أقلام حرة

أقلام حرة

صاحب  الجسد المهدود، والعصب المجهود، المعلم الذي تقلص ظله في هذه البلاد سيبقى مع ما ناله من خطوب، واختلف عليه من صروف، الشخصية المحورية التي يدور في فلكها كل طالب، فالقيم النبيلة التي تحلق فوق السحائب الجون والتي يقطر من شمائلها ماء الكرم، وينضح من سجاياها حسن الخلال لا تعروها آثار النسيان، ولا تشوبها أعنّة الغفلة، هذه الخصال التي كانت تتوافر في أساتذة الزمن الجميل جدير بنا أن نتحلى بها ونجعلها حداء لمسيرتنا، والحق الأبلج الذي لا مرية فيها اننا مهما أمعنا في الادعاء، وأفرطنا في الافتراء تبقى حقيقة مفادها أن البون شاسع بيننا وبين أولئك النفر من الأساتذة الأجلاء الذين رفعوا راية العلم عالية خفاقة في ربوع وطننا الحبيب، فكيف لمن يتبادلون فضول الكلام وغث الحديث، أن يكون في مرتبة سواء مع أصحاب العقل الراجح، والفكر القادح، والخلق السامي الرفيع.

وناظر المدرسة الذي يوري زناد الإلهام فتشتعل كوامن العبقرية في الأذهان الخصبة، والقرائح الموهوبة، رأيناه ونحن في معية الصبا يجاهد نزقنا بالحلم، ويجالد طيشنا بالصبر، ويصاول شرهنا للهو البريء بالضرب والوعيد، أبصرنا تلك المؤسسة العريقة التي أهملتها الطائفية، وأذلت ناصيتها الإنقاذ، تدفع عنّا بيد، وتناضل دوننا بسهم، عندما تسكب في ضمائرنا اليافعة مقادير وافرة من اليقين، وتبتسم في وداعة وهي ترى ثائرتنا الغضّة قد تبدّت في ملامحنا البريئة جراء تأخر الكتب القشيبة فيهون علينا بعباراته المتزنة الرصينة حتى تمتلئ جوانحنا بالرضا، ففي مدينة الدمازين كان ناظرنا في مدرسة الجمهورية الابتدائية المربي الفاضل والرياضي المطبوع "الطاهر بابو- رحمه الله" يحيل أيامنا التي ترتع فيها أشباح الهفوات إلى مدينة فاضلة نأمن فيها من كل سوء، ونتحصن بها عن كل فتنة، فلقد كان هو وأركان حربه الأستاذ الخلوق "عبد الوهاب الطيب" يعيان تماماً أننا نكابد ألم التناقض فيما نهفو إليه من لهو بريء، وعبث جامح، بحكم النشأة والتكوين، وبين تلك القيود التي تفرضها ضروريات التعلم، وما زال ثغري يومض بالابتسام كلما تذكرت صدر أيامي في تلك المدرسة الشامخة، فقد كنت أُظهر امتعاضي وتمردي على ذلك العالم الجديد، فقد أذضت من كل شيء بشاشته، كنت كغيري من لداتي وأندادي أود أن أناغي الأطيار، وأتسلق الأشجار، وأخاطب الطبيعة، أجلب البلية، وأهش للعطية، وأبغض السخاء، لأجل ذلك عافت نفسي المدرسة لما فيها من شطط واعتساف، واجتوى عقلي الدرس لما فيه من كد، واجهاد ذهن، ولولا نفر من الأساتذة العظماء نهضوا لإصلاح اعوجاجي، وسعوا لتقويم خطل اعتقادي، لاقتصرت دراستي على الفصول الأولى، فلهم ولكل أساتذتي في المراحل التعليمية المختلفة أحني هامتي إكباراً لما قدموه لي ولغيري من حنو ورعاية وعلم.

حاشية:

ما يكابده هذا الشعب من حرب شعواء، وغلاء مرهق، وفقر مدقع، يبرهن يجلاء أن الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، لها قلب أقسى من الصّوان، وأصلب من الفولاذ لأنها تركته وحيداً يواجه هوج الرياح، وسرف المطر، وضراوة الصقيع.

***

الطيب النقر

 

التكنلوجيا بثوراتها الإبتكارية ومخترعاتها المذهلة، تقود العالم وتسخّر البشر بتفوقها عليه، فالذي يمتلك أسرارها وآليات التعبير المادي عنها، هو الأقوى المهيمن على الآخر الذي يفتقد عناصرها ومفردات الإبداع فيها.

النصر للتكنولوجيا!!

وعلى المجتمعات أن تعي هذه الحقيقة المعاصرة المتسيّدة على الواقع الدنيوي.

فالقوي مَن يمتلك قدراتها ويسخدمها لتحقيق الأهداف المطلوبة.

بعض الدول منشغلة بموضوعات بائدة غابرة عفت عليها القرون، وتريد أن تواجه دولا ذات إقتدار تكنولوجي متقدم، فكأنها تطارد أوهاما، وتحسب أنها ستقبض على خيط دخان.

العالم يسير على سكة الإبداع المادي المتدفق من خطوط إنتاجية لا تتوقف، وتتوثب نحو صيرورات ذات مواصفات متفوقة على ما قبلها، وبإضطراد إبداعي مطلق.

وعالم يزداد تذمرا من الحياة، ويزهقها بأقوال وتصورات وتفاعلات قهرية سلبية، توفر للأجيال البيئة المتوافقة مع العدوان على الدنيا وما فيها.

فكيف ينتصر المتقهقر على المتقدم المندفع بطاقات الإبتكار؟

لابد من الموضوعية والإقرار بالقدرات المتوفرة، والإمكانيات المتفاعلة في الواقع الذي نتمنطق بما لا يمت بصلة إليه، فمعظم ما تبوج به الألسن والأقلام، يمثل متخيلا منقطعا عن مسارات الأيام، وما يدور في خلد البشر المُضام بالجور والحرمان، والمزقوق بسلاف الضلال والبهتان.

فهل سنمتلك المؤهلات اللازمة للمنافسة المعاصرة؟

وهل سنوفر البيئات الضرورية لإطلاق ما تكنزه الأجيال من الإقتدار؟

المطلوب صوت وطني غيور، ونظام حكم جسور رشيد!!

وعلينا أن نكون، بمستوى ما نريد أن نكون!!

و:على قدر أهل العزم تأتي العزائم..."

***

د. صادق السامرائي

+

"آرثر جيمس بلفور" سياسي بريطاني ولد بتاريخ ١٨٤٨. تولى رئاسة الوزراء في بريطانيا وبعدها بسنوات أصبح وزيرا للخارجية في وزارة "ديفيد لويد جورج".

بدأ بلفور حياته كارها لليهود مكرسا كل جهوده للحد من هجرتهم إلى بريطانيا.

وكان في العام ١٩٠٥ قد منع بصفته رئيسا للوزراء هجرة اليهود الهاربين من مذابح روسيا القيصرية، بسبب ما وصفه بالشرور التي لحقت ببريطانيا بسببهم. بالرغم من أنه حضر المؤتمر الأول بزعامة "تيودور هيرتزل" الذي أقيم في مدينة بازل عام ١٨٩٧ لمناقشة مشروع إقامة وطن قومي لليهود، وكان مؤيدا للمشروع.

وظل متذبذبا في مواقفه تجاه اليهود إلى أن التقى بالزعيم الصهيوني "حاييم وايزمان" وأعجب بشخصيته. ومن وقتها أصبح تعامله مع الصهيونية باعتبارها قوة

تستطيع التأثير في السياسة الدولية وخاصة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بهدف إقناعها للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا.

ومن هنا وانطلاقا من هذه الرؤية جاء ما عُرف "بوعد بلفور".

وقد بعث بهذا الوعد إلى البارون "ليونيل دي روتشيلد" اليهودي البريطاني البارز، مخاطبا إياه ب ٦٧ كلمة تضمنت تحويل فلسطين إلى دولة استيطانية صهيونية.

وكان نص الوعد:

"تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليا أنه ان يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

٦٧ كلمة أعطت من خلالها من لا يملك ،الأرض لمن لا يستحق. حيث جرى توقيعها بتاريخ ٢/نوفمبر/١٩١٧.

وقد وصف القاضي الأمريكي "جوزف بروسكار" هذا الوعد بأنه "قانون العالم".

ويذكر بأن المنظمة الصهيونية كانت قد تقدمت بمقترحات لنقل كل من لم يكونوا يهودا من المنطقة. وتقصد الفلسطينيين. كما استعملت المنظمة عبارة "الكومنولث اليهودي" التي تعني دولة ،كيان سياسي ،أمة ،أو جمهورية. بدلا من "الوطن القومي" التي وردت في الوعد والتي لن تؤدي إلى إقامة "دولة صهيونية".

وكان ما أرادته الحركة الصهيونية ،فأصبح الوعد بمثابة "صك شرعي" على فلسطين وتحول الوطن إلى دولة فاشية تقتل وتخنق على مدار أكثر من سبع عقود، إلى أن جاء ٧/أكتوبر٢٠٢٣ ليقول للمعتدي ومن يقف خلفه...كفى.

***

بديعة النعيمي

منذ أن دس الغرب بالقوة كيانا غريبا مشوها وسط شعوب عاشت في سلام آمنة في أراضي الحضارات ومهد الديانات بدأ الدهماء في محاولة نسج خيوط خبثهم بترويض الكيان الدخيل لتمكينه من تنفيذ مؤامراتهم لكبح شعوب الثورات ولإحكام السيطرة على أراضي الثروات.

ظل امتلاك القوة العسكرية مبدأ أساسي للكيان الدخيل كمسار ثابت لنهج حياة لا بديل عنه مهما تعاقبت السنون يتلخص في امتلاك ناصية التخويف والترهيب بالقوة المسلحة، وذلك على خلفية علمه أنه كيان مغتصب لا يستحق ما منحه له من لا يملك بتواطؤ عالمي، إذن هو كيان يستند مطمئنا إلى قواعد وحلفاء يدعمونه ماليا وماديا وعسكريا وسياسيا .. ويوفرون له بكل السبل المتاحة الشرعية وغير الشرعية المنعة والتمكين والحماية, ويفتحون له أبواب العلم والتكنولوجيا المتقدمة لتعزيز وتطوير قدراته العلمية لإحداث التفوق الحضاري على جيرانه من كل الجهات.

لم يكن كل هذا كافيا لكبح جماح الإجرام الذي يسري في عروق المغتصبين الدخلاء، فالقيام بين الفينة والأخرى بعمل عسكري ناجح ومحدود مفيد لرفع الروح المعنوية والحفاظ على الجاهزية القتالية في كل وقت وفي كل حين، وفي ذلك أيضا رسالة ردع يراد لها أن تكون عميقة المعني بليغة المبنى، فهم يؤمنون بأن من واجبهم قمع وإذلال كل من ليس " مختارا " إنها عقيدة ثابتة لا سبيل لتغييرها.

الغرب راض تماما بما تحقق، وسيكون سعيدا لو أنه تم اختبارالقدرات العسكرية في الميدان الحقيقي للمعارك وفي ساحات القتال بشكل منتظم ! الحرب هي المحك الحقيقي لاختبار كفاءة الأسلحة وقوة خصائصها، وأمر تبرير اندلاعها لا يحتاج لكثير عناء، فأي طرف يمكنه أن يفعل ما يريد وقت ما يشاء وأن يختلق السبب لتبرير فعله ومن ذلك اختبار قبضة القوة مع الدول المحيطة بالكيان المختلق والمعادية له من خلال تحركات عسكرية حدودية استفزازية واشتباكات مسلحة تحقق الهدفين معا: متعة ممارسة القتل،ونشوة تأكيد الغلبة .

لقد كان داعمو الكيان الدخيل أوفياء له في جميع المحافل العالمية فأطلقوا يده للعبث بأمن البلاد ومصير الشعوب، ويبدو أن الصهاينة تأكدوا من حقيقة أمر البعض من الجوار كونهم أصواتا إعلامية قوية فقط لم يتمكنوا من محاولة إظهار رد الفعل الكافي للانتقام والشافي لجرح الكرامة، لقد حقق الكيان حديثا الغلبة بشكل حاسم على الأنف والعيون الأربعة، والآن هو يقف مكابرا على عتبة تقدير قيمة معظمهم بعدما قاس وزنهم، ولا يبق له سوى تحدي واحد لن يهدأ حتي يقف الغرب أولا على حقيقة أمره الغامض عليهم منذ سنين حتى اليوم، هذا في انتظار تلقيه الأوامر والضوء الأخضرمن متعهدي دعم حمامات الدم، الأمر ليس بالهزل وطبيعة التحركات الجارية والاتصالات القائمة موسومة بمنتهى الجدية وبالغ الحذر.

***

صبحة بغورة

 

المقدمة: العراق: هو دولة في الشرق الأوسط تعاني منذ سنوات طويلة من صراعات داخلية وتدخلات خارجية تهدف إلى تشكيل مستقبلها السياسي والاقتصادي، واحدة من أبرز التحديات التي تواجه العراق هي تحالف اللاهوت الديني وتأثيره على قرارات الحكومة والعلاقات الخارجية.

العراق يشهد تنافسًا شديدًا بين القوى السياسية والدينية التي تسعى إلى تعزيز نفوذها وتحقيق أهدافها السياسية، يتمثل ذلك في تواجد جماعات مسلحة وميليشيات تابعة لأحزاب دينية وسياسية متنوعة، مما يعقد المشهد السياسي ويزيد من التوترات الداخلية.

علاوة على ذلك، تتداخل الديانة والسياسة في العراق، حيث يحاول بعض السياسيين الاستفادة من القضايا الدينية لتحقيق أهدافهم السياسية، ويمكن رؤية ذلك في الخطابات السياسية التي تتضمن تقديسًا للقيم الدينية واستخدامها كوسيلة لجذب الناخبين وتأمين دعمهم.

أولاً: غزو العراق

لقد تم احتلال العراق عام/ 2003 وتغير مؤسساته بالقوة، مما أتاح الفرصة لإعادة بناء الدولة الحديثة  بدستور دائم يضمن حقوق جميع أعضائها في دولة فيدرالية ديمقراطية تعددية، ولكن للأسف تم تجاهل هذا الدستور منذ سنوات عدة .

ومع مرور السنين، سيطرت القوى الطائفية على الحكومة، وأصبحت تتغطرس وتتغطرس في الاستيلاء على المكون الأكبر، وبعد أن أغرتهم السلطة والمال والميول الطائفية المدعومة من الخارج، بدأوا في مركزية الدولة ومنع إنشاء اتحاد فيدرالي.

واليوم تسعى أساليبهم الدعائية إلى إعادة إنتاج مواقف ومناهج الأنظمة السابقة من خلال صهر المكونات الأخرى في بوتقة تنصهر فيها الأغلبية والاعتماد بدلاً من ذلك على أفضل الأنظمة الإدارية والسياسية في العالم.

 وهو النظام الفيدرالي الذي حول العراق إلى ثلاث اتحادات جغرافية، وعزز طبيعة التكوينات الاجتماعية في الجزء الغربي من البلاد، وفي جنوب العراق ووسطه، وفي إقليم كردستان.

لقد أدت جهودهم والسلطة والمال التي كانت في أيديهم إلى تعطيل الديمقراطية والفدرالية من خلال إنشاء دولة عميقة، وأسلحة، وفتاوى دينية، وشعارات مخدرات، مما أدى بالبلاد إلى الحرب والصراع، لقد أصبح هذا البلد من أكثر الأنظمة فشلاً سياسياً وأكثرها فساداً وإرهاباً وتخلفاً مقارنة بإمكانياته وثروته وتنوع أعضائه.

ثانياً: دول الجوار

علاقة العراق بدول الجوار وأمريكا وحلفائها تعد أمرًا معقدًا ومتشابكًا، فدول الجوار تلعب دورًا هامًا في الشؤون الداخلية والخارجية للعراق، حيث تسعى كل من إيران وتركيا والسعودية والكويت وسوريا والأردن إلى حماية مصالحها في المنطقة، وتتشابك هذه المصالح مع الصراعات الداخلية والدينية في العراق، مما يعقد الوضع بشكل كبير.

أما أمريكا وحلفاؤها، فهما يمارسون تأثيرًا كبيرًا على الساحة السياسية العراقية من خلال دعمهم للحكومة العراقية والتدخل في الشؤون الداخلية، وقد أدى ذلك إلى تصاعد التوترات مع بعض الجماعات المسلحة والميليشيات الدينية التي تعارض وجود القوات الأمريكية وحلفائها في العراق.

 يمكن القول إن العراق يواجه تحديات كبيرة نتيجة لتحالف اللاهوت الديني وتداخل الدين بالسياسة وتأثير دول الجوار وأمريكا وحلفائها على الأوضاع في البلاد، ولا بد من التعاون الدولي وبذل الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار والتنمية في العراق.

ثالثاً: دوامات الشارع العراقي

تعكس دوامات الشارع العراقي العديد من الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.. ففي العراق، تعتبر الحياة اليومية مليئة بالتحديات والصعوبات، مما يؤدي إلى ظهور دوامات معينة تحكم سلوك المواطنين وتؤثر على حياتهم... من أبرز هذه الدوامات:

البطالة: تعتبر مشكلة البطالة أحد أبرز العوامل التي تؤثر على دوامات الشارع العراقي. فالبطالة تزيد من مستويات الفقر والتوتر الاجتماعي، مما يؤدي إلى ظهور ظاهرة التسول والجريمة المنظمة.

انعدام الخدمات الأساسية: تعتبر غياب الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي عاملاً مؤثراً على دوامات الشارع العراقي. فقلة الخدمات تؤدي إلى انعدام الراحة والأمان للمواطنين، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التوتر والعنف.

الفساد: تعتبر ظاهرة الفساد أحد العوامل التي تؤثر على دوامات الشارع العراقي، حيث يشعر المواطنون بالظلم والعدالة وعدم الثقة بالجهات الرسمية.

الانقسامات الطائفية: تعتبر الانقسامات الطائفية عاملاً مؤثراً على دوامات الشارع العراقي، حيث يؤدي الصراع الطائفي إلى زيادة التوترات والصراعات بين الطوائف المختلفة.

رابعاً: تأثير دوامات الشارع العراقي

إن تأثير دوامات الشارع العراقي يظهر على مختلف جوانب الحياة.. فمن خلال دراسة هذه الدوامات يمكن فهم تأثيرها على:

الصحة النفسية والاجتماعية للمواطنين.

الاقتصاد الوطني ومستويات الفقر.

النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

السلم والأمن في المجتمع.

الثقافة والهوية الوطنية.

استنتاج:

تعتبر دوامات الشارع العراقي من الظواهر الاجتماعية التي تحمل العديد من الأبعاد والجوانب، إن فهم هذه الدوامات يعد خطوة مهمة نحو فهم أعمق للحياة اليومية في العراق وتحليل التحديات والصعوبات التي يواجها المواطنون، يجب على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الدوامات وتحسين جودة حياة المواطنين.

***

شاكر عبد موسى/ كاتب وأعلامي

................................

المصادر:

التقرير السنوي للبنك الدولي عن الاقتصاد العراقي.

دراسة حول دوامات الشارع العراقي لمركز أبحاث الشرق الأوسط.

مقالات وأبحاث علمية في مجال الاجتماع والثقافة والاقتصاد حول العراق.

واشنطن- العراق- مستهدف- بمعبر-أكثر

https://www.aljazeera.net/news/politics/2021/7/13/

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-49119954

العراق- ولاية-الفقيه-دعوات-لإصلاح- النظام-بين- تحالف-المرجعية- ودوائر-التغيير/

https://www.dw.com/ar a-61055328 /

 

امريكا ومن ورائها الدول الغربية لم تتوقف يوما عن استخدام مصطلح "اللاسامية" في توجيه الاتهام الى كل من يعارض السياسة الاسرائيلية ومنهم على سبيل المثال المفكر الفرنسي روجيه غارودي، الحركة الصهيونية استخدمتها كسلاح في وجه كل من يشكك في الهوية الدينية لنشوء دولة بني صهيون، أو لانتقاد سياسات هذه الدولة، في السابق كل من يكره اليهود يطلقون عليه معاد للسامية، اما اليوم فان من يكرهه الصهاينة فهو اللاسامي.

المظاهرات المستمرة للطلاب بمختلف الجامعات الامريكية ضد ما يجري في غزة من اعمال ابادة جماعية اخذت منحى تصعيدي قابلته الشرطة بنوع من الغلظة ما ادت الى اعتقال المئات من الطلاب، وهذه التحركات تعبر عن راي الجيل الجديد ذو العقل المستنير والذي تشبّع ولسنوات بان امريكا والعالم الغربي يرعون الديمقراطية ويكافحون من اجل حق الانسان في التعبير عن راية وتقرير مصيره.

 لقد كشفت الحرب على غزة لهؤلاء الطلاب زيف تلك الشعارات البراقة، وان اموال الضرائب التي يدفعها عامة الناس بدلا من ان تذهب الى القطاعات الخدمية التي من شانها تحسين الاوضاع الاجتماعية، وجدوها تذهب لشراء مختلف انواع الاسلحة والعتاد لضرب شعب يئن تحت نير الاستعمار الصهيوني على مدى ثمانية عقود واخرون اجبروا على ترك مدنهم وقراهم واصبحوا لاجئين تعمل الامم المتحدة على اعاشتهم عبر منظمة الاغاثة الدولية UNRWA وعمد الصهاينة الى اتهام المنظمة بانها تساعد الفلسطينيين فقامت باستهدافهم لأجل التخلي عن عملهم الانساني، وان امريكا عطلت عدة قرارات تطالب بوقف القتال وعدم استهداف المدنيين، كما افشلت(فيتو) قرارا يدعو الى ان تكون فلسطين دولة كاملة العضوية في الامم المتحدة استنادا الى القرارات الدولية بخصوص حل الدولتين .

لقد اصيب بني صهيون بالجنون بسبب ردات فعل الطلبة في جامعات امريكا وبعض الجامعات الاوروبية لما يقترفه الصهاينة في قطاع غزة مدعوما بالة الحرب الامريكية، نتنياهو يصف مظاهرات الجامعات الأمريكية بأنها "معادية للسامية"، وساندرز يرد: لا تهينوا ذكاء الأمريكيين بمحاولة صرف انتباهنا عن سياسات حكومتكم غير الأخلاقية.

الطلاب في امريكا اليوم يتقدمون الصفوف للتعريف بجرائم الصهاينة في غزة ويستنكرون وبشدة الدعم اللا محدود الذي تقدمه حكومتهم للصهاينة، ترى هل يستفيق الشعب الامريكي من حالة عملية غسيل الادمغة التي يقوم بها الاعلام الأمريكي المتصهين وتغييبه عما تفعله حكومته بالشعوب المغلوبة على امرها؟ .

لم يعد هناك شكا من ان حكامنا قد باعوا القضية الفلسطينية وقبضوا الثمن وهو الابقاء عليهم في السلطة، فهذا يفتتح طريقا صحراويا واخر بعض العمائر لتلهية شعوبهم بينما اجوائهم مفتوحة على مصراعيها امام الطيران المدني والحربي الصهيوني وهم يشاهدون بأم العين مجازر غزة ،ما احوجنا الى انتفاضة شعبية تهز اركان السلطة في بلداننا ؟ نعم شعوبنا مقهورة وطلابنا بالجامعات تتعطل الدراسة لأتفه الاسباب تارة ممن يسمون انفسهم بأعضاء هيئة التدريس المتكالبين على جمع المال وتارة بسبب المناوشات بين المجاميع المسلحة المنتهكين للحرم الجامعي، ويتمنون استمرار الدراسة لانهم اطالوا المقام بالجامعات.

لقد فضحت أحداث غزة من يدعون العروبة. على المسؤولين الذين تتواجد كلمة (العربية) ضمن أسماء بلدانهم الرسمية. إزالتها لانهم ليسوا عربا ولا شعوبهم ايضا،من يريد التحرر من العبودية عليه ان يضحي ليعيش الخلف ،تحية لشعب الجبارين الذي يكافح رغم قلة امكانياته اعتى الدكتاتوريات في العالم التي تدعي التحضر زورا وبهتانا، وخذلان من اعتقد انهم بني جلدته.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

إسطوانة إعادة الكفاءات المهاجرة مشروخة، ومعزوفٌ عليها على مدى عقود خائبات. المطلوب التركيز على رعاية الكفاءات المتواجدة، وتوفير البيئة الملائمة لإبداعها وعطائها الأصيل.

فالكفاءات الوطنية المقيمة تعاني، وتواجه المعوقات والعثرات، ولا هم للأبواق الإعلامية سوى الكلام عن عودة الكفاءات المهاجرة.

إنها طارت من أعشاشها ولن تعود إليها مهما توهم المتوهمون، لأن البيئات التي توفرت لها في بلاد المهجر لا يمكنها أن تتوفر في الوطن.

فالمشكلة الجوهرية في صناعة البيئة اللازمة لإطلاق الطاقات وإستثمار القدرات.

ومن الأفضل للحكومات أن تقدم الرعاية المناسبة للكفاءات المتواجدة في بلدها، وتبتعد عن التركيز على عودة الكفاءات المهاجرة، لأن هذا الأسلوب مجرّب وباء بخسران متكرر شديد.

عندما تتوفر البيئات الصالحة الآمنة المستقرة، فستعود الكفاءات المهاجرة إلى مواطنها طوعا، وكفى ثريدا حول الصحون!!

فهل تستطيع الحكومات توفير التربة الصالحة للنماء والعطاء الإبداعي المعاصر.

إنه التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع.

 فالعيب في الآلية وليس في العناصر والمفردات!!

و"عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة"!!

***

د. صادق السامرائي

 

اللافت للانتباه والاستغراب معا؛ أن الشعوب العربية (باستثناء الشعب العربي في الأردن) لم تخرج بتظاهرات واسعة للتعبير عن رفضها وشجبها لصمت أنظمتها؛ حول ما يجري في غزة من جريمة إبادة بحق الشعب الفلسطيني؛ لتشكل ضغطا قويا على أنظمة حكمها وإجبارها على اتخاذ خطوات عملية، ومشاركة فعلية في دعم النضال الفلسطيني، والوقوف معه في خندق واحد وفي معركة واحدة ضد الكيان الصهيوني المجرم، سواء باستخدام ما لدى تلك الأنظمة من عوامل الضغط على الكيان وعلى داعميه من أمريكا والغرب، أو التهديد الفعلي بالمشاركة في المعركة ضد الكيان الصهيوني، لكنّ أياً من هذا لم يحدث. هذا الموقف الجماهيري، غريب على الشعوب العربية التي لم تصمت يوما خلال تاريخها اتجاه ما كان يحدث من معارك بين أي دولة عربية وقوى الشر الغربية، إلا أن هذه اللامبالاة الشعبية الآن بدأت مع اتفاقية السلام بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ومصر، مرورا باتفاقات أوسلو ووادي عربة، وليس انتهاءً بالتطبيع المجاني الأخير بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي. للحقيقة هناك ردود شعبية في كل الأوطان العربية تقريبا، لكنها ردود باهتة جدا، لا ترقى إلى مستوى التهديد الفعلي. ومن المعلوم أن أي وضع لا يمكن أن يحدث من دون أن يكون له واقع على الأرض، ومن دون أن تكون له مسوغاته ومسبباته ودوافعه؛ يظهر كل هذا التراكم بسبب الخيبات والإخفاقات التي ضيعت على الشعوب العربية بوصلة الطريق للنضال والكفاح والجهاد، من أجل السيادة الحقة والاستقلال الحقيقي والتنمية والديمقراطية، وحقيقة نضال الفلسطينيين من أجل دولة ذات سيادة كاملة، وليس حكما ذاتيا تحت مسمى دولة، الذي شَابه الكثير من العثرات والانحرافات عن جادة النضال والكفاح والجهاد؛ بحجة مخادعة وكاذبة؛ إن الدبلوماسية والسياسة سوف تقود في النهاية إلى تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، إلا أن هذه السياسة قادت إلى تمييع الحق الفلسطيني في دولة ذات سيادة، إضافة إلى أنها منحت دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ الزمن الكافي للتوسع الاستيطاني على أراضي الضفة الغربية التي يواصل الكيان الصهيوني؛ احتلالها خلال ثلاثة عقود، من دون أن يدفع كُلف هذا الاحتلال، بل هناك عون له في إسكات أصوات بنادق النضال والكفاح والجهاد ضد وجوده الاحتلالي.. قضية فلسطين هي في الجوهر صراع عربي صهيوني، إذ أن هناك ارتباطا عضويا بين استقلال وسيادة الأوطان العربية، وتحقيق الديمقراطية والتنمية الحقيقية، وتحقيق دولة كاملة السيادة في فلسطين. فالتغييرات التي يسعى لها الكيان الصهيوني على أرض غزة، وبالتالي على كل الأرض الفلسطينية؛ ترتبط تماما بالمخططات الإسرائيلية والأمريكية والعربية؛ من قبيل مشاريع طرق التنمية، وما إليها من مشاريع أخرى على كل الأوطان العربية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي جزء مهم واستراتيجي في هذه المشاريع. عليه فإن ما يحدث على أرض فلسطين له تداعيات وارتباطات كاملة، بما حدث ولم يزل يحدث في كل الأوطان العربية، بعلاقات تبادلية التأثير والمؤثر، وبتبادلية منشأ التخطيط والأفعال ومفاعيلهما.. إن الإعلام الأمريكي والغربي وبطريقة ممنهجة، خلال العقدين المنصرمين زرع في النفوس والعقول ما يعاكس الواقع على الأرض تماما؛ وهو تسويق فرية أو حرف للحقائق؛ من أن الصراع العربي مع الكيان الصهيوني؛ هو صراع فلسطيني مع هذا الكيان المسخ والمجرم، بينما الحقيقة كبدايات لوجوده على أرض فلسطين وسلبها من الشعب الفلسطيني ومن ثم تشريده؛ ارتبط تزامنيا وخططا وأهدافا لجهة تقسيم الوطن العربي إلى دول وكيانات شكّلها المستعمر البريطاني والفرنسي؛ ووضع على سدة أنظمة حكوماتها مجموعة من المتعاونين معه والمحاربين معه في الحرب العالمية الثانية؛ ليكونوا تابعين له.. لماذا؟ لتكوين دول عربية عدة، لا دولة عربية واحدة تحيط بالبؤرة الاستيطانية الصهيونية؛ ما يجعلها مهددة وغير قابلة للحياة، إضافة إلى أن البريطانيين والفرنسيين وضعا بؤرا للتمرد مستقبلا في جغرافية هذه الدول العربية؛ تشكل لها قلقا أمنيا بما يهدد وحدتها، عندما يتم بطريقة أو بأخرى تغيير هؤلاء الحكام بآخرين غيرهم؛ عندها يتم تفعيل بؤر القلق والاضطراب واستثمارها ضد هذه الدول. في الربيع العربي الذي تفجر فيه الغضب الشعبي على النظام العربي، وعلى كل الطغاة والمستبدين من أجل إزاحتهم؛ لتتولى الشعوب العربية زمام أمورها وأوضاعها وحياتها، سارع الحكام العرب وأمريكا والغرب وإسرائيل لحفر خنادق عميقة الغور على طريق هذا الغضب العربي في وجه ظالميه من الطغاة؛ ليتحول إلى وبال على الشعوب العربية الثائرة. فقد تمزقت سوريا وليبيا بعد تغيير مجرى واتجاه ثورة شعوبها، بينما تم تدوير نظام الحكم في الدول العربية الأخرى التي تفجرت فيها براكين الثورة؛ بأنظمة حكم بديلة لا تختلف في الجوهر عن تلك التي تم إسقاطها، بل إن البديلة كانت أكثر خدمة للمشروع الأمريكي الغربي الإسرائيلي العربي من سابقاتها.

وفي التحليل الأخير والقراءة والفحص؛ وتوخي الدقة العلمية في تفكيك مولدات، وبالتالي منتجات هذه الأوضاع السائدة في المشهد السياسي العربي، سواء ما يجري في غزة، أو في فلسطين بصوة عامة، وفي الأوطان العربية؛ كل هذه الأوضاع، في رأيي، تقود إلى أن هناك تحولا في السياسة الاستعمارية لإعادة رسم صورة المنطقة عربيا وفلسطينيا وإقليميا. وهذا هو ما يفسر الدعم الأمريكي والغربي وحتى العربي الأخير، بأغطية مهلهلة كما الغربال ليس في إمكانها حجب أشعة شمس الحقائق الساطعة.. صاحبه إعلام أمريكي وغربي وعربي وإسرائيلي، وهو إعلام يقوم على منصات مقنعة ظاهريا، ما غيب عن الوعي الجمعي العربي حقيقة ما يجري ليس في غزة فقط، بل في كل الأوطان العربية، إضافة إلى أن النخبة تفتقر إلى القاعدة الشعبية؛ بفعل جبروت واستبداد النظام العربي، وهذا موضوع اخر. هذا التغييب هو سبب الأسباب في عدم خروج تظاهرات ضاغطة على النظام العربي، لدفعه لاتخاذ موقف حاسم وجدي ومنتج في دعم وإسناد جهاد المجاهدين في غزة وفلسطين. لكن من المهم أن اؤكد أنه على الرغم من هذه اللامبالاة إلا أن الشعوب العربية في جلها الأعظم؛ رافضة رفضا تاما؛ لكل عمليات التطبيع العربي المجاني مع هذا الكيان الصهيوني المجرم..

***

مزهر جبر الساعدي

 

حين سئل هتلر النازي عن أكثر الناس حقارة قابلهم في حياته أجاب: هم أولائك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم.

تبيت شعوب كثيرة تقطن وجه المعمورة، على قلق وكوابيس لاتنتهي، ليصبحوا بعدها على وساوس، تأخذ دورها هي الأخرى بإكمال ما تركته كوابيس أمسهم، بسد منافذ الفرح وأبواب السعادة من جهاتهم جميعها. ولم يكن هذا الحال ليحدث لولا أرضيتهم القلقة التي يقفون عليها، إذ أنهم متمسكون بما تحت أقدامهم من رقعة جغرافية، والتي يطلق عليها وطن، وفي حقيقتها تجسيد مفصل للمنفى والمهجر، حيث الغربة بمعناها الأوسع، والضياع بمفرداته جميعها، وبذا هم يعيشون أيامهم برعب وتوجس أبعد مايكون عن الأمان، ومعلوم أن أول ما يمحق ماهية الوطن هو مصطلح الأمان.

سمعنا -ومازلنا نسمع- عن مافيات وعصابات وخارجين عن القانون، يقومون بأعمال لا تمت إلى الإنسانية بصلة، فقد دون المؤرخون ماتمر به بلدانهم من أحداث كثيرة، وبتصفح على عجالة لصفحات التاريخ يقوم بها أي منظر، يتبين له جليًا السبب الرئيس لتعثر تحقيق الأمان، لاسيما في دول تمتلك مؤهلات لوجستية، وطاقات فكرية، وإمكانيات مادية، ومواقع جغرافية، تُلزمها بنجاح مشروع تحقيق الأمان لشعوبها. والأمان متشعب المجالات، واستتبابه التام يجب أن يشمل المجالات كلها، إذ يبقى شعور المواطن بالغربة وهو في وطنه ملازما لتفاصيل يومه، ما لم يلمس ويرى بأم عينيه أمانا لحياته وحاضره ومستقبله. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أستشهد بالجانب الأمني وهو ركن أساس من إحلال الأمان، فقد سجل التاريخ في أسفاره أحداثا، تتضح فيها الرؤية وتنجلي الأسباب والمسببات، أمام الأعين والبصائر والأسماع، وتزول كل الشبهات في كيفية حدوث الخرق.

فسور الصين العظيم الذي يبلغ طوله 2400 كم، والذي يعد مشروعا دفاعيا عسكريا قديما بارزا ونادرا في التاريخ المعماري البشري، وهو ليس سورا فقط، بل هو مشروع دفاعي متكامل، يتكون من الجدران الدفاعية وأبراج المراقبة والممرات الاستراتيجية، ويضم ثكنات للجنود وأبراج للإنذار وغيرها من المنشآت الدفاعية. ويسيطر على هذا المشروع الدفاعي نظام قيادي عسكري متكامل. ولكن رغم كل الجهود والأموال التي بذلها الحكام الصينيون في بنائه، لم يقم السور بمهمته المطلوبة في الدفاع عن البلاد، ضد هجمات الشعوب البدوية (البرابرة). ولم يصد الغزوات التي قام بها أباطرة ملوك “تشنغ”. إذ تم اختراقه أكثر من مرة، والسر في هذا لم يكن لضعف في بنائه، او لقوة خيالية في المهاجمين عليه، بل هي الخيانة وحدها كانت السبب في اختراقه، ووحدها الخيانة هي التي فتحت الثغرات أمام العدو وسهلت مهامه. والخيانة أصناف، فهناك خيانة الضمير، وخيانة المال، وخيانة الشرف، وخيانة القَسَم، وخيانة الوطن.

إن ما يؤسف له أن نعيش في بلدنا العراق العريق، أحداثا غريبة بين الفينة والأخرى، كانت قد تسربت إلى مدننا الآمنة عنوة في غفلة من عين الزمن، رغم الإرث الاجتماعي الأصيل، والقيم النبيلة التي يتحلى بها شعبنا، ولعل الخيانة هي السبب الرئيس والمسبب الأبرز في غلغلة تلك الأحداث بيننا، فالخيانة هي التي هجّرت الآمنين في بيوتهم، والخيانة هي التي فجرت المؤسسات المحصنة والمنشآت المؤمنة، والخيانة هي التي هتكت الأعراض وسرقت المال الخاص والعام على حد سواء، والخيانة هي التي أسهمت بنشر الرشى.

فللحد من تداعي ماوصلنا اليه من قلق يحيقنا يقظة ومناما، قياما وقعودا وعلى جنوبنا، يجب قطع دابر الخيانة من أصله، كي لاتنمو لها فروع، ويكمل الخائنون حينها مسيرتهم في محو العرق والدين والثقافة والحضارة، وبغير هذا ستكون الحلول ترقيعية والعلاجات غير ناجعة، ولن تكون للرقية جدوى غير تبليغ السم في العروق، لاسيما والخونة بارعون باللدغ في المقتل على مدار الساعة.

***

علي علي – كاتب وصحفي عراقي

 

ضد: عكس، مخالف، مقاوم

الأضداد: تدل على معنين متقابلين كالأسود والأبيض

أبناء بعض المجتمعات تفاعلاتهم ضدية، أي لابد لواحدهم أن يكون مخالفا لإبن وطنه لكي يتميز ويشعر بوجوده.

يبدو ذلك بالتفاعلات القائمة في البلاد من أعلاها إلى آخرها، فالكراسي تتماحق في أنظمة حكمها، وتستنزف طاقتها في الإحتراز والخوف من بعضها، وكذلك في باقي مستويات الكراسي، والنشاطات المعرفية والإبداعية كافة.

والكل يجري على إيقاع :"...فما أحدٌ فوقي ولا أحدٌ مثلي"، وهي علة سلوكية منعت تفاعل العقول، وإنجابها لرؤى ذات قيمة حضارية نافعة للأجيال.

وعندما نتصفح ما يُكتب في المواقع والصحف والكتب، يتبين سلوك التفاعلات الفردية الأنانية الإنزوائية الإستعلائية، المطوقة بأوهام تحصنها من الإصغاء للآخر، فتتمترس في صناديق ذاتها الظلماء الخاوية على عروشها اليابسة.

وهذا ينطبق على عدة ميادين، ويتحقق في التفاعلات السائدة بين العقول، التي عليها أن تتواشج لا أن تتناحر، وتبدد طاقاتها في صراعات بينية خسرانية فادحة.

إن المجتمعات المقتدرة تعي حقيقة تفاعل الأضداد لا تماحقها، وتوفر لها البيئة الصالحة للمنازلات الفكرية والتنافسات العقلية المؤدية لولادات تزيدها قوة، وتدفع بعجلة التقدم في ربوعها إلى الأمام، المتسارع بخطواته الإبداعية ومنجزاته الإبتكارية.

ويبدو أن التأخر مقرون بفقدان آليات التفاعل المستقيم المستديم، ما بين العقول المتبارية في ميادين الوصول إلى الأفضل المفيد، والمقتدر الرشيد.

فلكل مجتمع أدواته الإعتصامية، ومجتمعات الفرقة والتمزق والتباغض، تجني على حاضرها ومستقبلها وتهين وجودها البعيد.

فهل من قدرة على لم شمل العقول؟!!

"والضد يظهر حسنه الضد"!!

***

د. صادق السامرائي

يتم الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية في 26 أبريل من كل عام . وقد أنشأت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) هذا الحدث في عام 2000 من أجل "رفع مستوى الوعي حول كيفية تأثير براءات الاختراع وحق المؤلف والعلامات التجارية والتصاميم على الحياة اليومية" و"للاحتفال بالإبداع والمساهمة التي يقدمها المبدعون والمبتكرون في التنمية".

وقد تم اختيار يوم 26 أبريل ليكون اليوم العالمي للملكية الفكرية لأنه يتزامن مع التاريخ الذي دخلت فيه اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية حيز التنفيذ في عام 1970. واليوم العالمي للملكية الفكرية هو أكبر حملة توعية عامة تنظمها الويبو في مجال الملكية الفكرية.

تعد الملكية الفكرية، التي تشمل حقوق الاختراعات والإبداعات الفنية والأدبية والعلامات التجارية والتصاميم الهندسية ، ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي والعالمي. وهي تشجع على الابتكار من خلال توفير الحماية القانونية والمالية للمبدعين لأفكارهم وأعمالهم. ومع ذلك، مع تطور المشهد التكنولوجي الراهن، يجب أيضًا أن تتكيف قوانين وممارسات الملكية الفكرية لمواجهة التحديات الجديدة.

لقد أحدثت الرقمنة تغييرًا جذريًا في طريقة إنشاء الأعمال الفكرية ونشرها واستهلاكها حيث أصبحت المنصات عبر الإنترنت تسمح للفنانين بمشاركة أعمالهم مع جمهور عالمي من مختلف الروافد بنقرة زر واحدة، بينما توفر المكتبات الرقمية إمكانية الولوج الفوري إلى ملايين الكتب والمقالات والمحتويات الأخرى. وتمثل إمكانية الوصول المتزايدة هذه فوائد وتحديات واضحة لأصحاب الحقوق.

فمن ناحية، تعمل الرقمنة على توسيع نطاق توزيع الأعمال الإبداعية وتحقيق الدخل منها. يمكن للفنانين الوصول إلى جمهور أوسع دون قيود جغرافية لقنوات التوزيع التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، توفر منصات البث والتنزيل أو التحميل مصادر جديدة للإيرادات من خلال نماذج الأعمال المبتكرة مثل الاشتراكات والإعلانات المستهدفة.

ومن ناحية أخرى، فإن سهولة نسخ المحتوى وتعديله ومشاركته عبر الإنترنت تشكل تحديات عندما يتعلق الأمر بحماية الملكية الفكرية حيث تعد القرصنة والتزوير من المشاكل المستمرة والمهيمنة التي تحرم المبدعين من الإيرادات المشروعة وتقوض الحافز على الإبداع الأدبي الابتكار العلمي.

فقد تم تطوير تقنيات إدارة الحقوق الرقمية (DRM) للتحكم في الوصول إلى المصنفات واستخدامها عبر الإنترنت، لكن فعاليتها لا تزال مثيرة للجدل ويمكن أن تقيد بشكل غير عادل الولوج المشروع للمستخدمين لجميع المصنفات.

قد يعتبر البعض الذكاء الاصطناعي قوة تخريبية أخرى تعيد تحديد حدود الإبداع والملكية الفكرية. ويمكن للخوارزميات المتطورة أن تولد المقطوعات الموسيقية، والفنون البصرية، وحتى الأعمال الأدبية بشكل مستقل، مما يشكل تحد بارز للمفاهيم التقليدية للتأليف والإبداع. إن هذه الإبداعات التي يولدها الذكاء الاصطناعي باتت تثير أسئلة معقدة حول ملكية الحقوق والسيطرة عليها.

من هو إذن المالك الشرعي للعمل الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي: المبرمج الذي صمم الخوارزمية، أم المستخدم الذي قام بتنشيطها، أم الذكاء الاصطناعي نفسه ككيان مستقل؟ لا يوجد حتى الآن إجابة واضحة على هذا السؤال الأساسي في العديد من الأنظمة القانونية، مما يخلق فراغًا قانونيًا قد يكون ضارًا للأطراف المعنية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف انتهاكات حقوق الطبع والنشر عبر الإنترنت والتصدي لها حيث تستطيع خوارزميات التعرف على المحتوى تحديد الأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر المستخدمة دون تصريح على الإنترنت، مما يساعد أصحاب الحقوق على تنفيذ حقوقهم بقوة القانون . ومع ذلك، تثير هذه التكنولوجيا أيضًا مخاوف بشأن الخصوصية والمراقبة، لأنها غالبًا ما تتضمن التحليل الآلي لكميات هائلة من البيانات الشخصية.

ونحن نتنقل في هذا المشهد المعقد للملكية الفكرية في العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، من الضروري تحقيق التوازن بين حماية حقوق المبدعين وتشجيع الابتكار والولوج إلى حقول المعرفة. يجب إذن على المشرعين والشركات والمجتمع ككل العمل معًا لمواجهة التحديات التالية:

بداية تحديث قوانين الملكية الفكرية: يجب تحديث القوانين لتأخذ في الاعتبار الحقائق الجديدة للعالم الرقمي، وتحقيق التوازن بين حماية حقوق المبدعين وتعزيز الابتكار والوصول إلى الثقافة.

تعزيز الوعي والتعليم: يجب أن يكون المستخدمون على دراية بالحقوق والمسؤوليات المتعلقة بالملكية الفكرية في السياق الرقمي حيث يمكن لحملات التوعية والبرامج التعليمية أن تساعد على منع القرصنة والتزوير مع تشجيع احترام حقوق النشر.

تطوير التكنولوجيا الأخلاقية: يجب على الشركات التي تقوم بتطوير ونشر التقنيات الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي دمج المبادئ الأخلاقية في تصميمها واستخداماتها. ويشمل ذلك حماية الخصوصية وشفافية الخوارزميات ومراعاة التأثيرات الاجتماعية.

تعزيز التعاون والابتكار المفتوح: يمكن لنماذج التعاون والابتكار المفتوح أن تعزز إنشاء المعرفة وتبادلها مع احترام حقوق الملكية الفكرية. تشجع التراخيص المجانية على نشر الأعمال وإعادة استخدامها بشكل إبداعي مع الحفاظ على حقوق المبدعين.

إن الاحتفاء باليوم العالمي للملكية الفكرية يشكل فرصة للتفكير في التحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي لحماية وتعزيز الإبداع والابتكار.

***

عبده حقي

تمر الحياة بنا في معترك الليل والنهار بين العسر واليسر ورغد العيش وقسوة الحياة، وسرعان ما تمضي بنا إلي بغيتها ، المرء منا لا يستقر به الحال على وتيرة واحدة، فذاك قطر من غيث من فيض من جاد بالحياة وسخر للإنسان الكون، ولكن تنوع طباع البشر كالتنوع المنتشر لنتعلم منه بالنظر كما تعلم الإنسان الأول في النظر إلي ذلك التنوع المتناسق بآيات الله الكونية والمرئية .

ففي رحلتي مؤخر إلي احدي مدن الشمال، وهي مدينة السادات والتي وضع أساس نشأتها الراحل محمد أنور السادات وهي للحق مدينة رائعة في التخطيط والعمران قلّ ما نجد مثلها في محافظات الارياف وخاصة إذا ما نظرنا للفترة الزمنية التي أنشأت المدينة فيها، فالتخطيط كان سابق للزمان والمكان حقيقة، ولكن ما أردت الإشارة إليه ذالك التنوع الفكري والإنساني ولم اقصد التخطيط والعمران فقد سبقني إليه الكثير من الكتاب وأصحاب الفكر والرأي فتعالوا بنا ننظر إلي المفارقات الفارقة بين الماضي والحاضر .

ففي طريق العودة كان مقدر لي المرور على حي الزمالك ذاك الحي الراقي العريق والمصمم بعبقرية الفنان، وقد روعي عند نشأته كل التفاصيل البسيطة التي تجمع بين الذوق العالي الرفيع والخصوصية، حتي انه يطلق عليه حي السفارات نظراً لوجود العديد منها، ولكن ليس هذا ايضاً ما لفت نظري فأنا لم تكن المرة الأولي التي أشاهد فيه هذا الحي الجميل العريق بكل التفاصيل حتي فيما من يقطن ذلك الحي، وكأن الأقدار اختارت السكان للمكان كما اختارت المكان والزمان للسكان .

لكن ما إن اعتليت كوبري أبو العلا وتحركت بي العربة بضعة أمتار حتي داهمني الفارق الشاسع بين الشمال والجنوب، وبين الجمال والقبح، وبين النظام والشفافية المفرطة فقد وحد مينا القطرين لتعتلي نث حتب مملكة الشمال لتبدع في   العمارة بعد أن كانت مملكة الجنوب لها النصيب الأكبر، ولكن دعونا نعود إدراجنا من حيث بدئنا فالليل كان دائما القاسم المشترك بين القبح والجمال.

فما أن تنزل من كوبري أبو العلا حتي تري حي الأوزبكية وأول ما يقابلك (القللي) والباعة الجائلين وامتلاك الأرصفة ومساحات من الشارع من أصحاب المحلات على اليسار ومدرسة الفرج علي اليمين، وكأنه دعاء السفر للراكب بالفرج من عند الله بأنها سوف تفرج يوماً بالإصلاح، ولكن مع الصبر ثم انعطفت يساراً بعد بضعة أمتار لمنطقة الإسعاف، وعلى الرغم من كونها مكان هادئ والشوارع مزدانة بالأشجار إلا أنها كومة من الدور القديمة لا تكاد تري بها أثر للحياة ولا ضجيج البيع والشراء كما هو الحال في جارتها (القللى) تلك هي التناقضات الحياتية والتي لا تسير على وتيرة واحدة، ثم ميدان رمسيس حيث ملتقي أهل الريف والحاضرة، وعلي الرغم من الإصلاحات التي طالت الميدان ومحطة القطار وعلي الرغم من رحابة الميدان إلا أن يد الأهمال قد اكتنفت كل شيء فقد امتلئ الميدان بالعديد من السرادق للبيع والشراء أمام مسجد الفتح بعدما أغلق الباب الرئيسي للمسجد بالأكشاك لمنتجات القوات المسلحة وسار على نهجه العامة في قص  الأثر في انشاء السرادق للبيع، وتحولت حدائق الميدان لسوق تجاري ردئ، وعلا أصوات المذياع بالنداءات، وليس بالأذان حتي إنك تصم الأذان عند مرورك في تلك الطرقات المتزاحمة بأتلال البضائع ومن ذلك الملوث السمعي والبصري، فهل هذا هو التنوع المطلوب؟ أم العشوائية البلهاء التي تقتل الذوق العام لدي المواطن !!

ناهيك عن المقاهي ومواقف العربات التي تحتل الشوارع بلا تنظيم في سيمفونية غاية في البشاعة بين أصوات النداءات المختلفة من سائقي العربات وأصوات الباعة الجائلين، والتي تغطي على صوت النداء للصلاة فهل هذه العاصمة التاريخية التي تبتغي الحكومة تقديمها للعالم وتصبح مزار للسياح في يوماً ما؟

لا غرر في أن التنوع مطلوب والاختلاف ضرورة حتمية وسنّْة كونية، ولكن متي ما أصبحت العشوائية منهج حياة وطبيعة مكانية أصبح الاصلاح والتغيير فرض واجب النفاذ .

عوداً إلي عنوان المقال فيض التغاريد لم اختار ذلك العنوان عبثاً، ولكن ما اوجده ما آل إلية حال الثقافة والمثقفين فالطبيعي علي المثقف حضور الندوات الثقافية والتواصل داخل الصالونات الثقافية، ولكن ما يفطر القلوب والالباب ذلك الأمر الذي باتت فيه الثقافة سلعة رديئة لأصحاب المنافع والمنافقين، وأصبحت تلك الندوات والصالونات بعيدة عن الهدف الرئيسي لنشر الوعي واعلاء الكلمة الصادقة والتجرد في القول والعمل، فقد أصبحت تلك الأماكن والندوات كمن يركب الموج بقارب بلا مجداف، فلا عنوان ثابت ولا برنامج يقتفي أثره ولربما كانت تلك الندوات والصالونات للمصالح الشخصية، والتي أصبحت تدور حول إظهار الضيف أكثر من النخبة المثقفة حتي وإن كان الضيف لا علاقة له بالأدب والأدباء .

في ذلك المكان والزمان تفرد الضيف بالحديث طيلة الوقت تاركاً بعض الأوقات الضيقة للشعراء والأدباء لعرض مادتهم الثقافية في حديث أقرب لسرد سيرته الذاتية، ناهيك عن المغالطات لفترة زمنية شاهدناها من زمن وجيز، والغريب في الأمر بأن معظم من حضر للتكريم رحل مباشرتاً عن المكان مخلف وراءه الضيف حتي خلت القاعة من الرواد إلا القليل جدا والذي يعدّ على اصابع اليد الواحدة ناهيك عن السلبيات التي اعتلت الأنفس فلماذا يحضر المثقف ندوة لا يكون له فيها حديث ولا تنتمي حتي للمعلن عنه للموضوع العام للندوة، وهل هذا تنوع مطلوب ام سوء تنظيم وحجة واهية لاستضافة شخصية مرموقة للاستفادة من مكانتها الوظيفية بعيداً عن التثقيف، والموضوعات البناءة، ولماذا ابتعدنا عن الموروث الثقافي؟ ولماذا تنازل المثقف عن مبادئه وهمشت كل مصادرها التنويرية حتي أصبح الكتاب يباع بأرخص من قيمته الفعلية إن وجد من يقتنيه .

ويبقي الشعر يا وطني ...

لمن يقال الشعر بالأوزان فيك يا وطني

لمن صفق خلف الرأي بالقلمِ .

أم لأغراض طاح بها للخلد هجاء صبي

لا يفقه الشعر والأحزان والعلمي .

لمن يقال الشعر في ندوة للري منعقدة

في زيفها احاديث النجم للممي .

قد غرت يوماً علي الأشعار أيا قلمي

وهبت زفرات المسك بالعلني .

وجردت سيفاً أقتص للحرف في ذؤابته

أطياف ما لها في الشعر مرتجلي .

فكتب وصفاً في أبيات القصيد شارحة

لعلا القوم للإفهام تنتقدي .

لا أنصف القوم في التصفيق والعدمي

لا يصلح الملح من به خللي .

ومن كان في الرأي كحمل الريح أتربة

عفر وجوه القوم في الرصدي.

أدر في مجمل القول أنصاف في معزتها

كلحن طروب يهز الوجد للبدني.

أصلحت اثواب لخاطرة كالكأس تغتنمي

فصببت أقداح الخمر للوطني.

ناشدة في انفس القوم إصلاح من الوجل

لكن عديم الرأي ما له قلمي .

يا ندوة السيف في الأشعار كنا نحسبها

رقائق الديباج ما لها طربي .

أني الطروب إذا ما الشعر للأوصاف يعلمنا

لا تنبطح في الأوزان والنغمي.

طائر الغيث أشعل في الدجى بالأنوار قلمي

وارهق الجمع واقتفي اثري .

***

بقلم: احمد عزيز الدين احمد

كاتب وروائي وشاعر

تعمل هوان في مصنع تينه لوي للملابس، في شمال فيتنام، حيث تعمل في المتوسط 62 ساعة كل أسبوع، وتكسب حوالي دولار واحد في الساعة، في تعبئة القمصان والقمصان للتصدير العالمي.

يعد عدم المساواة بين الجنسين أحد أقدم أشكال عدم المساواة وأكثرها انتشارا في العالم. فهو يحرم النساء من أصواتهن، ويقلل من قيمة عملهن ويجعل وضع المرأة غير متكافئ مع وضع الرجل، من الأسرة إلى المستويين الوطني والعالمي.

وعلى الرغم من بعض التقدم المهم لتغيير هذا الوضع في السنوات الأخيرة، لم تحقق المرأة في أي بلد المساواة الاقتصادية مع الرجل، ولا تزال النساء أكثر عرضة للعيش في فقر من الرجال.

أجور منخفضة، وغير مدفوعة الأجر، ومقيمة بأقل من قيمتها: عدم المساواة بين الجنسين في العمل

انخفاض الأجور:

في جميع أنحاء العالم، تعمل النساء في أدنى الوظائف أجرا. وعلى الصعيد العالمي، فإن أجور النساء أقل من الرجال بنسبة 24 في المائة ، وبمعدل التقدم الحالي، سوف يستغرق الأمر 170 عاما لسد هذه الفجوة.

وهناك حوالي700مليون امرأة أجورهن أقل من الرجال في العمل مدفوع الأجر.

عدم توفر العمل اللائق:

تعمل 75% من النساء في المناطق النامية في الاقتصاد غير الرسمي - حيث تقل احتمالات حصولهن على عقود عمل أو حقوق قانونية أو حماية اجتماعية، وغالبا لا يحصلن على أجور كافية للهروب من الفقر. ويعمل 600 مليون شخص في أكثر أشكال العمل غير الآمنة وغير المستقرة.

أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر:

تقوم النساء بما لا يقل عن ضعف أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، مثل رعاية الأطفال والأعمال المنزلية، مقارنة بالرجال - وأحيانًا 10 أضعاف ذلك، وغالبًا ما يكون ذلك بالإضافة إلى عملهن مدفوع الأجر. وتقدر قيمة هذا العمل كل عام بما لا يقل عن 10.8 تريليون دولار - أي أكثر من ثلاثة أضعاف حجم صناعة التكنولوجيا العالمية.

أيام عمل أطول:

تعمل النساء أياما أطول من الرجال عندما يتم احتساب العمل مدفوع الأجر وغير مدفوع الأجر معا. وهذا يعني على مستوى العالم أن المرأة الشابة اليوم ستعمل في المتوسط ما يعادل أربع سنوات أكثر من الرجل طوال حياتها.

السيدة تابيثا مويكالي، 36 عاما، عاملة منزلية. تعيش في موكورو، إحدى أكبر المستوطنات غير الرسمية في نيروبي. وهي من ماتو في جنوب شرق كينيا، حيث أرسلت أطفالها للعيش فيها لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف إطعامهم أو إرسالهم إلى المدرسة بأجرها الأسبوعي الذي يتراوح بين 200 و250 شلن (حوالي 2.50 دولار).

ومن شأن زيادة المساواة الاقتصادية للمرأة أن تقلل من الفقر للجميع

إن التفاوت بين الجنسين في الاقتصاد يكلف النساء في البلدان النامية 9 تريليون دولار سنويا ــ وهو المبلغ الذي لن يمنح النساء قوة إنفاق جديدة ويفيد أسرهن ومجتمعاتهن فحسب، بل سيوفر أيضا دفعة هائلة للاقتصاد ككل.

تميل البلدان التي تتمتع بمستويات أعلى من المساواة بين الجنسين إلى تحقيق مستويات دخل أعلى، وتشير الأدلة المستمدة من عدد من المناطق والبلدان إلى أن سد الفجوة يؤدي إلى الحد من الفقر.

ففي أمريكا اللاتينية على سبيل المثال، شكلت الزيادة في عدد النساء في العمل مدفوع الأجر بين عامي 2000 و 2010 حوالي 30 في المائة من الانخفاض الإجمالي في الفقر وعدم المساواة في الدخل.

ولذلك فإن دعم المرأة في الحصول على عمل جيد ولائق وتحسين سبل عيشها يعد أمرا حيويا لإعمال حقوق المرأة والحد من الفقر وتحقيق أهداف إنمائية أوسع نطاقا.

ويعد التمكين الاقتصادي للمرأة جزءا أساسيا من تحقيق ذلك. نحن في احتياج إلى اقتصاد بشري يعمل لصالح النساء والرجال على حد سواء ، وللجميع، وليس فقط لقلة محظوظة.

***

ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

.....................

حقوق الطبع والنشر © 2024 أوكسفام الدولية. كل الحقوق محفوظة.

المصدر

https://www.oxfam.org/en/why-majority-worlds-poor-are-women

مما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن مجتمعنا السوداني ليس كغيره من المجتمعات التي لا يختلج فيها شعور، أو ترِق عليها عاطفة، بل هو مجتمع موسوم بالتعاضد والتكاتف بين أفراده، مجتمع تقوم دعائمه على هدى الإسلام الذي جعل من الأمة أسرة متماسكة البناء، متضامنة الأعضاء. ولكن هذا المجتمع أصيب بشآبيب من الدواهي المواحق التي غيرت من تركيبته، وجعلت من أرضه رقعة تمور بالفتن وتستعر بالعذاب.

أنا أيها السادة لست من صاغة الكلام وراضة المنابر، كما أنني لا أبغض هذا النظام الذي باتت معالمه تعود أو

وأزدريه، ولكن كنتُ احرص على الجذوة قبل أن ينطفىء وميضها، و هانذا أُحمِـل

طغمته الحاكمة التي اشتُهِرت بالمعاظلة والإلتواء، والمثقفون المتكاكئون حول المؤتمر الوطني تبعة هذه الحرب، وهذا التردي والفساد الذي تمخر فيه جل مؤسسات الدولة، والتي لم نلمح من شعاراتها التي تنادي بها غير أطياف، فهناك بدعة تمضغها بعض الأفواه في سماجة، بأن الإنقاذ قد نجحت في الارتقاء بإنسان السودان في كافة المحافل، وشتى المجالات، ولا أرى موجب للتباهي بقولٍ هو أقبح من الإملاق الذي استشرى بين أفراد هذا الشعب الصابر على عرك الشدائد، وجعل من بعض زغابه الذين يستدرون الأكف بالسؤال والذين درجوا في أقاريز الشوارع، وحواف الطرق، وعليهم ثياب رثة بالية، عرضة للوقوع في براثن الجهل والفقر والمرض.

إنني في حقيقة الأمر لا أريد أن أتناول الأشياء تناولاً فجاً دون تبصر أو روية، ولكن هذه الحرب التي لا تأصرها آصرة، والفقر المدقع، والعصبية الهوجاء، هذه المناظر التي تقذي العيون، و ترمض الجوانح، وتؤلف جوقة من الموسيقى الصاخبة التي تجعل الناس أشد كلفاً بالديمقراطية الصائبة، والحكم الرشيد، هي التي دفعت من يزدروء الخطوب، ويستخفوا بالصروف، ينفضوا ممن لم ينظروا إليهم في حب، أو يرمقونهم في عطف، ولا أحسب أن هذه الجموع التي اعتادت على مرض البرلمان، واحتضار المرافق، وموت الولايات، سوف تعبث الأمال بنفوسهم فيأملوا فيمن أسرفوا في التهاون، وأفرطوا في التقصير.

ولعلي اجنح بعيداً عن شط الحقيقة إذا ألقيت تراكم الأخطاء، و ضعف الأداء، وغياب الأمن في معظم الولايات الطرفية، على كاهل الإنقاذ وحدها دون مثيلاتها من الطوائف و الحركات المتخلفة العجفاء، التي ينطوي حديثها على عصبية رعناء، وضغينة ممجوجة، فجُلّ هذه الحركات التي تعلن أنها أشعلت أوار الثورة ضد الظلم والاستبداد، ماهي إلا صاحبة فكر منخوب، وضغائن تصل إلي شغاف الجبال، يتراشق قادتها بالتهم من غير بينة، ويسعون إلي الحكم من غير غاية، ولا تلمح في أحاديثهم المهترئة بوارق من الفكر، أو ومضات من الحنكة والدهاء.

أما جهابذة السياسة و أقطابها ممن ُشُهِد لهم بالعقل الراجح، و الفكر القادح، والذين ذوت نضارتهم وهم يتهافتون على سُدة الحكم، وبحبوحة الملك، هاهم الآن قد ولّت شِدتهم، وذهبت مُنتهم، وبلغوا ساحل الحياة، إلا إنني لم أسمع بعد بأن أحدهم قد آثر أن يبتعد عن صخب السياسة وضجيجها، ويُسخِّر ما بقى من عمره المديد في التقرب إلي الله زلفى، ومازال هدفهم الذي شبوا في كنفه، وتحركوا في إطاره، هو الوصول إلي هرم السلطة، والاستحواذ على صولجانها.

إن الغاية التي ينقطع دونها الدرك، كيف لوطن ما زال يحكمه حزب يتصرف في موارده كما يتصرف المرء في تالده وطريفه، ويتظاهر بأنه عنوان للفضيلة، ومثالا للورع، ويموج بحركات مسلحة لا حصر لها، تحتوي جُعبتها على كل شيء إلا السلام، لأجل ذلك نراها تمعن في الحرب، وتتزيد في الحديث، وتغالي في النقاش وتسهب فى الجدال، وثلة من الساسة يزعمون أنهم مهبط الإلهام، ومنبت العبقرية، ليت شعري كيف لوطن مثل هذا تندمل جروحه، وتلتئم قروحه، ويكِفُ قاطنوه البؤساء عن التذمر وإبداء الشكوى من طول الهيجاء، وفساد الحكم، و سوء الحال؟.

***

د. الطيب النقر

 

فرانتز أوبنهايمر عالم اجتماع وأستاذ جامعي ألماني-يهودي ولد في برلين في عام ١٨٦٤ وتوفي ١٩٤٣. التقى أوبنهايمر بالأب الروحي للصهيونية "هيرتسل" وتأثر بتوجهاته الصهيونية. فطلب منه الأخير صياغة الجوانب الاقتصادية والزراعية في البرنامج الصهيوني. فزار فلسطين في العام ١٩١٠ حاملا معه فكرة نموذج "إثني-جماعي" في العودة إلى الأرض ،قام بعرضه على أصدقاءه الصهاينة.

وقد تم قبول هذا المشروع الذي اعتُبر "تعاوني-قومي" من قبل الحركة الصهيونية. ومن المعلوم بأن هذا المشروع حمل فكرة توطين مجموعات تعاونية من المستوطنين. ويدمج هذا المشروع بين المبادرة الخاصة والعمل التعاوني بحيث تبقى الأرض ملكا للصندوق القومي اليهودي "كيرن كييمت ليسرائيل" التابع للمنظمة الصهيونية العالمية، ويحظر بيعها إلى غير اليهود ويجوز تأجيرها فقط لليهود. أما وسائل الإنتاج فهي ملكية مشتركة، وبالنسبة لرواتب العمال فتحدد بناء على قدرات الإنتاج لكل واحد منهم.

ومن هنا بدأت تتأسس البنية التحتية للاستيطان والتي ستعرف فيما بعد "بالحركة الكيبوتسية", والتي اعتبرت درة التاج في تخليص الأراضي من أصحابها الشرعيين.

وبهذا يكون المشروع الذي اقترحه أوبنهايمر قد نجح في جعل هذه الحركة راس الحربة في مجتمع المستوطنين الفتي آنذاك.

وقد أدت الكيبوتسات دورا مهما وواضحا في قيام الدولة. فبالإضافة إلى دورها الوظيفي الأمني كانت تمثل مواقع برزت منها النخب السياسية والثقافية والعسكرية.

ومن هذه النخب نذكر "دافيد بن غوريون" و "موشيه ديان" و "شمعون بيريز" و "يغال آلون" وغيرهم ممن كان لهم أيد كثيرة في قيام الدولة من خلال إرتكاب المجازر وعمليات التطهير العرقي وإقامة المستوطنات وغيرها.

ويذكر أن ثلث الوزراء من ١٩٤٩ وحتى ١٩٦٧ هم من أعضاء هذه الكيبوتسات.

لكن بعد استكمال الهدف المنشود من هذه الكيبوتسات وتحديدا عام ٦٧ تغيرت الأيديولوجيات التي قام عليه مشروع الاستيطان الجديد وخاصة بعد ضم الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الانتصار الذي أحرزته دولة الاحتلال على ثلاثة دول عربية.

وبهذا المشروع الذي اقترحه أوبنهايمر والذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود يكون قد ساهم بسخاء في توطيد أساسات دولة الاحتلال.

***

بديعة النعيمي

 

من مآثر الأمير عبدالقادر الإنسانية والبطولية الكثيرة هو حمايته للمسيحيين من سوريين ورعايا دول أجنبية من  تهديد وملاحقة مواطنيهم الدروز في سنة 1860م... وجعل منه ذلك العمل الإنساني، الذي هو من صميم أخلاق العرب والمسلمين، بطلاً عالمياً وانبهر العالم بمشرقه وغربه بشخصيته ونبل أخلاقه الإسلامية..

وبعد مرور سنوات عديدة ، قام الشيخ العلامة ابن باديس بنفس الدور الإنساني بدافع من شخصيته القوية وأخلاقه الإسلامية إذ تدخل بقوة وحكمة في إطفاء فتنة كبيرة وقعت بين اليهود والعرب في مدينة قسنطينة العريقة سنة 1934م..

ولم تمر إلا سنوات قليلة حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية ولم يجد الكثير من اليهود المرعوبين من قوات هتلر وهي تجوب شوارع باريس وأزقتها إلا مساجد المسلمين الجزائريين ليتخفوا فيها فآواهم أئمتها وجنبوهم الإبادة والتصفية الجسدية..

***

بقلم: عبد القادر رالة

 

زحفَت مخالبُ طفليَ النَّمرِ الصغير فالتَقَطَتْ بقيةَ جثمانٍ من سيجارْ، على حين غفلةٍ من بؤبؤٍ لي شاردٌ بنظراتِهِ ولها متأبِّطٌ محتارْ. وأنا ما ألفتُ ذلكَ البؤبؤَ في ثوانيَ عُمُرِهِ إلّا شارد العبراتِ قائماً أو قاعداً أو إن سَار. ثمَّ شهَقَ نمريَ الصغيرالدّخانَ بمنخريه فحلّقَ والدخانُ في العنان وطارْ، فقهقهَ صغيري وكأنه قيصرٌ روما، أو ربما ظنَّ أنّهُ هارونُ الرشيد قد صارْ. قهقهتُ أنا معه ساخراً من أسرارٍ في الصَّدرٍ فَوَّارةٍ  وأسرار، ومن جعجعةِ قطارِ زماننا ثقيلٍ مستطار. قطارٍ ما حملَ إلينا إلّا سيجارٌ ينفثُ دخاناً من بطن نارْ.

مهلاً عليَّ يا أبتِ، يا شمعةً بين صَحبِكَ الغيارى الأبرار، ومهلاً عليَّ يا ذا عمامةٍ مُتّحفِّزَةٍ لزَلَّةٍ كتحفّزِ هرٍّ جائعٍ على فارٍ، أو تَحفُّزِ نارٍ غلى حطبٍ في تنورٍ قد سُجِّرَ وفار. ومهلاً عليَّ أنتَ ياصاحبي وألجمْ ذرفَكَ إن ثار ، ومهلاً ياجارُ وأحجمْ حرفكَ يا جارُ إن جار.

مهلاً عليَّ كلكمُ أجمعونَ فلستُ بفاسقٍ خَوَّار، وذروا سيوفَ النُّصحِ في أغمادِها ولا تنعتونيَ بسوءِ تربيةٍ من سفاهةٍ وأقذارْ، فهكذا هوَ فكري يقضي دقائِقَهُ وإذ أعياهُ غمُّ الزمانِ ورقصَ على كتفيهِ الهَمُّ ودار، وباتَ رقَّاصُ الزمان فيهِ جاثماً، فلا تبخترَ فيهِ ولا سمرَ ولا فيه خبرُ سار، وما عادَ ينفعُ فكري عِلمٌ قد تعلّمَه من كتابٍ أو مِن حِوار، ولا يدفعُ عنهُ مجلسُ حكمةٍ بهِ كانَ قدِ استَنار، ولايشفعُ له حتى مسجدٌ أو ديرٌ  كان قد مرَّ بهِ وزار. فترى الفكرَ مُعتَكفَاً عن غوغاء زمانِهِ هذا، وعن الصاحبِ بالجنبِ وعن الآلِ والجارْ، وتراه لاهياً يعبثُ ويَعُدُّ ببقيةِ عيدانِ ثقابٍ مالديهِ من آثامٍ وأوزار، بعضُهنَّ أعوادٌ مقصومةُ الظَّهرِ وبعضٌ مَعطوبُ الرأسِ وبعضٌ سليمٌ قويمٌ لكنهُ غَدَّار، إذ يتَفجَّرُ إن احتكَّ بما في غلافهِ من جدار.3793 علي الجنابي

نمريَ الصغير ما فتأ ينفُثُ برهفٍ وبشغفٍ دخاناً من بقيَّةِ السِّيجار، وهو لا يدري أن دارَنا أمست تغبطُ مُقامَ أصحابِ القبورِالأطهار منهم والفجار، وتتمنى منامهم الهادئِ ومن رقوهم تغار.

أنفثْ وإمرحْ!

إمرحْ يا صغيريَ، وإفرحْ ببهجةٍ لانملكُ غيرها، بهجةِ الشهقة من سيجار, وإني وإياكَ لعلى هدىً أو في ضلالٍ بئيسٍ منه يُستَجَار.

إمرحْ، ولن نباليَ بمَن يتَصَيَّدُ فينا العيبَ، والعيبُ في عِبِّهِ قد تكَدَّسَ وتيَبَّسَ وبارْ.

انفثْ ولا عليك منهم يا أميري، ودعنا نضحك ونذر لعبةَ التَّربيةَ بيننا بمناوراتٍ بينَ القطّ والفار. وإشهقْ الدخانَ ومِن منخريكَ أخرجْهُ، فما كان الدُّخان يوماً بعارٍ أو بضار. وكذبَ النَّاصحونَ بتنمُّرٍ بأنَّ السيجارَ آفةٌ مُسرطنةٌ سمُّها يدَمدِمٌ الأبدانِ وضار. أوليس سرطانُ زمانِهم أشدُّ فتكاً على روحيْنا إن تغلغلَ خِلسةً بيننا في الدار.

إشهقْ ثمَّ ساخراً إنهقْ أيُّها القائدُ المُختار، وإرتقبْ إذ يلبسُ الناصحونَ عباءةِ الأولياءِ الأبرار أو يهتفونَ بعصمة الأنبياء الأخيار.

أنفثْ ويالثغرتينِ في منخرينِ فيكَ آسرينِ ساحرين صغار..

ويْ! إنهم يمنعونني وإياكَ بهجةَ دخانٍ يتيمةٍ إن تَحلَّقَ في الفضا وطار، بل وينعَتونني بالتَّفاهةِ والسَّفاهةِ ورُبَما الصَّلافةِ والعار!

وعلامَ الصَّلافةٍ والعار!

فأنا ماطعنتُ بعرضِ رسولِ الله الذي بسناهُ تستنيرُ الأقمارُ والأبصار..

وأنا ما قتلتُ أبنَ بنتِهِ في البلادِ، وماسبيتُ ذريته من كوكبةِ آلٍ أطهار..

وأنا ما سئمتُ من الأقصى مسرى المصطفى المختار، ولا التئمتُ معانقاً بني صهيون لا خفيةً ولا في جهار .

فأينَ سفاهتي وأينَ هيَ الصلافةُ والعار !

أمِن بقيةٍ من سيجار تناثرَ كلُّ ذلكَ الخزيِّ والعار!

أفٍّ لهم من ناصحين جلّادينَ بالسنةٍ حدادٍ على شهقةٍ دخان من سيجار!

أفٍّ لهم، ولِمَا يتنطعون بنفاقٍ أغبرٍ أعورٍ ختَّار.

أفٍّ مبثوثةٌ بنفثِ دخانِ (كوبيٍّ)؛ فخر الأصنافِ في عالمِ السيجار.

***

علي الجنابي

كنت أقرأ كثيرا للمؤرخ البريطاني توينبي (1889 - 1975)، وما كنت أدرك ما يعنيه في بعض عباراته، ومنها "الغاب الدولي"، حيث فسرها بأن العلاقة بين الدول غابية الطباع، مثلما يحصل بين المخلوقات المتصارعة في الغابة.

عدت إلى كتبه أتأمل عباراته التي قرأتها قبل عقود، ووجدته يقرأ المستقبل ببصيرة خبير عليم.

توقع أن تتسارع خطوات الإبداع والإبتكار لزيادة عدد البشر وإطالة عمره، بعد الإنتصار على الأمراض السارية والمعدية والتقدم الطبي المتسارع.

وعندما نتأمل واقع الأحداث الجارية، تبدو وكأنها تداعيات غابية، فالقوي يفترس الضعيف، والأقوياء لا قلب ولا عقل عندهم، وإنما تقودهم النفوس الأمّارة بالسوء المتأججة في دنياهم، ولديهم القدرة الفائقة على تبرير وتمرير أفظع المآثم والجرائم، فهم يمتلكون القوة العسكرية والإعلامية والمادية، ويستعمرون العديد من الدول الضعيفة المستكينة لإرادتهم.

وعندما تحضر القوة، يتعطل العقل وينام الضمير، وتكشر الوحوش عن أنيابها وتتأهب بمخالبها، وتجد الضحايا أمامها ترتعش، منتظرة مصيرها المحتوم.

وبعد أن بلغ الإبداع التقني ذروته فأن القوة تنامت وفاقت الخيال، وأصبح القول للصواريخ والمسيرات والقنابل والرؤوس النووية وما بعدها.

ومن الملاحظ أن الدول القوية تعين على الدمار والخراب، أكثر من عونها على البناء والإعمار المتنوع، وتجدنا بين فينة وأخرى نسمع بمساعدات بليونية لهذه الدولة أو تلك، لإدامة الحروب وتوسيع دائرة الدمار وسفك الدماء، وبعضها تؤازر الإبادات الجماعية وتعتبرها مشروعة.

فلماذا لا ترصد البلايين لخير البشرية، لا لويلاتها؟

إن الأقوياء يجيدون تبرير ما يقومون به ويضعونه في خانة التعبير عن القيم والمثل الإنسانية، وهم يجهزون عليها ويمحقونها في الواقع التفاعلي المرير بين الدول.

فالقوة لها الحق فيما تقوم به، وكل ضعيف مذموم مرجوم، وكل قوي يتمادى في طغيانه المبيد لمن يقف أمامه، ويعوق تدفق رغباته وتحقيق نواياه.

فهل وجدتم أسدا يعوي، أو حملا يتأسد؟

فاين القوة يا أمة، " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة..."؟!!

و"العصا لمن عصى"!!

***

د-صادق السامرائي

 

هناك ثورة أو انقلاب في الرأي العام العالمي وتحديدا في أمريكا لصالح القضية الفلسطينية وهذا التحول يعتبر أهم انتصار وإنجاز للرواية والقضية الفلسطينية لأنه يضرب في الصميم كل ما اشتغلت عليه دولة الكيان الصهيوني منذ تأسيسها لتمرير روايتها المزيفة والمغرضة.

ولكن علينا الانتباه أن الرأي العام حالة متقلبة وغير ثابتة، وهذا التحول مرتبط باستمرار حرب الإبادة اليهودية التي لم توفر لا حجر ولا بشر خصوصا النساء والأطفال أيضا مرتبط بقوة تأثير الفضاء السيبراني وخصوصا الإعلام في توجهات الرأي العام، وحرب غزة ستتوقف وقدرة الحركة الصهيونية وأنصارها في الغرب على التأثير والتحكم بالفضاء السيبراني كبيرة. ومن هنا تأتي أهمية وجود حاضنة رسمية فلسطينية تمثل الكل الفلسطيني تحافظ على هذا التحول وتبني عليه وتواصل تعزيز علاقاتها مع القوى الشعبية المؤيدة للحق الفلسطيني خصوصا من جيل الشباب.

***

د. ابراهيم ابراش

بنجامين ديزرائيلي يهودي إيطالي المنشأ من مواليد عام ١٨٠٤. يُذكر أن والده اختلف مع الطائفة اليهودية بسبب الضرائب المقررة عليه فاعتنق النصرانية. وكان عمر دزرائيلي وقتها ١٣ عاما فتلقى النشأة النصرانية. ما أعطاه فرصة ذهبية ليصبح من الشخصيات المهمة والمرموقة في السياسة البريطانية، حيث تولى رئاسة الوزراء البريطانية لمرتين في عهد الملكة "فكتوريا". المرة الأولى عام ١٨٦٨ وكانت فترة توليه قصيرة. أما المرة الثانية فكانت من عام ١٨٧٤ وحتى ١٨٨٠. وقد كان شديد الدهاء وخطيبا سياسيا بارعا.

قدم ديزرائيلي خدمات كبيرة للإمبراطوية البريطانية، ولأنه كان شديد الحماس لمد الامبراطورية البريطانية إلى الشرق الأوسط ووسط آسيا، فقد توجه في العام ١٨٧٥ وكان رئيسا للحكومة إلى صديقه البارون "روتشيلد" اليهودي الثري طالبا منه شراء ٤٤% من أسهم قناة السويس من أجل بريطانيا، وقد حصل على ما قد سعى إليه وبذلك يكون قد نجح في تغلغل بريطانيا في الشرق الأوسط بفتح الطريق أمامها إلى آسيا.

زار القدس في العام ١٨٣١ مما ترك أثراً كبيراً في مواقفه السياسية وأطماعه الاستعمارية.

 فظهرت بعد هذه الزيارة بسنوات رواية تحمل عنوان "تانكرد" أو الحملة الصليبية الجديدة مفادها العودة إلى فلسطين ودعوة اليهود والنصارى لإقامة "ثيوقراطية متساوية".

كذلك تضمنت رواية تانكرد إشارات عديدة لمسألة استعادة أرض إسرائيل وتشوق دزرائيلي الدائم للقدس التي حارب اليهود من أجلها كثيراً على حد زعمه.

أما في رواية "آلوري" والتي صدرت عام ١٨٣٣ فقد تناول موضوع النضال من أجل إقامة كيان يهودي في فلسطين وإعادة بناء الهيكل الثالث.

وهذا يعني أن أعمال ديزرائيلي كشفت عن علاقته بأصوله كيهودي وعلاقته المبكرة في فلسطين وأطماعه الاستعمارية بها وأنه من خلال أعماله الكتابية نثر بذور الاستيطان الأولى في فلسطين للحركة الصهيونية.

***

بديعة النعيمي

حلَّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل أيام قليلة ضيفاً على بغداد في زيارة رسمية طال انتظارها والتخطيط لها والتعويل عليها من الطرفين؛ الضيف والمضيف.كان الطرف العراقي قد خرج منتصراً من معركة فرض سيادة الدولة الاتحادية العراقية على تصدير نفطه من إقليم كردستان، وصدر بذلك حكم قضائي دولي من محكمة «التحكيم التجارية الدولية بباريس»، في آذار من العام الماضي، وفرضت على تركيا غرامة مالية بأكثر من مليار ونصف مليار دولار، ووقف تصدير النفط العراقي من قبل الإدارة المحلية الكردية من دون موافقة بغداد. وقد انصاعت أنقرة لقرار المحكمة بوقف تصدير النفط العراقي من الإقليم فأوقفته، ولكنها تمانع في تسديد ما بذمتها إلى بغداد ولم ترد أي إشارة إلى هذا الموضوع في ما تسرّب أو صدر رسمياً حول الزيارة.

أنقرة، أيضاً، طلبت من بغداد موقفاً مسانداً لها في حربها ضد التمرّد الكردي الذي يقوده حزب العمال الكردستاني منذ عدة عقود بما يجعل القوات العراقية رديفاً ورأس حربة لقواتها، إضافة إلى طلبات تركية أخرى تتعلق بالجانب التجاري والاستثماري الواسع النطاق، ليتم الصعود من عشرين مليار دولار - هو مجموع حجم التبادل التجاري، وهو مختل لمصلحة تركيا ومن جانب واحد - إلى ثلاثين مليار دوﻻر في المستقبل القريب.

بالاطلاع على ما تسرب حتى الآن من بنود الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، نسجل صمتاً عراقياً على الوجود العسكري التركي المفروض كاحتلال فعلي في أكثر من إحدى عشرة قاعدة عسكرية في شمال العراق. كما حفل البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حول الزيارة، بعبارات غامضة وفضفاضة لا تكاد تقول شيئاً، من قبيل «تطوير سبل التفاهم والتعاون»، و«وضع رؤية جديدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والاستثمارية للموارد المائية في العراق»، «اعتماد رؤية تهدف إلى تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود»، و«وضع رؤية لاستخدام المياه بطريقة رشيدة وفعالة للتعاون عبر مشاريع مشتركة».

ومن الواضح أن تركيا أصرَّت على رؤيتها لمياه الرافدين، دجلة والفرات، كمياه عابرة الحدود وليست أنهاراً أو مجاري أنهار دولية. ولكنها تخلت عن اعتبار النهرين حوضاً واحداً، بل هما حوضان متمايزان كما تراهما بغداد مستندة إلى حقائق الطوبوغرافيا والهايدروليكا والجغرافيا. ولا ندري إن كانت هذه العبارة قد تم الاتفاق عليها أو أنها تمثّل الرأي العراقي.

من الواضح أن ما تم التوقيع عليه لم يرقَ إلى اتفاقية إستراتيجية فعلية حقاً، بل هو اتفاقية إطار تشتمل على عدد من مذكرات التفاهم التي يمكن أن تبقى هكذا من دون تطبيق. وللإنصاف، بعض هذه المذكرات تصب في مصلحة العراق، ولكن غالبيتها يشوبها الغموض وتحفل بالعبارات الفضفاضة وغير الشفافة.

للإنصاف، بعض هذه المذكرات تصب في مصلحة العراق، ولكن غالبيتها يشوبها الغموض وتحفل بالعبارات الفضفاضة وغير الشفافة.

ويبدو واضحاً أيضاً أن تركيا أصرت على رفضها القديم لمطلب العراق بعقد اتفاقية لتقاسم مياه النهرين بشكل منصف وعادل بموجب القانون الدولي، ولكنها أبدت بعض المرونة الغامضة في الموافقة على صيغة «اعتماد رؤية تهدف إلى تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود وفقاً لمبدأ المساواة والنوايا الحسنة وحسن الجوار». وكلمة «تخصيص» حلت محل كلمة «تقسيم» التي يطالب بها العراق.

أمّا بعض المبادئ التي تم الاتفاق عليها، فبعضها إن لم يكن ينفع، فهو لا يضرّ، و بعضها ينفع فعلاً ويحتاج إليه العراق ويدخل في إطار الاستثمار العادي بشرط ألا يكون مردوفاً بملاحق سرية. ومن هذه المبادئ:

-التعاون عبر مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات.

-دعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري، مثل أنظمة وسدود حصاد المياه، وتبطين القنوات، ونصب محطات التصفية والتحلية، ومشاريع معالجة المياه.

-تنفيذ مشاريع تبادل الخبرات واستخدام أنظمة وتقنيات الرّي الحديثة والمغلفة.

فالعراق بحاجة ملحة جداً إلى مشاريع من هذا النوع والأتراك لديهم خبرة متراكمة ومفيدة في هذا الباب يمكن الاستفادة منها. ولكن، كما قلنا، ينبغي أن تكون مشاريع شفافة وخالية من الأبواب والملاحق السرية. إنّ كون هذا الاتفاق الإطاري لمدة عشر سنوات أمر جيد ولكن اشتراط تجديده كل سنة لاحقاً يشي بأنه قد يستخدم كوسيلة ابتزاز للعراق. وتقول الفقرة «يستمر تنفيذ الاتفاق لـ 10 سنوات، ويمدد تلقائياً لسنة واحدة في كل مرة بعد اتفاق الطرفين».

طرف آخر يغنّي على ليلاه الخاصة، وهو حكومة الاقليم التي يسيطر عليها الحزب الديموقراطي الكردستاني، بزعامة آل البارزاني، حيث كشف القيادي في الحزب وفاء محمد كريم، عن أجندة زيارة الرئيس التركي لإربيل. وقال كريم إن «جميع الاتفاقيات التي أبرمت من دون مشاركة الإقليم لا يمكن لها أن تنجح كون الحدود الجغرافية لتركيا تكون مع إقليم كردستان». ويبدو أن هذه التهديدات تحاول التشويش على الاتفاق العراقي التركي وتسجيل حضورها لا أكثر، فهي أضعف كثيراً من أن تعرقل شيئاً، خصوصاً أنها تعلم أن الأموال التي تضخها حكومة بغداد تأتي بمبادرات فردية خاصة من السوداني وتشكل خرقاً لقرارات المحكمة الاتحادية العليا.

لقد وقّع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، والرئيس التركي إردوغان، على 26 مذكرة تفاهم مصاغة بقدر كبير من الحذر والغموض، وهذا ما يعزز المخاوف والشكوك في أن هذه الاتفاقية من المرجح أنها جاءت لتكرس مبدأ «أموال النفط العراقي مقابل مياه الأنهار العراقية المحتجزة خلف السدود التركية العملاقة». ولكي نفهم حجم التهديد والابتزاز التركي؛ نعلم أن العراق لا يحوز الآن في سدوده وخزاناته أكثر من ثمانية مليارات متر مكعب من المياه كاحتياطي حرج، فيما تفوق الحاجة العراقية 55 مليار متر مكعب، علماً أيضاً بأن خزين بحيرة سد أتاتورك التركي من المياه يفوق الـ45 مليار متر مكعب.

إنّ التحالف الطائفي العرقي الذي يحكم العراق اليوم، ومنذ الاحتلال الأميركي سنة 2003، لا يهمه إلا بقاؤه في الحكم مهما كان الثمن، حتى ولو كان الثمن تحويل العراق إلى ربع خالٍ جديد، وهذا ما يصعّب مهمة الدفاع عن العراق وأنهاره وثرواته وسيادته المنتهكة بموافقة هؤلاء الحاكمين.

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

 

(السُّبْحَةُ هيَ الخَرَزاتُ التي يَعُدُّ المُسَبَّحُ بها تَسبِيحَهُ، وتُسمَّى كذلكَ المِسْبَحَة).

ويُذكَرُ أنَّ تاجراً عَرَبيّاً كانَت أنامِلُهُ تراقِصُ خَرَزاتِ المِسبَحة، قد قَعَدَ على دَكَّةٍ في رحيبِ مُفضَاةٍ مُتَفَسِّحَة، حذوَ امرئٍ صِينيٍّ عيناهُ مغمَضتانِ غَيرُ مُتَفَتِّحَة، فسألَ التَّاجرُ قَعيدَهُ الصِّينيِّ وهوَ يُحاوِرُهُ والصُّدورُ وَدِيعةٌ والنَّبراتُ مُنشَرِحة؛

"ما كُتلُ المُعدَّاتِ هذهِ وكأنَّها ضباعٌ على الأرضِ رَابضةٌ مُنبَطحَة"؟ فَقَالَ لَهُ قَعيدُهُ الصِّيني وَهُوَ يُحَاوِرُهُ؛

"هذي مَكَناتٌ سأتَّخذُ بِها مَصنَعاً لإنتاجِ سجَّادَاتِ صلاةٍ وعَدَّادَاتٍ لتَسبيحِ المُسبِّحينَ أو ما تَدعُونَهُ (المِسْبَحَة)، وإذ سَأخلقُ مِن فَضْلَةِ الزّجاجِ وسأخرقُ بَذرَةَ السِّدرِ لأخلقَ منها خَرَزاتِ المِسْبَحَة، وتلكَ عمليَّةُ تدويرٍ تُبارِكُها لنا الطَّبيعَةُ التي باتَت بالتَّلوثِ مُتَرَنِّحة"، فقالَ لهُ السَّائلُ الجَليسُ؛

"أمِن فَضْلَةِ الزّجاجِ وبَذرَةِ السِّدرِ تَخلقونَ لنا خَرَزاتِ المِسْبَحَة!"، فقالَ القعيدُ مُستَغرِباً؛

"أفي ذلكَ عَيبٌ أو جرمٌ نَهى عنهُ ربُّكمُ ربُّ النَّجمةِ المُصَبِّحَة وربُّ الزَّهرةِ المُتَقَدِّحَة!"، قالَ الجليسُ؛3789 علي الجنابي

" لا، لا جرمَ ولا عيبَ في مِسبَحةٍ من بذورِ السِّدرِ مُخَرَّمةٍ مُصَلَّحة، وإنَّما عَجبي ألّا تصنَعُوا قلائِدَ للنِّساءِ وتلكَ هي التِّجارةُ المُربِحة؟"، فقالَ لهُ قعِيدُهُ؛

"كلّا جَليسَ، قد كانت القلائِدُ تِجارةً مُربِحة، لكنَّها كَسَدَتْ بعدَ ثورةِ اتصالاتٍ جامِحَةٍ مُتَجَنِّحة، إذ تَعَلَّمَت كلُّ غادةٍ صِناعةَ القَلائدَ والأقراطَ بخُطواتٍ وافيةٍ ومُوَضَّحة، وأضحَت عينُ الغادة في صناعةِ القلائد مُتفَتِّحة، وما عادَت تنزلُ السُّوقَ لاقتناء قلائدَ مُصنَّعةٍ مُتقَزِّحة، وأمَّا المِسبحةُ فتلكَ لعَمري صَنعةٌ في الصِّينِ مُهيمنةٌ ومُربِحة، ولا تغلبُها تجارةُ قلائدَ ولا عطورٍ ولا تجارةُ طائِراتٍ نفاثةٍ أو بمِروَحَة، ولا حتَّى تجارةُ السِّيجارٍ وصِناعةُ المقدَحَة"، فقالَ الجليسُ وهوَ يُسائلهُ؛

"أوَلستُمُ برَبِّ المُسبِّحينَ كافرينَ، فعَلامَ الولوجُ في صناعةِ وتِجارَةِ المَسبَحة!". فقالَ القَعيدُ وقد بَدا عَليهِ التأفُّفُ ممَّا يَهذي بهِ جليسُهُ من مسائلَ مُتأرجِحَةٍ مَاسِخةٍ غَيرِ مُمَلَّحة؛

" نَلِجُها يا جَليسُ لأنَّ السُّوقَ أوجَبَها عَلينا برؤىً مَحسوبةٍ ومُصَحصَحَة، فكلُّ تِجارةٍ تبورُ ما خلا تِجارَة المَسبَحة، فتلكَ تجارةٌ رهينةُ التَّسبيحِ لأمَّةٍ تلهجُ بِهِ مادامَ على الأرضِ فَضْلَةُ زُجاجٍ وبَذرَةُ سِدرٍ مُكَوَّرةٌ غيرُ مُلَقَّحة"، ثمَّ أردَفَ القعيدُ الصينيُّ بتأوِّهٍ وهوَ يُشاوِرهُ بعبارةٍ مُتَكَسِّحة؛

"لمَ أمَّتُكم أمَّةٌ مِن كلِّ عملٍ تَراها مُتَولِّيَةً ومُتَسَرِّحة، وفي كلِّ خَوضٍ نَراها مُتَفَتِّحةً مُتَجَنِّحة، وما فتأت بالدعاءِ تلهجُ وعن مُتكَئِ التَّسبيحِ غيرِ مُتَزَحزِحَة، ماذا تبتغونَ مِن وراءِ تَسبيحِكمُ مِن ربِّكم ربِّ الثَّمَرةِ المُتَقَدِّحَة؟". فَبُهِتَ الجليسُ وردَّ بجُفونٍ مُسبلةٍ وبنبراتٍ مُتَسَطِّحَة؛

"لا ريبَ انَّنا نبتغي من ربِّنا وربِّ كلِّ نَملَةٍ بينَ العشبِ مُتَرَنِّحَة، أن يَفتحَ علينا من دروبِ العُلومِ المُهَيمِنَةِ والمُكتَسِحَة، كي نتمكنَ من اختراعِ مَكَناتِ تصنعُ لنا المَسْبَحة".

ثمَّ أقبلتَ مَركبةُ الإسعافِ مُسرعَةً مُتَكَحْكِحَة، كي تُقِلَّ القَعيدَ الصينيَّ ذا المُغمَضَتينِ لأقربِ حُجرَةِ إنعاشٍ مُطَهَّرَةٍ وعنِ اللغوِ مُتَرَشِّحَة.

ألا يا دارُ قومي، ألا فسَبِّحي بالعشِيِّ والإبكار وبشِفاهٍ مُتضرِّعةٍ ومُدَندِنةٍ، وبجباهٍ مُتَقَرِّحَة، فعسى اللهُ ربُّ الشِّعْرَى وربُّ سدرةِ المِسبَحَة، أن يفتحَ علينا باباً من أبوابِ "علمِ ميكانيكا المِسبَحَة".

سَبِّحوا، سبِّحوا يا قوم بكرةً وأصيلا.

***

علي الجنابي

 

مما لاشك فيه ان العراق قادر على النهوض بنفسه، فمن هي الأرض التي لها قدسيتها الدينية وإمكاناته البشرية والمادية مثلها؟ وهل هناك أرض أكثر خصوبة منها؟ وسميت بأرض السواد في التاريخ وأية دولة عربية تمتلك هذا التعدد الديمغرافي والديني والمذهبي الذي بإمكانه أن يكون عامل قوة للبلاد؟ من لديه من المرجعيات والمزارات الدينية كما لدى العراق؟ ومن يملك عقولا بشرية ضالعة في شتى العلوم كهذا البلد الذي لا تخلو اي جامعة دولية من استاذته ومحاضراتهم ومستشفى في العالم من أطبائه وأخصائييه، من لديه مياه أوفر مما يوفره دجلة والفرات رغم تضاؤل منسوب مياههما في الحقبة الأخيرة بسبب حالة الجفاف التي تعم المنطقة وعدم تعامل البلد الجار مثل تركية على توفير الحد الادنى من حقه كمياه دولية متشاطئة، عاش مواطنه أوضاعا مؤلمة وتوترات وانقسامات وازمات مختلفة وعدم الاستقرار في ظل حكومات لم تستطع توفير قيادة سياسية بحجمه وما زال يدفع فاتورة التغيير الغير المستقر بسبب سوء الادارة،ان الدفاع والعمل على تعزز وحدته يجب ان تكون من ابجديات النظام فيه وهذه الحقوق تحتاج الى ان يكون للقادة السياسيين فيه إرادة مستقلة اهمها إصرارهم بالانتماء للوطن وانتمائهم الاقليمي والإسلامي ومقاومته الانجرار إلى المخططات التي تفرض عليه من الخارج، لقد كانت لزيارة اردوغان الرئيس التركي اهمية ولكن ما كان يجب ان يثير الشارع في لقائه بمجموعة لا تمثل الاخوة السنة ابداً ولا تمثل عشائرهم الكريمة انما من الرؤس التي دست راسها في السياسة وتحاول فرض نفسها على هذه الطائفة العزيز والحديث باسمها، ثم ان تركيا تتطلع إلى الأمام ولديها أجندة توسعية في منطقة الجوار، وما زال إرث الدولة العثمانية حاضرا في أجندة أردوغان وغيره، فهنالك عوامل سياسية واقتصادية تريد تحقيقها،. وما كان للحكومة ان تسمح لمثل هذه اللقاءات المثيرة للجدل على اي قطعة من ارض العراق ويمكن تجاوزها بالطرق الدبلوماسية وممارسته قدر من الديمقراطية الحقيقية لا المشبوهة والمشوهة، ومن المحتمل أن تؤثر نتائج الانتخابات الأخيرة في تركيا على علاقاتها مع دول الجوار. وقد يكون أردوغان أقل قدرة على متابعة أهدافه الطموحة في السياسة الخارجية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة ضبط أولويات السياسة الخارجية لتركيا، وقد تكون لذلك تداعيات على الديناميكيات الإقليمية، خاصة ما تعلق منها في علاقاته الخارجية،

لا بد أن يعتز كل مواطن عراقي ومواطنته وتصديه لكل أنواع الفساد والإفساد والإرهاب وعدم الانصياع للأجندات التي تحاول تقسمه،رفضه المشاريع الطائفية التي لا شك من أنها ستؤدي الى انتشارها في المنطقة وتشعل لهيبها الذي يخترق الحدود، والحفاظ على قدرته للتعايش ضمن مكوّناته، وتعزز المرجعيات الدينية والسياسية هذا الدور التاريخي الرافض للتمزيق والتصدع وتحافظ على وحدته ولا يجوز أن يطغى أي معتقد، حتى معتقد الغالبية، على دستور البلاد، ولا على علمها، أو على مساحاتها العامة، أو مؤسسات الدولة فيها.، ومحاولة انتقال اعتماد العراق اقتصاديا على النفط إلى القطاع الخاص واقتصاد الخدمات ولو بشكل جزئي، نعم هناك بصيص من الامل وبوادر في الحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني، وهو سابع شخص تولى منصب رئيس الحكومة العراقية بعد التغيير في عام 2003  وعليه التزامات دستورية وأخرى جاء بها في برنامج حكومته وعليه أن يكون بمستوى المسؤولية ويحافظ على ما طرحه بكل وفاء، وهو يحظى الان بدعم شعبي والتخلص من حالة الانقياد للقوى المهيمنة على البرلمان العراقي.

والسوداني يعد أكثر رئيس حكومة مطلع على سير العملية السياسية في العراق، وشغل مناصب إدارية ووزارية كثيرة وخطيرة، وكما اطلع بشكل كامل على مجمل شواغل العراقيين وخبايا ملفات الفساد والسلاح المنفلت، وعليه أن يكون قائدا قويا لمواجهة هذه الملفات بحزم وشجاعة، و.بأن تخطو الحكومة خطوات تكون واعدة وتحافظ على مصداقيتها إذا دعمت من الكتل السياسية والتشريعية .

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

أعجبني حوار بين مسؤول وصديق وانا جالس مستمع.

المسؤول يخاطب صديقي: فلان عمره ١٧ عام وأصبح مقرب من شخصية سياسية معروفة جدا وأنت تراوح في مكانك.

أجابه صديقي: لا أريد أن أقول أنا لا اعترف بهذا السياسي كما تعترف به أنت، لكن سأجيبك من مبدأ اسلامي تقر به انت، الامام الحسين (ع) خسر الدنيا وتم قتله وعائلته، وهذا يعتبر فشل في الحياة لأنك سلطت النجاح على هذا الشاب الذي لم يقدم شيء سوى اعلان ومدح لشخصية السياسي، الذي رفض الامام الحسين (ع) كلمة (بايعتك). هذا أولا.

ثانيا/ أن كنت تعتقد أن هذا السياسي المعروف كالامام علي (ع) فالامام لم يعطِ فرصة للنجاح الفردي على حساب الامة الاسلامية ويمكن التدقيق بالتاريخ.

يا استاذ النجاح الفردي فكرة ساسة الغرب لصناعة مرض (الأنا) في المجتمع، فكل فرد يعمل بالسياسة ويسعى لانجاح نفسه أو يعمل لانجاح فرد فرد أو مجموعة مجموعة هو سياسي ماكر وكاذب. لان السياسة دفع المجتمع باكمله الى الامام عمليا.

⁃ تدخلت أنا في لحظة اتضح الانزعاج في وجه الطرفين وقلت: لماذا الاسلاميون الساسة في العراق يذهبون للثقافة الرأسمالية لساسة الغرب؟

لماذا لا يعتمدون طريقة حكم التاريخ الاسلامي؟

كما فعلت السعودية (قبل محمد بن سلمان) وكما فعلت الجمهورية الاسلامية في ايران، وكما الطبقة الحاكمة حاليا في افغانستان.

(فاما يكونوا اسلاميين او ديمقراطيين)

فأجاب المسؤول: واقع المجتمع العراقي لا يسمح.

قلت: عذرا هذا نفاق سياسي.

واكملت: لا يوجد ناجح وفاشل وانما توجد يد خفية تملك أموال وسلطة خلف ما يسمى “ناجح” وهذه اليد غير متوفرة خلف ما يسمى “فاشل”.

تُخلق هذه اليد اما بفشل الطبقة الحاكمة نتيجة توزيع غير عادل لثروة البلد، وأخرى تُخلق بطريقة مقصودة من نفس الطبقة الحاكمة لرفع مستوى حياة من يريدون، للسيطرة بهم على المجتمع.

ابتسم المسؤول في وجهنا وبدأ يلعب في جواله (علامة) بان اخرجوا من غرفتي. اخرجنا سجائرنا وخرجنا.

فقال لي صديقي: من المنتصر؟

قلت: لا احد منتصر بالنقاش السياسي لان السياسة وجهين في العالم: وجه ينظر لمصلحته ويغطيها بخطابات مصالح الناس، ووجه ينظر للمصلحة العامة ويعتبر نجاحه بنجاح الكل، وهذا غير متوفر حاليا عند الطبقات الحاكمة في (العالم الراسمالي) وما تبثه في الاعلام للمجتمع. وانما يتوفر لدينا نحن الذين ننتظر راتبنا الشهري.

***

حسام عبد الحسين

يُقال أن عباس محمود العقاد قد باع كتبه ذات مرة، وآخرون غيره وقبله وبعده، ومن المعروف أن الكتب كانت تُحرق، عندما يحصل خلاف بين الكرسي وصاحبها، وأكبر حريق للكتب جرى في الأندلس يوم ضياعها، وربما أحرق جيش هولاكو كتبا كثيرة في بغداد.

وهناك عدد من الأخوة المهتمين بالمعرفة، والكانزين لعشرات الآلاف من الكتب في حيرة وعناء، فمصير كتبهم يبدو مجهولا.

فإذا البعض باع كتبه ووجدوا مَن يقتنيها، فاليوم أسواق الكتب بائرة، ولا يوجد مَن يسعى لشراء كتاب.

أصحاب المكتبات الشخصية سيجدون مَن سيتخلص من كتبهم، أما بحرقها  أو رميها في النفايات، فما عادت الكتب ذات قيمة، ولا قدرة على الصمود أمام تكنولوجيا الصورة والصوت، والمعارف المتسارعة الإنتشار والتواصل بين الناس.

أكاد أسمع نحيب الكتب في رفوف المكتبات.

أحزنني صديقي وهو يتأمل مكتبته العامرة بأكثر من خمسة آلاف كتاب، وكأنه يودعها بعد أن خانه بدنه، وأزفت ساعة الرحيل.

الكتاب قد لا يعيش طويلا في عصرنا الإليكتروني الفتان، فالشاشات بأحجامها المتنوعة تجتذب الأنظار، وكأنها جعلت البشر يسأم التحديق في الورق!!

أليمٌ ما تقدم، لكنها مقتضيات القرن الحادي والعشرين، المشحون بالمستجدات والإبتكارات الفتانة، وكلما تصفحت كتابا، أقرأ الفاتحة عليه!!

أتمنى أن أكون مخطئا، فالحياة بلا كتب رمضاء مقفرة!!

***

د. صادق السامرائي

إذا أقدم شخصاً على جريمة السرقة تحت وطأة التهديد والإكراه وسرق ما يستوجب الحد، فلا حد عليه لوجود شبهة الإكراه، فالإكراه يحول دون تنفيذ الحد لأنه شبهة قوية تدرأ الحد لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والطبراني: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، وقد ثبت أن الخليفة العادل عمر رضي الله عنه «أتى بسارق قد اعترف فقال: «أرى يد رجل ما هى بيد سارق، قال الرجل: والله ما أنا سارق ولكنهم تهددونى، فخلى سبيله ولم يقطعه»، ولقد أخلى الخليفة العادل سبيله لأنه لم يقدم على هذا الصنيع الذى يجلب مقت الله، وسبة باقية في الأعقاب، بكامل اختياره وإرادته، بل دُفع لذلك دفعاً، فالسرقة فعل يتنافى مع شيمه وخصاله الحميدة، التي أصاب العبقرى الملهم شاكلة الصواب حينما نعت يده بأنها ليست يد سارق، وأعانته فراسته وحدسه الذى لا يخيب، على سبر أغوار الرجل والإحاطة بأنه من صنف الرجال الذين ينزهون أنفسهم عن المطامع المُردِية، والمطالب المذمومة، ولقد أخلى الخليفة سبيله لأنه القائل رضي الله عنه: «ليس الرجل بمأمون على نفسه إن أوجعته، أو أخفته، أو حبسته، أن يقر على نفسه».

ونجد فى قانون العقوبات المصرى أن المادة واحد وستين قد نصت على أنه: لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه، أو غيره من خطر جسيم على النفس، كان على وشك الوقوع به أو بغيره، ولم يكن لإرادته دخل فى حلوله ولا في منعه بطريقة أخرى، كما نجد أن فقهاء وشراح القانون المصرى قد عرفوا الإكراه المادى بأنه قوة مادية يوجهها الشخص عمداً تجاه شخص آخر، ويجرده من إرادته ليتسنى له فعل ما يحب من أعمال إيجابية كانت أو سلبية،» ومثال ذلك أن يمسك شخص بيد آخر ويرغمه بالقوة على التوقيع، أو أن يغتصب شخص امرأة متزوجة فيرغمها على ارتكاب جريمة الزنا، الأمر الذي يعدم حرية الإرادة بطريقة مطلقة، ولا يكون أمام من بوشر حياله سوى تحقيق السلوك الذي أراده من باشر الاكراه».

***

د. الطيب النقر

ذات ليلة من شتاءات برد مسكون بالخوف، ومع تداعيات أحداث محكومة بالموت، والسجن، والظلام، قرر  صاحبي أن يترك كل ما بحوزته من ممتلكات: مكتبته، غرفة نومه، وعلى غرار  ذلك قطعة الأرض الزراعية التي حصل عليها وفقا لنظام المزايدة العلنية الخاصة بموظفي وزارة المالية، بعد أن تركها لعمه مقابل مبلغا زهيدا،  ثمنا لتكاليف هجرة مقدارها وطن، وعائلة، ووظيفة، وأبناء، واصدقاء.

ولكن، وكما يبدو في مثل هذه الحالات، أنه لا يوجد للإنسان من خيار إلا أن ينجو بنفسه بعيدا عن نظام لا يعرف غير البطش، والقتل، والتعذيب.

وتلك فرصته الأخيرة، وملاذه الذي ربما يكون آمنا،  لكي ينطلق عبره إلى مكان آخر، بعد أن نجا مرتين من الموت؛ الأولى إبان الحرب العراقية الإيرانية، والثانية بعد هجوم قوات الحرس الخاص على مدن الجنوب، فترة أحداث ما أطلق عليه بالانتفاضة الشعبانية، يوم تم دفن آلاف الأحياء  في مقابر جماعية تحت الأرض، بعد إطلاق الرصاص عليهم بشكل عشوائي.

ولذلك وبعد تكرار الاستدعاءات الأمنية، وبتحذير من أحد المقربين الذين يعملون مع السلطة، أدرك أن مصيره سيكون إسوة بأولئك الذين تم تغييبهم في زنازين الأمن العامة، والمخابرات، ولذلك لم يبق أمامه إلا أن يودع الأرض التي ترعرع فيها أيام الطفولة، يوم كان والده صاحب منصب وظيفي يؤهله لأن يكون مُنَّعَما، وتلك فترة ستينية رافقت حكم الرئيس عبد الرحمن محمد عارف، لتمضي أشواطها بدفء، ومحبة، وسلام. 

لكن الأيام تمضي سريعة، وتقطع عبر مسيرتها أشواط السنين المحملة بالقهر، والاستلاب، وغياب الأحباب.

ولذلك ومع فترة يسود أحوالها الهلع، كان المثقفين من غير البعثيين، بل وحتى البعض من البعثيين المسالمين مهددين بالبطش، والجور، والطغيان. 

كان البرد القارس يختلط مع الظلام، ليغطي أجواء مدينته التي كأنها اكتحلت بلون السواد، لاداء مراسيم الوداع حزنا قبل أن يغادرها واحدا من أبنائها الأوفياء، بعيدا صوب محطة قد تبدو مجهولة، وينتاب أجوائها الغموض.

دبَّ الخوف، والترقب في أوصاله بشكل يجعله مستسلما للسجن، حيث من المؤكد أن تكون علامات الحذر واضحة لمسافر وُضِعَ اسمه تحت  المراقبة الأمنية، ومع هذا فهو يبحث عن وسيلة للخلاص في تلك الدائرة نفسها، فهو لم يصدق مطلقا حصوله على جواز سفر بعد  ملابسات، كادت تؤدي به إلى السجن، لولا أنه أن دفع قرابة كل ما لديه من مال لتسهيل عملية استلام الوثيقة التي تساعده على السفر  بإعجوبة.

ولذلك يوم حاز على ما يريد، لم يكن لديه ما يمتلك إلا حقيبة سفر صغيرة، وعلب دخان فايسوري اشتراها، لكي يربح بعض المال بحسب فرق العملة،  لقاء بيعها في الساحة الهاشمية، ما يساعده على  العيش ليومين، أو لثلاثة أيام،  لعله يجد عملا فيما بعد،  يساعده على العيش، وتلكم حقيقة خياراتها تفرض على الإنسان أن يتجاوز محنة التحدي، بكل ما تحتويه هذه المقولة من تفاصيل.

صارت الساعات تمشي، والمنشآت الكبيرة تجر أحمال القلوب المتعبة، والحالمة في آن واحد، ملبدة بمشاهد عالم مجهول، حيث تختلط الأحلام مع الخوف، وترتبط معها تفاصيل  الذكريات التي تراها تغوص في محيط أفكار  ومشاعر يجتاحها البؤس.

ومع توالي الأمواج الصاخبة من القلق، والاضطراب، وجد نفسه وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف ليلة من ليال كانون الثاني، جالسا عند  رصيف بائس من أرصفة الساحة الهاشمية، حيث لم يكن ما بحوزته من المال ما يكفيه للمنام، والمأكل، والملبس.

ولذلك صار من الواجب عليه أن يبيع علب السجائر التي  تعد رصيده الوحيد، فهو ببيعها يقدر أن يحصل على ما يغطي نفقة منامه، ولو في فندق شعبي بائس، مع وجبة إفطار رخيصة.

في اليوم الثاني نفذ ما لديه من المال، بعد أن عجز عن الحصول على عمل، حتى أحس بالجوع، والبرد، والنعاس، ولذلك قرر أن ينام في الشارع، عند المكان الذي يفترش فيه باعة البسطات بضاعتهم، وقسم كبير منهم من العراقيين، وتلك فترة شهد العراق فيها عملية حصار بائس. 

لم يبق لديه إلا بعض (الشلنات)، وهي لا تساوي إلا دراهم معدودة بحسب العملة العراقية، اجتاحته رغبة لأن يطلب صحن فول، وهو أرخص الطعام، وقرر أن يفاتح النادل وكان من جنسية مصرية، معلنا رغبته للعمل، لعله يجد ضالته المنشودة، ولذلك ومن حسن الصدف أن صاحب المطعم كان بحاجة فعلا إلى عامل.

كان الأمر بالنسبة لصاحبي مفرحا جدا، حيث تم تشغيله كعامل لتنظيف الصحون، والقدور ولساعات متأخرة في المطبخ،  ما يفرض عليه المبيت داخل المطعم، مقابل دينارين،  ومقابل أيضا أن يسلم جوازه العراقي لإدارة المطعم.

وهنالك تمت الموافقة على أن يحدد زاوية في الطابق الثاني، لتكون مكانا له للمنام، لم يكن الأمر سهلا بالنسبة إليه، بعد أن شعر أن عليه أن يعمل مثل ماكنة دون توقف، مقابل أن يأكل، ويشرب، وينام ساعات قليلة.

وهذا ما يجعله أمام فرصة، يشعر معها بأنه  استطاع أن يحقق معنى وجوده في مكان يصعب العمل فيه، لكن الأمر لم يكن سهلا،  فهو لم يتسن له من النوم إلا بضع ساعات، وأن جهوده المبذولة لقاء الأجر الذي كان يتقاضاه، يعادل جهود عمال ثلاثة، حتى وجد نفسه ذات يوم منهكا لا  يقوى أن يستمر. 

ولذلك من حسن الصدف وبعد مشاجرة حصلت له مع صاحب المطعم، وبعد مرور عشرين يوما، قرر أن يترك عمله، ويسافر إلى أربد بصحبة رفيق سفره الذي نصحه أن يشاركه في  تأجير غرفة بخمسة دنانير أردني.

 ففي أربد، يتاح له العمل،  ولو عن طريق (مسطر العمالة) أسوة برفيق سفره، كما تم الاتفاق عليه لاحقا.

أحس صاحبي أنه بات مثل طائر أُطلِق العنان لجناحيه لأن يحلقَ بعيدا عن القفص الذي سجن فيه أكثر من عشرين يوما، كان الأمر مفرحا بالنسبة إليه، حيث استطاع الحصول على أجره البالغ اربعين دينارا أردنيًا، وهذا ما يمنحه الفرصة لأن يأكل، ويشرب، وينام  لحين أن  تتاح له فرصة عمل أخرى مناسبة، ومكان يأوي إليه.  

***

عقيل العبود

 

عندما نتحدث عن العقول العربية الخلاقة المبدعة والعلمية نستطيع أن نتحدث بثقة تامة أن هناك قامات علمية وفكرية لها وزنها وبصمتها في كل المجالات العلمية والأدبية والفكرية على الساحة لكن مع الأسف ليس في بيئتها ووطنها فقد تلاقفتها أيادي الغرب ومؤسساتها العلمية والصناعية حيث نرى ونسمع الإبداع والعطاء العلمي والفكري كون البيئة ومجال العمل التي تعيش في كنفه ملائم للعمل فيه كون العقل العربي يبدع حين يعمل بحرية تامة بعيدا عن التأثيرات الجانبية ومنغصات تحول دون عطائه ونجد له البصمة الواضحة الخلاقة في كل مجالات عمله واختصاصه على العكس في بلدانهم الأصل تراهم مهمشين ومبعدين عن اختصاصاتهم ومواقع عملهم العلمي وكثير من الأحيان محاربين من الغير وتحت رحمة عقول غير مؤهلة لقيادة مؤسسات البلد التي تهيمن على قراراته مما يجبر الكثير من هذه العقول على الهجرة إلى الغرب وبلدان آمنة لتجد فيها فسحة من الإبداع والعمل بحرية مطلقة والكثير من هذه العقول ساهمت في تطوير وتطور بلدان غربية حيث لا يمكن الاستغناء عنهم بنفس الوقت تعد بلدانهم طاردة لهم وخصوصا العراق بالذات حيث سعت الحكومات الحديثة بمحاربة عقول علمية بحثية تعد في مجالات العلم عباقرة وخير شاهد عندما نفتش في أروقة الطب في بريطانيا وأمريكا ووكالة ناسا الفضائية وغيرها من بلدان العالم تجد البصمة فيها واضحة المعالم .

فعلى الحكومة العراقية الانتباه لهذا الخطر الذي يحدق بالبلد واتخاذ التدابير والحلول لإعادة هذه الكفاءات والعقول العراقية المهاجرة إلى أحضان الوطن ومؤسساته والحفاظ على ما هو موجود حاليا والمهمش والمبعد عن الساحة العلمية وإلا سيفرغ من كوادره وعلمائه وخصوصا من الجيل الجديد الذي يسعى في أثبات وجوده على الساحة العملية لما يملكه من عقلية منفتحة على العالم وتطوره وتقنياته العلمية وأبعاده عن المناكثات السياسية والحزبية والاستفادة من طاقاته بسياسة حكيمة ضمن منهاج مدروس علمي واحتضان الجيل الجديد الشبابي الواعد لبناء مؤسسات حكومية ودولة قوية فالدول القوية المتقدمة تقاس بعلمائها ومفكريها ومثقفيها فالحكومة الحالية والقادمة مطالبة بوضع الخطط الإستراتيجية على المدى البعيد والقريب منهج زج الخبرات في معترك الحياة وفي مؤسساته العلمية والعملية والبحثية قبل هجرتها إلى الغرب كراهية ومجبرة للحفاظ على حياتها واحتراما لعقولها وللحصول على ملاذ آمن وبيئة تحتضنه هناك على حساب بلده الأم التي تغض النظر عنه وتساهم في هجرته قسرا وهذا الأمر يتحقق إذا أراد العراق النهوض بواقعه المتأرجح الخطر ومن هنا الدعوة الصادقة الخالصة في أعادة التفكير الجاد العلمي والعملي في إعادة العقول المهاجرة إلى الغرب والاعتماد على ما هم في الداخل ووضعهم في المكان المناسب الذي يليق بهم علميا لتعزيز ودفع عجلة الصناعة والعلم ورواده وبقية مرافق الحياة لتطوير مؤسسات الدولة ورفدها بالكفاءات العلمية لقيادة البلد إلى بر الأمان بعلمائه ومبدعيه ومفكريه.

***

ضياء محسن الاسدي

والقائمين على الحوار الوطني

سيادة رئيس الجمهورية.. تحية طيبة وبعد..

أرسل هذه الرسالة لسيادتكم / بعد الدعوة الكريمة، بإجراء الحوار الوطني في ظل الظروف العالمية الراهنة. والأثار المترتبة علي تداعيات الحرب في الشرق الأوسط والحرب الأوكرانية الروسية، وعلي الإقتصاد العالمي. وفي لحظة فارقة في تاريخ البشرية من "ولادة نظام عالمي جديد"، المشكلة اليوم احوج ما نكون للحوار، الحوار الذي يبدد مخاوفنا وشكوكنا من بعضنا، ويؤسس لمنطق تعاملنا الصحيح مع قضايانا، ويحسم الأسئلة التي تزدحم في اذهاننا بإجابات واضحة، ويعيدنا الى دائرة “العقل” وصواب الفكرة ومبدأ “رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب" او مبدأ اخالفك ولكنني مستعد لأن اموت

دفاعاعن رأيك" سيادة الرئيس / أكتب اليكم من داخل مجتمع يمثل حوالي 57% من سكان مصر وأبن من أبناء هذة الطبقة من الريف المصري المهمشة "اخشي ما أخشاه" أن نصبح جزء من رواية الأديب الراحل / يوسف إدريس (الحرام) من طبقة التراحيل والغرباوية في الرواية.

. سيادة الرئيس /

انا ومعى المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ اليكم،، لقد غاب عن الفاعلين منذ عقود قضية "الفلاح المصري". وبصفتي من أبناء هذة الطبقة ومن منتفعي قانون الإصلاح الزراعي ومجانية التعليم ؛، تفتح وعي. مع تشييع الموكب الكبير للزعيم خالد الذكر / جمال عبد الناصر / من قريتنا وانا طفل في الصف الأول الإبتدائي/ كانت ومازالت

التجربة الناصرية لها الفضل للأسرتنا امنت بها ودافعت عنها فرحت بانتصارتها وبناء جمال سدها العالي. وتجرعت مرارة هزائمها وانكسارتها.

سيادة الرئيس /

أنقل لكم المعاناة في ظل المتغيرات التي طرأت علي القرية المصرية من قرية منتجة الي إستهلاكية. رسالتي هي امال قطاع كبير من الفلاحين الملاك والمزارعيين والعاملين في حقول الزراعة وفي ظروف صعبة. من إرتفاع سعر الأسمدة والمبيدات والري والحرث فأصبح الفلاح والمزارع في نهاية حصاد المحصول لايتوفر له اي شيئ. ومع التغيرات التي طرأت في النظام السياسي. بعد حرب اكتوبر عام 73 م. ومع الإنفتاح الإقتصادي والهجرة خارج مصر. والتغيرات في نظام الدورة الزراعية، من نظام الدورة الزراعية الثلاثية. وغياب دور الدولة من الخدمات التي كانت تقوم بها من حرث وري وكل مستلزمات الزراعة وغياب دور الإرشاد الزراعي وتصفية دور الجمعيات الخدمية. حيث كانت هذة الجمعيات تقوم بمساعدة الفلاح في الانتاج الحيواني والدواجن. ومشروع دودة القز. وعسل النحل فأصبح يعيش عصر جديد حسب مستلزمات الحياة الحديثة. لذلك يجب أن يكون طرح مشروع حل أزمة الغذاء من بداية حل المشكلة وهو حل مشكله الفلاح أولا. وسياسات زراعية حديثة وطرق ري حديثة، بعد الهروب الجماعي للأجيال من أبناء الطبقة الريفية في موجات للسفر في هجرة غير شرعية والعزوف عن العمل في الزراعة لعدم وجود عائد مادي لهم. يوفر لهم حياه كريمة. للآسف بعد سنوات سوف يختفي مهنة الفلاح الذي بدأ يهرب رويدا رويدا. لقد أشرت سيادتكم علي شاشات التلفزة حالة غرق قارب مطاطي قبالة السواحل الليبية. وتابعت حضرتك حوار متلفز، مع احد الناجين لطالب في الصف الثالث الإعدادي وكانوا جميعا من قريتنا..

وحضرتك عقبت علي الحادث؟

كان لابد لى ان اقف وأكتب "صرخة في البرية؟..

ان هذه الجريمة جريمة كبرى لابد ان يحاسب من تسبب فيها

انى لا اطلب سوى محاسبة المسؤلين الحقيقيين عن غرق شباب في عمر الزهور، لم يجنوا شيئا سوى انهم ابناؤنا أبناء ثقافة الجهل والفقر وتدني مستوي التعليم..

سيادة الرئيس /

وحرصا علي المشاركة تقدمت للأكاديمية الوطنية للحوار بالتسجيل للمشاركة في الحوار من البيئة التي اعيش بداخلها. همومها واوجاعها ومرضها المزمن !!

ومعي مايفيد بحل مشكلة الغذاء في بحث نشرتة في يوم 23/3 من العام الماضي علي بريد (جريدة الأهرام) للعالم الدكتور / مدحت خفاجي وهو استاذ بجامعة القاهرة. وملف للطاقة الشمسية نشرتة علي صحف دولية ومحلية. وبعض الأبحاث عن التعليم، والصحة والطاقة وقد أجريت بعض الحوارات مع محيطي الجغرافي. ومعي الأبحاث لعرضها علي اللجان المختصة للحوار وحتي الان اهمل طلب المناقشة إذا اطلب من القائمين علي الحوار مشاركة كل الأراء ؛ وفي ظل الأوضاع الراهنة. سيادة الرئيس / نحن الأن أمام أزمة (أزمة سلة الخبز والطاقة). التي سوف تعصف بدول في منطقتنا، وهي خارج كل حسابات البشر والدول وتوقعات الأسوأ إذا إستمر الوضع العالمي والحرب الدائرة في شرق اوروبا، والشرق الاوسط، هناك ياريس / من يقفز فوق التاريخ والصراعات والبشر، والإقتصاد والسياسة والعالم بطريقة مرفوضة، لماذا اصبح الحوار مقطوعا في مجتمعنا؟ ولماذا يتحول حين نستدعيه الى حوار الطرشان؟

لدينا بالفعل مشاكل متراكمة وملفات شائكة يجب أن يتم فتحها، فتح باب التقديم لشراء منازل الأوقاف والأراضي الزراعية. وأن يوضع ثمنها في صندوق سيادي إستثماري في إستصلاح أراضي بديلة في الصحراء؟

حل مشكلة البناء الرأسي والأفقي في المجتمعات الريفية بتبني مشروع البيت الريفي داخل كل صاحب أرض ويشمل الإنتاج الحيواني وتربية الدواجن و الطيور. ودعم المشروعات من حيوانات وعلف للإستقرار جيل جديد يفكر بطريقة جديدة عن الأباء وترك الأرض والزراعة؟

سيادة الرئيس /

صدر قانون عام1996 بتحويل جمعيات زراعية الي هيئة المجتمعات العمرانية. علي طريق الإسماعيلية الصحراوي مثل جمعية الامل والقادسية. هي حولي 57 الف فدان وتم فتح تقديم طلبات للتقنيين، ولكن هناك طلبات لصغار الملاك، "لم يتم استجابة للبعد الاجتماعي وارتفاع اسعار مواد البناء. ولم يتم البحث رغم انها سوف تضر بالملايين لخزانة الدولة. وهي منطقة مهمة للدعم اللوجستي للعاصمة الإدارية الجديدة !! كذلك منطقة الساحل الشمالي في محافظة مطروح بتقديم ملفات ودفع القسط الأول للتصالح وقد توقفت الهيئة عن تحصيل القسط الثاني؟

سيادة الرئيس / في ستينيات وسبيعنيات القرن المنقضي تم حفر مصارف للصرف الزراعي ومع دخول الصرف الصحي للقري، تم خلط مياة المجاري مع مياه الصرف الزراعي، رغم وجود بديل مجاور لنفس الصرف علي سبيل المثال المصرف الكبير من المنصورة الي الشرقية تم حفر مصرف للصرف الزراعي حيث تم نزع مئات الأفدنة الصالحة للزراعة من أجود الأراضي في الدلتا. واصبح الأن يقوم بنفس مهمة المصرف المجاور. يجب ردم هذة المصارف، واستغلالها في مشاريع للإنتاج الحيواني والخدمي والبناء والزراعة. والإكتفاء بالمصارف القديمة للمجاري فقط علي ان يتم تدوير مياه الصرف الزراعي وإعادتها للزراعه وخلطها بالمياه الجوفية في فترة الشتاء للزراعة؟

سيادة الرئيس /

إعادة هيكلة الوحدات الصحيةالريفية التي كان الغرض منها الأمراض " المتوطنة " مثل مرض " البلهارسيا والملاريا والسل ". وهذة الأمراض اختفت. علي سبيل المثال يوجد في قريتنا وحدة طب اسرة لايوجد بها طبيب واحد. ويوجد بها حوالي 30 صيدلي حيث لا يوجد عدد ادوية بعدد الصيادلة المعينون بها؟ حيث عدد سكانها وضواحيها حوالي 100 ألف نسمة. ولايوجد بها أي خدمات صحية. لماذا لم يتم فتحها عيادات خارجية. لتخفيف العبء عن المدينة.

سيادة الرئيس / هل لدينا أزمات عصية على الحل بالحوار؟

مثل حل مشكلة أراضي ومباني التابعة للأوقاف. وطرح شرائها علي فترات زمنية. لقد قال الرئيس السابق / حسني مبارك اثناء زيارتة لنا في المنصورة إن الأوقاف خط أحمر عندما طرح عليه سؤال عن حل وبيع الأراضي والعقارات؟

هل اصبحت الابواب مسدودة امام اي تفاهم عن حل مشكلة الأوقاف؟ سيادة الرئيس /

منذ عقود هناك إشكالية في قانون صادر بعد ثورة 1952 يعرف بقانون (الإستيلة) ويعرض في المحاكم ولم يتم فية حل وهو اعادة قانون ومراجعة الأراضي للأوقاف الفضاء داخل المدن. وليس داخل القري الذي سبب إشكالية من اراضي كانت تتبع قانون الإصلاح الزراعي وتم ضمها الي الأوقاف؟

رايت في دعوتكم للحوار فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقى !!

إن منطق" الحوار "، وشيوع ثقافة “المناكدة" والمناكفة، والتفنن في انتاج مشروعات متجددة “للأزمة” بحيث يشتبك الجميع مع الجميع، فنحن في قارب واحد يجب إستثمار الفرصة قبل ان نغرق جميعا.؟

علي الجميع القائمين علي الحوار، أن يسع الحوار كل أطياف الشعب، لنجرب "صيدلية” الحوار، ونطرح فيها ما نحتاجه من “ادوية" لأمراضنا ومشكلاتنا، وفي مرات عديدة دفعنا ثمن افتقاده وتغييبه وانقطاعه، وكان بوسعنا بعد هذه التجارب السابقة ان نتعلم من دروس النجاح والفشل، وان نتوجه الى “الاستثمار" في الحوار كقيمة مثمرة، لكي نحسم كل الأسئلة التي تتردد في انحاء مجتمعنا، وكل القضايا التي نحن اليوم احوج ما نكون للحوار، والله الموفق والمستعان !!

***

محمد سعد عبد اللطيف -  كاتب مصري

 

منذ إختراع كلمة (خليفة) حتى سقوط الخلافة سنة (1924)، تحولت إلى رمز تلصق به خيالات وتصورات فنتازية لا رصيد لها من الواقع.

فموضوع الجواري رافق البشرية منذ الأزل، فكانت المجتمعات تغزو بعضها وتأسر رجالها ونساءها، فالرجال يتحولون إلى عبيد، والنساء إلى جواري.

ومنذ أن وجدت الحروب والجواري تحسب من غنائمها.

وكانت الغنائم تُجلب للخليفة ويقتسمها بين أعوانه ويحوز منها ما يريد، وحتى في زمن الخلفاء الراشدين كان هناك غنائم فيها جواري، وبعضهم توفى وترك عدد من الجواري.

ومعظم الخلفاء لديهم عدد من الجواري لا يتجاوز عددهن العشرة في أحسن الأحوال، بل أن معظمهم تستولي عليه جارية وتتملكه بالتمام.

أما القول بوجود جواري بالآلاف فهذا من الأكاذيب المتخيلة والقصص المتصورة، وكأن الجواري موجودات كالأشياء الجامدة، والذي يروي هذه الأضاليل يتناسى أن لا يوجد قصر يستوعب آلاف الجواري، ويمكنه أن يتكلف بمعيشتهن وزينتهن وحاجاتهن الأخرى.

بل البعض يقولها بسذاجة أن الخليفة الفلاني كانت عنده (12) ألف جارية، وذاك (4) آلاف، وهذه أهدت مئة جارية لفلان!!

إنها تصورات، وتخيلات لا تتوافق مع أبسط البديهيات السلوكية والفسيولوجية، فهل يصدق أن هذه الأعداد الهائلة من الشابات قد تم تكديسهن في مكان ما أو عنبر أو معسكر، أما القول بتواجدهن في قصور الخلافة، فضرب من الهذيان.

فكيف يتم إطعامهن، وإعاشتهن وقضاء حاجتهن؟!!

ألا تساءل الذين يطلقون هذه الإفتراءات المتصورة، والتي ترسخت بالتكرار المشين؟!!

نعم هناك جواري في قصور الخلفاء وذوي السلطان، ولكن بأعداد معقولة.

أما القول بالمئات والآلاف فهو أفك مبين، ولا توجد أدلة تؤكد هذه التقولات والتصورات الفنتازية، التي ترضي رغبات دفينة ومكبوتة.

فهل من عقل مبي؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الإسلام الملهم في دياجير الأخطاء أخبر قبيلة الأباء بالكيفية التى ينبغى أن ينتهجوها في تربية الأبناء حتى يحجزوا فلذات أكبادهم عن النار ويقيموهم على سبيل الأخيار، فلقن الأباء أن يعززوا الدين في دواخل أولادهم ويؤصلوه في تركيب فطرتهم حتى ييأس الشيطان من زواله وانتزاعه، وأوضح لهم أن من يتفانى في تربية أبنائه ويتصدى لمعالجة العيوب والمآخذ التى تعترى سلوك عياله ويسخر لهم الحياة الهانئة الوادعة وينوء بهم عن قبح القالة وسوء الجهالة كانوا له ستراً وحجاباً من النار خاصة، وكما قال الرسول الكريم : " من ابتلى بشئ من هذه البنات فأحسن صحبتهن كن له ستراً من النار " كما قال أفضل من وطئت أقدامه الثرى صلوات الله وسلامه عليه فالبنت بالطبع تحتاج إلى الكثير من الرعاية والعناية أكثر مما يحتاجه الذكر، ونجد أن تربية الأبناء تربية سديدة تضاهى التصدق والإنفاق في سبيل الله فالنبى عليه الصلاة والسلام جعل تأديب الأبن في مرتبة أعلى من الصدقة فقد قال خير من تفوه بكلام: " لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع ".

ولعل تربية وتأديب الصغار تحتاج إلى شئ من الضرب الطفيف الذى لا مناص منه لقصور إدراك الصغير وتعنته في الكثير الغالب وعدم طاعته لوالديه الأمر الذى يستوجب ضربه حتى يعى أعوجاجه وهو أمر رخص الإسلام فيه فقد حثّ خير من صاغه الله عدم ولاة الأمور على تعويد أطفالهم الذين لم يشارفوا الإحتلام المداومة على الصلوات والحفاظ عليها فقال:

"مروا صبيانكم بالصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع".

و"هذا التأديب المشروع في حق الصبى لتموينه على الصلاة كى يألفها ويعتادها ولا يتركها عند البلوغ". ولعل الحقيقة التى لا يمارى فيها أحد أن تهذيب الأباء لأبنائهم والذى يعد واجباً عليهم لينشأوا نشأة صالحة يقتضى الضرب الذى لا يؤدى إلى تلف أو اعاقة ولا يسع الأب أن يترك صغيره يفعل ما يحلو له دون تقويمه وتهذيبه لأنه مكلف بذلك شرعاً بل تعد تنشئته على مكارم الأخلاق والتزام حوزة الدين من صميم واجباته نحوه وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ولكن الشئ الذى يجب أن نوضحه ونجليه ثم نؤكد عليه أن ضرب الأبناء وعقابهم ينبغى ألا يتنكب حدود الضرب المشروع من وجهين: من حيث قدره ومن حيث الغرض منه.

فأما عن قدره فلا يجوز أن يتجاوز الثلاث وألا يكون بغير اليد كالسوط والعصا وأن تتقى به المواضع المخوفة من الجسم كالرأس والوجه وألا يكون فاحشاً والفاحش من الضرب هو الذى يكسر العظام أو يمزق الجلد،

وأما عن الغرض من الضرب فيجب أن يكون مقصوداً به التأديب أو التعليم وإلا كان غير مشروع.

***

د. الطيب النقر

 

كان بنيامين نتنياهو قد اتُهِم بقضايا فساد زجّت به في هوّة قانونية عميقة. ومن هذه القضايا ما تناولته وسائل الإعلام مثل تلقي زوجته "سارة" هدايا باهظة الثمن، واستغلاله لمنصبه بهدف تحقيق مصالح خاصة به وتقديم رشاوى لصحف ومواقع إخبارية لنقل أخبار إيجابية عنه وعن زوجته.

غير أن قانون التنحي الذي جاء لحماية نتنياهو من عواقب انتهاكاته المحتملة لاتفاق تضارب المصالح الذي وقعه عام ٢٠٢٠ للسماح له بتولي منصب رئيس الوزراء أثناء محاكمته بتهم الفساد، والذي ينص على أن هناك طريقتين فقط لإقالة رئيس وزراء من منصبه. الطريقة الأولى إبلاغ الكنيست بتنحيه، وقد رفض نتنياهو جميع المطالبات باستقالته.

أما الطريقة الثانية فتتم بعزله من خلال تصويت ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الوزراء على أن يتم تأييد القرار بأغلبية تتألف من ٩٠ عضوا في الكنيست. وهنا قال حلفاء لنتنياهو في الكنيست أنهم يسعون لمنحه حصانة برلمانية من الملاحقة القضائية.

وبهذا يكون هذا القانون قد أعطاه فرصة البقاء في الحكم حتى بداية الدورة المقبلة للكنيست.

وقد شهدت على إثر تلك الخطط المثيرة للجدل بهدف إضعاف القضاء من قبل الإئتلاف الحكومي الديني اليميني المتطرف بزعامة نتنياهو مدينتي "تل أبيب" وحيفا تظاهرات احتجاجا على تلك الخطط. إلا أنه وبعد عملية ٧/أكتوبر تم تعليق هذه التظاهرات وانقلبت منذ بداية حربه على غزة إلى تظاهرات تطالب بإعادة الرهائن لدى حركة حماس، حيث خرج آلاف من المتظاهرين في دولة الاحتلال إلى شوارع "تل أبيب" وغيرها من المدن للمطالبة باستقالة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة بسبب إخفاقه في إعادة الرهائن، بالإضافة إلى فشله في التعامل مع الحرب.

غير أن نتنياهو الذي يعتمد مستقبله السياسي على نتيجة الحرب، لم يكترث بالدعوات المتزايدة للمتظاهرين والتي تطالبه بالاستقالة وأنه سيواصل الحرب حتى النصر وأن لا أحد يستطيع منعه من القتال حتى تحقيق أهدافه.

فهل ما يقوم به نتنياهو بالفعل من إطالة للحرب وارتكاب مئات المجازر وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة هو من أجل البقاء في الحكم لأنه يعلم أنه وبمجرد إنهاء الحرب تنتهي مسيرته السياسية؟ وأن ما اتهمه به بعض السياسيين في دولة الاحتلال بانه يريد جر الشرق الأوسط إلى الحرب من أجل البقاء في السلطة هو اتهام صحيح؟.

***

بديعة النعيمي

بات من المنطقي جداً أن زيارة أي رئيس وزراء عراقي الى الولايات المتحدة الامريكية تعني قبولاً بالواقع السياسي الجديد للعراق،وعلى واشنطن أن تتعامل مع هذا الواقع ليس وفق رغبتها فحسب بل هو إرادة سياسية عبرت عن صوت الشارع العراقي والذي جاء عبر صناديق الاقتراع،بالمقابل يدرك السيد السوداني أن زيارته إذا لم يكن مرحب بها في البيت الابيض،فهذا يعني أنه سيواجه عقبات كبيرة في سيرته وعمله السياسي والتنفيذ،لذلك بالفعل كانت الزيارة لافتة ومهمة وحظيت باهتمام كبير من قبل الادارة الامريكية، من حيث الاستقبال والاهمية،إذ ترأس فيها السيد السوداني وفداً مهماً كان فيها على رأس طاولة المفاوضات.

الزيارة الى الولايات المتحدة التي تستغرق أسبوعاً واحداً تضم لقاءً مع الرئيس الامريكي جو بادين في 15 من نيسان الجاري،وعقد جلسات جانبية مع كبرى الشركات الامريكية بالاضافة الى اللقاءات مع الجالية العراقية في أميركا،وسيركز الوفد على مناقشة العلاقة بين بغداد وواشنطن وتفعيل دور الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين وعلى الوجود العسكري الامريكي في العراق،بالاضافة الى ملفات أخرى كالعقوبات على المصارف العراقية والعلاقات الاقتصادية والامنية والثقافية،لذلك فان القوى السياسية العراقية تنظر الى هذه الزيارة بعين الحذر لان نجاحها يعني انتقال العراق من مرحلة الى مرحلة جديدة،خصوصاً مع وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق،أو الاتفاق على الخطوط العريضة لمهمة القوات الامريكية القادمة،كما من المتوقع سيكون هناك رفع للعقوبات على بعض المصارف العراقية المدرجة في القائمة السوداء الامريكية،بالمقابل فأن واشنطن تنظر الى الزيارة على انها خطوة إستراتيجية في وضع العراق على طريق الاستقرار السياسي،خصوصاً مع الاستقرار الامني في البلاد والذي انعكس بصورة إيجابية على الوضع السياسي وتفعيل نلف الاستثمار والمشاريع العمرانية الكبرى،وربما سيكون دافع لواشنطن باتجاه تشجيع الشركات الامريكية على الدخول الى السوق العراقية خصوصاً في مجال الطاقة والكهرباء والبنى التحتية الاخرى،وهذا ما تعمل عليه بغداد لتكون نقطة توازن وتهدئة في منطقة الشرق الاوسط ولجميع الاطراف الاقليمية والدولية.

تنظر واشنطن للسيد السوداني على انه شخصية سياسية تجسد واقع وأحلام وتطلعات الشعب العراقي،ويبدو أنه نجح الى حد ما داخلياً ويريد أن يتفوق أقليمياً ودولياً ويثبت نجاحه في هذه الملفات المعقدة،ويعيد ثقة المجتمع الدولي بالعراق الجديد ويعكس واقع الديمقراطية المنتجة التي استطاعت أن تضع مبدأ التبادل السلمي للسلطة بعد سنوات من التفرد والظلم والديكتاتورية،وعكس صورة معقولة للحكم في العراق،ويحاول الآن أن يصل الى الشبكات المعقدة للعلاقات الدولية بشكل عام والتي منها الولايات المتحدة الامريكية،لذلك يدرك السيد السوداني أن زيارته فيها الكثير من المحطات المهمة وأن يعمل جاهداً من أجل عكس صورة جيدة للحكم وللديمقراطية في البلاد.

الزيارة ستحقق هدفاً ومرحلة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن،والتي بالتأكيد ستكون الداعم لسيادة العراق واستقلالية قراره السياسي والسيادي،والتأكيد على أبعاده عن أي صراع محتمل في المنطقة خصوصاً في ظل الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل وبتدخل مباشر مع المجتمع الدولي،لذلك يدرك الجميع سواءً القوى السياسية أو حكومة السيد السوداني أن هناك عمل مضني ومهم ينتظرها في إبعاد العراق من أن تكون أرضه ساحة حرباً للآخرين بل على العكس ان يكون طاولة للحوار وتقريب وجهات النظر ين جميع الاطراق المتصارعة،كما على الحكومة العراقية فتح ملف علاقات العراق مع العالم والبدء بأطلاق رسائل المطمئنة بأن العراق بدأ يتعافى وقادر على اتخاذ قراراه بنفسه بعيداً عن أي تأثير داخلي أو خارجي ممكن أن يؤثر على استقلالية العراق السياسي والسيادي.

***

محمد حسن الساعدي

مقدمة: عدد سكان العراق ومساحته أكبر ب4 إلى 5 مرات عدد سكان ومساحة الأردن، ويشترك البلدان بحدود طويلة تقدر بـ 181 كيلومتراً.

 وهذا يعني أن أي مشاكل في العراق لها انعكاسات على الوضع الأمني والاقتصادي في الأردن، أما الشيعة في العراق فهم أغلبية السكان والحكام الرسميين والفعليين للبلاد منذ عقدين، وكانوا المكون الأساسي في تشكيل الحكومات في بغداد منذ عام/2003.

 هذا يعني أن أية علاقات مع العراق هي علاقات مع الشيعة وهذا ما يدركه العاهل الأردني الذي كان أول رئيس دولة عربي يزور العراق بعد سقوط نظام صدام حسين المجيد عام/ 2003.

أولا : الجانب الأمني

الأردن لديها مصالح كثيرة مع العراق. من الناحية الأمنية يعتبر الإرهابيين السنة الموالين لداعش هم الخطر الرئيسي الذي يهدد استقرار الدولة الأردنية. كان أبو مصعب الزرقاوي، زعيم الجهاديين المتطرفين والمؤسس الفعلي لداعش من حملة الجنسية الأردنية وسعى إلى الإطاحة بالملك. وفي الوقت نفسه شن هجمات إرهابية وحشية ضد الشيعة في العراق. هذا جعل حكومة بغداد التي يقودها الشيعة والمدعومة من الولايات المتحدة حليفاً طبيعياً الأردن ضد الجهاديين. لهذا السبب ساعدت الأردن الولايات المتحدة في تدريب قوات الأمن العراقية ووقعت عدة اتفاقيات أمنية مع العراق.

 لقد خدم ذلك مصلحتين للأردن:

الأولى: دعم العراق ضد الجهاديين الذين يشكلون تهديدا مشتركا لكلا البلدين.

 الثانية: دعم الجهود الأمريكية في العراق وهو ما يخدم الأردن في علاقاتها مع واشنطن التي تسعى عمان إلى كسبها في القضية الفلسطينية التي تعتبر أساسية بالنسبة للأردن.

أما بالنسبة للمعارضة السورية، فكونها "سنية" لا يعني أنها ستتلقى دعماً مجانياً فقط بسبب المذهب الديني الذي تنتمي إليه، إذا كانت الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق شريكاً أمنياً واقتصاديا للأردن فماذا تكون المعارضة السورية ؟ .

في أحسن الأحوال كانت المعارضة السورية تحارب ضد بعض الجماعات الإرهابية مثل داعش، ولكن في أسوء الأحوال كانت فصائل من المعارضة نفسها يهيمن عليها الجهاديين المتطرفين مثل جبهة النصرة وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وغيرها.

لم تكن الأردن داعماً للمعارضة السورية بسب علاقتها القوية مع نظام (بشار الأسد) قبل عام / 2011 والمخاطر الأمنية والإقتصادية التي كان لها تداعيات على الوضع الاردني، وكان ضغط الدول الداعمة للمعارضة مثل السعودية هو الذي دفع الأردن للتورط بها، إلا أنها عملت على تحسين علاقتها مع دمشق بمجرد أن رفعت السعودية يدها عن المعارضة، بمعنى آخر كانت علاقة الأردن مع المعارضة مجرد تكتيك لاسترضاء الرياض ولا تمثل وجهة النظر الأردنية الحقيقية.

كما أحدثت مشاركة الأردن، مساء السبت 13 أبريل، نيسان / 2024، في التصدي لمسيرات وصواريخ أطلقتها إيران عبر الأراضي الأردنية باتجاه إسرائيل، حالة من الجدل والانقسام بين مواطنيها على منصات التواصل الاجتماعي.

وطرح مستخدمو تويتر العديد من الأسئلة، منها : لماذا شارك الأردن في الرد؟ لماذا لم يسمح للمسيرة بالمرور عبر إسرائيل؟ عدا عن التساؤلات الكثيرة التي تم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وقال أحد المدونين إنه بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ارتكب الأردن خطأ استراتيجيا آخر، لقد كان من الخطأ فتح طرق برية للإمدادات إلى إسرائيل، وكان من الخطأ قمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وكان من الخطأ تعبئة الدفاعات الجوية لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية التي لم تكن تستهدفهم.

ثانياً : المصالح الاقتصادية والسياسية

أما من الناحية الاقتصادية فالعراق هو من أكبر منتجي النفط، وعلاقات أفضل مع حكومته تخدم المصالح الاقتصادية للأردن، ولتقليل اعتماد عمان على مساعدات دول الخليج العربي، بينما يساعد ذلك بغداد في تصدير نفطها من طرق مختلفة وتجنب الاعتماد على طريق مضيق هرمز في الخليج. ويساعد العراق أيضا في الابتعاد عن تهديد إيران التي تعتمد الابتزاز في منطقة الخليج وتهدد بعرقلة الملاحة وإغلاق مضيق هرمز.

 حينما هددت إيران بغلق مضيق هرمز في تموز، يوليو/ 2012 رد المتحدث بأسم الحكومة العراقية بان ذلك سيضر العراق، وطلب من إيران عدم القيام بهذه الخطوة، كان هذا في وقت سعت فيه بغداد إلى مد أنبوب عبر الأردن لتصدير نفطها بالاتجاه الآخر.

المصالح الاقتصادية والسياسية  بين العراق والأردن تقلل بشكل كبير من أهمية الطائفة التي تحكم أي من البلدين، تاريخياً كان المذهب الشيعي يمثل الموالين للسلالة الهاشمية التي ينحدر منها الملك (عبد الله الثاني)  وكانت الثورة التي قادها رجال الدين والقبائل الشيعة في العراق عام / 1920 هي التي جاءت بالهاشميين للحكم في بغداد حينما أعلن معظم الشيعة ولائهم لهم، وكان جد رئيس الوزراء العراقي الأسبق (نوري المالكي) هو أحد أولئك الذين دعموا حكم السلالة الهاشمية في العراق.

***

شاكر عبد موسى/ كاتب وأعلامي

 

عيون الحياة أصابها الرمد، وبعضها فُقِأت بحراب التداعيات المتوافدة من كل فج عميق، حتى لتجدنا في صندوق أظلم يتسرب إليه الضوء بصعوبة فائقة.

العيون لا ترى، إنها بوابات شرور عليها أن تغلق.

قال ذلك المجنون الذي إقتلع عينه اليسرى، بإصبع سبابة يده اليمنى.

إنها نافذة أخطار عليها أن تغلق!!

وما أشبه السلوكيات المؤدينة بما يراه المجانين ويتوهمونه ويخضعون لإرادته الملعونة.

المؤدينون تأكلهم أوهامهم  السيئة، وتقودهم إلى إرتكاب المآثم والخطايا الفظيعة، المبررة بتأويلات أهوائية، تتحدث عن الباطن السقيم، وتنكر الظاهر المستقيم .

إنها لعبة إفتراس البشر للبشر بأسنان الدين التي كشرت وتأهبت للنهش الشديد.

كيف يتحول الدين إلى وحش كاسر، ولماذا لا ترغب الدنيا بصناعة الخير، وتنحدر إلى سوح الشرور والمساوئ بإندفاعية فائقة.

إنها أزمة أخلاقية تعصف في أرجاء الحياة وتطلق ما فيها من المطمورات الخطيرة اللازمة، لتأمين دوران نواعير الويلات العظيمة في سواقي الوجود المنكوب بترابه وأترابه!!

فالدنيا على شفا حفرة الوعيد النووي السقري الإنجاز، ويدير سفينة البشرية أناس تخشبت نفوسهم وتبلدت عقولهم، وتمكنت منهم أمّارات السوء التي فيهم.

والجحيم الأرضي بحاجة لفرد مأفون يكتنفه الجنون وفي لحظة غفلة وسفه يضغط على زر المأساة الكبرى، ويعلن بداية الفانية وما أدراك ما هي!!

إنها إرادة الموازين التي تفرض سطوتها على الموجودات، وتتواصل مع نوازع وتطلعات الدوران، التي تعيد تصنيع الحالات من عناصرها الخامدات، فلا بد أن يعود كل شيئ إلى رماد، لتبدأ رحلة التشظي والوعيد من جديد.

فهل نسي الإنسان نفسه؟

و"ألا كل شيئ ما خلا الله باطل...وكل نعيم لا محالة زائل"!!

***

د. صادق السامرائي

لا تسمحوا بهذه الجريمة.. أردوغان في بغداد الاثنين القادم بهدف انتزاع موافقة الحكومة العراقية على مبادلة مياهنا المحجوزة خلف سدود تركيا بضمان تدفق النفظ والغاز  شبه المجاني من العراق الى تركيا...يقول الخبر: "قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر إن أردوغان سيجري زيارة رسمية إلى العراق، وإنّ بغداد وأنقرة قد توقّعان "اتفاقية استراتيجية" الإثنين على هامش الزيارة. وكان أردوغان، قد أكد في وقت سابق من اليوم، أن قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته للعراق، وأن تركيا تدرس طلبات تقدم بها الجانب العراقي بخصوص المياه، مردفاً بالقول: "هم يريدون منا حلها وستكون خطواتنا بهذا الاتجاه، وهناك أيضاً قضايا تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا، وسنسعى إلى معالجتها أيضًا".

هذا ما حذرنا من حدوثه قبل أكثر من ربع قرن وقلنا ان تركيا ستبيعنا مياه أنهارنا بأموال نفطنا وغازنا تطبيقا لمقولة الرئيس التركي الأسبق توركت أوزال (لقد أعطى اللهُ النفطَ للعرب والمياه للاتراك، ومن حقنا ان نقايض مياهنا بنفطهم"!

هل تعرفون ماذا يعني ذلك لو حدث ووافقت حكومة الفساد و الطائفية على هذا الابتزاز التركي؟ انه يعني خسارة أنهارنا الى الأبد ورهن ثرواتنا النفطية والغازية لتركيا تتحكم بها، وهكذا سنشتري مياهنا بنقود نفطنا..وماذا سيحدث حين ينفد النفط وينتهي الغاز؟ سيزول العراق وانهاره من الوجود سيبوء حكام العراق اليوم ومراجعهم وحماتهم  بالعار الأبدي...لقد فشل العراق في عقد اتفاقية دولية للتقاسم العادل لمياه الرافدين بموجبةالقانون الدولي بين الدول المتشائطة وفرَّط بما لديه من أوراق قوة هائلة منها تبادل تجاري وحيد الطرف والبالغ عشرين مليار دولار سنويا مع تركيا ولم يهدد مجرد تهديد ولو تلميحا بوقف هذا التبادل وهو عبارة عن استيراد بنسبة تفوق 95 بالمائة. كما فرَّط بورقة تدويل مشكلة المياه وتقديم شكوى للمحاكم والمؤسسات الدولية!

لقد دخلنا منطقة الخطر الشديد والعرق والرافدين في خطر ونحن نعيش على الامطار القليلة منذ أعوام.. يجب منع توقيع الاتفاقية الابتزازية التي يريدها اردوغان وسيوافق عليها الفاسدون في حكم الطائفية السياسية فهؤلاء لايهمهم العراق وانهاره ونخيله ونفطه بل يريدون أن يظلوا حكاما حتى لو حكموا قطيعا من الماعز في البرية ليلطموا فيها براحتهم وسيتولى اردوغان تزويدهم ببعض مياه الشرب!

أختم بالتذكير بما قاله الراحل هادي العلوي مؤسس "لجنة الدفاع عن الرافدين" في تسعينات القرن الماضي، قال: إذا سمح العراقيون بجفاف وزوال دجلة والفرات فسيكونون أهون على الله من بعوض المستنقعات"!

***

علا اللامي – كاتب عراقي

.............................

* رابط يوثق الخبر:

https://shafaq.com/ar/%D8%B3%DB%8C%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84

بعيد الاطاحة بالنظام، تم وضع البلاد تحت الوصاية (الفصل السابع)، حلت الفوضى الامنية بالبلاد، الامم المتحدة وكعادتها تحاول التغطية على اعمال الدول الكبرى، ترسل المبعوث تلو الاخر لأجل التقريب بين وجهات نظر الاطراف المحلية المتصارعة على السلطة، وهذه الاطراف تقوم بمؤازرتها القوى الدولية التي اشتركت في العدوان على البلاد، كل المتدخلين كانت لهم مصالحهم الخاصة لأجل اقتسام غنائم الحرب.

ضمت تشكيلة المبعوثين مختلف الاعراق والاديان والمذاهب، جميعهم اعلنوا فشلهم وعدم قدرتهم على حل الازمة، بعضهم حاول الاقتراب من قول الحقيقة وهي ان الامم المتحدة لا تريد صراحة المساعدة في حل الازمة بل استمرارها بخطى بطيئة (ستاتيكو) لـ(تتم) الطبخة على نار هادئة، جلسات الحوار بين الافرقاء كانت تتم في الخارج وفواتير الاقامة والاعاشة والتنقل والبهرجة الاعلامية بالطبع تحمل على الخزينة العامة الليبية.

رغم ان هناك حظر اممي على توريد الاسلحة الى ليبيا، الا ان تدفقها وبكثافة يتم على مرأى ومسمع العالم وان (ايريني) المكلفة تنفيذ الحظر على الاسلحة ومنع تهريب النفط مجرد هيئة اممي لإهدار المال العام ولم تفعل شيئا بخصوص التجاوزات في تدفق الاسلحة لان مصدرها دول كبرى واقليمية لها مصلحة في الابقاء على الازمة الليبية من خلال بيع الاسلحة ومختلف انواع السلع التي تغزو السوق الليبي.  

باثيلي تاسع مبعوث اممي الى ليبيا يقدم استقالته بعد ان امضى قرابة العام ونصف العام، في خطاب الاستقالة او بالأحرى اعلان فشل مهمته، انحى باللائمة على الجهات الليبية الفاعلة وانها تفتقر الى الارادة السياسية التي تغلّب مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية وذكرها بالاسم أي انهم يريدون للازمة ان تستمر. ان ظاهرة تشكيل مجالس عليا لبعض القبائل والاعراق بالبلاد (الالتجاء الى الحضن الاجتماعي) تدل على ان الشعب قد فقد ثقته في رموز الحكم وان الدولة المدنية مجرد شعار يتخذه الفاسدين شعارا لبقائهم .

 نجزم ان السيد باثيلي ساهم في فشل الحوار الذي كان يمكن ان يقود الى الحلحلة بإبعاده حكومة شرق البلاد المشكلة من قبل البرلمان واكتفى بدعوة حكومة الدبيبة باعتبارها معترف بها من قبل المجتمع الدولي الامر الذي مجلس النواب والقيادة العامة للجيش الليبي يطالبون بدعوة الحكومة المشكلة من البرلمان او استبعاد حكومة الدبيبة من الحوار لكن يبدو ان السيد باثيلي لم يستطع مقاومة نفوذ القوى الخارجية المتدخلة في الشأن الليبي، وبالتالي فان تحركاته المكوكية واجتماعه بمختلف القوى الفاعلة (الداخلية والخارجية) لم تثمر شيئا وان استقالته كانت جد متوقعة حيث ان بعض الاطراف المحلية وصفته بانه غير محايد وطالبت باستقالته منذ مدة.  

الوضع الامني في غرب البلاد سيئ جدا، حيث الاقتتال بين التشكيلات المسلحة يأخذ طابعا اجراميا، وقد حاول الدبيبة تهدئة الامور من خلال ارضاء تلك التشكيلات بالمال العام، ولكن يبدو ان الامور لم تعد تحت السيطرة، وهناك اعادة اصطفاف وتموضع للميليشيات ما يشيء باندلاع الاقتتال، مايسمى بالجيش الوطني الذي يتبع رئيس المجلس الرئاسي (القائد الاعلى للقوات المسلحة) في غرب البلاد غير قادر على التدخل، لأنه الحلقة الاضعف في الصراع من حيث العتاد وسوء القيادة.

كلنا نعلم ان المجلس الرئاسي الحالي وحكومة الدبيبة قد فازوا من خلال تقديم الرشاوي لبعض اعضاء لجنة الـ75 وقد بدا بعض الناشطين السياسيين في تقديم الأدلة وذكر بعض الاسماء والمبالغ التي تقاضاها كل منهم، كذلك المناصب الدبلوماسية التي يتولونها نظير بيع ضمائرهم!؟.  

أمريكا تريد ان تحارب روسيا والعمل على تقليص نفوذها في افريقيا الذي بدأ يتنامى وقد تكون ليبيا هي ساحة الصراع الرئيسية، ليبيا تسير أكثر فأكثر على الطريق نحو فقدان سيادتها، وربما تشرذمها.

والسؤال هل يتم تنصيب مبعوث جديد وتستمر المعاناة؟ ام يكون هناك راي اخر للقوى الوطنية (عسكرية ومدنية) للخروج من النفق المظلم؟

***

ميلاد عمر المزوغي

 

لطالما ورطت دولة الاحتلال نفسها في حروب لم تعد عليها سوى بالخراب. مثال على ذلك، الحرب على لبنان ٢٠٠٦. وقد أطلقت بالفعل اسم "ورطة" على تلك الحرب التي دمر الجيش خلالها معظم البنية التحتية للضاحية الجنوبية وارتكب المجازر ،وخلّفت قرابة المليون نازح.

أما دولة الاحتلال فقد تكبدت خسائر يومية قدرت وقتها بعشرات الملايين.

وقد أثبتت هذه الحرب أن اقتصاد دولة الاحتلال لا يحتمل حرب استنزاف طويلة الأمد وذلك لهشاشته.

وكما جلب الغوص في وحل لبنان المشكلات ل "مناحيم بيغن" عام ٨٢، جلب المشكلات ل "إيهود أولمرت" عام ٢٠٠٦. واليوم غزة لا تختلف عن لبنان، غير أن الوحل كان أشد عمقا وأكثر لزوجة. ونتنياهو أدخل نفسه وجيشه بمشكلات وحرب استنزاف ستأتي على الدولة.

وكما دخل "أولمرت" عام ٢٠٠٦ لبنان بغطرسة الحرب ووهم القوة دون تفكير في العواقب وخرج منها مذلولا، سيخرج نتنياهو الذي دخل أيضا بنفس الغطرسة ووهم القوة.

والضربات التي تعرضت لها دولة الاحتلال عام ٢٠٠٦ بعد تورطها في لبنان من حيث الخسائر وشل الجبهة الداخلية وتحويل مئات الآلاف من اليهود إلى لاجئين وانكسار أسطورة الجيش الذي لا يقهر وهجرة الآلاف من سكان الدولة المهترئة إلى خارجها، اليوم في غزة تتعرض وبشكل أقوى لضربات تسير بها نحو الهاوية.

فدخول غزة ٢٠٢٣ هو الورطة الأشد منذ قيامها. ويعتبر تهورا من طرف "بنيامين نتنياهو". فقد دخلها دون تفكير بطريقة للخروج منها، معتقدا أنها لقمة سائغة، فكان التقليل من حماس وقدراتها خطأ فادحا وتورطا في كارثة إنسانية غير مسبوقة. وها هي غزة شوكة عالقة في حلقه. فلا هو قادر على لفظها ولا على ابتلاعها. فجيشه المستنزف عالق بين الركام الذي خلفته آلته الهمجية، يغرق في أنهار من الدماء البريئة دون أن يعرف كيف يخرج منها. ومع ذلك لا زال "نتنياهو" يتبجح بانتصاراته في غزة وأن جيشه متفوق في نواح كثيرة. ونسي كيف يفرق بين الخيال والأحلام التي يتمناها وبين الواقع والحقيقة التي يرفض الاعتراف بها.

غير أن هذه الحرب وقد دخلت شهرها السابع أثبتت صمود المقاومة الفلسطينية وبالمقابل ضعف جيش الاحتلال. كما كشفت عن حجم الورطة التي تورطت بها دولة الاحتلال والأزمة الاستراتيجية التي دخلتها دون القدرة على إيجاد مخرج سياسي لحفظ ماء الوجه لها.

***

بديعة النعيمي

 

كما هي عادتنا كل سنة خلال اليومين الأخيرين من كل رمضان، نترقب العيد.. والبعض منا يترقب الهلال وكأنما العيد إفراج من عقاب رباني بالامتناع عن الأكل والشراب.. بينما الأجدر أن تكون فرحتنا بالعيد لأننا أتممنا صيامنا طوال الشهر الفضيل على خير وجه.. فالعيد لا يستحقه إلا من صام الشهر كاملاً وأتم فيها الصلوات والنوافل، وأمتنع عن كل المنغصات التي تجرح العبادة الحقة وكفّ عن المنهيات التي تنهينا عنها العقيدة والدين الحنيف والأعراف.. فالعيد لا يستحقه إلا من مارس واتّبع حيثيات التجربة الرمضانية بكل جوانبها وكف عن كل الموبقات بيده ولسانه وقلبه!

فهناك بيننا العشرات ممن لا يصومون في رمضان بالذات عن زلات الكلام في أعراض الناس وقبيح العبارات.. ولا يحفظون ألسنتهم عن التأفف والشكوى بداعي الجوع والعطش طوال النهار.. وإذا أقبل الليل، ينسون كل ما يتعلق بدروس الصيام ويتقولون ويفعلون ويمارسون من التصرفات أسوأها.. ومن الصائمين بشر نراهم لا ينجزون أعمالهم الوظيفية بعذر تعب الصيام، ويسرقون من أوقات العمل بعذر الصلاة أو بحجة الإجهاد.. ونجد الكثيرين منهم يقودون سياراتهم بجنون وحماقة ويزعجون خلق الله في الطرقات ليلحقوا على مواعيد الصلاة في المسجد مثلاً وكأنهم هم فقط من العباد الصائمين.. وآخرون ممن يسابقون الريح ويكسرون كل القوانين المرورية فقط ليلحقوا على الإفطار الدسم في المنزل.. يقودون سياراتهم وكأنها دبابات عسكرية بطريقة هوجاء ويزعجون خلق الله ويعرضون أنفسهم وغيرهم لأخطار الحوادث وكأنهم إن تأخروا دقائق معدودة سينهارون من الجوع والعطش!!

و من الصائمين من تتعكر أمزجتهم بحجة الصيام، وتتسم كافة تصرفاتهم بغوغائية لا عذر لها بحجة الجوع والعطش والامتناع عن ملذات الدنيا في سويعات النهار، وكأن شهر رمضان شهر عذاب ونقمة، بينما هو شهر فضل ونعمة.  فترونهم مكفهري الوجوه، واجمين، مسعورين، يتطاير الشرر من جباههم، فقط لأنهم صائمين وممتنعين عن الأكل أو التدخين.. فأي صوم محسوب في ميزان حسنتاهم؟  أينهم هؤلاء من أفضال رمضان وحسناتها وخيراتها ودروسها الربانية؟  والغريب في الأمر أن أمثال هؤلاء هم أكثر الناس شوقاً للعيد.. والعيد ليس لهم ولا من حقهم.. بل هم في شوق للعودة لممارساتهم الموبوءة التي هم بالكاد كفوا عنها في رمضان.. بل ربما كفوا عن بعض سيئات الأمور ومن ثم تمادوا في ممارسات شتى من تلك التصرفات المذكورة سابقاً دون وازع من إيمان.

و الأغرب أن البعض ممن لا يصومون أصلاً وربما لا يمارسون من متطلبات الدين قيد أنملة، وتراهم يترقبون انتهاء الشهر فقط لأنهم منعوا أنفسهم من المجاهرة بالأكل والشرب والتدخين.. بل وكلنا نعرف أشخاصاً يقضون السنة كاملة في السفر في تلك البلاد المعروفة بممارساتها المشبوهة، ويتعاطون الخمور ويمارسون كافة أشكال الموبقات والمحرمات، ثم يعودن لأوطانهم في الشهر الفضيل بحجة أن رمضان أحلى مع الأهل.. وجل استمتاعهم بالشهر الفضيل محصور في السهر في المقاهي والبوفيهات الفارهة والشيشة والمسلسلات التلفزيونية.. بينما يقضون نهارهم في النوم حتى موعد الإفطار.. عن أي رمضان يتحدث هؤلاء؟  وأي حق لهؤلاء في الاحتفال بعيد الفطر مع عامة المسلمين؟

يمكنني سرد مناقب الشهر الكريم في مجلدات، وأغلبنا ليس بغافل عنها في عالمنا الإسلامي.. ولكنني هنا سأركز على مقتطفات عن الأمور الحياتية المستحبة في هذا الشهر الفضيل لعلها تنفع البعض ممن لا يعطيها حقها في ممارساته خلال هذا الشهر من السنة.. فبحسب الموقع الإلكتروني "موضوع" في هذا الشأن، ومن منظور دنيوي بحت، ربما يكون من أهم النقاط المستحبة التي يجب أن يمارسها كل فرد منا هو محاولة جادة وصادقة لتغيير العادات بشكل عام.. ففي رمضان تكمن فرصة تغيير العادات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية، كالسهر الطويل ليلاً والنوم كثيراً في النهار.. ففي رمضان يسهل تحديد جدول يومي والانتظام والالتزام به في هذا الشهر وما بعده ليصبح نظاماً واضحاً وعادة صحية ونمطاً للسلوك المنضبط الواعي.

و أيضاً يجب أن يساعدنا رمضان على تعلّم الصبر.. فمن يصبر على الجوع والعطش يستطيع الصبر على الأمور الأخرى التي تحتاج وقت انتظار.. والصبر خصلة مهمة يجب على الجميع أن يتحلّى بها لأنها تعين الإنسان على مجابهة صعاب الحياة ومشاكلها.. ويعلمنا رمضان التحكم في الأهواء وكسر شهوات النفس.. حيث كرم الله الإنسان بالتحكم في شهوة الجسد واللسان والعين والأذن، وباقي الجوارح.. لذا على المسلم بشكل عام والصائم بشكل خاص الامتناع عن السب والشتم وسوء الخلق كامتناعه عن الطعام والشراب، والحاجات الجسدية، وغضّ البصر، وكفّ الأذى، وتجنّب الإصغاء إلى المُحرّمات.. والكف عن مجالسة أصدقاء السوء وإضاعة الوقت فيما لا ينفع.

و صيام رمضان فرصة لتطهير النفوس من الضغينة.. فيُنقّي المسلم نفسه من الأحقاد والخصومات السابقة طمعاً بالأجر والمغفرة، فيسامح من أخطأ بحقه، ويعتذر ممن تسبّب لهم بالأذى، فتصفو النفوس، وتزول الخطايا، وتسود المحبة بين أفراد المجتمع في حال الاستمرار على هذا الأمر حتى بعد انتهاء شهر رمضان.. ومن الجمائل في ساعات النهار الإقبال على العلم والقراءة.. وأول العلم القرآن الكريم، لذا هي فرصة لكل مسلم "بمدارسة" القرآن لتُفتح له أبواب العلم كاملة، من مدارك لغوية، وشرعية، وعلمية، وعقلية ونفسية.. فيقبل المسلم على التعلم والاستزادة في العلم ليفهم القرآن الكريم، ويتوسّع معها في مختلف مجالات العلوم، ولا يقتصر هذا البحث على القرآن فقط، بل يمتد ليشمل العلوم كافة باختلاف مواضيعها، مما يخلق جيلاً قارئاً واعياً لمتطلّبات عصره وحاجته.

 فهل نحن ممن نعي خيرات الصيام وأفضال شهر رمضان؟  هل نحن من يصوم فرحاً بفرصة الممارسة الحقيقية لهذا الركن الأساسي من أركان الإسلام؟  إذا كنا من بين هؤلاء الملايين ممن نمارس عادات وواجبات الشهر الفضيل ونقّدر خيرات هذا الشهر ومن الملتزمين بكل الممارسات الأخرى المتوقعة إلى جانب الصوم والصلاة وحفظ أنفسنا ومراعاة حقوق كل من حولنا.. فلنا الحق كاملاً بالاستمتاع بعيد الفطر المبارك وترقبه.. فهنيئاً لنا ولكم أجمعين.. وكل عام وأنتم بألف خير وصحة وعافية!

***

د. محمد العباسي - أكاديمي بحريني

لعل الحقيقة التي لا يماري فيها أحد، أن للمال مكانة عظيمة في الإسلام، فبه قوام الحياة، حيث تكسب به الأقوات، وتتوفر سبل المعيشة عن طريق جمعه وتحصيله، ومما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن حيازة الأموال تقتضي ضرورة الحفاظ عليها حتى تتحقق الاستفادة منها، والانتفاع بها، «فكان الحِجْر على السفيه، ومنعه من التصرفات الماليّة لمصلحة المحجور عليه لحفظ ماله»، فقد نّبه على ذلك الذكر الحكيم تنبيهاً لطيفاً فقال تعالى: «لاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً» (النساء: 5)، وزيادة على ذلك، فإنّ الشريعة قد حرّمت التعدى على أموال الآخرين، وأخذها قهراً وعسفاً، فقال تعالى: «وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة: 188). فهذا التحريم لأكل أموال الناس بالباطل قصد به حماية المال وحفظه، بل أنّ الشريعة قد بلغت الغاية في حفظ المال،حيث سنّت لمن وقع اعتداء على ماله أن يدفع هذا الضرر عن ماله، ولو بمقاتلة المعتدي، وإن أدى ذلك إلى القتل «وما رواه البيهقي عن أبي هريرة أنه قال: «جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال «فلا تعطه مالك». قال: أرايت إن قاتلني؟ قال: «قاتله». قال: أرايت إن قتلني؟ قال: «فأنت شهيد». قال: أرايت إن قتلته؟قال: هو في النار».

ولكن الشريعة لم تقف عند تحريم أكل الأموال بالباطل، وتوعد الفاعل لذلك بالعذاب الأليم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، بل قد احتاطت في حفظ مقصد المال، حيث سدّت ذريعة الاعتداء عليه، فشرعت عقوبة زاجرة عن الاقتراب من أموال الآخرين، وأخذها ظلماً وعدواناً، ولقد حدد الشارع عقوبة السرقة بقوله تعالى: «السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (المائدة: 38)، فهذه العقوبة الشرعية لم ترد في الشريعة إلا في السرقة وحد الحرابة، حيث أنّ أغلب العقوبات الشرعية تكون بالجلد أو القصاص». وحين يقرر الإسلام هذه العقوبة «فإنه لا ينظر إلى عدوان فرد على مال فرد آخر، وإنما ينظر إلى موقع الجريمة من الحضارة والعمران، وسوء أثر هذه الجريمة إن استمرت وتيرتها بأن أصبحت الأموال مهددة بل وتجر الويلات على أصحابها في كثير من الحالات، وذلك بأن يصبحوا عرضة للانتقام من الحكام وأصحاب النفوذ والعصابات الإجرامية، التي أصبحت من مظاهر هذا العصر. الذي ارتبطت فيه جرائم الاعتداء على الأموال بوجود مجتمعات تسودها أساليب وقيم حضارية من النواحى الاقتصادية، وتزايدت هذه الجرائم واستفحلت مع تطور هذه المجتمعات، حتى بلغت ذروتها في أكثر المجتمعات الرأسمالية تعقداً وتحضراً. ومن استعراض ما تقدم نتبين الحكمة من الموقف الصارم الذي اتخذته الشريعة الإسلامية في محاربة جريمة السرقة والقضاء عليها لأن هذه الجريمة إن انتشرت في المجتمع فإنها تنتج ما يشبه آثار مرض السرطان في جسم الإنسان، فكما أن مرض السرطان يتطلب العلاج الحاسم ولو عن طريق بتر الجزء المصاب من الجسم في سبيل إنقاذ الباقي وبالمقابل فإن جريمة السرقة تتطلب العلاج الحاسم ولو بقطع يد السارق في سبيل حماية المجتمع بأسره، فمتى نرى من أقدموا على نهب مال السودان في سوح المحاكم وتحت سيوف القصاصين؟ متى يهرع الحزب الصمد لوأد هذه الظاهرة التي باتت لا تسترعي الدهشة بين أوساط هذا الشعب الصابر على عرك الشدائد؟.

***

د. الطيب النقر

 

في المثقف اليوم