أقلام حرة

أقلام حرة

(اختطافهم لتنشئتهم على القومية اليهودية)

الفلسطينيون الرُّضَعِ الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جنود إسرائيل هم في خطر أكثر من الأطفال الذين يموتون أو هم اليوم مشردون خارج وطنهم، ويكابدون ألم الجوع والبرد، هو مشروع لتهويد أطفال فلسطين، وقد اختار العدو "الرُّضَّعُ " لأنهم لا يدركون شيئا مما يحدث والحرب القائمة، لأن العدو سيغير هويتهم ويعمل على تهويدهم وغرس فيهم حُب القومية اليهودية، ففي الحروب تقع أشياء كثيرة اعتداءات وانتهاكات واغتيالات لكن اختطاف الرُضّع فلم يحدث في التاريخ.

 فمشروع تهويد أبناء المسلمين قديم يتجدد،  وهي عملية ممنهجة منذ الإحتلال الصهيوني لفلسطين، ولا أحد يعلم إلى أي تيار سينتمي إليه هؤلاء الرضع بعد أن يكبروا ويصلون إلى سن الخامسة على الأقل، هل إلى التيار الأهالي أم الليفورني، أو اليهود السفارد أو الإشكناز، رغم اختلاف عبريتهم  ويعلمونه الثقافة العبرانية  كما سيعملون على تجنيسهم ، ظنا منهم أنهم سيصبحون من شعب الله المختار، وهي واحدة من  الأفكار التي ينتهجها اليهود في مشروعهم الإلهي، فضلا عن إخضاعهم لبعض الطقوس اليهودية عندما يصلون سن البلوغ، الحديث هنا عن رُضَّعِ لم يصلوا إلى السن القانوني لاستخدامهم في الحروب سواء دينيا أو سياسيا ،  وما يحدث لهم من تغيير في حياتهم، لأنهم حديثي الولادة ولا يدركون ما يحدث حولهم، وهنا مكمن الخطر لأنهم سينشأون على الطريقة اليهودية ، فيعلمونه التوراة ، والتراث اليهودي والدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي.

 وهذه التنشئة تجعلهم جزءًا من المجتمع اليهودي، وتزويده بالثقافة العبرية و يغرسون في ذهنه حب القومية اليهودية،  وتعميق فكره بالوعي اليهودي حتى يقنعونه أن العرق اليهودي من ارقى العروق و العرب والمسلمين أكبر عدوٍّ لهم، حيث  يكبر هذا الرضيع (المسلم)  وفي قلبه حقد كبير على الإسلام والمسلمين، وقد يُجنّد في الجيش الإسرائيلي ويقتل يوما شقيقه أو واحدا من أبناء بلده الأصليين دون أن يعلم أنه مسلم وتم اختطافه ، وهكذا تكون القومية اليهودية فلسفة حياة بالنسبة له، وقاعدة تبدأ من وقوفه للنشيد اليهودي، وهو يردد: إسرائيل هي وطن الأمة اليهودية،  فالمشروع الصهيوني يهدف إلى تكوين جيل من اليهود (من أبناء المسلمين)  يحبون اليهودية والثقافة العبرية وهو ما أكده دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في المؤتمر الصهيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام 1956م " أنه لن يكون للحركة الصهيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يهودي بوصفه واجبا ذاتيا، وقال ان حفظ اليهودية مرهون بتطوير التعليم العبري والثقافة العبرية.

 إنه الحديث عن الإسلام اليهودي ، نلمس ذلك في عمليات "التطبيع" التي تمارسها بعض الدول العربية والتي تعلن دعمها لإسرائيل، وقد صدرت عديد الفتاوي حول التحول من الإسلام إلى المسيحية إلى اليهودية، واعتبرها البعض ليس كفرا، وإن كان هذا التحول يدخل في باب الحريات الفردية وحقوق الإنسان في الاعتقاد، لكن أن يختطف أطفال رضع  ويبعدون عن أمهاتهم لأغراض لا تعني شيئا ولا تهدف إلى شيئ سوى تهويدهم،  فعملية التهويد  لها جذور تاريخية ولكن لا يمكن اعتبار كل اليهود أعداء للإسلام وللعرب وبخاصة الفلسطينيين، فهناك جماعات يهودية ضد ما يحدث الآن في غزة والقصف البشع على السكان  وهي تعارض دولة إسرائيل وتدعو إلى حل سلمي للصراع القائم بين الطرفين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ عن منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام  (JVP)التي تأسست عام 1996 وهي منظمة شعبية تهدف إلى تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنظمة يهود من أجل العدالة للفلسطينيين (JfJfP):التي يدعو أفرادها إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وغيرها من المنظمات والجمعيات التي تدعو إلى إحلال السلم بين الشعوب والتعايش فيما بينهم، يبقى الدور على الأنظمة العربية الصامتة والتي لم تحرك ساكنا لوقف مشروع التهويد الذي تهدف إليه إسرائيل وبكل الطرق والوسائل.

***

علجية عيش

اللغة العربية بشهادة علماء اللغة في العالم من أرقى اللغات المتصرفة. غير أنها ترقى برقي أهلها وتضعف بضعف أهلها لو أردت أن توازن بين خصائص اللغة العربية وبين خصائص اللغات الأخرى لوجدت بوناً شاسعاً ولكن ضعف هذه الأمة أضعف معها لغتها. أنظر مثلا كلمة اللطيف:

كلمة اللطيف وردت في سبع آيات من القرآن الكريم ولم يقترن إسم اللطيف إلا باسم الخبير. واللطيف في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل. والفرق بين اسم الفاعل، والصفة المشبهة بإسم الفاعل، هو:

 إسم الفاعل: يدل على الحدوث والانقطاع. بينما الصفة المشبهة بإسم الفاعل: تدل على الثبات والدوام. ومن أوزانها فعلان وفعيل. فاللطيف هنا جاءت على وزن فعلان وفعيل. صفة مشبهة بإسم الفاعل.

‏كنت أبحث عن الله من خلال التأمل في المخلوقات والكائنات من الذرة إلى المجرة وأتسائل كيف أشعر بوجود الإله وكيف السبيل إلى ذلك وهل هناك سرا لا أعلمه أو شيئا آخر لم أجده إلى الآن حتى جاء ذلك  اليوم الذي قال لي رحل حكيم كم أنت لطيف فوقعت هذه الكلمة على قلبي وحركت بحور من المشاعر والأحاسيس فتأملت كثيرا في هذا الكلمة فقلت إن الله عز وجل من اسمائه اللطيف واستعرت بلطف الله في حياتنا وكيف تتسهل الأمور بلطف من الله فقلت كم أنت لطيف يا إلهي رغم محدودية إدراكنا ومنطقنا في البلوغ إلى جمال لطفك الذي لا ينتهي كم أنت لطيف حينما أوجدتنا وكم أنت لطيف حينما رزقتنا وكم أنت لطيف حينما ألهمتنا وعلمتنا وفهمتنا وجعلت أطيب خلقك تتجه نحونا بلطف وجعلت اللطف في دائرة أطباعنا وسلوكنا والله كل لطف نجده ينبغي أن نعلم  يقيناً لطف الله علينا وما يحتوي هذا الاسم من عظمة وجلال

كن لطيفا لأن الله لطف مطلق. كن لطيفا لأن من اسمائه اللطيف. وهنا أورد شعراً لطيفاً

اسقِ الفؤاد محبةً وسلاما

وارسم على وجه الغريب وئاما

*

و اصنع جميلًا في الحياة فإنما

باللطف نبلغ في القلوب مقاما

فكل ما يواجهنا من خيبات وآلام سترى بعدها لطفا عظيما لأن الله لم يخلقنا ليشقينا وحتى الابتلاء جاء ليطهرنا وينقينا لنرتقي ويشملنا لطف الله  وراء كل أمر حكمة إلهية لا ندركها في حينها ولكن سندركها ونشعر  بلطفها  لاحقا ونعلم أن الله عز وجل لطفه بنا لا حدود له

فكن راضيا بقدر الله وأنه هو اللطيف الذي وسع لطفه سائر الكائنات فتأمل معي سير الأولين والآخرين ستنظر إلى لطف الله الذي ترى أبعاده في خلقه ولله في خلقه شؤون وكن مؤمناً بأن الله على كل شيء قدير.

ونختم مقالنا بهذه العبارة: نحن من طينٍ يوجعنا الأذى ويجرحنا صغير الشَوك.. ويجبرنا لطف الله. انتهى

***

زكريا الحسني

كاتب صحفي من سلطنة عمان

 

الحياة في العلم وبدونه تنتفي معانيها وتطلعاتها نحو الأفضل، فالعلم يصنع الحياة، ويولد من رحمها، ويعني أن نعرف بالدراسة والبحث وإتخاذ المناهج العلمية وسيلة لمواجهة التحديات وتأمين الإرادات.

فالعلم يستحضر ما نريد، ومَن لا يجيد التفاعل العلمي لا يحصل على القوة والإقتدار.

والعلة الأساسية في مجتمعات الأمة تتلخص بغياب العلم ونكرانه بل ومعاداته، والتوهم بأن الحياة في الدين، وبدونه لا معنى للوجود والبقاء، مما يتسبب بتداعيات تشاؤمية وإستثمار في الأحزان والويلات اللازمة لترسيخ مفاهيم الإنهيار والإندثار.

ومن الواضح أن عقول الأمة أمعنت بغفلتها العلمية، وتمادت بالتركيز على ما لا ينفع، ولا يساهم في إطلاق الطاقات الكامنة في أعماق الجماهير الحية الواعية.

ويعود السبب للكراسي التي علمت ومنذ أكثر من قرنين أن الحياة في العلم، فوجدت العمائم الحافة بها ستتضرر من العلم، فأوهمتها بأن الحياة في الدين، فهو الذي يصنع القطيع التابع القابع، أما العلم فسيؤسس لسلوكيات لا يمكن ضبطها بالقوة والسلطان، ففي العلم حرية عقلية، وهي محرمة في الدين، الذي يدعو للسمع والطاعة، وبأن القابع بالكرسي يمثل إرادة الرب، ومن لا يطيعه خارج عن الملة وعدو للرب والدين.

تلك حقائق مؤلمة لا يقترب منها المحسوبون على الفكر والفلسفة، ويتحركون حولها خشية المواجهة مع القوى المدمرة لمرتكزات الوجود القويم.

فهل من جرأة على التفاعل بعلمية مع منابع المآسي والويلات؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\6\2022

 

الحرب على غزة (26)

إن الصراع بين الحركة الأسيرة وإدارات السجون والمعتقلات صراع مستمر لأنه امتداد للصراع الحضاري والتاريخي بين الشعب الفلسطيني الذي يسعى بكل طاقاته لتحرير فلسطين وبين العدو. هذا العدو الفاشي الذي يهدف من وراء عمليات الاعتقال إلى قتل المعتقل معنويا وجسديا ،وإفراغه من محتواه الوطني من خلال ظروف الاعتقال وسياسية القمع والإرهاب الممنهجة وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم الإنسانية. فمن الأساليب التي يستخدمها محققي الشاباك ضد المعتقلين الضرب الوحشي المفضي إلى الموت،تكسير الضلوع،الهز العنيف،الحشر داخل ثلاجة،الصفع على الوجه وركل المعدة والبطن وأماكن أخرى،الضرب على مؤخرة الرأس والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الوسائل والأساليب التي أقل ما توصف بأنها وحشية ولا إنسانية. وما تمارسه دولة الاحتلال من تعذيب وتنكيل بالمعتقلين ليس بالأمر الجديد ولا الطارئ فقد لجأت إليه منذ أن سرقت الأرض من أصحابها بوعد ظالم وانتداب صليبي حاقد فثار أصحابها لاستردادها والدفاع عن حقهم المسلوب. وهنا افتتحت عشرات المعتقلات منذ كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني منها سجن عكا الشهير والذي تعرض فيه الثوار إلى التعذيب والإعدام.

واليوم مع الحرب على غزة تتزامن الاعتقالات لسكان القطاع. فقد أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني نفذت بحق المعتقلين . فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يعرف باسم (سدية تيمان) يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبا ،وقد تحول إلى سجن (غوانتانامو) جديد يحتجز فيه المعتقلون في ظروف قاسية جدا داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.

وقد صرح بعض المعتقلين المفرج عنهم بتعرضهم لتعذيب قاس على يد جيش الاحتلال حيث قاموا بحرمانهم من النوم وقدموا لهم طعاما فاسدا ومتعفنا. كما منعوهم من التحدث مع بعضهم خلال فترة الاعتقال ومن لم يتقيد بالتعليمات تعرض للتعليق من رجليه لساعات طويلة من قبل الجنود.

وذكر أحد المعتقلين أنه ومن لحظة الاعتقال عصبوا عيونهم واقتادوهم إلى مناطق مجهولة وأبقوهم مكبلي الأيدي و الأرجل لمدة يومين كاملين. ونقل البعض بأن جيش الاحتلال تركوهم لمدة ست ساعات مقيدي الأيدي خلف الظهور مع الجلوس على الركب طيلة تلك الساعات.

ومن الأساليب التي استخدمها الجيش الظالم مع المعتقلين أنهم قاموا برش أجسادهم بمواد غريبة وغير مألوفة الأمر الذي جعلهم فريسة للحشرات.

كما أقدم الجيش على ترك المعتقلين عراة في البرد والهواء في مناطق مجهولة. وأجبروا المعتقلين على تناول أقراص دواء سببت لهم الهلوسة والتي ما زال البعض يعاني من آثارها من صداع ودوار حتى بعد أن أفرج عنهم.

ناهيك عن الضرب الذي تعرض له المعتقلين والذي كانت آثاره واضحة في أجسادهم.

هؤلاء هم القابضون على الجمر السائرين على طريق الشوك المتلمسين طريق الشهادة في سبيل فلسطين. رحم الله شهداء غزة وفلسطين عامة. ولسوف نبقى نكرر ما قاله الشهيد عز الدين القسام (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).

***

بديعة النعيمي

 

من هنا بدأت بواكير مسيرة الحياة التعليمية منذ نعومة الاظفار مع تلك الحروف الجميلة بأصواتها ورسومها من قبل معلم الصف الأول الإبتدائي (ا..و...ر ...ز...د...ي) والتي كانت بمثابة طلاسم تحتاج الى فك رموزها لا غير لتتبلورمن خلالها ملامح شخصية الطفل ومستقبله وتكون فيما بعد مفتاحا" للتسلح بالعلوم والمعارف والتي أنارت بها العقول ونمت وتغذت بها الأفكار من أجل غد افضل إتسم بالقيم والمبادئ الإنسانية والتي أفضت الى فتح آفاق رحبة لغد مشرق على أيدي عمالقة العلم وبناة الأجيال معلمي جيل الطيبين والذين حفرت ذكراهم بالعقول قبل القلوب ليكونوا بحق قدوة بقوة الشخصية والاناقة والعلم والاخلاق الفاضلة التي إمتازوا بها بالرغم من قساوة المعيشة حينها وصعوبة تداركها مع تنامي معدلات الفقر وانعدام فرص العمل .

فالحنين الى الماضي يرتبط بتلك العلاقات الإيجابية الطيبة العابرة للطائفية المقيتة التي لم نكن نألفها حينذاك وكانت تجمع كل مكونات المجتمع في بيئة مدرسية نقية ينهل الجميع منها دون تمييز خالية من خطابات الحقد والكراهية المعهودة في زماننا بعيدة عن الزيف والخداع خاصة عندما تلتقي بصديق الطفولة والبراءة وأيام الدراسة والصبا تعود بك الذاكرة الى تلك الأيام الخوالي وتعيد عقارب الساعة الى الزمن الجميل لتبقى المواقف الطريفة حاضرة كما كانت وتفتش بين ثنايا الضحكات عن السعادة الحقيقية التي إفتقدناها للظروف التي مرت بنا من سنوات عجاف من حصار وحروب ونزوح وتعود الاحاسيس الى أحلام مرت كلمح البصر ولازلنا نتذكر كراريس المدرسة الإبتدائية مملوءة برسومات طفولتنا ومقاعد صفوف دراستنا لازالت تحكي قصص حياتنا البريئة .

فاليوم لا دار ولا دور ؟! واللبيب بالإشارة يفهم

وختاما"قال امير الشعراء أحمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم ان يكون رسولا).

***

حسن شنكالي

نحن في حاجة لمواجهة تلك الحقائق، والتماس العلاج الناجع لها، فوحدتنا القومية الحق الذي لا يحتمل شكا ولا جدال، أنها باتت تعاني من الضعف والفتور، وهزال هذه الوحدة لا يحتاج منا إلى بحث أو استقصاء، فعللها واضحة مسرفة في الوضوح، ولعل الأسباب التي قادت لأن تكون هذه الوحدة ضعيفة واهية، هو قصور عقلنا الجمعي لتصوره للأشياء ء وقضاءه فيها، فنحن حتى نستعد للنهوض بهذه الاعياء، وتحمل تبعاته، ينبغي أن نقر أن هناك  عللا أخرى غير هذه العلة الظاهرة، التي تتمثل في حروبنا المستمرة، فالحرب سببا سهل على الألسنة اجتراره، ويسير على العقول التفكير فيه، كلا ليست الحرب التي نعتبرها مصدرا للكثير من المشقة التي تواجهنا الآن في حياتنا الحاضرة، هو العامل الذي أدى لانحسار وحدتنا الوجدانية وتراجعها، ليست الكريهة هي التي أضعفت صلاتنا، و مزقت لحمتنا، وضعضعت تكاتفنا، وقوضت نسيجنا الاجتماعي، هذا الاضطراب الذي بات هو السمة الواضحة لمجتمعنا السوداني، يحتاج منا إلى رقي وتقدم وجهاد، وحتى نجتثه من شأفته، ونجزه من منبته، نحتاج فعلا لأن نلجم هذه العاطفة وهذا الشعور، في حالة السلم أو الخصومة، ونستبدلهما بالحكمة والروية، ففي اعتقادنا أن تأثرنا بالحس والشعور، هو سبب كل هذه  المصائب التي لم يعد يختلف مقدارها باختلاف الأفراد والبيئات، إن تماهينا مع القبيلة ومثلها وأعرافها، وتجاوبنا الدائب لها كلما رفعت عقيرتها بالنداء، لم يضعف بعد أو يتضاءل، فنحن ما زلنا نخضع لها، كما كان غيرنا يخضع لسلطانها على وجد شديد، ورغبة جامحة،  فمن "السخف، وهراء القول، وفاتر الحديث" كما يقول أديب مصر الضرير، أن نزعم أن عاطفتنا في السودان ظهرت عليها مظاهر الحدة والحرارة والصدق، ظهورا قويا عنيفا،  ونحن أسرى لهذه الجوائج، ولكن بان دفق هذه المشاعر، ولاحت ضخامة تلك الأحاسيس، حينما تداعت جموع الناس ملبية نداء قبائلها، وانتظمت في تلك النفرة الشعبية الهادرة لمجابهة خطر عربان الشتات، ولكن الحرب التي انطلقت منذ أكثر من ثمانية أشهر في عاصمة البلاد وفي غرب السودان، ظل الناس يشهدون وقائعها في ترقب وحذر، وينتظرون في ضجر،أن تنجلي غمرتها بانتصار الجيش، تفاعل الناس الآن مع تلك الحرب التي لا تأصرها آصرة، مرده إذن التفات الوجدان لنداء أطلقته قبيلة من القبائل، وفي الحق أن مثل هذه النداءات على كثرتها، غنية بالحب، ولا يتردد أتباعها في تلبيتها في تهافت وحرص، على ضوء ذلك نستطيع أن نزعم في يقين واطمئنان، أن نفوذ القبيلة لن يناله ضعف أو خمود، إلا إذا بات حبنا للسودان لا تشوبه شائبة، فالوطنية الصحيحة تقتضي أن يكون حبنا لأوطاننا أسمى وأرفع حتى من حبنا لشخوصنا وعائلاتنا، الوطنية الصحيحة التي نحتاج لأن نفهمها، ونقدرها، ونخلص لها، يجب ألا تنهكها الخصومات السياسية، أو تعصف بها الآثرة وحلل الانتهازية، أو تودي بها المنافع والطموحات الشخصية، بل يجب  أن تكون عروتها باقية قوية، ومكانتها بارزة في ناحية من نواحي قلوبنا، الوطنية الصحيحة من المهم حقا أن تعجز الأيام وأحداثها لاضعافها أو النيل منها.

نحن نظهر هذا الحزن العميق، لأن مآسي السودان وخطوبه التي يتبع بعضها بعضا،في نزف شديد، وسرعة غريبة، تلزمنا بأن نعيد التفكير في كل ما يتصل بنظامنا الاجتماعي، وبكل ما يحيط به من ظروف، فنحن نعتقد أن هذا النظام هو الذي ورطنا في كل تلك الآثام التي نسرف في ارتكابها، دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير فيها، ولعل القول الذي ينم عن الحق، أن هذا النظام هو الذي قادنا لئلا نعيش تلك الحياة الهادئة الوادعة التي يعيشها غيرنا من الشعوب، هو الذي جعلنا نبغض بعضنا بعضا، ويحتقر بعضنا بعضا، ويكيد بعضنا لبعض، إن الأمر الذي يجب أن نمضي فيه دون روية أو تفكير، هو السعي لتغيير هذا النظام البغيض الثقيل، الذي يدعو إلى الشر، ويصد عن الخير، ولا تذعن فيه شرائحه ومكوناته، لتضامن وجداني عريض، إلا إذا نزلت بها غاشية، أو ادلهمت بها الخطوب، نعم يجب أن نحتال في تغيير نظامنا الاجتماعي الذي يعلي من سقف القبيلة، تلك القبلية التي توارثناها، وخضنا في لججها، بحكم تربيتنا وأمزجتنا والمحيط الذي نعيش فيه، قد آن الأوان للتحرر من قيودها، يجب أن ننكرها ونسرف في الانكار، لأنها هي التي تجعل كل فرد منا ينظر لغيره نظرة ازدراء واحتقار، هي التي  قادت في واقع الأمر، قوات الدعم السريع تخرج من التعريض إلى التصريح ببغضها للشمال، ولإنسان الشمال، ومما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن صراعتنا القبلية تجعل الأمبريالية سعيدة مغتبطة، تصفق بيديها في جزل وابتهاج، لأنها تحقق لها ما تبتغيه ، فالغرب الذي تطربه خصوماتنا وتعنيه، عمد في رفق ولين لاذكاء عبقها النتن، وحرص بسياساته المعتسفة ألا ينغمس السودانيوان في حب صريح لأطيافهم، إن نظامنا الاجتماعي الذي نركن إليه، ونلوذ به، ونحتمي به من كل شيء، هو العامل الذي قاد لأن تنقطع وتيرة صلاتنا بالجنوب الذي كنا نتخذه موضوعا للعبث وللسخرية، فجنوبنا الذي نتحرق شوقا لموعد عودته، لم يزّور عنا هذا الازوار، ويستعصم بهذا الاباء، إلا بعد أن أعيته ضروب التهكم والاستخفاف، زهد الجنوب في بقاءه معنا، بعد أن عجز الساسة وعجزت الأحزاب، لادراك شيء يسير الفهم والتعليل، أن الجنوب الذي يجاهدونه ويصارعوه، كان يبتغي منهم فقط العدل والانصاف، والدفع بسبل التطور في مجتمعاته المتباينة،  إن حقيقة انفصال الجنوب التي يدور الناس حولها، ولا يحسنون تصويرها، أن اسئثار بعضنا بالسيطرة والسلطان،  والتقدير والحكم، ضاعف من شعوره وانفعاله السريع، واحساسه بأن الشمال لا يقدر اختلاف بيئاته ولا ظروف حياته، فمضى الجنوب بعد صراع مرير إلى حال سبيله، ونحن إذا ظللنا على عمانا هذا، ولم نستشعر اختلاف البيئات بذوقها وثقافتها، ستسخط علينا دارفور أشد السخط، وسيسخط علينا أهالي النيل الأزرق أشد السخط وأعنفه، فقد أخبرتنا وقائع الدهر أن أي حادثة لا تقع إلا وقد سبقتها علة، وعلل تشرذم مجتمعنا هذا وتفككه، هو نظامنا الذي لا يرضاه الدين، و تأنف منه الأخلاق.

وحتى نلخص حديثنا هذا، وندع هذا الاستطراد والتفصيل، نقول أن نظامنا الاجتماعي الذي يجب أن نتفانى في طلبه، هو النظام الذي لا يتعارض مع الدين وقيمه ومسلماته، ولكي نكفكف هذه الدموع التي تنهمر، ثم تستحيل إلى زفرات حارة، ونحيب لا ينقطع، علينا أن نخفف لوعة حزننا بتنمية وجداننا المشترك، الذي يظهر شيئا من الجزع غير قليل، إذا أقامت الدواهي بناحية من نواحي قطرنا الكبير الممتد، علينا أن نفكر ونطيل  التفكير، في تشحيذ وحدتنا الوجدانية التي واهما من ظن أن تفعيل أسبابها  يكون في مدننا، وقرانا، وشوارعنا، وأسواقنا وحوانيتنا، ضخ الدماء في شرايين تلك الوحدة لا يتأتى إلا إذا كانت جذوتها قوية دائما، عنيفة دائما في أفئدتنا، وهذا لن يتحقق إلا إذا أظهرنا خضوعنا للسودان، واحتفينا بعنصره، و حرصنا على عقولناوأحلامنا التي تدعونا لأن نطيل رفع بصرنا إلى السماء، ونتدبر في كنه الأشياء وجوهرها، ستلتئم جراح وحدتنا، إذا تمسكنا بأهداب الدين الخاتم، ديننا الإسلامي الذي يدعو إلى الحرية والعدل والمساواة.

***

د. الطيب النقر

 

لقد اغتالت دولة الاحتلال منذ الحرب العالمية الثانية أشخاصا أكثر من أي دولة أخرى في العالم الغربي، والسبب أن قادتها وجدوا أن اغتيال أهدافا محددة طريقة مجدية للحفاظ على أمنها القومي. حيث تتم سرية الاغتيال بطريقة الاختيار ظنا منهم بأنهم عندما يتخلصون من الهدف الذي تم اختياره سيحلون المشاكل الصعبة التي تواجه الدولة.

ويجدر الذكر بأن اعتماد هذه الدولة على الاغتيالات كأداة عسكرية نابعا من الجذور الثورية الناشطة للحركة الصهيونية على حد قول الصحفي اليهودي (رونين بيرغمان) وغيرها من الأسباب التي تدعيها مثل (الهولوكوست) والخوف من التعرض للإبادة مجددا.

إذن فالنتيجة أن تاريخ الاغتيالات لهذه الدولة الإرهابية ليس بالأمر الجديد. فقد انتهجت هذا النهج من قبل قيامها ١٩٤٨، حيث كانت تنفذها العصابات اليهودية مثل (إرغون وشتيرن والهاجاناه) ،لكن بعد ٤٨ تولت هذه الاغتيالات (الموساد) وأذرع الاستخبارات اليهودية.

فمن تصفية الشرطي عارف العرسان عام ١٩١٥ على على يد (حراس هاشومير) التي تطورت فيما بعد إلى عصابة الهاجاناه. إلى ( دي هان) الحريدي المناهض الصهيونية والذي اغتالته الهاجاناه عام ١٩٢٤. إلى الضابط البريطاني( توم ويلكين) قائد الوحدة اليهودية في إدارة التحقيقات الجنائية في الانتداب البريطاني الذي اغتيل على يد عصابة شتيرن المتطرفة عام ١٩٤٤. وتطول قائمة الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال بهدف حفظ الأمن القومي كما قلنا وصولا إلى المهندس (يحيى عياش) الذي أعيا دولة الاحتلال ،فخلال عامي ١٩٩٤ و ١٩٩٥ كان مسؤولا عن تسع هجمات انتحارية قتل فيه وجرح العشرات من اليهود،عندها وقع اسحاق رابين (الصفحه الحمراء) ضد عياش. وقد تم اغتياله في ٥/كانون الثاني من العام ١٩٩٦.

والسؤال هل نجحت دولة الاحتلال بالقضاء على العمليات الفدائية باغتيال العياش؟ حتما لا. فقد كان عياش قد درب مجموعة من نشطاء حماس على فن صناعة العبوات الناسفة وكان من ضمن هؤلاء (محمد دياب المصري) المعروف (بمحمد الضيف) وغيره من النشطاء وبذلك ولد بدل الواحد مائة.

وبعدها اغتالت عددا من قيادات حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولا إلى الشيخ (أحمد ياسين) الزعيم الروحي لحركة حماس وهو خارج من المسجد مساء ٢١/ مارس ٢٠٠٤. ثم اغتيال الرئيس ياسر عرفات ،رحمهم الله جميعا وشهداء فلسطين عامة.

واليوم الثاني من يناير ٢٠٢٤ وبعد أن فشلت دولة الاحتلال في حربها على غزة ودخلت مأزقا لم تستطع الخروج منه وعجزها عن تدمير حماس كما وعد (بنيامين نتنياهو) في بداية الحرب وكما هي عادتها عندما تجد نفسها عاجزة تحتمي باغتيال القادة لظنها انه الحل الأنجع.

حيث اقدمت طائرة مسيرة تابعة لها على استهداف مبنى في الضاحية الجنوبية في بيروت حيث كان الشيخ العاروري نائب رئيس مكتب حماس يتواجد مع عدد من أعضاء الحركة ما أدى إلى استشهادهم. وبذلك يكونوا قد انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم...

فهل ستخرج دولة الاحتلال من مأزقها أم أن ألف صالح سيخرج لها من حيث لا تعلم؟.

***

بديعة النعيمي

الدوران حركة سرمدية فاعلة في الموجودات الكونية، ومنها الأرضية، والدوران يعني التغيير وعدم الثبات، فكل موجود يتبدل وكل حالة تعود إلى مبتدئها، فالقوي إلى ضعيف، والضعيف إلى قوة، وما تم نقص.

والحالات التي تستطيع التواصل هي التي تمتلك قدرات إعادة التصنيع الذاتي والموضوعي، وفيها طاقة ترميم ذاتية تستوعب إرادة التغيير.

فالقوة في الجريان، والضعف في السكون والإندحار، والمجتمعات لكي تتقوى عليها أن تتواشج وتتسابك،  فإختلاط الأمم والشعوب قوة  وعزلتها ضعف وهوان.

وبعض المجتمعات تتعلم وأخرى تتوهم أنها تعلم، والذي يعلم يرفض أن يتعلم فتطغى عليه فيضانات التقدم المتسارع المتولد من الدوران.

فالأيام أرحام ولاّدة، وفي كل يوم وليد جديد يريد أن يساهم في صناعة الحياة.

قوى تغور وأخرى تثور، وبعضها نامت ثم قامت، وفي رقدتها إعادة نظر، وتعميق رؤية وبناء وتصور متوافق مع العصر، وتوائم مع إرادة الحياة الحرة الكريمة.

فلكل فكرة ملاذ، ولكل رؤية ميعاد، وما أن تولد الفكرة حتى تتكون وتتطور وتتناسل في عقول الموجودات، فكأنها الشرارة التي أذكت النيران وأوجدت اللهيب الفتاك العابث بالأشهاد والغابات.

مَن يتوهم البقاء في الكرسي سيحترق بغتة ويتحول إلى رماد، ويكون الكرسي تابوته، ومن لا يرى بعيون مصلحة شعبه ستدوسه سنابك الأخطار وتعصف به الأهوال.

وكل مَن في الكرسي فان، فإرادة جذب التراب أقوى من الملك والسلطان وكم أكلت منهم، وكم أصابت الجبابرة بالخذلان والهوان.

الحصيف من تفانى في صناعة الخير، وإسعاد المواطنين، والتضحية في سبيل رفاهيتهم وأمنهم وسلامتهم وتأمين مصالحهم.

والطائش المنبوذ من توهم القوة فبطش وإستبد، وإستخف بإرادة التراب وحسب الناس من حوله أرقام، وغرق من أنانيته وظلمه وبؤسه المقدام.

فهل يتعظ البشر أم أن الكرسي يسلب اللب ويقيم الحداد ويجرد البشر من الإنسان.

إن الكرسي سيد وسلطان، والذي فيه دمية وأداة لصياغة البهتان.

***

د. صادق السامرائي

29\8\2021

 

أكدت حركة حماس "اغتيال" القيادي في الحركة صالح العاروري في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء، مع اثنين من قادة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس.

وتُعَدُّ عملية الاغتيال هذه بطائرة مسيرة الأسهل إسرائيلياً كونها حدثت خارج قطاع غزة بعد فشل محاولات إسرائيلية حثيثة للوصول إلى رموز قادة الحركة في أنفاق غزة، لبناء أكذوبة نصر وهمي، حيث اختزل نتنياهو النصر باغتيال السنوار في أرض يحاول جيش الاحتلال المهزوم بسط سيطرته عليها دون طائل.

وتأتي هذه العملية بعد يومين من قصف كتائب القسام لمدينة تل أبيب بصواريخ المقاومة من طراز إم 90 في رسالة بأن الحرب مستمرة والمقاومة صامدة، فكان الرد الإسرائيلي برسالة أخرى تفيد بأم سلسلة اغتيالات قادة حماس قد فتحت أولى صفحاتها باغتيال أحد أهم قادة حماس.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد نشرت مطلع ديسمبر الماضي، تقريراً يكشف خطة إسرائيل لاغتيال قادة حركة حماس في جميع أنحاء العالم، بمجرد انتهاء حربها في قطاع غزة.

ويبدو أنها استعجلت التنفيذ للرد على ما أقدمت عليه كتائب القسام في قصف العمق الإسرائيلي قبل يومين.

وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر وكالات الاستخبارات بوضع خطط لاغتيال كبار قادة حماس، الذين يعيشون خارج غزة "في أي مكان بالعالم".

وبحسب التقرير، دعا البعض "إسرائيل" إلى اغتيال خالد مشعل رئيس حماس في الخارج وآخرين "على الفور بعد هجوم 7 أكتوبر"، الذي نفذته الحركة على الكيان الإسرائيلي.

إلا أن العاروري كان قد تعرض إلى تهديدات مباشرة في أواخر أوغسطس 2023.. حيث وجه نتنياهو رسالة تهديد للعاروري خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، وذلك في ضوء تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

وكان رد حماس على تلك التهديدات بنشر صور للعاروري كان جالساً فيها خلف مكتبه ومرتدياً زياً عسكرياً وواضعاً أمامه سلاحاً، وكان يتحدث في الهاتف بلا مبالاة.. غير آبه بالتهديدات الإسرائيلية، موحياً بأن اغتياله -لو تم- لن يكون آخر المطاف فالمقاومة ولادة والقضية الفلسطينية لا تختزل في أشخاص.

والعاروري قيادي سياسي وعسكري فلسطيني بارز، وهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

اختير عضواً في المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية-حماس عام 2010م وحتى التاسع من أكتوبر 2017 حيث أعلنت حركة حماس عن انتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية خلال انعقاد مجلس شورى الحركة.

تم ترحيله إلى سوريا واستقر بها لمدة ثلاث سنوات، ومع بداية الأزمة السورية غادرها إلى تركيا في شهر فبراير عام 2012، واستقر بها ثم بعد سنوات غادر تركيا وتنقل بين عدة دول من بينها قطر وماليزيا وأستقر أخيرًا في الضاحية الجنوبية في لبنان حيث تم استهداف مكتبه واستشهاده.

وتكمن أهمية الشهيد بالنسبة ل"إسرائيل" في مساهمته بتأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية المحتلة، فيما ظل يشكل حلقة الوصل بين حماس من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى.

لذلك يحمله الإسرائيليون مسؤولية جلب التمويل الإيراني لحماس وفق ما صرح به رجل المخابرات السابق أودي ليفي.. وقد تنبأ العاروري بعد السابع من أكتوبر، بنشوب حرب إقليمية إذا ما تم استهداف قادة من حماس وفق ما جاء في (يو أس أيه توداي) الأمريكية.

وكان العاروري سيلتقي الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله غدا الأربعاء.

واتهمته "إسرائيل" في وقت سابق بأنه يقف خلف عملية خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل، حيث أعقبت الاتهام بهدم منزله في قرية عارورة شمال رام الله في الأول من أكتوبر 2023.

وهذا يفسر النية المبيتة لاستهدافه من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وربطها بتصاعد أعمال المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وفق ما قاله الجيش الإسرائيلي حينذاك في بيان لـCNN، إن القوات "عملت في البلدة ليلاً لهدم منزل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس، والمسؤول عن أنشطة حماس في الضفة الغربية".

ويذكر أن العاروري قام بالبدء في تأسيس وتشكيل جهاز عسكري للحركة في الضفة الغربية عامي 1991-1992، مما أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب القسام في الضفة عام 1992م.

والعاروري تم اعتقاله لأكثر من 18 سنة في السجون الإسرائيلية، وعندما أفرج عنه في المرة الأخيرة عام 2010 تم ترحيله إلى سورياً لمدة ثلاث سنوات ومن ثم غادر إلى تركيا مع تفاقم الأزمة السورية ويعتقد أنه لعب دوراً محورياً في اتمام صفقة شاليط.

فالعدو الإسرائيلي غاشم لا يرى سوى أوهام القوة التي طغت على قراراته وأصابته بالعمى لذلك تقهقر مهزوماً بفعل ضربان المقاومة في غزة.

وكأنه لا يدرك بأن المقاومة ولاة وهي غير مرتبطة بفصيل أو أشخاص لأن وقودها الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة، ويبذل الغالي والرخيص لنيلها.

رحم الله شهداء فلسطين الذين غيروا موازين القوى إزاء القضية الفلسطينية في العالم.

*** 

بكر السباتين

2 يناير 2024

 

كانت الرؤية الصهيونية تركز على يهود أوروبا الشرقية وعلى مفهوم الدولة العلمانية الأوروبية النمط على أرض فلسطين. فقبل الحرب العالمية الثانية كان اليهود الاشكيناز يشكلون الغالبية العظمى للتواجد اليهودي في العالم ،والفكرة الصهيونية كانت بتحويلهم إلى تلك الأمة في أرض وجيش تخصها وحدها. لذلك فإن الحركة الصهيونية لم تعر يهود الدول العربية أي اهتمام ولم تعتبرهم جزءا من تلك الأمة التي حلمت أن تزرعها في الوطن القومي( فلسطين).

لكن وبسبب (الهولوكوست) المزعوم الذي طالما تبجحت به الحركة الصهيونية وإبادة الستة مليون يهودي دفعها إلى حث يهود الدول العربية بالهجرة إلى فلسطين من أجل تعديل الميزان الديمغرافي لصالح دولة الاحتلال إلى جانب عدد من المجازر وعمليات التهجير القسري لأصحاب الأرض الشرعيين الشعب الفلسطيني.

وفي ذروة الحرب في نوفمبر/١٩٤٢ عرض دافيد بن غوريون في معهد الأبحاث الاقتصادية في (رحوبوت) خطة استجلاب فورية لمليون يهودي،فكان يهود الدول العربية والإسلامية حتى ذلك الشتاء هم الهدف الممكن. ومن هنا بدأت المخططات لتهجير يهود هذه الدول ونجحت الحركة الصهيونية بذلك. وعند قدومهم إلى دولة الاحتلال تحولوا من يهود عرب إلى يهود (شرقيين) وصودرت منهم هويتهم العربية. وانهارت أسطورة اللبن والعسل التي تم إغرائهم بها حال اصطدامهم بطبقة الأشكيناز الشوفينية والتي اعتبرت هؤلاء طبقة دنيا متخلفة فبدأت معاناتهم بسبب العنصرية وعلى جميع المستويات.

عقب إنسحاب دولة الاحتلال عام ٢٠٠٥ من قطاع غزة أنشأ الاحتلال منطقة عازلة على طول الحدود البرية وبقيت عشرات المستوطنات القريبة من القطاع وأطلق عليها غلاف غزة. ويبلغ عدد هذه المستوطنات ٥٠ مستوطنة. ويعتبر هذا الغلاف خط الدفاع الأول لدولة العدو أمام غزة.

والجدير بالذكر (وزبدة الحكي) كما يقال أن معظم سكان هذه المستوطنات هم من اليهود ( الشرقيين) الذين كما قلت ينظر إليهم المجتمع اليهودي بعنصرية. وقد تم إغرائهم من قبل الحكومة عن طريق التسهيلات المقدمة لهم لأن هذه المستوطنات طالما كانت هدفا سهلا لصواريخ المقاومة الفلسطينية لقربها من القطاع..

وفي ٧/ اكتوبر فر معظم قطعان المستوطنين باتجاه مدينتي تل أبيب وإيلات مع رفض قاطع بالعودة..

فمن أين سيأتي اليوم بنيامين نتنياهو بمن يقبل السكن في غلاف غزة بديلا عن اليهود الشرقيين ؟؟؟

***

بديعة النعيمي

الأرض تصاغرت بسرعة تتناسب طرديا مع سرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس، وما عادت الحدود مانعة للتواصل والإطلاع على أحوال الدول كافة، فوسائل الإتصال المعاصرة المتوافقة مع سرعة الضوء في سفرها بين البلدان وبين الإنسان، قد أحالت الوجود الأرضي إلى جهاز صغير يوضع في الجيب ويستحضر ما يدور عليها أسرع من البرق.

إن إطلاع الشعوب على بعضها سيدفع نحو مسيرات العدالة الكوكبية، بمعنى أن يعيش البشر في جميع بقاع الأرض بذات المستويات وأن ينال حقوقه بالتساوي.

ووفقا لهذا المنطق الذي يفرض نفسه على البشرية، ستكون أنظمة الحكم مرغمة على تبديل سلوكها والتفاعل مع الواقع الجديد بجدية ومواصلة وإصرار، لأن الإطلاع على واقع الآخرين، سيتسبب بثورات عارمة تهدف إلى التغيير والبحث عن جواب كيف نكون مثلهم.

وفي دولنا العربية بعضها إستوعبت الرسالة والمعاصرة، وراحت تعمل بجد وإجتهاد للإرتقاء بمستويات المعيشة، والبنى التحتية والعمرانية إلى أوج ما تستطيع وتقدر عليه، وبعضها الآخر متمترسة بعقائد أحزابها المغالية الخارجة عن العصر، والمندفعة نحو الويلات والتبعيات والخسران، وهي بائدة لا محالة، وستنتهي إلى بئس المصير وسوء المسير.

والمشكلة في الدول المعوقة بعقائد أحزابها وفئاتها، أنها تتخذ من الدين قناعا لإفتراس البشر وإستعباده، ومصادرة عقله وتحويله إلى موجودات راتعة في ميادين إمتهانها، وأخذها إلى ويلات السعير بإسم الدين.

ومن الواضح أنها أفلحت في إمتصاص رحيق البشر ومصادرة عرق جبينهم، وخداعهم وتضليلهم، بالتبعيات والولائيات، وتقليد الآخرين، الذين يوهمونهم بأنهم ينوبون عن رب العالمين، وتلك محنة مدمرة للوجود الإنساني القويم.

إن الحياة تعرت أمام البشرية، وما عادت الأقنعة تنفع للإستغلال من قبل الآخرين على حساب العالمين.

فهل أن اليقظة الكوكبية ستزيح أعداء الإنسانية، وتبني السعادة بإرادة الناس أجمعين؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\1\2022

 

في العقود الأخيرة من زماننا، نسمع بين الفينة والأخرى عن استخدامات للذكاء، تدخل في إلكترونيات وآليات من صناعة الإنسان، منها الهاتف الذكي وما يوفره من خدمات تتأقلم مع متطلبات الإنسان المتحضر، كذلك هناك البطاقة الذكية التي تسهل التعاملات اليومية في كثير من دول العالم، وتعريفات الهوية الشخصية أمام المؤسسات. وهناك أيضا السيارة الذكية، كذلك الروبوت الذكي، وهو صيحة حديثة من صيحات توفير الخدمة للانسان، بتسخير الآلة للقيام بواجبات لم يكن يقوم بها غيره، فجاءت بتوفير الوقت والجهد والمال له.

ولانعلم مايأتي به الإنسان لأخيه الإنسان في المستقبل من اختراعات ذكية، تغنيه عن الكثير من المتاعب والفعاليات الجسدية والذهنية والنفسية، ولكن مع كل هذه التكنولوجيا في التسهيلات الحياتية، يبقى العنصر الأساس في إدارة هذه الأجهزة والمستلزمات هو الإنسان ذاته، فبتوجيهه السليم يتمكن من الوصول الى النتائج الناجعة والمجدية والمتوخاة من هذه الاختراعات.

هنا في عراقنا أرى أن الذكاء أول عنصر مغيب عن التفعيل والاستخدام، وإن أردنا تغيير أوضاع البلد المتردية، يتوجب علينا إعادة تفعيله في مفاصل حياتنا جميعها، أداة ووسيلة ونهجا وأسلوبا وتفكيرا، ليس فيما يتعلق بمواقع مسؤوليات الجهات القيادية ببلدنا فحسب، بل يشترك المواطن في الشارع والبيت والمعمل، فعلى الجميع استغلال عنصر الذكاء في كل خطوة يخطونها، لاسيما في عملهم الذي له تداعيات تعود بالنفع العام إن أحسن فيه، وبالضرر العام والشامل إن أساء أو أخفق بأدائه. ولما كان الشيء بالشيء يذكر، فإن العراقيين لم يسخّروا ذكاءهم إزاء عملية كان حريا بهم جميعا، إيلاؤها الدرجة القصوى من التحلي بالذكاء، وتجييرها لصالح الخير والمصلحة العامة للبلد، تلك هي عملية الانتخابات، ومن المعيب أن صبر العراقيين عقودا على الدكتاتورية، وتحملهم ضغوطاتها، أن لا يعقبه استثمار يكلله العراقيون أنفسهم، بالفوز والنجاح لصالحهم بامتياز، لا لصالح الكتل والأحزاب والتحالفات المنتفعة من عملية الانتخابات، ولا لحساب المرشحين الرامين الى الانتفاع منها كما انتفع الذين من قبلهم.

إن عملية الانتخابات الأخيرة، كان من الواجب عليهم تدارك الأخطاء السابقة، وتسخير كل طاقاتهم الذكية، لينتقوا الرجل الأنسب في "العرس" الانتخابي، بمقاييس تختلف عن المقاييس التي اتبعت في "العزاءات" الانتخابية السابقة، ووضعه في المكان المناسب، من دون أي اعتبار للمحسوبية الفئوية او المنسوبية العشائرية والقومية والعرقية والدينية، وكان على المواطن وضع السنين الماضيات ومردودات عملية الانتخابات السابقة نصب عينه، للمقارنة بين اختياره السابق لكتل وأحزاب وشخوص خذلوه وخيبوا ظنه، بتملصهم من وعودهم ونقضهم عهودهم التي قطعوها، وحنثهم بقسمهم الذي أدوه، وبين مسؤولية علامة الصح التي وضعها إزاء من سلمهم الجمل بما حمل.

كان من الضروري على الناخب انتهاج فكر قويم في تحديد حيثيات المرشح، وكان عليه أيضا النظر للمرشح بعدسة مغايرة لتلك التي استخدمها سابقا، بعد ثبات فشلها. إذ هناك من المرشحين دواهٍ وعمالقة في المراءاة والتضليل، وأسياد لايبارون في الخديعة والمكر والحيلة، ليس أولها ارتداء عمامة بيضاء او سوداء، وليس آخرها توزيع الدنيويات من الحاجيات المنزلية والمبالغ النقدية، تحت ذريعة المساعدة او الهبة، كما أن الزيارات الميدانية التي قاموا بها قبيل طقوس التصويت، باتت فعالية سمجة حد السخافة، وانكشف المتوخى منها أمام أعين أبسط المواطنين.

ما تقدم من طرح، هو في حقيقة الأمر لوم وتقريع لي أولا ولأهلي العراقيين ثانيا، ولا ألوم حظنا وأنعته بالعاثر، إذ نحن ملزمون بالعمل الجاد على انتقاء ذكي، وغربلة ذكية، بوحدات قياس ذكية، لتكون الحصيلة انتخابا ذكيا، فمن غير المعقول والمقبول، أن يدخل الذكاء أجهزتنا وآلاتنا وأدواتنا بسرعة الصوت، فيما يخرج من رؤوسنا بسرعة البرق؟

***

علي علي

 

السؤال الجدلي الذي يفرض نفسه كثيرا في مدارات الصحافة العربية خصوصا على العديد من الصحف الخليجية هو: لماذا توظف أقلام لأجندات اجنبية، ولماذا لا تستحي اقلام فتبيع ذمتها للاساءة والاستفزاز للشقيق العربي والمسلم؟

 الصحافة العربية تئن بأوزار كتاب لا همَّ لهم سوى السمسرة واللهث وراء الدولار والدرهم، مسكين ذلك الكاتب الذي يشهر قلمه ليسيء لبني جلدته ويتقن التفاهة والرداءة التي صارت عنوانا بارزا للعديد من المنابر الاعلامية العربية للأسف خاصة الإلكترونية التي تنعت بالذباب بل حتى الذباب انظف منها.

ما تشهده الصحافة العربية في خضم التحولات والانجازات والرهانات في العالم العربي والمواقف البطولية للعديد من البلدان العربية التي تؤمن بأن الوطن العربي قضية مصيرية ومسؤولية العرب ككل من طنجة إلى مسقط ، وأن فلسطين وكل المعذبين في الارض هي مسائل تقرير مصير وحقوق شعوب في العيش الكريم، إنه “الايدز الإعلامي” الذي يظهر بعلاقات غير شرعية بين كتاب لا حياء لهم ولا خير فيهم إلا ببعض أسمائهم التي لو نطقت لتجردت منهم، في ظل هذا الفيروس العفن في جسم الصحافة العربية، اصبحت قواعد العمل المهني والأخلاقي شعارا فارغا يباع للجهة التي تدفع أكثر على حساب الشرف والنخوة والاصالة والاخوة العربية، وهذا عين الإفلاس لكتاب قاربوا السبعينيات ولا يزالون في أسواق المؤامرة يعتاشون لزعزعة البلدان الشقيقة وبث الفرقة والفتنة بين بني الوطن الواحد وبين الأشقاء. لقد بلغ الامر بكتاب أصحاب المشيخة إلى التدخل في شؤون البلدان بلا خجل ولا ادنى حكمة ارضاء لأسيادهم وفق منطق "الزعران رهن سيده"، ليس من عادتي الرد على أقلام التفاهة، لكن واقع الصحافة العربية في ظل هكذا كتاب الفجور والبهتان، ليثير موضوعاً شائكاً، بحق وهو طغيان الدناءة على الوعي والحكمة والجد المهني.

جميعنا يعلم أن ما يخطط وتحرك أحجاره في العالم العربي من محاولات زعزعة أمن البلدان وضرب اقتصاداتها واضعافها وتسقيط محاولاتها للنهوض بالامة العربية والسعي لافساد كل مبادراتها الاستراتبجية، كل هذا معروف مبرمجه ومموله ومحركه في الجغرافية والاقتصاد والعالم الافتراضي، لكن الدول العربية الرشيدة والواعية والمسؤولة والمخلصة لشعوبها ولامهات القضايا في عالمنا العربي، تاريخها العميق والنظيف والثري هو الذي يحكي عنها قبل ان يكتب عنها كاتب تؤجره، بل لها ابناؤها الاشاوس الذين رضعوا حب الوطن والامة والاسلام والعروبة وفلسطين والمظلومين فولاؤهم للوطن لا جدال فيه ولن يبيعوا كرامتهم واصالتهم بدراهم معدودة أو عديدة..

موضوع الايدز في الاعلام العربي والصحافة تحديدا كما وصفتها، هي إشارة إلى معاناة الأمة مع هذه الظاهرة التي احرقت الأخضر واليابس وبات نجومها يسمسروا في مجالس التطبيع والتطويع، بدل العمل على ردم فراغات بلدانها ولم شمل اوطانها ورأب صدع اقتصاد بلدها المباح من قبل شركات التجويع والنهب والفوضى، فصاروا أسماء تتهافت على مكاتب السفارات من أجل نيل دفعة اولى للعب دور او اداء رقصة اعلامية ضد الاشراف الذين ينبض قلبهم ثورة ضد الفساد والطغيان والهيمنة والاستدمار .

ظاهرة الدناءة التي انتشرت في اوراق كبرى عناوين الصحافة العربية بشكل كبير، ازاحت الستار عن فوبيا الرجال الذي أصاب العديد من اشباه العرب.

وبإطلالة سريعة على محتويات مقالات كتاب "التطبيع الدفيع" بلغة أشقاءنا المصريين، نجد أنها باتت تقتات على إثارة الفتن واستفزاز الكرام الذين صمتهم رحمة وقولهم ثورة، الذين عقدوا العزم ان لا ذلة في قاموسهم، حيث تنامي ظاهرة الدناءة في الاقلام المأجورة والمسعورة هو نتيجة لـمتغيرات وتطورات مهمة جداً حدثت على المستوى العربي والعالمي قبل 7 اكتوبر من العام الماضي وبعده ، حيث انتقلنا إلى اقتصاد العزة والشهامة والكرامة الإنسانية عامة والعربية خاصة.

لقد كانت الصحافة تتيح الشهرة للأشخاص على أساس جودة الأفكار وقوة الطرح والمنطق ، لذلك في السابق كانت الدناءة صعبة الحصول والتحقق وتكاد تكون حالات نادرة جداً، ولا ريب عرفت الصحافة في الغرب والشرق حالات من الاقلام الموظفة لحرق البلدان وتسقيط الكيانات والمؤسسات لكنها ظلت شبه منعدمة أمام الضبط المفروض على الصحف في إلتزام المهنية والموضوعية ، لكن مع موجة حرب الجيل الرابع والخامس اصبح المعيار هو التمويه المنتج.

للفوضى في نطاق محدد من المجال العربي لا لشيء لأن هذا -المجال العربي-معطل لرهانات التطبيع والاستدمار والهيمنة.

من هذا المنطلق، يبدو الحديث عن الصحافة العربية المعاصرة في بعض صور أحراز كتابها قلبت السحر على الساحر لأنها شر اريد بالعرب تحت مسمى خير ينسب زورا للعزيز الحكيم بل هو مكر لا خير سوى في اسمه ولا يحق المكر الا بأهله ..و أهل مكة أعلم بما يصلح لها والذي جاء بالصدق وصدق به فاولئك هم المتقون.

***

مراد غريبي

 

إنّ بنك الجلد هو نظام تخزين عينات من الجلد يتم استخدامها في عملية الترقيع أو زراعة الجلد سواء للتشوهات أو الحروق على اختلاف درجاتها، ويستخدم الاحتلال الصهيوني بنك الجلد لمعالجة  أصابات الحروق بين جنوده . لكن السؤال  ما مصدر هذه الجلود؟ هل يتبرع الإسرائيليين بجلودهم بعد الموت لبنك الجلود؟ ....الخ . والكثير من الأسئلة التي يثيرها  بنك الجلود الصهيوني...

وقد صرح أحد الحاخامات في معهد "شختر" للدراسات اليهودية  ان الديانة اليهودية  تنص على عدم "التنكيل بجسد الميت أو إهانته"، وتدعو لدفن الميت بعد وفاته بوقت قصير"، وهو ما فسره رجال الدين بضرورة دفن الميت وكل أعضائه في الوقت نفسه، لكن معظم الحاخامات أجازوا لاحقاً نقل أعضاء من شخص ميت لآخر حي بهدف إنقاذ حياته. ورغم تناقض  الآراء بين رجال الدين اليهودي . إلا إن  قناة العاشرة الإسرائيلية عام 2014، نشرت تقرير تؤكد امتلاك  إسرائيل ما يقارب 170 ألف متر مربع من الجلد البشري وهو رقم ضخم للغاية مقارنة مع عدد السكان في دولة الاحتلال.

 وقد كشفت الطبيبة مئيرا فايس في كتابها "على جثثهم الميتة" عن تفاصيل جريمة سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين واكدت مشاهدتها كيف كانت تتم سرقة الأعضاء من جثامين الفلسطينيين. حيث كانوا يأخذون الأعضاء من الجسد الفلسطيني، قرنيات، وجلود، وصمامات قلبية، ولا يمكن لغير المهنيين أن يتنبهوا لنقص هذه الأعضاء، حيث يضعون مكان القرنيات شيئا بلاستيكيًّا، ويأخذون الجلد من الظهر بحيث لا ترى العائلة ذلك. ثم تستخدم الأعضاء التي تتم سرقتها مِن قبل بنوك الأعضاء الأخرى في دولة الاحتلال من أجل الزرع وإجراء الأبحاث وتعليم الطب"(1).

في فيلم وثائقي انتشر عن قضية بنك سرقه اعضاء الشهداء  عام 2009م ثمة اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي يهودا هيس يؤكد فيها سرقتهم أعضاء الشهداء في المعهد. وهناك العديد من الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤكد سرقه جيش الاحتلال لأجساد الشهداء واستئصال ما يريدون من اعضاء وجلود دون مبالاة ..

ونتيجة طوفان الأقصى  وقصف جيش الاحتلال غزة باستمرار لما يزيد عن 80 يوماً حتى الآن . لم يكتفي الاحتلال بسرقة الأرض وقتل المدنيين من أطفال ونساء بل لاحق اجساد الشهداء بعد موتهم أيضا من خلال الاجتياح البري للمستشفيات ونبش القبور  وسرقة اجساد الموتى . وذلك من خلال  أعلان  رئيس التجمع الطبي اللبناني وممثل الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية في لبنان البرفسور "رائف رضا" بأنه لم يكتفِ الكيان الاسرائيلي بإبادة شعب غزة بل قام بسرقة جثث الشهداء من مستشفى الشفاء بهدف سلخ جلودهم لبنك الجلد الصهيوني.

واضاف بأن الكيان الاسرائيلي ارتكب جرائم الحرب عبر قطع المياه والكهرباء والوقود والأدوية وقصف واقتحام المستشفيات وآخرها مستشفى الشفاء التي أطبقت عليه، وخرب أقسامه ومعداته وقطعت الأوكسيجين عن الخدج وروعت المرضى والجرحى، وأخرج الكثير منهم دون علاج، وادعى ادعاءً زائفًا بوجود أسلحة في المستشفى من أجل الإفلات من الجريمة وإبادة الشعب وخاصة في المستشفيات التي هي محمية كما يُدعى باتفاقيه جنيف الرابعة، بحماية المستشفيات والأطباء والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية وغيرهم.

وتابع: "ها هم نبشوا المقبرة الجماعية في مستشفى الشفاء وأخرجوا 145 جثة شهداء بطريقة قذرة وبشعة، والهدف الأساسي من سرقة الجثث هو سلخ جلودهم ووضعها في بنك الجلد الصهيوني التابع للقطاع الطبي للجيش الصهيوني ويعد من أكبر البنوك في العالم للمتاجرة"(2).

ما يحدث لشعب الفلسطيني من إبادة جماعية  الآن على مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك أحد ساكناً ويؤكد لنا أن جميع المنظمات الغربية من حقوق الإنسان ، حقوق الطفل ، حقوق المرأة ، والقانون الدوالي.. الخ . ما هي إلا أكذوبة ذات معايير مزدوجة فحياة المواطن الفلسطيني أقل قيمة من الآخرين . يبدوا أن حقوق الإنسان لم تنشأ من أجل شعوب العالم الثالث ما هي إلا أكذوبة خُدعنا بها.....

***

آية محيي الدين عمر

 

.....................

https://www.azhar.eg/observer (1)

سرقة اجساد الشهداء من مجمع الشفاء

https://ar.irna.ir/news  (2)

 

قوله تعالى "ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ " (ابراهيم 22): أي لست بمغيثكم ومنقذكم، وليس معناها الدارج مناديكم أي من الصراخ والنداء. جاء في تفسير الميسر: بِمُصْرِخِكُمْ: بِ حرف جر، مُصْرِخِ اسم، كُمْ ضمير. بمصرخكم: بمُغيثكم من العذاب، بمصرخيّ: بمغيثيّ من العذاب، ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ: بمغيثكم و منقذكم من العذاب. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى "وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ" ﴿ابراهيم 22﴾ "ما أنا بمصرخكم" بمغيثكم "وما أنتم بمصرخيَِّ" بفتح الياء وكسرها،

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "مَا أَنَا . بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" (ابراهيم 22) أي: ما أنا بمغيثكم ولا معينكم وما أنتم بمغيثي ولا معيني. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله "ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" (ابراهيم 22) الصارخ هو المستغيث، والمصرخ هوالمغيث، والمعنى أن الشيطان يقول غدا لأتباعه: ما أنا بمغن عنكم شيئا، ولا أنتم مغنون عني شيئا، وليست بيني وبينكم أية صلة.

جاء في موقع الولاية الصريخ لغة: (هو المغيث والمستغيث، فهو من الأضداد وفي المثل: عَبدٌ صَريخهُ أمَةٌ، أي ناصره أذل منه). الاستصراخ الإغاثة الاستغاثة بلا مغيث في قوله تعالى: "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل" (فاطر 37). ومنه الصراخ وتعني الاغاثة، وتلبية الصارخ، ومنه قوله تعالى: "ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخيّ" (ابراهيم 22) وجاءت دلالة (يستصرخ) بمعنى يطلب النجدة في فزع ومنه قوله تعالى: "فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه" (القصص 10)، أي يطلب النجدة وهو في حالة فزع شديدة، نتيجة الرعب والخوف الذي نزل به.

***

د. فاضل حسن شريف

العبرة في حياتنا: العقل والحب والآثر الطيب الجميل

جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد عش ماشئت فإنك ميت واعمل ماشئت فإنك مجزى به وأحبب من شئت فإنك مفارقه وأعلم أن شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه استغناؤه عن الناس (رواه الطبرانى).مغادرة الدنيا هي أخطر حدث ينتظرنا في المستقبل ولكن لاندرك معناها متى وكيف والى اين؟ الانسان يسافر ويرجع، يذهب في نزهة ويعود للبيت، أما اذا مات فلا عودة، فهنيئا لمن يحرص على ان يظلم احدا،، ولا يكره ولا يحقد ولا ينافق، ولا يجرح احدا ولا يرى نفسه مغرورا فوق الجميع، كلنا راحلون عن ظهر الدنيا.

إن الفراق من أصعب الأحاسيس وأكثرها قسوة وإدماء للقلب والوجدان، ففي رحلتنا القصيرة في هذه الدنيا، تضعنا الأقدار في طريق أشخاص يرافقوننا في مسار الحياة ويتركون بصمتهم الخاصة في العقول والأذهان، فلا يسع الفؤاد إلا أن يحبهم ويتعلق بهم أيما تعلق، فيرتبط وجودنا بشكل أو بآخر بوجودهم، وتطمئن جوارحنا لمجرد رؤيتهم، يملؤون حياتنا أملاً وحباً وانشراحا،، وفجأةً في إحدى اللحظات الخاطفةِ نستسلم لقطار الحياةِ السريعِ فتأخذنا مشاغلنا بعيدا عنهم، وتجبرنا أنانيتنا وما وضعناهُ لأنفسنا من أولوياتٍ على أن نخطّ لحياتنا مساراً مغايراً، فلا نكاد ندركُ شيئا حتى نجد أنفسنا قد انجرفنا في مادية الحياة وشهواتها وقد أنسانا الزمن أحبابنا وأصدقاءنا. فتخطفنا الحياة فجأة لتخبرنا بأن الله أخذ أمانته وانتقلت الروح إلى بارئها، ويجعلنا الموت في صراع رهيب مع ذواتنا ودواخلنا،، فلا ندري أنحزن لموت الحبيب وفراقه أم لضعفنا وعجز قوتنا، ولا نعلم أنندم لسنوات أضعناها بعيدا عنهم ومشاغل حرمتنا أنسهم ومجلسهم، أم نبكي لفراقهم وانقطاع لقياهم. إن الموت فرصة مناسبة لطرح الأسئلة، أسئلة حول وجودنا والهدف منه وبخصوص ما قدمنا في دنيانا لآخرتنا. الخوف من الموت غريزة حية لا معابة فيها، وإنما العيب أن يتغلب هذا الخوف علينا ولا نتغلب عليهِ

علينا ان ندرك أن العبرة في الحياة ليست بما تشاهده العين من وجوه، ولكن ما يستقر في النفسِ من أثرٍ، قيمتنا فيما ننتجه، وفي البصمة التي نتركها بعد وفاتنا، فكم من الناس ألهموا العالم وغيروا مجرى البشرية بوجودهم، وكم من نفس عاشت وماتت دون أن تترك أي تغييرٍ يذكر! فاختر أنتَ من تكون.

نعم ! فراق الأحباب مؤلم، لكن نحتمله ونتحلى بالصبر حين نعلم أنه سيُتبَع بعد أشهر أو سنوات بلقاءٍ. الأكثر إيلاماً ووجعاً هو الفراق الأخيرُ، عندما نشعر بالفراغ بدواخلنا بعد النظرة الأخيرة، وبالألم المزمن بعد الوداعِ، فكلما تعودت النفوسُ على أشخاصٍ وكلما تخالطت الأفراح والأحزان يكون الفراق صعباً وقاتلاً، ولكن عندما نفكر قليلا نجد أن هذه سنة الحياة وقانونا أزلياً في الكون، مهما هربنا وتهربنا من الواقع فإننا ندرك أننا سنفقد آباءنا وإخواننا وأحبابنا في يومٍ من الأيام، لنستيقظ أمام الواقع المرير الذي تفرضه الحياة علينا

بكل جوارحنا واحاسيسنا – نستقبل عام بأبتسامة، نتمنى ان يكون العام الجديد 2024 عاما سعيدا لنا ولشعبنا ووطننا وان يمنح الله الحكمة لاصحاب السلطة والمال، اللهم عاما يغاث فيه الناس من احزانهم وامراضهم وعثراتهم واوجاع قلوبهم، اللهم عاما لا يزوره احزان مليئا بالخير والافراح، اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا ولا تفجعنا في احبابنا –ونسأل الله ان يختم عامنا الراحل بدعاء مستجاب ومغفرة للمؤمنين الصالحين بلا عذاب، وان يفتح لنا ابواب الرزق الحلال.. رددوا معي اللهم امين.

***

نهاد الحديثي

 

حملت الأخبار الموجعة للقلب أن الوزير الأول البريطاني الأسبق توني بلير سيقوم قريبا بجولة أوروبية لمحاولة اقناع العديد من الدول الغربية بقبول منح الموافقة على استقبال الفلسطينيين من أهالي قطاع غزة " كلاجئين "على أراضيها وهي محاولة يراها البعض مسعى" كريم" لإنقاذ شعب من خطر الإبادة والفناء.

عندما أعطى من لا يملك من لا يستحق عام 1948ضمنت قوة عظمى لنفسها موطأ قدم استراتيجي هام في الشرق الأوسط بعدما سلبت الفلسطينيين أراضيهم وممتلكاتهم ثم حشرت بالقوة مكانهم أقواما من شتات الأرض في مناطق ليست حقا لهم ولم تكن يوما ملكهم، وبرغم مرورعشرات السنين عرفت البشرية خلالها تطورا في المفاهيم ورقيا في الفكر السياسي يبدو من واقع الحال أن المستعمر باقي على حاله فكرا وسلوكا لم يتغير في شيء لأنه لم يستفد من دروس التاريخ ولم يتخذ من التجارب الإنسانية السابقة درسا له أو عبرة، بمعنى لم يخجل من عرة تاريخه الاستعماري ومن موبقات تعاملاته وسوءاته القبيحة، فكانت المفارقة أنه تمت سرقة هذا الكائن الضائع الغريب من طرف قوة أخرى أكبر منه وأقوى تتشكل من خليط المهاجرين الأوروبيين استغلت الوضع لجعل هذا الكائن ـ ذراعا قويا لها، وشيئا فشيئا تدحرجت قيمة وأهمية من سبق أن أعطت لنفسها حق العطاء وفقدت مكانتها الريادية ولم يبق لها سوى اسمها، لقد تلاعبت القوة الزاحفة على العالم من الأراضي الجديدة بأعرق الحضارات الأوروبية وجعلتهاألعوبة في يدها تسحبها وقتما تشاء لأداء أدوار غير منطقية فتراها تقوم بما تؤمر به وهي لا تعي ما تفعل إنما تفعل ما يراد لها ولو على غير قناعة، حدث ذلك في حرب غير شرعية لتدميرالعراق وقتل الآلاف الأبرياء من شعبه وكذا من الجنود أبناء الطغاة الذين جرى اقتيادهم غصبا في أتون حرب لا يعلمون يقينا سببها ثم اتضح للجميع مدى حجم الكذب وذاقوا عمق الشعور الأليم بعار الفضيحة.

ومرة أخرى، تعود من لم تكن الشمس تغيب عن أراضي مستعمراتها في محاولة يائسة لاستعادة بريقها العالمي المفقود، تريد أن تؤدي دورا ما ولكن للأسف في الوقت الضائع، لقد أفاقت من غفلتها العميقة على معطيات أخرى تختلف تماما عن تلك التي تركتها قبل انكفائها على نفسها والدخول في سباتها، لذلك تتعامل مع معطيات الوضع الدولي الراهن بعقلية قديمة ووفق مفاهيم بالية وانطلاقا من أرضية ثقافية رثة وبعقيدة مضطربة وتريد أن تؤدي دورا يعيد لها كبرياءها الضائع في الطريق بين دهاليز قصر بكنجهام وبين أروقة مقر 10 داونينج ستريت الحكومي، قد ترى بعض الحكومات الغربية أن التعامل الإيجابي مع المسعى البريطاني ــ الذي يبدو غير رسمي ــ ممكن التنفيذ وسيكون مفيدا لكونه قد يسهم في وضع حد للقضية الفلسطينية التي جرى استغلالها لعهود طويلة لاستنزاف قدرات الدول الأوروبية في دعم الكيان المستحدث والتي تكون قد ضاقت بانعكاسات أزمة لا أفق واضح لحلها، فيما قد ترى أخرى أن عدم التجاوب مع هذا المسعي سيعفيها من مواجهة تداعيات أزمة مستوردة عميقة لم تكن طرفا فيها ولا تطيق تحمل نتائجها، ويمكن أن تضركثيرا بمصالحها مع الدول العربية، خاصة وأن هذا المسعي يتناقض مع القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية ويتعارض مع الإرادة الدولية، والمعنى أنه مسعى بائس صادرعن طرف تعيس لا يزال يتصور واهما أن بإمكانه أن يواصل جهود التمكين للكيان الدخيل في ظروف لم تعد هي عالمه الماضي، ولكن إن لم تستح فافعل ما تشاء، والثقة الكبيرة في أصالة الشعب الفلسطيني تجعل الجميع مطمئن إلى صلابة الموقف الشعبي الفلسطيني في تمسكه بأرضه المدعوم من كل أخوته العرب .

***

صبحة بغورة

1 - لو لم تكن إيران، دولة إسلامية الدين والمذهب، لما فعلت بالعراق كل تلك ألبشاعات، وبتلك الوحشية والهمجية، ولما توافقت مع أمريكا وأسرائيل، على انهاك العراق وتدميره، ولما اغرقت المجتمع العراقي ودولته، بكل انواع المخدرات، الجسدية والعقلية والعقائدية والثقافية والأجتماعية، ولما جعلت من العراق سوقاً، لمختلف المخدرات التي ينتجها حزب ألله البناني، وحولت محافظات الجنوب والوسط، الى مستنعات للجهالة والفقر والخوف والأذلال، وعرضته لوحشية وبربرية ألمليشيات، وجعلت من الشعوذات والتخريف ثقافة رسمية، أيران وكما هي امريكا واسرائيل، جعلت من الأسلام مقبرة لعروبة ألنبي محمد، والعكس أيضاً صحيح، لو علم النبي، أن دينه لا يصلح لعروبته، وعروبته لا تصلح لدينه، لوظف مواهبه وقدراته، ألى قضية اُخرى، اكثر نفعاً لأمته، لكن الآوان قد فات، وان الأنحار ألنهائي، للدين الأسلامي قادم حتماً.

2 لا يُسمح لمن يعمل ولائه لصالح دولة اجنبية، كمرتزق وعميل وخائن، أن يدعي الجهاد وشرف الشهادة، ويقدس عمالته لعواصم ارتزاقه، وهو ألمؤجر لأيرن، والمنتمي لأهم وأشرس مؤسسات أجتياحها، لم يعرف التاريخ العراقي ألحديث، أن هناك من يقدس المحتل، امريكي كان ام ايراني، ليس هناك مبرر اخلاقي، لحق الأختيار بين الولاء لأمريكا او إيران، وكلا الدولتين وعبر التاريخ العراقي الحديث، متوافقتين على انهاك وأخضاع العراق، دولة ومجتمع، ونقطة انطلاق للتوسع وأخضاع كامل المنطقة، اذا كان النفوذ الأمريكي، يمكن معالجته بثورة شعب، فاذرع الأجتياح الأيراني، الممتدة والمتغولة، في محافظتي النجف وكربلاء، ليس من اليسير معالجتها، أنه إجتياح عقائدي وفكري وروحي ونفسي وعاطفي، إنه مخدر شامل مدمر ومكلف، وبالضرورة أولاً، تحرير العقل الجمعي، لمجتمع الجنوب والوسط، من تراكم الجهل والفقر والخوف والأذلال، عبر الأجتثاث ألتام لمافيات ألشعوذة والتخريف، وتجفيف مستنقعات جميع، ألمخدرات ألفكرية والسياسية والأخلاقية والتربوية، ألتي تحاصر الوعي المجتمعي، في الجنوب والوسط، ومنه محافظتي النجف وكربلاء بشكل خاص.                  

3 - لقد اثبتا العقدين الأخيرن، ما بعد الأحتلال الأمريكي والأجتياح الأيراني، أن التوافق بين أطماع الدولتين، المحكوم بجنون التوسعغ الأسرائيلي، يشكل مشروعاً خانقاً ومدمراً للمنطقة برمتها، وسيلعب ثلاثي العملية السياسية في العراق، دور المفخخة الأخيرة، لتفجير المتبقي من الوحدة الوطنية، الى جانب الأدوار الخبيثة، للصمت الشيطاني في مهام المراجع العظام!!!، والتي ستشعل حرائق الفتنة أمؤجلة، من زاخو حد الفاو، حيث التمزيق المخيف لوحدة المجتمع العراقي، فالعراق دولة ومجتمع، وبكافة مكوناته وشرائحه، يقف الآن على حافة نكبته، ثورة الأول من تشرين عام 2019، كانت الأعلان الأول للتغيير، ولم تستطع ماكنة الأبادة من كسرها، لكن موجة الأنتهازيين، وحدها تتحمل مسؤلية خذلانها وإنهاكها، ولا زالت عودتها، تلهث من تحت رمادها، إنها ثورة شعب وحقيقة.

4 - بيوت العمالة والخيانة، للهويات المكوناتية، وبعد ان سحقت، هوية المشتركات الوطنية، تستعد الآن لأكمال ادوارها، فحصتي امريكا وأيران ، الى جانب مجندي اسرائيل وتركيا والعملات الخليجية، قد وصلت نقطة مواجهتها، مع المكونات والقوى الوطنية للمجتمع العراقي، انهم ورغم عنجهياتهم الفارغة، يضعون الآن رؤسهم في جيوبهم، ويبحثون عن افضل واقصر الطرق، لهم وعوائلهم ومسروقاتهم، للوصول (إن أفلتوا)، الى نهايتهم الأمنة، في عواصم الأرتزاق، ونحن مثلهم (احيانا) ننسى، ان العودة الساخنة للعراق، ستمسح شوارع وساحات بغداد والمحافظات، بأسمال نهاياتهم القذرة، وعلى العراقيين كعادتهم، ان يبقوا على موعد، مع لحظة الأنفجار الوطني.

***

حسن حاتم المذكور

طالما استثمر اليهود أحداثا تاريخية مثل (الهولوكوست) المزعوم وجندوها من أجل الواقع كما استفادوا منها قدر الإمكان لما سيجلبه المستقبل للمدعو بالشعب اليهودي. وما بين التربية الممنهجة في المجتمع اليهودي على القوة وما بين اللجوء بعد ما يدعيه اليهود من أحداث دامية لهم في الشتات نشأت فكرة (الضحية). وأصبحت هذه الفكرة فيما بعد أداة خصبة تبنتها الطغمة السياسية في دولة الاحتلال ،حيث عملت على مأسسة هذه الأحداث التي حلت باليهود في أوروبا الشرقية من خلال تنظيم زيارات للشباب اليهودي إلى معسكر الإبادة في أوشفيتس في بولندا. والهدف من وراء ذلك تذكير هؤلاء الشباب المحاربين في المستقبل أنهم جاءوا من هنا كبقية اليهود بهدف الحفاظ على استمرارية وجوده وبقائه.

وقد استخدمها أيضا السياسيون لإقناع العالم بالتعاطف مع اليهود وخاصة في أوروبا التي اضطهدت اليهود وقامت بمعاداتهم وارتكاب المجازر بهم على حد قولهم. فما كان من هذه الدول بالفعل إلا أن حملت عقدة الذنب لما فعله من سبقهم ،وقد بلغ التعاطف مع دولة الاحتلال وصل إلى اكتساب تأييد الشعوب بفعل تلك الدعاية لكل قرار يدعم اليهود حتى لو كانوا هم المعتدين وهم دائما معتدون.

وطيلة عقود ظلت عقدة الذنب تجاه المجتمع اليهودي قائمة عند تلك الشعوب إلى أن حل تاريخ ٧ اكتوبر عندما بدأت دولة الاحتلال حربها الهمجية على قطاع غزة بأسلحتها المتطورة التي زودتها بها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من عظميات الدول، وجنود من مختلف الجنسيات بالإضافة إلى مرتزقة الأرض. فارتكبت أفظع المجازر عنفا من حيث الكم والنوع على مر التاريخ. وهنا سقط القناع الذي تحصنت خلف براءته دولة الاحتلال لأكثر من سبعة عقود ليظهر الوجه الحقيقي القبيح لها فانعكست الصورة وانقلبت الموازين في الاتجاه الصحيح هذه المرة عندما انتفضت شعوب العالم بالملايين إلى الشوارع منددين بالمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال معلنين تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

فمن الدول العربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى بريطانيا فإيرلندا وبقية الدول خرج الجميع ليقول لدولة الاحتلال ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية بعتادها وعدتها :

 كفى، أوقفوا القصف واخرجوا من غزة، فقناع الضحية قد سقط.

***

بديعة النعيمي

 

من شعب واحد بدولتين الى شعب بدولة وهوية، بالتأكيد لم تكن الوحدة بين الشطرين سهلة المرام بل استمرت فترات من الزمن بين الاشقاء، لا نشك ان هناك قوى اقليمية لم تكن ترغب في توحيد الشعب اليمني، أيا يكن الامر اتحد الشعب وانشئت الدولة الموحدة، ربما شعر بعض اليمنيين بالتهميش حيث غلب على السلطة اخوة لهم من الشمال، قد نعزوا ذلك الى الوضع الاقتصادي البسيط نظرا لقلة الموارد الطبيعية واكتشاف النفط والغاز جاء متأخرا بعض الشيء لكن لا نخلي مسؤولية من هم في السلطة على الوضاع المزرية.

مع انطلاقة الربيع العربي الذي بدأ واضحا انه لم يكن لأجل اجتثاث الطغاة وتحسن الوضع المعيشي والسياسي (التعددية) بل لتجزئة الوطن العربي والعمل على احداث فتن بين مكوناته الأثنية التي شهدت تالفا بينها للنهوض بالأوطان المستحدثة وفق اتفاقية سايكس –بيكو، اليمن كان مستهدفا بالتغيير، مجلس التعاون الخليجي لم يضم اليه اليمن لأنه يعتبره بلدا فقيرا ولا فائدة منه، الخليجيون هم من قاموا بتنفيذ الربيع العربي والمساهمة بأموالهم في تحقيقه واليمن من ضمنه، بداية ساهموا في ازاحة الرئيس وابقوا على حزبه في السلطة، ثم قتل الرئيس وسحبت السلطة من الحزب ودخل اليمن مرحلة صراع اقليمي.

مجلس العموم الجنوبي (هيئة الرئاسة، والجمعية الوطنية، ومجلس المستشارين)، وفق ما يرى ناشطون وسياسيون ينتمون الى ما كان يعرف بدولة جنوب اليمن ويسعون الى انعقاد جلسات له في عدن (الاول من يناير 2024)، مختص بمناقشة القرارات المصيرية المتعلقة بهوية شعب الجنوب وسيادته. ويعتبرونه المرجعية السياسية في إقرار أو قبول أو رفض أية حلول تتعلق بالقضايا المصيرية لشعب الجنوب، وبما يحقق تطلعاته وإرادته والمُتمثلة في استعادة الدولة كاملة السيادة، كما يصرون على ان انعقاده يعد خطوة من خطوات البناء المؤسساتي لدولة الجنوب المنشودة ويعتبرون انه الانعقاد يأتي في ظل تكالب القوى التي يدعون انها معادية لهم.

أيا تكن المبررات التي يسوقها هؤلاء (جميع القضايا يمكن حلها بالحوار ان خلصت النوايا وفك الارتباط مع الخارج) فإنها تعد خطوة لتشرذم اليمنيين (الشعب وليس الساسة) الذين اثبتوا على مدى سنوات انهم اخوة مترابطين يوحدهم الوطن والمصير.

يمثل اليمن البوابة الجنوبية للبحر الاحمر الذي يعد بحرا عربيا، وبالتالي فان دولا اقليمية وقوى اجنبية لا ترغب في ان يكون امن وسلامة الملاحة به بأيدي دول المنطقة، لذلك انشات هذه الدول بعض القواعد بأريتريا وجيبوتي والصومال المجزأ، للتدخل عند الحاجة، وقد لاحظنا ذلك بسعيها المحموم لتشكيل تحالف دولي لضمان عبور بوارجهم وسفنهم الحربية لإمداد العدو الصهيوني بما يحتاجه خاصة وان العدو ومن ورائه امريكا والغرب يشنون حربا شعواء لا هوادة فيها على قطاع غزة المحاصر منذ 3 عقود، ارتكبوا ولا يزالوا ابشع الجرائم بحق المدنيين العزل من اطفال ونساء، ولم تسلم المشافي ودور العبادة من اعمالهم الشنيعة.

قد يتعثر تشكيل التحالف لكنه يظل هاجسا يؤرق دول المنطقة، ويسلبها حقها في الابحار بحرّيّة ، حيث تسعى امريكا ومن معها الى التحكم في المعابر-المنافذ الدولية. وتظل صنعاء عاصمة لليمنيين وان طال السفر.

***

ميلاد عمر المزوغي

المجتمع الاستيطاني الصهيوني سيعيد انتخاب مجرم الحرب نتنياهو كما أعاد المجتمع الأميركي بوش الابن بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر! أعتقد أن فكرة أن نتنياهو قد انتهى سياسيا وأن مستقبله السياسي قد انتهى وأنه سيذهب إلى السجن بعد أن تنتهي حرب الإبادة على غزة فكرة خاطئة وخطرة. هذه الفكرة قد تصح في المجتمعات الطبيعية المنسجمة مجتمعيا تحكمها دولة مؤسسات ديموقراطية وليست في دولة استيطانية عنصرية قائمة على الحروب والعدوان واغتصاب أوطان شعوب أخرى! لنا مثال على ذلك في الولايات المتحدة الأميركية؛ فبعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وسقوط آلاف القتلى، شنَّ جورج بوش الابن حروبه الثأرية بالقصف السجادي وأسقط نظام طالبان عام 2001 ثم شنَّ حربه "السجادية" الثانية على العراق وأسقط نظام حكم دكتاتوري دموي متخلف بعد حصار شامل طويل قتل بسببه أكثر من مليون عراقي غالبيتهم من الأطفال سنة2004، ودمر بوش البلدين - أفغانستان والعراق- وزرع فيهما نظامي حكم رجعيين عميلين، وكان منطقياً - لو كنا في حالة مجتمع طبيعي ديموقراطي منسجم وليس في مجتمع استيطاني قائم على الحروب والعنصرية وهيمنة الإنكلوسكسون - أن يطاح الرئيس المرشح بوش الابن في انتخابات 2004، ولكن غالبية المجتمع الاستيطاني صوتت له وجددت عهدته الرئاسية لأنها اعتبرته بطلها الحامي قاتل الأعداء الذين يهددون هذا المجتمع المفتعل القائم على القتل ولعدوان!

مجرم الحرب نتنياهو يبيد الفلسطينيين اليوم في حرب إجرامية عنصرية أمام انظار العالم – وخاصة الحكومات العربية والإسلامية الاستبدادية - المتفرج الساكت إلا ما ندر، ويحاول - نتنياهو - أن يزيد عدد قتلاه من المدنيين الفلسطينيين إلى أقصى حد ليرضى عنه المجتمع الاستيطاني وينسى فشله العسكري سواء في صد هجوم السابع من تشرين أول أكتوبر أو في حرب المواجهة مع المقاومة الفلسطينية التي خسرها ويخسرها كل يوم، وحين ستنتهي الحرب سيخرج نتنياهو والمحازبون له ليفاخروا خصومهم بعدد قتلاهم الفلسطينيين ولا أستبعد تماما أن يعاد انتخاب نتنياهو ويصعد اليمين العنصري الصهيوني مجددا ويدير الدولة الاستيطانية ويخوض المزيد من الحروب ضد الفلسطينيين والعرب عموما!

***

علاء اللامي

مساء ٢٥/نوفمبر/٨٧ نُفذت في شمال دولة الاحتلال عملية فدائية فلسطينية كانت من أنجح العمليات بعد أن أغلق العالم أبوابه كلها أمام فلسطين. فقد نجح فدائي طيار في اجتياز منطقة الحزام الأمني اليهودي في جنوب لبنان بطائرة شراعية ذات محرك، وهبط في منطقة أصبع الجليل بالقرب من مستوطنة (كريات شمونة) بهدف اقتحام أحد معسكرات (الناحل) التابعة لجيش الاحتلال (معسكر غيبور) حيث تمكن قبل استشهاده من قتل ضابطين وأربعة جنود يهود وجرح سبعة منهم. وكانت (ياعيل ديان) ابنة موشيه ديان قد ادعت أن هدف العملية قتل نساء وأطفال مدنيين.

وعاشت المستوطنات اليهودية في الشمال ليلة من الرعب لن تمحى من الذاكرة وسط ذعر وهروب إلى الملاجئ. ويقول شمعون فايس في نهاية وصفه لما حدث (وإن أي طبيب نفساني مبتدئ يستطيع أن يوضح أن من الصعب تخليص الأفراد من رعب ليلة كهذه). كما أوقعت هذه العملية سياسة الأمن اليهودي في مأزق كبير حتى أن آرييل شارون حيث أثبتت هذه العملية فشله الذريع (أن من الواجب قطع يد القتلة) واليوم ٢٠٢٣ كررها بنيامين نتنياهو حينما قال سنقضي على حماس.

فما أشبه اليوم بالأمس. فالطائرة الشراعية التي استخدمها مجاهدو القسام في ٧/ اكتوبر ليست بالأمر الجديد ،فما حدث عام ٨٧ بطائرة شراعية عاد ليحدث في ٧/ اكتوبر بفارق أن فدائي ال٨٧ بذر بذوره وتركها لحين يوم حصاد فكان هذا الحصاد عملية طوفان الأقصى حيث استخدمت الشراعية إلى جانب بقية وسائل اقتحام غلاف غزة وهي طائرة بدون محرك تعتمد في تحليقها على التيارات الهوائية لأجنحتها في هدوء ونعومة مثل الطيور،طبعا بهدف صنع عنصر المفاجاة للعدو.

وما لن يمحى من الذاكرة العربية الحرة مشهد الطائرات الشراعية وهي تنقض كالنسور الجريئة على فرائسها (المستوطنات). والذعر الذي حدث من هروب لقطعان المستوطنين في ٨٧ عاد ليحدث في ٢٠٢٣ عندما أصبحت مستوطنات الغلاف في قبضة المجاهدين. وبهذا تكون العملية قد نجحت في إثبات الفشل الاستخباراتي لجيش الاحتلال بشرخ جدار الأمن الذي عمل عليه قادة الدولة منذ قيامها. فبعد تأسيسها عام ٤٨ أشرف بن جوريون رئيس وزراء دولة الاحتلال آنذاك على بلورة نظرية الأمن القومي المنبثقة من أطروحة (جابوتنسكي) الأب الروحي لليمين اليهودي (أطروحة الجدار الحديدي) حيث يستند إلى بناء قوة عسكرية رادعة للحفاظ على أمن الدولة لكن عملية ٨٧ ضربت هذا الجدار واليوم نراه ينهار أمام طوفان الأقصى والذي سيكون بإذن الله بداية انهيار هذه الدولة. وعلى نتنياهو ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول الشيطان أن تفهم ان لا بقاء لدولة سرقت ما هو ليس ملكا لها.

***

بديعة النعيمي

 

مازال الغرب يكشف عن المزيد من ملامح وجهه القبيح حتى صرنا نقرأ قسماتهم، نعي نظراتهم،نعرف إيماءاتهم ونسمع همساتهم بعدما تعارفنا من المسافة صفر.

العداء الأزلي السافر للإسلام والعروبة هو السمة المشتركة بين الصهيونية والغرب، وكلما اقتربت خطوط التماس من بعضها انكشف ما وراء المساحيق أسرع، وبدت حقيقة الوجوه واضحة أكثر، وسقطت كل الأقنعة المصطنعة والمزيفة، وأصبحنا قريبين من دخيلة قلوب صناع القرار حتى لنستشعر حرارة نفثهم شرا وكراهية،وكلما اقتربنا راعنا ما تخفيه سطور مواثيقهم المخادعة وعقودهم المضللة وعهودهم الكاذبة، رأينا كيف تطحن مقومات الشعب العراقي، وتدمر حضارة وتراث الشعب السوري، وتنهب ثروات الشعب الليبي، وكيف يباد الشعب الفلسطيني الأعزل وأطفاله الأبرياء بآلاف الأطنان من القنابل الغبية أكثر من الذكية على يد جنود صهاينة أغبياء أكثر من قنابلهم لم يتمكنوا على مدي ثلاث أشهر من مغالبة أفراد المقاومة المسلحة وجبنوا عن مواجهتهم فسارعوا إلى الانتقام لقتلاهم في الشيوخ والنساء والرضع وأفرغوا حنقهم وحقدهم على المدنيين ليلا، هذا هو أسلوب المستعمرين في كل الحقب التاريخية، لا يتغير لأنه إجرام يسرى مجرى الدم، تقتيل بدون تمييز، واغتصاب بلا أي وازع أخلاقي، وتدمير بغير ضمير إفسادا في الأرض، وهناك الفرنسي اليهودي، والأمريكي اليهودي .. والألماني كذلك !! أصبحوا ينتصرون لليهودية أكثرمن اليهود أنفسهم، يخوضون إلى جوارهم حربا غير متكافئة، عرفناهم وعرفونا جيدا من المسافة صفر، نعترف بأننا شعوب ضعيفة الشخصية، لا تقدس العمل ولا تقبل على تحصيل العلم بل تهوى التجارة فقط، التجارة في كل شيءيصنعه الغرب، تلك هي السيرة الأولى كما عهدناها في قبيلة قريش، هجرنا علماؤنا واستفاد الغرب من علمهم، وأصبح شبابنا يحلم بأوطانهم على قوارب الموت، قاست مجتمعاتنا المحافظة من مظاهر الفتن والضلالة وعانت من مختلف سيناريوهات التدمير الذاتي والانتحار السياسي تحت وطأة الإرهاب السياسي والطائفي والديني المسلح المسخر من الغرب والموجه تحت مسمى ثورات الربيع العربي، ثم إشاعة الفيروسات والأمراض سريعة الانتشار وإحداث العدوى،ونشر الفساد الأخلاقي والشذوذ، إنه مخطط كبير يستهدف المسلمين أينما وجدوا ولا يستثنى منه أي وطن عربي، لقد جعلنا من أنفسنا تطبيقا حيا للمثل القائل " المذبوحة تسخر من المسلوخة،وبرغم كل هذا يعتز كل مواطن عربي بمقوماته ويتمسك بهويته وأصالته، ويدرك أنه ليس هناك من مخرج سوى الأخذ بجميع أسباب المنعة والقوةبالتسلح بالعلم والتمسك بالتضامن والمحافظة على المقومات الوطنية، وسيكون الأمر أقرب إلى التحقيق بكل يسر وسهولة إذا جعل كل زعيم عربي مسافة علاقته بهموم أفراد شعبه صفرا.لقد علمتنا الحرب الصهيونية على غزة من المسافة صفر أن من يدّعون القوة جبناء،ومن يزعمون الجبروت أغبياء، وأن ساستهم مراوغون وجنودهم شواذ وأن تاريخهم كله عار عليهم ولا يحمل التاريخ لهم أي موقف يشرفهم، أمّا شرطي العالم الذي ضاق بكونه ليس إلا بلد مهاجرين نشأ وسط حضارات عريقة فلم يتطور فكره منذ عهد "الكاوبوي" ويتلخص في أن البقاء للأصلح، وأن صاحب الكفاءة هو الشخص الأسرع في سحب مسدسه، لذلك فهم أبعد ما يكونون عن رسم سيناريوهات التنمية لكل بلد عربي مسلم لأنهم ليسوا أهل سلام ولا جديرين بالثقة، ولا يجوز أبدا أن تبني الدول العربية علاقاتها مع الغرب والصهاينة من المسافة صفر.

***

صبحة بغورة

راهن الغرب على ضعف لبنان من خلال خلق نظام طائفي للحكم، اضافة الى تكوين عملاء له، وجعله بلدا سياحيا بالدرجة الأولى، لئلا ينشغل بما يجري على حدوده من اغتصاب لدولة فلسطين وتشريد اهلها، ليعيشوا في الشتات ومنهم لبنان الذي يختضن حوالي المليون لاجئ فلسطيني يعيشون على مساعدات الامم المتحدة ضمن وكالة غوث اللاجئين التي تقاعست مؤخرا عن دورها، فأصبحوا يشكلون عبئا على الدولة اللبنانية.

ولان لبنان دولة مواجهة، فان الغرب وضع فيتو على تسليحه، للسماح للكيان الصهيوني بان يصول ويجول فيه متى اراد، نفذ الصهاينة عديد العمليات الاجرامية بحق القوى الوطنية، وكانت هناك عمليات اغتيال لقادة فلسطينيين كانوا يتخذون من بيروت مقرا لهم، وكان الهجوم الشامل العام 1982 حيث احتلوا كامل جنوب لبنان وصولا الى العاصمة بيروت ودنسوها.

كانت هناك عمليات فدائية ضد المحتل الصهيوني من قبل القوى اليسارية من مختلف المذاهب لعل ابرزها تدمير مقر المارينز في بيروت العام 1983 ومقتل 240 جندي امريكي واجبرت امريكا على سحب قواتها من لبنان.وفي14 من سبتمبر تم اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل قبل تنصيبه. وفي العام 1982 تأسس حزب الله واخذ على عاتقه تحرير الجنوب من المغتصبين الصهاينة وكان له ذلك العام 2000 م.

لا باس لنا من الرجوع بالذاكرة الى اكثر خمسة عقود مضت بشان لبنان الذي يريدونه مكانا للهو والراحة والاستجمام، بعيد غروب شمس 28 كانون الاول (ديسمبر) عام 1968، انطلقت قوة "إسرائيلية" خاصة على متن مروحيات إلى مطار بيروت الدولي، ونفذت عملية دمرت خلالها 13 طائرة ركاب كانت جاثمة هناك وعد العمل انتقاميا ردا على اختطاف مسلحين تابعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 22 تموز(يوليو) 1968 طائرة ركاب مدنية "إسرائيلية"، كانت متوجهة من روما إلى تل أبيب، ولكن تم التوجه بها إلى الجزائر.

الهجوم الانتقامي شاركت فيه 15 طائرة مروحية وعشرات من طائرات الإسناد وعدة قطع بحرية من بينها ستة قوارب وعدة قوارب إنزال آلية، تحسبا للاضطرار إلى إجلاء أفراد القوة الخاصة المهاجمة عن طريق البحر بعد العملية، وأيضا لانتشال طاقم وركاب أي مروحية في حالة سقوطها في البحر.

اجتمع مجلس الأمن الدولي ليلة رأس السنة 31 كانون الاول- ديسمبر 1968، ورأى أن العملية الصهيونية في مطار بيروت التي دمر بواسطتها حوالي نصف أسطول النقل الجوي المدني اللبناني، تتعارض مع القانون الدولي، وحذر الصهاينة من أنه سينظر في اتخاذ المزيد من الخطوات في حال تكرار مثل هذه الحوادث، وانتهى الأمر في ذلك الوقت عند هذا الحد.

الحرب الاخيرة على غزة، أثبتت همجية الغرب وعدم اعترافهم بحقوق الانسان، سقطت شعاراتهم الزائفة، على مدى ثمانون يوما والمقاومة الفلسطينية في غزة تكبد العدو ومن ورائه امريكا وحلف الناتو وتواجد مدمرات امريكية بسواحل غزة دلالة على ارادة المستعمرين في ازالة المقاومين بأية وسيلة، تشير المصادر الى حضور افواج مقاتلة ومرتزقة من اكثر من 23 دولة حول العالم(25، 000 مرتزق) لدعم عمليته البرية في غزة اولاً ولتنضم الى وحداته المنتشرة في شمال الكيان على الحدود مع لبنان.

يستخدم حزب الله والمقاومة الاسلامية في لبنان صواريخ بركان ذات التدمير الكبير وكذلك المسيرات الانقضاضة المتفجرة، وخلال الاسبوع الاخير من السنة 2023 شكل دخول الصواريخ المضادة للطائرات عنصراً جديداً في توازن الردع الناشىء على الحدود الجنوبية مع فلسطين.

حركة حماس رفضت البند في المبادرة المصرية الذي يدعوها الى التخلي عن حكم غزة مستندة الى انها لم تخسر في الميدان بوجه الجيش الصهيوني، لا بل كبدته خسائر كبيرة وهي لا تزال الاقوى على الارض. وعليه، ترى الحركة انها ليست في موقع ضعيف لتقدم للصهاينة تنازلات على غرار اقصائها من الحكم في غزة، حيث ان جيش العدو لم يحقق اهدافه المعلنة.

لقد اظهرت الحرب على غزة وحدة ساحات المقاومة من العراق الى حزب الله مرورا باليمن لتصب جميعها في مصلحة فلسطين وعدم تركها وحيدة بالساحة بينما نجد بعض الحكام العرب يتمنون زوال المقاومة ومسح خارطة فلسطين من الوجود، ولكن الشعوب المقاومة لا تقهر وستنتصر حتما.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

إذا فقدت الأمم والشعوب ذاكرتها فستفقد مناعتها، وتتحول إلى موجودات خرفة تقودها إرادات الآخرين، لأنها لا تمتلك ما يؤهلها لقيادة نفسها ومعرفة خارطة مسيرها.

وذاكرة الأمم والشعوب تتلخص بتأريخها، الذي يمكن محقه أو تحويله إلى سلاح ضدها، لتدمير وجودها في الحاضر والمستقبل.

وبما أن تأريخ أمتنا لا يمكن محقه والتخلص منه، فأعداؤها يجدّون ويجتهدون بتحريفه وتحويله إلى طاعون، لتعويقها وتفريغها من جوهرها وطاقاتها الحضارية الأصيلة.

وفي زمننا المعاصر بلغ العدوان الفكري والثقافي ذروته وتمام خطورته، بتغفيل نخب الأمة وتحويلهم إلى أدوات فاعلة في تشويه التأريخ والتقليل من قيمته، بل وتكذيبه وإعتباره حالة مغايرة مترعة بما هو سلبي ودوني، وبعيد عن المعاني السلوكية النبيلة السامية.

ويتم التركيز على الدموي والقتالي، ويبتعدون عن العلمي والثقافي، ليوهموا الأجيال بأن الأمة لا علاقة لها بالعلم والمعارف الإنسانية، وأن بطولتها في السيف وحسب.

ولهذا تجد الذين يحاولون الكتابة عن حقيقة اِلأمة الحضارية في محنة تحدي ما في رؤوس أبنائها من أضاليل وتصورات سلبية، فتجدهم يبخسون المكتوب بإيجابية عن أمتهم، ويهللون ويروّجون السلبي.

ويبدو أنهم قد أفلحوا بزرع الأكاذيب في الوعي الجمعي، وإقناع أبنائها بأنها مقعدة، عاقرة، فاقدة لمؤهلات المعاصرة، وعليها أن تتبع وتقبع في أحضان الطامعين فيها.

فهل من تفاعلات تحافظ على ذاكرة الأمة وتصونها من التشويه والتدمير؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 ليس مفاجئا أن تقوم أمريكا بإفشال قرار وقف إطلاق النار في غزة، وليس مفاجئا أيضا المشاركة الأمريكية الفعالة في المجازر الصهيونية في غزة أرضا وشعبا؛ بحكم الارتباط الاستراتيجي بين أمريكا والكيان الصهيوني. وفي الوقت ذاته؛ يدعو المسؤولون في أمريكا والغرب إلى عدم تمادى إسرائيل في قصفها العشوائي، وأن تأخذ في الاعتبار؛ المحافظة على حياة المدنيين من سكان غزة، وأن دولة الاحتلال الإسرائيلي إذا استمرت ـ حسبما قال وزير الخارجية الفرنسي مؤخرا ـ في قتل المدنيين من دون وضع حدود؛ تُقيدها وتحمي المدنيين، وإبرام هدنة إنسانية مستدامة، (رغم أنه لم يأت على ذكر إيقاف المجارزة كليا والانسحاب من القطاع) سوف تفقد الدعم الدولي، علما أن إسرائيل مدانة تقريبا من كل المجتمع الدولي.

نتنياهو قال مؤخرا؛ بأن ليس في وارد إسرائيل حل الدولتين، وإنه حتى الاتحاد الأوروبي يشاركها في هذه الرؤية في السر، على عكس ما يصرحون به في العلن، وإن الفلسطينيين من الممكن أن يسمح لهم بإدارة مناطقهم، إدارة غير سيادية، وهو الحاصل منذ أكثر من ثلاثة عقود، إضافة إلى أن المسؤولين الأمريكيين يتحدثون ويتشاورون مع مراكز القرار في المنطقة العربية وحتى مع السلطة الفلسطينية؛ حول مرحلة ما بعد المقاومة الفلسطينية، ومن يحكم القطاع؛ هل سيكون ائتلافا عربيا، أم السلطة الفلسطينية؛ وكأن الأمر محسوم لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناقضة صارخة؛ لما يقوم به أبطال المقاومة من تصد وقتل للغزاة من منطقة الصفر، وتكبيد جنود الاحتلال خسائر وأثمانا باهظة، حسب اعتراف المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال. في خضم هذه الإبادة الإجرامية، وفي التصريحات التي كثر تداولها في الأيام الأخيرة؛ تتم إعادة الروح إلى حل الدولتين، في تناقض مع تصريح نتنياهو الأخير حول هذا الحل، علما أن هذه التصريح لم يرد عليه أي من المسؤولين الغربيين، أو الأمريكيين لا نفيا ولا قبولا حتى الآن؛ مما يثير لدى كل متابع، الكثير من الشكوك والأسئلة حول الموقف الحقيقي الأمريكي والغربي من موضوع حل الدولتين، ما يرسخ قول نتنياهو الأخير في الذي يخص حل الدولتين، تثبيتا ووجودا على أرض الواقع الحقيقي والمدفون تحت السطح. كل العالم تقريبا، أدان ما تقوم به إسرائيل من جرائم في غزة، لكن أمريكا والغرب صما آذانهم وكأن فيها وقرا؛ عن كل هذا الذي يجري منذ اكثر من 3 أشهر في غزة من محارق ومذابح يندى لها جبين الشرف الإنساني وأخلاق البشر. هذه الجرائم الصهيونية ليس لها مثيل في كل العصور، إذن لماذا أصم الغرب وأمريكا آذانهم عن هذا الذي يجري؟ حتما يقف وراء هذه المواقف مصالح ذات أبعاد استراتيجية، هذه الآصرة الاستراتيجية بين امريكا والكيان الصهيوني؛ هي ما تفسر بوضوح استخدام أمريكا حق النقض (الفيتو) لإفشال إصدار قرار لوقف إطلاق النار في غزة، أي وقف المحرقة الصهيونية، متجاوزة كل ما سوف يلحق بها من أضرار سياسية وأخلاقية، وها قد تضررت في الاتجاهين، ولا تزال هذه الأضرار تتوسع وتتعمق، شعبيا ورسميا، في الداخل الأمريكي، وفي جميع بقاع المعمورة. عليه، ليس غريبا وقوف أمريكا والغرب مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من الرفض العالمي لهذه الجرائم. أصوات مسؤولي الغرب وأمريكا التي ترفض القصف العشوائي، وحماية المدنيين، وتطالب بهدن مستدامة، وليس وقفا لهذه الجريمة شاملا وكاملا، مع الانسحاب الكامل، وهناك فرق كبير وكبير جدا، بين الهدن الإنسانية المستدامة، والوقف الشامل والكامل، والانسحاب، أما مسؤولو المقاومة فأكدوا مؤخرا، أن لا تبادل للأسرى إلا بالوقف الشامل والكامل، والتبادل الكامل للأسرى والانسحاب.

الموقف الأمريكي والغربي يشكل دليل إدانة واضحا وصارخا لأصحابه؛ فهم لم يرفضوا، أو يدينوا المذابح رفضا تاما من الأساس، بل يرفضون الطريقة بالوصول إلى الهدف أي هدف تصفية المقاومة الفلسطينية ليس في غزة فقط، بل في كل الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من يونيو عام 1967. وزير خارجية روسيا مؤخرا قال؛ يبدو أن الغرب لا يريد إقامة دولة فلسطينية. أقول، على ما يظهر من خلال الجريمة الإسرائيلية الجارية في غزة حتى الآن؛ إن الغرب لا يريد إقامة دولة فلسطين، بل الحقيقة هي أن الغرب وعلى رأسه الإمبريالي الاستعماري، أمريكا؛ ليس في أجندته الخفية، سواء الآن أو قبل الآن بعقود؛ إقامة دولة فلسطينية على ما تبقى من أرض فلسطين، قبل يونيو 1967، بل كما قال نتنياهو؛ منزوعة السلاح والسلطة السياسية، أي حكما ذاتيا ملمعا باسم دولة.. وحسب مراقبين لما يجري في غزة من عدوان اسرائيلي؛ أن هناك مساعي أمريكية وغربية وعربية؛ لعقد مؤتمر للسلام؛ تتم فيه مناقشة حل الدولتين. مستشار الأمن القومي الأمريكي، زار مؤخرا، تل أبيب ورام الله؛ والتقى خلالهما بمسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم في تل أبيب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وفي رام التقى بمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية؛ حسب التسريبات الإعلامية؛ تمت في اللقاءين مناقشة الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية عليها. رئيس السلطة الفلسطينية؛ أبلغ مستشار الأمن القومي الأمريكي؛ أن السلطة الفلسطينية تعتبر الضفة الغربية والقطاع والقدس؛ أرضا لدولة فلسطينية واحدة، غير قابلة للتجزيء. أما في تل أبيب، وبعد مغادرة المسؤول الأمريكي؛ فقد صرح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ بأن الحرب في القطاع (الإبادة) على مراحل، وها قد دخلنا في المرحلة الثالثة؛ وسوف تكون الحرب أقل وطأة وعنفا في المراحل اللاحقة، لكنها وفي جميع الأحوال سوف تستمر حتى تحقيق كامل أهدافها. هذا التصريح يعني؛ أن الهدنة المستدامة، مجزءة، أو متواصلة، من المحتمل جدا، إن لم أقل سوف تتم ليس في الأيام القليلة المقبلة، بل أكثر من حساب الأيام قليلا. عزام الأحمد وفي تزامن مع هذه التحركات والتصريحات التي نتجت عنها؛ قال؛ إنه قد تلقى أمرا من محمود عباس للاتصال مع قادة المقاومة الفلسطينية، وقال مسؤولو البيت الأبيض؛ المهم والضروري، تجديد السلطة الفلسطينية.. حسين الشيخ القيادي في السلطة الفلسطينية، وفي منظمة فتح معا، قال مؤخرا، أو ملخص ما قال؛ إن منظمة فتح هي الممثل الوحيد لفلسطين، وإن المهمة الآن هي وقف الحرب، وإن المحاسبة سوف تأتي لاحقا، ومن المهم تجديد السلطة الفلسطينية.

في رأيي وباختصار، ومن خلال كل هذا، أولا أن هناك طبخة ما، لما بعد المجازر الصهيونية. وثانيا أن الحرب أو الأصح الجريمة الصهيونية في غزة سوف تأخذ منحى آخر مختلفا، أي تسكين القتال، إنما سيظل جيش الاحتلال الاسرائيلي في القطاع لخنق مدن غزة وشعبها. ثالثا أن المقاومة ستستمر في مقارعة هذا الغول الصهيوني المجرم. رابعا أن جيش الاحتلال الاسرائيلي سيحاول القيام باغتيالات في القطاع وخارجه، وربما في البعض من الدول.. خامسا وفي التوازي سوف يجري ضخ دماء الحياة في موضوع حل الدولتين.. سادسا أن القتال بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، سوف يستمر إلى زمن ليس بالقصير. إن هذه العملية إذا ما تمت طبقا للإرادة الأمريكية والغربية والصهيونية، وغيرهم.. ستكون أولا طوق نجاة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. ثانيا ستساعد دولة الكيان الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني في تحقيق أهدافه الخفية، التي عجز عن تحقيقها بالصواريخ والمدافع. ثالثا ستساهم مساهمة فعالة؛ لزيادة مساحة منطقة الفراغ بين السلطة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية، سواء في القطاع او في الضفة الغربية. رابعا أن المقاومة الفلسطينية، سواء في القطاع، أو في الضفة الغربية ستتوسع وتتعمق في عقول ونفوس الشعب الفلسطيني، وعلى الأرض؛ لأنه سيكتشف، ليس لاحقا، بل في اللحظة التي تبدأ بها هذه الطبخة، أن اتفاقات أوسلو، التي مرّ عليها أكثر من ثلاثة عقود، كذبة، لم تطبق إسرائيل أيا من بنودها، بل على العكس تمادى نتنياهو ورفضها رفضا تاما.

***

مزهر جبر الساعدي

 

تقتضي منّا هذه المهنة التي يُطلق عليها "مهنة المتاعب"، والآن أصبحت وظيفة من لا مهنة لهم بفضل العشرين ألف صحفي المسجلين بدفاتر نقابة الصحفيين، بأن يتفرّغ العاملون فيها إلى متابعة ما يجري حولهم كل يوم، فلا مكان وسط " طلات " إبراهيم الصميدعي صاحب المقولة الشهيرة "أنا مستشار رئيس الحكومة بمزاجي" مضيفاً، لا فض فوه، إن مهمته أن يحل أزمات البلاد، وابتسامة محمود المشهداني وهو ينتظر صافرة العدو نحو كرسي رئاسة البرلمان.

واصرار القوى التي تريد السيطرة على مجالس المحافظات على تغييب المستقلين، في ظاهرة لا تحدث في اتعس البلدانت .. غياب الصوت المستقل والاعتدال ليرتفع صوت المحاصصة والطائفية، فالجميع لا يريد للمواطن ان يحتمي بوطنه، وإنما بطائفته، انها تداعيات الظهور المستمر لدعاة التوازن الطائفي .

تعلِّمنا الكتابة اليومية أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو تذكير الناس مرة ومرتين وثلاثاً بما يجري حولهم، ولهذا تجدنا نكرّر الأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات ناطقي الدولة، وتناحر القوى السياسية من أجل المناصب والمغانم .

سنوات والعنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغيّر "نجاح خطة التنمية"، فلتحيا جميع الخطط، ولنطمئن مادامت الصناعة متطورة والزراعة مزدهرة والجامعات الأهلية بعدد نفوس العراق.

ونحن نستقبل العام الجديد نفسه من حق المواطن أن يسأل إن كانت القوى السياسية وهي تسعى للسيطرة على كل شيء جادة في تحقيق الخطط التي وعدت بها وعن الطريقة التي تتعامل بها مع الوقت والمال العام ومصالح المواطنين والاستعداد للمستقبل .

ولأننا في أيام عيد، أتمنى أن أستيقظ ذات يوم، فلا أجد في نشرات الأخبار خبراً يتعلق بالاستحقاق الطائفي، ليست عندي ياسادة من مقترحات غير التمني، وهي بضاعة المفلسين في عصر ظل يستمد معارفه وعلومه من مكتبة إبراهيم الجعفري التي لا أدري أين حلّ بها الدهر، بعد أن عاد الجعفري إلى موطنه الأول "بريطانيا".

سيقول البعض: بأيةِ حالٍ ستعود علينا السنوات، لكنها ستعود ياسادة وسيكون فيها يوما من الايام تجديد برغم، فمثلما يريد البعض لهذا الوطن أن يكون ضحية لمطامحه وقرباناً لدول الجوار، فإن هذا الشعب لا يمكن أن يواصل الرضوخ ليقدم كل عام تجربة فاشلة جديدة، وتسرق آماله ومستقبله وأحلامه. جيث يواصل الكاذبون كذبهم، كما يشاءون، ويستمر المضحوك عليهم في استقبال مزيد من الحكايات الكوميدية عن الإصلاح والنزاهة.

في كل الأحوال، وبرغم الحال التي نستقبل فيها العام الجديد، ومع شغفي بمتابعة تقلبات نوابنا الاعزاء، أقول لكم: كل عام وأنتم على عتبة عام جديد أفضل .

***

علي حسين

 

عملية طوفان الأقصى في ٧/ أكتوبر/٢٠٢٣ التي عُمدت بالدم الفلسطيني وسقط خلالها آلاف الشهداء من أطفال ونساء وشيوخ ورجال واعتقال طال المئات تعدى إلى إخفاء أكثرهم وإصابات أيضا بالآلاف ومفقودين تحت الأنقاض، جاءت في وقت ظن فيه البعض أن ملف القضية الفلسطينية قد أغلق ووضع في أقصى زاوية في مسيرة التطبيع العربي ومبادرة المسار الإبراهيمي المزعوم ليعلن للعالم أن فلسطين حية وشعبها باق.

إنها غزة التي قال فيها هارون هاشم رشيد (كانت غزة ومنذ اللحظات الأولى للنزوح الفلسطيني بؤرة للتأجج الوطني،فهؤلاء النازحون الذين وفدوا إليها يحملون في عيونهم وقلوبهم صور مدنهم وقراهم ومزارعهم ومدارسهم ظلت تحفزهم على التسلل إليها والعودة إلى مرابعه).

ففي الجهاد ضد البريطانيين واليهود اشتركت غزة بمدنها وقراها وبدوها. وفي ثورة ١٩٢٩ غادر اليهود الذين كانوا يقيمون في غزة لحراسة الجند ولم يعد منهم أحد بعد ذلك التاريخ. وفي عام ١٩٣٤ شارك سكان غزة بالإضراب التاريخي الذي استمر ١٧٣ يوما. وفي عام ١٩٤٧ كان نصيب قطاع غزة ٧٣٠ اشتباكا من أصل ٩٧١ في الضفة والقطاع.

وفي خمسينات القرن الماضي كانت هي الشرارة الأولى لانطلاق العمليات الفدائية التحررية. وفي انتفاضة الحجارة عام ١٩٨٧ كانت غزة شرارتها عقب حادثة الشاحنة اليهودية التي أدت إلى قتل أربعة من مواطني القطاع.

وصولا إلى انتفاضة ٢٠٠٠ عندما زار شارون الحرم القدسي. حيث بدأت الانتفاضة مقدسية ثم شهدت تطورا عندما استخدمت المقاومة الفلسطينية الصواريخ والتي كان من نتائجها انسحاب دولة الاحتلال من غزة عام ٢٠٠٥. تلاها سلسلة من الحروب خاضتها المقاومة في غزة آخرها حرب ٢٠٢٣ والتي جاءت على إثر اقتحامات قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى بهدف إقامة طقوسهم الدينية المزعومة.

فبدأت دولة الاحتلال بكل عنجهيتها وشوفينيتها تمارس أعمال الشيطان من خلفها تقف الولايات المتحدة الأمريكية وعظميات الدول مع مباركة الصمت العربي الخجول على سكان غزة العزّل وارتكاب ما ارتكبته من مجازر دموية حقودة وخرق ما لم يخدم فلسطين منذ ضياعها ذلك المسمى بالقوانين الدولية والإنسانية وغيرها من الترهات التي لم تكن يوما أكثر من خطابات على ورق لم تفعل أكثر من خدش عذرية البياض بسواد حبرها.

ولم تكن تلك الأعمال التي أقل ما توصف به أنها وحشية إلا انتقاما من غزة التي كم مرة تمنى قادة دولة الاحتلال أن يستيقظوا فيجدوا البحر وقد ابتلعها.

وبالرغم من كل ما ارتكب وما يرتكب إلى اليوم إلا ان المقاومة أذاقت وتذيق شواذ الاحتلال الويلات وتحرق الأرض تحت اقدامهم بل وتزلزلها، يخرج مجاهدوها لهم من حيث لا يعلمون.

غزة اليوم قنبلة موقوتة، هي الموت الذي يتمثل لهم في واقعهم وأحلامهم.

وكما هو عهد الشيخ المجاهد عز الدين القسام منذ ثلاثينات القرن الماضي (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).

***

بديعة النعيمي

 

ذلك الذي تسلقتُ عربته الاخيرة في الدقائق الاولى من ذلك اليوم 01.01.2023 باتجاه محطته الاخيرة التي لن يتوقف عندها في الدقيقة الاولى من عام 2024.. مسار طويل متعرج كثرت فيه التوقفات والانقلابات والاصطدامات والانفجارات والاغتيالات والاختطافات والانتحارات والغيابات والانتكاسات والانتصارات.. في هذا القطار كما في كل القطارات هناك من يجلس باتجاه حركته ومن يجلس باتجاه مخالف لها.. الاول سيرى القادمات منطلقاً من المكان واللحظة التي هو فيها ومن يجلس بالاتجاه الاخر اقصى ما سيراه هو بعض الماضي القريب وجزء متأخر من المكان واللحظة التي هو فيها.. ولا يعرف من او عن القادمات شيء وهؤلاء هم من يحاولون التحكم بالقادم.. بالمستقبل وهنا داء عظيم ووباء خطير.

قلتُ في دقائقه الاولى (2023)

سيكون العالم اصغر من قبر من يقتل هنا

كل ارضه حرام..

مشبعة بالألغام

قبل شهيقي الثاني

سأتدفأ بزفير من يتوارى في كوكب اخر.

يا صاحبي

خلف تلك الهضاب

انعكاس ضياء لدماء

يا صاحبي

سيزدحم الفضاء

بالأغاني والضوضاء

لكن الشر مع الشر

سيدنس ذلك الرحب الفضاء

ويأخذنا ربما الى فناء

حيث سيُمحل البطحاء الغّناء

نعم كان الشر مع الشر.. ورأينا دماء لم ولن تجف لأن شلالها صار هادراً لا يروي زرع ولا ينتج خير ولا جمال طبيعي فيه.. فيه ظلام وضَلال وصبخ للأرض والروح والحياة.

ازدحم الفضاء بالقاصفات والناقلات الصاعدات والنازلات الراجات والمخربات والمدمرات..

اقتحمت الصرخات السماوات.. تبحث عن مجيب لها كما كانت تظن..  لكن لا مجيب وهي لامسة ذلك منذ قرون.. لم يقتنع من على الارض انها هواء في شبك فلا صّادٍ لها ولا رادٍ عليها ولا سامعاً لها ولا مجيبٍ على ما فيها ولا مهتمٍ بما يمر على من في جحيمها.

و نحن نقترب من المحطة الاخيرة بعد اجتياز ما قبلها.. ليلة الميلاد ونويل حيث قلتُ عنها سابقاً او هكذا

سلامي الى الصليب

و على من عليه انصلب

قلبي عند النواقيس

و خوفي على من عليها او لها ضرب

سلامي على ما احاط به من نخيل

قيل.. هزتها البتول فتمايل خجلاً سعفها

و تساقط بعض تمرها والرطب

تذَّوق طعمه.. أكل وهنئ وشرب

.. فأشرق باسماً عادلاً منتصب

يشيع السلام

يحب عدوه والمُحب

رافعاً غصن زيتون..

ليجعل للإنسان قيمة رب

و قبل ان يقطع قطار العمر مسيرته التي استغرقت كل ثواني عام2023 سأقول له وللعام الذي تجاوزناه والقادم الذي سنمر على تفاصيله القاسية جداً كما اتوقع.. اقول:

سُرت بنا وتسير.. و غُصِبنا على المسير

في جوف ذلك النهر البحر الطويل العميق الكبير

تَدَّرَجْ العُمق من وشلتها حتى سحيقها

كلما ركس مركب صار فنار

كلما جَدَحَتْ شظية مات نهار

كلما نزلت.. وصلت..  ساخنه الى صيوانها.. شحمتها

و استقرت على الوسادة.. الدفتر.. الكتاب

اهتز نَشيجُ صاحِبها

صاحَبَهُ شهيق عميق

تلاه زفيراً.. حريق

ربط الارض بالسماء مسار

طَوَّق الرقاب حصار

سيحاول اختراقه ذلك القطار

تحت وابل الاخطار

التي تعصف في كل الامصار

سيختلط النحيب بالسُعار

و تتكسر الضلوع على جمر النار

و يبرز القلب وحيداً يبحث عن انصار

و تعاد فصول قابيل وهابيل

و تصطف الاقدار

بين مؤيد لها او ذاك

و نعبر ال 1400 عام الى 2000 في طريقنا الى 5000 عام

نطحن عظام بعضنا

على اقوال بادت

و مات من صاغها من اخيار او اشرار

من طاهرين او فُجار

و نحن في المسير.. الذي بدأ يتثاقل وصرير العجلات يتصاعد ظهر شعار مرفوع على حافة طريق فرعي يقول: (افتح قلبك للجميع..).. فتذكرت اني قُلتُ يوماً:

إشباع طفل جائع عيد

وإشاعة العدل هو الحصيد

اما العراق القريب البعيد فأُعيد ما سبق مما قلت عن ومن السلام.. سلامنا وسلام الذين نلهث باتجاههم الى الخلف بمرضٍ غريب وكأننا نخاف ان نصيغ لأنفسنا سلام يليق بهذه الايام:

سلاماً إلى كل أهل ألعراق

سلاماً من القلب حتى ألهدب

سلاماً إلى الراسيات الجبال

سلاماً إلى الهور والبردي والقصب

سلاماً للسهول والهضاب

شمالاً جنوب وشرقاً وغرب

سلاماً إلى النهرين والرافدات

وما سقَينَ ومن شرب

سلاماً إلى الباسقات النخيل

سلاماً إلى الجمار والسعف والكرب

سلاماً إلى كل تلك الجروح

وتلك القروح وتلك الندب

سلاماً إلى كل طفلٌ رضيع

سلاماً إلى كل أمٌ وآخت وأخٍ وأب

**

عبد الرضا حمد جاسم

من الظواهر المغفولة في عالم الثقافة والفكر والمعرفة، إن الإنطلاق بالبحث والدراسة ينتهي إلى توصيات يرى أنها ذات منفعة عملية، وبعد أن يسطرها، يردفها بقول: "ولكن"، ولكن يشترط، ولكن يتوجب، ولكن المجتمع لا يزال دون القدرة على كذا وكذا...!!

أي أن "ولكن" تنسف ما سبقها من ألفه إلى يائه!!

ترى لماذا يرتكزون على عمود "ولكن"؟

يبدو أن المشاعر الإحباطية الفاعلة في الواقع العربي، لها دورها في برمجة الرؤى والتصورات والخلاصات، وتعودها على المراوحة في ذات المكان، أو الدوران حول أهرامات السراب والبهتان، وعلينا أن نقر بإستحالة التغيير، والإنتقال إلى مستويات أخرى من التفاعل الإيجابي مع الحياة، لأن الدارج والمتوارث يتعبّد في محاريب آبائنا الأولين، فهذا ما وجدناهم عليه، وعلينا بالتواصل الأمين.

والسبب الآخر فقدان الجرأة والشجاعة لدى أصحاب الرأي والنظر، فإذا لم تكن جريئا في طرح الرأي، عليك بالسكوت، فالتصدي للظواهر السائدة في المجتمع مغامرة أو مخاطرة، لها عواقبها في جميع المجتمعات، وما غيرها إلا ذوو الجرأة والإقدام والمواصلة والإصرار.

إن إستحضار "ولكن" فيه نوع من الترضية، والنفاق الخطير الذي يضر بالواقع، ويدفعه إلى مزيد من التداعي والخسران.

بينما المفروض أن تكون التوصيفات معززة بما هو إيجابي، ومساهم في توفير أسباب تحقيقها وتوطينها في الواقع ليتقدم وينمو.

والمثير للإنتباه أنها ظاهرة سارية في تفاعلات الأجيال مع الواقع وما غيرت مسارها، فهذا يدّعي  الديمقراطية هي الحل ولكن..، وذاك ينادي بالعروبة وضرورتها للقوة ولكن...، وغيره يرى  أن القومية من مقومات الحياة المؤثرة في بناء الحضار ولكن...

وما وجدنا من يختم بغير "ولكن".

فما معنى ذلك؟

إن معناه، ما تقدمها هراء، لأن قيمته ودوره تم نسفه، وإقتلاعه بضربة "ولكن".

فلماذا نكتب وندرس ونبحث ونحن غير قادرين على عبور مصدات " ولكن"؟!!

***

د. صادق السامرائي

25\10\2021

 

المقالات التي يدونها أصحاب

العقل الراجح، والفكر القادح يجب أن تحتشد فيها مواكب هادرة من الصخب والضجيج، الذي يلفت الإنتباه لبعد الصلة بين ماضينا التليد، وحاضرنا الذي ناله ما ناله من نكاد الدنف، وكامن الوصب، الذي هزّ فينا منابت الوقار، وبيئة أهل اليراع المولعة بتعقب العيوب، ينبغي أن ترصد مجسات أسنتهم ما في الحياة الإجتماعية من قوة وضعف، وتحليق واسفاف، وأن تنأى تقاريرهم عن شوائب المصلحة، وتخلو ألفاظهم من اللطف والرفق، ومعانيهم من التزيد والافتراء، لقد جنح مجتمعنا عن الطريق الذي سار عليه أسلافنا، وأجنف عن السبيل القويم، وبات العربي المغنمٌ المدخر للقيم، والمأثرة الباقية للأخلاق، لا يتمعر وجهه وهو يرى قطيع الذئاب يرتع في وداعة مع أسراب الظباء، بل يرى الشيطان الممثل في الميديا الغربية تحتال بخديعتها ومكرها، ولطف مسالكها، فلا يأبه لذلك، ليت شعري أين ذهبت النخوة التي يحتكم لمبادئها، ويستضئ بنورها. نظرات خاطفة، ولمحات سريعة في أرصفة الطرق، وأقاريز الشوارع، تخبرك عن الباطل الذي استأسد، والهداية التي خنست، والدول التي زينت اسمها بهالات من المجد الكاذب، فأين هي شريعة الإسلام بربكم والفجور فلكه دائر، وسقفه سائر، ورقيمه مائر، أين هي الشريعة وجحافل العصاة قد استمرأت الوقوع في حرمات الله، أين هي الشريعة وسماء العروبة كثر فيها الريح العاصف، والزعزع القاصف.

لقد حرص الإسلام على ترسيخ  الحياء والفضيلة فى النفوس، وسعى لأن يكون سجية يجب أن يتحلى بها المؤمن، فالحياء من الإيمان كما أخبرنا المعصوم عليه أفضل صلاة، وأندى تسليم فــ "عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان".كما دعت شريعته الخالدة، لنبذ الأفعال والألفاظ التي تخدش الحياء، ويمجها الذوق السليم، و إلي الإبتعاد عن كل ما يضرم الشهوات، ويذيع الرذيلة، ونجد أن الدين الخاتم قد طمر جميع البؤر والمنافذ التي يمكن أن يتسلل منها الشيطان إلي الأفئدة، فنهى عن النظر االشهوان، ونادى بكبح جماحه، لأن ذلك النظر يجعل الغلبة والإنتصار لإبليس وجيشه اللجب من الفتن والشهوات، فبيننا وبين ابليس اللعين نزاع لا ينقطع، وصراع لا يفتر، ودوحة الحياء العرضى العام يجب أن يرسخ لها أصل، ويسمق لها فرع، فى مجتمعاتنا بحيث لا تقع أبصار الناس على ما ينافى عقائدنا المغروسة، وتقاليدنا الموروثة، فتخلو ردهات الجامعات، وصالات الأعراس، من التبرج والسفور، وفوضى الإختلاط، وتشابك الأيادي، فنحن نختلف عن الدول الغربية التى تدعو إلى الزنا، وتيسر أسبابه، وتمهد سبله، وتقبل نتائجه، فعندنا من" يحتوي زوجته فى الطريق العام يعد مرتكباً لجريمة الفعل الفاضح فى علانية، رغم أن ما آتاه ليس جريمة فى ذاته، وإنما هو أمر مشروع، إلا أن المسلك الذى أتصف به فعله مؤداه إيذاء الشعور العام، وخدشاً للحياء العرضى". الأمر الذى يقتضى أن يعاقب عليه عقوبة تعزيرية تحجمه عن تكرار الفعل إذا سولت له نفسه فعل ذلك مرة أخرى.

ولا يخالجنى شك بأن من يقدم على هذا التصرف الذى يندب الأخلاق، وينعى الشرف والنخوة، فى حوزته من موارد الدين والقيم ما هو قمين بأن يعصمه من ذلك الزلل، ولكن الإستلاب الغربى الذي يعانى منه، والذي اجتمع تحت مظلته الوارفة الملايين من شباب وكهول أمتنا، هو الذى جعله ينجرف عن جادة الصواب، وينظر لمن هو متشبث بدينه وقيمه، بأنه شخص يعيش فى سجية الماضى، ونجد في تصرفات هذه الناجمة تصديقاً للحديث الذى رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنه فقد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه".

حرصت الشريعة الغراء على حماية الشعور العام بالحياء، وعرقلة كل فعل فاضح، وإجهاضه بكل سبيل، حتى لو كان ذلك الفعل تعبيراً عن علاقة مشروعة بين زوجين يتساقون أقداح الوداد فى قارعة الطريق، لأن بفعلهم هذا يدركهم العار، ويلحقهم الشنار،ويصيبوا الصلة التى كرمتها العقيدة فى مقتل، والتي نظمت كنه هذه العلاقة ودعت أن تؤتى في عزلة، وتتم فى صمت، أما من يخرج عن الموروث، ويعارض المألوف، فيقع تحت طائلة العقوبة التي ارتضتها الشريعة الغراء قمعاً للشهوات، ولجاماً للنزوات.

***

د. الطيب النقر

 

بات الفساد في العراق حديثاً ذو شجون وعلى مدار الساعة يتداوله المواطنين في مجالسهم الخاصة والعامة وحتى المتسلطين في بعض مفاصل الدولة ومن بمعيتهم تتهم أركان الحكومة بالفساد وكأنهم ملائكة منزهين عن القيل والقال متناسين بأنهم جزء من تلك المنظومة التي أوصلت البلد الى حالة من الضياع والتوجه الى المجهول، والفساد بحد ذاته هو الإستغلال السييء للوظيفة العامة من أجل تحقيق المصلحة الشخصية والتصرف بالمال العام دون وجه حق حتى بات عرفاً لا يعاقب عليه القانون بل يحميه تحت مظلة بعض الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة والمشاركة في العملية السياسية منذ تحرير العراق من النظام الشوفيني البائد، وإن إنتشار ظاهرة الفساد وتجذرها في مؤسسات الدولة وسلوكيات المواطن نتيجة إرث النظام الدكتاتوري السابق من حروب وحصار وويلات، فضلاً عن إنعدام العدالة الاجتماعية من جانب، وعدم الاستقرارالأمني والسياسي بعد عام ٢٠٠٣ وما رافقه من غياب الشفافية وإنتشار المحسوبية والمحاصصة الطائفية من جانب آخر أصبح ٍيهدد شرعية النظام الديمقراطي ووجوده في العراق، ولعل آخر تهديد هوالذي تمثل بإرهاب عصاباٍت داعش قد إستغل الفساد لإختراق العديد من المؤسسات وتجنيد الأنصار، لذا بات لزاماً الحد من بعض أوجه الفساد التي تلامس حياة المواطن اليومية وتنخر بنية الدولة العراقية .

إن الفساد في العراق يكمن في تمتع كبار المسؤولين بصلاحيات واسعة، مع هشاشة المساءلة والمحاسبة وتراخي العقوبات الرادعة، فضلا عن عدم نزاهة الجهاز القضائي وغياب السلطة التشريعية أو تغيبها عن ممارسة دورها في الرقابة والمساءلة لوزارات الدولة، مع غياب الشفافية والعلانية والمساءلة التي تعاني منها السلطة القضائية، فضلاً عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المفاجئة وغير المدروسة، وإنحياز مؤسسات المجتمع المدني وضعف دورها الرقابي، كما تعد وسائل الاعلام سبباً رئيسياً في إنتشار الفساد بسبب ضعفها وعدم حياديتها في طرح المعلومات والاخبار التي تخص الفساد، إذ تعاني أغلب وسائل الاعلام في العراق من التبعية للتيارات والأحزاب السياسية المتنفذة، فضلا عن الجهل العام بالحقوق الفردية للمواطن وبحقه في الاطلاع والمساءلة على دور الحكومة وعملها في كثير من المجالات، لذا نرى بأن أخطر أنواع الفساد هو الفساد السياسي لأن ضرره يعم ويشمل المجتمع والدولة بشكل عام، ومن أهم صور وأوجه هذا النوع من الفساد والتي تتمثل، بفساد السلطة، وفساد الهيئات التشريعية والتنفيذية، وفساد الأحزاب والإنتخابات .

إن كل الحلول لمعالجة الفساد في العراق شكلية وأغلبها تنتهي دون حلول وإجراءات رادعة، لكن لو تم تطبيق قانون من أين لك هذا ؟ قد تحد من المشكلة نوعاً ما لكنها ليست نهاية المطاف وحلاً جذرياً، لأن مستوى الشفافية في العراق متدن جداً، ويرجع سبب ذلك الى انتشار وشيوع مظاهر الفساد بكثرة في العراق منها نهب المال العام، وعدم إحترام العمل، وتهريب الأموال، والابتزاز والتزوير، والتباطؤ في إنجاز المعاملات، فضلا عن الرشوة والمحاباة والمحسوبية .

وأخيراً يمكن القول: بأن الدولة تسرق نفسها تحت مظلة بعض السياسيين .

***

حسن شنكالي

 

لكي تكتب عليك أن تشرب من نور الشمس، وأن يتحقق الإشراق في دنياك لكي تنير ما حولك بالكلمات، أما عندما تكون الأعماق دامسة الظلام فأنها ستنضح عتما ودجى. أي أنها ستساهم في زيادة تخبط الناس وفقدانها لبوصلة خطواتها وإنعدام خارطة الطريق.

والكثير من الكتابات مدونة بمداد السوداوية واليأس العارم، وكأنها تريد إطفاء أنوار النفوس البشرية، ودفعها للسقوط في متاهات الدواجي الخائبات.

لماذا تكتب الأقلام بمداد الظلام؟

لماذا لا تمتلك دواة ضياء؟

أسئلة من الصعب الإجابة عليها، والمطلوب من أي كاتب أن يسألها لنفسه، قبل الشروع بالكتابة، فإذا وجد نفسه يغرف من الظلام فعليه ان يكسر قلمه ولا يساهم في قهر القراء.

أما الكتابة بدواة الضياء فتحتاج إلى مثابرة وجد وإجتهاد وتحدي وإصرار، وإرادة قادرة على إختراق المصدات والتفاعل الجاد مع المستقبل بإيمان مطلق ومقتدر على تحقيق المراد.

الكتابة بمداد النور معركة حامية بين الخير والشر، بين الطيب والخبيث، وقد ينزف أصحابها فلذات أعماقهم، أو يهدرون أرواحهم، لأن قوى الظلام لا ترحم، وإن تسلطت وإمتلكت مصادر القوة المادية، فأنها ستمحق ما حولها وتبيد من يرميها بشعاع ضياء، لأنها تريد بشرا أعمى، وخطى متعثرة، فلا تعرف غير صوتها، وتمضي على إيقاع خطواتها، وحبل تواصلها معها الذي يأخذها إلى حفر الوقيعة والهلاك.

فهل نكتب أم لا نكتب؟

إن الظلام لا يدوم، والنور يخترق أكداس الدواجي ويبدد كتل العتمة والظلمة بسرعة، فالضوء هو الأسرع والظلام أبطأ وأضعف.

وإن النور عميم والظلام سقيم!!

***

د. صادق السامرائي

13\10\2023

 

القوة في العلم  وليست في الشعر، والذين يريدون إيهام الأمة بأن قوتها في الشعر، يعادونها ويسعون لإجهاض وجودها الحي.

العلم قوة والشعر ضعف!!

هذا ليس عدوانا على الشعر، بل توضيحا لحقيقة القوة ومعناها، فالأمم تتقوى بالعلم، وما وجدنا أمة تتقوى بالشعر، لأن الشعر سلوك تفريغ لطاقات الإبداع.

الشعر كان له دور في تجميع القدرات وشد العزائم لصناعة القوة اللازمة لمواجهة التحديات.

أما في عصرنا العلمي الدفاق فما عاد للشعر دور مهم في هذا المضمار.

وأصبح  معبرا عن المشاعر والترفيه عن النفوس، كالموسيقى والرسم والمسرح وغيرها من الفنون.

وهذه النشاطات تكون من نضح قوة الأمم والشعوب وليس العكس، فكلما تقوت المجتمعات وتألقت قدراتها، فأنها تنعكس على نشاطاتها الفنية بأنواعها.

فالأمم الضعيفة مهما حاولت فلن تقدم فنا أو شعرا يضاهي ما تقدمه المجتمعات القوية البارعة بالعلوم.

إن التقدم العلمي من ضرورات التطور الشعري، وبدون مجتمعات يقودها العلم، لا يمكن الإتيان بإبداع أصيل معاصر وجدير بالحياة.

هذه حالة نغفلها ونتوهم بأننا نكتب شعرا، ونأتي بأدب رفيع، وما نقدمه محاولات نستنسخ فيها عطاءات المجتمعات القوية، لنخدع أنفسنا بأننا في ذروة الإبداع وأقوياء.

وشعاراتنا هراء، وأشعارنا هذاء، وكل مَن كتب قال أنا وغيري هباء!!

فهل لنا من علم يقوينا وأدب يشافينا بدلا من الخواء؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

التاريخ الحقيقي من يرويه ومن يكتبه...؟

عبر كل العصور كتب التاريخ رجال السلطة، وغاب السواد الأعظم من الشعب من الطبقات المهمشة والمعارضين لنظم الحكم عن حياتهم وظروفهم المعيشية، ويرجع ذلك إلى:

إنها لو فعلت ذلك ستكشف نفسها وتتحدث عن انتصارات ومكاسب وإنجازات وهمية.. وكل سرديات السلطة كاذبة ومثلها سرديات الجماعات والأحزاب وخاصة في ما يتعلق بالمختلفين، أي أن الجزء الجوهري من تاريخ الحاضر كاذب ومكتوب بدوافع رغبيه...،، رغم أن اللغة السياسية مصممة في الأصل على الكذب ومن هنا تعارض وتناقض الخطاب السياسي والخطاب الروائي.

فالذين مهدوا الطريق إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني وصفقات القرن،والترويج للتقارب بإسم الديانة

الإبراهيمية، كشفت حرب غزة سوء عورات هؤلاء... فعلي سبيل المثال 'في عصرنا الحديث اعرف شخصية دبلوماسية عاصر نهاية حكم "عبد الناصر" وتعرف علي نجلة الدكتور/ خالد ثم استغل صداقته، وظهر فترة السادات ثم تولي منصب بالرئاسة فترة "مبارك "ثم قدم استقالته في الأيام الأولى من ثورة يناير من الحزب الوطني وعضويتة في مجلس الشعب، وهاجم حكم فترة (مبارك) وبعد إعلان فوز "جماعة الإخوان "كان أول الذين اتصلوا بهم بعد فوزهم في انتخابات مجلس الشعب والرئاسة للتهنئة، والآن يظهر في البرامج التلفزيونية علي أنه مؤرخ وشاهد علي العصر، وهو لعب مع كل نظم الحكم...، فكيف نستمد جُزءًا من تاريخنا من هؤلاء...؟! لكن ما يَفسِدُ علينا تزوير التاريخ امثال هؤلاء.

إن التاريخ الحقيقي هو المأخوذ من رواية المثقف والفنان والمفكر المستقل والخطاب الروائي وهو خطاب التاريخ

من الأسفل ومن المسكوت عنه والمحجوب ومن مخلوقات القاع والعتمة والحافات المهمشة.

كان (ابن خلدون) اول مثقف جعل التاريخ رواية للطبقة العريضة في المجتمع من مختلف فئات القاع من المهمشين المخفين ونقله من مقرات الحكم الى الشوارع والعامة. التاريخ الحقيقي لا يوجد في خطابات السلطة ولا وعودها ولا في حفلاتها المزيفة وطقوسها بل التاريخ في الجوانب الخفية وفي القري والنجوع والعشوائيات وضواحي المدن من الفقراء والمساكين...، خارج النظام والمهمشين.

التاريخ الحقيقي من الأسفل وليس من الاعلى كما يفعل المؤرخين بالاعتماد على وثائق النظم واستبعاد شهادات الضحايا ومن على الهامش او من شهود الاحداث، من طبقة الخدم كالحراس والسواقين والبوابين والفلاحين والعمال، ومن على صورهم، في قصور الحكم... الي الخ، هو السبب الرئيس الذي يجعل السلطة تروج التاريخ الملفق والمزيف وتعاقب تحت ذرائع كاذبة أي خطاب مضاد ولو من عامل بسيط بلا قوة.

الم يرسل "معاوية بن أبي سفيان" من الشام الى مكة (ابو ذر الغفاري) على بعير اجرب في صحراء صيف ملتهبة

حتى تهرأ جسده لأن الغفاري كان يمر كل فجر امام قصره ويردد: (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابِ الْيَمِّ). مع أن معاوية كان يستعرض امام جيش الامبراطورية الرومانية بكامل حلته لكن صوتا الغفاري ارعبه. السلطة الظالمة جبانة رغم كل الاستعراضات الكاذبة وتخاف من ريح بسيطة تعري القناع المزيف، حرب غزة كشفت عن القناع المزيف للقوة التي لاتقهر وان مجموعة مقاتلين استطاعت ان تحرك جيوش "حلف الناتو" باحدث اسلحتة واساطيلة من سيكتب هذا التاريخ (ياكاتب التاريخ ماذا جد لنا"... من بداية "اتفاقية كامب ديفيد مُرُورًا باتفاقية اوسلو وكامب ديفيد 2 مع ياسر عرفات"، والآن يتردد عن محور فلاديفيا وما بعد الحرب علي الحدود المصرية في ظل غياب تام من رأي للشعوب العربية حتي في حق التظاهر، في مذكرات "كارتر" عن دهاليز اتفاقية كامب ديفيد قال: عندما كان يحدث خلاف اطلب من "السادات" الجلوس مُنْفَرِدًا وكان السادات يستجيب لطلبي. فقال "مناحم بيجن" لكارتر انا احسد السادات لانة لم يرجع للوفد المرافق له في التشاور في نقاط الخلاف، فقال بيجن انا لا استطيع اتخذ اي قرار الا بالرجوع للوفد المرافق لي... نعم صدق بيجن وصدق الشاب اليهودي الذي قتل (رابين) بعد اتفاقية اوسلو لانة رأي في نظرة "سلام الشجعان" خيانة بالنسبة لأفكاره وعقيدتة حتي ولو كانت للاخرين خطأ وغير صحيحة،، نعم نحتاج للاعادة كتابة التاريخ من الاسفل الي الاعلي...، وفي نهاية المقال نطرح سُؤَالًا هل نُعِيدُ كتابة التاريخ او نقرأ التاريخ...؟!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

 

تعتبر مجزرة دير ياسين في ٩ نيسان ٤٨ رمزا لمخططات الاقتلاع والتهجير بحق الشعب الفلسطيني من قراهم ومدنهم. وكانت القرية من ضمن القرى التي شملتها خطة "دالت" والتي كان من أهدافها احتلال رقعة الدولة اليهودية وفق قرار التقسيم بقوة السلاح وفتح الطريق بين القدس وتل الربيع عن طريق تطهيرها عرقيا بواسطة عصابتي إرغون وشتيرن بدعم من الهاجاناه. حيث تحركت نحو القرية من أربعة محاور، قوة من أشرس وأخطر مقاتلي هاتين المنظمتين الإرهابيتين فجر الجمعة ٩ نيسان. والجدير بالذكر ان اهل قرية دير ياسين كانوا في حالة تأهب شديد حيث كانوا يتناوبون الحراسة مسلحين ببنادق قديمة من مخلفات الحرب العالمية الثانية. وعندما وقعت الواقعة أذاق مقاتلي القرية العصابتين الويلات وكادوا ينتصرون لولا تدخل الهاجاناه التي قلبت موازين القتال. وبعدها تم تنفيذ مجزرة بحق الأهالي بأشد الأساليب وحشية فقاموا بقتل الرجال والنساء والأطفال والشيوخ كما مثلوا بجثامين الشهداء. وقد اتبعوا تكتيك إلقاء القنابل على أبواب البيوت وتدميرها ثم اقتحام المنازل وإطلاق النار على من فيها والإجهاز عليهم بالسكاكين والحراب. كما قاموا بعمليات اغتصاب وتحرش بالنساء.قاموا بقتل عائلات بأكملها.أما الأسرى فقد تم تجميعهم من شيوخ وأطفال ونساء ورجال وتحميلهم في شاحنات طافت بهم أحياء القدس احتفالا بنصرهم المزعوم. وبعد انتهاء العرض أطلقت عليهم النيران بدم بارد.

والآن في الحرب على غزة ٢٠٢٣ يعيد التاريخ نفسه من خلال إعادة تلك الأعمال الوحشية التي ارتكبت أثناء مجزرة دير ياسين على يد عصابات جيش الاحتلال حيث تم ارتكاب مئات المجازر وأعمال أخرى لا تمت للإنسانية بصلة بل تعدتها إلى أعمال شيطانية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الشيطان ففي تاريخ ٢٦ ديسمبر اقتادت قوات الاحتلال المعتقلة هديل يوسف الدحدوح داخل شاحنة مع مجموعة رجال وهم عراة في مشهد غير إنساني. وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان طالب المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال للكشف عن مصير عشرات النساء اللواتي تم اعتقالهن من منازلهن ومن مراكز الإيواء وإنهاء حالة الإخفاء القسري لقرابة ٣ آلاف من المعتقلين الفلسطينيين في غزة من ضمنهم أطفال قصّر.

كما قام جنود الاحتلال بنزع الحجاب عن رؤوس النساء والتحرش الصريح بالعديد منهن والضرب والتنكيل.

كما أكد ذات المرصد أن قوات الاحتلال انتهجت خلال مداهمة المنازل ومراكز الإيواء تفجير الأبواب وإلقاء القنابل عبرها ثم اقتحامها وإطلاق النار وإعدام وتصفية الموجودين. ثم اقتياد البقية خارج المنازل وإجبار الذكور على التعري مع تفتيش النساء والتحرش بهن وتهديدهن بالاغتصاب.

ما حصل في قرية دير ياسين أثناء ارتكاب المجزرة يعاد اليوم في غزة لكن الفارق أن تلك التي تمت في ٤٨ كانت واحدة، أما اليوم فقد تكاثرت وولدت مئات المجازر نفذتها من الجو طائرات وأسلحة أميركية غادرة ومباركة الدول العظمى وسط تواطئ وصمت عربي مخز.

غير أن بن غوريون ٢٠٢٣ "نتنياهو " لن تسعفه ٧٥ عاما أخرى،  فالوقت ينفد من بين يديه بأسرع ما يمكن له النفاد.

***

بديعة النعيمي

ماذا عن دكاترة فضاءات التواصل الاجتماعي؟ وكيف للمبحر البسيط أن يفرّق بين الصّفة وانتحال الصّفة؟

يصعب الخوض في هذا المواضيع ولكن استفحال الظاهرة جعلني أتجرّأ على اثارته والتوقّف عنده لوزنه أخلاقيا وقانونيّا. وقد تصيبني سهام حاقدة يطلقها هؤلاء الذين يعضّون بأسنانهم على شهادات وهمية يحصلون عليها من جمعيات أو مؤسسات لا يتعدّى وجودها صفحات الشيخ غوغل أو أحضان التيك تويك وغيرهما، لأنّهم يعتبرون كشف حقائقهم تدخّلا في شؤونهم الخاصة أو قطعا لأرزاق سهلة يكتسبونها من التّحيّل الأدبي. نتناول هذا الأمر بكل تجرّد غايتنا في ذلك زرع الحقيقة والصّدق والصّفاء وهي صفات على كلّ كاتب أن يتحلّى بها.

1 ــ انتحال صفة الممثل:

قبل أن أتناول موضوع الشهادات أودّ أن أشير الى بعض الاساءات الأدبية التي يرتكبها البعض من الكتاب والكاتبات الذين لا يجدون حرجا في طلب المشاركة في هذه التظاهرة الثقافية أو تلك خارج الوطن، فيدفعون من مالهم الخاص كلّ ما يتصل بالتظاهرة من نفقات ثم يعلنون على فضاءات التواصل الاجتماعي وفي بعض الصّحف أنهم سيمثّلون بلدهم في تلك التظاهرة او المهرجان، شاكرين المستضيفين الذين منحهم فرصة التمثيل هذه. وقد يقفون على الرّكح فيضعون على رؤوسهم أعلام بلدانهم. أقول هذا دون تقييم لمداخلاتهم: ذلك شأن النّقّاد، غير أن الأمر يكون قاسيا على الوطن عندما تكون المداخلة أو النّص دون المستوى. نعرف ان لا أحد يمنع المشاركين والمشارِكات من المشاركة والمشارَكات، لكلٍّ ظروفه ونصيبه ولكن لا يحقّ له أن يمثّل هذا الوطن أو ذاك دون علمه، ألا يعتبر هذا العمل انتحال صفة؟ وهو ما يمنعه القانون في كل البلدان.

2ـ انتحال صفة الدّكتور:

عندما نلقي نظرة استقراء على فيسبوك خاصة نلاحظ أن عددا كبيرا ان لم اقل هائلا من أصحاب الحسابات يضعون في واجهات صفحاتهم عبارة: الدكتور. يدفعك حب الاطلاع للبحث عن نوع الدكتوراه ومضمونها فتفاجأ أن الشخص لا يملك شهادة دكتوراه واحدة بل شهادات جامعية في ميادين مختلفة ومتنوعة ممنوحة كلها من مؤسسات وهمية أو جمعيات (لا جامعات) تتسابق في استجلاب البسطاء والسّذّج لمنحعهم شهادات في مناسبة او في غير مناسبة وبطاقات تهاني وتختلق لهم مسؤوليات ومهام كسفير الادب أو سفير السلام وحقوق الانسان وممثل الجمعية في بلاده وقد تطلب مساعدته في أداء مهمّته الديبلوماسيّة الأدبية. استفحل الأمر حتى صار مدعاة للأسف والسخرية وحتى الشفقة فترى بعض الأساتذة يكتبون في أعلى صفحاتهم وعلى كتبهم عبارة الدكتور، هكذا دون أدنى حياء. وكثير منهم لم يحصلوا على شهادة بكالوريا.

3 - ماذا في العرف والقانون الدولي والمحلي:

يتعلل هؤلاء الدكاترة "الموهومون" بأنهم حصلوا على شهادة الدكتوراه الفخرية ويتعمّدون الايهام وامتهان الكذب على أنفسهم حتى يصدّقوها. وفيما يلي شروط منح الشهادات الفخرية وشروط الحصول عليها وهي، كما نلاحظ، أصعب من شروط الحصول على الدكتوراه العلمية أو الأكاديمية: تمنح الدّكتوراه «الفخرية» لشخصيات معينة تعبيرا عن العرفان بالجميل أو الإنجازات العلمية أو الاجتماعية التي قاموا بها. هي عملية تكريم للشخص ومسألة تقدير واعتراف بالجهود والأعمال التي قدمها المكرّم أو سيقدمها للمجتمع أو لمؤسسات في المجتمع ومنها المؤسسات التعليمية. ولا تسمح هذه الشّهادة لصاحبها بأن يتقدم إلى وظيفة وفقاً لدرجة الدكتوراه الفخرية التي يحملها. ولا يحق له وضع حرف د. أمام اسمه بل يمكنه وضع حرفي h.c.  أي honoris causa. . ولعلّ أهم الشروط هو أن ينص قانون إنشاء الجامعة الرسمية، أو الجامعات الخاصة، على صلاحية منح شهادة الدكتوراه الأكاديمية، وأن يجاز لها منح شهادة الدكتوراه الفخرية في حدود اختصاصية محددة، تتوافق مع الكليات العاملة في الجامعة.

كما يمكن للمانح أن يسحب الدكتوراه الفخرية عندما يرى موجبا لذلك، فعلتها جامعة الخرطوم مع العقيد المرحوم معمّر القذّافي الذي كان قد منح الدرجة نتيجة لمساهمته في بناء قاعة محاضرات في الجامعة نفسها.  ومثلها فعلت الجامعات المصرية عندما سحبت الدكتوراه من السيدة سوزان مبارك.

وقد تعرّض القانون التونسي الى جريمة انتحال الصفة في أكثر من موضع: 

حيث يعاقب بالسجن وبخطية مالية كل من ينسب لنفسه لدى العموم أو بالوثائق الرسمية صفات أو أوسمة.

ويعاقب بالسجن أيضا وبتخطئة مالية كل من استخدم اسمًا مستعارًا أو سمات غير صحيحة، كي يقنع الغير بمشاريع أو أعمال لا أصل لها.

كما يعاقب قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة من يقدم إرشادات أو وثائق مغلوطة بشأن المنتوج (الإبداعي).

***

المولدي فرّوج

أصعب ما يحدث لكاتب العمود اليومي، أن يتحدث في موضوع يتعلق بأرزاق الناس وطموحاتهم وأحلامهم ومستقبلهم، والأسوأ أن يحاول ملء هذه الزاوية المتواضعة بأخبار نواب الصفقات ومنظري الفشل والخراب، والأكثر إيلاما أن لا يجد المواطن ما يطمئنه على أن البلاد تسير في طريق التنمية والعمران والمشاريع الاقتصادية، وأن تحاصره أخبار الدولار صباح كل يوم .

ماذا يفعل ياسادة كاتب مثل جنابي لا حول له ولا قوة عندما يجد الخراب يحاصرنا من كل الزوايا؟ وعندما يصر نائب وبالبث المباشر على إيهامنا بأن ما تحقق في العراق خلال السنوات الماضية يفوق ما أنجزته دول كبرى؟ .

هل قرأتم مثلي الخبر الصادر عن جهاز مكافحة الإرهاب والذي يخبرنا فيه أن عدد المتقدمين إلى الجهاز بلغ ثمانية ملايين؟.. قد يقول البعض يارجل لا تبالغ، لكن هذا ما حصل والخبر منشور في جميع مواقع التواصل الاجتماعي . ولهذا اسمحوا لي أن أسأل لماذا يلجأ الشباب الى البحث عن وظائف في الاجهزة الامنية والعسكرية ؟ والجواب معروف عند جميع العراقيين، فنحن البلد الوحيد الذي يصر على مكافحة الصناعة والزراعة وطرد الشركات ومحاصرتها .

الناس تعرف جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو الخطابات الزائفة ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد؛ هل الحديث اليومي عن انتخابات مجالس المحافظات يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، فبدلاً من أن يكون سعي الساسة إلى أن يكون العراق تاريخاً من التنمية والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم.

اليوم نحن في محنة، ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة. وأصعب المحن هي المتعلقة بحقوق المواطن في أن يعيش آمناً مطمئناً متنعماً بالخدمات في بلد موازنته عشرات المليارات . البرلمان لم يعالج الأزمة، ولم يوجه دعوة للأكفاء. بل السبب كان دوماً تحاشي التخطيط المستقبلي، والوقوع في دوامات الفشل.

في واحدة من تجارب العالم المزدهرة نقرأ عن تجربة فيتنام التي خاضت منذ عقود حربًا شرسة ضد الأميركان راح ضحيتها مئات الألوف، وماتزال صور المآسي تحتفظ بها هانوي في متاحف خاصة، لكن اليوم تعجّ العاصمة الفيتنامية اليوم بالسيّاح الأميركيين والاستثمارات الأجنبية، وتعد البلد الاول في صناعة الملابس، وانتقلت اليها كبرى الشركات العالمية، حيث سايغون مدينة تفتح ذراعيها للجميع، لكنها لا تنسى أن تحتفل بذكرى أبطالها الذين صنعوا لها المستقبل.

هناك دول تنهض من ركام العدم لتصبح أغنى الاقتصاديات وتتفوق في الرفاهية والعدالة الاجتماعية، ودول تتنافس على ارتفاع نسبة البطالة .

***

علي حسين

الفريق أول البرهان يحتاج فعلا أن يقطع الصلة بينه وبين سيل المفاوضات التي تطعن شعبه في  كبريائه وكرامته، فالشعب الذي يدهشه أولا ثم يؤذيه، تهافت رئيس المجلس السيادي، والقائد العام لقواتهم المسلحة، على تلك المفاوضات التي ينتظرها الدعم السريع وهو جائعا يتضور، لأنها تحقق له أهدافا لم يكن لتحقيقها من سبيل، ولأنها تكفل له أن يسترد أنفاسه، وأن يجلس على تلك المقاعد الوثيرة، التي وضعت عليها الطنافس والوسائد، ليبصر في جزل الجهات المنظمة لتلك المفاوضات،  وهي تستقبل خصمه وهي منتهرة زاجرة، بينما تمنحه هو ألوانا من الرضى والقبول، يظهر الدعم السريع فرحته بالمفاوضات، لأنها تسعفه بتلك المعاهدات والهدن، التي تعينه على أن تنتصب قامتة من جديد، بعد أن  عجز عن المضي في طريقه،  وهي فوق هذا كله، تعيق  الجيش عن تنفيذ مهامه، وتمكن المليشيا المارقة المغتصبة من استئناف مخططها الخبيث، التي أقرته دول الشر، وتواضعت عليه، والمفاوضات التي تقارب العبث وتدنو منه، نجد أن الشعب مقتنعا فيما بينه وبين نفسه، بخطل المضي فيها، ولكن الشعب قليل الحيلة، ويعجز في الكثير من الأحيان، أن يظفر بما يدور في عقل قائده، فالشعب كل الشعب يرى أن الكريهة كان من الممكن ألا تنتهي إلى مثل النتيجة التي انتهت إليها، لو أن الفريق أول البرهان ألقى عصاه، و قبع في مكمنه، وكف عن تلك الرحلات التي لم يتمخض عنها إلا انفصام عروة الانتصار لقواته، فالسودانيون يعنيهم أن تحيا قواتهم المسلحة حياة ملائمة لماضيها التليد، ويأخذهم شيئا من الحزن، وهم يبصرون انتشاء جيشهم بلذة الانتصار، تتحطم أعنتها على صخرة المفاوضات، فقد بات راسخا في أذهاننا، أن مفاوضات الغد التي ينظمها "الايغاد" ستفضي إلى نفس النتائج التي انتجتها مفاوضات منصرمة في دول عربية، وأزعم أن بعض هذه  الدول، الهدف الذي كانت تلتمسه وتسعى إليه في أصل هذه المفاوضات وجوهرها، هو ترجيح كفة الدعم السريع حتى يمضي في قصد واعتدال لتحقيق غايته، كانت كل نتائج المفاوضات في الحق حصرما وزقوما على جيشنا، وعلى شعبنا الذي كرهها وسخط عليها، ولعل ليس من الاسراف أن  نقول، أن الكثرة المطلقة من هذا الشعب الصامد على عرك الشدائد، باتت ترتاب في مغزى هذه المفاوضات التي تمضي بنصيب موفور من انتصارات الجيش، كما أنها تجعله يتورط في ألوان سخيفة من القول، والأدهى من كل هذا أنها تدفعه إلى يأس لا حد له، وتشاؤم عريض.

إذن المفاوضات تفسد مزاج الشعب، وتجعل اعتقاده في قائده يشوبه الضعف والهزال، والبرهان الذي لا يكلف نفسه عناء الحديث إليها، حتى يبعث في نفسها الميل إلى هذه المفاوضات، هناك صفة تدل عليه دلالة واضحة، وتختصر شخصيته اختصارا جليا، فالبرهان يصبح سعيدا سعادة لا تضاهيها سعادة، إذا ظفر بهذا التحدي الذي لا  يرضى عنه، أو يطمئن إليه، إلا إذا جاء من جهة تتمتع بالفطنة والذكاء، فالرجل تعصفه أهواء الذكاء عصفا شديدا، وتستعصى عليه غيرته التي تصحبه حتى تنتهي به إلى الفنادق الفخمة، التي تجرى فيها تلك المباحثات، فهو وإن لم يكن حاضرا في بعضها، فيعنيه أن يظهر حدة ألمعيته، وفرط نبوغه، ولعبة الذكاء التي لا يجد البرهان في السلو عنها سبيلا، يسعى قائدنا الهمام لأن يضحى صاحب المثل الأعلى فيها، وهو مأخوذا بهذه اللذة التي يسعى إليها، ويستعد لهذا السعي في كل جولة تمكنه في شيء من  العسر، أن يظهر ابتهاجه بفوز وفوده التي تترى إلى دول الجوار، وهو لعمري ابتهاج ربما كان أقرب إلى الحزن منه إلى الابتهاج، والشعب الذي كان يجد الخطر كل الخطر بين ثنايا هذه المفاوضات وملحقاتها، لا يستطيع أن يخمد هذا الصوت الحائر في نفسه، فما هي الغاية التي ينشدها البرهان من موافقته الدائبة على اجراء تلك المفاوضات بعد أن لاح خطلها، واتضح أن قوات الدعم السريع لا تلتزم بما جاء في بنودها، فالدعم كان وما زال يقطن في بيوت الناس، وفي دورهم، ومستشفياتهم، ومدارسهم، كما أنه لم يقف ولو للحظة من العدائيات و التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة،حتى جعل القنوات العالمية، كلفة باحصاء الوزارات والجامعات التي دمرتها قوات الدعم في رابعة النهار، أو في هدأة الليل، ولا اعتقد أن الناس ستنسى كل الجرائم التي اقترفتها قوات الدعم السريع، بل سيعلنوا إليه أن مثلهم لا يمكن أن ينسى، هم الآن لا يستطيعون أن يبقوا أمام عدوهم اللدود دون أن يجابهوه وينتصروا لكبريائهم الجريح وقد شاهدنا ذلك في أواسط السودان، فقرى الجزيرة تنتظم الآن في مقاومة سيصفق لها التاريخ، رأيناهم وهم يحملون أسلحتهم، وعصيهم، وحرابهم التي تكاد تختنق غيظا وحنقا، وأوباش الدعم السريع وحثالته تفر هاربة من هذا الغضب النبيل، على القائد البرهان أن يذكي من جذوة هذه المقاومة إذن وأن يباركها، وينصرف بالتالي عن تلك المفاوضات التي تهدم ولا تبني، ويعي أن أقوم  الطرق الموصلة لاجتثاث شآفة الجنجويد، هي اطلاق يد الجيش وهيئة العمليات التي ترتعد فرائص الدعم السريع عند سماع اسمها، على الفريق أول البرهان أن يدعم جهود المقاومة الشعبية، وأن يعمل على تسليحها، ثم يرمي بها في ميادين الوغى دون كسل أو تراخي، فهي تواقة مشرئبة إلي ذلك، حتى تسترد كرامتها الضائعة، وتشفي الغليل.

***

د. الطيب النقر 

 

ليت هندا أنجزتنا ما تعد

وشفت نفسا مما تجد،

*

واستبدت مرة واحدة

إنما العاجز مَن لا يستبد،

*

كلما قلت متى ميعادنا

ضحكت هند وقالت بعد غد

شعر لعمر بن ربيعة المخزومي شاعر في صدر الإسلام، ويُقال أن جارية غنّته بمجلس الرشيد بتحريض من أعداء البرامكة فأذكت في نفسه نيران نكبتهم. وهي رواية مشكوك فيها، فالقراءة الموضوعية تؤكد أن البرامكة كانوا يحكمون الدولة العباسية، ويعتمد عليهم الرشيد تماما فهم أنصاره ومربوه وإخوانه وخلانه.

فما بين (170 - 188) كانوا سادة الدولة وقادتها، ويبدو أن الحاشية العربية قد إمتلأت غيضا، فحصل الذي حصل، فالرشيد لوحده لا يمكنه أن يقضي على مئات البرامكة، فلابد من مؤازرة عربية قوية، وهذا ربما ما حصل، وتحقق الثأر في زمن الأمين، الذي أبيد عن بكرة أبيه، فمحقوه وإجتثوا ذريته، وربما يكون لحاجبه الفضل بن الربيع دور في النكبة.

ليس من السهل فهم مسوغات النكبة، ويمكن الإتيان بالعديد من التحليلات التي قد تبدو مقنعة، وليس كل مقنع بصحيح، ومن وجهة نظر نفسية سلوكية، يظهر أن الرشيد كان في واقع غير الذي نقرأه عنه في المدونات ، فالبرامكة هم القادة الحقيقيون والمؤسسون الناشطون لدولة الرشيد، ويتخذون من إسمه وسيلة لمنطلقاتهم العمرانية والعسكرية والإقتصادية، وبلغوا شأوا عظيما في السيطرة والتحكم بأمور البلاد، مما أشعر الرشيد بأن كرسي الخلافة أصبح مهددا، وصورته المسوقة بدأت تتبدد، وأحس وكأنه كان لعبة في يديهم، وبمؤازرة القوى العربية المناهضة لهم في دولته، إنتفض بغتة وقرر القضاء عليهم.

ومن الملاحظ تخبطه في قرارته بعدهم، حتى إنتهى به الأمر بعد أقل من أربعة سنوات من النكبة، أن يعيش معزولا عن ولاة عهده الثلاثة وطبيبه، ليموت في طوس (مشهد).

ومن الأخطاء التي إرتكبها أنه وجد نفسه في محنة ولاية العهد للأمين والمأمون، ورغم محاولاته لتأكيد عدم حصول صراعات بينهما من بعده،، بإضافته لولي عهد ثالث معهما، وكأنه لم يتعظ من تجربته مع أخيه الهادي.

فالواقع يُظهر أن البرامكة كانوا القوة العظمى التي تألق بوجودها، وحال إنتفاء دورهم، إنفرد به الذين حوله، وتآزر معهم ولاة عهده، وكانوا يتحينون فرصة رحيله، فأصابه النكد وأدرك خطأه، فسار وحيدا إلى حتفه، وربما بإهمال متعمد من طبيبه.

ذلك إقتراب من زاوية أخرى لما جرى وكُتب عنه الكثير.

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم