وقد يتطاولان لفظيا"على المعلم بحضور التلميذ ما يشجعه وإن كان مخطئا"على التمادي في أخطائه والامثلة كثيرة على الاعتداء الجسدي على المعلمين .

فيمكن أن نلخص بعض الأسباب التي أدت ضياع التعليم منها على سبيل المثال لا الحصر هي عدم إدراك قيمة التعليم والمعلم في المجتمع بصورة عامة وتراجع مستوى المناهج الدراسية وعدم ثقة المواطن بالمؤسسة التربوية والتوجه الى التعليم الاهلي والنقص الحاد في الملاكات التعليمية والاعتماد على المحاضرين المجانين من غير الاختصاص إضافة الى تسلق بعض الفاشلين الى قيادة المؤسسة التربوية نتيجة للمحاصصة السياسية بعيدا"عن الكفاءة والإختصاص وتهالك بعض الأبنية المدرسية التي لا تصلح للعملية التربوية وتعتبر بيئة نافرة للتلميذ وتفاقم اعداد التلاميذ في الشعبة الواحدة وضعف شخصية بعض المعلمين وتدني مستوياتهم العلمية وإنشغال بعض المعلمين بأمور جانبية أثناء الدرس ناهيك عن المحسوبية والمنسوبية واساليب المجاملة الرخيصة في معايير التقويم والامتحانات وبات الفساد سيد الموقف وتفشي ظاهرة الغش في الامتحانات العامة إضافة الى عودة ظاهرة التسرب من المدارس نتيجة لضعف الحالةالمادية التي يعيشها التلاميذ كونه المعيل الوحيد للعائلة وهذا غيض من فيض فيما يجري داخل المؤسسة التربوية يوميا".

وعليه فالتعليم في العراق خارج التصنيف العالمي بكل المقاييس وبعيدا"عن لغة الأرقام فهناك معلم وراءكل فيلسوف ومخترع وعالم وكل فكرة عظيمة ظهرت في التأريخ وما أشرقت في الكون حضارة الاٌ وكانت من ضياء معلم .

لكم معلمينا منا كل الثناء والشكر والتقدير بعدد قطرات المطر وألوان الزهر وشذى العطر على جهودكم الثمينة والقيمة من أجل تعليمنا وتربيتنا ولو لا كم لما كنا .

واختم بقول أمير الشعراء احمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا).

***

حسن شنكالي

عبارة ارتبطت ببعضها البعض، عندما يشعر الشعب الغزاوي أن مصيره ليس في يده حتى لو كان في داره ووطنه وانه فائض عن الحاجة،وان مصيرة أصبح في يد نظام جديد ووكلاء وأمراء الحرب جدد، يستطيعوا تأجيل قرار الموت، مازال يردد "نتنياهو" التخلص من شعب غزة ليصبح  عاجزاً عن رفع قدح القهوة، هو الصراع المهلك ويحتاج الى معجزة للنجاة منه، لأنه سري ومموه ومغطى ومقنع ويأتي بحيل التفافية عقلية صهيونية، تقود النظام العالمي الجديد ..؟ في خلال مدة الهدنة ومتابعتي للصحف الأمريكية والغربية،بدأ يطرح فكرة حل الدولتين من جديد، وهي حالة من التوتر أو الإجهاد العقلي أو عدم الراحة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ اكثر من 75 عام، بعد كل نكبة يطرح فكرة حل الدولتين ..!في بقعة جغرافية يحمل اثنين أو أكثر من المعتقدات أو الأفكار أو القيم المتناقضة في نفس الوقت، يقوم كيان غريب بسلوك يتعارض مع معتقد راسخ علي أرض الآجداد الكنعانيين لينازع عليها وكأنها ميراث شرعي عبارات ومصطلحات تتداول عبر عقود، ليست عابرة أن تفقد كل إهتمام ورغبة، وتمشي على حافة الهاوية بين قناعات متضاربة تمزق وتشرد شعب بصمت من القريب والبعيد، تموت فيه الحياة ويصبح حطباً يمشي للحفاظ على المظاهر.

يلتهم كثيرون أنفسهم كل يوم دون معرفة كمية المشاعر والأحاسيس التي تسحق وتتعفن وتختفي وكمية الحياة التي تنطفيء بصمت. داخل الشعب الفلسطيني بين (شعب الله المختار وشعب الله المحتار) الفرق نقطة بين شعب مغتصب وشعب يحاول القريب والبعيد طمس الهوية عنة،، ومن اول السطر ماذا بعد انتهاء الهدنة ..!!

شعب حي يعيش إنقراضة البطيء، مع فقدان اصل الموضوع، وهو خارجي، يكون الارتداد للذات، الاجترار والحداد والسوداوية، نوع من التهام الذات كمطحنة فارغة تلتهم الفراغ.، يبدو كما لو أنك أنتهيت تواً من قراءة رواية الكاتب والفيلسوف / (سيجموند فرويد) عن "الحداد والسوداوية" هل كتب التاريخ من قبل أن شعب عاش في حداد وسودوية، وحصار، وتهجير وتشرد، وقتل داخل حدودة،، واستخدام القوة المفرطة لشعب اعزل،، والملاحقة الاستخباراتية في المنفي،وقتل علي ارصفة قارعة الطرق في اوروبا ودول اجنبية وعربية وتصفية وقتل ريشة فنان امثال" ناجي العلي،، اجبني ايها العربي المنسي تحت ركام الأنقاض،، ما الذي يمكن أن أفعله لك لكي تخرج من هذه النكبات ..؟! لا شيء فقد جفت الدموع وجف حبر القلم وطويت الصحف واغلقت الأبواب،،نقولها بصوت منكسر لأن اصواتنا بلا صوت؟!

وماذا بعد الهدنة ..؟

الخروج.

هو الشعور بالإغتراب الذي يعيشه المثقف العربي في منعطف اللحظة الراهنة حتى لو كان في وطنه،إن الإغتراب النفسي والمعنوي أقسى من الغربة المكانية، وكانت مفارقة غريبة أن اعيش مع شباب من فلسطين من الذين استبعدوا من مخيمات الفلسطنيين في لبنان بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 /في مدينة برلين الالمانية، وصفقة العار بخروج المقاومة والفصائل الفلسطينية من بيروت، وتهجيرهم، نتقابل معاً في منفى في وضعيتين متعاكستين. اختيارية وإجبارية.. !!

إن المثفف والفنان والكاتب يدخل في منفى من لحظة التصادم مع الذات والمجتمع والوضع الراهن ومع دخولنا في مرحلة العمر من نخر المرض في اجسدنا ..، المفارقة المثفف في منفى نفسي وفقدان الذات واغتراب وأنا اشعر في الوطن في منفى مكاني والتعرف واكتشاف ذاتي،شيئاً مؤلماً الآن..! ان اراقب قرار تأجيل القتل و الموت بعد الهدنة،وكلنا من المحيط نسبح بقرار وقف القتل من التتار الجدد ..،،

ووجدت نفسي حائر بين كل شيء إنتهى بقراره القتل مابعد الهدنة "

من دون تفاصيل محزنة وهذه الطريقة السائدة في الآخبار العربية تجعلك تعيش الإنتحار الفكري.وتكفر بكل من هو عربي؟.

ومع دخول فصل الشتاء ماهي الصورة في غزة، بالطبع المطر والحداد ومصابيح الشارع قصفت من هجوم التتار. والسكون الليلي المخيم بحظر، والبرد والصقيع، لمنازل مهدمة وانقاض، ولوحة رسمتها طفلة خرجت في الظلام الدامس تبحث في الأنقاض عن دفاترها وعن خريطة كتب عليها هنا غزة،كيف تستطيع أن تتخيل هذة

اللوحات على الحائط وأغنية ياقدس لفيروز .

كيف تضع كل هذه التفاصيل المبعثرة في عبارات وروابط . مابعد الهدنة .؟!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية

لماذا أغضب جون بونتون حليفة نتنياهو؟

وهل جنوب القطاع سيتعرض لهجوم إسرائيلي وشيك؟

وماذا عن الدوافع والمحبطاتَ في حرب طال أمدها وتجاوزت كل الخطوط الحُمْر؟

ما علاقة العمال التايلنديين في إنقاذ "إسرائيل"؟

وأسئلة أخرى

عجزت "إسرائيل" عن القيام بدورها الوظيفي لصالح الدول الغربية التي أقامتها على أنقاض فلسطين وبالتحديد بريطانيا صاحبة وعد بلفور.

فكانت ضربة طوفان الأقصى والتي أعقبها هجوم إسرائيلي تطهيري على القطاع وُصِفَ بأنه فاشل، فتحول الاحتلال من جرّاء ذلك بجيشه الذي لا يقهر إلى عبء على حلفائه، فلم يعد يقوى على العيش بدون رعاية أمريكا، فيما هي تراقب كيف بات هذا الجيش المدجج بأشد الأسلحة ذكاءً وفتكاً، قليلَ الهمّة واهناً، كأنه خرج من حلبة المصارعة لتوّه مضعضعاًا، أمام ضربات المقاومة الماحقة في إطار وحدة الساحات.

هذا فحوى ما ذهب إليه أكبر أنصار الكيان الإسرائيلي، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد ترامب، جون بولتون، من باب النقد الجاد وتقديم المشورة له، في كيفية الخروج من عنق الزجاجة دون اختناق.

قال بولتون، في مقال بعنوان “حماس حققت انتصاراً كبيراً على إسرائيل” في صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية بأن "إسرائيل" سمحت لحركة حماس بتحقيق انتصار كبير من خلال الموافقة على صفقة تبادل الأسرى والهدنة الإنسانية.

واعتبر بولتون أن “الصفقة لها فوائد، ولكن هناك أيضا تكاليف".. وفي هذه الحالة، "حققت حماس نصراً كبيراً".

وأضاف بأنه ليس من الواضح فيما لو كانت هذه الصفقة ستشكل سابقة سلبية نهائية ل"إسرائيل"؛ لكنها تلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت "إسرائيل" قادرة على تحقيق هدفها المشروع وهو القضاء على “التهديد الإرهابي” الذي تشكله حماس-وفق تعبيره-.

وهذا يمثل جزءاً من رؤية بولتون الاستراتيجية تجاه إيران عبر مسيرته السياسية والأمنية في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فيما ظلت تمثل أهم مرتكزاته الفكرية في تشخيص السياسة الأمريكية الراهنة تجاه ما تشكله إيران وأذرعها من خطر وجوديّ على كيان الاحتلال الإسرائيلي.

ويهدف بولتون من توريط أمريكا في ضرب إيران إلى تحقيق هدفين، وهما:

أولاً:- انقاذ "إسرائيل" من مأزقها الوجودي إزاء ما وصفه بانتصار حماس المبين، على اعتبار أنها تدير تفاصيل الحرب وتمسك بخيوطها بدهاء، ما يجعل من المستحيل اجتثاثها.

لذلك يرى بولتون بأنه لا بد من قطع رأس الأفعى المتمثل بطهران -وفق رؤيته- التي تدير المشهد الإقليمي من وراء حجاب، من خلال توظيف أذرعها في المنطقة، وقد تكاتفت مجتمعة ضد "إسرائيل" من خلال عدة جبهات (غزة وجنوب لبنان وباب المندب)، وهذا التعدد في الجبهات سيحول دون جيش الاحتلال والقدرة على مشاغلتها معاً بكفاءة واقتدار، بالقياس إلى أدائه المتعثر في حربه على قطاع غزة. إذ لا بد من التركيز على جبهة غزة فقط دون غيرها.

ثانياً:- القيام بضربة استباقية تستهدف تدمير جميع الموانئ الإيرانية والتحذير من استهداف المشروع النووي الإيراني إذا استمرت إيران على نهجها في تحريك اذرعها الإقليمية ضد المصالح الأمريكية و"إسرائيل"، بغية اختلاق الذرائع التي ستهيئ في الوقت المناسب لقرار قد يجيز لأمريكا تدمير المنشآت النووية في العمق الإيراني.

ويتم ذلك بمشاركة إسرائيلية دأب نتنياهو على المبادرة إليها قبل تورطه في مستنقع غزة، وبالتالي قطع الطريق على إنتاج طهران لأول قنبلة نووية منتظرة، قد تساعدها - لو نجحت في ذلك- على العربدة الإقليمية دون رادع.. طبعاً وفق رؤية أشد الصقور الأمريكية ضراوة، بولتون.

في المحصلة فالدور الوظيفي الإسرائيلي الرادع لإيران أو أي محاولة عربية للنهوض- كتجربة صدام التي أجهضت- بات مشكوكاً فيه.. بعدما عجز نتنياهو عن تحقيق أهدافه في الحرب المجنونة على غزة، حيث تركته عملية طوفان الأقصى صاغراً بلا جناحين، وقد تبدّى الياسُ ورهابُ المستقبل في عينيه الذابلتين ورأسِهِ المثقلُ بالفوضى.

وكعهد بولتون فيما يتعلق بإيران، فقد وجد بأن حماية "إسرائيل" من أولويات الأمن القومي الأمريكي، ما يستلزم من واشنطن -على سبيل التمني- الإيعاز لحاملات الطائرات الأمريكية كي تتولى مهام الضربة الاستباقية ضد إيران في مرحلة أولى يتم من خلالها ضرب الموانئ الإيرانية وتدمير بُنَاها التحتية.. حيث يدفع بولتون تجاه ذلك.. حتى لو تسبب الأمر بنشوب حرب عالمية ثالثة.

وتكمن الكارثة المنتظرة بما ينسجم ورؤية بولتون، في القرار الأخطر الذي اتخذه جو بايدن يوم أمس، بالسماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتعطش لدماء الفلسطينيين، في استخدام مخزون الأسلحة الأمريكية لدى "إسرائيل"وهو مخزون استراتيجي أمريكي يدار من قبل خبراء تابعين للجيش الأمريكي الأوسط، لاستخدامه في أي حرب إقليمية محتملة.

وهو تلميح إلى إمكانية استخدامه ضد إيران فيما لو توسعت حرب غزة، ما يوحي بأن نتنياهو عازم على المضي قدماً في حرب الإبادة ضد غزة وبالتالي اجتثاث حماس من جذورها رغم استحالة ذلك.

ويبدو أن حسابات بولتون لم تأخذ بالحسبان الحقائق التي تشير إلى أن ما استخدمه جيش الاحتلال ضد القطاع يضاهي في قدرته التدميرية قنبلتين نوويتين بحجم ما ألقته أمريكا على هوريشيما في الحرب العالمية الثانية، دون أن تحقق الأهداف الإسرائيلية؛ سوى ارتكاب المجازر بحق أهل غزة؛ إلا أنها بالمقابل -رغم قساوتها- قلبت الراي العام العالمي على "إسرائيل" باعتبار أنها احتلال يمارس سياسة التطهير العرقي بحق أصحاب الأرض الشرعيين في سابقة غير مشهودة.

ناهيك عن أن أنفاق غزة (الدفاعية واللوجستية والهجومية) سلاح حمساوي استراتيجي كفيلٌ بصد أي هجوم قد يتجدد مستهدفاً جنوب القطاع، مع أن الشواهد تثبت بأن قوات جيش الاحتلال في الشمال والوسط غير مستقرة وكأنها غارقة في الرمال المتحركة؛ وإلّا لما سلمت حماس الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر من عمق المناطق التي يدّعي الاحتلال بأنه باسطٌ سيطرته عليها.. مثل ساحة فلسطين التي شهدت استعراضاً لقوات حماس وهي تسلم أسرى العدو بابتسامات متبادلة توحي بتمكن الحركةمن إمساك خيوط اللعبة بدهاء.

وتجدر الإشارة إلى فشل جيش الاحتلال في ترحيل أهل غزة نحو سيناء، رغم تدمير 70% من بيوت غزة على رؤوس أهلها في سياق تطهير عرقي ممنهج، ولا أخلاقي، فلو استمرت هذه الممارسات الفاشية النازية ضد الفلسطينيين فسوف يكون من شأنها تأليب الراي العالم العالمي على الكيان المحتل، الذي حشرته سياساته العمياء في الزاوية، فبات يخسر مقومات وجوده باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.

هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار بأنه في حرب الإرادات، فالكفة ستميل لصالح حماس كحركة تحرير وطنية، حيث أثبتت القدرة على التحكم بتفاصيل الحرب الشرسة رغم أنها محاصرة منذ أكثر من عقد، وكانت جديرة بالانتصار على الاحتلال وردعه في حربها الوجودية.

ولعل من أهم موانع الاستمرار في الحرب الخاسرة، أن الاقتصاد الإسرائيلي في كل القطاعات استُنْزِفَ وتقلص حجمه إلى ما دون التوقعات، على نحو افتقار سوق العمل إلى الأيدي العاملة التي بدونها سوف تتوقف الحركة الصناعية والزراعية التي يصعب تعويضها.

ناهيك عن عجز الاحتلال في إعادة استصلاح الأراضي الزراعية بغلاف غزة والتي تشكل 20% من الأراضي الزراعية في عموم "إسرائيل" -وهي أراضي تم سلبها من الفلسطينيين عام ثمانية وأربعين- وعزوف المزارعين الكبار عن العودة إليها رغم الإغراءات السخية التي قدمت إليهم، وفضلوا البقاء كفئة غير مرغوب بها في الوسط الاشكانزي العنصري كونهم من السفرديم الشرقيين. وفق الإعلام العبري.

وعليه فمن سيعوض النقص في العمالة الأجنبية الرخيصة التي غادرت البلاد، وخاصة أن مائة الف عامل تايلندي عزموا على الرحيل رافضين العودة إلى مزارع الغلاف؛ بسبب الظروف غير الآمنه هناك، ما استرعى من سفارة بلادهم تأمين ترحيلهم نحو تايلند على نفقتها الخاصة، بعد تخلي السلطات الإسرائيلية عنهم من باب الضغط عليهم.

ترى هل يدرك بونتون وأمثاله من طواويس السياسة الأمريكية والصهيونية بأن الشعب الفلسطيني هو أشد الثوابت رسوخاً في أي حل يسعى حلفاء "إسرائيل" إلى فرضه ولو بالقوة! وفي أن المقاومة خيار مصيري للشعب الفلسطيني، وهي الضامن لحقوقه المشروعة؟ عجبي!

***

بكر السباتين

28 نوفمبر 2023

تتطلّب قراءة أخبار انتخابات مجالس المحافظات، واللافتات التي امتلأت بها شوارع مدن العراق، التعود على تناول الحبوب المهدّئة، ومعرفة لا بأس بها في علم النفس، من أجل أن نعرف هل سياسيّينا يعيشون حالة انفصال عن الواقع، ولا يدركون أين وصل بنا الحال؟.

فقد فاجأتنا السيدة عالية نصيف بخبر انتخابي من النوع الثقيل حين وضعت صورة شقيقتها إلى جانب صورتها مع عبارة "ثقة الزعيم"، فيما أصرت الشقيقة التي تطمح بأحد كراسي مجلس محافظة بغداد أن تضع صورة شقيقتها النائبة ومعها العلم العراقي وهي تستقبل "أفواج" الذين يتمنون أن تفوز بالمقعد لتكمل مسيرة السيدة عالية نصيف السياسية.

إلى أين إذن ستسير بنا انتخابات مجالس المحافظات؟، البعض يقول إنّ لدى السيدة شقيقة عالية نصيف خطة لأن تجعل من بغداد مركزاً إقليمياً ينافس دبي وسنغافورة ويتفوق على هونغ كونغ، تصر السيدة النائبة على أن تضع صورتها في إعلانات الحملة الانتخابة لشقيقتها لتنبهنا إلى أنها ستعمل معها على نصرة المظلومين والأيتام والأرامل، ولم تنس السيدة النائبة أن تبشّرنا، بأنها و"شقيقتها" بعد أن ينتهيا من مشروعهما الإنساني سيلتفتان إلى جعل العراق أفضل وأجمل. نداء الواجب التالي جاء من النائب مثنى السامرائي الذي طالبنا بأن نخرج في تظاهرات من أجل أن يجلس "فخامته" على كرسي رئيس البرلمان، فماذا تهمّ لفلفة أموال وزارة التربية مادام البرلمان سالماً غانماً، والعملية السياسية بين كرّ وفرّ؟، ولهذا علينا أن نعدّ العدة لتجهيز عشرات آلاف من العراقيين، يعملون على نصرة السيد السامرائي، وإذا كانوا ملايين فذلك أكثر نفعاً .

غريب أن تكون جميع مظاهر التفاهم بين الفرقاء السياسيين لها رسالة واحدة هي "هذا لي وهذا لك". ولهذا أنا ضدّ خطابات وشعارات الإصلاح والتغيير في العراق، لسببين: فهي إما مزيّفة وتنتهي إلى عودة مبدأ "التوازن" في المنافع والمصالح، وإما خادعة أصحابها يحاولون أن يقضوا وقتاً طريفاً مع العراقيين، لكنهم في المقابل يكرهون الديمقراطية والحريات ويعتبرونها اختراعاً إمبريالياً.

لماذا ندعو الناس إلى انتخابات لمجالس المحافظات، ونحن نريد الكراسي لأشقائنا وأقاربنا وأحبابنا، وللذين يبصمون بالعشرة على الولاء للكتلة السياسية وليس للوطن؟، هل من أجل أن تُسلَّم السلطة إلى من يفهمها على أنها تسخيف للدولة والاستمرار في مسيرة الفشل والخراب ولإعلاء شلأن المحاصصة؟، ماذا حدث بعد عشرين عاماً من ممارسة الديمقراطية في العراق؟، حدث أنّ نموذج عالية نصيف ومثنى السامرائي هو السائد، وكأن هذه البلاد بلا تاريخ ولا كفاءات.

أيها السادة ثمة شيء أكثر بشاعة من الفشل والخراب، إنه الإصرار على الاستهانة بعقول العراقيين.

***

علي حسين

في ظل التحسن الذي تشهده المعادلة الاقتصادية في بلادنا، نجد أنماطاً جديدة من مشروعات ريادة الأعمال، التي تحظى بقبول جماهيري، الانتشار غير المعهود للمقاهي بأنواعها الفارهة، أو الشعبية، وما يقدم بداخل النوعين من خدمات، هي انشطة استهلاكية في المقام الاول، لقد أضحت مشاريع المقاهي من المشاريع الجديدة التي بدأ الكثير من المستثمرين، لهوامش الربح العالية، والإقبال من الشباب على ارتيادها في جميع الأوقات، بالمقابل انتشرت محال بيع الاراكيل والمعسلات بانواعها، كذلك انتشرت محلات بيع التبغ والسكائر الالكترونية، بشكل غير مسبوق في الشارع فتحت أفاقا جديدة للعمل ونوعا جديدا من الوظائف، وتبقى النقطة الأهم من مانحي التراخيص وهي التنسيق بين أماكن المقاهي، لأن الملفت في حال افتتاح مقهى في شارع، نجد عشرات المقاهي في نفس الشارع، مع احتلال الأرصفة، وأجهزة التلفزيون العملاقة أيضاً على الأرصفة، تلك مشاهد تحتاج وقفة ناقدة

إننا أمام حالة فوضى حقيقية، ففي الوقت الذي تعمل الدولة جاهدة على معالجة آثار التدخين وأضراره، نجد انفتاحاً هائلاً على هذه النوعية من الأنشطة في كل الأحياء والشوارع دون استثناء، فكما كان النمط السائد فيما مضى كثرة محلات أدوات السباكة والكهرباء، والمغاسل، والحلاقين، تغيرت الأنماط لتشمل المقاهي ومحلات بيع التبغ والشيش وغير ذلك من اكسسوارات التدخين العصرية

مقاهي بغداد تستمر باستقبال زبائنها الذين يقصدونها لقضاء أمسيات سمر تمتد حتى ساعات الصباح الأولى أحيانا،، شباب وشيوخ يتجمعون للعب الورق والدومينو والطاولة، تدور فوق رؤوسهم أقداح الشاي ويتطاير حولهم دخان الأراجيل، في أجواء تبدو معزولة تماما عن الأزمات التي تحيط بهم.، يقصدون هذه المقاهي، لقضاء ساعات طويلة بعيدا عن صخب الحياة أو هربا من عجزهم عن إيجاد وظائف تناسبهم،،اتجاه الشباب بهذه الأعداد الكبيرة إلى المقاهي يمثل حالة من اليأس والهرب من الواقع، بسبب حجم الإحباط الذي يتعرضون له باستمرار، هذه الطاقات المهدرة لساعات طويلة كان يمكن أن توظف في مشاريع ناجحة يستفيد منها العراقيون جميعا، إلا أن تحكم الفساد في مفاصل الدولة والمحاصصة الحزبية يحولان دون نجاحها، ومن المؤسف حقا ان تجد المقاهي التي يرتادها الأدباء والمثقفون، حيث كانوا يلتقون فيها يومياً أو أسبوعياً ويناقشون مختلف القضايا الأدبية والثقافية، يتحدثون عن آخر الإصدارات وعن القصائد والقصص والمقالات،،إلا أن الكثير من هذه المقاهي أغلق أبوابه اليوم وتحول إلى محال تجارية،

مقاهي الأدباء جزء من تاريخ العراق، وهي إحدى العلامات البارزة في بغداد وفيها كانت تقام ندوات ثقافية وأدبية وفكرية، ومن بين جدرانها خرج الكثير من القصائد والقصص والروايات لأن العديد من الأدباء كانوا يتخذون المقهى مكاناً لكتابة نصوصهم الإبداعية، وهنا نطالب أمانة بغداد بضرورة العمل على إعادة بناء المقاهي الخاصة بالأدباء والمثقفين، وفتح أبوابها من جديد أمام روادها من حملة الأقلام وأصحاب الفكر

دعوني أتساءل عن فلسفة التخطيط لدى المسؤولين المعنيين بمنح التراخيص لتلك الأنشطة، هل توافرت الاشتراطات اللازمة للحصول على التراخيص؟ هل تكاثر تلك الأنشطة في أحياء وشوارع لن يساهم في تغيير التركيبة السكانية في تلك المناطق، نتيجة الإقبال من المستهلكين، إضافة لانحسار مفهوم الخصوصية للبشر السائرين في تلك الشوارع ليلاً أو نهاراً، أظن أن الأمر يحتاج إعادة النظر في منح التراخيص، مع التدقيق، وعدم حرمان المشاة من حقوقهم المشروعة بحرية المشي على الأرصفة التي لم تعد موجودة.

***

نهاد الحديثي

 

يقول الشاعر اللبناني وديع سعادة في قصيد له بعنوان الإنشقاق:

تدوس في طريقها كلَّ شيء، القافلة.

تمعسه بصمت، بعمى.

سَيل الجماعة جارف. قافلة الجماعة ماعسة.

تسحق الفرد ومأواه الضيّق للسهو أو النوم.

كيف يمكن إنقاذ الزهرة الداخلية في هذا الجرف؟

هذا البهاء اليتيم كيف يمكن إنقاذه؟

***

دايفيد إميل دوركايم (David Émile Durkheim)‏ عاش بين سنة 1858 وسنة 1917. هو  فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي. أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث.  يرى دوركايم  أن سلب الناس حرياتهم الفردية، وجعل سلوكهم في الحياة سلوكا جبريا، لا حول لهم فيه ولا قوة ولا اختيار. (والجبرية بالنسبة له ليست من قبل خالق قادر مهيمن)، كما يرى الجبريون فيما يتعلق بالدين، إنما هو من قبل وهم غير معروف الصفات سماه « العقل الجمعي».

والمقصود بالعقل الجمعي هو الفعل الإرادي للتماثل مع الجماعة وهو يشمل حتى تلك الأفعال التي يظنها المرء خاطئة، أو غير ضرورية، أو غير عقلانية لكنه مع ذلك  يمارسها، كي لا يصنف خارج المجموعة وضد الخط العام.

فقد لا يكون الإنسان مقتنعا بلبس الثوب الأبيض في حفلات الأعراس أو العقال مثلا، لكنه يلتزم بارتدائها، تحاشيا للتمايز عن الجماعة.

إن انصهار عقل الفرد في العقل الجمعي يجعل الإنسان يتحرك بعيدا عن ذاته، سجينا داخل أسوار الخوف.. الخوف من أن يكون منبوذا..مطرودا من مملكة التماثل.

أما أولئك الرافضين للعقلية  السائدة في مجتمع ما والذين يختارون الإنحياز لقناعاتهم  فهم يدفعون غاليا ثمن اتساقهم مع ذواتهم.

 لعل ما لاقاه "ابن رشد" أحد أهم الفلاسفة المسلمين خير دليل على ذلك.

ولد هذا العلامة، نابغة عصره، في قرطبة سنة 1126م ونشأ في بيت علم من بيوت الأندلس. كان السبب في اتهام "ابن رشد" بالكفر والزندقة والخروج عن الملة يتعلق  بردّ فعل متزمت تجاه الفلسفة عامة. هو  لم يرض أن يخضع للعقل الجمعي المسيطر وخاض في سبيل ذلك حربا ضروسا مع أصحاب الفكر والسلطة. كان يقول " الحَسَن ما حَسَّنه العقل، والقبيح ما قبَّحَه العقل". موقفه هذا لم يرض المتلاعبين بعقول العامة

الذين يكتفون من النص بظاهر اللفظ والمعاني الأولى. ذهب "ابن رشد" إلى ما وراء اللفظ من معنى فمال إلى البحث عن المعاني الثواني ليؤكد أن ظاهر الشرع، حين يخالف البرهان والعقل، يجب تأويله حتى يتفق معهما.

تم التنكيل بهذا العلامة فحوصر وطرد من المسجد وأحرقت كتبه.

لقد توهم أعداءه أنهم بهذا يتمكنون من محو أثره لكنهم نسو أن للحق اجنحة تجعله يسمو ويطير حيث الخلود.

كذا كل المتلاعبين، كل الظالمين والمستبدين .. يتوهمون أن ضرباتهم قاضية لكنهم في الحقيقة  يخطئون التقدير ولعل أكثر من يوقعهم في خطأهم هذا هم أولئك الذين لا يبغون من الحياة سوى حماية رؤسهم بدفنها في التراب.

يتناسى كل ظالم أن هناك دائما من لديه القدرة على إنقاذ زهرته الداخلية على حد قول الشاعر..

يتناسى كل ظالم أن لكل قطيع نجمه الهادي.

***

درصاف بندحر - تونس

أفظع الجرائم الكبرى في التاريخ ارتكبت باسم المحبة المزيفة، وباسم الطاغوت الذي غلا في سفك الدماء. فالطاغية نيرون أحرق روما نارا بدواعي الحب والسيطرة، وكان يقف على مرمى تل عال، وكلما زادت حدة اللهب غَنَّى للحب وثمل شرابا. لكن، للتاريخ حكاية عكسية فقد مات نيرون من شدة الحنق والإخفاق وحب الامتلاك، ولم تَمتْ رُومَا من وَقِيد نيرانه. نيرون فضل ممارسة سادية العذاب اللحظي، ولم يفكر في لحظات موته وتلفه في العذاب اللاحق، إنه منطق نهاية الطغاة عند مشارف خط حصار الزمن (ما بقي الزمن).

فالحكمة التالفة توجد في مضامين حضارة الكلمة الشرقية (لا يقرأ أحدٌ الماضي لتجديده، بل يضيف إليه لتجاوزه). وفي أحداث التاريخ (الإثبات والنفي)، ويمكن البرهنة الدالة على أحداث الحاضر والمستقبل بأقل تكلفة (التراث والاختلاف)، مع فسحة من  إمكانية النبش في قضايا الأحداث التاريخية، واستيفاء الأثر بالتثبيت و(الفيد باكFeedBack ) وهي المعلومة الطيعة التي تُقدّم لك في الحاضر على تصرف صَدَرَ في الماضي - الموروث القديم- لتحسين المستقبل.

 نيرون مات كُرها، ولم تمت روما !! هي النتيجة الحتمية التاريخية بالحضور (الماضي والحاضر)، فالحرب بغزة تقتل وتدمر العمران، وتبقى غزة حية شاهدة، ولن يموت إحساس الانتماء للوطن أبدا حتى بعد نهاية بداية المعركة "يا دامي العينين و الكفين !... إن الليل زائل... لا غرفة التوقيف باقية... ولا زرد السلاسل !... نيرون مات ، ولم تمت روما.. بعينيها تقاتل (غزة) !...وحبوب سنبلة تجف... ستملأ الوادي والأرض الطاهرة سنابل... والرقص مع الحياة/ محمود درويش بتصرف".

الحرب على غزة أطلقت أفكارنا من مُعتقل الانتماء. حررت شعوبا من الخوف و(التكمش) الهوياتي، ومن فزع القنابل العنقودية المترامية على أطراف المدينة. حررتنا غزة من أحاديث ومشاهد التفاهة التي أسقمت حياتنا، ودمرت قيم أمة جمعاء !! الحرب على غزة جعلتنا نشتاق الحديث إليك يا فلسطين... بالحب ونخوة رجال من مغرب الشمس دار الإسلام. نعم، قد نبدأ الحديث المطول والمشوق عن الشهداء في صمت العالم المتحضر، المتصالح مع الدمار الشامل. اليوم باكرا غادرت شاشة التلفاز حنقا، ولن أبكي دمعا في الزمن الحاضر عن ماضي أمة دول المواجهة !! اليوم غادرت مكاني المتكلس، وتاريخ الطغاة يتوافد تباعا على تفكيري من هُوْلاَكُوْ خَانْ الإمبراطور حفيد جنكير خان قاتل الملايين من البشر، إلى فلسطين المحترقة بغزة.

يؤرقني التذكر حين أُمسي، فتردعني أقساط ثقل الأحزان من فرط نَكسي عن غزة الشواهد (رجال في الشمس/ غسان كنفاني)، يؤسفني ما تبقى من نخوة شرق لا أعرف أدناه من أقصاه !! أعيني جودا ولا تجمدا... ألا تبكيان لغزة الندى... ألا تبكيان الشهيد... ألا تبكيان الفتى والطفل في عمق النيران... (الخنساء/ بتصرف).

يؤسفني المجد العربي مدَّ يديه بالفراغ والتوصيات، والبكاء على الأطلال !! فلا بنية العقل العربي (عابد الجابري) حرك الثورة على ازدواجية أخلاقية نعيشها، فنحن لازلنا نستمرئ (نستسيغ) الجهل ونجتّره. وبتنا ذات ليال حرب دامية، نسوغُ البلاغات بالأسف والتأسي، ونبرر المواقف بحرقة الحرف، ونعلن للعالم الردَّة عن الدم العربي بأرض غزة الأبية.

والله أن العنف المستشري على غزة، يصنع فينا ثقافة الحزن، ويُعلمنا أن الشعور بالألم يؤدي إلى نوع من-(الكاثرسيس)- التطهير عن عوز المسؤوليات، وردة الفعل العربية والكونية الماغولية، حينها يبيت العَورُ بعيوننا جميعا... علمتنا غزة صحوة الأرواح فينا، ففي غزة (فكِّ لغز الحرف و ربح رهان الحرب دفاعا عن الأرض والإنسان).

مرت ساعات مُهرولة أمام تلفاز الحرب، والمحللين المأجورين يزيدون من (الشخصانية والوجودية العربية) شدة. حينها حدثني صديقي عن شجرة النكبة والنكسة، عن ثمار الأرواح الشهيدة من قطوفها الدانية بريح الجنة. حدثني عن شطحات العالم العربي والإسلامي والعالم المتحضر. حدثني وهو يهمُّ بالانصراف أن شمس الحرية ستطع من سماء غزة.

***

محسن الأكرمين

 

بعد عشر عجاف تعفّر جبيني بذرات ترابك ياوطن الغرباء ساجدا شكرا لله والدموع في المقل على الأطلال تذرف وعانقت ذا الجدار وذاك كالمتيم الولهان والدار تروي قصص سنين الفراق فذاك هو الوطن في الخيال الذي تربينا في درابينه والشمس تلك الشمس لكن الارض مقفرة من الخضراء كأنها الغريبة بين أحضان الغرباء لا صديق يواسيها ولا قريب يؤنسها وأضحت تندب حظها العاثر كأنها تستعيد ذكريات باتت في طي النسيان وحتى الصور أبت أن تفصح عن لقطاتها من آثارعوامل التعرية فللٌه درك يا وطن كم اثقلت من هموم اهلك وباعدت بين أوصالك بعد أن فعل الأشرار فعلتهم الدنيئة مع هبوب العاصفة الصفراء ليثخنوا من الجراحات ويعيثوا في الأرض الفساد كأنهم أوصياء وأولياء الأمر بعد الخالق لكسب شرعية أفعالهم الشنيعة التي يندى لها جبين الأنسانية ' فعندما اشرح عن الوطن لا أتحدث الا عن الإنسان لان السر بالسكان لا بالمنزل .

أين كنا وأين أصبحنا وما الذنب الذي إقترفناه ليحل بأهلنا ما حل أليس الله خلقنا أحرارا" ؟ أم تنموا أن نعيش على أهواء من تسولت لهم أنفسهم من أجل غايات هم أدرى بنتائجها سلفا ونبقى ضحية مؤامرات ودسائس نسجت خيوطها من وراء الحدود لغاية في نفس يعقوب قضاها فإلى متى يبقى البعير على التل ؟

 أعذرني يا وطني إن خانني التعبير وأن تعفوا عني إن لم أعبر عن تقديري لك حقا"انا يا وطني لست الا عاشقا"حاول أن يغني لك شيئا"يليق بمقامك فيا وطني انت اجمل سمفونية عزفها أوتار الموسيقيون .

***

حسن شنكالي

 

الحرب حرب، الحرب تفجع الأسر والعائلات، وتثكل الأمهات، وتضعف نفوس الأخوات، الحرب تتلف الأموال وتدمر البلاد، وتنشر الخراب وتنثر الدمار، و الحرب تهدم الحجر وتحرق الشجر، فلا يحبها أحد إلا الظالم، ولا يخطط لها إلا الغاصب.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، لقد وضع العالم العديد من القوانين التي شنت باسم حقوق الإنسان وخاصة للنساء والأطفال وحماية الأماكن السكينة الآلهة بالمدنيين والمستشفيات وسيارات الإسعاف، لكن اعتدى الاحتلال الإسرائلي في غزة وتجاوز في الممارسات الشنيعة لهذه القوانين التي تم وضعها من قبل جهات مدعومة من أعلى مؤسسة دولية وهي الأمم المتحدة.

الشعب الفلسطيني شعبٌ، يكره الحرب ولا يحب الخراب ولا يستهوي الدمار، ولا يقبل بالظلم ولا يسكت عنه، بل يتمنى كغيره من شعوب الأرض، أن يعيش في وطنه حياة كريمة في أمن وسلام. لقد اعتدى الاحتلال الظالم والغاصب على الشعب الفلسطيني، فما أبقى له شيئاً من الحياة والأمل، لقد احتل أرضه واغتصب حقوقه، ودنس مقدساته، وطرد الناس من منازلهم، ودمر بيوتهم، وحرمهم من مستقبلهم.

إن ما ارتكبته اسرائيل من جرائم في قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمدارس ودور العبادة إذ لابد للاعلام العالمي أن يأخذ دوره ويتحمل مسؤوليته في نقل ما لم تُشاهده عيون العالم من جرائم ارتكبتها اسرائيل ذكرت البشرية بالنازيين، لابد من كشف الكيان الاسرائيلي على حقيقته وتعريته أمام العالم.

لقد فعل الاحتلال وكان يفعل منذ خمسة وسبعين عاما من أجل الفكر الصهيوني هو أكثر الأفكار تطرفاً وعنصريةً التي شهدها التاريخ الحديث والقديم فهو يقوم على تقديس الذات ونبذ وتحقير الآخرين فهم وحدهم شعب الله المختار، حسب المعتقدات السهيونية لا حق للآخرين الحياة، ولهم حق أن يقتلوا الناس الذين يؤمنون بالدين الأخر. 

  لقد مارس الاحتلال الجرائم البشعة في الشهر الماضي على دفاع عن النفس وفعل كل ما كان يستطيع في إبادة الجماعية في غزة وقتل الأطفال كان الدنيا أصبحت غابة، لا قانون فيها ولا شريعة.

***

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

 الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

 جامعة عالية، كولكاتا - الهند

كيف استلهم بوتين تجربة غزة في تحصين القرم.. واسئلة أخرى

يعتبر قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أكبر سجن يشهده العالم، حيث يعيش ما يزيد عن المليونين من الفلسطينيين - وغالبيتهم من اللاجئين الذين سلبت أراضيهم عام 48- في مساحة شريطية ضيقة تقع جنوب الساحل الفلسطيني عند ملتقاه مع سيناء.

وهو أحد منطقتين معزولتين (الأخرى هي الضفة الغربية) داخل حدود فلسطين الإنتدابية لم تسيطر عليها القوات الصهيونية في حرب 1948، ولم تصبح ضمن حدود دولة "إسرائيل" الوليدة من رحم النكبة آنذاك، إلى أن تم احتلالها عام ١٩٦٧.

نحن نتحدث عن مدينة غزة الظاهرة بمبانيها الشاهقة فوق الأرض حيث يقيم الأهالي ويمارسون نشاطاتهم الحياتية، فيما توجد تحت الأرض مدينة أنفاق رديفة بكل مرافقها الإدارية، ومصانع السلاح المجهزة باحتراف، ومراكز البحث العلمي التي تساهم في تطوير المنتجات العسكرية المصنعة محلياً وخاصة ما زودت به إيران المقاومة عبر المسالك السريّة، بالإضافة إلى مولدات الكهرباء التي تعوض نقص الطاقة إذا ما ضربت مصادرها فوق الأرض.

وهي أنفاق متشعبة منها الهجومية التي تنتهي بمداخل ضيقة كيلا تسمح للجندي الإسرائيلي المدجج بالعتاد من اقتحامها، كما شاهدنا في فيديوهات نشرت عبر الفضاء الرقمي،

وتوجد ايضاً أنفاق فرعية لربط المرافق ببعضها، وتستخدم لنقل البريد الداخلي بواسطة الدراجات الآلية لتحييد الاتصالات عبر الهواتف النقالة كونها مكشوفة لأجهزة الرصد الإلكتروني التابعة لجيش الاحتلال، أو التنقل وفق أوامر تنسيقية بين مركز القيادة والأقسام ذات العلاقة.

وهناك طرق رئيسة لعبور الشاحنات متعددة الأحجام والتي تؤدي إلى مستودعات التخزين المتعددة الأغراض، إلى جانب عربات سكة الحديد من النوع المستخدم في المناجم .

وتتراوح مستويات طوابق مدينة غزة السفلية ما بين 30-60 متراً تحت الأرض.

ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال بعض البرامج الثقافية التي بثتها قناة الجزيرة وتحليلات الخبراء العسكريين على مجريات الحرب ووقائعها عبر الفضائيات وعلى رأسهم اللواء الدويري.

هذه الأنفاق كان من شأنها أن تحيّد سلاح الجو الإسرائيلي الذي استفرد بالفلسطينيين منذ 56 يوماً وتحويل غزة إلى أرض محروقة، توطئة للاجتياح الفاشل الذي انتهى بقبول نتنياهو لهدنة مؤقتة.

ولكن كيف أرغم نتنياهو على القبول بالهدنة وإبداء تراجعه عن أهدافه التي أهمها اجتثاث حماس وتهجير أهل غزة إلى سيناء ثم استعادة الأسرى؟

حدث هذا التحول لعدة أسباب أهمها:

- تنفيذ المقاومة في غزة هجوم مضاد ضد جيش الاحتلال المتمركز حول مستشفى الرنتيسي وقصف تل أبيب بصواريخ المقاومة وما نجم عن ذلك من خسائر طائلة في المعدات والأرواح رغم طول امد الحرب المستعرة دون توقف.

- أيضاً تدحرج طوفان الأقصى إقليمياً بمشاركة حزب الله المستمرة في مواجهة جيش الاحتلال عبر الجبهة الشمالية، وخشية واشنطن من تحولها إلى حرب إقليمة قد تتدخل فيها إيران مباشرة. مع أن الأذرع الإيرانية ما فتئت تستهدف القواعد الأمريكية في العراق.

أضف إلى ذلك قيام جماعة أنصار الله الحوثي بالإعلان، يوم الأحد الماضي، عن احتجاز "سفينة الشحن الإسرائيلية "غالاكسي ليدر" جنوبي البحر الأحمر واقتيادها إلى ميناء على الساحل الغربي لليمن حيث تم أسر من فيها.

وعليه فقد وجه الحوثيون تهديداتهم نحو السفن ذات العلاقة بالاحتلال، بمنعها من عبور باب المندب، حيث أرغمت بعض السفن على الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح نحو وجهتها، فيما ضاعفت شركات التامين البحري قيمة التامين على تلك السفن ما رفع من اسعار السلع.

وأدى ذلك بالمتضررين لممارسة الضغوطات على واشنطن كي توقف الحرب على غزة وفق شروط الحوثيين المساندة للمقاومة.

- ثم تأتي الخسائر المادية والبشرية والمعنوية التي يتكبدها الاحتلال (٢٥٠ مليون يومياً) من جراء شنّه حربٍ مجنونةٍ على القطاع، وبالتالي تراجع كافة القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، ما استرعى من الحكومة مراجعة حساباتها بالتفكير الجاد نحو إعادة جزء من الاحتياطي، عساها بذلك تعوّض نقص الموارد البشرية لصالح تلك القطاعات المتضررة.

- عدم قدرة نتنياهو على استعادة "الرهائن" من أيدي حماس، ورضوخ القيادة الإسرائيلية لمطالب المتظاهرين الإسرائيليين بضرورة إبرام صفقة تبادل الأسرى مع فصائل المقاومة في غزة، التي بدا وكأنها تتحكم بالموقف داخل"إسرائيل" من خلال السنوار .

وبعد جهود مضنية بذلها الوسطاء القطريون والمصريون تمت عملية تبادل الأسرى بين حماس و"إسرائيل" على مرحلتين من خلال الهدنة التي نُفِّذَتْ ابتداءً من الساعة السابعة صباح الجمعة الماضية والتي اخترقها جيش الاحتلال في عدة حالات فردية، تسببت إحداها بارتقاء شهيدين.

- ثم تأتي هزيمة السردية الإسرائيلية على صعيد عالمي إزاء السردية الفلسطينية وافتضاح جرائم الاحتلال التي أدّت إلى سقوط أكثر من 15 ألف شهيد كان جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

وهذا الأمر لم يمنع اهل غزة من رفض التهجير القسري إلى سيناء وقد ساعد في ذلك، الرفضُ المصري الرسمي المتصلب، فيما واجه الغزِّيّون الاحتلال بالصمود الأسطوري، وازداد تمسكهم بمقاومتهم؛ حتى كسبوا احترام العالم وتحول الدم الفلسطيني المراق إلى أيقونة عالمية شديدة التأثير، لدرجة أن غزة امتلكت القدرة على تغيير العالم، واستعادة اسم فلسطين لتتبوأ مكانتها بعد أن طمستها المنصات المجيرة للاحتلال مثل فيسبوك ويوتيوب وغيرها، لولا تحرر المواقع الأكثر استقلالية من نير الضغوطات الصهيونية على نحو موقعي: إكس وتكتوك.

- إن انتصار المقاومة في حرب الإرادات والعقول وما بذله الشعب من ضحايا لم تذهب سداً؛، لأنها حولت الشعب الفلسطيني إلى ظاهرة مؤثرة عالمياً، وقد وصل تأثيرها إلى الشعوب الحرة التي انتفضت مع غزة من خلال دعمها بالمظاهرات العارمة الكبرى التي طافت العواصم العالمية، ناهيك عن دعم حركة مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية BDS التي كبدت الاحتلال خسائر بالمليارات اعتماداً على قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات، نتيجة حكم المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2004، والقاضي بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

فما بالك الآن والشعب الفلسطيني في غزة يتعرض لحرب إبادة معلنة، ربطها نتنياهو بنبوءة أشعيا التوراتية التي تدعو لإبادة الخصوم.

- لقد وحد الصمود الغزيّ بين شرفاء العالم والمسلمين بشتى مذاهبهم، حتى أن بعض الدول والأقاليم قررت قطع علاقتها مع الاحتلال مثل: بوليفيا ولشبونة في شبه الجزيرة اللإيبيرية.

وفي 18 نوفمبر الجاري أعلنت المحكمة الجنائية الدولية تقدم كل من جنوب أفريقيا، وبنغلادش، وبوليفيا، وجزر القمر، وجيبوتي" بطلب للتحقيق في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفق ما قاله المدعي العام للمحكمة كريم خان.

ويجمع الخبراء الذين تحدثوا عن معجزة غزة عبر القنوات الفضائية بأنها استثنائية حتى وصلت ذروتها في السابع من اكتوبر الماضي إذْ نفذت المقاومة عملية "طوفان الأقصى" فكسرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ارتكازاً على صراع العقول والإرادات.

ومن هنا يأتي تخوف أصحاب خيار "نشر القوات الدولية" من أن يُفْهَمَ على أنه جاء لحفظ ماء وجه الاحتلال، ما قد يدفع بالمقاومة لإجهاضه بالحديد والنار.

إذْ يصر قادة حماس على أن غزة شأن فلسطيني صرف.

ولعل تجربة غزة ألهمت بوتين في التخطيط لبناء نفق استراتيجي تحت البحر يربط بن البر الروسي وشبه جزيرة القرم من خلال الشركات الصينية؛ لمنع الطيران الأوكراني المدعوم غربياً من استهداف جسر القرم الاستراتيجي، الذي ما يزال هدفاً حربياً مع أنه تعرض للتفجير مرتين.. وخاصة أن الفكرة حققت نجاحاً مبهراً في غزة.

هذه غزة التي بصمودها الأسطوري غيرت وجه العالم.. لا بل اثبتت بأن طائر الفينيق الكنعاني الذي يخرج من بين الرماد أشد عنفواناً هو كائن فلسطينيّ وجد ملاذه المعنوي في غزة التي أعادت كتابة السردية الفلسطينية باقتدار.. واثبتت بأن الرواية الصهيونية قائمة على التضليل.

***

بقلم: بكر السباتين

26 نوفمبر 2023

"سقوط الولايات المتحدة داخل المعطف الصهيوني" كان هذا -أو كأنه هو- عنوان مقال قرأته في إحدى الدوريات الإسلامية في ثمانينيات القرن الماضي، ومازال هذا العنوان محفورا في ذاكرتي إلى يومنا هذا.

وجدير بالذكر، أنه في تلك الأيام كانت الصحوة الإسلامية في أوجها وعنفوانها، يومها كنت أنا الفتى المراهق من بين أولئك الذين يمكن تصنيفهم ضمن القطاع الرابع، بحسب تصنيف الأستاذ "فهمي هويدي" في كتاب (الصحوة الإسلامية رؤية نقدية من الداخل)مؤلف جماعي.

والقطاع الرابع بحسب التصنيف أعلاه هو ذلك الجزء من جسم الصحوة المتجسد في تلك الجموع الغفيرة من الناس التي لم تكن مسيسة ولا منظمة و التي كانت تتبنى المشروع الإسلامي كما كانت تطرحه الحركة الإسلامية في كل من المغرب والمشرق الإسلاميين.

وللأمانة فإن القطاع الرابع بدوره كان ينقسم إلى فئتين: فئة ملتزمة بمقتضيات أحكام الشريعة في مختلف مناحي الحياة، وفئة كان التزامها على المستوى التصوري أكثر و أكبر من التزامها السلوكي، إذ كان يعتري هذا الأخيرَ قصورٌ هنا وهناك (وخلق الإنسان ضعيفا) سورة النساء.

وفي ذلك الجو كان مصطلح الصهيونية يُعَرَّف على أنه حركة يهودية صرفة، وأن هذه الأخيرة هي التي تشكل الرؤية الصهيونية للعالم،مع الرفض القاطع لأي محاولة تهدف إلى التمييز بين اليهودية والصهيونية، على اعتبار أنهما وجهان لعملة واحدة، طبعا كان يكرس لنا هذا المفهوم مفكرون وكتاب كانوا ملء السمع والبصر، وعلماء دعاة كانوا نجوما حقيقيين، وقد كان لهم دور كبير جدا في تشكيل العقل و الرأي العام الإسلاميين.

كما كنا لهم نقرأ، ومنهم نسمع بأن الصهيونية إنما هي تلك الجمعية السرية، التي أسسها يهود منذ فجر التاريخ الإسلامي، وهي التي اغتالت الفاروق عمربن الخطاب ومن بعده ذا النورين عثمان بن عفان رضي الله عنهما وهي  نفسها التي اغتالت الملك فيصل، وغيره من العلماء وأصحاب الكفاءات العالية إلخ... رحم الله الجميع، وهي نفسها التي أسقطت أمريكا داخل معطفها بحسب العنوان الذي مر معنا آنفا.

وقد كان هؤلاء العلماء الكبار كثيرا ما يؤكدون أطروحتهم بخصوص الصهيونية، من حيث مفهومها وقدرتها على نسج المؤامرات الرهيبة، بما ورد في كتب كانت حينئذ أشهر من نار على علم من مثل كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون)، وكتاب (حكومة العالم الخفية)، و(احجار على رقعة الشطرنج)إلخ....

وما أراني أذيع سرا إذاما قلت بأنني كثيرا ماكنت أهمس لنفسي قائلا: إذا كانت اليهودية والصهيونية شيئا واحدا، فلماذا يا ترى أباح الإسلام لنا نحن المسلمين مؤاكلة اليهود بل ومصاهرتهم!؟ وكيف نفهم قوله تعالى :(لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم.إن الله يحب المقسطين) سورة الممتحنة.  وقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) سورة المائدة.

إلى أن ظهرت دراسات علمية رصينة، أخذت على عاتقها  فك الإرتباط بين اليهودية والصهيونية بمعنى أنه ليس كل يهودي صهيونيا وليس كل صهيوني يهوديا بالضرورة، وأن اللوبي الصهيوني نفسه ليس قاصرا على اليهود، وأنه يضم نخبا أخرى غير يهودية بل وحتى مَنْ هم لليهود كارهون، إذ إن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية المطاف هي اللوبي الحقيقي.وبذلك تم نزع تلك الهالة عن اللوبي الصهيوني الذي يعتبره "البروتوكوليون" -كما سماهم الراحل عبد الوهاب المسيري وهم الذين يؤمنون بأن بروتوكولات حكماء صهيون هي فعلا من تأليف اليهود بينما هي وثيقة منحولة عليهم - تجليا من تجليات الصهيونية العالمية، ليثبت بالحجج الدامغة، والبراهين الساطعة كيف يستمد هذا اللوبي قوته التأثيرية من مدى خدمته لمصالح الإمبريالية الأمريكية بالدرجة الأولى. وأن الكيان الإسرائيلي برمته لا يعدو كونه كيانا عميلا ذا مهمة وظيفية لاغير.

وهذا ما توضحه تللك المحادثة التي دارت بين تيودور هرتزل وملك إيطاليا إيمانويل الثالث في إحدى المناسبات حيث قال هرتزل:" إن نابليون كان قد دعا إلى عودة اليهود إلى فلسطين" فأجابه الملك قائلا:" إن ماكان يريده -أي نابيون- هو أن يجعل اليهود المشتتين في جميع أنحاء العالم عملاء له"وهذا ما كان يؤمن به تشمبرلن وزير خارجية بريطانيا باعتراف الهالك هرتزل نفسه.الأمر الذي يفيد عكس وخلاف ما هو مقرر في (البروتوكولات) "من أن اليهود سيسيطرون على العالم وسيسخرون البشر لخدمتهم"(البروتوكولات واليهودية والصهيونية) عبد الوهاب المسيري.

فلا غرو إذن أن يعيد بايدن مقولته  التي كان قد صرح بها في منتصف ثمانينيات القرن الماضي والتي ذكر بها العالم عندما زار مَواليه في تل أبيب ليشد من أزرهم عند اندلاع معركة طوفان الأقصى:"لولم توجد إسرائيل لكان علينا إيجادها" وقبله قال سلفه ريغن:"إسرائيل تحمي آبار البترول ومصالحنا في المنطقة" ومثل ذلك قال الذين من قبلهم وسيقوله  الآتون من بعدهم.

ومع كل ما تقدم مازال الكثير من الذين لاندعي المزايدة عليهم، بخصوص إدراكهم لحقيقة الدور الوظيفي للكيان الإسرائيلي تند عن أقلامهم، وألسنتهم عبارات وثيقة الصلة بالتفكير "البروتوكولي" فعلى سبيل المثال لاالحصر منذ أيام وعلى "تلفزيون العربي" سئل الدكتور عزمي بشارة عن رأيه بخصوص

اتصال بايدن شخصيا بأهالي الأسرى أوببعضهم ، فرجح لديه أن يكون نفاقه للصهاينة هو سبب ذلك!ولست أرى ما الذي يجبر بايدن على أن ينافق مَواليه، بل الصواب هو أن ذلك يأتي في إطار تفقد الرجل لأحوال أولئك الذين يستخدمهم وقودا، من أجل الحفاظ على قاعدة بلاده العسكرية والأمنية المتقدمة، والتي تغنيه في الحفاظ عن مصالح بلاده في المنطقة، عن عشر حاملات الطائرات تبلغ تكاليفها عشرات البلايين من الدولارات،"ولن يستطيع أي رئيس أمريكي أو كونجرس أن يسمح بتدمير إسرائيل" (الفرصة السانحة) رتشارد نيكسون.

واللافت في الموضوع هو أن الدكتور عزمي نفسه، عاد ليقول في نفس اللقاء بأن أمريكا قادرة على إعطاء تعليمات لإسرائيل بوقف إطلاق النار، وهذا هو الصواب وهذا ما أكد عليه أمين عام حزب الله في معرض حديثه عن معركة طوفان الأقصى في خطابه الأخير، حين قال:"إن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تدير الحرب وبالتالي فالضغط ينبغي أن يكون على هذه الإدارة". وفي هذا السياق نقرأ طلب نتنياهو من الرئيس بايدن، ولي نعمته التدخل لتحسين شروط المفاوضات مع حركة حماس فيما يخص تبادل الأسرى لصالح إسرائيل.

من خلال ما تقدم وهو قليل من كثير، فإن الأمريكيين هم السادة أما الإسرائيليون فليسوا سوى مَوالي، نعم موالي لأصحاب الصراع الرئيسيين، واذكر معي عزيزي القارئ ماقاله القائد البريطاني الشهير (جلوب باشا):"إن تاريخ مشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد".ومن ثم فالصهيونية ظاهرة استعمارية غربية وقودها يهود و ديباجاتها اليهودية (الصهيونية والحضارة الغربية)د.عبد الوهاب المسيري."طَلَعَ الصَّباَحُ فَأَطْفِئوا الْقَنْدِيلا".

***

محمد العربي حمودان

التأريخ مكتوب بمداد الدماء المُراقة بأدوات الشرور، والأشرار يصنعون أحداثه في معظم الفترات، وقلة هم الأخيار الذين تصدروا مسيراته.

ولا يُعرف لماذا يميل الناس لتولية أشرارهم عليهم!!

يبدو أن القوة عمياء والذين يتسلطون على المجتمعات يفقدون قدرات التبصر ويذعنون لإرادة الكرسي، وما يمليه على الجالس عليه من سلوكيات مخلة بالعديد من الثوابت الأخلاقية، فالكرسي غابي الطباع، وحشي التطلعات إفتراسي النزعات، ويتأسد ولا يمتلك أي خلق كريم، لأنه يتوجس ومهووس بالأمان المطلوب لديمومته في عرينه الحصين.

والدليل على ما تقدم أن معظم الإنتخابات تأتي بأشرار المجتمعات وتفوض لهم حرية تقرير المصير، كما حصل في ألمانيا وإيطاليا قبل الحرب العالمية الثانية، وفي العديد من الدول المعاصرة.

ومن الواضح أن البشر يقتل الرسل والأنبياء والمصلحين ورواد الفكر والحرية والرحمة والألفة الإنسانية، وفي القرن العشرين قتلوا غاندي، وجرت محاولات لقتل كتاب ومفكرين ودعاة محبة وسلام.

وبرغم محاولات الأديان تهذيب البشر، لكن النفس الأمارة بالسوء فاعلة فيه ومهندسة لتصرفاته، وموقدة للصراعات الدامية، ولهذا الحرب دوّارة والسلام مستحيل.

ويظهر أن الصراع من العوامل الأساسية لتحريك عجلات الحياة، وتأمين البقاء القابل للتواصل والتطور والرقاء، ولكي تتحقق الحركة بتعجيلاتها المتنوعة، ربما لابد من الأشرار اللازمين لتأجيجها وإيقاد ميادينها وشن حروبها.

وأنّى ننظر فثمة دلائل شرور، ومعالم دماء تفور، فالطبع البشري ما تبدل، بل إستخدم مبتكرات العقول للتعبير عن مطموراته ونوازعه الكامنة في أعماق المخلوقات الآدمية.

فما صنعه البشر صار يخدم الخير والشر في آن واحدة، فالسيارة للخير وللشر معا، وكذلك الطائرة، ومبتكرات العقول من أدوات الشرور متعارف عليها وبلغت ذروتها في عصرنا الفتاك.

فلماذا الشر سلطان، والخير مهان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

هو مطلع أغنية لموسيقار الأجيال الفنان الراحل محمد عبد الوهاب، مازالت كلماته تلهب المشاعر العربية الصادقة نحو المزيد من التضامن وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لكل شعب عربي مناهض للمؤامرات ومقاوم لظلم ومكافح من أجل سيادته.

توقف العرب باهتمام واسع كبير أمام نتائج جهود الوساطة التي قادتها مصر بمشاركة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بين حركة "حماس " الفلسطينية وإسرائيل من أجل وقف مؤقت لإطلاق النار، ومتابعة مراحل عملية تسليم الأسرى من الجانبين.

لم تنتظر السلطات المصرية طويلا حتى شرعت فور دخول الهدنة حيز التنفيذ في الإسراع بمضاعفة إدخال مئات الشاحنات العملاقة المحملة بالمساعدات الإنسانية المختلفة والإغاثية الدوائية والطبية وأيضا الوقود والغاز .. الخ عبر معبر رفح البري إلى قطاع غزة في شكل قوافل متتابعة لا حصر لها وكأنها في سباق مع الزمن لتأمين كل احتياجات أهالي القطاع في أضمن الظروف، وفي أسرع وقت ممكن، والمنتظر أن تتضاعف الإمدادات أكثركما صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خاصة طوال أيام الهدنة الأربعة الذي استشعر حكم التاريخ وقواعد الجغرافيا التي ترسم ملامح العلاقة المتينة والمتميزة بين مصر وفلسطين.

لقد تفانت الشعوب العربية في توفير ما أمكنها من الاحتياجات الأساسية لإخوانهم في قطاع غزة لشد أزرهم ودعم صمودهم وتمكينهم من التمسك بالأرض والبقاء في الوطن، وهو السبيل الوحيد لإفشال المخطط الإسرائيلي الرامي إلى التهجير القسري لأهالي القطاع خارجه.

العروبة فعل يصدق القول، إنها فكر وثقافة وسلوك وعمل حي ملموس، في بوتقتها انصهرت منذ القدم إرادات الشعوب العربية طوعا وتلقائية مدفوعة بقواسم الهوية المشتركة والمصير الواحد التي نلمس حقيقتها  في واقع وطبيعة المقومات الأساسية للشعوب العربية وما الهبة اللافتة في الأقطار العربية لنصرة الفلسطينيين في قطاع غزة إلا مظهرا لتأكيد صدق التوثب لانتصار القضية الفلسطينية، ودحرا للإشاعات المغرضة التي تطلقها أبواق الفتن التي تهدف للنيل من التضامن العربي في أصعب الأوقات وأكثرها شدة، وكأن هذه الأبواق لم تفقه معنى " كل أخ عربي .. أخي "لقد تمت المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى وقامت السلطات المصرية الأمنية بالإشراف الكامل والمباشر على عمليتي استلام وتسليم الأسرى من الجانبين مع تأمين اجراءات الفحص الطبي عليهم، وضمان سلامتهم ونقلهم في أحسن الظروف، ولعل القادم أفضل .

الثابت والمؤكد أن اسرائيل خسرت الكثير في الجولة الأولى من مواجهتها مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فلم تحقق أهدافها المعلنة التي تشددت في بداية الأمر لفرضها، ولم تنجح من جهة أخرى في منع وقوع ما أكدت على استحالته، فتم وقف إطلاق النار ولو مؤقتا، وللسخرية اعتبرت اسرائيل موافقتها عليه ممن باب التقاط الأنفاس، وتجري بنجاح عملية تبادل الأسرى رغم أنف اسرائيل، وظلت حركة حماس باقية رغم شدة القصف الجوي والبري والبحري ولم تتمكن اسرائيل من هزمها طوال 50 يوما تقريبا من القتال غير المتكافئ، كما لم تنجح اسرائيل في زحزحة أهالي القطاع وترحيلهم نحو صحراء سيناء، إنها هزيمة قاسية لأنها بأبعاد أربعة.

" كل أخ عربي أخي "مقولة رائعة تحتوي معاني الأخوة وكل القيم النبيلة والمبادئ السامية، وتعكس حجم الاستعداد لوقوف الأخ العربي بجانب أخيه العربي كتفا بكتف ينصره، إنها رد بليغ على من يسوفون المواقف ويسخرون وقت الكوارث الكبرى ويشمتون في المصائب وهم لا يدرون أن هناك فعلا ما أصابهم ويجدر الالتفات إليه في بلادهم ويجب أكثر معالجته.

***

صبحة بغورة

العقل الغربي نفقي الرؤى والتصورات، والعقل الشرقي شمولي النظر، ربما يستغرب الكثيرون مما تقدم، لكنها حقيقة فاعلة ومهيمنة على واقع الحياة في الغرب.

الفهم محدود ويتمركز حول تحقيق الرغبات الذاتية، وما بعدها لا قيمة له ولا معنى، أيا كان نوعه ودرجة أهميته عند الآخرين.

والمجتمعات الغربية فيها مفردات قادحة للرؤى والتصورات وبناء الآراء، ومن العسير مواجهتها عندما تنطلق.

مثلا تعبير الإعتداء الجنسي، الإساءة (أبيوز) بأنواعها، الكذب، السرقة، مخالفة القانون، التجاوز، السلوك الإمتهاني، وغيرها من التعابير والمفردات القادرة على إطلاق ردة فعل إنفعالية شرسة.

والمجتمعات العربية لا تدرك المفردات التي تعمي بصيرة المجتمعات الغربية، ومنها، الخطف، الرهائن، قتل الأبرياء، الأسرى، وأمثالها، فحالما تستخدمها وسائل الإعلام وتقرنها بصور، وحالات مدبلجة ومصنعة في أستوديوهات الفوتوشوب، تنطلق سورة إنفعالية عارمة تلغي البصائر وتعطل العقول، فتجدهم يحدّقون في أنفاقها ولا يرغبون برؤية غيرها، بل يبحثون عمّا يعزز رؤيتهم ويرسخ نظرتهم المغلفة بأتراس إنفعالية سميكة.

ومن التوصيفات التي تذهِب العقول وتفتق براكين الإنفعالات كلمة إرهاب، فتطلق على الأحداث التي يُراد بموجبها إرتكاب أبشع الجرائم.

إنه الإرهاب، وهذا عمل إرهابي، وتبدأ الكلمة بجذب المفردات المعززة لها، وبمواصلة الإقران تتوسع الدائرة لتشمل كل بعيدٍ وقريبٍ، وتمضي مسيرة العزف على أوتار الدمار والخراب، وفقا لمقتضيات القضاء على الإرهاب.

وما يجري من أحداث منذ (7\10\2023) لمفردة رهائن دور كبير فيها، لأنها أعمتهم وحشرتهم في زاوية حادة ذات إنفعالية مضغوطة يقوة.

فتجد المسؤولين لا يرون ولا يسمعون ولا يفهمون سوى رهائن، وعندما تحدثهم عن آلاف الأبرياء الذين يموتون من جراء القصف، لا يسمعون ولا يشعرون ولا يتأثرون، المهم الرهائن، فموت الآلاف لا يعنيهم، المطلوب الإفراج عن الرهائن!!

هذا هو جوهر التفكير والتفاعل القائم في العالم المدّعي بالتحضر، فهل سندرك كيف نخاطب وأي المفردات نستعمل، لنصون حقوقنا ونحافظ على وجودنا العزيز؟!!

***

د. صادق السامرائي

الكثير جداً من الادعاء والجرأة على تصدر المشهد في كل شيء، وكثير من الضحك على المواطن البسيط، مع قليل جداً من احترام عقول الناس، مع إساءة واضحة للنسيج الاجتماعي، وإصرار على إعلاء شأن الطائفية، يضاف لها مفردات عن الإصلاح والمواطنة والفساد الذي حاول صاحبنا محاربته،

كل هذا في خلطة أطلق عليها لقب سياسي، فيما الواقع يقول إن صاحبنا الذي يظهر في الفضائيات مبتسماً، يمثل دور العارف ببواطن الأمور وأسرار ما يجري في الكواليس، يسيء لمهنة السياسة التي دخلها الكثير من أمثاله بالصدفة. هذه هي الخلطة التي يقدمها لنا نائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي.

لست في وارد الحديث عن ما قدمه بهاء الأعرجي للسياسة العراقية او ما هي الخدمات التي قدمها للعراق، لكني ساحيلك عزيزي القارئ للقاء الاخير الذي ظهر فيه بهاء الأعرجي ليخبرنا وبلغة استعلاء، واستصغار لمكون اجتماعي وبالحرف الواحد: ليقول :"لقد استعطفنا السنة وأعطيناهم رئاسة مجلس النواب"

كم سنحتمل من استعراضات أمثال بهاء الأعرجي الذين يريدون منا أن نتربى في مزارعهم، وأن نرفع شعار السمع والطاعة؟ كم مرة سنتحمل سياسيا متقاعدا يريد منا أن نلغي كل إمكانية التفكير والبحث، من خلال استدرار عواطف البسطاء واستغفالهم؟!.

يريد السيد بهاء الأعرجي أن يخبرنا أنه لا ضير في التنازل عن القيم وإلغاء المقاييس الأخلاقية، فالسياسة مثلما يفهمها الاعرجي تعني اللعب على أكثر من حبل.

سيقول البعض: ايها الكويتب ما الذي يضرك أن يتحدث مسؤول سابق يناقش الحالة العراقية؟، ألست من الذين صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الديمقراطية والراي الآخر؟ أعرف أن هذه البلاد بحاجة إلى مراجعة حقيقية تفتح بها الملفات المغلقة ومصارحة المواطنين بما جرى خلال الأعوام الماضية، كل هذا أتفهمه، ولكن، الذي ما لا أفهمه، ولا أصدقه، كيف يتمكن بهاء الاعرجي من الحديث بكل اريحية دون ان يحاسبه احد على الاساءة في حق مكون اجتماعي عراقي ، والاهم من اين استمد بهاء الاعرجي كل هذه القوة والسلطة .

عَلامَ الانتخابات إذن، إذا كانت المناصب توزع من قبل بهاء الاعرجي؟ ما الذي سيتغير اليوم ما لم تتغير وجوه الامس؟، عن ماذا يتحدث بهاء الأعرجي بكل ثقة؟ ماذا عن المأساة التي عشناها معهم منذ أكثر من عشرين عاما عاماً؟.

كلما تحدث سياسي عراقي أتذكر حكاية سنغافورة ومعجزة لي كوان. وكلما مضت البلاد نحو الخراب، أتذكر حكاية كوريا الجنوبية واستقالة رئيس وزرائها بسبب غرق عبارة، وكلما تذكرت مئات المليارات التي نهبت في مشاريع وهمية ، أردد مع نفسي، ما كان أغنانا عن ظاهرة " بهاء الاعرجي "!

***

علي حسين

تساؤلات يطرحها امثالنا من كبار السن المتقاعدين، حياتهم وما آلت اليهم أمورهم الحياتية مع أسرهم ومجتمعهم، فهم قد يرقدون ولا ينامون، وقد يأكلون ولا يهضمون، وقد يضحكون ولا يفرحون، وقد يوارون دمعتهم تحت بسمتهم، يؤلمهم بُعدُك عنهم، وانصرافُك من جوارهم، واشتغالُك بهاتفك في حضرتهم، لم يعودوا محور البيوت وبؤرة العائلة كما كانوا قبل، فمن يهتم بهم، حوائجهم أبعد من طعام وشراب وملبسٍ ودواء بل وأهم من ذلك بكثير، قريبون من الله دعاؤهم أقرب للقبول، فقدوا والديهم وفقدوا كثيراً من رفقائهم، فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية على الكثير من الأحزان، الكلمة التي كانت لا تريحهم حال قوتهم الآن تجرحُهم والتي كانت تجرحهم الآن تذبحُهم، لديهم فراغ يحتاج عقلاء رحماء يملؤونه، يحتاجون من يسمع لحديثهم ويأنس لكلامهم ويبدو سعيداً بوجودهم، غادر بهم القطار محطة اللذة وصاروا في صالة انتظار الرحيل، ينتظرون الداعي ليلبوه، يحتاجون إلى بسمةٍ في وجوههم، وكلمةٍ جميلة تطرق آذانهم، ويداً حانية تمتد لأفواههم وعقلاً لا يضيق برؤاهم، هم الأب والأم والجد والجدة وسواهم من ذوي القرابة ممن شابت شعورهم ويبست مشاعرهم، اجعلهم يعيشون أياماً سعيدة ولياليَ مشرقة ويختمون كتاب حياتهم بصفحات ماتعة من البر والسعادة، حتى إذا خلا منهم المكان لا تصبح من النادمين، كن العِوضَ عما فقدوا وكن الربيعَ في خريف عمرهم وكن العُكّازَ فيما تبقى، سلامٌ عليهم وسلامٌ على من يراعونهم، كبار السن سيذهبون وعما قليل ستكون أنت هذا الكبيرَ المسنَّ... فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع، حفظ الله أهلينا ورحم كبارنا ومن سبقنا إلى جنات عليين،

قد نشعرنحن اعمار الستين وصعودا ،بغربه داخل أسرتك فأنت مختلف عنهم وأنت ترى ما لا يرونه، فخيالك أوسع وأكبر من تصوراتهم وهذا قد يسبب لك الكثير من المعاناة، فتعرف الكثير عن أسرتك وعن أقاربك وعن مجتمعك وتعرف كثيراً عن دوافع ومسببات أكثر الأفعال والتصرفات وعن السلوكيات اليومية، تتعلم كذلك أن جرحك لا يؤلم أحداً سواك، وأنك لو تألمت فسوف يكون ذلك مفيداً لغيرك بل إن من يبكي حولك لا يفيدك بشيء.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم